قال الإمام النووي رحمه الله: [باب احتمال الأذى.
قال الله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134]، وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى:43].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: (يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك)، رواه مسلم] .
هذا الباب يذكره الإمام النووي رحمه الله في كتابه (رياض الصالحين) وهو عن احتمال الأذى وهو من جنس الأبواب السابقة التي فيها العفو والإعراض عن الجاهلين والتي فيها الحلم أيضاً.
وقد ذكر قوله سبحانه: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134]، وقد قدمنا شرحها قبل ذلك.
وذكر حديثاً واحداً في هذا الباب وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: (يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني)، فالرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعاملة مع القرابة الذين يصلهم ويزورهم وهم يقطعونه.
قوله: (وأحسن إليهم ويسيئون إلي)، أي: أن هذا الرجل يتعامل بالإحسان مع أقربائه وهم يعاملونه بالإساءة.
قوله: (وأحلم عنهم ويجهلون علي)، أي: أنا أكتم غيظي عنهم وأصبر على أفعالهم القبيحة معي، ومع ذلك هم أهل جهل وأهل سخط معي، وكأنه ينتظر من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول له: عاملهم بالمثل، ولكن جواب النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن كذلك بل قال: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل)، أي: كأنك تجعلهم يسفون الرماد الحار، فكأنهم يأكلون ناراً بهذا الذي يصنعون، وكأنك تضع في فمهم من النار أو من الرماد الحار.
إذاً: أمرنا بالإحسان إلى القرابة، فلا يدفعك كون هذا يجهل عليك إلى أن تجهل عليه أيضاً، ولكن أحسن إليه، وربنا سبحانه تبارك وتعالى يقول: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ [الرحمن:60]، فإذا أساءوا إليك فأحسن إليهم لعلهم يهتدون يوماً من الأيام.
وكثير من الناس أصبحوا في هذا الزمان يقولون: مثلما يعمل معي سأعمل معه؛ فهو ليس أحسن مني، إذا شتمني فإني سأشتمه، وينسى أمر الصبر، وينسى أمر العفو، وينسى أن الصلة بالمعروف تنافي هذا الشيء، وكذلك في أمر الزيارات يقول: كم مرة ستزورني سأزورك، نقول: ليست هذه هي الصلة المطلوبة وإن كانت نوعاً من الصلة، إنما الصلة الحقيقية أنك تصل أخاك ابتغاء مرضاة الله سبحانه، سواء أتى إليك في البيت أو لم يأت إليك، وتلتمس له الأعذار إذا لم يأت إليك.
فعندما تصل رحمك تنال الأجر في الدنيا وفي الآخرة، في الدنيا زيادة في الرزق، ويبارك لك في عمرك، وإن كان العمر عند الله عز وجل معلوم مقسوم، ولكن الزيادة هنا هي البركة في العمر، أن تعمل أعمالاً صالحة ينميها الله عز وجل لك، بأن يجعل ما تعمله في عمرك كالذي يعمله آخرون في أعمارهم مجتمعين، فهنا المراد بالزيادة البركة في عمر الإنسان.
قوله: (ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم)، أي: لا يزال معك عون من الله سبحانه، ومنه قولهم: مظاهرة بين الدروع، وظاهر النبي صلى الله عليه وسلم بين درعين، بمعنى: أنه لبس درعين صلى الله عليه وسلم يتقي بهما في القتال.
فقوله: (ولا يزال معك من الله ظهير) أي: يعينك الله سبحانه ويكون معك ولا يجعلك وحدك.
إذاً: مكسب عظيم أن يكون الله معك، فالذي ينبغي ألا تجعل أقل مشكلة مدعاة إلى أن تقطع الرحم ولا تزور أقرباءك، وإذا كان الأقرباء لا يأتون إليك فاذهب أنت إليهم، ولا تعاملهم بالمثل، ولذلك جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها)، أي: أن الواصل حقيقة هو الذي إذا قطعت رحمه ذهب ليصلها؛ فيكون له الأجر العظيم من الله سبحانه.
يعني: الذي ينبغي للمؤمن ألا يغضب، إلا إذا كان الأمر يتعلق بدينه فيغضب انتصاراً لدينه، يغضب لله سبحانه تبارك وتعالى، أما إذا كان الغضب للنفس فإنه يعفو ويحلم ويصفح، وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم الصفح والحلم والتجاوز صلوات الله وسلامه عليه، أما إذا كان الأمر يتعلق بشرع الله وبحدود الله فإنه كان يغضب صلوات الله عز وجل عليه وسلامه، وغضبه لله سبحانه.
يقول الله عز وجل: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]، وخير هنا أفعل تفضيل، أي: أخير له، وأفضل الخير أن تعظم حرمات الله وحدود الله، وشرائع الله عز وجل.
وقال تعالى: إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، أي: أن المؤمن يدافع عن دين الله فينتظر من الله أن يدافع عنه، ومن يكون مع الله فإن الله يكون معه.
هذه النصيحة العظيمة من النبي صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن صلاة الجماعة المقصد منها أن يجتمع أهل الحي في مسجد، ويحدث التعارف فيما بينهم، وتحدث المحبة فيما بينهم، ويواظبون على جميع الصلوات الخمس مع بعض، ويحضرون الجنائز، ويعود بعضهم بعضاً إذا مرض.
إذاً: في صلاة الجماعة ألفة تجمع الناس، فإذا كان الإمام يطول بالناس فإنه ينفرهم فلا أحد يصلي معه فبدل أن يكون المسجد فيه عدد كبير يصبح فيه قلة من المصلين، فتزول الحكمة من صلاة الجماعة، وهي أن يجتمع الجميع يدعون الله عز وجل، وكلما زاد العدد كانت الصلاة أزكى عند الله عز وجل، وأكثر ثواباً.
وفي حديث معاذ رضي الله عنه: (أنه صلى بالناس صلاة العشاء بسورة البقرة، فتركه الرجل وصلى منفرداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ
إذاً: إذا صليت بالناس فصل صلاةً وسطاً مائلاً إلى القصر وليس إلى الطول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز)، وما سمعنا أحداً اشتكى من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يصلي بهم صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فيقرأ بقدر سورة (ق)، وهي من طوال المفصل، وكان يقرأ بقدر سورة الرحمن، وسورة الواقعة، وكان يقرأ بقدر خمسين آية في صلاة الفجر أو بنحو هذا، وكان إذا صلى بهم في سفر صلى بقصار السور، بسورة الزلزلة، أو (قل أعوذ برب الفلق)، أو (قل أعوذ برب الناس).
فالإمام يراعي أحوال الناس الذين وراءه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة)، أي: فيهم الطاعن في السن الكبير، وفيهم الصغير الذي لا يتحمل الصلاة الطويلة، لكن إذا صلى الإنسان لنفسه فليطول ما شاء، أما إذا كان يصلي بالناس فليراع المأمومين الذين خلفه، ولتكن صلاته كما كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات، ومنها صلاة الظهر فقد كان يقرأ فيها بنحو: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، مثلاً أو بأكثر منها، ويطيل في الركعة الأولى حتى يدرك الناس، لكن الإطالة الزائدة لم يفعلها إلا على الندرة صلى الله عليه وسلم؛ لبيان الجواز، فمرة صلى بهم المغرب بسورة الأعراف.
قالت: (فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم هتكه وتلون وجهه صلى الله عليه وسلم، وقال: يا
وفي حديث آخر: (أن
قوله: (إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله)، أي: يقلدون ما خلقه الله عز وجل، فيصورونه ويرسمونه على هيئة تماثيل.
فلما سرقت المخزومية رأوا أن أسامة له مع النبي صلى الله عليه وسلم علاقة قوية، والنبي صلى الله عليه وسلم يحبه، فإذا جاءه وشفع فإنه سيقبل منه الشفاعة، فذهبوا إلى أسامة ، وفعلاً ذهب أسامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشفع للمرأة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟! ثم قام فاختطب صلوات الله وسلامه عليه، ثم قال: إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).
أي: إنما أهلك الله السابقين بظلمهم، والظلم ظلمات في الدنيا وفي الآخرة، فيستحق الإنسان العقوبة على ظلمه، وهؤلاء ظلموا وغيروا وبدلوا شرع الله سبحانه، فمن كان فيهم شريفاً وسرق تركوه، ومن كان فيهم ضعيفاً وسرق أقاموا عليه حد الله عز وجل، فأهلكهم الله سبحانه بذلك.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (وايم الله لو أن
فيقسم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وايم الله)، وأصلها: وايمن الله، ايمن جمع يمين وهي أيمان الله، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ورخم فقال: (وايم الله)، بحذف النون في نهايتها فتبقى الميم وهي مضمومة فتظل على ذلك؛ لأن الألف تتبعها والهمزة منقولة.
قوله: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)، وحاشاها رضي الله عنها.
والمخزومية التي سرقت كان اسمها فاطمة، وهذه فاطمة بنت النبي صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عنها، فيقول: لو أن فاطمة ابنتي أنا -وحاشاها- فعلت ذلك لقطعت يدها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يجامل ولا يحابي أحداً، وإنما الشرع يقام على الجميع على الشريف وعلى الضعيف، على الإنسان الكبير في قومه، وعلى الحقير في قومه، فهنا غضب رسول الله لما شفع أسامة في حد من حدود الله سبحانه تبارك وتعالى.
قال: (فقام فحكه بيده صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية أخرى: (أنه أخذ عوداً وحك به النخامة صلوات الله وسلامه عليه، ثم قال: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة) فأنت قائم تناجي ربك سبحانه تبارك وتعالى، وربنا يقول: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16]، فالله أقرب إليك من حبل وريدك سبحانه تبارك وتعالى، فهو معك سبحانه تبارك وتعالى، ويعلم الكلمة قبل أن تنطق بها، فقد لا يسمعها الذي أمامك، لكن الله يسمعها ويعلمها سبحانه تبارك وتعالى.
قوله: اعلم أن الله عز وجل فوق سماواته سبحانه، كما جاء في القرآن: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16]، فهو في السماء، وترفع يديك إليه تدعوه، وينزل الملائكة من السماء، وينزل الكتب من السماء وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم الجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء قال: أعتقها فإنها مؤمنة).
فالله بينك وبين قبلتك أي: أقرب إليك من أقرب شيء إليك، فهو بسمعه وبعلمه وببصره أقرب إليك من كل شيء.
قال صلى الله عليه وسلم: (فلا يبزقن أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه)، أي: لا يتفل أحدكم جهة القبلة، لكن الآن لا نتخيل أن أحداً يعمل هذا؛ أما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان المسجد نفسه مفروشاً بالتراب وبالحصى، ولم يكن في المسجد سجاد ولا حصير؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا احتاج شيئاً يقول لـعائشة : (ناوليني الخمرة)، وهي حصيرة على قدر ما يصلي فيفرشها ويصلي عليها.
أما المسجد في ذلك الزمان فلم يكن مفروشاً، ولعل أحدهم يعجله البصاق، فهذا الذي جعل أحدهم أعجله البصاق فبصق، ولم يكن معهم مناديل مثلنا، فالواحد منهم إما أن يخرج خارج المسجد، فتراه في كل وقت يخرج ويدخل، أو أن يبصق في أرض المسجد ويدفنها، فإذا احتاج فعل ذلك، لكن الأصل أنه لا يفعل؛ ولذلك جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها)، فهذا الحديث فيه إشارة إلى أنه إذا احتاج إلى هذا الشيء فله ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن من بصق على أرض المسجد فعليه أن يدفنها ويغطيها بالتراب، ولا يتركها هكذا، وكأن هذا الرجل احتاج فتفل في القبلة ولم يعلم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان هذا قبل النهي عن ذلك.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولكن عن يساره أو تحت قدمه، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال: أو يفعل هكذا)، الرداء هو الذي يوضع فوق الكتف، فأخذ طرفه وتفل فيه، والآن لك أن تخرج منديلك وتتفل فيه، وترجعه إلى جيبك.
يقول الإمام النووي رحمه الله: والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد، أما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه.
وهذا في زمن النووي ؛ لأن المساجد كانت في زمن النووي مفروشة بحصير وسجاد، فلذلك لا يجوز أن يبصق إنسان في أرض المسجد، ولا يجوز أن يقذر أرض المسجد لا بنعله ولا بخفه ولا ببصاقه ولا بثوبه ولا بشيء من شحم أو غيره.
إذاً: فأرض المسجد طالما أنها ليست تراباً بل فيها حصير أو غيره، فالواجب عليك أن تحافظ على نظافتها لا أن تقذرها.
كذلك الإخوة الباعة الذين يشغلون التسجيلات ويزعجون الناس، عليهم أن يتقوا الله، كذلك الذين يتعاركون خارج المسجد عليهم أن يتقوا الله سبحانه تبارك وتعالى، فإن الناس جاءوا لدراسة العلم الشرعي في المسجد، ولم يأتوا من أجل أن يسمعوا تسجيلات يعلو فيها الصوت، والعاقل يعجب لهذه التسجيلات! تلقى أحدهم يشغل قرآناً بصوت قارئ، ثم يشغل بصوت قارئ آخر، فهو لم يمش على سورة واحدة، كأن الغرض بيان أن عندي هذا وعندي هذا، تعالوا لشراء هذا وهذا، نقول لمن يعمل هذا: اتق الله، يكفي أن تعرض بطاقة البيع، فالذي يريد أن يشتري سوف يشتري والذي لا يريد أن يشتري فلن يشتري، فلا تجعلوا المساجد مثل السوق، واتقوا الله سبحانه تبارك وتعالى في أنفسكم.
الجواب: إذا صليت ومعك زوجتك أو أختك فإنها تقف خلفك لا بجانبك.
الجواب: ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الصورة التي كانت في الستارة التي كانت معلقة، فـعائشة رضي الله عنها مزقتها وجعلتها وسادتين اتكأ عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صارت وسادة تركها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يغضب، وإنما غضب لما كانت معلقة.
الجواب: الدعاء في صلاة الاستخارة الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم ...)، الحديث المعروف، وقد عبر فيه بـ(ثم)، وهو دليل على أن الدعاء يكون بعد الانتهاء من الصلاة، لكن إن أتى بالدعاء في آخر صلاته قبل الانتهاء من الصلاة فهو جائز، ولكن الأولى أن يكون بعد التسليم من الصلاة.
الجواب: عورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمرأة إذا كانت في بيتها مع زوجها فليس فيه شيء، أما إذا كانت المرأة مع أولادها فلها أن تبقى في ثياب المهنة التي يبدو منها ذراعها وصدرها وقدمها وساقها وشعرها.
الجواب: من أين أتيت بهذا؟ فالكلب لا ينقض الوضوء، إنما ريق الكلب نجس، فإذا مس ثوبك فيجب عليك أن تغسله؛ للحديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً أولاهن بالتراب)، وفي رواية: (عفروه الثامنة بالتراب)، إذاً: فريق الكلب إذا وقع على الثوب، وتعمدت أن تصلي بهذا الثوب النجس، فصلاتك باطلة، لكن لا ينقض الوضوء.
أيضاً: من الأمور التي تثار ويجهلها بعض الناس أن يده لو وقعت عليها نجاسة من دم أو بول فإنه يعيد الوضوء، وهذا ليس بصحيح وإنما عليه أن يزيل النجاسة فقط.
الجواب: الملابس التي عليها تماثيل وصور مرسومة عليها، إذا كان يلبس قميصاً عليه صورة إنسان يعظمه فهذا حرام، وإذا كان عليه صورة امرأة ممثلة أو غيرها فهذا أشد حرمة، وأشد منها حرمة أن يلبس هذه الثياب وعليها صورة امرأة عريانة ويدخل بها المسجد، وقد يدخل المسجد أحياناً ولا يصلي.
الجواب: يجوز أن يقول ذلك، ولكن الذي جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، يعني: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، قال المأموم: ربنا ولك الحمد، لكن إن قال: سمع الله لمن حمده باعتبار قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، فإنه يجوز أن يقول هذا ذلك.
الجواب: ليس شرطاً أن تضعها عند رجليك، فأنت إذا جعلتها عند رأسك فقد تدوسها برجليك في وقت ما، فهي ممتهنة مداسة، وكذلك أنت تقعد عليها.
الجواب: الفترة ستدرسونها في أصول الفقه في الكلام عن أصحاب الفترة، والمراد بالفترة الزمن الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين النبي الذي قبله، وما بين النبيين حين تندرس الشريعة اسمها: الفترة، والفترة عهد ليس فيه أنبياء، فهذا معنى أن أم النبي صلى الله عليه وسلم كانت من أهل الفترة، أي: من أهل الزمن الذي لم يأت لهم فيه نبي؛ لأنها ماتت قبل بعثة النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وكل من مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم هم من أهل الفترة، ولكن قد يخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن بعضهم أنه في النار، والذي نعتقده أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة، فالله عز وجل يأتي بالإنسان الذي كان به صمم فلم يسمع دين رب العالمين، والإنسان الذي كان به كبر في السن فلم يفهم دين رب العالمين، فيأتي بهم يوم القيامة ويختبرهم؛ لأنهم يقولون: ما جاءنا من نبي، فيختبرهم الله عز وجل، فيأمرهم أن يردوا النار، فإذا وردوا النار كانوا من أهل الجنة، وإذا لم يردوا النار قال لهم: قد عصيتموني، فكيف برسلي! فيجعلهم في النار والعياذ بالله.
إذاً: أهل الفترة في يوم القيامة لهم اختبار، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعضهم أنه رأى أباه في النار، وقال للرجل: (إن أبي وأباك في النار)، فهذا إخبار بما يئول إليه الحال، وأنه قد أخبره الله عز وجل عن ذلك، وهل يكون في النار دائماً، أو أنه الآن في النار بسبب شيء، ثم يوم القيامة يمتحن؟ الله أعلم بهذا الأمر، ولكن نقول ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحفوا الشوارب)، والإحفاء بمعنى القص الشديد، فبعض أهل العلم قالوا: إنه يقصه بحيث لا ينزل الشارب على شفته، ولكن أهل اللغة يقولون: الإحفاء بمعنى إزالة الشيء من الأصل، ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى ذلك، وذهب الإمام مالك إلى أن حلق الشارب مثلة، وأن الذي ينهك شاربه من المثلة فلا يفعل ذلك، لكن جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحفوا الشوارب)، فالإحفاء معناه: القص الشديد الزائد، لكن إن لم يفعل فعلى الأقل لا يترك الشارب ينزل على فمه.
الجواب: لا، ليس حراماً، إنما سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن تسبح باليد اليمنى، هذه هي سنته.
الجواب: لا يجوز ذلك؛ لأن فيه مخالفة للإمام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، ففيه الترتيب بالفاء، والفاء تفيد الترتيب مع التعقيب، أي: أنك تفعل ذلك بعده مباشرة، فإذا ركع سواء انتهيت من قراءة فاتحة أو لم تنته فاركع، وفي الحديث: (من كان له إمام فقراءته له قراءة).
فإذا كبر الإمام ودخلت متأخراً عن الركعة، فبدأت في قراءة الفاتحة فركع الإمام، فلا تخالف الإمام؛ لأنه الآن في ركن وهو الركوع ويجب عليك أن تتابع الإمام فيه، بل يجب إذا دخلت في الصلاة على هيئة كان الإمام عليها أن تتابعه فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الصلاة والإمام ساجد فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركوع فقد أدرك الصلاة)، فإذا جئت للصلاة والإمام ساجد، فإنه يجب عليك أن تفعل ما أمرك به النبي صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل يقال: يستحب ذلك ويتأكد الاستحباب.
إذاً: عليك أن تفعل كما يفعل الإمام، أما أن يكون الإمام قد ركع وأنت واقف، أو سجد ورفع من السجود وأنت ما زلت ساجداً بدعوى أنك تدعو، فهذا غير جائز.
الجواب: لا، ولكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه مرت بين يديه صلى الله عليه وسلم شاة فتقدم حتى مرت خلف ظهره)، فالذي عليك أنت ألا تدع شيئاً يمر من أمامك، فلو مر الطفل من أمامك فإنه لا يبطل الصلاة، إنما الذي يقطع الصلاة ثلاثة أشياء، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض -أي: المرأة البالغة- والكلب الأسود، والحمار)، وجاء في الحديث: (الكلب الأسود شيطان)، فهؤلاء الثلاثة يقطعون الصلاة على خلاف بين أهل العلم: هل قطع الصلاة بمعنى بطلان الصلاة، أو بمعنى نقصان الثواب؟ والذي نميل إليه أنه ينقص الثواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته).
فالذي يصلي إلى غير سترة يمر الشيطان من أمامه فيقطع صلاته، وهنا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: إنه يبطل الصلاة، فقطع الشيطان لها هو أن يختلس من صلاتك ويلهيك عن صلاتك، فينقص من أجرها ومن ثوابها.
إذاً: إذا مر طفل صغير فليس هناك إعادة للصلاة.
الجواب: لا يجب عليها أن تغطي ثدييها عند النساء.
الجواب: يحرم حلق اللحية، وتقصير اللحية مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى)، أو (اتركوا اللحى)، أو (أرخوا اللحى)، أو (وفروا اللحى)، ألفاظ الحديث كلها فيها الأمر بتركها طويلة، هذا هو معنى الإعفاء، والأمر هنا يدل على الوجوب، أي: وجوب ترك اللحية، فما زاد على القبضة إذا أخذها لفعل ابن عمر جاز له ذلك، وإذا تركها أيضاً فإنه يجوز، لكن الذي يحرم هو حلق اللحية.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر