إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. شرح الترغيب و الترهيب للمنذرى
  6. شرح الترغيب والترهيب - الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها

شرح الترغيب والترهيب - الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيهاللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من الأهوال التي يلقاها أهل المحشر يوم القيامة أن يدني الله عز وجل منهم الشمس حتى تكون منهم بمقدار ميل، إلا أن الله سبحانه يصطفي منهم ثلة لا يضرهم ما ضر الناس، ولا يسوؤهم ما ساءهم، منهم: رجل قلبه معلق بالمساجد، فلا يكاد يخرج منها إلا اشتاق إليها من جديد، فهو لله ومع الله، وكذلك كان الله معه، وسخر ملائكته لأجله، فيفتقدونه إذا غاب، ويعودونه إذا مرض، ويعينونه إذا احتاج.

    1.   

    حب المسجد والتعلق به صفة من صفات المؤمنين

    الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلى ظله، الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).

    وروى ابن أبي شيبة وابن ماجه وابن خزيمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم).

    وفي رواية: (ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان إلا يتبشبش الله إليه، كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم).

    هذه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها الحافظ المنذري في الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها.

    فالمسلم يحب بيت الله سبحانه وتعالى، وفيه يصلي، وفيه يتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب ربه سبحانه، وفيه يحضر مجالس الذكر، ويقوم لله عز وجل متهجداً، وفيه يحافظ على عمله وسمعه وبصره، ويبتعد عن الملاهي والمعاصي التي تبعده عن الله سبحانه وتعالى.

    فهو مواظب على بيت الله سبحانه، يمضي كثيراً من وقته فيه، فيكون متوطناً في بيت الله سبحانه وتعالى.

    فهذه الأحاديث فيها الترغيب في لزوم المسجد.

    فينبغي على المسلم أن يقسم وقته ما بين نومه وعمله، وعبادته لله سبحانه وتعالى. فيواظب على الصلوات المكتوبات في المساجد، ويواظب على الجلوس في الأوقات المستحبة في بيت الله سبحانه وتعالى، كأيام وليالي الاعتكاف مثلاً، وساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة، وما بين الفجر إلى طلوع الشمس، وآخر وقت صلاة الضحى، وانتظار الصلوات.

    وهناك أوقات خاصة لأهله، حيث لا يجلس الإنسان في المسجد ويترك أهله ويضيعهم، ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول).

    فالمسلم يعمل ويكتسب رزقه حتى ينفق على أهله، فإذا عمل ما عليه وبقي عنده وقت فراغ فبيت الله عز وجل أولى به، فيكون حاضراً لدروس العلم فيه، ذاكراً لله سبحانه وتعالى، فالاجتماع في بيت الله فيه فضل عظيم كما سيأتي في هذه الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    بيان صفات الذين يظلهم الله بظل عرشه يوم القيامة

    جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)، إذ يوم القيامة تدنو الشمس من الرءوس، وهو يوم طويل جداً يقدر بحسابنا كخمسين ألف سنة، فتدنو الشمس من رءوس الخلق فإذا بهم يعرقون عرقاً شديداً، ولا يوجد لهم مكان يختبئون ويحتمون فيه من الشمس، وينجون من العرق الذي يغطي أرجلهم، وقد يغطي رءوس بعضهم، فمن لم يبذل عرقه في الدنيا لله سبحانه وتعالى، يبذله في هذا اليوم العظيم، نسأل الله عز وجل العفو والعافية، وأن يظلنا بظله يوم لا ظل إلا ظله.

    الإمام العادل تحت ظل العرش

    يوم القيامة يظل الله عز وجل سبعة من خلقه في ظله يوم لا ظل إلا ظله منهم: الإمام العادل، أي: الحاكم العادل الذي يحكم بشرع الله عز وجل، فيحكم بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويسير على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، كما كان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وغيرهم ممن اتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسار على منهجه صلوات الله وسلامه عليه.

    الشاب التقي تحت ظل العرش

    الثاني: شاب نشأ في عبادة الله عز وجل، يعني: منذ طفولته وهو يعبد الله سبحانه وتعالى فشب على ذلك، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يحفزنا أن نربي أولادنا على طاعة الله وحسن عبادته فيقول: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع) فإذا أصبح الطفل يفهم ويميز الخطأ من الصواب، الطيب من الخبيث فعلينا أن نعلمه كيف يصلي، وكيف يتوضأ، فإذا نشأ وشب وبلغ كان قد تعلم كيف يصلي وكيف يخاف من الله رب العالمين، فلا يزال على الخير، عابداً لربه سبحانه، خائفاً منه عز وجل؛ لأنه نشأ على حب الحلال، وعلى الخوف من الحرام، وعلى مراقبة الله سبحانه وتعالى، وعلى طاعة الله وعبادته، فهذا يظله الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله. يقول الله تعالى مخاطباً عباده: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]، فالمسلم يقي نفسه وأولاده وأهله هذه النار يوم القيامة، ويقيهم حر الشمس في ذلك اليوم الطويل العظيم، فينشئ أولاده على الفضيلة وعلى طاعة الله عز وجل، وينشئ بناته على حب الله عز وجل، وعلى الحجاب الشرعي، وعلى طاعة الله سبحانه. فاحرص على تربية أولادك وبناتك على طاعة الله سبحانه وتعالى، وعلى الالتزام بدين الله وحفظ كتابه وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه.

    أهل المساجد تحت ظل العرش

    الثالث: قال صلى الله عليه وسلم: (ورجل قلبه معلق في المساجد) والإنسان المؤمن يحب بيته، ويحب بيت الله عز وجل أكثر من حبه لبيته، ففي بيت الله الثواب والأجر، وهو المكان الذي تحفه الملائكة، وتدعو له فيه، وهو المكان الذي يزور فيه ربه سبحانه، وحق على المزور، -وهو الله عز وجل- أن يكرم زائره - وهو هذا الإنسان المصلي - فهو يأتي إلى بيت الله ليقبل على الله وهو محب لبيت الله سبحانه وتعالى، وإذا ذهب إلى عمله فعقله يفكر في الصلاة القادمة وفي وقت ذهابه إلى بيت الله سبحانه وتعالى، ولذلك فهو يستريح في صلاته، وليس من الممكن أن يصل حب أحد لبيت الله إلى حب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يتمثل ويتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم ويأتسي ويقتدي به، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الصلاة: (أرحنا بها يا بلال)، وكان إذا أهمه شيء وضاق صدره بشيء قال لـبلال : (أرحنا بها) فينادي بالصلاة ليستريح بها، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (جعلت قرة عيني في الصلاة)، فقرة العين وطمأنينة القلب وراحة البدن في الصلاة لله سبحانه وتعالى، مع أن الصلاة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم متعبة جداً له، فقد كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه، ولكنه يستشعر حلاوة الطاعة التي تنسيه تورم القدمين وتجعله يواظب على ذلك، صلوات وسلامه عليه. وقوله: (رجل قلبه معلق بالمسجد)، جاء في رواية أخرى: (إذا خرج منه حتى يعود إليه) أي: إذا خرج من المسجد ظل قلبه معلق بالمسجد، حتى يرجع إليه في الصلاة التالية.

    الحب في الله سبب للاستظلال بظل العرش

    الرابع: قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه)، فهذان رجلان كل همهما أن يجتمعا على طاعة الله سبحانه وتعالى، فقد تحابا لا لدنيا، ولا لمنصب، ولا لفائدة -يستفيدها أحدهما من الآخر، فإذا حصل عليهما ترك صاحبه- بل حب أحدهما أخاه؛ لأنه مطيع لله، والآخر أحبه لذلك، فاجتماعهما كان على ذلك، وسواء اجتمعا فتكلما أو لم يتكلما، فهما متحابان في الله، ولعلهما يأتيان إلى المسجد فيصليان ويسلم أحدهما على الآخر ثم ينصرفان، ولكن في قلب كل منهما حب صاحبه على هذه الطاعة في الله سبحانه وتعالى، فاجتماعهما على طاعة الله سبحانه، فإذا تفرقا تفرقا على طاعة الله سبحانه وتعالى.

    العفة عن الزنا عند توفر دواعيه سبب للاستظلال بظل العرش

    الخامس: قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله) فهذا رجل آخر ممن يظلهم الله عز وجل بظله يوم لا ظل إلا ظله، وهو رجل تعرض للفتنة، بأن اعترضته امرأة ذات منصب وجمال، فراودته عن نفسه، فإذا به يعتصم بربه سبحانه، ويستجير به، ويستعيذ بالله منها ومن الشيطان، ويبتعد عن ذلك، يقول: إني أخاف الله. وهذه امرأة ذات منصب وجمال، فمنصبها يجعلها ذات تستقوي على هذا الإنسان وتخيفه بمنصبها، وتدعوه هي إلى نفسها، ومع ذلك يلتجئ إلى ربه ويعتصم به، ويبتعد عن الفتنة، ولا يخاف من منصبها، فالله سبحانه وتعالى يكرم هذا العبد بأن يجعل في قلبه حلاوة الإيمان؛ لأنه ابتعد عن الفتن، ويجعله يوم القيامة ممن يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

    الصدقة الخالصة يوم المحشر

    السادس: قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) وهذا على وجه المبالغة الشديدة بأن يخرج الصدقة من جيبه ويبالغ في إخفائها فلا يراها أحد حتى يعطيها الفقير، والصدقة في السر أفضل، وهذا هو الغالب فيها، وأحياناً قد يكون لها فضيلة في العلانية، وخاصة إذا كانت من زكاة المال، ويرجو إذا أخرجها ودفعها لإنسان أن يقتدي غيره به، لكن الغالب أن الإنسان إذا أخفى صدقته كان هذا أعظم لأجره، ويدخل تحت هذا الحديث.

    جزاء البكاء من خشية الله

    السابع: قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، وهذا رجل ذكر الله خالياً فبكي من خوف الله سبحانه وتعالى. وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) والمعنى: لا تمس النار صاحب هاتين العينين، وهما: عين إنسان جندي يحرس في سبيل الله سبحانه وتعالى، والآخر: إنسان بكى من خوف الله سبحانه.

    والبكاء قد يكون في جماعة، بأن يصلي إنسان مع جماعة فتحدث له رقة وبكاء فيبكى، فهذا مأجور، وقد يكون الإنسان خالياً مع الله -وهو وحده- فيتذكر ربه سبحانه، ويتذكر الحساب يوم القيامة، فيبكي خوفاً من يوم القيامة، فهذا أبعد من الرياء، وهو ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

    1.   

    فضل لزوم المسجد والجلوس فيه

    من الأحاديث الواردة في فضل لزوم المساجد والجلوس فيها: حديث رواه ابن ماجه وابن أبي شيبة وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما توطن رجل المساجد بالصلاة والذكر، إلا تبشبش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب لغائبهم إذا قدم عليهم).

    والتبشبش: هو الفرح بمجيء الغائب، فلو أن قريبك غاب عنك ثم حضر بعد سفر طويل، فإنك ستفرح به وتقبل عليه، ولله المثل الأعلى فالله سبحانه وتعالى يفرح بعبده الذي يتوب إليه ويتوطن بيته.

    وفي رواية أخرى لهذا الحديث: (ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان، إلا يتبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب لغائبهم إذا قدم)، وهنا الإنسان الذي تعود على المسجد، وعلى الصلوات فيه، قد يعرفه أهل المسجد، وقد لا يعرفونه، ولكن يقيناً يعرفه ربه سبحانه، وتعرفه ملائكة الله عز وجل، فإذا غاب هذا الإنسان تفقده الناس، والملائكة أشد افتقاداً له.

    فالله عز وجل يصبر على عبده، فإذا رجع إلى بيته تبشبش إليه وفرح به، وأقبل عليه بفضله وبثوابه وبرحمته سبحانه وتعالى.

    وهنا ضرب لنا مثلاً صلى الله عليه وسلم بالغائب الذي يغيب عن أهله ثم يرجع إليهم، حيث يستقبلونه بالترحاب والفرح والسرور، فالله عز وجل يقبل على عبده كذلك.

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (فشغله أمر أو علة) أي: انشغل بأمر من الأمور فلم يعد يحضر المسجد، أو ألم به مرض من الأمراض فانقطع عن المسجد بسبب مرضه، ثم رجع إلى المسجد إلا أقبل الله عز وجل عليه بفضله ورحمته سبحانه وتعالى وفرح به.

    ومن الأحاديث: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ست مجالس المؤمن ضامن على الله تعالى..) ومعنى: ضامن على الله أي: أن الله يكفيه إذا عاش فيعطيه رزقه، ويكفيه سبحانه وتعالى إذا مات فيعطيه الأجر عنده سبحانه، فهذا ضمان الله عز وجل لهذا العبد.

    وهذه الست هي قوله: (في مسجد جماعة) أي: مواظبة الإنسان على الصلاة في مسجد الجماعة.

    قال: (وعند مريض) أي: عيادة المرضى، فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من عاد مريضاً فهو في مخرفة من مخارف الجنة) يعني: في بستان من بساتين الجنة، (ويستغفر له سبعون ألف ملك) أي: للإنسان الذي يعود مريضاً.

    قال: (أو في جنازة) أي: حضوره جنازة، فإن من حضر جنازة كان له أجر عظيم، وأعطاه الله بركة في رزقه، ورزقه سبحانه وتعالى بذلك، إذ نظرة الإنسان غالباً ما تكون نظرة مادية، فيخاف إن حضر الجنازة أن يضيع عليه رزقه، فهنا يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من حضر الجنازة تكفل الله له برزقه، ولن ينقص من رزقه شيئاً، ومن عاد مريضاً فلن يضيع الله وقته وجهده أبداً.

    قال: (أو عند إمام مقسط يعزره ويوقره) يعني: عند إمام عادل يقوم معه بأمره، ويعينه على طاعة الله، وعلى الحكم بالعدل بين الناس.

    قال: (أو في مشهد جهاد) يعني: في سبيل الله عز وجل.

    وجاء في حديث آخر رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للمساجد أوتاداً الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم، ثم قال: جليس المسجد على ثلاث خصال: أخ مستفاد، أو كلمة حكمة، أو رحمة منتظرة).

    الحديث فيه: أن للمساجد أوتاداً كأنها أصول للمساجد، وكما يقولون: الخيمة لها أوتاد، ولن تقوم إلا بهذه الأوتاد، فكأن المسجد قائم بهؤلاء، ففي المساجد ترى أناساً هم لها أصولاً، وترى آخرين يحضرونها مرة ومرة لا يحضرون.

    فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لنا: المساجد لها أوتاد، ولم يقل: إن كل المسلمين هم أوتادها، إذاً: البعض من الناس هم الأوتاد، وهم المواظبون على الحضور في صلوات الجماعة، والمواظبون على طاعة الله سبحانه وتعالى، المحبون لبيت الله، والمعلقة قلوبهم به.

    وقوله: (الملائكة جلساؤهم)، أي: إذا جلسوا فالملائكة تجلس معهم، وإذا غابوا تفقدهم، وتبحث عنهم. وقوله: (وإن مرضوا عادوهم)، أي: إذا كانوا مرضى فإن الملائكة التي كانت تقعد معهم في بيت الله تذهب إليهم في بيوتهم وتعودهم.

    قال: (وإن كانوا في حاجة أعانوهم).

    ثم قال صلى الله عليه وسلم (جليس المسجد -أي: من يقعد في المسجد- على ثلاثة خصال: أخ مستفاد) أي: يجلس في المسجد فيكسب أخاً في الله سبحانه وتعالى.

    قال: (أو تسمع كلمة حكمة، أو رحمة منتظرة)، أي: تسمع كلمة حق وحكمة، أو تنتظر الصلاة، فعندما تجلس صامتاً تنتظر لصلاة فأنت منتظر لرحمة الله عز وجل.

    نسأل الله سبحانه وتعالى من فضله ورحمته.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم،

    وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765797361