البعث في اللغة: الإثارة، وشرعاً: بعث الله الأجساد وإعادة الأرواح إليها للحساب والجزاء.
قال المؤلف: ويؤمن أهل الدين والسنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، والإيمان بالبعث أصل من أصول الدين، وأصل من أصول الإيمان، وركن من أركان الإيمان لا يصح الإيمان إلا به، ومن لم يؤمن بالبعث فهو كافر بإجماع المسلمين.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم أن يقسم على البعث والساعة وقيام الساعة في ثلاثة مواضع من كتابه، الموضع الأول: قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن:7] أمر نبيه أن يقسم، وأثبت الله في هذه الآية أن من أنكر البعث كفر: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن:7] فمن أنكر البعث فهو كافر بنص القرآن.
والموضع الثاني: قال الله تعالى في سورة يونس: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ [يونس:53] يعني: البعث بعد الموت: قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [يونس:53] قل: يا محمد: (إي وربي) أمره أن يحلف على البعث.
والموضع الثالث في سورة سبأ: قال سبحانه وتعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ:3]. فالبعث بعد الموت يعني: الإيمان بأن الله يبعث الأجساد، هذا البدن إذا مات يبلى ويستحيل، ويكون تراباً إلا أجساد الأنبياء؛ لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، وكذلك الشهداء يوجد بعضهم يبقى جسده مدة طويلة، وهل يبقى أو لا يبقى؟ كأنه -والله أعلم- كلما كانت الشهادة أكمل كلما كان بقاء الجسد أطول، لكن الأنبياء هم الذين حرم الله على الأرض أن تأكل أجسادهم وأما بقية الناس فإن الجسد يكون تراباً ولا يبقى منه إلا عظم صغير، وهو عجم الذنب آخر فقرة في العمود الفقري، وهو العصعص لا تأكله الأرض، ولا يبلى، منه خلق ابن آدم ومنه يركب كما في الحديث، فإذا كان في آخر الزمان أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور نفخة بعث الموت، فيموت الناس ثم يبقى الناس أربعون، فينزل الله مطراً أبيض فتنبت منه أجساد الناس، وينشئهم الله خلقاً جديداً، وتعاد الذرات التي في السحاب خلقاً جديداً، فالله عالم بالذرات التي في السحاب: وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:79] وكما قال سبحانه: قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ [ق:4].
فيعيد الله الذرات التي في السحابة وينشئ الله الناس نشأة جديدة، أي: تنشئة الصفات، وأما الذوات فهي هي الذوات، لكن الصفات تختلف، فإذا تكامل خلقهم ونبتوا أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور نفخة البعث فتطايرت الأرواح إلى أجسادها، ودخلت كل روح في جسدها، فقام الناس من قبورهم ينفضون التراب عن رءوسهم، ووقفوا بين يدي الله الجبار.
بعث الأجساد هذا هو الذي أنكره الكفرة والفلافسة، قالوا: البعث للروح، وهذا كفر وضلال.
من لم يؤمن بأن الله يبعث الجسد فهو كافر، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: ويؤمن أهل الدين والسنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، وبكل ما أخبر الله سبحانه ورسوله، يعني: ويؤمنون بكل ما أخبر الله سبحانه ورسوله من أهوال ذلك اليوم الحق، من الأهوال التي تكون فيه ووقوف الناس حفاة عراة غرلاً، حفاة لا نعال لهم، عراة لا ثياب عليهم، غرلاً غير مختونين، وتعود إلى الإنسان القطعة التي قطعت منه وهو صغير من ذكره، فيكون غير مختون، ويقفون هكذا شاخصة أبصارهم إلى السماء، وأول من يكسى في موقف القيامة هو إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وهذه منقبة لإبراهيم الخليل.
فيجب على المؤمن أن يؤمن بالوقوف بين يدي الله للحساب والشفاعة والميزان والصراط والحوض والجنة والنار، كل هذا يجب على المسلم أن يؤمن به، ولهذا قال المؤلف: وبكل ما أخبر الله سبحانه ورسوله من أهوال ذلك اليوم الحق، واختلاف أحوال العباد فيه والخلق فيما يرونه ويلقونه هناك في ذلك اليوم الهائل، وهو يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر:9-10] من أخذ الكتب بالأيمان، كل واحد يعطى صحيفته إما بيمينه أو بشماله، فالمؤمن يعطى صحيفته بيده اليمنى، فإذا سعى إليها أخذها يستبشر ويقول لكل من لقيه: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ [الحاقة:19-22]. وأما الكافر والعياذ بالله فإنه يعطى كتابه بيده الشمال ملوية وراء ظهره، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ [الحاقة:25].. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا [الانشقاق:10-11].
فلابد من أخذ الكتب بالأيمان والشمائل والإجابة عن المسائل: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ما عمل به).
فلابد من الإيمان بما يكون هناك في ذلك اليوم الهائل من أخذ الكتب بالأيمان والشمائل والإجابة عن المسائل. قال: إلى سائر الزلازل والبلابل الموعودة في ذلك اليوم العظيم، والمقام الهائل من الصراط الذي ينصب على متن جهنم، ويمر الناس فيه على قدر أعمالهم، فأول زمرة تمر على الصراط كالبرق، ثم الزمرة الثانية كالريح، ثم كالطير، ثم كأجاود الخيل، ثم الرجل يركض ركضاً، ثم الرجل يمش مشياً، ثم الرجل يزحف زحفاً، وهناك كلاليب على الصراط تخطف من أمرت بخطفه وتلقيه في النار على حسب الأعمال.
ولا يتكلم إلا الرسل، ودعاء الرسل في ذلك الموقف: اللهم سلم سلم، وكذلك أيضاً الإيمان بالميزان، وأنه توزن فيه أعمال العباد، وهو ميزان حسي له كفتان ولسان، كفتاه أعظم من أطباق السموات والأرض يوزن فيه الأشخاص والأعمال، وتثقل الموازين وتخف على حسب الأعمال، فالمؤمن يثقل ميزانه والعاصي يخف ميزانه على حسب الأعمال، نسأل الله السلامة والعافية، فمن ثقلت موازينه نجا، ومن خفت موازينه هلك، كما أخبر الله في كتابه العظيم: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ [القارعة:6-9]، فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المؤمنون:102]، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ [الأعراف:9].
وكذلك الإيمان بنشر الصحف التي فيها مثاقيل الذر من الخير والشر، فصحف الأعمال تنشر، ويعطى كل واحد صحيفة عمله.
كذلك الإيمان بحوض نبينا صلى الله عليه وسلم في موقف القيامة، ويصب فيه ميزابان من نهر الكوثر، كل هذا لابد للمسلم أن يؤمن به، كل هذا داخل في الإيمان باليوم الآخر، وهو يشمل الإيمان بالبعث بعد الموت والإيمان ببعث الأجساد، وبالوقوف بين يدي الله، وتطاير الصحف، وبالميزان، وبالصراط، وبالحوض، وبالجنة، وبالنار.
وكذلك ما قبل البعث حينما يموت الإنسان، فلابد من الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وفتنة السؤال، وضمة القبر، وكون القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، والمؤمن يوسع له في قبره مد البصر، ويفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، والفاجر يفتح له باب إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه.
والمؤمن يأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، يؤنسه وهو عمله، والفاجر يأتيه رجل قبيح الوجه، منتن الريح، قبيح الثياب، فلا يزال يوحشه وهو عمله السيئ، نسأل الله السلامة والعافية.
كل هذا لابد من الإيمان به، وهو داخل في الإيمان باليوم الآخر.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع السلامة والعافية، وثبت الله الجميع على الهدى.
أخبرنا أبو سعيد بن حمدون أنبأنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا أحمد بن يوسف السلمي حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) ].
الشفاعة معناها في اللغة: ضم شيء إلى شيء، به يصير الشيء زوجاً بعد أن كان منفرداً، فالواحد يسمى فرداً، والاثنان شفعاً، وسمي الشفيع شفيعاً؛ لأنه يضم صوته إلى صوت طالب الشفاعة فيكونا اثنين.
وفي الاصطلاح عند أهل الشرع هي: مساعدة صاحب الحاجة عند من يطلب الحاجة.
كما أنه يخلقهم في وقت واحد ويرزقهم ويعافيهم كذلك يحاسبهم في وقت واحد، بخلاف المخلوق الضعيف، فلو تكلم معك اثنان أو ثلاثة لما استطعت أن تكلمهم جميعاً في وقت واحد، لكن الرب سبحانه وتعالى يخاطبهم في وقت واحد، والخلائق كلهم يحاسبهم في وقت واحد، ويفرغ من حسابهم في مقدار منتصف النهار، ويقيل أهل الجنة في الجنة، فالقيلولة تدرك المؤمنين في الجنة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الفرقان:24].
هذه هي الشفاعة العظمى التي يغبطه فيها الأولون والآخرون، فهذه ما أنكرها أحد، وهي شفاعة خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم، وهناك شفاعة أخرى خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم وهي الشفاعة لأهل الجنة بإذنه لهم في دخولها، وهناك شفاعة ثالثة خاصة بعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه. هذه الشفاعات خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم.
وكذلك هناك شفاعة رابعة في رفع درجات قوم من أهل الجنة، هذه الشفاعات الأربع ما أنكرها أحد، أقر بها أهل السنة وأهل البدعة، وهناك شفاعة أخرى أنكرها أهل البدع هي الشفاعة لمن استحق النار من العصاة ألا يدخلها، والشفاعة فيمن دخل النار من العصاة أن يخرج منها، والشفاعة في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة ولا يدخلوا النار.
هذه الشفاعات أنكرها أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والخوارج وغيرهم، فأنكر عليهم أهل السنة وضللوهم وبدعوهم، والنصوص التي فيها الشفاعة بإخراج العصاة الموحدين من النار بلغت حد التواتر؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم يشفع أربع شفاعات في كل مرة يحد الله له حداً ويشفعه الله فيمن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، وفي بعضها: (أدنى مثقال ذرة)، وفي بعضها: (أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من حبة من إيمان) وكذلك الأنبياء يشفعون، والملائكة يشفعون، والأفراد يشفعون، والصالحون يشفعون، وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته.
فهذه الشفاعة في إخراج العصاة من النار، أو من استحق دخول النار ألا يدخلها أنكرها أهل البدع، مع أنها متواترة، والأحاديث التي بلغت حد التواتر قليلة تقارب أربعة عشر حديثاً منها حديث الشفاعة، ومنها حديث الحوض، ومنها حديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، ومنها حديث: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة)، ومنها حديث الشفاعة، فأنكرها أهل البدع من الخوارج والمعتزلة، يقولون: العاصي إذا زنا كفر وخلد في النار، إذا سرق يكفر ويخلد في النار، ولا يخرج منها أبد الآباد مثل الكفرة.
وهذا من أبطل الباطل، فإن النصوص في إخراج العصاة من الموحدين متواترة، والذي لا يخرج من النار هم الكفرة، أما المؤمن العاصي لو مات على التوحيد لكنه مات على كبائر من غير توبة فقد تواتر في الأخبار بأنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر، مؤمنون موحدون مصلون، ولا تأكل النار من وجوههم مواضع الصلاة، لكنهم دخلوا بكبائر من غير توبة، هذا مات على الزنا من غير توبة فدخل النار، وهذا مات على شرب الخمر بغير توبة فدخل النار، وهذا مات على التعامل بالربا، وهذا مات على عقوق الوالدين، وهذا مات على الغيبة والنميمة، وهذا مات على أكل حقوق وأموال الناس وهكذا.
هؤلاء حكم عليهم أهل البدع بالكفر، بالخلود في النار، مع أن النصوص بلغت حد التواتر في دخولهم الجنة بعد خروجهم من النار.
ومن ذلك هذا الحديث الذي ذكره المؤلف: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) وهو حديث صحيح.
فأهل الكبائر الموحدون لهم شفاعة ولا يخلدون في النار، وهناك بقية لا تنالهم الشفاعة فيخرجهم رب العالمين برحمته ويقول: (شفعت الملائكة وشفع النبيون ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين فيخرج قوماً من النار لم يعملوا خيراً قط)يعني: زيادة على التوحيد والإيمان، أما من مات على الكفر الأكبر، أو الشرك الأكبر أو النفاق الأكبر، فهذا لا شفاعة له، ولا يدفع عنه عذاب الله أحد ولو افتدى بملء الأرض ذهباً لم ينفعه كما قال سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37].
وقال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167].
وقال سبحانه: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [الإسراء:97].
وقال سبحانه: لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا [النبأ:23] والأحقاب هي المدد المتطاولة كلما انتهى حقب يعقبه حقب إلى ما لا نهاية. نسأل الله السلامة العافية.
فالمعتزلة والخوارج جعلوا عصاة الموحدين مثل الكفار، يخلدون في النار، وهذا من أبطل الباطل والنصوص الواردة في الكفار حملوها على العصاة كقوله تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48] فإنها في الكفار يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ [البقرة:254].
مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18] وهذه في الكفار أيضاً، أما العصاة فلهم شفاعة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وأخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن المسيب الأرغياني قال: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن زياد بن خيثمة عن نعمان بن قراد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفى أترونها للمؤمنين المتقين لا، ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين) ].
وهذا الحديث فيه إثبات الشفاعة للعصاة الموحدين، وفيه رد على الخوارج والمعتزلة الذين أنكروا الشفاعة للموحدين العصاة، والحديث لا بأس به، وهو حديث صحيح مروي في كتب السنة، فقد رواه الإمام أحمد والطبراني وابن أبي عاصم في السنة دون قوله: (لأنها أعم وأكفى).
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أبو محمد المخلدي قال: أخبرنا أبو العباس السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو ح وأخبرنا أبو طاهر بن خزيمة قال: أخبرنا جدي الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (يا رسول الله! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث: إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه) ].
وهذا حديث ثابت أخرجه البخاري رحمه الله في صحيحه وأخرجه الإمام أحمد والبغوي وابن خزيمة، وابن أبي عاصم وغيرهم، وفيه قصة الشفاعة لعصاة الموحدين، وفيه اشتراط التوحيد في قوله: (من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) قوله: (خالصاً من قلبه) هذا التوحيد.
وفي رواية: (من قال لا إله إلا الله صدقاً من نفسه)، وفي رواية: (من قال لا إله إلا الله مخلصاً)، وفي رواية: (من قال لا إله إلا الله صادقاً).
وفيه أن الشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد بخلاف المشرك الذي لم يخلص عمله لله فليس له شفاعة، ومن مات على الشرك لا خلاف فيه، وكذلك المنافق الذي لا يقولها عن صدق وإنما يقولها عن كذب، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:8-9] إلى أن قال: وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10] فهم يكذبون بقولها، قال سبحانه: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1] فمن قال لا إله إلا الله عن إخلاص وصدق فإنه تنفعه الشفاعة ولو مات على المعاصي بشرط ألا يقع في عمله شرك، وفيه الرد على المعتزلة والخوارج الذين ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين، وقوله: (خالصاً من قبل نفسه)، وفي لفظ: (خالصاً من قلبه) أي: إذا قالها عن إخلاص وعن صدق باختياره فهذا يشفع له النبي.
الجواب: قبر حمزة بن عبد المطلب ليس بالبقيع، إنما هو في أحد، وهذه مسألة لا يترتب عليها شيء، سواء حصل هذا أو لم يحصل، وهو بقر بطنه في زمانه من قبل هند قبل إسلامها. وهذا ما يضره.
وبين حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية)، وأنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله جل وعلا: وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير:23]، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم:13] فقال: (إنما هو جبريل عليه الصلاة والسلام)، فما صحة ذلك؟
الجواب: مسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في ليلة المعراج فيها خلاف بين أهل العلم على قولين:
من العلماء من أثبت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه، وأنه رآه بعيني رأسه في المعراج، وهذا روي عن ابن خزيمة والنووي والقاضي عياض وجماعة.
والقول الثاني الذي عليه جماهير الصحابة والتابعين والأئمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه بعين رأسه، وإنما رآه بفؤاده، وروي هذا أيضاً عن الإمام أحمد أنه قال: رآه، وروي عن ابن عباس أنه قال: رآه.
والقول الثاني هو الصواب الذي تدل عليه النصوص، وأن النبي لم ير ربه بعين رأسه، ولا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا.
قال الله تعالى لموسى لما قال: قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي [الأعراف:143]، فلما تجلى الله للجبل تدكدك وخر موسى صعقاً: فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف:143]، أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات، فلا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا، ويدل على هذا قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51]، فالله تعالى كلم نبينا من وراء حجاب ولم يره النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كلمه بدون واسطة، ويدل هذا على ما في صحيح مسلم الذي عن أبي ذر لما قيل له: هل رأيت ربك؟ قال: (نور أنى أراه) يعني: الحجاب نور يمنعني من رؤيته، وفي حديث أبي موسى : (حجابه النور -وفي لفظ آخر- النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).
فلا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره؛ ولأن الرؤية نعيم خاصة بأهل الجنة وليست لأهل الدنيا، هذا هو الصواب.
والجمع بينما وروي عن بعض الصحابة أنه قال: رآه، وبين من قال: ما رآه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره رحمه الله: أن من أثبت الرؤية من الصحابة ومن العلماء فهي محمولة على رؤية الفؤاد، ومن نفى الرؤية فهي محمولة على رؤية العين.
فما روي عن الصحابة أو عن التابعين أو عن الأئمة بأن النبي رأى ربه فهو محمول على أنه رآه بفؤاده، وما جاء عن الصحابة وعن التابعين أن النبي لم ير ربه يعني: لم ير ربه بعين رأسه، وبهذا تجتمع الأدلة ولا تختلف.
فالصواب أن النبي لم ير ربه بعين رأسه وإنما رآه بفؤاده، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فلا، وأجمعت الأمة على أن النبي ما رأى ربه في الأرض، وإنما الخلاف في رؤيته ليلة المعراج، أما ما يزعمه بعض الصوفية وبعض الملاحدة من أنهم يرون ربهم في الأرض، أو أنه كلما رأوا خضرة قالوا: هذا الله، هذا كفر وضلال نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: نحن لا ننصح باستعمال الحبوب؛ لأنه ثبت أن حبوب الحمل ضارة بالصحة، وعلى هذا فلا ينبغي للمرأة أن تستعمل حبوب الحمل لضررها، لكن لو اضطرت إلى استعمالها وصار إما أن تستعملها وإما أن يحصل لها ضرر أكبر فإنه يجوز لها في هذه الحالة بشرط ألا تضر بصحتها ضرراً أكثر من الضرر الذي تريد أن تستعملها لأجله، وبشرط ألا تؤدي إلى قطع النسل، فإذا اضطرت إلى هذا وقرر الطبيب أو الطبيبة أنها ليست ضارة، وأنها لا تؤدي إلى قطع النسل فلا بأس.
أما إذا كانت تؤدي إلى قطع النسل أو تضر بصحتها فلا يجوز لها استعمالها. كذلك اللولب لا ينبغي استعماله إلا للضرورة.
الجواب: ينظر في الكريمات التي تستعملها، إن كانت ضارة بصحتها، فلا ينبغي لها أن تستعملها، أما إذا كانت تستعملها وهي ليست مخطوبة تريد أن تدلس، أو إذا كانت مخطوبة وتريد أن تستعمل الكريمات حتى تبيض وجهها فلا يجوز، لكن لو كانت عند زوجها خاصة ولا تضر بصحتها، فلا أعلم في هذا حرجاً.
الجواب: البدعة المكفرة هي التي تخرج صاحبها عن ملة الإسلام، مثالها: بدعة القدرية الغلاة، ومراتب القدر أربعة:
المرتبة الأولى: العلم، إثبات علم الله الشامل، المرتبة الثانية: إثبات الكتابة، وأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ، المرتبة الثالثة: الإرادة، وأن الله أراد كل شيء في هذا الوجود، المرتبة الرابعة: الخلق.
فالقدرية الأولى أنكروا المرتبتين الأوليين قالوا: إن الله لا يعلم الأشياء حتى تقع، ولا كتبها في اللوح المحفوظ، وهذه بدعة مكفرة؛ لأنهم نسبوا الله للجهل، قال العلماء: إنهم خرجوا من الثنتين والسبعين فرقة الذي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) فهم خرجوا لكفرهم وضلالهم، أما الثنتان وسبعون فرقة فهم مبتدعة، هذه القدرية الأولى.
أما القدرية الثانية المتأخرون فقد أثبتوا علم الله، وأثبتوا الكتابة في اللوح المحفوظ، لكن أنكروا عموم الإرادة وعموم الخلق، فقالوا: إن الله ما أراد كل شيء حتى يشمل أفعال العباد، ولا خلق كل شيء، بل هناك شيء ما أراده الله ولا خلقه وهي أفعال العباد؛ لشبهة حصلت لهم، وهؤلاء مبتدعة.
إذاً: الطائفة الأولى بدعتهم مكفرة، والطائفة الثانية بدعتهم غير مكفرة.
وكذلك من البدع المكفرة: بدعة الجهمية الذين أنكروا أسماء الله وصفاته، فهذه تخرج من الملة، وكذلك بدعة الرافضة الذين يكفرون الصحابة ويعبدون آل البيت، مع أن الله تعالى زكى الصحابة وعدلهم ووعدهم بالجنة وهؤلاء يكفرونهم ويفسقونهم، وهذا تكذيب لله، ومن كذب الله كفر.
وكذلك يعبدون آل البيت ويتوسلون بهم، وكذبوا الله في أن القرآن محفوظ، وقالوا: إن القرآن ما بقي منه إلا الثلث، هذا كفر وغلاء، وهذه بدعة مكفرة.
الجواب: إذا لم يكن في المسجد إلا عجم فلا بأس أن تكون الخطبة بلغتهم، والمقصود منها الموعظة، أما إذا كان المسجد فيه عرب وعجم تكون الخطبة باللغة العربية، وتترجم لهم بعد الصلاة.
الجواب: لا نعلم هذا، لكن يمنع قراءة الكتب مثل قراءة القرآن. فالقرآن له قراءة خاصة به، أما إذا قرأ بالترتيل فلا حرج، لكن لا تكون قراءته مثل قراءة القرآن.
الجواب: لا يجوز. هذا من مناداة الصفة، وجه الله يعني: يا وجه الله، حتى قال شيخ الإسلام : إن مناداة الصفة كفر وضلال مثل: يا قدرة الله أنقذيني. يا رحمة الله ارحميني. يا وجه الله، فمناداة الصفة لا تجوز.
لكن أعوذ بعزة الله وقدرته لا بأس بها، وكذلك التوسل إلى الله بالأسماء والصفات، أما أن تنادي الصفة فهذا لا يجوز؛ لأنك بهذا تجعل الصفة منفصلة عن الله.
الجواب: ليس صحيحاً أن الأئمة الثلاثة يستدلون به، والأئمة الثلاثة كلهم يرون ستر الوجه، وهذا قاله بعض المتأخرين من أتباعهم من الفقهاء وليس هو قول الأئمة الثلاثة، والأئمة كلهم والتابعون على ستر الوجه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن ابن عباس يفسر قوله: (إلا ما ظهر منها) أي: الوجه والكفان. وابن مسعود يفسر ذلك بأنه الملاءة والثياب التي تخرجها الريح أو تضرب بها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجمع بينهما: يقصد ابن عباس روى أول الأمر، وابن مسعود روى آخر الأمر، فـابن عباس روى أول الأمرين قبل الحجاب، وابن مسعود روى بعد الحجاب وقال: (إلا ما ظهر منها) يعني: الثياب من الوجه والكفان، فهذه دعوى من السائل أن الأئمة يقولون بكشف الوجه، وهم لا يقولون بهذا، إنما يقول هذا بعض الأتباع المتأخرين، وهو غلط منهم.
الجواب: الصواب مثلما قال شيخ الإسلام : أن نقول: الله تعالى فوق العرش، وينزل كيف يشاء سبحانه وتعالى.
الجواب: الحية في المنزل لا تقتل حتى تعوذ كما جاء في الحديث؛ لأنها قد تكون من الجن، فهو يعوذها ثلاثاً فيقول: اخرجي ليس لك أن تبقي، إن بقيتي سوف أقتلك، وهكذا يحرج عليها ثلاثاً، فإذا وجدت بعد ذلك فإنه يقتلها، كما جاء في الحديث في قصة الرجل الأنصاري الذي قتل حية ثم بعد ذلك قتله الجن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذه البيوت لها جنان) فإذا كان في البيت حية فلابد أن تعوذ وتنذر ثلاث مرات، ثم بعد ذلك إذا رئيت تقتل.
الجواب: الإباضية من الخوارج، والخوارج فيهم خلاف، جمهور الصحابة على أنهم مبتدعة؛ لأنهم متأولون، ولهذا سئل علي رضي الله عنه: هل هم كفار؟ قال: من الكفر فروا، فالجمهور والصحابة عاملوهم معاملة أهل البدع، وبعض العلماء كفرهم، واستدل بالأحاديث التي فيها: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) (لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد). شبههم بعاد وهم قوم كفار، وهي رواية عن الإمام أحمد ، لكن الجمهور على أنهم مبتدعة والصحابة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عاملوهم معاملة المبتدعة؛ لأنهم متأولون.
الجواب: القول بخلق القرآن معناه أن القائل جعله صفة من صفات الله المخلوقة، وهذا كفر وضلال، القرآن كلام الله وصفة من صفاته، والله تعالى بذاته وأسمائه وصفاته هو الخالق، وما سواه مخلوق، فمن قال: إن صفة من صفات الله مخلوقة فقد كفر.
الجواب: هذا تأويل، وهو قول المعتزلة وغيرهم، بعضهم يقول: ناظرة إلى ثواب ربها، قال العلماء: إذا ذكر الوجه وعدي بحرف الجر فهذا صريح في أن المراد النظر بالعين التي في الرأس إلى الرب جل جلاله، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23].
الجواب: هذه مسألة فيها اختلاف بين أهل العلم، بعض أهل العلم أثبت الشمال؛ لأنه جاء في رواية في صحيح مسلم : (بشماله) وقالوا أيضاً: هو معنى قول الحديث الآخر: (يأخذ بيده اليمنى وبيده الأخرى) ولأن اليمين يقابلها الشمال، وأما قوله: (وكلتا يدين يمين) يعني: يمين في الشرف والفضل والكرم وعدم النقص، بخلاف المخلوق فإن إحدى يديه ضعيفة، وهي اليد الشمال، أما الخالق فلا يلحقه نقص، فكلتا يديه يمين في الشرف والفضل والكرم وعدم النقص وإلا فله يمين وشمال.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ليس لله شمال، وطعنوا في الرواية وإن كانت في صحيح مسلم قالوا: تفرد بها بعض الرواة، فقالوا: إنها شاذة فطعنوا فيها.
والأقرب: ثبوت اليمين والشمال لله عز جل، وهو ما يقتضيه قوله: (يأخذ بيده اليمنى، وبيده الأخرى القبض والخير) وقوله: (وكلتا يديه يمين) يعني: كلتا يديه في الشرف والفضل والكرم وعدم النقص، وإن كان له يمين وشمال.
الجواب: مأكول اللحم طاهر، وكل مأكول اللحم فبوله وروثه طاهر على الصحيح، كالإبل والبقر والغنم، هذه طاهرة أبوالها وأرواثها ومنيها، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها.
فالأرنب يؤكل، وإذا كان يؤكل فبوله طاهر، وكل ما يؤكل لحمه فهو طاهر، بوله وروثه ومنيه، وما لا يؤكل لحمه فهو نجس.
الجواب: لا شك أن طلاب العلم ينبغي أن يتخلقوا بالأخلاق الكريمة، ويتأدبوا بالآداب الإسلامية، ويكونوا أسبق الناس إلى العمل بالسنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
فإفشاء السلام ينبغي أن يكون بين المسلمين ولاسيما طلبة العلم، وطالب العلم ينبغي أن يتخلق بالأخلاق الإسلامية، يسلم على أخيه، ويصافحه، ويبش في وجهه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، وجاء في الأثر (تبسمك في وجه أخيك صدقة).
ينبغي لطلبة العلم أن يكونوا أسبق الناس للعمل بالسنن والآداب، ويعملوا بما يكون سبباً في الألفة والمحبة ونشر الوئام بين الإخوان، والزملاء، والإسلام أراد من المسلمين أن يكونوا كلهم إخوة متحابين متآلفين، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]، فكيف بطلبة العلم؟
طالب العلم يكون أسبق الناس إلى العمل بالسنن، ويعمل بما علمهم الله.
وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر