أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري قال: حدثني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كلهم يحدثون عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المسلمون إليها أبصارهم وهو حين ينتهبها مؤمن) فقلت للزهري : ما هذا؟! فقال: على رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ وعلينا التسليم ].
هذا الحديث فيه نفي الإيمان، والمراد به نفي كمال الإيمان لا أصله؛ لأن المؤمن لا يزني حين يزني وهو مؤمن، ففيه نفي الاسم ويراد به نفي الكمال، فهو عنده أصل الإيمان، هو مؤمن بالله ورسوله وليس كافراً، لكنه نفي عنه كمال الإيمان، مثل قوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وإخباره بأنه لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه، فهذا نفي الكمال، يعني: لا يؤمن الإيمان الكامل، فهو ضعيف الإيمان وناقص الإيمان.
وقوله في الترجمة: (ذكر خبر ثان يصرح بإطلاق لفظة مرادها نفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال لا الحكم على ظاهره).
أي أن المراد نقص الكمال، بدليل أن الزاني والسارق والناهب يعامل معاملة المسلمين، فيغسل ويصلى عليه إذا مات ويرث ويورث، ولو كان كافراً ليس بمؤمن فإنه يقتل، ولا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يرث ولا يورث.
فإن قيل: هل وقت فعل الزنا أو شرب الخمر ينتفي الإيمان عن الفاعل بالكلية؟
فالجواب: لا ينتفي؛ لأن عنده أصل الإيمان، فلو سألته: هل أنت مؤمن بالله ورسوله؟ لقال: نعم أنا مؤمن بالله ورسوله. فعنده أصل الإيمان، لكنه ضعيف الإيمان وناقص الإيمان.
وقد جاء في الحديث أنه يرتفع الإيمان فوق رأسه كأنه ظلة، ثم إذا تاب رجع قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر خبر ثالث يصرح بالمعنى الذي ذكرناه.
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد وابن كثير حدثنا شعبة واقد بن عبد الله أخبرني عن أبيه أنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) ].
والمراد هنا الكفر المنافي لكمال الإيمان؛ لأنهم ليسوا كفاراً، وذلك إذا لم يستحلوه، فهذا هو الكفر الأصغر الذي يضعف معه الإيمان.
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: (صلى لنا رسول الله صلى عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته؛ فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب) ].
قوله: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) يعني الكافر كفراً أصغر لا يخرج من الملة، ولكن قوله: (من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا) فيه تفصيل، فإن أراد أن نوء النجم له تأثير في إنزال المطر؛ فقوله هو الشرك الأكبر في الربوبية، وإن أراد أن النوء هو سبب، فقوله شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعله سبباً.
وهذا الحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في الموطأ، ومن طريق مالك أخرجه أحمد والبخاري .
وقال في الحا شية: (وأورد الحافظ ما قيل في شرح هذا الحديث، ثم قال: وأعلى ما وقفت عليه من ذلك كلام الشافعي ، قال: (مطرنا بنوء كذا وكذا) على ما كان في بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر، إلا أنه أمطره نوء كذا، فذلك كفر؛ لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال: مطرنا بنوء كذا على معنى: مطرنا في وقت كذا؛ فلا يكون كفراً، وغير ذلك من الكلام.
قوله: ( لأن النوء وقت) يعني أن المعنى سيكون: مطرنا في وقت كذا، والمعروف أن النوء هو النجم، وقد يطلق النوء على الوقت، فإذا أريد به الوقت فلا حرج، كأن يقول: مطرنا في وقت كذا، أما إذا قال: مطرنا بنوء كذا -يعني: بنجم كذا- مع اعتقاد أن للنجم تأثيراً عند المطر فهذا شرك أكبر، وإذا قال: مطرنا بنوء كذا مع اعتقاد أنه سبب فهو شرك أصغر، وإذا قال: مطرنا في نوء كذا يعني: في وقت كذا، فهذا لا بأس به.
أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن الشريد بن سويد الثقفي قال: (قلت: يا رسول الله! إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة، وعندي جارية سوداء، قال: ادع بها، فجاءت، فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة) ].
هذا مثل حديث معاوية بن الحكم السلمي .
وهذا الحديث إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو ، وأخرجه الطبراني والبيهقي وأحمد وأبو داود والنسائي .
وفيه بيان أن هذه الجارية عندها أصل الإسلام، فسألها الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربها وعن دينها وعن نبيها، وهذا أصل الإيمان، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعتقها فإنها مؤمنة)، وهي إنما نطقت بالشهادتين.
وهذا فيه الرد على المبتدعة الذين ينكرون العلو ويقولون: إنه ليس له مكان.
وتراجم ابن حبان بعضها يتصل ببعض.
قوله (فإنها مؤمنة) يعني: عندها أصل الإيمان، وقد ينقصها بعض صفات المؤمنين، لكن أطلق عليها اسم الإيمان.
قال: [ أخبرنا حبان بن إسحاق بالبصرة حدثنا الفضل بن يعقوب الرخامي حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون باباً، والحياء من الإيمان) ].
الشاهد أن الإيمان شعب متعددة، والحياء شعبة منها، ومع ذلك أطلق على الجارية أنها مؤمنة، وإن كانت لم تكتمل فيها جميع الشعب.
أخبرنا الحسين بن بسطام بالأبلة أخبرنا عمرو بن علي حدثنا حسين بن حفص حدثنا سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) ].
قوله: (الإيمان بضع وسبعون) هذه رواية مسلم رحمه الله في صحيحه، ورواية البخاري : (الإيمان بضع وستون شعبة).
والمراد بالشعب هنا الأبواب.
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي أبو هشام حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش) ].
قوله: (ليس المؤمن بالطعان) يعني: ليس كالمؤمن كامل الإيمان، بل هو ناقص الإيمان، فالطعان واللعان والفاحش والبذيء ناقص الإيمان، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وقوله: (لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) يعني: ليس عنده كمال الإيمان الواجب، بل هو ناقص الإيمان.
أخبرنا ابن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب وموهب بن يزيد حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حليم إلا ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة) قال موهب : قال لي أحمد بن حنبل : أيش كتبت بالشام؟ قال: فذكرت له هذا الحديث، قال: لو لم تسمع إلا هذا لم تذهب رحلتك ].
هذا الحديث إسناده ضعيف لضعف دراج في روايته عن أبي الهيثم ، وقال ابن الجوزي : تفرد به دراج ، وقد قال أحمد : أحاديثه مناكير.
قوله: (لا حليم إلا ذو عثرة) يعني أن الحليم لابد من أن تحصل له عثرة.
وقوله: (ولا حكيم إلا ذو تجربة) يعني: لا يأخذ الحكمة ويضع الأمور في موضعها إلا بعد التجارب، فهو بعدما تمر عليه التجارب ويصل إلى الحكمة، وكذلك الحليم بعد أن تحصل له هفوات يصل إلى الحلم.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفاً على أبي سعيد رضي الله عنه، وهو أصح.
قوله: (قال موهب : قال لي أحمد بن حنبل : أيش كتبت بالشام؟ فذكرت له هذا الحديث قال: لو لم تسمع إلا هذا لم تذهب رحلتك)، هذا لو صح، لكنه لا يصح.
أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في الخطبة: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) ] هذا الحديث حسن بشواهده.
قوله: (لا إيمان لمن لا أمانة له) يعني: لا إيمان كامل؛ لأن الإيمان الكامل لمن أدى الواجبات وترك المحرمات، ومن ذلك أداء العهود، ومن لا يلتزم بالعهود فإيمانه ضعيف، فنفي الأمر عن الشيء نفي للكمال.
وقوله: (ذكر خبر يدل على أن المراد بنفي هذه الأخبار نفي الأمر عن الشيء للنقص عن الكمال).
لو قال: نفي الشيء فهو أحسن، والمراد نفي الكمال، فقوله: (نفي الأمر عن الشيء) يعني: نفي الإيمان.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان) يريد نفي الكمال.
وكذلك: (لا دين لمن لا عهد له) يعني: لا دين كامل لمن لا عهد له، وإلا فعنده دين، لكن ليس عنده الدين الكامل.
وهذا الحديث أخرجه أحمد وابن أبي شيبة في المصنف، وحسنه البغوي في شرح السنة.
أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم عن هشام بن أبي عبد الله حدثنا حماد بن أبي سليمان عن زيد بن وهب عن أبي ذر قال: (انطلق النبي صلى الله عليه وسلم نحو بقيع الغرقد، فانطلقت خلفه، فقال: يا
وهذا الحديث رواه الشيخان، وفيه دليل على أن من مات على التوحيد فإن مصيره إلى الجنة والسلامة، ولو فعل المعاصي والكبائر، وإذا مات على توحيد الخالق وتاب من الكبائر والصغائر دخل الجنة من أول وهلة، وإن مات على الزنا أو السرقة أو الخمر أو عقوق الوالدين، فإنه يستحق دخول النار، لكنه تحت مشيئته سبحانه، فقد يعفى عنه وقد يعذب، ولهذا قال: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة) وإن كان إيمانه ناقصاً.
قوله: (ذكر الخبر الدال على صحة ما ذكرنا أن معاني هذه الأخبار ما قلنا: إن العرب تنفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال، وتضيف الاسم إلى الشيء للقرب من التمام).
شاهده أن هذا شهد أن لا إله إلا الله, وإن كان عنده نقص في الشهادة، فهو من أهل الإيمان.
أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ بتستر حدثنا محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو معاوية حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن عمرو ورب هذه البنية -يعني: الكعبة- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المهاجر من هجر السيئات، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ].
يعني: من هجر السيئات بالهجرة من بلد الكفار إلى بلد الإسلام؛ لأن البقاء في بلد الكفار من السيئات، لكن المهاجر الكامل هو الذي يهجر السيئات كلها.
قوله: (والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) يعني: المسلم الكامل، لكن من لا يسلم المسلمون من لسانه ويده فهذا مسلم ناقص الإسلام، فهنا المراد الإسلام الكامل والمهاجر الكامل، ومن نقص شيئاً من ذلك نقص إيمانه.
أخبرنا عبدان حدثنا محمد بن معمر حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أسلم المسلمين إسلاماً من سلم المسلمون من لسانه ويده) ].
يعني: هذا أسلم الناس، أما من لم يسلم المسلمون من لسانه ويده فهو مسلم إذا كان موحداً، لكنه ناقص الإسلام.
يعني: من مات لم يشرك بالله شيئاً وليس عليه دين ولا غلول دخل الجنة.
قال: [ أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن المنهال الضرير وأمية بن بسطام قالا: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من جاء يوم القيامة بريئاً من ثلاث دخل الجنة: الكبر، والغلول، والدين) ].
قوله: (الكبر والغلول والدين) يعني: مع التوحيد والإيمان.
والحديث إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه النسائي والدارمي وأحمد والترمذي.
قوله: (من جاء يوم القيامة بريئاً من ثلاث دخل الجنة: الكبر والغلول والدين) الكبر: هو بطر الحق ورده وغمط الناس.
والغلول: هو الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها، ومثله: الأخذ من صدقات الجمعيات أو من الأوقاف، كل هذا داخل في الغلول.
[ ذكر إيجاب الجنة لمن شهد لله جل وعلا بالوحدانية مع تحريم النار عليه به.
أخبرنا ابن قتيبة حدثنا حرملة حدثنا ابن وهب أخبرني حيوة حدثنا ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن سعيد بن الصلت عن سهيل بن بيضاء من بني عبد الدار قال: (بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس من كان بين يديه ولحقه من كان خلفه، حتى إذا اجتمعوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه من شهد أن لا إله إلا الله حرمه الله على النار وأوجب له الجنة) قال أبو حاتم رضي الله عنه: هذا خبر خرج خطابه على حسب الحال، وهو من الضرب الذي ذكرت في كتاب (فصول السنن) أن الخبر إذا كان خطابه على حسب الحال لم يجز أن يحكم به في كل الأحوال، وكل خطاب كان من النبي صلى الله عليه وسلم على حسب الحال فهو على ضربين:
أحدهما: وجود حالة من أجلها ذكر ما ذكر، لم تذكر تلك الحالة مع ذلك الخبر.
والثاني: أسئلة سئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فأجاب عنها بأجوبة، فرويت عنه تلك الأجوبة من غير تلك الأسئلة، فلا يجوز أن يحكم بالخبر إذا كان هذا نعته في كل الأحوال، دون أن يضم مجمله إلى مفسره، ومختصره إلى متقصاه ].
يعني أن الأحاديث المطلقة تقيد بالأدلة الأخرى المقيدة، فقوله: (من شهد أن لا إله إلا الله حرمه الله على النار وأوجب الله له الجنة) يعني: إذا وحد الله، ولم يفعل ناقضة من نواقض الإسلام، وأدى الواجبات وترك المحرمات دخل الجنة من أول وهلة، جمعاً بين النصوص، فإن مات وقد نقض هذا التوحيد بالشرك فلا يعفى عنه، وإن مات على التوحيد ولكن أضعفه بالمعاصي والكبائر فهذا على خطر، وهو متوعد بالنار، وقد يعفى عنه وقد لا يعفى عنه.
فالنصوص يضم بعضها إلى بعض.
أخبرنا علي بن الحسين العسكري بالرقة حدثنا عبدان بن محمد الوكيل حدثنا ابن أبي زائدة عن سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر : (أن
هذا الحديث فيه شرط الإخلاص، وأنه لابد منه، فإن وقع الشرك ذهب الإخلاص، لقوله: (من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه)، فلابد من الإخلاص، وهو شرط، فدل على أن المشرك ليس كذلك.
[ قال أبو حاتم رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم: (دخل الجنة) يريد به جنة دون جنة؛ لأنها جنان كثيرة، فمن أتى بالإقرار الذي هو أعلى شعب الإيمان، ولم يدرك العمل، ثم مات أدخل الجنة، ومن أتى بعد الإقرار من الأعمال قل أو كثر أدخل الجنة، جنة فوق تلك الجنة؛ لأن من كثر عمله عَلَتْ درجاته وارتفعت جنته ].
يعني أن الجنة درجات، كما في الحديث: (في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله).
قال: [ لا أن الكل من المسلمين يدخلون جنة واحدة وإن تفاوتت أعمالهم وتباينت؛ لأنها جنان كثيرة لا جنة واحدة ].
أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا نصر بن علي الحهضمي حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد الحذاء عن الوليد بن مسلم أبي بشر سمعت حمران بن أبان يقول: سمعت عثمان بن عفان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة) ].
هذا الحديث فيه اشتراط اليقين، وأنه لابد من اليقين، والعلم هو اليقين، وقوله: (وهو يعلم أن لا إله إلا الله) يعني: يعتقد أنه لا معبود بحق إلا الله، ويسلم بذلك، فهذا يدخل الجنة.
أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن ابن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن الصنابحي قال: (دخلت على
يعني: لابد من الشهادتين، فمن شهد أنه لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم يقبل منه، ومن شهد أن محمداً رسول الله ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم يقبل منه.
أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا مسدد بن مسرهد عن ابن أبي عدي حدثنا حجاج الصواف أخبرني حميد بن هلال حدثني هصان بن كاهل قال: (جلست مجلساً فيه
(زعم) هنا بمعنى (قال)، وتطلق في الرد على الكاذب، مثل قوله: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن:7]، وتطلق على الادعاء: (زعم رسولك أن الله أوجب علينا خمس صلوات في اليوم والليلة) وتطلق على مجرد القول، وهذا الحديث فيه أنه لابد من اليقين بالشهادتين.
و هصان بن كاهل -باللام- العدوي ذكره المؤلف في الثقات.
أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى الأزدي حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران بن أبان عن عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقاً من قلبه فيموت على ذلك إلا حرمه الله على النار: لا إله إلا الله) ].
يعني: إذا قالها عن يقين وصدق وإخلاص؛ لأن النصوص يضم بعضها إلى بعض، فمن قالها عن يقين فلابد من أن يعمل، فإذا لم يعمل دل ذلك على أنه ضعيف اليقين.
إذاً: لابد من الصدق واليقين والإخلاص، والنصوص يضم بعضها إلى بعض، وقد جاء في لفظ: (من قال: لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه) وفي لفظ: (من قال: لا إله إلا الله صادقاً) وفي لفظ: (من قالها صدقاً دخل الجنة)، وفي لفظ: (من قال لا إله إلا الله وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة) ، وفي لفظ: (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله دخل الجنة) فهذه النصوص يضم بعضها إلى بعض.
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني حدثنا محمد بن الوهاب عن مسعر بن كدام عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن يحيى بن طلحة عن أمه سعدى المرية قالت: (مر عمر بن الخطاب بـطلحة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مالك مكتئباً؟ أساءتك إمرة ابن عمك؟! قال: لا، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا كانت له نوراً لصحيفته، وإن جسده وروحه ليجدان لها روحاً عند الموت. فقُبض ولم أسأله، فقال: ما أعلمه إلا التي أراد عليها عمه، ولو علم أن شيئاً أنجى له منها لأمره) ].
الجواب: نعم يسجد للسهو؛ لأن كونه قام ثم رجع زيادة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر