اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
قال الإمام النووي رحمه الله: [ باب استحباب الأكل بثلاث أصابع، واستحباب لعق الأصابع وكراهة مسحها قبل لعقها، واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة التي تسقط منه وأكلها، ومسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرهما.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يلعقها) متفق عليه.
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع فإذا فرغ لعقها) رواه مسلم .
وعن جابر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة) رواه مسلم.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة) رواه مسلم].
هذا باب آخر من أبواب آداب الطعام ذكر فيه الإمام النووي جملة من الآداب، منها:
استحباب الأكل بثلاث أصابع، واستحباب لعق الأصابع، فالإنسان بعد الانتهاء من أكله لو بقي شيء من الإدام في أصابعه فإنه يلحسها بلسانه.
وكراهة مسحها قبل لعقها وهذا فعل الإنسان المترف المستغني فإنه بعد ما أكل يمسح يده في فوطة أو في شيء وما زال عليها بقايا من الأكل.
واستحباب لعق القصعة فإذا أكلت طعاماً فليكن الطعام في الطبق أو الصحن الذي تأكل فيه، فإذا انتهيت فالعق ما تبقى في الصحن من الإدام الباقي لعلة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخذ اللقمة التي تسقط منه وأكلها، وجواز مسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرهما، فإذا سقطت على الإنسان اللقمة على الأرض فالمستحب أنه يأخذها ولا يتركها، وكذلك إذا انتهى من طعامه وبقي شيء بعد ما لعق يده جاز أن يمس يده في يده الأخرى إذا لم يجد ماء ومناديل يمسح بها، فعلى ذلك جاز مسح يده في يده الأخرى أو في ساعده أو في رجله.
والدين الإسلام دين عظيم، ودين فيه يسر، والإنسان الناظر إلى هذا الدين يجد فيه الذوقيات والأخلاق العظيمة الراقية، ومراعاة الجميع الغني والفقير، ومراعاة الأحوال، فقد تكون غنياً اليوم وفقيراً غداً فراع النعمة التي منحك الله سبحانه تبارك وتعالى، وحافظ عليها، وتأدب بآداب تنفعك في وقت غناك وفي وقت فقرك.
فهنا يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم المحافظة على نعمة الله سبحانه، فالمحافظ على النعمة جدير أن يحفظه الله عز وجل وأن يحفظ له النعمة التي في يده.
ولو زالت عنك هذه النعمة لا تلوم نفسك بأنه كانت عندي النعمة، وكنت أستكبر وأقعد آكل وأنا مضايق وآكل وأنا شبعان، وأرمي الأكل وإذا وقع مني ما يهمني، والآن أنا محتاج لهذا الشيء! ما تضيع النعم حتى لا تندم يوماً من الأيام على ما فاتك من نعم الله سبحانه أو على تقصيره في شأن هذه النعم.
والإنسان إما غني واجد، أو فقير فاقد، فعد نفسك أنك اليوم واجد، وغداً فاقد، فاعمل لهذا اليوم الذي سيأتي، تأدب بالأدب مع الله عز وجل ومع الخلق، فاليوم أنت موظف وغداً قد تفقد الوظيفة.
وعامل الخلق المعاملة التي سيدوم لك أثرها بعد ذلك من أنك في حياتك محبوب عند الناس وبعد وفاتك يدعون لك، كذلك مع نعم الله سبحانه، فحافظ على النعمة، فالنعمة موجودة فكل واشرب ولا تسرف، وتعود الآداب التي علمتك الشريعة كيف تصنع معها.
فنحن تركنا الآداب الشرعية وبدأنا ننظر للذوقيات الذي اخترعها الأجانب وإن كانوا قد يأخذون هذه الذوقيات من ديننا ومن أفعال النبي صلوات الله وسلامه عليه، فنحبها بعد ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها؛ ولأن الغرب أخذوا بها وعملوا بها فنعمل بها! فالأولى أن نعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم اتساءً واقتداء به صلى الله عليه وسلم، لنؤجر على هذا الشيء في اقتدائنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وليحفظ الله لنا هذه النعم التي معنا.
حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت فيها ضيق وشدة، فكان يجد أحياناً وكثيراً لا يجد عليه الصلاة والسلام، وليس وحده بل وأصحابه كذلك قد يجدون أياماً وقد لا يجدون.
ويخرج النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من شدة الجوع وقد عصب الحجر على بطنه عليه الصلاة والسلام، فيمشي في الطريق حتى لا يشعر بالجوع، بل كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة، وأعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع).
والإنسان الجائع لا يستطيع أن ينام من شدة الجوع، وحين يأتي علينا شهر رمضان ونجوع في النهار فإننا نهرب من الجوع بالنوم، أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان يتخلص من الجوع بالمشي؛ لأنه غير قادر أن ينام من شدة الجوع، فيمشي في الطريق عليه الصلاة والسلام، وقد يجد من كبار أصحابه من حالهم كحاله صلوات الله وسلامه عليه كـأبي بكر ، وعمر رضي الله عنه.
فهو عليه الصلاة والسلام يعلم المؤمنين أن يتذكروا أنهم في يوم من الأيام قد جاعوا فلا يبطروا بالطعام بأن يأكلوا ويتركوا أكلاً قليلاً في آخر الطعام، فإن البركة تنزل في الطعام، ولا يدرون في أي طعامهم البركة.
وقد تكون هذه البركة في آخر جزء من طعامك الذي رميته في كل ذرة من ذرات طعامك قد تكون فيما تركت.
فحين تغرف لنفسك الطعام اغرف على قدر ما أنت آكله بحيث تأكل جميع ما في الصحن ولا تترك شيئاً بعد ذلك لئلا تضيع منك بركة هذا الطعام.
وقد تكون البركة في كمية قليلة جداً في الشيء الذي بقي على يدك، فالعق أصابع يدك بعد الطعام ولا تمسحها بالمنديل فيتوسخ، وبعد لعقها امسح بالمنديل أو اغسل يديك.
فتعلم أدب الطعام من النبي صلى الله عليه وسلم في كل أحوالك، فهذه عادة المسلم في كل وقت، فهي ملزمة للمسلم، فيعود نفسه ويربيها بأدب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فيفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا يفعل أفعال المستكبرين.
فهذه آداب إسلامية من عندنا وليست من عندهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع صلوات الله وسلامه عليه، فإذا فرغ من طعامه لحسها أو لعقها صلوات الله وسلامه عليه، وكان لا يأكل متكئاً، وكان الصحابة يتأسون به فيفعلون مثل فعله، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].
فيعلمك النبي صلى الله عليه وسلم أن تلعق أصابعك بعد الأكل؛ لأن البركة قد تكون في هذا الشيء الباقي الذي أنت ستغسله أو ستمسحه أو سترميه، كذلك الصحن الذي أمامك العق آخر لقمة فيه وكلها فلعل أن يكون فيها البركة فتنال من بركة رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى.
اللقمة التي وقعت من الإنسان إما أن تقع في مكان نظيف أو في مكان فيه تراب أو شيء آخر، فإذا وقعت في مكان نظيف فخذها وكلها مرة ثانية، وإن وقعت في مكان فيه أذى فأمطه وإذا لم يمكن إماطة الأذى منها فاتركها.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يدعها للشيطان)، فالذي يترك الطعام الواقع منه فكأنما يترك تلك اللقمة للشيطان، وكأنه يدعو الشيطان ليأكل معه، فتضيع البركة لإنه ترك الشيطان يأكل معه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ولا يمسح يده بالمنديل)، المنديل من المندلة والتمندل بمعنى: إزالة الوسخ، فالمنديل يعني: الشيء الذي تزيل به الوسخ عن يدك أو جسدك، فالمنديل كلمة عربية.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة).
فيأكل الطعام الذي أمامه ولا يترك منه شيئاً للشيطان إذا وقع منه، فإذا كان لم يصبه أذى أخذه فأكله، وإذا أصابه أذى أماط عنه الأذى وأكل الباقي ولا يترك منه شيئاً للشيطان فإنه لا يدري في أي طعامه البركة.
وفي حديث آخر أيضاً عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما كان بها من أذى)، كأن حرباً بينك وبين الشيطان مباشرة في بيتك، وفي مسجدك، وفي صلاتك، وعند وضع طعامك، وعند أخذ شرابك، وعند نومك، فالشيطان يحاربك لكي يمنعك من طاعة الله سبحانه تبارك وتعالى، وأنت لا ترى ذلك والذي يرى ذلك هو الله سبحانه تبارك وتعالى، ويعلمك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن تحذر من الشيطان فإنه واقف لك بالمرصاد فلا تضيع بركة الطعام، فإن الشيطان منتظر للقمة التي ستقع لكي يأخذها، فلا تتعود أن ترمي ما تبقى من الطعام فإن هذا فعل المتكبرين وفعل الأغنياء المترفين.
فأنت لا تدري كيف يأتي عليك الزمان فأنت الآن واجد للطعام، لكن قد يأتي عليك زمان لا تجد هذا الشيء، وجرب هذا الأمر الذين دخلوا السجون ووضعوا لهم الأكل ليأكلوا غصباً عنهم، وقد يؤتى لهم في اليوم برغيفين أو بثلاثة أرغفة محروقة!
وقد يوضع الطعام في صحن ثم يسكب على الأرض ثم يأكلونه وهو على الأرض!
فرب نفسك على الأدب الشرعي الذي علمك النبي صلى الله عليه وسلم فلا تضيع نعمة ربنا، فأنت اليوم واجد وغداً لا تجد، واشكر نعمة الله عز وجل عليك، فقد تكون غنياً ثم يحال بينك وبين مالك فلا تقدر أنْ تتصرف في هذا المال.
وبعض الصحفيين المصريين تكلموا عن اليابانيين بأنهم بخلاء جداً، وذلك لما رأوا مجموعة من اليابانيين الذين هم من أغنى الناس في العالم، ولكن تربوا على آداب معينة، فوضع أمامهم الدجاج فأكلوها مع عظامها! فاستهزءوا بهم، فلماذا لم تتكلموا على الذي يرمي نصف الطعام في القمامة؟!
فارجع لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فما قال لك: كل العظم، ولكن قال لك: كل الشيء الطيب وخذ على قدر ما تأكله ثلث لطعامك، وثلث لشرابك، وثلث لنفسك.
وهذا الذي تأكله من الطعام لا ترميه ولا تضيعه ولا تبطر فيه، فكل منه ما اشتهيت، ودع منه ما لا تشتهيه، وإذا أكلت فكل بهذه الآداب التي يذكرها صلى الله عليه وسلم.
ويقول أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث).
وقال: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها وليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان)، ومعنى يمط أي: يزيل.
وأمرنا أن نسلت ما تبقى في الصحن من الإدام ولا نرمه، فإما أن نأكله وإما أن نطعم غيرنا كجار محتاج أو حيوان يأكله، فلا نرم طعاماً طالما أنه صالح لأن يؤكل.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يدعها للشيطان)، فالذي يترك الطعام الواقع منه فكأنما يترك تلك اللقمة للشيطان، وكأنه يدعو الشيطان ليأكل معه، فتضيع البركة لإنه ترك الشيطان يأكل معه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (ولا يمسح يده بالمنديل)، المنديل من المندلة والتمندل بمعنى: إزالة الوسخ، فالمنديل يعني: الشيء الذي تزيل به الوسخ عن يدك أو جسدك، فالمنديل كلمة عربية.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة).
فيأكل الطعام الذي أمامه ولا يترك منه شيئاً للشيطان إذا وقع منه، فإذا كان لم يصبه أذى أخذه فأكله، وإذا أصابه أذى أماط عنه الأذى وأكل الباقي ولا يترك منه شيئاً للشيطان فإنه لا يدري في أي طعامه البركة.
وحديث آخر أيضاً لـجابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما كان بها من أذى)، كأن حرباً بينك وبين الشيطان مباشرة في بيتك، وفي مسجدك، وفي صلاتك، وعند وضع طعامك، وعند أخذ شرابك، وعند نومك فالشيطان يحاربك لكي يمنعك من طاعة الله سبحانه تبارك وتعالى، وأنت لا ترى ذلك والذي يرى ذلك هو الله سبحانه تبارك وتعالى، ويعلمك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أن تحذر من الشيطان فإنه واقف لك بالمرصاد فلا تضيع بركة الطعام، فإن الشيطان منتظر للقمة التي ستقع لكي يأخذها.
فلا تتعود أن ترمي ما تبقى من الطعام فإن هذا فعل المتكبرين وفعل الأغنياء المترفين.
فأنت لا تدري كيف يأتي عليك الزمان فأنت الآن واجد للطعام، لكن قد يأتي عليك زمان فلا تجد هذا الشيء، جرب هذا الأمر في الذين دخلوا السجون ووضعوا لهم الأكل ليأكلو غصباً عنهم، وقد يؤتى لهم في اليوم برغيفين أو بثلاث أرغفة محروقة.
وقد يوضع الطعام في صحن ثم يسكب على الأرض ثم يأكلونه وهو على الأرض.
فرب نفسك على الأدب الشرعي الذي علمك النبي صلى الله عليه وسلم فلا تضيع نعمة ربنا، فأنت اليوم واجد وغداً لا تجد، واشكر نعمة الله عز وجل عليك، فقد تكون غنياً ثم يحال بينك وبين مالك فلا تقدر أنْ تتصرف في هذا المال.
وبعض الصحفيين المصريين الذين تكلموا عن اليابانيين بأنهم بخلاء جداً، وذلك لما رأوا مجموعة من اليابانيين الأغنياء الذين هم من أغنى الناس في العالم، ولكن تربوا على آداب معينة فوضع أمامهم الدجاج فأكلوها مع عظامها فاستهزءوا بهم، فلماذا لم تتكلموا على الذي يرمي نصف الطعام في القمامة؟
فارجع لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فما قال لك كل العظم، ولكن قال لك كل الشيء الطيب وخذ على قدر ما تأكله ثلث لطعامك، وثلث لشرابك، وثلث لنفسك.
وهذا الذي تأكله من الطعام لا ترميه ولا تضيعه ولا تبطر فيه، فكل منه ما اشتهيت، ودع منه ما لا تشتهيه، وإذا أكلت فكل بهذه الآداب التي يذكرها صلى الله عليه وسلم.
ويقول أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاثة).
وقال: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها وليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان)، ومعنى يمط أي: يزيل.
وأمرنا أن نسلت ما تبقى في الصحن من الإدام ولا نومه، فإما نأكله وإما نطعم غيرنا كجار محتاج أو حيوان يأكله، فلا نوم طعاماً طالما أنه صالح لأن يؤكل.
وقد كان الحكم الشرعي أن ما مسته النار يجب فيه الوضوء ونسخ هذا الحكم، وكان الأمر في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم عدم الوضوء مما مسته النار.
وسأل سعيد بن الحارث جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الوضوء مما مست النار فقال: قد كنا زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك الطعام إلا قليلاً، الطبيخ الذي يوضع تضعوه على النار والخبز فإذا وجدناه لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، يعني: ما كان كلهم كان معهم مناديل إلا القليل منهم، ولم يكن عندهم.
الماء الكثير، وكانوا يستعذبون للنبي صلى الله عليه وسلم ماء من بعض الآبار البعيده عن المدينة والتي فيها مياه عذبة طيبة، وكان يدخل إلى بستان لـأبي طلحة رضي الله عنه به ماء عذب يشرب منه النبي صلوات الله وسلامه عليه.
فالمياه التي يغسلوا فيها أيديهم كانت قليلة، فلم يجدوا ماء يغسلوا فيها أيديهم، فمن انتهى من الأكل لحس يده ثم مسح اليدين بعضها مع بعض أو مسح يده في المنديل، ثم يصلي ولا يتوضأ.
فالدين يكون لجميع الناس لمن يجد ولمن لا يجد، ويعلم الجميع الاقتصاد وأداء العبادة.
وسأل سعيد بن الحارث جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الوضوء مما مست النار فقال: قد كنا زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك الطعام إلا قليلاً، الطبيخ الذي يوضع تضعوه على النار والخبز فإذا وجدناه لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، يعني: ما كان كلهم كان معهم مناديل إلا القليل منهم، ولم يكن عندهم، الماء الكثير، وكانوا يستعذبون للنبي صلى الله عليه وسلم ماء من بعض الآبار البعيدة عن المدينة والتي فيها مياه عذبة طيبة، وكان يدخل إلى بستان لـأبي طلحة رضي الله عنه به ماء عذب يشرب منه النبي صلوات الله وسلامه عليه.
فالمياه التي يغسلوا فيها أيديهم كانت قليلة، فلم يجدوا ماء يغسلوا فيها أيديهم، فمن انتهى من الأكل لحس يده ثم مسح اليدين بعضها مع بعض أو مسح يده في المنديل، ثم يصلي ولا يتوضأ.
فالدين يكون لجميع الناس لمن يجد ولمن لا يجد، ويعلم الجميع الاقتصاد وأداء العبادة.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: [ باب تكثير الأيدي على الطعام.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة) متفق عليه.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية). رواه مسلم .
فالحديثان يدلان على أن طعام الواحد يكفي الاثنين، فإذا كنت ستأكل ببطن كاملة فكل بنصف بطن واترك النصف الآخر لزميلك، وسيكفي لكما وستبيتان وأنتما لستما جائعين.
والثلاثة سيأكلون من طعام اثنين وما يشعروا بفرق كبير، وطعام الثلاثة كافي الأربعة.
وفرق بين من يأكل نصف طعامه، أو ثلاثة أرباع طعامه أو ثلثي طعامه بحسب الحاجة الموجودة، فالطعام لو كان قليلاً فإن فيه بركة، فلو قل ثلثه أو نصفه فإنه سيكفيك، فعود نفسك على أن تأكل ما تجد، وإذا وجدت محتاجاً ادعه ليأكل معك فتنتفع وينتفع وما تتأثر وستأخذ ثواباً من الله سبحانه تبارك وتعالى، فالدين ما ترك شيئاً إلا وتكلم فيه ودلنا على الخير من ورائه.
وتسمي الله سبحانه تبارك وتعالى عند الطعام.
ومن أدب الطعام أن الإنسان لا يجمع بين فاكهتين في آن واحد، ولكن يأخذ واحدة واحدة.
كذلك يحمد ربه في آخر الطعام، وألا يأكل حتى يمتلئ جوفه فإن هذا تعب على الإنسان.
ولعله في البداية لا يستشعر بهذا التعب وهذه أشياء تراكمية عليه، فتتراكم حتى يستشعر الإنسان بالآلام وبالتعب في المعدة أو في الاثني عشر أو في القولون أو في قلبه بسبب كثرة ما يأكل من طعام.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه)، فثلث المعدة اجعلها لأكلك، والثلث الثاني للشراب، والثلث الثالث للنفس.
فلو أن الإنسان ملأ معدته، فإنها تضغط على الحجاب الحاجز فيضغط على الرئة فيصعب عليه التنفس؛ فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الشراب ثلاثاً) متفق عليه].
يعني: في أثناء شرابه كان يتنفس خارج الإناء ثلاثاً أي: يشرب قليلاً من الماء ثم يبعد الإناء عن فمه ويتنفس، ثم يرجع الإناء مرة ثانية ويكمل شرابه ثم يتنفس خارج الإناء ثم يشرب للمرة الثالثة، فلو أنه مسك الإناء ووضعه على فمه وشربه دفعة واحدة؛ لأنه قد يكون عطشان عطشاً شديداً، فتنفس فيه فالذي يشرب من بعده قد يتقذر منه فيمتنع من الشرب وقد يكون الماء قليلاً، وقد يكون الإنسان في سفر مع أناس ومعه ماء قليل فيجب عليه أن يسقيهم إذا كانوا عطشى لئلا يموتوا من العطش.
فعلمك النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تقذر الناس في الشرب، فلا تتنفس في الإناء حتى لا تؤذي غيرك بهذا الذي فعلته.
وهذا أدب طبي عظيم جداً أنك لا تتنفس في الإناء، فإن نفس الإنسان قد يكون فيه جراثيم عظيمة تؤذي غيره، وقد لا تكون تؤذيه، وقد يكون حاملاً لمرض من الأمراض غير متأثر به، فإذا نزل في الإناء شرب غيره فتأثر غيره بهذا الشيء لضعف مناعته.
وسم الله سبحانه تبارك وتعالى عند الشرب فقل: باسم الله.
والحديث إسناده ضعيف ولكن معناه صحيح كما في الأحاديث الأخرى عنه صلى الله عليه وسلم الذي فيها الأمر بتسمية الله عز وجل عند البدء في الطعام وغيره، كذلك الحمد عند الانتهاء منه.
وعن أبي قتادة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء) متفق عليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء حتى لا يقذر الماء، وأحياناً بعض الناس تكون رائحة فمه غير طيبة خلقة، أو بمرض موجود في فمه أو في رئتيه ونحو ذلك، فإذا تنفس في الإناء فغيره يشرب فيشم رائحة قذرة فيفضل أنه يبقى عطشان ولا يشرب أبداً.
اللبن كان قليلاً فزيد عليه ماء، إما لقلة اللبن أو لتبريده وخلط اللبن بالماء جائز للشرب والتهادي وليس للبيع.
وجلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي وعن شماله أبو بكر الصديق ، ولا شك أن أبا بكر الصديق أفضل من الأعرابي ومن كل الخلق إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يعط النبي صلى الله عليه وسلم هذا اللبن لـأبي بكر لأنه عن شماله، فالأدب إذا كان معك شيء وتريد أن تهديه لشخصين فابدأ بمن عن يمينك ثم بمن عن شمالك.
فيعلمنا أدباً آخر وهو: أنه إذا كان على اليمين طفل صغير فليعط الذي عن الشمال بعد ما يستأذن هذا الصغير، والأفضل للطفل الصغير أن يقدم الكبار على نفسه ليعتاد احترام الكبار.
ولكن ابن عباس لم يفعل ذلك لعلة أخرى وهو أنه يريد أن يتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم.
فرفضه لذلك ليس من عدم إجلاله لـأبي بكر وغيره، ولكن ليتبرك بأثر فم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الإناء.
وهذا بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن عباس: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)، فكان فقيهاً رضي الله عنه وعنده فهم وعلم وحكمة رضي الله عنه، وهذا من أثر النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال رضي الله تبارك وتعالى عنه: (لا والله! لا أوثر بنصيبي منك أحداً).
والمفهوم من هذا الأثر عن ابن عباس : أنه لو كان هذا من غيرك فلا بأس بالإيثار، قال: (فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده) أي: وضعه في يده.
فإذا أردت أن تشرب فافعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فسم الله تعالى في بداية الشرب وإذا انتهيت من طعامك أو من شرابك فاحمد الله سبحانه تبارك وتعالى، والله يرضى عن عبده إذا حمده على الطعام وعلى الشراب.
بل إنه إذا أنعم عليك نعمة فحمدت الله سبحانه وشكرته على هذه النعمة كان حمدك له وشكرك له أحب إليه من هذه النعمة التي أعطاك، فيدعك على ذلك الفضل ويحب منك ذلك ويجعل لك ذلك ذخراً.
نسأل الله عز وجل أن يعلمنا ديننا، وأن يفقهنا فيه، وأن يجعلنا نقتدي بالنبي صلوات الله وسلامه عليه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر