إسلام ويب

تفسير سورة البقرة [102-103] - [3]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السحر منه ما هو حقيقة ومنه ما هو خيال، وهو على أنواع، فمنه ما يتعلق بالتركيبات الهندسية، وأصل ذلك الخفة، ومنه ما يتعلق بالأدوية، ومنه غير ذلك، وفاعله مرتكب لمنكر عظيم يصل به إلى الكفر إن اتصل بالشياطين وعبادة غير الله تعالى، وللفقهاء جمل من الأقوال فيما يتصل بحكم تعلم السحر، وتوبة الساحر، وقتله، ونحو ذلك.

    سحر التراكيب الهندسية

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ (النوع الخامس من السحر):

    الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب آلات مركبة على النسب الهندسية، كفارس على فرس في يده بوق كلما مضت ساعة من النهار ضرب بالبوق من غير أن يمسه أحد، ومنها الصور التي تصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان، حتى يصورونها ضاحكة وباكية. إلى أن قال: فهذه الوجوه من لطيف أمور التخاييل. قال: وكان سحر سحرة فرعون من هذا القبيل ].

    ما ذكره الرازي في القرن السادس الهجري أصبح الآن شيئاً مألوفاً، وأسبابه معروفة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قلت: يعني ما قاله بعض المفسرين: إنهم عمدوا إلى تلك الحبال والعصي فحشوها زئبقاً فصارت تتلوى بسبب ما فيها من ذلك الزئبق، فيخيل إلى الرائي أنها تسعى باختيارها ].

    كانت العصي تتلوى بسبب الزئبق مع الشمس ومع التخييل، كما قال الله تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66]، ولهذا قال بعض العلماء: إنه من سحر التخييل، وأنكر بعضهم حقيقة السحر، وقال: إن السحر كله تخييل، واستدل بهذه الآية، والصواب أن السحر منه ما هو تخييل ومنه ما هو حقيقة، قال الله تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق:4]، فلولا أن للسحر حقيقة لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعوذ من شر النفاثات في العقد.

    فالسحر له حقيقة وتأثير في البدن بالمرض والقتل والتفريق بين المرء وزوجه، فالساحر يصور الرجل أمام زوجته بصورة قبيحة حتى تكرهه وتطلب الفراق، ويصور المرأة أمام زوجها بصورة قبيحة ذميمة حتى يكرهها ويفارقها، وهذا من السحر، كما قال سبحانه وتعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، والعكس كذلك، قد يحسنها في وجهه أو يحسنه في وجهها، وهذان هما الصرف والعطف، فالصرف: أن يصرف المرأة عن زوجها، أو يصرف الرجل عن زوجته، والعطف: أن يحبب كل واحد منهما إلى الآخر، وهما من أنواع السحر.

    والخلاصة أن السحر نوعان: حقيقة وخيال، خلافاً لـأبي حنيفة رحمه الله الذي قال: إن السحر لا يكون إلا خيالاً، وخلافاً للمعتزلة الذين أنكروا وجود السحر، وكل هذا باطل، والصواب أن السحر واقع وموجود.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال الرازي : ومن هذا الباب تركيب صندوق الساعات، ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال بالآلات الخفيفة ].

    هذا واقع، ويسمونه الآن الألعاب البهلوانية، ومن هذا النوع: أن يظهر إنسان أنه يجر السيارة بشعرة من لحيته، أو يخيل لبعض الناس أنه يضرب بطنه بالسكين ويخرج منه دم، أو يخرج من فمه سكاكين أو مناديل، وكل هذا من السحر.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال: وهذا -في الحقيقة- لا ينبغي أن يعد من السحر؛ لأن لها أسباباً معلومة يقينية من اطلع عليها قدر عليها ].

    ما نراه الآن هو أشياء خفية يعملونها قد تكون من باب الخيال، أو من باب خفة اليد، فهي غريبة عند من لم يعلمها، ومن تعود عليها صارت عنده مألوفة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قلت: ومن هذا القبيل حيل النصارى على عامتهم بما يرونهم إياه من الأنوار، كقضية قمامة الكنيسة التي لهم ببلد المقدس، وما يحتالون به من إدخال النار خفية إلى الكنيسة، وإشعال ذلك القنديل بصنعة لطيفة تروج على الطغام منهم ].

    قوله: [ تروج على الطغام ]، أي: العامة، فالنصارى يوهمون العامة أن هذا من أنوار المسيح أو من أنوار مريم، وهي أشياء يعلمها خاصتهم، فهم يدخلون النار من طريق لا يعلمه عامة الناس، فيتعجب الناس ويقولون: من أين جاءت النار؟! ومن أين جاء القنديل؟! فيغرون الناس بعبادة المسيح.

    وكذلك الأشياء التي هي من خفة اليد، فإنها ليست من السحر، ولكنها أشياء خفية لا يعلمها عامة الناس، ولا يعلمون كيفيتها، فتروج عليهم، فإذا كان المقصود منها الترويج للباطل ونشره، فلا شك في أنها حرام، كما أن عمل النصارى في الترويج على عامتهم محرم؛ لأنهم يغرون الناس بعبادة المسيح وعبادة مريم.

    وكذلك ما يسمى الآن بالسيرك، وما يفعل في بعض الاحتفالات، كأن تمر سيارة على بطن شخص، فهذا ينظر فيه، والأقرب أنه من باب الخيال.

    فإن قيل: قد يكون لهم تعامل مع الجن؟ قلنا: يختلفون، فقد يكون عمل بعضهم من باب خفة اليد، أو من باب التخييل، فينظر إلى أعمالهم.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وأما الخواص فهم معترفون بذلك، ولكن يتأولون أنهم يجمعون شمل أصحابهم على دينهم ].

    هكذا يتأول النصارى أنهم يجمعون العوام على دينهم، حتى يوهمونهم أن هذا من أنوار المسيح ومن أنوار مريم، ويدخلون النار إلى الكنيسة من طريق آخر، ولا يعلم بهذا عامة الناس، وهذا من باطلهم ومن ترويجهم لدينهم ومن الشرك والباطل. نعوذ بالله من هذا.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فيرون ذلك سائغاً لهم، وفيهم شبهة على الجهلة الأغبياء من متعبدي الكرامية ].

    الأقرب إلى صحة المعنى أن الجملة هكذا: وفيهم شبه بالجهلة الأغبياء من متعبدي الكرامية.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الذين يرون جواز وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب، فيدخلون في عداد من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) ].

    هذا الحديث من الأحاديث المتواترة، وقد بالغ بعضهم فقال: إن الحديث يقول: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ونحن إنما نكذب له لا عليه! وهؤلاء هم متعبدة الكرامية الذين يتأولون في وضعهم الحديث أنه لترغيب الناس في الدين، فهم إذا رأوا الناس انصرفوا عن صلاة الفريضة مثلاً وضعوا أحاديث لترغيب الناس فيها، وإذا رأوا الناس انصرفوا عن صيام رمضان وضعوا أحاديث للترغيب، ويتأولون أنهم يحثون الناس على الدين، وهذا فيه شبه بالنصارى الذي يتأولون جمع شمل النصارى، ويلبسون عليهم حتى يجمعوهم على دينهم.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: (حدثوا عني ولا تكذبوا علي؛ فإنه من يكذب علي يلج النار)، ثم ذكر ههنا حكاية عن بعض الرهبان، وهو أنه سمع صوت طائر حزين الصوت ضعيف الحركة، فإذا سمعته الطيور ترق له، فتذهب فتلقي في وكره من ثمر الزيتون ليتبلغ به، فعمد هذا الراهب إلى صنعة طائر على شكله، وتوصل إلى أن جعله أجوف فإذا دخلته الريح يسمع منه صوت كصوت ذلك الطائر، وانقطع في صومعة ابتناها وزعم أنها على قبر بعض صالحيهم، وعلق ذلك الطائر في مكان منها، فإذا كان زمان الزيتون فتح باباً من ناحيته فيدخل الريح إلى داخل هذه الصورة فيسمع صوتها كل طائر في شكله أيضاً، فتأتي الطيور فتحمل من الزيتون شيئاً كثيراً، فلا ترى النصارى إلا ذلك الزيتون في هذه الصومعة، ولا يدرون ما سببه ].

    هذه حيلة من الراهب ليفتن النصارى، ويوهمهم أنها من الكرامات، وأنه على حق.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ففتنهم بذلك، وأوهم أن هذا من كرامات صاحب هذا القبر، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ].

    سحر الأدوية

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال الرازي : النوع السادس من السحر: الاستعانة بخواص الأدوية، يعني في هذا الأطعمة والدهانات، قال: واعلم أنه لا سبيل إلى إنكار الخواص، فإن تأثير المغناطيس مشاهد، (قلت): يدخل في هذا القبيل كثير ممن يدعي الفقر ويتحيل على جهلة الناس بهذه الخواص مدعياً أنها أحوال له من مخالطة النيران ومسك الحيات إلى غير ذلك من الأعمال ].

    يقصد بمن يدعي الفقر: الصوفية، ويسمون الفقراء، ويسمى الصوفي فقيراً، ويسمى السالك، ويعني بكلامه: ما يفعله بعض الصوفية من الحيل على الناس، ثم يدعي أن هذا حال له، وأنه تسلم له حاله ولا يعارض، ولو عمل منكراً، وهذا من دعاوى الصوفية الباطلة.

    قال المؤلف وقوله: [ من مخالطة النيران ومسك الحيات، إلى غير ذلك من المحالات ].

    هذا أيضاً من حيلهم، فبعضهم يدهن جسمه بدهن ضد النار، ثم يدخل النار أمام العامة ولا يصيبه شيء، فيقول الناس: هذا من الكرامات، وبعضهم يخدر الحيات بمخدر، ثم يأخذها ويمسكها ويمسك أسنانها ويعمل بها ما يشاء، فيظن بعض العامة أن هذا من الكرامات، وإنما هو من الحيل، وقد يكون من أعمال الشعوذة وبينه وبين الجن عهد.

    سحر تعليق القلب

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال: النوع السابع من السحر: التعليق للقلب، وهو أن يدعي الساحر أنه عرف الاسم الأعظم، وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور، فإذا اتفق أن يكون السامع لذلك ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق، وتعلق قلبه بذلك، وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة، فإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة، فحينئذ يتمكن الساحر أن يفعل ما يشاء.

    قلت: هذا النمط يقال له: التنبلة، وإنما يروج على ضعفاء العقول من بني آدم، وفي علم الفراسة ما يرشد إلى معرفة كامل العقل من ناقصه، فإذا كان النبيل حاذقاً في علم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيره ].

    الفراسة: حدة النظر والتأمل، قال الله تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [الحجر:75] أي: للمتفرسين، وفي الحديث: (اتقوا المؤمن فإنه ينظر بنور الله)، وهو حديث ضعيف، ضعفه الشيخ ناصر الدين الألباني ، وله شواهد.

    والفراسة أنواع:

    فراسة إيمانية، وفراسة رياضية صوفية، فالفراسة الإيمانية: نور يقذفه الله في قلب العبد المؤمن، وهي محمودة، ولا تكون إلا للمؤمنين الصالحين.

    والثاني: فراسة رياضية صوفية، وهي التي يذكرها الأطباء والصوفية، ومن ذلك أن يروض نفسه ويقلل الطعام والنوم، ويقلل من مخالطة الناس، وقد يعصب عينيه، فيحصل له في ذلك أنوار شيطانية، وهذا مثل الذي ينظم أكله لكي يصح بدنه، وهو مثل ما يفعله بعض الناس ويسمونه (اترجيم)، فهو يقلل الطعام والشراب، وهذه مشتركة بين المؤمن والكافر، فقد تكون محمودة، وقد تكون مذمومة.

    وهناك فراسة تسمى فراسة خلقية، وهي الاستدلال بالخَلقْ على الخُلقُ، وهذه -أيضاً- مشتركة بين المؤمن والكافر، وهي غير محمودة، فيستدلون -مثلاً- بطول الرقبة على الغباوة، وبالقصر على الحماقة، وبسعة الصدر على سعة الخلق، وبكلل النظر على جمود العينين، وهذه قد يصيبون فيها وقد يخطئون، فالفراسة الإيمانية خاصة بالمؤمنين، وهي نور يقذفه الله في قلب العبد المؤمن.

    سحر النميمة والبيان

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ النوع الثامن من السحر: السعي بالنميمة والتقريب ].

    سميت النميمة سحراً لما لها من تأثير في الخفاء، فأصل السحر في اللغة: عبارة عما خفي ولطف سببه، والنميمة لها تأثير في الخفاء، وهي داخلة في السحر من جهة اللغة؛ لأن السحر عبارة عما خفي ولطف سببه، ومنه البيان والفصاحة والبلاغة، فإنها تؤثر في الناس حتى تقنعهم، فصاحبها قد يقلب الحق باطلاً، وقد يقلب الباطل حقاً بسبب فصاحته وبلاغته وقوة تأثيره، وقدرة تصرفه بأنواع الكلام، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن من البيان لسحراً).

    وسمي السَّحَر سحراً لأنه يقع خفياً آخر الليل، وهذا من جهة اللغة، فيدخل في السحر لغةً: النميمة والبيان.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ النوع الثامن من السحر: السعي بالنميمة والتقريب من وجوه خفيفة لطيفة؛ وذلك شائع في الناس ].

    لعل الصواب (خفية)، فهي قد تخفى، فإنه يأتي إلى هذا ويكلمه ويقول: إن هذا يتكلم فيك، ثم يأتي إلى الآخر ويكلمه خفية، فالمقام يقتضي أن المراد أنها (خفية) لا (خفيفة)؛ لأن المقام ليس في ذكر الخفة والثقل، وإنما المراد ذكر الخفاء، ويؤيده قوله: لطيفة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قلت: النميمة على قسمين: تارة تكون على وجه التحريش بين الناس، وتفريق قلوب المؤمنين، فهذا حرام متفق عليه، فأما إن كانت على وجه الإصلاح بين الناس وائتلاف كلمة المسلمين كما جاء في الحديث: (ليس بالكذاب من ينم خيراً)، أو تكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة؛ فهذا أمر مطلوب، كما جاء في الحديث: (الحرب خدعة)، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب وبني قريظة، جاء إلى هؤلاء فينمى إليهم عن هؤلاء كلاماً، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئاً آخر، ثم لأم بين ذلك فتناكرت النفوس وافترقت، وإنما يحذو على مثل هذا الذكاء ذو البصيرة النافذة، وبالله المستعان ].

    تسمية هذا النوع نميمة فيه نظر، إلا من جهة أنه عمل خيراً في الخفاء، ويستدلون بالحديث، والمعروف أن النوع الأول هو الذي يسمى نميمة، وأما هذا النوع فهو إصلاح وخير.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم قال الرازي : فهذه جملة الكلام في أقسام السحر وشرح أنواعه وأصنافه، قلت: وإنما أدخل كثيراً من هذه الأنواع المذكورة في فن السحر للطافة مداركها؛ لأن السحر في اللغة: عبارة عما لطف وخفي سببه، ولهذا جاء في الحديث: (إن من البيان لسحراً)، وسمي السَّحور لكونه يقع خفياً آخر الليل ].

    سمي السحور -وهو أكلة السحر- لأنه يؤكل في آخر الليل.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والسحر: الرئة ]، ذكر في القاموس أنها ساكنة، ثم قال: وهي بالتحريك والضم. [ وهي محل الغذاء، وسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إلى أجزاء البدن وغضونه ].

    قوله: [ محل الغذاء ] فيه نظر، وإنما هي لتصفية الدم.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ كما قال أبو جهل يوم بدر لـعتبة : انتفخ سحره، أي: انتفخت رئته من الخوف، وقالت عائشة رضي الله عنها: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري) ].

    أي: متكئاً على صدرها.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال تعالى: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ [الأعراف:116] أي: أخفوا عنهم عملهم، والله أعلم ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088969963

    عدد مرات الحفظ

    780247355