اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام النووي رحمه الله:
[ باب الوقار والسكينة.
قال الله تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً قط ضاحكاً حتى ترى منه لهواته، إنما كان يتبسم) متفق عليه.
باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار.
قال الله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) متفق عليه ].
يذكر الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين باب الوقار والسكينة، ضمن الآداب والأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يتخلق بها.
والوقار أصلها من القر، ويقر الشيء بمعنى: يثبت مكانه، وكأن المقصد أن المؤمن يكون حاله فيه الوقار والسكينة وعدم الرعونة والتهور والاندفاع، فيكون وقوراً في جلوسه وقيامه ومشيه، من غير تكلف أو تصنع أو رياء.
قال الله عز وجل: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63].
فذكر الله عز وجل من صفات عباد الرحمن صفات جميلة وجليلة بدأها بأنهم: الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا [الفرقان:63] أي: بوقار وسكينة، فهم هينون في مشيهم، يتصفون بالوقار والتؤدة والطمأنينة، فليسوا مندفعين، والمقصد أن التواضع من صفاتهم سواء مشوا على الأرض وهم مبطئون، أو مشوا مسرعين، فالإنسان لا يستطيع أن يمشي دائماً بطيئاً في مشيته أو سريعاً، ولكن بحسب حاجته وحاله، فقد يحتاج إلى الشيء فيسرع، وقد يجري من أجله وقد يمشي، ولكن في كل الأحوال لا يوجد فيه أي نوع من الكبر، فعباد الرحمن هينون لينون متواضعون لا يستكبرون على الخلق، ولا يتعالون عليهم، ولا يظهرون قوتهم على الغير، إذا مشى أحدهم في الشارع يمشي بتواضع، فلا يظهر للناس أنه قوي، وأنه ليس أحد مثله.
وأيضاً: ليس المعنى أنه يستذل نفسه حين يمشي فالذي ينظر إليه يقول: إنه مريض لا يستطيع أن يمشي، أو ضعيف في مشيه، فلم يقصد ذلك ربنا سبحانه، إنما يمشي هوناً على الأرض بمعنى: متواضعاً، حتى ولو كان يسرع في مشيته، ولذلك جاء: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي مع أصحابه صلوات الله وسلامه عليه لا يحب أن يكون أحد منهم وراءه عليه الصلاة والسلام ويقول: دعوا ظهري للملائكة)، لا يمشي أحد وراءه صلى الله عليه وسلم، ولكن يمشون بين يديه أو بجواره عليه الصلاة والسلام، وكان إذا مشى يسرع في مشيه، والناظر إليه لا يرى هيئة الإسراع عليه صلى الله عليه وسلم.
الإنسان إذا أسرع يبدو من حركة يديه وأكتافه أنه مسرع، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كذلك، وإنما يمشي هوناً عليه الصلاة والسلام، وعليه الوقار والسكينة حتى ولو كان مسرعاً، ولعل البعض من أصحابه يجري ويسرع بجواره وهيأته صلوات الله وسلامه عليه لم تتغير في مشيه.
إذاً: المقصد: أنهم في مشيتهم يمشون بالتؤدة والطمأنينة، وليس فيها ما يدل على غرور أو تكبر، أو رفع الجناح على الخلق.
قال تعالى: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ [الفرقان:63]، فلو أن إنسان جاهلاً أحمق فيه تهور اندفع عليهم فوبخهم بشيء ليسوا أهلاً له، ولم يجيبوه إلا بما هم أهل له.
فردهم عليه: (سلاماً) أي: قولاً سليماً خالياً من العيوب، ليس فيه اندفاع وطيش وتهور، خال من المعاملة بالمثل، وإنما يقولون قولاً يسلمون فيه من هذا الإنسان، أو فيه تسليم منهم عليه، يعني: قول فيه متاركة، فكأنهم يقولون: نحن لسنا سفهاء مثلكم، فيقول: سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55].
اللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة الواقعة آخر سقف الحنك، والنازلة من آخر الحلق المدلاة على القصبة الهوائية.
فهناك أناس طبيعتهم الضحك بصوت عال وقهقهة، يفتح أحدهم فمه إلى آخره! وهذا لم يكن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وغاية ما كان أنه لو ضحك قد يبدو نابه صلى الله عليه وسلم، فلم تكن عادة النبي صلى الله عليه وسلم أن يقهقه، (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً قط)، وكلمة مستجمعاً معناه: المبالغة، وكأن الإنسان عندما يقهقهه يجمع نفسه فيضحك ضحكة يزلزل بها الدنيا أمامه!
فالقهقهة لم تكن عادته صلى الله عليه وسلم، إنما كان يتبسم عليه الصلاة والسلام، وكان لا يرى عبوساً أمام الناس عليه الصلاة والسلام، وإنما كان يتبسم لأصحابه وهم يضحكون، فكانوا يجلسون إلى شروق الشمس يذكرون الله عز وجل فيما بين طلوعها وبين أن يصلوا الضحى، ولعل بعضهم يتكلم مع الآخر، ويتحدثون عن الجاهلية وما كانوا يفعلونه، فيحكون أنهم كانوا يصنعون التماثيل من العجوة ويعبدونها، فإذا جاع أحدهم أكلها، فيحكون أمثال ذلك ويضحكون على أنفسهم، أما هو صلى الله عليه وسلم فكان يتبسم ولم يكن يضحك ويقهقه. فمن الأدب أن المؤمن يتبسم عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، ولا يكثر من العبوس، وأيضاً: لا يكثر من الضحك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وإياك وكثرة الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب)، فكثرة الضحك تبعد خشية الله عز وجل من قلب الإنسان، فيموت قلبه من كثرة الضحك.
فيجب على المؤمن ألا يُفْرط ولا يُفَرِّط، والإفراط أن يمسك الإنسان نفسه عن الابتسامة، فيكون ثقيل الظل عند الناس، فالناس يحبون من يتبسم ويضحك لهم، فعلى الإنسان أن يكون قريباً من الناس، والمؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف).
ولو كان الإنسان عبوساً أمام جميع الناس لنفروا منه ولن يبقى له أصدقاء ولا أصحاب بين الناس، وأما لو كان الإنسان ضحاكاً ثرثاراً فيمكن للناس أن يحبوه من أجل أنه يضحكهم فقط، فعندما يريدون أن يضحكوا قالوا: ادعوا لنا فلاناً، فهو يذكرهم بالدنيا لا بالآخرة، فقد يحبه الناس ولكنه بغيض إلى الله عز وجل، فالمؤمن إذا سمع ما يضحك تبسم، وقد يضحك ولكن لا تكون له عادة فيتكلف الضحك ويقهقه حتى ولو سمع شيئاً لا يضحك، فيضحك مجاملة بدون وجود ما يضحك! والمجاملة لا تكون على حساب دين الله سبحانه وتعالى، ولا على حساب قسوة القلب، فالمطلوب من المسلم أن يضحك إذا رأى ما يضحك، أما من غير شيء فلا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تكثر الضحك)، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: لا تضحك؛ لأن هذا شيء عسير على الإنسان الالتزام به، فالدين عظيم وجميل وفيه ما يطيقه الإنسان ويتحمله، والإكثار من التبسم لا مانع منه لكن لا ينبغي للإنسان أن يكثر من الضحك.
فالإنسان حتى يقبل على الله عز وجل يحتاج إلى أن يتذكر ويتفكر، والضاحك لا يتفكر في شيء إلا في النكت التي يسمعها، أما أن يتفكر في خلق السماوات وخلق الأرض، وفي خلق الإنسان، ويتفكر في نعم الله عليه فلا؛ لأن هذه الأشياء التي يتفكر فيها تمنعه أن يضحك، ولو أن الإنسان يتفكر في نعم الله في مطعمه ومشربه وملبسه، وأعظم من ذلك كله أن يتفكر في نعمة الهداية، فكثير من الناس حرموا هذه النعمة، فلو تفكر في ذلك لما وجد مكاناً ولا وقتاً يضحك ويقهقه فيه، إن ضحك الإنسان يبعده عن أن يتفكر في آلاء الله وفي نعم الله وفي خلق الله سبحانه تبارك وتعالى، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تكثر الضحك)، لأن كثرة الضحك تميت القلب.
أيضاً: إذا دخل في الصلاة تتساقط بعض الذنوب، فإذا ركع تساقطت بعض الذنوب، فإذا سجد تساقطت بعض الذنوب كذلك حتى يخرج من الصلاة ولا ذنب عليه.
أما إذا خرج من بيته ضاحكاً لاهياً فلن يتفكر في هذه النعم، وإذا دخل في الصلاة فمشغول في الدنيا وهكذا دخل في الصلاة وخرج منها من غير ما تفكر.
وفرق بين من يدخل في الصلاة وهو يخاف من الله سبحانه وتعالى، وهو يؤمل أن يخرج منها نظيفاً من الذنوب طاهراً من العيوب ليس عليه دنس من بقايا الذنوب، فهذا إنسان له فضل عند الله سبحانه، فالله يتفضل عليه ويعطيه، وبين إنسان آخر يأتي وعقله مشغول فإذا دخل في الصلاة سرح عنها.
فعلى المسلم أن يستعد للصلاة من البيت فيتوضأ فيحسن الوضوء؛ لأنه إذا أسبغ الوضوء تمحى عنه الذنوب، فإذا غسل وجهه ويديه ورجليه تساقطت الذنوب مع الماء الذي ينزل من أعضائه.
وفي الحديث: (الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر)، فإذا دخل الإنسان في هذه الصلاة بهذه الصورة ثم خرج منها فلينو ألا يعود إلى الذنوب، قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].
فهذه الصلاة بهذه الكيفية تنهاه عن التفكير في الذنوب والمعاصي، وتدفعه إلى طاعة الله، وإلى أن يحب بيت الله، فيكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم.
فإذا أتى الإنسان إلى الصلاة أو ذهب ليطلب العلم في المسجد فليمش وعليه السكينة والوقار، حياء من الملائكة التي تحفه بأجنحتها وتتواضع وتستغفر له، وسوف تحفه إذا جلس في حلقة العلم، قال تعالى عن الملائكة: يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ [الشورى:5]، قائلين: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ [غافر:7]، يا ربنا هؤلاء جاءوا إلى بيتك فاغفر لهم.
فالذي يخرج لطلب العلم الشرعي ينبغي عليه أن يكون متواضعاً مقبلاً على الله سبحانه وتعالى، وليتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)، فلعله في هذا الطريق يجد فيها من يزاحمه ويتعرض له، لكنه لا يأبه لذلك؛ لأن الله سيسهل له به طريقاً إلى الجنة.
فطريق الدنيا ممتلئ بالصعوبات والعقبات، والذي يطلب العلم لا بد أن يصبر ويستسهل طريقه فيه؛ لأنه دين رب العالمين، وإذا لم يتعلمه فمن سيتعلمه؟
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر
وسوف يكون الجزاء من جنس العمل، فالله سيقبل عليه ويذلل له العقبات التي في طريق الجنة، ففي يوم القيامة سيسهل له المرور على الصراط فيمر إلى الجنة، وكما أنه سهل له في الدنيا طريق العلم فسوف يسهل له في الآخرة طريق الجنة، والمحروم من حرمه الله سبحانه تبارك وتعالى.
فعلى من يخرج إلى المسجد للصلاة أو طلب العلم أن يتفكر في هذه الأمور كلها، حتى يمشي بسكينة ووقار، قال الله تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، والشعائر جمع شعيرة، وشعائر الله: دين الله سبحانه، والمعنى: يعظم الشريعة ويعظم الكتاب والسنة، ويعظم العلم الشرعي الذي به يعرف كيف يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا عظم هذه الشعائر كان ذلك دليلاً على تقوى قلبه، فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .
جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، فهذا الحديث يعلمنا كيف نصلي، وكيف نأتي إلى بيت الله سبحانه، فلا تنشغل حتى تفوتك الصلاة ثم تذهب وتجري إلى المسجد، وإنما استعد قبل ذلك، ولا تأت الصلاة جرياً.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون)، عندما تخرج من بيتك إلى الصلاة فلتكن هيئتك هيئة الإنسان المصلي عليك الوقار والسكينة.
ولا تجري إلى الصلاة إذا سمعت الإقامة، سواء كنت في الطريق أو في المسجد، ولكن امش إليها؛ لأنك في صلاة، والصلاة ينافيها الجري.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (وعليكم بالسكينة) أي: الوقار والهدوء، والطمأنينة.
وقوله: (فما أدركتم من الصلاة مع الإمام فصلوا) أي: ما تدركونه مع الإمام صلوه، وقوله: (وما فاتكم فأتموا) أي: وما فاتكم من الصلاة فافعلوها ولكم أجر نيتكم في المجيء إلى بيت الله سبحانه.
وزاد مسلم في رواية: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة)، وهذا فضل عظيم من الله علينا، فمن حين يخرج الإنسان من البيت فهو في صلاة، هذا إذا اجتنب الحدث وكان على وضوء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة) فيوم عرفة خرج النبي صلى الله عليه وسلم عند غروب الشمس من عرفة متوجهاً إلى المزدلفة، وهذا هو الدفع، قال: (فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجراً شديداً وضرباً للإبل) أي: رأى الناس يضربون ويشدون ويحثون الإبل على الجري؛ من أجل أن يذهبوا إلى المزدلفة، (فأشار إليهم بسوطه -وهي عصاه التي يوجه بها الناقة- وقال: أيها الناس! عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع) يعني: اسكنوا واهدءوا؛ لأنه كانت عادت الأعراب في الجاهلية عندما يمشون يضجون ضجة كبيرة لكي تجري الإبل، فيعلق فيها أجراس، أو شيئاً له صوت عال، فالنبي صلى الله عليه وسلم منعهم من ذلك وقال: (أيها الناس عليكم بالسكينة) يعني: الزموا السكينة، (فإن البر ليس بالإيضاع)، والبر أن تبر في عملك، والحج المبرور ليس بالإيضاع، أي: الجري فالبر ليس بالجري، كأن تجري للصلاة أو تجري متوجهاً من عرفة إلى مزدلفة، إنما البر أن تتق الله سبحانه وتعالى، ولا تزاحم الناس.
وعن أسامة رضي الله عنه حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم وغيره قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المزدلفة متوجهاً إلى منى، فسألوه كيف كان يسير؟ قال: كان يسير العنق) أي: معنقاً، يعني: على مهله صلى الله عليه وسلم، (فإذا وجد فجوة نص) أي: فإذا لقي مكاناً خالياً نص أي أسرع صلوات الله وسلامه عليه فيه، فكان يسير العنق مع الزحمة، وإذا لم تكن هناك زحمة أسرع صلوات الله وسلامه عليه.
فالغرض أن الإنسان إذا مشى في طريقه متوجهاً إلى بيت الله، أو متوجهاً إلى طلب العلم، أو متوجهاً إلى حاجة من حوائجه يسير كما يسير عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، حتى لو أسرعوا في مشيهم بسبب حاجة من حوائجهم فإسراعهم فيه الهدوء والسكينة، إلا أن يكون الإسراع إلى الصلاة فلا يجوز لا خارج المسجد ولا داخله، فيكره ذلك ويمنع منه، وليلزم الهدوء والسكينة، ويتفكر في نعم الله سبحانه وتعالى عليه.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر