إسلام ويب

شرح رياض الصالحين - الاستخارة والمشاورةللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد قرر الإسلام في عدد من الآيات والأحاديث مبدأ: ما خاب من استخار ولا خسر من استشار، فبهذين الأمرين يكون الإنسان مطمئن النفس سالي الخاطر قرير العين، والخيرة فيما اختاره الله.

    1.   

    ما جاء في الاستخارة والمشاورة

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الإمام النووي رحمه الله: [ باب الاستخارة والمشاورة.

    قال الله تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159] وقال تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38] أي: يتشاورون بينهم فيه.

    وعن جابر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته) رواه البخاري ].

    باب آخر من كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمة الله عليه يذكر فيه الاستخارة والمشاورة، والاستخارة على وزن استفعال أي: طلب شيء، فهنا استخار أي: طلب الخير واستدعاه، والمشاورة على صيغة مفاعلة وتكون في مجموعة بين اثنين فما فوقهما، وهي بمعنى طلب الشورى ممن حوله من أهل الخبرة ومن أهل العلم والصلاح، فيطلب رأيه في الأمر الذي يريد أن يفعله، وكذا ينبغي أن يكون المؤمن، فعليه أن يستخير ويستشير، فيستخير ربه سبحانه بأن يطلب منه تقدير الخير له وإرشاده إليه، ويستشير بأن يطلب من الناس آراءهم.

    فالله عز وجل أمرك بالاثنين فقال في المؤمنين مادحاً لهم: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38]، فأمر المؤمنين فيه مشاورة، ولا يوجد أحد يستبد برأيه عن الباقين ولكن يستشير الإنسان في قراره أو فيما يريد تدبيره من أمره، ويستشير أهل العلم والصلاح والتقوى وأهل الخبرة في المسألة التي يريد عملها.

    فالمؤمنون أمرهم شورى بينهم، وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159]، أمره الله بذلك مع أنه المؤيد بالوحي من السماء عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن رأيه فوق آرائهم صلوات الله وسلامه عليه، ولكن الله يقرر مبدأً من المبادئ العظيمة وهو مبدأ الشورى، فلو كان كل أمر منه صلى الله عليه وسلم يعطي رأيه فيه دون استشارة، لكان الأمر على من بعده صعباً.

    فلو جاء بعده خليفة أو أمير لقالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم في الأمر ويعطي رأيه وينفذ دون استشارة، فأنا أيضاً الملك أفعل هذا الشيء، فبدأ الله عز وجل بنبيه عليه الصلاة والسلام وأمره بالمشاورة بقوله: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159]، فكان يستشيرهم وينزل على رأيهم حتى وإن خالف رأيهم رأيه صلى الله عليه وسلم، فطالما اجتمعوا على شيء وكانت الأكثرية في رأيهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بآرائهم ويعمل بقولهم، وقد يكون الرأي الذي يراه الأكثرون ليس هو الذي يراه النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك يترك رأيه ويأخذ آراءهم ليعلِّم من بعده عليه الصلاة والسلام.

    وينبغي على المؤمنين أن يكون أمرهم شورى، فالشورى تجعل في الرأي أكثر من عقل واحد، فالإنسان المؤمن يتعلم من القرآن أن استشر من حولك من أهل الخبرة وإذا بلغت برأيك الصواب مرة، فلن تصيب كل مرة.

    وفي المشاورة تنقيح الآراء، انظر إلى إنسان يؤلف كتاباً مثلاً ويظن أنه أبدع في الكتاب، وعندما يراجع كتابه بنفسه يجد أشياء أخرى غفل عنها، وبالآراء يجد أموراً غفل عنها ونسيها؛ لذلك لا تحتقر آراء الرجال ولا تحتقر آراء الآخرين، بل خذ بآرائهم وانظر فيها حتى ولو لم تعمل بها، لكن قد تنفعك بعض آرائهم في يوم من الأيام، وهذا مبدأ الشورى الذي علمه لعبادة المؤمنين، فيتواضع الإنسان ويتجنب التهور.

    وعلى الإنسان أنه كما يحسن الظن بنفسه أن يحسن الظن في غيره؛ لذلك تجد العلماء حين يؤلفون كتبهم كالإمام الشافعي يؤلفه ثم يعطيه للبعض ويقول: خذ هذا الكتاب وأنا أعلم أن فيه أخطاء فأصلحها وأنا لا أعرف مكانها! كيف لا تعرف مكانها وأنت تقول: أعرف أن فيه أخطاء؟ قال: مستدلاً بكتاب الله وما أجمل ما يستدل به الإمام الشافعي من الكتاب والسنة، فقد كان عالماً عظيماً فقيهاً إماماً رضي الله تبارك وتعالى عنه، توفي وعمره أربع وخمسون سنة، ووصل إلى العلم الذي لم يصل إليه إلا الندرة من العلماء أمثاله من الأئمة رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، يقول رحمه الله: قال الله عز وجل في كتابه: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82]، فأي كتاب من عند غير الله لابد أن يكون فيه خلاف، ولابد أن يكون فيه خطأ، فالذي يؤلف شيئاً لا يمكن أن يكون كله صواباً، وهذه من طبيعة البشر، فلابد من الخطأ فهو مقتضى البشرية، ولذلك قال الشافعي رحمه الله ذلك.

    فعندما يستشير الإنسان غيره فهم يدلونه على أخطاء نفسه، وهو بذلك يمحص كتابه ورأيه ويستفيد من آراء غيره من الناس، لذلك قالوا: ما خاب من استشار، لا يخيب الإنسان الذي يشاور غيره، إن وصل للصواب في مسألة وعمل بما قالوه، فوجد النتيجة حسنة فرح بهذا الشيء، وإذا وجد النتيجة على غير ما توقعه فلا يلوم إلا نفسه.

    وهذا الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من هو رحمة الله عليه يذكر في آخر حياته أنه لو استقبل من أمره ما استدبر ما كان ألف هذه الكتب، وأنه وجد في كتبه أخطاء كثيرة، فقد ألف وصنف كثيراً ولكن في نهاية الأمر راجع نفسه، وعلم أن هناك أشياء تحتاج لتنقيح، ولعله تسرع في بعض المسائل، هذا وهو أمير من أمراء المؤمنين في علم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعالم من علماء المسلمين!

    فالغرض أن كل إنسان في نفسه أشياء صحيحة وأشياء قد تكون خلاف الصحيح، فحين يقدم على الشيء وحده لعله يندم في يوم من الأيام، ومهما ادعى الإنسان أنه لا يندم فهذا خطأ، وسيأتي زمن يصف نفسه بالجنون وأن كلامه كان خطأ، وسيعرف أنه كان مغروراً عندما قال ذلك.

    ولذلك المؤمن يجب أن يأخذ بكتاب الله مسلماً، قال: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38] حتى لو اعتقدت أنهم أقل منك رأياً، ولعل الأقل منك رأياً قد يوفقه الله للشيء الذي لا يوفقك إليه وقد تكون نتيجة رأيه حسنة.

    فالمؤمنون أمرهم شورى بينهم، وكذلك يذكر الله سبحانه تبارك وتعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159] وهذا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره بالتبع.

    شرح حديث: (كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها...)

    عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن) أي: حديث الاستخارة لابد أن تحفظه كما تحفظ السورة من القرآن، وكان يحفظهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث كما يحفظهم السورة من القرآن، يقول لهم عليه الصلاة والسلام: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة)، إذا أراد أحدكم أمراً من الأمور التي ينتفع بها في الدنيا أو في الآخرة وهو محتار في أن يعمله أو يتركه فعليه أن يستخير ربه سبحانه.

    فالاستشارة تكون من الخلق بأن يشيروا عليك بآرائهم، والاستخارة: طلب الخير وهو ما لا يملكه إلا الله سبحانه تبارك وتعالى، فتطلب الخير منه أن يهديك ويوفقك للصواب، والأفضل أن تجمع الأمرين.

    قال هنا: (فليركع ركعتين من غير الفريضة)، فلابد أن تكون ركعتي نافلة، ولا يصح أن يكونا من الفريضة، فيصح أن أصلي سنة الفجر وأنوي أن أستخير ربنا بعد هاتين الركعتين، لكن لا ينفع أن أصلي صلاة الصبح وبعدها أستخير، فقد قال: (ركعتين من غير الفريضة)، ويستحسن أن تكون الركعتان قائمتين بذاتهما، وأن تكونا ركعتين مخصوصتين للاستخارة، ويجوز أن تدخلها مع أي نافلة من النوافل، كأن تصليها مع سنة الظهر أو سنة العشاء أو سنة المغرب وتدخل معها نية الاستخارة.

    قال صلى الله عليه وسلم: (فليركع ركعتين من غير الفريضة)، بأي ركعتين: (ثم ليقل)، الدعاء الذي ينبغي أن تحفظه كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أستخيرك بعلمك) يعني: أطلب منك الخير الذي تعلمه بعلمك وأطلب منك أن تعلمني وأن تدلني على ما لا أعلم، وفي هذا اعتراف الإنسان بجهله. (وأستقدرك)، السين للاستدعاء على صيغة استفعال، فالمقصد أني أطلب منك أن تقدرني، فأستقدرك بمعنى أطلب منك بقدرتك أن تقدرني على الصواب في هذا الشيء.

    (وأسألك من فضلك العظيم)، فأنا أطلب من فضلك، ولا أطلب فرضاً عليك أنك تعطيني، ولكني أعترف بعجزي وبجهلي، وأني عبد لك وأنت المتكرم المتفضل، وهذا من التواضع بين يدي الله عز وجل، وهذا يجعل سؤالك محل جواب من الله سبحانه تبارك وتعالى، والمستكبر لا ينظر الله عز وجل إليه، ولكن المتواضع هو الذي يعترف بالعجز وبالتقصير والجهل، ويقر لله عز وجل بالقدرة بالعلم والفضل، فهذا جدير أن يستجيب الله عز وجل له.

    قال: (أستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم)، أطلب من فضلك فإنك كريم وفضلك كثير عظيم. (فإنك تقدر وأنا لا أقدر)، أنت تقدر على كل شيء وأنا لا أقدر إلا على ما تقدرني عليه.

    (فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم)، وهنا يكون الاعتراف بالجهل، (تعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب)، تعلم ما ظهر وما خفي.

    (اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسمي الأمر)، أي: الأمر الذي سيقدم عليه فيقول مثلاً: أن هذا الزواج الذي أقدم عليه، أو سيقدم على شراء شيء فيقول: هذه البضاعة التي أشتريها، فيذكر الشيء الذي يستخير الله به.

    ثم يقول: (إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري)، وبهذا لا يضيع ديني، وخير في معاشي وفي حياتي ونفقتي ومعيشتي في هذه الدنيا، ثم العاقبة يوم القيامة، وهذا صالح ونافع لي في الدين، ونافع لي في معاشي وحاجتي في الدنيا، ونافع لي في قبري ويوم القيامة، وبهذا الدعاء يكون قد جمع الخير كله.

    قال: (أو قال: عاجل أمري وآجله)، وهو نفس المعنى: عاجل الأمر ما كان فيه منفعة دينية أو دنيوية، وآجل الأمر ما كان يوم القيامة، فيجوز لك أن تقول أي من الصيغتين: (إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري)، أو تقول: (خير لي في عاجل أمري وآجله)، قال: (فاقدره لي ويسره لي)، أي: اجعلني قادراً عليه واكتب لي أن أفعله واجعلني أفعل هذا الشيء بتيسيرك لي.

    ويمكن أن يقدرك على شيء هو في الأصل خير ولكن الإنسان بسفاهته يستخدمه في غير الخير.

    قال: (ثم بارك لي فيه) أي: تقدرني عليه فإذا قدرتني عليه اجعل لي من وراء ذلك: البركة في العمل، والبركة في النماء، والبركة في الأجر والثواب، فجمعت خيراً عظيماً باستخارتك ربك، ويكفي هذا الدعاء العظيم الذي دعوته.

    قال: (وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري) أي: الأمر الذي أستخيرك به وأطلبه سيكون فيه شر، وكم من أمر ينظر الإنسان إليه على أنه خير فيحرص على أخذه، وبعد ذلك يجد فيه الشر فيتركه ويزهد فيه، فبدلاً من أن تجرب اطلب من ربك سبحانه أن يرشدك إلى الصواب.

    قال صلى الله عليه وسلم: (أو قال: عاجل أمري وآجله)، إذا كان شراً قال: (فاصرفه عني واصرفني عنه)، فأريد عملاً في المكان الفلاني وأنا أسعى لهذا الشيء، وصليت صلاة استخارة ثم أقدمت عليه ولكنه ضاع، فلذلك كان الدعاء الكامل أن تقول: اصرف هذا الشيء عني واصرفني أنا أيضاً عنه، فلا أندم عليه ولا أحزن إذا لم أحصل عليه.

    قال: (واقدر لي الخير حيث كان) أي: قدر لي الخير في أي مكان يكون، واجعلني أتوجه إليه وأحصله.

    (ثم أرضني به)، قد يقدر لك الخير الذي يراه وقد لا ترضى عنه، والرضا شيء عظيم جداً، إن ترضى فلك الرضا من الله عز وجل ولك الرضا من الخلق، مهما سخطوا عليك فهم يرضون عنك برضا الله عز وجل عنك.

    وشيء عظيم أن يعيش الإنسان راضياً مستريح النفس قرير العين، يحس أنه ملك، يقول: الله وقد أعطاني الله أعظم شيء، فقد يتزوج امرأة فقيرة ولا تكون جميلة وقد تكون مريضة ولكن أرضاه الله عز وجل بها، فرضي بها ويفرح بها ويستريح إليها، ويستشعر أنه ملك من الملوك.

    وقد يتزوج امرأة غنية وامرأة جميلة وامرأة ذات منصب وجمال، وإذا به يكون في ذل عظيم، يراها شيطانة أمامه لا يطيقها، فهنا يطلب الخير ويطلب من الله أن يرضيه به، فيجعل نفسه راضية بهذا الذي هو فيه، لا ينظر إلى غير ما أعطاه الله سبحانه تبارك وتعالى.

    قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) أي: الذي يرضى عن الله سبحانه تبارك وتعالى فالله يرضيه، ويرضى عنه ويعطيه ما يرضى به، حتى ولو كان قليلاً من متاع الدنيا القليل، ولكن تجده فقيراً وتجده راضياً عن الله سبحانه، وكم من إنسان تراه فقيراً ولكنه فرحان؛ لأن الله ملأ قلبه بالإيمان الذي يجعله راضياً عن الله.

    ويقول: يمكن لو أخذت المنصب ضللت وضعت وتركت دين الله عز وجل ورائي، وهكذا المؤمن يحمد الله عز وجل وهو راض عن قضائه وقدره سبحانه تبارك وتعالى، ورضاه يمنعه من التطلع، فلا ينظر إلى ما أغنى الله جاره أو فلاناً من الناس، فيبدأ يتسخط على أمر الله سبحانه، لكن المؤمن الذي يرضى عن الله سبحانه تبارك وتعالى، يرضيه الله عز وجل.

    لعل هذا الفقير يمرض مرضاً فيضع يده على مكان المرض ويدعو الله سبحانه فيذهب الله هذا المرض عنه دون تعاطي دواء، ولعل الغني يصاب بمثلما أصيب به الفقير فيصرف أمواله كلها عليه!

    وكم من طالب شيء لا يناله، فكم رأينا من أناس يطلبون مناصب في الدنيا ويسعون إليها، ولكن الله لا يقدرها لهم! وكل هذا حكمة من الله عز وجل، فقد تحصل على منصب ويضيع به دينك، وتفسد فيه أخلاقك، لهذا الله يصرفه عنك.

    فالمؤمن يستخير الله عز وجل في كل أمر هو مقدم عليه، ولا يطلب المؤمن إلا رضا الله سبحانه تبارك وتعالى، ويطلب من الله أن يرضيه ويصبر على أمر الله سبحانه، فيرضى بما قسمه الله عز وجل له كما جاء في حديث أبي هريرة الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)، فالغنى غنى القلب، والله يجعل قلبك غنياً، والفقر فقر النفس وفقر القلب، وقد تجد إنساناً لديه من الأموال الكثيرة ولكنك تجده يتكفف الناس ويطلبهم، وهذا هو فقر القلب بعينه، وتجده يخاف بشكل كبير على أمواله، وقد تجد إنساناً لا يوجد في جيبه ما يكفي قوت يوم أو أقل من ذلك، ومع ذلك يكون مسروراً لا يحتاج لأحد، فهذا هو الرضا بالله عز وجل.

    فخذ بالأسباب، وتستشير وتستخير فالله يقدر لك الخير، فما خاب من استخار ولا استشار.

    نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765795949