إسلام ويب

تفسير سورة المؤمنون [12 - 15]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الله لنا في كتابه مراحل خلق الإنسان وأطواره، وهذه الأطوار من آيات الله العظيمة، ثم بعد أن خلقه يميته، وهذه آية أخرى كبيرة، وبعد موته يبعثه يوم القيامة ليجازيه على أعماله، فتبارك الله أحسن الخالقين، وأحكم الحاكمين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين)

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة المؤمنون: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون:12-16].

    ذكر الله عز وجل في هذه الآيات مراحل خلق الإنسان، وكيف خلقه الله سبحانه وتعالى من شيء حقير: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون:12]، فهذا أصل الإنسان، وقد ذكر الله عز وجل في خلق الإنسان آيات في كتابه سبحانه وتعالى، كقوله في سورة الكهف: قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً [الكهف:37]، كما في قصة الرجلين اللذين آتى الله عز وجل أحدهما جنتين، ولم يؤت الآخر، فاستكبر صاحب الجنتين على صاحبه الذي يعبد الله سبحانه، وقال: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف:34] .. قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ [الكهف:37]، فأصل خلق الإنسان من التراب، وهنا ذكر الله أنه خلقه من طين، أي: خلقه الله عز وجل من تراب وماء، والأصل في خلقه التراب، والعناصر الموجودة بجسم الإنسان هي نفس العناصر الموجودة في التراب، وأكثر جسم الإنسان من الماء، فهو مخلوق من التراب والماء.

    قال الله عز وجل: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ [غافر:67]، وقال سبحانه: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ [فاطر:11]، وقال: خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [النحل:4]، يذكره الله بأول خلقه وإذا به يخاصم، ويناظر، ويجادل خالقه سبحانه وتعالى! وقال سبحانه: أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [يس:77]، وقال: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة:8]، يخرج من المحل الذي يخرج منه البول، يستقذره الإنسان، وقال: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [المرسلات:20]، فهذا بدء خلق الإنسان، فالله يذكره بأن هذا بدء خلقك، فليس لك أن تجادل ربك، وليس لك أن تستكبر على الخلق، فأنت خلقت من تراب مثلهم، وخلقت من ماء مهين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين)

    قال تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المؤمنون:13]، أصل النطفة: النقطة من الماء، وكأنها النخبة المنتقاة من الإنسان تجتمع من نطفة الرجل ونطفة المرأة، كما قال الله: إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ[الإنسان:2] أي: مختلطة فيها صفات الرجل، وصفات المرأة، فالبويضة يلقحها الحيوان المنوي، ويجعلها الله عز وجل بعد هذه النطفة علقة، وقوله: فِي قَرَارٍ مَكِينٍ[المؤمنون:13]، القرار المكين: هو رحم المرأة، فهو متمكن في مكانه، حفظ الله عز وجل هذا الإنسان في هذا الطور داخل هذا الرحم الذي ثبته في بطن المرأة، وجعل حوض المرأة من عظام يحميه عن اليمين وعن الشمال، ومن أمامه ومن خلفه، وجعل هيئته فيها حماية له، وملأ هذا الكيس الذي يحاط بالجنين بماء بحيث يحميه من أي اضطرابات وصدمات، فكأنه يسبح داخل كيس من ماء، وهذا من فضل الله عز وجل ورحمته سبحانه!

    فالذي ينظر لمراحل التخليق في بطن المرأة يعلم قدرة الله عز وجل، وكيف حفظ الله هذا الجنين في هذه الأطوار.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ثم خلقنا النطفة علقة ...)

    قال الله تعالى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:14].

    ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً النطفة تتحول إلى علقة، فهذه النطفة الملقحة تلتصق في جدار الرحم، مثل النبات الذي له جذر يمص بجذره الماء الذي يغذيه، وكذلك هذه النطفة تصير كالعلقة تعلق بجدار الرحم، وتأخذ منه ما يغذيها من الدماء.

    (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) العلقة تتحول إلى مضغة، وهي صغيرة جداً، وهي كهيئة قطعة اللحم الممضوغة، وتوصف في الكتب العلمية كأنها لبانة ممضوغة، فيها آثار الأسنان.

    قال الله: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا) تتحول هذه المضغة إلى عظام، والله عز وجل ذكر العظام قبل اللحم، وكان المعروف عند علماء الطب إلى عهد قريب أن اللحم يتكون في البداية ثم العظم بعده، ولكن الله عز وجل ذكر العظم ثم اللحم بعده، وهذا الذي اكتشفوه حديثاً أن العظام تتكون في البداية ثم بعد ذلك اللحم.

    وكانوا قبل أكثر من قرن يقولون: إنه يتكون اللحم ثم العظم، ثم بعد ذلك قبل سنوات قريبة قالوا: يتكون العظم واللحم معاً، ثم اكتشفوا أن العظم يتكون الأول ثم اللحم بعد ذلك، وهذا قد ذكره الله عز وجل هنا، وهم قالوا: إن الفرق بين خلق العظم واللحم وقت يسير جداً لا يكاد يلاحظ؛ ولذلك كانوا يعتقدون أن العظم واللحم يتكونان سوياً.

    قال الله: فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ [المؤمنون:14]، في هذا الطور تكون المضغة المخلقة وغير المخلقة، وتكون الغضاريف التي فيها العمود الفقري والرأس، ثم يتحول إلى خلق آخر وهو خلق الجنين على الهيئة المعروفة في بطن المرأة، فيه اليد، وفيه الرجل، والرأس، والعين، والأنف، (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).

    وقوله سبحانه: (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا) هذه قراءة الجمهور، وقرأها ابن عامر وشعبة عن عاصم : (فخلقنا المضغة عظماً فكسونا العظم لحماً).

    وخلق الجنين خلق عجيب، ففي مرحلة من المراحل لا تميز بين هذه المضغة التي تكون في الإنسان أو الحيوان حتى يحوله الله عز وجل خلقاً آخر متمايزاً، فيتميز الإنسان عن غيره من الحيوانات في المراحل التي بعد ذلك، قال الله: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)، عندما يسمع الإنسان ذلك لا يسعه إلا أن يقول: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أي: كثرت بركة رب العالمين سبحانه وتعالى، وتمجد الله سبحانه في بديع صنعه، وعظيم ما خلق سبحانه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ثم إنكم بعد ذلك لميتون)

    قال الله: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ [المؤمنون:15]، بعد أن خلق الإنسان من طين، وفي النهاية يرجع إلى التراب مرة ثانية، فيدفن في قبره فإذا بالديدان تأكله، والديدان يأكل بعضها بعضاً، ويتحول الجميع إلى تراب، قال تعالى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [الأعراف:29]، فقد بدأكم من تراب وتعودون إلى التراب، ثم يعيدكم مرة أخرى يوم القيامة، يوم يبعثكم سبحانه وتعالى.

    1.   

    إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن تذكير الجنين وتأنيثه في بطن أمه

    روى مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد! قال ثوبان: فدفعته دفعة كاد يصرع منها)، غضب ثوبان لأنه نادى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه ولم يقل: يا رسول الله، وربنا سبحانه وتعالى نهانا أن ندعوه باسمه كغيره من الناس، (فقال اليهودي: لم تدفعني؟ فقال: ألا تقول: يا رسول الله؟! فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي)، يريد أن يحسم الخلاف ويسكت هذا وذاك، (قال اليهودي: جئت أسألك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينفعك شيء إن حدثتك؟ فقال: أسمع بأذني)، وهذه عادة اليهود يسمعون بالأذن فقط، ولا يدخل ذلك إلى قلوبهم، (فقال: أسمع بأذني، فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه في الأرض) كالمتعجب من هذا الذي سيسمع بأذنه! (فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: في الظلمة دون الجسر)، والجسر هو الذي سيعبر عليه الناس فوق متن جهنم إلى أن يدخلوا الجنة أو يتساقطون في النيران والعياذ بالله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (في الظلمة دون الجسر)، وتبدل الأرض غير الأرض والسموات بما يشاء الله سبحانه، وهذا لا يعلمه إلا نبي، واليهودي يعرف ذلك مما أخبرهم به موسى عليه الصلاة والسلام.

    (قال الرجل: فمن أول الناس إجازة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: فقراء المهاجرين، فقال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟)، والتحفة ما تتحف به الضيف أو من يأتي إليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (زيادة كبد النون)، والنون هو: الحوت، فالله عز وجل يطعم هؤلاء من الزيادة التي على كبد الحوت، والله أعلم بعظمه، خلقه الله وجعل تحفة أهل الجنة الأكل من زيادة كبد هذا الحوت، (قال اليهودي: فما غذاؤهم على إثرها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها، قال اليهودي: فما شرابهم عليه؟ قال صلى الله عليه وسلم: من عين فيها تسمى سلسبيلاً، قال: صدقت، قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان، فقال صلى الله عليه وسلم: وهل ينفعك إذا حدثتك؟! فقال: أسمع بأذني، قال: جئتك أسألك عن الولد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنث بإذن الله، فقال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي)، وما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، بل قال: أنت نبي، ويقولون: هو نبي الأميين. (قال: ثم انصرف فذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سألني الذي سألني عنه ومالي علم بشيء منه حتى أتاني به) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما كنت أعرف هذه الأجوبة، ولكن نزل الوحي حالاً على النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بالأجوبة عن هذه الأسئلة.

    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر) يقول العلماء الذين يتكلمون عن هذا الحديث من علماء الطب: إن البشرية لم تعلم بواسطة علومها التجريبية أن الجنين يتكون من نطفة الرجل ونطفة المرأة إلا في القرن التاسع عشر، فقد كانوا يظنون أن الجنين من نطفة الرجل فقط، وتيقنوا ذلك في أول القرن العشرين.

    والحديث تضمن وصفاً لماء الرجل وماء المرأة، وإن كان أكثر أهل الطب إلى عهد قريب يقولون: المرأة ليس لها ماء، فلا يوجد إلا المني من الرجل فقط، ثم بعد ذلك اكتشفوا أن في المرأة حويصلة جراف اكتشفها رجل اسمه دارك، هذه الحويصلة تخرج سائلاً لونه أصفر، قالوا: ماء المهبل يميل إلى الصفرة، وكذلك الماء في حويصلة جراف، قالوا: لكنه يكون قليلاً فلا تشعر به المرأة في الغالب، وقد تشعر به بعض النساء.

    قالوا: عند خروج البويضة من هذه الحويصلة تدعى حينئذ الجسم الأصفر، فلونها أصفر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر)، ولم ير ذلك صلى الله عليه وسلم، وإنما أخبره الوحي بذلك.

    وهنا إعجاز آخر حيث قال: (فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله)، يعني: يكون المولود ذكراً، وإن علا مني المرأة كان المولود أنثى، يقول العلماء: في هذا الحديث إشارة إلى أن إفرازات المهبل لها تأثير في الذكورة والأنوثة، قالوا: إفرازات المبيض حمضية، وتقتل الحيوانات المنوية، وإفرازات عنق الرحم في المرأة قلوية، ولكنها لزجة، وإفرازات الرجل قلوية أيضاً، فإذا غلبت قلوية الرجل على إفرازات الرحم الحمضية كان الجنين ذكراً، وإذا علا ماء المرأة كان المولود أنثى كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال العلماء: لهذه الإفرازات تأثير على نشاط الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة، وقد ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني هذا الأمر، وذكر أنه بحث عن هذا طويلاً حتى لقي دكتوراً مصرياً في أمريكا له سنين يحضر في هذا الأمر، وأخبره أن هذه المسألة ما زالت تحتاج إلى أبحاث جديدة، وله فيها أبحاث لم ينشرها، فأخبره الزنداني بأن هذا موجود في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن ماء الرجل وماء المرأة يكونان سبباً في ذكورة أو أنوثة المولود، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إذا علا ماء الرجل كان ذكراً بإذن الله، وإذا علا ماء المرأة كانت أنثى بإذن الله).

    ومن الأحاديث التي جاءت في هذا المعنى حديث أنس بن مالك الذي رواه البخاري ، وفيه أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه يسأله عن أشياء فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، وهذا عبد الله بن سلام كان من أحبار اليهود، وقد أسلم، أما الآخر فلم يذكر أنه أسلم، فـابن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما للولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخبرني بها جبريل آنفاً)، وذكر له مثل ما ذكر في الحديث الأول، وقال: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ذكراً) يعني: إذا غلب ماء الرجل صار الولد ذكراً، (وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل صار الولد أنثى، فقال عبد الله بن سلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله)، فآمن عبد الله بن سلام بالنبي صلوات الله وسلامه عليه، وطلب منه أن يكتم ذلك، حتى يعرف منزلته عند اليهود، وجاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام ؟! قالوا: أعاذه الله من ذلك)، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرجو أن يسلموا إذا علموا أن كبيرهم وخيرهم قد أسلم، (فقالوا: أعاذه الله من ذلك فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقالوا: أنت شرنا وابن شرنا، فقال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله)، فأحب أن يعرف النبي صلى الله عليه وسلم قدره فيهم وأنه خيرهم وابن خيرهم، وأنه أفضلهم، وعالمهم، فلما علموا أنه أسلم سرعان ما انقلبوا وكذبوا عليه!

    والغرض بيان أن القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها بيان حقائق علمية اكتشفت الآن في زماننا، وهي تبين قدرة الله سبحانه وتعالى، وإعجاز هذا القرآن العظيم، حيث يخبر بحقائق علمية لم تكشف إلا الآن، وقد ذكرها القرآن قبل ألف وأربعمائة عام.

    نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765793526