قال الإمام النووي رحمه الله: [ باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا أجره الله تعالى في مصيبته، وأخلف له خيراً منها).
قالت أم سلمة رضي الله عنها: (فلما توفي
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ولد العبد، قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)، رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
ذكرنا في الحديث السابق: أن الإنسان إذا حضر من يحتضر أنه يستحب له أن يلقنه لا إله إلا الله، ولا يمله بذلك، ولا يكثر عليه، فإن وجده تكلم بغير ذلك أعاد عليه مرة ثانية ليذكره أن يقول: لا إله إلا الله، والحاضرون عند الميت إذا قبضت روحه استحب لهم أن يدعوا له ولأنفسهم بالخير، ويحذروا من أن يدعوا على أنفسهم، فإن الملائكة تؤمن على ما يقول الإنسان في هذه الحال، فإذا دعوا على أنفسهم أمنت الملائكة.
ويستحب أيضاً لمن يبتلى بمصيبة من مصائب الدنيا كموت أو غيره أن يقول كما قالت أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اؤجرني في مصيبتي) تعني: أعطني الأجر في هذه المصيبة، (واخلف لي خيراً منها )، وهذا الدعاء علمه صلى الله عليه وسلم لـأم سلمة فدعت به، فكان الذي هو خير من أبي سلمة وهو رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، قالت: (فأخلف الله لي خيراً منه: رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فمن المستحب عند المصيبة أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، تسلية للنفس بذلك قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذه الكلمة ذكرها الله عز وجل في كتابه، فقال: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، ورتب على ذلك الأجر والثواب فقال: أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157].
وقد تلاها عمر رضي الله عنه فقال: (نعم العدلان ونعمت العلاوة).
العدلان هما ما يحملان فوق البعير من أمتعة ويعادل وزنهما بين الجانبين حتى لا يكون شق الجمل مائلاً، والعلاوة ما فوق الاثنين، فقال عمر رضي الله عنه في ثواب الله سبحانه: نعم العدلان ونعمت العلاوة، فأنعم به من شيء ما تفضل الله وتكرم على عبده فأعطاه من هداية ومن فضل منه سبحانه ومن صلاة عليه أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة:157]، فيصلي عليهم ويثني عليهم ويرحمهم ويهديهم سبحانه وتعالى.
قوله: (إنا لله وإنا إليه راجعون)، تأمل هذه الكلمة: فهذا الإنسان قد توفي، وهذه النعمة سلبت وأخذت، وهذا المال قد ضاع، ونحن أيضاً سنلقى نفس المصير (إنا لله)، فنحن ملك لله سبحانه، والله خلقنا وهو يملكنا، ونحن عبيده سبحانه تبارك وتعالى، ثم المرجع إلى الله سبحانه، ولا بد وأن نذوق جميعاً الموت فنرجع إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.
ثم يدعو المصاب والمبتلى بما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها)، ولينتظر الخير من وراء ذلك.
ففي الحديث: أن العبد إذا ابتلاه الله فمات له ولد -ابنه أو ابنته- فالله عز وجل يسأل الملائكة وهو أعلم سبحانه تبارك وتعالى، ويريد أن يباهي بعبده هذا أمام الملائكة، وأن هذا العبد يستحق الرحمة، ويستحق المدح، فأنتم قلتم: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ؟ [البقرة:30]، لكن انظروا ما ردة فعله؟
فالله يسأل الملائكة وهو أعلم سبحانه، يقول: (قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟)، فأغلى شيء عند الإنسان هو ثمرة قلبه وفؤاده، أقبضتموه؟ فتقول الملائكة: نعم. فيقول الله وهو أعلم سبحانه: (فماذا قال عبدي؟) وهو أعلم سبحانه، ولكن أراد سبحانه أن يباهي بعبده هؤلاء الملائكة، فتقول الملائكة لله تبارك وتعالى: (حمدك واسترجع) يعني: قال: الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون، فيقول الله سبحانه تبارك وتعالى: (ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)، وهذا علامة على حمد هذا العبد وعلى صبره، فيجعل الله عز وجل له بيتاً يليق بصبره على هذه المصيبة العصيبة، وليس أي بيت ولكن بيت في الجنة ومن قصور الجنة العظيمة، بل ميزوا هذا البيت بهذه التسمية: بيت الحمد، فمن يحمد الله سبحانه تبارك وتعالى والله يعطيه الأجر العظيم.
فإذا أنعم الله عز وجل على عبد بنعمة فحمده العبد كان هذا الحمد من العبد أحب إلى الله من النعمة التي أعطاها لعبده، وهذا كله من فضل الله سبحانه تبارك وتعالى، وهذه نعمة وهذه نعمة، وكله من الله، فالله هو الذي رزق العبد المال والطعام والشراب والولد والإيمان، وهو الذي وفق العبد لهذه الكلمة، ودله عليها، وهداه إليها، فإذاً نعمتان من الله: نعمة الرزق، ونعمة الحمد.
فالعبد يقول: الحمد لله، فينسب الله عز وجل ذلك للعبد، وإن كان هو صاحب هذا التوفيق سبحانه تبارك وتعالى، ويقول: هذا الذي من العبد أحب إلي من هذه النعمة التي أعطيتها له، فإذا كان الحمد لله سبحانه تبارك وتعالى له هذه المزية العظيمة، فكيف يكون ثواب الحمد ببيت يسمى بيت الحمد عند الله؟!
إن (الحمد إذا قورن بثواب الذكر كان الحمد أعلى في الثواب، فالعبد يقول: سبحان الله، فيؤجر عشرين حسنة، ويقول: الله أكبر، فيؤجر عشرين حسنة، ويقول: الحمد الله، فيؤجر ثلاثين حسنة.
فإذا مات للإنسان ولد أو حبيب وقال: الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون؛ فإن الله عز وجل يجعل لهذا الذي توفي ابنه بيتاً في الجنة ويسميه بيت الحمد، ويباهي الملائكة بهذا العبد الذي حمد الله واسترجع.
فالصفي المقصود به: الذي تحبه وتصطفيه من الناس، سواء كان ابنك، أو أباك، أو أخاك، أو صديقك، أو امرأتك، الصفي هو الذي يقربه الإنسان إلى قلبه، فيحبه ويحزن ويجزع عليه، فإذا قبضه الله تبارك وتعالى وصبر العبد على ذلك.
واحتسب وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فهذا العبد له عند الله الثواب العظيم، فله الجنة، فلا يعطيه مالاً أو رزقاً في الدنيا، فهو يستحق أعظم من ذلك، (ليس له عندي إلا الجنة)، فإذا قورنت جميع أنواع الإثابة من الله عز وجل كان أ عظم ما يكون ما جعله الله في الدار الآخرة، الجنة والنظر إلى وجهه سبحانه تبارك وتعالى ورضاه.
إذا ابتلي الإنسان المؤمن بمصيبة من مصائب الدنيا فليصبر وليتصبر وليتسلى في ذكر الله سبحانه، وذكر صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاء إليه: (ارجع إليها فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب)، أرسل إليها ليعودها على الصبر، فاصبري ولا تنتظري من أحد أن يقف بجوارك، ثم أرسلت إليه تحلف عليه صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليها، فذهب إليها وصبرها بقوله صلى الله عليه وسلم: (لله ما أخذ وله ما أعطى)، فالعطاء من الله، وإذا أخذ الله فقد أخذ ما يملكه سبحانه تبارك وتعالى، فلله كل شيء، فما أخذه فهو له، وما أبقاه أيضاً فهو له سبحانه، وكل شيء عنده بأجل مسمى، والمعنى: كوني موجوداً لن يزيد في عمر هذا الغلام ولن ينقصه، فكل شيء بكتاب وأجل مكتوب عند الله سبحانه تبارك وتعالى، (وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب).
ثم ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وحمل الغلام ونفس الغلام تخرج، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وذرفت عيناه، وتعجب له الصحابة، قالوا: ما هذا يا رسول الله! أنت تنهانا عن النواح على الميت وأنت تبكي عليه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنها رحمة يجعلها الله في قلب من يشاء من عباده)، إذاً: كونه يبكي وتسيل دموعه صلى الله عليه وسلم هذا لا ينافي أنه يصبّر صلى الله عليه وسلم، ويصبر ابنته على ما ابتلاها الله عز وجل به، فالبكاء وحزن القلب لا ينافي الصبر، وإنما الذي ينافيه هو الصراخ والنواح والعويل.
أي: يبكي من غير أن يندب الميت، ويذكر محاسنه، وينوح عليه، ويرفع صوته بالبكاء عليه، فهذا لا يجوز لا من رجال ولا من نساء.
والنياحة محرمة، وقد أتت فيها أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً البكاء على الميت بعضه يدخل في الحرام، وهو البكاء بطريقة النياحة، أو بشيء فيه اعتراض على قضاء الله عز وجل وقدره، وأما البكاء الذي لا يتجاوز دموع العين فلا شيء في ذلك.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا، فقال صلى الله عليه وسلم: (ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلى لسانه)، صلوات الله وسلامه عليه.
عاد النبي صلوات الله وسلامه عليه سعد بن عبادة ، وكأنه أخبر بشيء فبكى صلى الله عليه وسلم، فقالوا له في ذلك، وجاء في حديث أسامة السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الدموع التي سالت على ابن ابنته صلوات الله وسلامه عليه، قال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).
أيضاً: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفنان)، فهذا ابن النبي صلى الله عليه وسلم مات والنبي صلى الله عليه وسلم قد جاوز الستين من عمره صلى الله عليه وسلم، وابنه صغير له ثمانية عشر شهراً أو دون السنتين، فالنبي صلى الله عليه وسلم بكى، وذرفت عيناه، فقال له عبد الرحمن بن عوف : (وأنت يا رسول الله! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا
هذا منه صلوات الله وسلامه عليه بيان أنه رحيم القلب، وأنه يتجلد ويصبر ولكنه لا يمثل عليه الصلاة والسلام، فالإنسان الذي يبكي ليس مطلوباً منه أن نقول له: لا تبك واضحك، فهذا ليس مطلوباً منه في هذا الموقف، وإنما المطلوب أنه لا يجزع، وأن يكون رحيماً، ولكن لا يصل إلى درجة أنه يرفع صوته ويتضجر أو يصرخ على الإنسان المتوفي، إذاً: فتحرم النياحة على الميت من رجال أو نساء.
يعني: أربع خصال مما كان عليها أهل الجاهلية لا تتركها الأمة، والمقصود بعض الأمة أو كثير منهم لن يتركوا ذلك، وهذه من أمور الجاهلية المحرمة.
وكان أهل الجاهلية يذهب الرجل منهم إلى المرأة يواقعها، ويذهب إليها غيره وغيره وغيره، وبعد أن تلد تنسبه إلى من تريد منهم، ولا يستطيع أن ينكر نسبته، ثم لما يكبر الأولاد يشتم بعضهم بعضاً، ويرمي بعضهم بعضاً بما كان معلوماً في الجاهلية.
فيشتم الإنسان الآخر بمثل ذلك، فيكون قد رجع لما كان في الجاهلية، وربما أهل الجاهلية كانوا يعلمون أن فلاناً ليس أباً لفلان فيشتمونه بهذا الشيء، لكن أنت في الإسلام قد حرم الله عليك ذلك، والأصل في المسلم أنه طاهر عفيف، فكيف تستبيح أن تشتم آخر وتطعن في نسبه؟ لا يحل لمسلم أن يصنع ذلك، فهذا من أمر الجاهلية.
والاستسقاء بالنجوم هو: طلب السقيا من النجوم، فلما ينزل النجم الفلاني في المكان الفلاني سيأتي المطر.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب)، فالمرأة النائحة ضعيفة، ومع ذلك لو ناحت تأتي يوم القيامة على هذا الحال، وكذلك الرجل لو ناح فهذه أشد مصيبة، فلما يعبر بالمرأة في الحديث فإن الرجل أشد في ذلك، فالمرأة النائحة تأتي يوم القيامة وعليها سربال، والسربال هو الجلابية التي تلبسها المرأة وتتسربل بها، وهذا السربال يكون من قطران تحترق به يوم القيامة، وهذه المرأة وهي في نار جهنم -والعياذ بالله- يكون سربالها من قطران، وترتدي فوقه رداء من جرب، والجربان لا يطيق نفسه، فيحك جسده في الجدران وفي الأرض وبأظافره، وبأي شيء أمامه، فهذه المرأة النائحة تأتي يوم القيامة على هذه الصورة القذرة تعذب في النار.
روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اثنتان من الناس هما بهم كفر -هذان خصلتان في الناس كفر-: الطعن في النسب، والنياحة على الميت).
وعن أبي هريرة فيما رواه ابن حبان وقال الألباني : إسناده حسن: لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاح أسامة بن زيد رضي الله عنه، أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويحب آل بيته عليه الصلاة والسلام، وقد كان أبوه ابناً للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو وأبوه من أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فـأسامة يظهر المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم فناح على ابنه ورفع صوته بالبكاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس هذا مني) بكى النبي صلى الله عليه وسلم بالدمع، وأما أن ترفع صوتك بالصياح فلا (ليس هذا مني)، وليس بصائح حق، بل هذا الصياح باطل، وقال: (إن القلب ليحزن، والعين تدمع، ولا نغضب الرب) يعني: كون العين تدمع والقلب يحزن فلا تغضب ربك بكلام أو بشيء لا يليق ولا يجوزه الرب سبحانه.
وهذا فيه قصةً وهي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعنه الملعون أبو لؤلؤة المجوسي ما كان من السيدة حفصة رضي الله عنها مع عظيم المصيبة إلا أن رفعت صوتها بالبكاء، فقال عمر رضي الله عنه: يا حفصة ! أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المعوَّل عليه يعذب)، وعول صهيب رضي الله عنه ورفع صوته بالبكاء على عمر رضي الله عنه يقول: وأخاه واصاحباه! فقال عمر : يا صهيب ! أما علمت أن المعول عليه يعذب؟
وفي رواية: (إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه)، وفي رواية: (يعذب في قبره)، وفي رواية: (يوم القيامة بما نيح عليه).
ففيه: أن الإنسان الذي يرفع صوته بالبكاء والصياح والعويل على الميت يتسبب في عذاب الميت في قبره، وفي عذابه يوم القيامة.
والجمهور على أن ذلك في الإنسان الذي يوصي بذلك، أو يعلم من حال أهله أنهم يفعلون ذلك فلا ينهاهم عنه، فهو يعذب؛ لأنه لم ينههم في حياته، وهو يعلم أن ذلك من خصالهم.
فيجب على المسلم أن يوصي أهله بألا ينوحوا عليه ولا على غيره، ويحذرهم من ذلك.
والمحمل الثاني: أن الميت يعذب ويتألم بسبب ذلك، فإذا مات إنسان مؤمن وناحت عليه امرأته، وقد نهاهم عن ذلك فلا عذاب عليه في قبره، ولا في يوم القيامة، ولكن الميت يتألم ببكاء أهله، وبصياح الحي عليه، فيكون هذا عذاباً معنوياً ونفسياً للميت.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر