إسلام ويب

تفسير سورة البقرة [25-27]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يخبر الله تعالى عباده المؤمنين بما أعد لهم من نعيم مقيم، فلهم في الجنة ما تشتهي أنفسهم، ولا يمكن للإنسان أن يتخيل ما يعطاه المؤمن في الجنة لأنه لا تشابه بين ما خلق الله في الدنيا وما خلق في الآخرة من النعيم إلا بالأسماء فقط، وكل ذلك أعده الله لمن آمن به ولم يخرج عن طاعته وينقض عهده.
    قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:25].

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب والنكال عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال العلماء، كما سنبسطه في موضعه ].

    مثاني: يعني تثنى فيه القصص والأخبار، وتذكر فيه صفة أهل الجنة، ثم بعدها صفة أهل النار، ويذكر فيه حال السعداء وحال الأشقياء، وتثنى فيه قصة موسى عليه السلام، وقصة إبراهيم، كذلك قصة ثمود قوم صالح.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهو أن يذكر الإيمان ويتبع بذكر الكفر أو عكسه، أو حال السعداء ثم الأشقياء أو عكسه، وحاصله: ذكر الشيء ومقابله، وأما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه كما سنوضحه إن شاء الله ].

    ذكر الشيء ومقابله كالسعداء يقابلهم الأشقياء، والمؤمنون يقابلهم الكفار.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فلهذا قال تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [البقرة:25] فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار، أي: من تحت أشجارها وغرفها، وقد جاء في الحديث: (أن أنهارها تجري في غير أخدود) وجاء في الكوثر: (أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف

    ولا منافاة بينهما، فطينها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر، نسأل الله من فضله إنه هو البر الرحيم.

    وقال ابن أبي حاتم : قرأ عليَّ الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا أبو ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنهار الجنة تفجر من تحت تلال -أو من تحت جبال-المسك)، وقال أيضاً: حدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك ].

    والمسك أحسن أنواع الطيب، وأنهار الجنة تفجر من تحت جبال المسك، نسأل الله من فضله، ثم أيضاً مسك الآخرة ليس كمسك الدنيا، فالمسك في الدنيا الآن من أحسن أنواع الطيب؛ ولهذا فإن المسك يؤخذ أصلاً من دم الغزال، من ورمة تخرج في الغزال تسقط وتؤخذ ثم تشق، وتسمى الفأرة مثل الكرة يخرج منها المسك، ولهذا يقول الشاعر يمدح بعض الخلفاء:

    فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال

    تخرج ورمة في الغزال مثل الكرة، ثم تسقط أو تؤخذ، فإذا فتحت في وسطها المسك.

    قال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان قال في الحاشية: هو أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي ، قال ابن أبي حاتم : سمعناه منه وهو صدوق ثقة.

    إذاً: يحتمل أنه قرئ عليه وهو يسمع، ويكون من القراءة؛ لأن القراءة على الشيخ أو السماع من الشيخ نوعان: نوع يقرأ التلميذ والشيخ يسمع، وأحياناً يقرأ الشيخ والتلميذ يكتب، أو يقرأ وهو يسمع ويكون مع غيره، كما يقول الإمام مسلم : حدثنا، يعني: مع غيره، ومحتمل أنه قرأ هو عليه، وعلى هذا يكون من شيوخه، ويحتمل أنه قرأ عليه أحد أقرانه وهو يسمع.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله تعالى: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25]، قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قالوا: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25]) قال: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة، فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا، وهكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ونصره ابن جرير .

    وقال عكرمة : (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) قال: معناه: مثل الذي كان بالأمس، وكذا قال الربيع بن أنس وقال مجاهد : يقولون ما أشبهه به، قال ابن جرير : وقال آخرون: بل تأويل ذلك: هذا الذي رزقنا من قبل ثمار الجنة من قبل هذا؛ لشدة مشابهة بعضه بعضاً لقوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25] قال سنيد بن داود : حدثنا شيخ من أهل المصيصة عن الأوزاعي ].

    المصيصة بالتشديد.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء فيأكل منها ].

    والصحفة هي الإناء الذي يوضع فيه الشيء.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم يؤتى بأخرى فيقول: هذا الذي أتينا به من قبل، فتقول الملائكة: كل، فاللون واحد، والطعم مختلف ].

    وسنيد بن داود بن السجزي : اسمه حسين ، وهو ضعيف مع إمامته ومعرفته، لكونه كان يلقن الحجاج بن محمد وسنيد يحتمل أين يكون لقباً.

    وخبره فيه جهالة؛ لأنه حدث عن شيخ من أهل المصيصة مجهول ومبهم، إذاً: فالخبر ضعيف لكنه يتقوى بالآثار الأخرى.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير قال: عشب الجنة الزعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثم يؤتون بمثلها، فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي أتيتمونا آنفاً به، فتقول لهم الولدان: كلوا، فاللون واحد، والطعم مختلف. وهو قول الله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]. وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس عن أبي العالية : وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]قال: يشبه بعضه بعضاً ويختلف في الطعم.

    قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك.

    وقال ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة، في قوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]يعني: في اللون والمرأى، وليس يشتبه في الطعم. وهذا اختيار ابن جرير ].

    وهذا هو الأقرب، فهم يؤتون بأنواع الفواكه والأطعمة، وتتشابه في اللون وتختلف في الطعم واللذة والرائحة، قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل أي: في الجنة. أما القول بأن قوله تعالى: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] يعني: في الدنيا فهو قول مرجوح، فأهل الجنة يؤتون مثلاً بالفواكه والأطعمة اليوم، ثم يؤتون بها غداً، فيقولون: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25]، أي: بالأمس، وذلك أن التشابه موجود في اللون، ولكن الطعم واللذة والرائحة مختلف. نسأل الله الكريم من فضله.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال عكرمة وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25] قال: يشبه ثمر الدنيا، غير أن ثمر الجنة أطيب.

    وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء ].

    فإن في الجنة نخيلاً، وفي الدنيا نخيلاً، وفي الجنة أعناباً وفي الدنيا أعناباً، لكنها تختلف عن بعضها، فنخيل الجنة ليست من الحطب ولا من الخشب، بل من الذهب، وكذلك اللون والطعم والرائحة فإنه مختلف، فقوله: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا في الأسماء، أي: لا يتفقان إلا في الأسماء.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وفي رواية: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، ورواه ابن جرير من رواية الثوري وابن أبي حاتم من رواية الثوري وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25] ] قال: يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا: التفاح بالتفاح، والرمان بالرمان، قالوا في الجنة: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] في الدنيا، وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]، يعرفونه وليس هو مثله في الطعم ].

    إذاً: ففي معنى الآية قولان لأهل العلم:

    القول الأول: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] أي: في الدنيا.

    والقول الثاني: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] أي: في الجنة قبل أمس، وهذا اختيار ابن جرير وهو الأقرب، فالتشابه في اللون، أما الطعم واللذة والرائحة فمختلفة، أما ما في الدنيا فيشبهه في الاسم فقط، وقد انتهى وانتهت الدنيا.

    أقوال أهل العلم في معنى (أزواج مطهرة)

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله تعالى: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [البقرة:25] قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد.

    وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم. وفي رواية عنه: لا حيض ولا كلف ].

    والكلف هو: مرض يكون في الوجه كالصفرة وغيرها، ويحتمل أنها لا كلاف، أي: لا مشقة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وروي عن عطاء والحسن والضحاك وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك.

    وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: المطهرة: التي لا تحيض، قال: وكذلك خلقت حواء عليها السلام، فلما عصت قال الله تعالى: إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة. وهذا غريب ].

    لأنها أكلت من الشجرة، أما نساء أهل الجنة فلا شك أنها مطهرة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني جعفر بن محمد بن حرب وأحمد بن محمد الخوري ].

    في لسان الميزان خوري ، وفي الميزان جوري، فيحتمل أن له نسبتين.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قالا: حدثنا محمد بن عبيد الكندي حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [البقرة:25]، قال: (من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق) هذا حديث غريب. وقد رواه الحاكم في مستدركه عن محمد بن يعقوب عن الحسن بن علي بن عفان عن محمد بن عبيد به، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وهذا الذي ادعاه فيه نظر؛ فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به. قلت: والأظهر أن هذا من كلام قتادة كما تقدم، والله أعلم ].

    قول الحاكم إنه صحيح على شرط الشيخين فيه نظر، فـالحاكم رحمه الله كان متساهلاً، فقد ألف المستدرك على الصحيحين وله فيه أوهام كثيرة، فقد يقول: هذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو موجود في الصحيحين، وأحياناً يقول: على شرط الشيخين، وليس على شرط الشيخين. ولذلك قيل: إنه رحمه الله كتب المستدرك مسودة، وأراد أن ينقحه ويغيره فاخترمته المنية، ولهذا حصل فيه أغلاط كثيرة. أما البزيعي فقد جاء في التقريب أنه عبد الرزاق بن عمر البزيعي بموحدة مفتوحة وزاي، صدوق من العاشرة.

    وهنا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به، فاختلفت فيه أقوال الأئمة، واختار الحافظ أنه صدوق، وقد يكون حاله أقل من هذا؛ لأن الحافظ رحمه الله في التقريب قد لا يوافق في حكمه على بعض الرجال.

    والصواب أن معنى مطهرة أي: مطهرة من البول والغائط والحيض والنفاس.

    اختلاف أهل العلم في حصول الولد في الجنة

    اختلف أهل العلم: هل تكون الولادة في الجنة أو لا تكون؟ على قولين ذكرهما العلامة ابن القيم في الكافية الشافية، فمن العلماء من قال: إنه يكون في الجنة ولادة؛ لما جاء في بعض الأحاديث: أن المؤمن إذا اشتهى الولد كان حمله وفطامه وشبابه في ساعة. وقال آخرون: ليس في الجنة ولد، والأقرب أنه ليس هناك حمل ولا ولادة في الجنة وهو ظاهر الأدلة كما ذكر ابن القيم .

    إن نساء الجنة مطهرة من البول والغائط والحيض والنفاس والنخاع.. إلى آخره، ولو قيل: بأن الجنة فيها ولد فلا يلزم منه الحيض والنفاس فالله تعالى على كل شيء قدير، وقد جاء في بعض الآثار أن الحمل والولادة يكون في ساعة واحدة، وفي قصة الرجل الذي اشتهى الزرع فكان نباته وحصاده في ساعة واحدة أو في لحظات، ولكن أهل الجنة عندهم أولادهم الذين كانوا في الدنيا، وعندهم من الولدان ومن الحور ما يغنيهم.

    يقول تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ [الزخرف:71]؟

    قد لا يشتهون فعندهم ما يكفيهم، كما قال بعض السلف، وقال بعضهم في قوله صلى الله عليه وسلم: (من شرب الخمر لم يشربه في الآخرة): إنه إذا دخلها لا يشربها ولا يشتهيها، والأقرب أن هذا من باب الوعيد، ومن تاب تاب الله عليه.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله تعالى: وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:25] هذا هو تمام السعادة، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع، فلا آخر له ولا انقضاء، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام، والله المسئول أن يحشرنا في زمرتهم، إنه جواد كريم، بر رحيم ].

    إن الدنيا ليس فيها خلود، ولهذا قال بعض السلف: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا نعيماً لا موت فيه. والجنة ليس فيها موت، ولا نوم -لأن النوم أخو الموت- ولا مرض، ولا هموم ولا غموم ولا شيخوخة ولا هرم، بل صحة دائمة وشباب دائم، وسرور دائم. نسأل الله الكريم من فضله.

    إن شيخ الإسلام يرى أن النار لا تفنى، ولكن ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح ذكر أقوالاً لبعض السلف أنها تفنى وكلها ضعيفة، وحملها بعض أهل العلم -على فرض صحتها- على الطبقة التي فيها العصاة فإنها هي التي تفنى، أما طبقة الكفرة فلا تفنى، وذكر في ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل أقوالاً وأطال فيها الكلام وكأنه يميل إلى أنها تفنى، وله قول آخر على أنها تبقى، ويحتمل أن له في المسألة قولان وأنه رجع عن أحد القولين. أما شيخ الإسلام فقد صرح بأبديتها.

    وقد كتب أحد الإخوان رسالة نوقشت ونفى نفياً قاطعاً هذا القول عن الشيخين، لكن ابن القيم كما تقدم قد نقل نقولاً وأيدها بتأييدات تدل على أنه يختار القول بفناء النار، وله مباحث أخرى تدل على أنه لا يختاره، ويحمل على أنهما قولان له كما تقدم، وأنه رجع عن أحد القولين، وهذا هو الأقرب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086784145

    عدد مرات الحفظ

    768908787