إسلام ويب

شرح عمدة الفقه - كتاب الرضاع [2]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يحرم على المسلم الزواج بالكافرة إلا أن تكون كتابية، وإذا أسلم الزوج وزوجته كتابية بقي النكاح، وإن أسلمت وبقي على دينه انفسخ النكاح، وشروط النكاح منها ما ينافي العقد فهذا باطل، ومنها ما لا ينافي العقد فيجب الوفاء به، وقد بينت الشريعة الإسلامية العيوب التي ينفسخ بها النكاح كأن يكون أحد الزوجين مملوكاً أو مجبوباً أو مجذوباً أو أبرص وغيرها.

    حرمة نكاح المسلمة بالكافر والمسلم بالكافرة غير الكتابية

    يقول الإمام أبو محمد بن قدامة رحمه الله تعالى: [ باب نكاح الكفار.

    لا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال، ولا لمسلم نكاح كافرة إلا الحرة الكتابية ].

    لا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال؛ لقول الله تعالى: وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221]

    ولقوله تعالى: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].

    ولا يحل لمسلم نكاح الكافرة إلا إذا كانت كتابية محصنة؛ لقول الله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5]، فهذه الآية مخصصة لقوله تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221] خص منها المحصنة الكتابية.

    حكم نكاح الزوجين الكافرين إذا أسلما أو أسلم أحدهما

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ومتى أسلم زوج الكتابية أو أسلم الزوجان الكافران معاً فهما على نكاحهما ].

    إذا أسلم الكافران معاً فهما على نكاحهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر المشركين الذين أسلموا يوم الفتح على نكاحهم.

    وكذلك إذا أسلم زوج الكتابية فإنه يقر على نكاحها؛ لأن المسلم له أن يتزوج الكتابية.

    أما إذا أسلمت الزوجة والزوج لم يسلم فقد اختلف العلماء في ذلك، فمن العلماء من قال: إنه ينفسخ النكاح في الحال، ومنهم من قال: يوقف حتى تخرج من العدة، فإن خرجت من العدة ولم يسلم الزوج فإنه ينفسخ النكاح، وهذا هو الذي مشى عليه في المذهب، وهو أنه يوقف حتى تنقضي العدة، فإن أسلم الزوج فهي زوجته، وقد ثبت أن زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت وزوجها أبو العاص بن الربيع لم يسلم، فانتظرت زوجها حتى أسلم فردها عليه بعد ست سنين.

    وقد اختلف العلماء هل ردها عليه بعقد جديد أم ردها بالعقد الأول؟ وكانوا على قولين: فمنهم من قال: إنها إذا جلست تنتظره فإنها ترد عليه بالعقد الأول، ومنهم من قال: بعقد جديد، فالأحوط أن يكون بعقد جديد.

    حكم نكاح الزوجين المسلمين إذا ارتد أحدهما قبل الدخول

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن أسلم أحدهما غير زوج الكتابية أو ارتد أحد الزوجين المسلمين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ].

    فإذا عقد رجل على امرأة وكانا مشركين ثم أسلم أحدهما انفسخ النكاح في الحال، وكذلك إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين، هذا إذا كان قبل الدخول. أما إذا كان بعد الدخول فإنه يوقف الآخر حتى تخرج الزوجة من العدة، فإن أسلم الآخر قبل أن تنقضي من عدتها فهي زوجته، وإلا فرق بينهما قبل إتمام العدة. وقيل: أنه ينفسخ النكاح في الحال.

    وعدة المرأة إذا كانت حاملاً حتى تضع الحمل، وإذا كانت من ذوات الأقراء: ثلاث حيض.

    حكم نكاح الزوجين الكافرين غير زوج الكتابية إذا أسلم أحدهما بعد الدخول

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن كان ذلك بعد الدخول فأسلم الكافر منهما في عدتها فهما على نكاحهما وإلا تبين أن النكاح انفسخ منذ اختلف دينهما ].

    إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين بعد أن خرجت الزوجة من عدتها فقد انفسخ النكاح، فإن أسلم أحدهما قبل أن تنقضي العدة فالزواج باقٍ بحاله، وإن خرجت من العدة فرق بينهما لانفساخ النكاح من حين إسلام الآخر.

    وقيل: أنه ينفسخ في الحال.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإلا تبين أن النكاح انفسخ منذ اختلف دينهما وما سمى لها وهما كافران فقبضته في كفرهما فلا شيء لها غيره وإن كان حراماً، وإن لم تقبضه وهو حرام فلها مهر مثلها أو نصفه حيث وجب ذلك ].

    هناك قول آخر: وهو أن الزوجة إذا أسلمت وبقيت تنتظره، فإنها ترد عليه بالنكاح الأول على ما جاء في قصة زينب أنها جلست تنتظر زوجها فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعقد الأول.

    فإذا أعطاها شيئاً من المهر وقبضته استقر لها ذلك ولو كان شيئاً محرماً كالخمر ما داموا مشركين فصار المهر خمراً، أما إذا لم تقبضه وبقي في ذمته حتى أسلما فإنه يفرض لها مهر المثل ويلغى المهر المحرم.

    قال الله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38].

    إسلام الحر وتحته إماء

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فصل: وإن أسلم الحر وتحته إماء فأسلمن معه وكان في حال اجتماعهم على الإسلام ممن لا يحل له نكاح الإماء انفسخ نكاحهن، وإن كان ممن يحل له نكاحهن أمسك منهن من تعفه وفارق سائرهن ].

    إذا أسلم شخص وتحته إماء -أي: زوجات- فإن كان ممن لا يحل له نكاحهن، كأن يكون حراً ويستطيع أن يتزوج الحرة فإنه ينفسخ نكاح الأمة؛ لأنه لا يجوز له في الإسلام أن يتزوج الأمة إلا بشرطين:

    الشرط الأول: أن يخشى على نفسه العنت.

    الشرط الثاني: أن يعجز عن مهر الحرة.

    فإذا أسلم وتحته إماء وكان قادراً على مهر الحرة انفسخ نكاحهن، أما إذا كان عاجزاً فقيراً ويخشى على نفسه العنت، تبقى له واحدة، فإن لم تعفه فالثانية، فإن لم فالثالثة وهكذا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088966023

    عدد مرات الحفظ

    780204604