اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله: [كتاب اللباس.
باب: استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود، وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إلا الحرير.
قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26] .
وقال تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ [النحل:81] .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم) رواه النسائي والحاكم وقال: صحيح.
وعن البراء رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعاً، ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه) متفق عليه].
هذا كتاب آخر من كتب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، ويتكلم فيه عن اللباس، بعدما تكلم عن آداب الطعام والشراب يتكلم هنا عن الثياب التي يلبسها الإنسان، والأدب في ذلك.
قال في الباب الأول: استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر، والأخضر، والأصفر، والأسود.
المعنى: أن أي لون من ألوان الثياب جائز، سواء للرجال أو للنساء، والمستحب الثوب الأبيض، وغيره جائز.
قال: وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف، يعني: أي نوع من الأنواع إلا أن يكون محرماً مثل الحرير يحرم على الرجال، فلا يجوز للرجل أن يلبس ثوب حرير.
والأدلة على ذلك: قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا [الأعراف:26]، الله عز وجل أنزل على العباد ما يلبسونه، والله سبحانه تبارك وتعالى خلق لهم ذلك، فجعل لهم ثمانية أزواج من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، وذكر أننا نستفيد من هذه الأشياء فنأخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين، فالله عز وجل أنزل ذلك وخلقه في الأرض للناس لينتفعوا به.
فالإنزال من عند الله سبحانه تبارك وتعالى، ومجيء الخير من عنده، وهو الذي خلق الإنسان، وهو الذي رزقه سبحانه تبارك وتعالى، ينزل المطر من السماء على الأرض، فيخرج منها الزرع للإنسان من كتان، ومن قطن ونحوهما، أنزل الله من السماء مطراً فأخرج الله عز وجل به النبات للعباد، فكان منه ثياب العباد: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا [الأعراف:26]، الريش والرياش الثياب التي يتجمل بها الإنسان، فقد يواري سوأته بثوب يكون قبيحاً، ولكن الثوب الجميل الذي يتزين به الإنسان هو الريش.
قال: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26] يعني: من وراء ذلك ما هو خير لكم وأفضل لكم مع كونكم تنتفعون بذلك، فلا تنسوا أن الله عز وجل قد أعطاكم ما هو خير وأفضل لكم من ذلك، وهو أن تتجملوا بلباس التقوى فهو زادكم كما قال: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197]، وهو لباسكم الذي تتجملون به، فالإنسان زاده طعامه وشرابه وتقوى الله سبحانه تبارك وتعالى، وإذا عمر ظاهره وباطنه بتقوى لله عز وجل حصل خير مقصود له، وهو جنة الله سبحانه، وإنما ينالها من اتقى الله سبحانه تبارك وتعالى كما قال الله: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا [النبأ:31-32]، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ [القمر:54]، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الحجر:45]، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [الطور:17]؛ فنالوا بتقواهم جنات رب العالمين نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهلها.
وقال سبحانه: وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ [النحل:81] سرابيل: قمص تلبسونها، يلبس الإنسان هذا السربال ويتسربل به الإنسان، ويلبس العباية ويتسربل بها الإنسان.
قال: وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل:81] في الصيف تلبسون ثياباً تقيكم الحر، وفي الشتاء تلبسون ثياباً تقيكم البرد، وتلبسون ثياباً تقيكم بأسكم يعني: تقيكم من أعدائكم، وهو لبس الزرود ولبس الدروع، ولبس الخوذات.
هذا الحديث جاء عن ابن عباس وجاء عن سمرة رضي الله عنهما، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر اللون الأبيض من الثياب قال: (البسوا البياض) واللون الأبيض فيه جمال، وفيه طهارة، حيث إن الثوب الأبيض إذا كان عليه شيء من تراب أو من وسخ أو من نجاسة تظهر فيه، ولذلك عندما تدعو تقول: (اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس) يعني: لا تترك علي خطيئة لا ظاهرة ولا باطنة، حتى لا يكون علي شيء منها يوم القيامة، والثوب الأسود قد يغسله الإنسان وعليه بعض الكدرات فلا تظهر عليه، فيغسل أدنى غسل ويتنظف الثوب، أما الثوب الأبيض فلا بد أن تغسله جداً من أجل ما يبقى عليه أي أثر من الدرن أو الوسخ.
قال: (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم) من السنة تكفين الميت بالكفن الأبيض، ولبس الحي للثوب الأبيض، وعلل الأمر بلبس البياض فقال: (فإنها أطهر وأطيب)، فالثوب الأبيض أطهر للإنسان، فإذا وقع فيه شيء من الوسخ يبدو له فيغسله بسرعة، فهو أطهر وأطيب للإنسان، كما أنه لون جميل.
قال: (وكفنوا فيها موتاكم) الأمر هنا: للرجال والنساء.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى مع أصحابه ومنهم الطويل ومنهم القصير، فالناظر إليهم لا يجد أحداً يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان ربعة من الرجال ومع ذلك كان إذا مشى مع إنسان طويل فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أطول من هذا الذي يمشي معه عليه الصلاة والسلام!
قال: (ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئاً قط أحسن منه) كان أجمل الخلق عليه الصلاة السلام، فنظر إليه البراء بن عازب وهو لابس حلة حمراء، قال بعض العلماء: يعني: كلها حمراء، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فيها لون غير الأحمر؛ لأنه يرى أن لبس الرجل للون الأحمر ممنوع منه، ويحرم على الرجل أن يلبس الثوب الأحمر القاني الذي ليس معه لون آخر.
ودليل ابن القيم رحمه الله على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن المعصفر من الثياب) المعصفر: هو الذي لونه أحمر، والصواب: أن اللون الأحمر ليس محرماً؛ لأنه ثبت في حديث البراء وفي حديث أبي جحيفة أيضاً: أنه لبسه النبي صلى الله عليه وسلم، ومسألة أن فيه لوناً آخر غير الأحمر هذا يحتاج إلى دليل ونقل من اللغة العربية أن البرد لا يكون إلا لونين، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المعصفر يخص الذي صبغ بنبات العصفر، وهو يصبغ لوناً أحمر، فهذا هو الأحمر المحرم دون غيره؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس الأحمر غير المعصفر، فعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم) والأبطح مكان في مكة مأخوذ من البطحاء، والبطحاء الحصباء وهي الحجارة الصغيرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى من مناسك حجه صلى الله عليه وسلم انتقل إلى البطحاء، فهو رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم، والقبة هي الخيمة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وكانت من جلد ولونها أحمر.
قال: (فخرج
قال: (فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه) يعني: كان لابساً عليه الصلاة والسلام لحلة حمراء، وما كانت مجرجرة على الأرض؛ لأنه رأى بياض ساقي النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كانت تخفي الكعبين لما قال: (رأيت ساقيه، فقد كانت حلته صلى الله عليه وسلم مرفوعة عن الكعبين قليلاً بحيث يبدو الساق. قال: فتوضأ وأذن
قال: (ثم ركزت له عنزة) يعني: ركزت للنبي صلى الله عليه وسلم، والعنزة عكازة صغيرة، وكان يحمل العنزة أحد أصحابه عليه الصلاة والسلام، فإذا أراد أن يصلي في صحراء ونحوها ولا توجد له سترة، فكان يركز له العنزة في الأرض.
إذاً: من السنة أن المصلي لا يصلي إلى الفراغ، ولكن يصلي إلى شيء قدامه مثل عمود، أو إنسان جالس أمامه، أو أي شيء يجعله سترة من نحو عكاز ونحوه، فالنبي صلى الله عليه وسلم ركزت له هذه العنزة فتقدم فصلى عليه الصلاة والسلام إليها.
قال: (يمر بين يديه الكلب والحمار ولا يمنعه) يعني: من وراء السترة، فإذا صليت وأمامك سترة ثم مر شيء من أمام السترة فلا شيء في ذلك.
ولماذا قال: (يمر بين يديه الكلب والحمار)؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن مما يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة الحائض، ومعنى يقطع أي: ينقص من صلاة المصلي، فكان يمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من وراء العنزة، فطالما السترة موجودة فلا يضر ما مر من ورائها.
وهذا الحديث متفق عليه.
وعن أبي سعيد عمرو بن حريث رضي الله عنه قال: (كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه) .
وفي رواية: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء) .
الراوي هنا أبو سعيد عمرو بن حريث يقول: (كأني أنظر) والمعنى: أنا ما نسيت هذا، وأنا متخيل كأني أرى النبي صلى الله عليه وسلم أمامي، ومعناه: أنه مستحضر الحال، وهذا دليل على عدم النسيان، فالنبي صلى الله عليه وسلم لبس عمامة سوداء وهو يخطب صلوات الله وسلامه عليه.
(مرحل) مأخوذ من الرحل، والرحل هو الذي يوضع على ظهر البعير مثل الكرسي، ويجلس عليه الجالس، فكان هذا الثوب فيه أعلام، يعني على الثوب رسوم، وهذه الرسوم على هيئة الرحل الذي يوضع فوق ظهر الجمل، وليس هو الذي صنعها، فإما أنه اشترى الثوب، أو أهدي له صلى الله عليه وسلم فلبسه، وفيه دليل على جواز لبس مثل هذه الثياب.
قولها: (من شعر أسود) يعني: هذا الثوب مغزول من شعر أسود.
