حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده، فانتزعها فندرت ثنيته، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأهدرها، وقال: أتريد أن يضع يده في فيك تقضمها كالفحل؟) قال: وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده: أن أبا بكر رضي الله عنه أهدرها، وقال: بعدت سنه ].
قوله: [ باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه ].
أي: أنه خاصمه وتنازع معه.
قوله: [ (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده) ].
يعني: أن رجلاً عض يد آخر فنزعها المعضوض فسقطت ثنية العاض بسبب تلك العضة، فلما رفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر ثنيته، ولم يجعل لها دية؛ لأن هذا النزع حصل بسبب الوجع الذي حصل من فعله، ومعلوم أن ذاك ظالم بالعض، ومعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يترك يده يعضها ويقطعها كيف يشاء بأسنانه، فإذا نزعها فهو محق في نزعه، فإذا ترتب على نزعه سقوط أسنانه، فإن ذلك هو الذي جنى على نفسه بالعض؛ ولهذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أتريد أن يضع يده في فيك تقضمها كالفحل؟) يعني: تقضمها بأسنانك كما يقضم الفحل، هذا ليس بمعقول وليس بمسلم، بل إن الإنسان العاض هو الذي جنى على نفسه بكونه عض غيره، فإذا سقطت أسنانه أو بعض أسنانه؛ بسبب نزع المعضوض يده من فيه، فإنه لا يلزم ذلك المعضوض شيء في مقابل ذلك الانتزاع للسن أو الأسنان.
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صفوان بن يعلى ].
صفوان بن يعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده: أن أبا بكر رضي الله عنه أهدرها، وقال: بعدت سنه ].
يعني: قال ابن جريج : وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جده ].
هو زهير بن عبد الله بن جدعان صحابي، أخرج له البخاري وأبو داود.
[ أن أبا بكر ].
أبو بكر الصديق رضي الله عنه، مشهور بكنيته واسمه: عبد الله ، وأبوه: عثمان ، وهو مشهور بكنيته أبي قحافة ، وأبو بكر هو خير أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأفضلهم على الإطلاق، وهو خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأول الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود طريقاً أخرى، وفيها: إن شئت أن تجعله يعض يدك ثم تنزعها، وهو لا يفعل ذلك؛ لأنه لا يصبر على الوجع؛ ولكن قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ليبين له أن هذا غير حاصل منك، فكيف تفعله مع غيرك؟ وعليك أن تقيس الناس على نفسك، فلو عض أحد يدك فإنك لا تصبر على تركها في فمه يقضمها ويقطعها، فكذلك عليك أن تفهم أن غيرك لا يصبر على أن تفعل به ذلك الفعل.
زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أخبرنا هشيم ].
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حجاج ].
هو حجاج بن أرطأة، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ وعبد الملك ].
هو عبد الملك بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عطاء عن يعلى بن أمية ].
عطاء بن أبي رباح ويعلى بن أمية قد مر ذكرهما.
وهو هنا ذكر أن عطاء يروي عن يعلى وهناك ذكر أنه يروي عن صفوان .
حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ومحمد بن الصباح بن سفيان أن الوليد بن مسلم أخبرهم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن) .
قال نصر : قال: حدثني ابن جريج.
قال أبو داود : هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا ].
قوله: [ باب من تطبب بغير علم فأعنت ].
أعنت يعني: حصل له ضرر بسبب علاجه؛ لأنه غير طبيب وإنما هو متطبب، والمقصود من كونه ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء لا يجيده وليس هو من أهله، ومقتضى هذا أن من تطبب أو من طب غيره وهو طبيب فإنه لا يضمن إذا كان لم يحصل منه خطأ، وذلك أنه لو كان طبيباً ماهراً فختن أو قطع الشيء الذي يقطع وحصل ضرر بسبب ذلك فإنه لا يضمن؛ لأنه قطع الشيء الذي يقطع، فإذا حصلت فيه سراية فسرايته هدر، ولكن لو أنه أخطأ وقطع رأس الذكر فإنه يضمن؛ لأنه فعل شيئاً لا يجوز فعله، وأقدم على شيء لا يجوز الإقدام عليه، ويكون على عاقلة الطبيب، وأما المتطبب فهو ضامن إن أخطأ وإن أصاب، يعني: إن أخطأ كما أخطأ الطبيب بأن قطع شيئاً لا يجوز قطعه، أو لم يخطئ ولكنه قطع الشيء الذي يقطع وحصلت سراية، فإنه يكون ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء وهو ليس من أهله.
إذاً: فهناك طبيب ومتطبب، الطبيب إن حصل منه خطأ بأن فعل شيئاً ليس له أن يفعله خطأً فإنه يضمن، وعلى العاقلة الضمان، وإن كان لم يخطئ ولكن حصلت سراية مع إصابته فإنه لا شيء عليه، وأما المتطبب فهو ضامن سواء أخطأ أو لم يخطئ.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو : (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن).
يعني: يضمن ما تلف بسبب تطببه.
قوله: [ (تطبب) ] يعني: أنه تكلف التطبب أو فعل شيئاً لا يجيده.
قوله: [ (ولم يعلم منه طب) ] مفهومه: أن من عرف بالطب فإنه لا يضمن، ولكن هذا في حال إصابته، وأما في حال خطئه بأن أقدم على شيء وقطعه خطأً، فإنه يكون ضامناً.
والطبيب والمتطبب يضمنان وليس عليهما قصاص؛ لأن المتطبب جاهل فهو ضامن، والطبيب أخطأ فهو ضامن.
نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث، أخرج له أبو داود .
[ ومحمد بن الصباح بن سفيان ].
محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ أن الوليد بن مسلم ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن شعيب ].
هو عمرو بن شعيب بن محمد، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن جده ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال نصر قال: حدثني ابن جريج ].
يعني: أن الوليد صرح بالتحديث بينه وبين ابن جريج ، وأما محمد بن الصباح الشيخ الثاني فإنه لم يأت بالتصريح بالتحديث.
[ قال أبو داود : هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا ].
يعني: أنه متردد في صحته أو عدم صحته، لكن المرسل الذي بعده يشهد له، وفيه تدليس ابن جريج فقط، وأما تدليس الوليد بن مسلم فقد صرح بالتحديث.
أورد أبو داود الحديث من طريق مرسلة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ولفظه قال: (أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك، فأعنت فهو ضامن).
يعني: أي معالج متطبب وليس بطبيب ماهر حصل بسبب تطببه ضرر فهو ضامن.
وهذا مثل الذي قبله.
قوله: [ أما إنه ليس بالنعت ]
يعني: هذا التطبب ليس بالنعت بحيث يصف العلاج، ويقول: هذا ينفع في كذا وكذا، وهذا دواؤه كذا وكذا، وإنما هو الشيء المباشر كالبط والكي وقطع العروق.
يعني: أن الذي ينعت الدواء فقط ولا يباشر التطبب بالفعل ليس هو المقصود، وإنما المقصود من قطع عرقاً أو كوى أو بط للجسد فحصل له بسببه ضرر فهذا هو الذي يضمن، أما الناعت فيمكن أن يترك قوله ولا يؤخذ به.
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حفص ].
هو حفص بن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ].
عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي ].
لا يعرف أحد منهم.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن أبي نضرة عن عمران بن حصين: (أن غلاماً لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء، فأتى أهله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: يا رسول الله! إنا أُناس فقراء، فلم يجعل عليه شيئاً) ].
قوله: [ باب في جناية العبد يكون للفقراء ]، أي: أن العبد الجاني تتعلق جنايته وحق غيره برقبته، إما أنه يباع ويؤخذ الحق من قيمته، وإما أن سيده يدفع ذلك الحق الذي تعلق برقبة عبده، وتبقى رقبة العبد الجاني له، وإن لم يدفع فإن الحق متعلق بالرقبة، فصاحب الحق له أن يطالب به، فإما أن يعطى العبد، وإما أن يباع ويأخذ حقه من قيمته، وأما الحر فإن العاقلة هم الذين يتحملون جنايته إن أخطأ، والعاقلة إذا كانوا فقراء ليس عليهم شيء، ولكن الذي يظهر أن هذا يبقى في الذمة، كالحقوق التي لا يمكن أداؤها في الحال، فإنها تبقى متعلقة في الذمة، فإذا أيسروا وإذا قدروا يدفعون، إلا أن يتجاوز عنهم.
أورد أبو داود حديث عمران بن حصين: (أن غلاماً لأناس فقراء).
أي: أن لفظة الغلام ليست مختصة بالعبد ولا بالحر، بل تكون لهذا ولهذا، فكل واحد يقال له: غلام.
قوله: [ (لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء) ] يعني: أنه حصل منه جناية، والذين يتحملون العقل عنه هم فقراء، ومعلوم أن الفقير لا يلزم بشيء لا يطيقه، قال عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، لكن الأمر كما قال الله عز وجل: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280] ، أي: أنه لا يضيع الحق، ولكنه يبقى متعلقاً في الذمة.
قوله: [ (فأتى أهله النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا أناس فقراء، فلم يجعل عليه شيئاً) ].
لم يجعل عليه شيئاً؛ لأنهم فقراء لا يستطيعون الدفع، والله عز وجل يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
وقوله في الترجمة: [ باب في جناية العبد يكون للفقراء ]
الذي يظهر أنه حر وليس عبداً؛ لأن العبد كما هو معلوم الجناية تتعلق برقبته.
والحديث واضح بأنه ألزمهم بأن يعقلوا عنه، وهذا يدل على أنه حر وليس عبداً، فبين الترجمة والحديث مباينة.
والعقل أو الدية إنما تكون في خطأ أو شبه عمد، أما العمد ففيه القصاص، إلا أن يعفو الولي، وعدم ذكر القصاص في هذا الحديث إما أن يقال: إن الغلام ليس بالغاً فعمده خطأ؛ لأنه غلام، أو يقال: إنه قطعها خطأً، لكن كلمة الغلام لا تعني: أنه صغير، قد يكون صغيراً وقد يكون كبيراً.
وكونهم وصفوا بأنهم فقراء فهذا يدل على أنهم يعقلون عنه لكنهم لم يطالبوا بشيء لا يستطيعونه؛ لأن العاقلة إذا كان فيهم فقير وفيهم غني، فالفقير لا يؤخذ منه شيء، وإنما يؤخذ من الأغنياء.
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا معاذ بن هشام ].
معاذ بن هشام صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبي ].
هو هشام الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي نضرة ].
هو المنذر بن مالك بن قطعة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمران بن حصين ].
هو عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الرَّجْل جبار).
قال أبو داود : الدابة تضرب برجلها وهو راكب ].
أورد أبو داود هذه الترجمة [ باب في الدابة تنفح برجلها ]، يعني: ترفس إنساناً أو تضرب إنساناً برجلها، وهذا فيما إذا كانت منفلته ليس معها صاحبها، فإذا جاء شخص إليها فرفسته برجلها، فليس على صاحبها شيء، لكن إذا كانت الدابة صائلة من الصوائل، فتركها صاحبها وآذت الناس، فإنه يكون ضامناً، وكان عليه أن يمسكها وألا يتركها ما دام أنها معروفة أنها من الصوائل، وأما إذا لم تكن صائلة ولكنها دابة ترعى، وجاءها أحد واقترب منها أو لمسها أو أراد منها شيئاً فرفسته برجلها فيكون جباراً، يعني: هدراً لا يضمن صاحبها.
إذاً: إذا كانت الدابة صائلة وتركها صاحبها فإنه يضمن، أما إذا انفلتت منه وهو قد ربطها، أو أغلق عليها، فإنه لا يكون ضامناً؛ لأنه لم يفرط، وأما إذا كان راكباً عليها، وحصل أن رفست برجلها، فمن أهل العلم من قال: إن رفسها برجلها لأحد وراءها لا يقدر راكبها أن يتصرف فيها من الوراء، ولكن لو حصل الضرر بمقدمها، فإن عليه أن يحول بينها وبين ذلك، لكونه يستطيع أن يمسك بخطامها، وأن يمنعها من أن تقدم على شيء من الأمام.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ حدثنا محمد بن يزيد ].
هو محمد بن يزيد الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[ حدثنا سفيان بن حسين ].
سفيان بن حسين ثقة في غير الزهري ، وهنا يروي عن الزهري ، فروايته عن الزهري فيها ضعف، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
والحديث ضعيف؛ لأنه من رواية سفيان بن حسين عن الزهري ، وهو ضعيف في روايته عن الزهري ، وهذا منها، لكن التفصيل الذي ذكرته هو الذي يظهر.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة أنهما سمعا أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العجماء جرحها جبار، والمعدن جبار، والبئر جبار، وفي الركاز الخمس).
قال أبو داود: العجماء المنفلته التي لا يكون معها أحد، وتكون بالنهار لا تكون بالليل ].
قوله: [ باب العجماء والمعدن والبئر جبار ].
جبار يعني: هدر ليس فيها ضمان.
والعجماء هي الدابة، ويقال لها: عجماء جمع عجماوات.
والمقصود من ذلك أن الدابة إذا رفست برجلها أو وهي منفلتة ليس معها أحد، ولم تكن صائلة، فإن جرحها جبار، يعني: هدر لا يضمن صاحبها.
قوله: [ (والمعدن جبار) ] وهو كون إنسان يستأجر أناساً لاستخراج المعادن، ثم ينهار عليهم ذلك المكان الذي فيه المعادن، فإن الذي استأجرهم ليس ضامناً.
قوله: [ (والبئر جبار) ] هو كون إنسان استأجر أناساً يحفرون بئراً، ثم انهارت عليهم البئر فهي مثل المعدن، وهي هدر لا ضمان فيها، وكذلك كون إنسان استأجر إنساناً يبني له عمارة فسقط من العمارة ومات فإنه لا يضمنه، مثل هذه الأشياء لا ضمان فيها؛ لأن الإنسان ليس متسبباً فيه.
قوله: [ (وفي الركاز الخمس) ].
الركاز هو الدفن الذي يوجد من دفن الجاهلية للكفار، فإنه يكون فيه الخمس، وأما ما كان من المسلمين فإنه لقطة يعرف سنة، ثم يكون لمن وجده.
مسدد مر ذكره.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعا أبا هريرة ].
أبو هريرة مر ذكره.
[ قال أبو داود : العجماء المنفلتة التي لا يكون معها أحد، وتكون بالنهار لا تكون بالليل ].
أي: لو أنها دخلت بالنهار في مزرعة وأكلت منها فإنه لا يضمن صاحبها؛ لأن على أهل المزارع أن يحفظوها بالنهار.
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني حدثنا عبد الرزاق ح وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسي حدثنا زيد بن المبارك حدثنا عبد الملك الصنعاني كلاهما عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (النار جبار) ].
أورد أبو داود: باباً في النار تعدى، والمقصود من ذلك أن الإنسان لو أوقد في مكانه أو في أرضه ناراً ثم طار منها شرر إلى جهة أخرى، وحصل تلف شيء بسبب ذلك فإنه لا ضمان عليه؛ لأن هذا شيء لا يملكه الإنسان.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (النار جبار) ] يعني: ما حصل بسبب انتقالها من مكان إلى مكان، فإنه لا ضمان على صاحب النار.
محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسي ].
جعفر بن مسافر التنيسي صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا زيد بن المبارك ].
زيد بن المبارك صدوق، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبد الملك الصنعاني ].
عبد الملك الصنعاني لين الحديث، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن همام بن منبه ].
همام بن منبه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة قد مر ذكره.
حدثنا مسدد حدثنا المعتمر عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: (كسرت
قال أبو داود : سمعت أحمد حنبل قيل له: كيف يقتص من السن؟ قال: تبرد ].
قوله: [ باب القصاص من السن ].
يعني: السن بالسن، ومن حيث الدية فكما عرفنا أن كل سن من الأسنان فيها خمس من الإبل، ولكن إذا حصل التعمد وطلب أولياء المجني عليه القصاص فإنه يقتص من الجاني، وذلك بنزع سنه إذا كانت السن كلها نزعت، أو ببردها إذا كانت كسرت، حتى تكون مماثلة للسن التي جني عليها.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك قال: (كسرت
قوله: [ (فقال
وهذا حلف، وليس المقصود من ذلك الاعتراض على حكم الله، وإنما المقصود من ذلك أنه يريد أن يحصل التنازل، أو يحصل التعويض، ثم إن الله عز وجل سخر أولئك الذين جني عليهم فقبلوا الأرش ولم يصروا على القصاص، فعند ذلك عجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) أي: أنه حلف وحقق الله حلفه ولم يحنث، بأن سخر الله أولئك وتنازلوا عن المقاصة وأخذوا الأرش، فعند ذلك قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:(إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) يعني: أبر يمينه فلم يحنث فيها.
[ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل قيل له: كيف يقتص من السن؟ قال: تبرد ].
يعني: لأنه حصل فيها كسر، لأنه قال في الحديث: (كسرت)، ومعنى ذلك: أن أصلها موجود، أما لو أنها نزعت من أصلها فتنزع، وأما الكسر فالأصل موجود وإنما كسر طرفها، فالطريقة أنها تبرد حتى تكون مساوية لسن المجني عليه؛ لأن التماثل يحصل بهذا، وعند ذلك تكون المقاصة بخلاف لو ضربها فإنها قد تزيد.
مسدد مر ذكره، والمعتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد الطويل ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا الإسناد من الرباعيات، وهي أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.
[ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل ].
أحمد بن حنبل مر ذكره.
الجواب: ليس له ذلك، وإنما يسأل الله عز وجل ويلح في الدعاء بدون أن يقسم، ولكن هذا في أمور تتعلق بالناس.
الجواب: معلوم أن قيمة العبد لازمة لسيده؛ لأنه مال، وإذا كان هذا القاتل معروفاً بالفساد، فإنه يقتل تعزيراً.
الجواب: كلمة الجبروت هذه لا تصلح، وأما قضية الشدة والقوة في دين الله، لاشك أنه كان شديداً وقوياً في دين الله؛ ولهذا قال الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم له: (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك) فهو معروف بقوته وشدته في الدين، وأبو بكر رضي الله عنه كان معروفاً بلينه وبسهولته، لكنه كان أشد من عمر فيما يتعلق بالمرتدين وفي مانعي الزكاة، وجاء عن ابن مسعود في الصحيح أنه قال: ( ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر ) وذلك لشدته وقوته، فكان قبل أن يسلم شديداً على المسلمين، وبعد أن دخل في الإسلام صارت شدته على الكافرين، أما كلمة جبروت أو جبار أو أي عبارة قد يفهم منها ما لا ينبغي، فالمطلوب هو سلامة القلوب والألسنة من كل ما لا يليق بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: القاتل شبه عمد أو خطأ عليه صيام شهرين، أما القاتل عمداً فليس عليه الصيام؛ لأن ذنبه كبير لا يكفره أنه يصوم شهرين، أو أنه يعتق رقبة، وإنما هذه كفارة للخطأ وشبه العمد، وأما العمد فلا يغني فيه التكفير ولا تنفع فيه الكفارة.
الجواب: والله أنا لا أستطيع أن أجيز كل من سمع وكل من حضر بأن يدرس السنن، ولكن الإنسان هو أدرى بنفسه وهو أعرف بنفسه، فإذا كان يرى من نفسه القوة، فإن له أن يدرس، لكن الأولى له أن يدرس الأمور السهلة واليسيرة ويبدأ بها، هذا إذا كان لم يدرس شيئاً في الحديث غير هذا الكتاب، فلا يذهب ليدرس هذا الكتاب رأساً، وإنما عليه أن يبدأ بالأمور اليسيرة والسهلة قبل ما هو أعلى منها مثل: الأربعين النووية، ومثل: عمدة الأحكام، وعمدة الأحكام كلها أحاديث صحيحة متفق عليها، وإن كان بعضها قد حصل شيء من الوهم للمقدسي رحمه الله فيقول: متفق عليه ويكون في أحد الصحيحين وليس فيهما جميعاً.
إذاً: الإنسان يتقي الله ما استطاع وينفع ما استطاع، ولكن لا يقدم على شيء لا يجيده ولا يتمكن من إعطائه ما يستحق.
الجواب: على الإنسان الذي وفقه الله لطلب العلم ودرس مدة من الزمان في تحصيل العلم، أن يبلغ وأن يدعو إلى الله عز وجل، وأن يبصر غيره، وأن يكون هو قبل ذلك عاملاً بعلمه، ثم قبل هذا كله أن يكون صادقاً في دعوته ومخلصاًلله في قصده، حتى يحصل الأجر والثواب من الله عز وجل، وحتى يكون لدعوته فائدة، ويكون لها ثمرة، ثم عليه أن يحفظ وقته، وأن يقسمه -إذا كان محتاجاً إلى العمل من أجل كسب الرزق- بين الدعوة والتدريس وبين طلب الرزق، فعليه أن يخصص شيئاً من الوقت في هذه المهمة، ويخصص للدعوة أوقاتاً أخرى، وبذلك يكون الإنسان قد جمع بين ما يحتاج إليه وما تتطلبه ظروفه المعيشية من تحصيل القوت الذي يستغني به عن الناس ولا يشغل باله فيه، وفي نفس الوقت يخصص أوقاتاً أخرى للدعوة والتوجيه والإرشاد، ومعلوم أن الإنسان إذا كان ذا همة عالية فإنه ينتهز الفرص ويغتنم الأوقات، وإما أن تكون هناك جهات تجمع الناس ويقوم بتوجيههم وإرشادهم كالمدارس، أو أنه يحرص على أن يتكلم في المساجد بعد الصلوات بكلمات مفيدة بصفة مستمرة، بحيث تكون الكلمات قصيرة ولكنها نافعة، فهذا أمر طيب.
إذاً: المسألة تتوقف على قوة العزيمة والصدق والهمة العالية، وإلا فإن الإنسان إذا أرخى لنفسه العنان، ثم بدأ حياته بعد الدراسة بالكسل والخمول، فإنه يستمر على كسله وخموله، ولا تلبث معلوماته التي حصلها فيما مضى أن تتلاشى وتضمحل، ولكنه حين يكون مشتغلاً بالعلم تعلماً ومذاكرة واطلاعاً وتدريساً ودعوة وإرشاداً، فإن هذا هو الذي يبقي على علمه، ويزيد في علمه وفي معلوماته، وفي نفس الوقت ينفع نفسه وينفع غيره، فيكون مفيداً مستفيداً وراشداً مرشداً وهادياً مهدياً، المهم في الأمر قوة العزيمة والهمة العالية، وأسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يجعلنا جميعاً هداة مهتدين إنه سبحانه وتعالى جواد كريم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر