قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:11].
ذكرنا في الحديث السابق أن هذه الآيات من هذه السورة الكريمة نزلت في تبرئة السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها مما قاله الأفاكون الكذابون المنافقون عنها، وذكرنا ما رواه البخاري ومسلم من هذه القصة التي فيها حديث الإفك، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الناس لما سمع ذلك وقال: (من يعذرني في رجل قال عن أهل بيتي ما قال، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقام رجل من الأنصار وهو سعد بن معاذ عائشة سعد بن عبادة سعد بن معاذ
وأخبرت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءها وقال لها: (إذا كنت قد ألممت بأمر فتوبي إلى الله)، فهي ردت على هذا بما ذكر سابقاً، وفي النهاية أنزل الله عز وجل بعد شهر عذر السيدة عائشة ، وأنها بريئة من هذا الذي قيل عنها، فكان لها منزلة عظيمة جداً عند ربها سبحانه أن ينزل في شأنها عشر آيات.
وكانت تقول: كان شأني في نفسي أحقر من ذلك، يعني: كانت تتمنى أن لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا في منامه تبرئها، لكن أن ينزل قرآن فما كان ذلك على بالها.
وتقول عائشة رضي الله عنها: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها عن أمري: ما علمت أو ما رأت؟ فقالت: زينب رضي الله عنها: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، يعني: أخاف من ذلك، وإني لا أقول كلاماً كذباً أبداً، والله ما علمت إلا خيراً.
وفيه تقوى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهن القدوة للمسلمين والمسلمات من بعد ذلك، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قدوة الجميع، فهؤلاء نساء النبي صلى الله عليه وسلم طهرهن الله عز وجل تطهيراً؛ فلذلك قالت: أحمي سمعي وبصري.
ومهما تكون الغيرة في المرأة من ضرتها لكن لا يدفعها ذلك إلى أن تقول مثل هذه المقالة الشنيعة.
فقالت زينب وهي كانت تغار من عائشة، والسيدة عائشة تغار منها، ولكن مع ذلك شهدت بالحق وأنه مستحيل أن تقع عائشة في ذلك فقالت: ما رأيت إلا خيراً، وما علمت إلا خيراً، وأقسمت بالله على ذلك رضي الله عنها.
إن الذي بدأ بهذا الإفك هو عبد الله بن أبي ابن سلول الرجل المنافق، وقد أسر ذلك لمن حوله من المنافقين فأشاعوا هذا الكلام، ولذلك لم يثبت عليه شيء وإن كان هو صاحب هذه الكذبة العظيمة والإفك العظيم، فحين جاءت السيدة عائشة ومعها صفوان بن معطل السلمي يقود الناقة التي تركبها قال هذا الرجل المجرم: والله ما نجت منه ولا نجا منها، فكان أصل الكلام من هذا الرجل فتناقله الناس، وممن تناقله وثبت عليه حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش، فهؤلاء لما أنزل الله عز وجل براءة السيدة عائشة أمر بهم فأقيم عليهم الحد، وأما عبد الله بن أبي ابن سلول فلم يقم عليه شيء، وهذا من الله عز وجل إملاء واستدراج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحدود كفارة) فمن أقيم عليه الحد فهذا كفارة فيتوب الله عز وجل عليهم بذلك، وأما هذا فالله يستدرجه ويمهله ويؤخره إلى يوم القيامة للحساب العظيم، ولنار جهنم التي يستحقها هنا المنافق وأمثاله.
لذلك إذا كان ربنا سبحانه وتعالى لا يعاقب العبد في الدنيا فليس معنى ذلك أنه أفلت من العقاب، ولكن إن تاب تاب الله عز وجل عليه، وهذا الرجل لم يتب إلى الله، وكان إلى آخر حياته على كفره ونفاقه وكذبه، وعلى الوقيعة بين المؤمنين حتى أهلكه الله سبحانه وتعالى وهو مشهور بالنفاق بين الناس.
فمن كان يدافع عن هذا الرجل علم يقيناً كيف آل الأمر به في آخر حياته إلى النار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى عليه حين مات، ثم نهاه ربه سبحانه وتعالى بعد ذلك أن يصلي على المنافقين، فلما نهاه عن أن يصلي على أحد منهم مات أبداً علم الناس يقيناً أن هذا الرجل كان من المنافقين، وأنه كان لا ينبغي للنبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له كما ذكر الله تبارك وتعالى.
وقد ظلم في هذه القصة مع السيدة عائشة صفوان بن المعطل السلمي فلما عرف أن حسان كان يتكلم فيه أخذ السيف واختبأ في مكان، فلما ظهر حسان علاه بسيفه وقال:
تلقّى ذباب السيف عني فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر
فإن كنت شاعراً تستطيع الرد فأنا لا أرد إلا بالسيف، فضربه السيف، فذهب حسان يشكو للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
وهنا النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالعدل، وإن كان حسان من ضمن من وقع في السيدة عائشة فقد أقيم عليه الحد، فعلى ذلك يكون له القصاص.
فالنبي صلى الله عليه وسلم طلب من حسان أنه يهب ذلك له، قال: واستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، يعني: اتركها من أجلي، فتركها حسان رضي الله وتعالى عنه، وكان حسان بعد ذلك يقول شعراً يمدح عائشة رضي الله عنها، فجلس عند غرفتها وقال عنها رضي الله عنها:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
يذكرها أنها على غاية الكمال في العفة رضي الله تبارك وتعالى عنها، فهي رزينة عاقلة ما يظن فيها أبداً أن تقع في ريبة فضلاً عن أن تقع في ذلك الذي قالوه عنها.
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل، غرثى بمعنى: جائعة غير آكلة، أي: أنها نظيفة طاهرة لا تقع في عرض أحد أبداً، ولا تأكل لحوم الناس بمثل هذه المقالة.
فلما قال لها ذلك رضي الله وتعالى عنهما قالت: ولكنك لست كذلك.
فلما كان الناس يريدون أن يقعوا فيه كانت تنهاهم عن ذلك، وتقول: إنه قد أقيم عليه الحد، وإنه كان شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تذكره بخير. فتأمل ما قال عليها وما قالت عليه، فكان من شعره فيها قوله:
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس ديناً ومنصباً نبي الهدى والمكرمات الفواصل
عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل شين وباطل
فإن كان ما بلغت اللغت أني قلته فلا رفعت سوطي إلي أناملي
فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل
له رتب عال على الناس كلها تقاصر عنها سورة المتطاول
إذاً: يمدح السيدة عائشة ، ويمدح النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يلقب بشاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أقوى شعراء النبي صلى الله عليه وسلم هجاء للكفار، بل جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (أهجهم وروح القدس معك).
يعني: كل شاعر من الشعراء تكون الشياطين من وراءه، لكن هذا كان جبريل من وراءه يؤيده.
فعلى ذلك فله فضيلة، فمن رحمة رب العالمين سبحانه أن أنزل الحدود وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الحد عليه وعلى من معه من المسلمين الذين تكلموا؛ تطهيراً لهم لكي يعرف أنهم قد طهروا من هذا الذي وقعوا فيه.
وأما عبد الله بن أبي ابن سلول فأمره إلى يوم القيامة للعذاب الأليم هو وأمثاله.
جاء في سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك وتلى القرآن، فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم، وسماهم: حسان بن ثابت مسطح بن أثاثة حمنة بنت جحش
قال العلماء: إنما لم يحد عبد الله بن أبي ابن سلول لأن الله تبارك وتعالى قد أعد له في الآخرة عذاباً عظيماً، فكأنه أخر ذلك ليوم القيامة فيأخذ العذاب الشديد.
قال الله عز وجل: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا[النور:12]، هذا تأديب للإنسان المؤمن ألا يسمع كلاماً فيه كذب، أو فيه انتهاك لعرض إنسان مسلم، وأنه إذا سمع ذلك رد على الذي يقوله، ولا يسيء الظن في المسلمين، فالأصل براءة عرض الإنسان المسلم، وأنه بريء مما يرمى به حتى يأتي الرامي بأربعة شهود كما ذكر الله عز وجل يشهدون على ذلك.
وباقي القراء: (لا تحسِبوه شراً لكم) بالكسر.
والمعنى: أن مثل هذا البلاء الذي قد يرمى ويلقى على إنسان في الدنيا ليس بالشر للإنسان طالما كان من وراءه الأجر عند الله، فيصبر الإنسان المؤمن على ذلك.
قال تعالى: بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:11]، أي: وإن كان في ظاهره أنه مصيبة ولكن فيما عند الله عز وجل فيه أجر، فلذلك قال: هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:11]، يعني: فيما تنتظرون من أجر عند الله عز وجل، وأيضاً في الدنيا من تمحيص واختبار وتمييز الخبيث من الطيب، فينتبه الناس من هذا الإنسان الخبيث، ويحذرون شر مثل عبد الله بن أبي ابن سلول في المؤمنين.
قال الله سبحانه: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ [النور:11] يعني: إلا أن يتوب الإنسان ويقام عليه الحد؛ لأن الحدود كفارات للذنوب.
قال تعالى: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ [النور:11] وكأن كثيراً قد تكلموا لكن الذين اشتهر أمرهم أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد عليهم، وأما غيرهم فلم يحصل لهم شيء ولعلهم حكوا الكلام فقط.
وهذا الرجل لم يقم عليه الحد تأخيراً له ليوم القيامة، ووصفه بأنه َالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ [النور:11]، وفي ذلك قراءتان: هذه قراءة الجمهور.
وقراءة يعقوب والذي تولى كُبره منهم ، والكبر من الأمر معناه: عظيم الأمر وأعظم الجرم في ذلك فهو أول من قال بالمقالة الذي ذكرناها والباقون رددوا ذلك، فمن عرف منهم أقيم عليه الحد، والله عز وجل يبسط يد التوبة لمن يتوب إليه سبحانه، فقال: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:11]، يعني: أن الحد لا يكفي لتطهيره؛ لذلك لم يقم عليه في الدنيا، ويدخر له العذاب العظيم ليوم القيامة.
قوله: بِأَنفُسِهِمْ تحتمل وجهين: ظن كل إنسان بنفسه الخير، وأنه لا يتكلم بمثل هذه المقالة التي هي محض من الشر، فعلى ذلك الظن الخير إني أحسن الظن فيمن قيل عنه هذا الشيء، فيظن المؤمنون والمؤمنات بعضهم في بعض الخير.
قال تعالى: ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا أي: ظن بعضهم في بعض الخير، أو استحضروا ظن الخير في أنفسهم فقاسوا غيرهم على أنفسهم، فقد جاء أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله تبارك وتعالى عنه لما سمع ذلك ذهب إلى امرأته وسألها، فقالت له: يا أبا أيوب أسمعت ما قيل في عائشة رضي الله عنها؟ فقال: نعم، وذلك كذب، أكنت يا أم أيوب تفعلين ذلك؟ فهنا ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً، فقالت: لا والله،
قال: فـعائشة أفضل منك لا تفعل هذا الشيء.
فهنا لو أن كل الناس كانوا كـأبي أيوب الأنصاري لأخمد الأمر من أوله، وما كان أحد قال هذا الشيء.
فربنا يؤدب المؤمنين لماذا ما قلتم كما قال أبو أيوب الأنصاري ، وظننتم الخير في أنفسكم وقستم عائشة على أنفسكم، فهي أفضل منكم، وهي أم المؤمنين، فإذا كان أحدكم يأنف أن تقع امرأته في ذلك فهل يظن بالسيدة عائشة أن تقع في مثل ذلك!!
قال تعالى: وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور:12] (الإفك) أعظم الكذب، و(مبين) يعني: بيِّن واضح، فهذا كذب بين واضح.
يقول العلماء: إن هذه الآية أصل في أن درجة الإيمان التي حازها الإنسان، ومنزلة الصلاح التي حلها المؤمن، ولبسة العفاف التي يستتر بها المسلم، لا يزيلها عنه خبر محتمل وإن شاع إذا كان أصله فاسداً أو مجهولاً.
والمعنى: أن الإنسان المؤمن إذا قال: لا إله إلا الله فتحلى بهذه الكلمة فهو معصوم الدم والعرض والمال، هذا الأصل.
فالإنسان طالما أنه مسلم، فالأصل أنه صالح، والأصل أنه عفيف، فهذه أصول لا نزول عنها، ولا نبتعد عنها إلا بشيء يقيني، وعلى ذلك فمهما جاء من كلام: فلان يعمل كذا، فلا يصدق فيه إلا أن يأتي اليقين أنه فعلاً فعل هذا الشيء، فيقيننا لا يزول عن هذا الوصف الذي هو عليه حتى يثبت الشيء الآخر عليه بدليل يقيني.
قال سبحانه: فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ[النور:13]، هذا فيهم وفي كل من كان مثلهم، فكل من رمى مسلماً في عرضه فالأصل أنه كذاب حتى يثبت ما يقول ببينة واضحة، وبشهود تقبلهم الشريعة، فإذا لم يأت بالشهود فهو كذاب عند الناس وكذاب عند الله سبحانه وتعالى.
قال الإمام القرطبي: أي: في حكم الله كاذبون، وقد يعجز الرجل عن إقامة البينة وهو صادق في قذفه، ولكن الشريعة جاءت بحرمة أعراض المسلمين.
يعني: ليس من حقك أن تتكلم حتى يكون عندك شهود يشهدون بهذا الشيء، ولو ترك الأمر هكذا فكلما رأى شخص شيئاً تكلم عنه، ففضح الناس بعضهم بعضاً، ولكن في مثل هذا الشيء لا بد من أربعة شهود وإلا يكون هذا المتكلم كاذباً عند الناس وكاذباً عند الله سبحانه وتعالى.
ولولا فضل الله عليكم ورحمته فإن الأمر أمر خطير جداً أن يغضب النبي صلى الله عليه وسلم، والله لا يسكت على مثل ذلك، ولكن رحمة رب العالمين التي جعلته سبحانه وتعالى بفضله وبرحمته يكف عن هؤلاء العذاب العظيم، كأن يزلزل بهم الأرض، أو يخسف بها فيدخلهم النار.
ولكنه سبحانه لفضله ورحمته سبحانه في الدنيا والآخرة قال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:14]، أفاض في الكلام بمعنى: أخذ في الكلام، وكأنهم تكلموا كثيراً، وشاع الكلام في ذلك، فلولا أن الله برحمة عظيمة واسعة رحمكم بها لكان عذبكم جميعكم في الدنيا بما قلتم عن عائشة رضي الله وتعالى عنها.
يعني: يتلقفه بعضكم من بعض في استعجال ودون روية وتثبت.
وقراءة حمزة وخلف وأبي عمرو وهشام: بإدغام الذال في التاء.
والتلقي بالألسنة لنقل ذلك فأنتم تتكلمون بما ليس لكم به علم، (( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا )) يعني: أن تتكلم عن عرض مسلم فضلاً عن أن تتكلم عن عرض أم المؤمنين رضي الله وتعالى عنها، فذلك ليس هيناً بل هو عند الله عظيم، وكم من الذنوب يقع فيها الناس وينظرون إليها أنها دقيقة وأنها هينة ولا قيمة لها وهي عند الله عز وجل عظيمة، ولذلك جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لما مر بالقبرين يعذبان فقال صلى الله عليه وسلم: إنهما لا يعذبان وما يعذبان في كبير؛ بلى إنه لكبير -يعني: ما يعذبان في كبير في نظرهما، وفي نظر الناس أنه شيء بسيط ولكنه عند الله عظيم فضيع- أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة)، فكم من الذنوب التي يقع فيها الإنسان يحسبها هينة وهي عند الله عظيمة!
نسأل الله العفو والعافي في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر