إسلام ويب

شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [14]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد بين الإسلام كل ما يحتاجه المسلم في حياته، ومن ذلك حث الجنب إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب على الوضوء إن كان يريد تأخير الغسل، ومن أراد أن يعاود جماع أهله فقد حثه أيضاً على الوضوء لما له من أثر على نشاطه.

    شرح حديث: (الماء من الماء)

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الإكسال.

    حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو -يعني ابن الحارث - عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن أبي بن كعب أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك).

    قال أبو داود : يعني الماء من الماء ].

    الإكسال معناه: الضعف والفتور، وهو: أن يجامع فلا ينزل فمن جامع وغيب الحشفة في الفرج وجب عليه الغسل ولو لم ينزل، وكان في أول الإسلام إذا جامع الإنسان ولم ينزل، غسل ذكره وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم نسخ ذلك، وأوجب الله سبحانه وتعالى الغسل بالجماع.

    وهذا الحديث فيه مجهول، لأنه قال: حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد ، فهذا مبهم لا بد من تسميته؛ لأنه قد يرضاه هو ولا يرضاه غيره، لعلة قادحة فيه، ولكن له شواهد في الصحيحين وغيرهما في أن الإنسان إذا جامع ولم ينزل فإنه يجب عليه الغسل.

    وأبي بن كعب أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل عدم الاغتسال من الجماع بغير إنزال رخصة للناس في أول الإسلام؛ لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك، هذا ثابت بالأحاديث الصحيحة، وإن كان هذا الحديث فيه انقطاع.

    وقوله: (الماء من الماء) الماء الأول ماء الغسل، والماء الثاني ماء المني، أي: لا يجب الغسل إلا إذا خرج المني، وهذا كان في أول الإسلام ثم نسخ وبقي حكم ذلك في النائم فلا يجب عليه الغسل إلا إذا رأى المني.

    قوله: (حدثني بعض من أرضى)، قال ابن حبان : تتبعت طرق هذا الخبر على أن أجد أحداً رواه عن سهل بن سعد فلم أجد في الدنيا أحداً إلا أبا حازم ، فيشبه أن يكون الرجل الذي قال الزهري : حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد هو أبو حازم .

    وعلى هذا فيكون الحديث متصلاً، لكن هو بهذا السند منقطع.

    وسيأتي في الحديث الذي بعده، أن قليلاً من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى أنه لا غسل إلا من الإنزال.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مهران البزاز الرازي حدثنا مبشر الحلبي عن محمد أبي غسان عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن كعب : (أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد) ].

    هذا الحديث فيه ذكر أبو حازم الساقط في الحديث السابق، الذي يروي عن سهل بن سعد .

    وهذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة ، وقال الترمذي : حسن صحيح.

    و سهل بن سعد يقول: حدثني أبي بن كعب : ( أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد ) والذين يفتون بذلك جماعة من الصحابة منهم: علي وعثمان والزبير وطلحة وأبو أيوب ، كما أخرج الشيخان في صحيحيهما (أن هؤلاء الصحابة كانوا يفتون أن الماء من الماء) يعني: أنه لا يجب الغسل إلا من خروج المني، فإذا جامع ولم ينزل فلا يجب الغسل، وهذا كان رخصة في أول الإسلام رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بالاغتسال بعد ذلك، وهذا صريح بأن هذا الحكم منسوخ، وهو ثابت في الصحيحين وفي غيرهما.

    شرح حديث التقاء الختانين

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، حدثنا هشام وشعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل) ].

    هذا الحديث رواه الشيخان بدون لفظ: ( وألزق الختان بالختان )، والمراد بشعبها الأربع هي: اليدان والرجلان هذا هو الأقرب، وقيل: الرجلان والفخذان وقيل: الفخذان والختان.

    ففي رواية البخاري (إذا قعد بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) وفي لفظ: (وإن لم ينزل) جهدها يعني: شدها بحركته وإن لم ينزل، وهذا الحديث فيه دليل على أنه يجب الغسل بمجرد الإيلاج فإذا أولج الذكر في الفرج، ومس الختان الختان؛ فإنه يجب الغسل.

    والمراد من قوله: ( ألزق الختان بالختان ) أي: ألزق ختان الرجل بختان المرأة، والمراد تلاقي موضع القطع من الذكر مع موضعه من فرج الأنثى، وذلك لا يكون إلا إذا كان الذكر في الفرج، وليس المراد حصول مس الحشفة وهي رأس الذكر في الفرج، فلا يلاقي الختان الختان إلا إذا غيب الحشفة.

    وقد أجمع العلماء على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يغيب الحشفة لم يجب الغسل لا عليه ولا عليها، وإنما يجب الغسل بتغييب الحشفة في الفرج أو قدرها إذا كانت مقطوعة فإذا غيب الحشفة وهي رأس الذكر في الفرج فحينئذ يلتقي الختان بالختان؛ لأن الختان في المرأة في أعلى الفرج، فإذا غيب الحشفة في الفرج التقى الختان بالختان وليس المراد مس الختان بالختان.

    فدل على أن قوله: ( إنما الماء من الماء ) منسوخ، وبقي حكم الماء من الماء في الاحتلام، فإن المحتلم لا يغتسل حتى يخرج منه الماء وهو المني، فإذا احتلم ولم يخرج منه شيء فلا غسل عليه، بخلاف المجامع فإنه إذا أولج ومس الختان الختان وغيب الحشفة في الفرج، فإنه يجب عليه الغسل.

    شرح حديث أبي سعيد في كون الماء من الماء

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الماء من الماء). وكان أبو سلمة يفعل ذلك ].

    هذا الحديث منسوخ بحديث: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جاهدها فقد وجب الغسل) أخرجه الشيخان، وفي لفظ لـمسلم : وإن لم ينزل)، لكن بقي حكم هذا في النوم فلا يجب الغسل إلا إذا أخرج الماء وهو المني، هذا هو الصواب، وقد بقي بعض الصحابة، وبعض التابعين على المذهب الأول، وكأنه لم يبلغهم النسخ، ولهذا قال الشارح: واعلم أن قليلاً من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى أنه لا غسل إلا من الإنزال وهو مذهب داود الظاهري ، وهو قول ضعيف مرجوح.

    والصواب الذي عليه الجماهير أنه يجب الغسل بمجرد التقاء الختانين بعد غيبوبة الحشفة في الفرج وهذا لا ينبغي العدول عنه، وأحاديث الباب كلها تدل على ذلك.

    كذلك إذا قطعت الحشفة ثم غيب مقدارها في الفرج وجب الغسل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086782703

    عدد مرات الحفظ

    768902509