قال: (فغسل ذراعيه ومسح برأسه)، فهذا دليل على وجوب غسل اليدين إلى المرفقين حتى ولو كان الثوب ضيقاً، فلا يكسل الإنسان ويقول: أنا ما سأرفعه، ولكن يخلع الثوب حتى يستطيع أن يتوضأ أو يرفع الكم حتى يخرج يده فيغسل يديه إلى المرفقين.
قال: (فغسل ذراعيه ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه) وهذا أدب من هذا الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان لابس خفين، وفرق بين خلع النعل والخف، فالنعل سهل الخلع، لكن الخف فحتى يزيله لا بد أن يفك الخف، والمغيرة ظن أنه يجب أن ينزع الخف من أجل أن يغسل رجليه صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان مسافراً، والمسافر له أن يمسح على الخفين طالما أدخل رجليه وهما طاهرتان في الخفين إلى ثلاثة أيام ولياليهن.
قال: (ثم أهويت لأنزع خفيه) يعني: انحنى بسرعة من أجل ألا يمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) وفيه أنه يجوز لك أن تمسح على الخفين بشرط أن تكون قد لبستهما على طهارة كاملة، يعني: توضأت ولبست الخفين.
وفرق بين الخف والنعل، فالخف رقبته عالية تغطي الكعبين وهما العظمان اللذان في جانب الساق.
وكذلك الجورب له نفس حكم الخف، فإذا لبس الجوربين وأحب أن يتوضأ فطالما لبسهما على وضوء فله أن يمسح على الجوربين كما يمسح على الخفين.
قال: (ومسح عليهما) يعني: مسح على الخفين صلى الله عليه وسلم.
فلبس النبي صلى الله عليه وسلم الإزار والرداء، وكذلك كان يلبس القميص، وكان أحب اللباس إليه؛ لأنه أستر فكان يحبه صلى الله عليه وسلم.
ومن لبس القميص لا يجره على الأرض، وكثير من الناس يفعل ذلك حتى بعض المشايخ، ويتقدم يصلي إماماً بالناس وثوبه إلى الأرض! فهذا غير جائز، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن يكون القميص فوق الكعبين ولا يكون دون ذلك.
يعني: إذا كان الإنسان يسبل الثوب فهذا حرام، وإذا كان لا يقصد الإسبال، لبس الثوب وتعاهد ثوبه، ولكنه ارتخى منه فلا شيء عليه.
عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: (كان قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن.
كان كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ، ولم يكن طويلاً يغطي أصابعه، وهذا لا يليق، فيكون كم الإنسان إلى الرسغين فقط.
إذاً: الإنسان الذي يفعل ذلك عجباً واستكباراً، ومن أجل أن يري الناس أنه غني ويمشي وثوبه على الأرض هذا داخل في ذلك، أما إنسان لم يقصد ذلك، مثل أن تشتري ثوباً فعندما لبسته إذا هو يصل إلى الأرض، فأنت معذور حتى تقصر هذا القميص الذي لبسته.
إذاً: هنا فرق بين من تعمد ذلك، واختار أن يجرجر ثوبه على الأرض، وبين من لم يتعمد ذلك، فالأول ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ينظر الله إليه يوم القيامة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً) البطر فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه غمط الحق واحتقار الناس، فيضيع حقوق الناس، ويكون مستكبراً على الخلق.
وفي حديث آخر: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) وليس الإزار هو الذي سيدخل النار، ولكن الذي سيدخل النار صاحب الإزار الذي تعمد ذلك، يلبس قميصاً أو بنطلوناً مجرجراً على الأرض، ويغضب إذا قيل له: ارفع البنطلون إلى فوق الكعب، ويمشي متابعاً الموضة، وإذا انعكس الأمر وكانت الموضة أن يمشي لابساً بنطلوناً قصيراً؛ يمشي به في الشارع! ولا يغضب إلا إذا ألقيت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يأمرك بكذا أو ينهاك عن كذا!
إذاً: أحد الثلاثة الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم المسبل.
والثاني المنان وهو: الذي يمن على الناس، يعطي ثم يمن، يهب ثم يمن، يزجي معروفاً ثم يمن بهذا الشيء.
إذاً: المنان الذي يمن على الخلق بذلك، وكأنه صار خلقاً له، كلما يعمل معروفاً يمن به، فهو يستحق هذه العقوبة من الله عز وجل، فاحذر أن تعمل معروفاً لإنسان ثم تمن عليه بهذا المعروف الذي أسديته له.
والثالث المنفق سلعته بالحلف الكاذب، إذا كانت السلعة لم يشترها أحد يروج لهذه السلعة بالحلف، فيحلف ويقول: والله إني اشتريها بكذا وأبيع بأرخص، وفيها كذا من أشياء غير موجودة فيها، فيمدح السلعة بالكذب، ويقسم على ذلك، وهو كذاب يريد أن يروج السلعة بالحلف الكاذب، فهو من هؤلاء الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
نسأل الله عز وجل العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر