باب ما يلزم الإمام من حق الرعية.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع عليهم، وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنه، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: كتاب الخراج والإمارة والفيء، هذه الترجمة لثلاثة أشياء: الأول والأخير يتعلقان بالمال، والثاني يتعلق بالإمارة والولاية.
والخراج يطلق ويراد به المال الذي يأتي مما يصالح عليه الكفار من جزية وغيرها، كما أن الخراج يطلق أيضاً على ما يتفق السيد مع عبده على أن يأتي به من مقدار معين.
والفيء: هو ما يحصل عليه المسلمون من الكفار من غير قتال، فهو ما أوجف الله عز وجل عليهم من غير قتال، والذي يكون بالقتال غنيمة، والذي يكون بدون قتال فيء، وقد تدخل الجزية تحت ما يحصل عليه المسلمون من الكفار من غير قتال.
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب ما يلزم الإمام من حق الرعية، يعني: ما يلزم الوالي والأمير لرعيته، أي: ما يكون عليه من الحقوق لهم، والمقصود من ذلك كونه يعمل ما فيه مصالحهم، وما فيه جلب الخير لهم، ودفع الضر عنهم، وإقامة أمور دينهم ودنياهم؛ لأن الإمارة والخلافة والولاية هي ولاية عامة يقصد بها إقامة الدين ورعاية مصالح الأمة، فيجب أن يكون قائماً بأمور دينهم ودنياهم، ويعمل على ما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، وعلى ما فيه الخير لهم في دينهم ودنياهم، وهذا هو مجمل حق الرعية على الراعي أو الأمة على الإمام أو المأمورين على الأمير.
والولاية متفاوتة بعضها أوسع من بعض، فالولاية العامة تكون للخليفة الذي يكون مسئولاً عن الرعية، ويعين الأمراء ويعين الولاة على المدن والقرى والأقاليم، ويكون مسئولاً عن الجميع، فكل إمارة وكل ولاية فذلك الوالي مسئول عما استرعاه الله عز وجل، فالإمام يكون مسئولاً عن كامل الرعية، وعن الأمراء الذين يوليهم عن الرعية، وكل أمير مسئول في حدود ولايته عن الجماعة الذين استرعي عليهم، وصار أميراً عليهم، فالإمارة تشمل الإمارة العامة التي تكون للخليفة، ويكون هو المسئول الأول في البلاد، وتشمل الأمراء الذين يعينهم الإمام على النواحي أو المدن أو القرى، فإن كل واحد منهم يقال له: أمير، وكل منهم مسئول في حدود ولايته وإمارته، وبعضها يكون أوسع من بعض، وبعضها أكبر من بعض، فالإمام الأعظم هو المسئول الأول عن الجميع، وكل أمير مسئول عن الناحية التي ولي عليها سواءً كانت إقليماً أو مدينة أو قرية.
أورد أبو داود حديث عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا كلكم راع ومسئول عن رعيته) وهذا لفظ عام فصله بقوله: (فالأمير الذي على الناس راع عليهم، وهو مسئول عنهم)، والأمير يشمل الأمير العام الذي هو الخليفة والمسئول الأول في البلاد، ويشمل الأمراء الذين يعينهم ويوليهم على النواحي والأقاليم والمدن والقرى، فكل واحد من هؤلاء الأمراء مسئول عن رعيته، فالأمير على قرية مسئول على القرية وأهل القرية، والأمير على المدينة كذلك، والأمير على إقليم وناحية كذلك، والذي يكون مسئولاً عن الجميع هو الإمام الأعظم والخليفة.
وقوله: (فالأمير الذي على الناس راع ومسئول عنهم) يشمل من كان خليفة أو كان أميراً على جماعة من الناس في إقليم أو مدينة أو قرية، كل هؤلاء يندرجون تحت لفظ الأمير، وهم مسئولون عن ولايتهم، ومعنى ذلك أنهم مسئولون يوم القيامة عما استرعاهم الله عز وجل عليه، ويلزم كلاً منهم النصح لمن كان والياً عليهم، فيعمل على تحصيل كل خير لهم، ودفع كل شر عنهم، ويعمل على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وكل ذلك من واجبات الإمام ومن واجبات الأمير، فهذا هو واجبه، وهو مسئول عن أداء هذا الواجب يوم القيامة، فهو راع ومسئول عن رعيته.
قوله: (والرجل راع في أهل بيته) هذه ولاية خاصة، فالرجل مسئول عن أهل بيته، وهم رعيته، وهو مسئول عما استرعاه الله من أولاده ونسائه ومن يكون تحت ولايته في بيته، فيجب عليه أن يعمل ما فيه خيرهم في دينهم ودنياهم، بأن ينفق عليهم، ويحسن إليهم، ويعاملهم المعاملة الطيبة، ويعمل على استقامة أمورهم، وعلى قيامهم بأمور دينهم، وكل ذلك مسئول عنه صاحب البيت، وهذه ولاية خاصة، ولهذا له أن يؤدب بيده أبناءه وبناته، وهو من أهل اليد وأهل السلطة والولاية في ذلك، فهو راع ومسئول عن رعيته يوم القيامة، هل أدى ما يجب عليه نحو من ولاه الله عليهم وهم أهل بيته من الإنفاق عليهم، والإحسان إليهم، والقيام بشئون دينهم ودنياهم، وما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم؟
فإن أحسن فإنه يحسن لنفسه، وإن أساء فإنه يسيء عليها، ويعاقب على إساءته؛ لإخلاله بما أوجبه الله عليه من رعاية أهل بيته والقيام بشئونهم، وما يصلح أمور دينهم وديناهم.
قوله: (والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم) يعني: مسئولة عن قيامها بما هو واجب عليها في البيت من تدبير أمور البيت على الوجه المشروع، ومن رعاية الأولاد وتربيتهم وتنشئتهم، والإحسان إليهم، فهي مسئولة عن ذلك، ومسئولة عن رعيتها يوم القيامة.
قوله: (والعبد راع في مال سيده ومسئول عن ذلك يوم القيامة) يعني في الشيء الذي جعل تحت ولايته، ووكل إليه سيده القيام به، فهو مسئول عنه، فإن قام به على الوجه المشروع فإنه يسلم يوم القيامة، وإن خان وغير وبدل فإنه يؤاخذ على ذلك يوم القيامة.
قوله: (فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ختم الحديث بما بدأ به؛ لأنه بدأ بهذا التعميم، ثم فصل ثم ختم بالتعميم، وهذا كله لتأكيد أمر الولاية، وأن كل إنسان مسئول عما ولاه الله عليه، وما جعل إليه، وليس هذا مقصوراً على هذه الأصناف الأربعة، بل يعم كل من يكون مسئولاً عن شيء، ومن يكون والياً على شيء، سواءً كان أميراً أو موظفاً أو ما إلى ذلك، فإنه مسئول عما وكل إليه ومن يكون تحت ولايته من الموظفين.
وهذا الحديث من جوامع كلم الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وفيه الإجمال والتفصيل، أجمل في الأول وفي الآخر، والإجمال في الآخر من باب التأكيد، وفصل في الوسط بأن ذكر أمثلة من الولاة، وهم: الأمير، وصاحب البيت، والمرأة في بيت زوجها، والعبد في مال سيده.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن دينار ].
عبد الله بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من الرباعيات عند أبي داود ، وهي أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.
حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا هشيم أخبرنا يونس ومنصور عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يا
أورد أبو داود باب ما جاء في طلب الإمارة أي: كراهية ذلك، ولا ينبغي أن الإنسان يحرص على الإمارة ويسعى في تحصيلها، ويسعى أن يكون مسئولاً وأميراً أو والياً على أحد من الناس وإن لم يكن أميراً؛ لأن هذا كله مما فيه تبعة كبيرة، ومسئولية عظيمة، والإنسان إذا حرص على شيء ورغب فيه، وسعى جاهداً للحصول عليه، قد لا يوفق في ذلك، ويوكل إلى نفسه، وإذا لم يكن حريصاً على الإمارة أو الولاية، وليس راغباً فيها، وأسندت إليه؛ فذلك مظنة أن يحصل له العون عليها؛ لأنه ما سعى فيها حتى يوكل إليها، وإنما بلي بها وأسندت إليه دون طلب منه.
أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: [ (يا
وأيضاً جاء في الحديث: (من تواضع لله رفعه الله).
هذا التوجيه من النبي الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه فيه بيان أن طلب الإمارة يأتي بالمضرة، وقد لا يوفق الإنسان في مهمته، والإنسان الذي أعطي الإمارة من غير مسألة يعان على ذلك، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعطي الإمارة من يطلبها لئلا يوكل إليها، ويعطيها من لا يطلبها كما سيأتي في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه.
محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشيم ].
هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و منصور بن زاذان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن سمرة ].
عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه جاء ومعه اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبا الولاية؛ فقال عليه الصلاة والسلام: (إن أخونكم عندنا من طلبه) يعني: من طلب الولاية، وهذا اللفظ جاء في هذه الرواية، وقد جاء الحديث في الصحيحين وفي غيرهما بغير هذا اللفظ، وليس فيه ذكر الخيانة، ولكنه لم يولهما، وقد ولى أبا موسى الأشعري الذي ما طلب الولاية.
وفي الصحيحين أن أبا موسى جاء ومعه اثنان من الأشعريين وهو بينهما، واحد عن يمينه وواحد عن شماله حتى وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فطلب كل واحد منهما الإمارة، فـأبو موسى أراد أن يدافع عن نفسه وخشي أن يظن أن مراده مرادهم، فقال: إنني ما علمت بالشيء الذي أراداه، يعني ما علم بالشيء الذي كان في أنفسهما، وهو ما طلباه من النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا لا نولي هذا الأمر أحداً طلبه)، وولى أبا موسى الأشعري ولم يولهما.
فالحديث ثابت في مجيء أبي موسى ومعه اثنان، وأنهما طلبا الولاية، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يولهما وولاه، وأما قوله: (إن أخونكم عندنا من طلبه) فهذا جاء في هذه الرواية من هذا الطريق، وفيه مخالفة لرواية الثقات الذين رووه بدون ذلك، فهي من قبيل رواية الضعيف المخالف للثقات، فيكون هذا اللفظ من قبيل المنكر؛ لأن مخالفة الضعيف للثقة يسمى منكراً، ومخالفة الثقة لمن هو أوثق منه يسمى شاذاً، وهذا من قبيل مخالفة الضعيف للثقة؛ لأن إسماعيل بن أبي خالد يروي عن أخيه، وأخوه مبهم غير معلوم، وله عدة إخوة يروي عنهم.
وهب بن بقية الواسطي ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا خالد ].
خالد بن عبد الله الطحان الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل بن أبي خالد ].
إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أخيه ].
أخوه غير معروف.
[ عن بشر بن قرة ].
بشر بن قرة الكلبي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أبي بردة ].
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى الأشعري ].
أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو صحابي جليل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الجواب: القضاء رئاسة شرعية، وهي مثلها، فلا يطلب الإنسان القضاء.
أما طلب الإنسان أن يكون إماماً من أجل أن يحافظ على الصلاة أو من أجل أن يعتني بالقرآن أو من أجل أن ينفع الناس بالتدريس فهذا لا بأس به.
الجواب: يجوز طلب الإمارة إذا تعين ذلك على الإنسان، وعلم من نفسه أنه قادر على القيام بذلك، ويوسف هو رسول الله عليه الصلاة والسلام وليس كغيره، وإذا تعين على الإنسان أن يقوم بهذا الأمر، وأنه إذا أسند إلى أحد غيره قد يسيء فيه؛ فطلبه يكون له وجه.
الجواب: لا شك أنه من طلب الإمارة، (ولكل امرئ ما نوى)، لكن في الغالب يكون رغبة في العلو، ورغبة في السلطة والولاية.
حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلف
أورد أبو داود باب الضرير يولى، يعني: ولاية خاصة، كأن يكون أميراً على قرية أو مسئولاً في غيبة الأمير، هذا هو المقصود من تولية الضرير، وذلك سائغ، وبعض أهل العلم قال: إن المقصود به إمامة الصلاة بالناس، ولكن الذي يظهر هو ما ذكره ابن عبد البر أنه ولاه عدة مرات لغير الصلاة، وليس مرتين فقط، وهذا يدل على أن هذا سائغ وجائز ولا بأس به.
قوله: (استخلف النبي صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي بكسر الراء المهملة المشددة، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ].
عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عمران القطان ].
عمران بن داور القطان وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا موسى بن عامر المري قال: حدثنا الوليد حدثنا زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه) ].
أورد أبو داود باباً في اتخاذ الوزير، يعني: أن الأمير لابد له من يعينه ويؤازره ويشد أزره، ويتحمل معه المسئولية، ويكون له عوناً على القيام بالواجب، فلابد للأمير من وزير، ولابد له ممن يساعده ويعينه ويشد أزره في مهمته التي تولاها.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (إذا أراد الله بالأمير خيراً جعل له وزير صدق) يعني: صادقاً في قوله وعمله. (إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه) يعني يذكره الشيء الذي ينساه مما هو واجب عليه، ومما هو مطلوب منه، وإن كان ذاكراً يكون عوناً له على القيام بهذه المسئولية، والقيام بتنفيذ هذه المهمة التي هو ذاكر لها، ولكنه بحاجة إلى من يعينه عليها.
قوله: (وإذا أراد الله بالوزير غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه) يعني يجعله يبقى على عماه وعلى غفلته وعلى إهماله وتضييعه، وإن ذكر لم يعنه، وقد يخذله، ويكون سبباً في الحيلولة بينه وبين أن ينفذ الشيء الواجب عليه، بأن يفت في عضده، ويسوفه، ويأتي بالأمور التي تجعله لا ينفذ ذلك الشيء الواجب عليه.
موسى بن عامر المري صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا الوليد ].
الوليد بن مسلم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير بن محمد ].
زهير بن محمد التميمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن القاسم ].
عبد الرحمن بن القاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا محمد بن حرب عن أبي سلمة سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب على منكبه ثم قال له: أفلحت يا
أورد أبو داود (باب في العرافة) والعرافة: مأخوذة من التعريف، يعني: كون الإنسان يصير مسئولاً عن جماعة يعرف بهم، ويكون واسطة بين الأمير وبينهم، ويعرفون بواسطته، قيل له: عريف؛ لكونه يرجع إليه في معرفة الأشخاص الذين يوكل إليه ما يتعلق بشئونهم، وإذا كانت هناك أمور يبلغها إياهم، وإذا كانت هناك أمور مطلوبة منهم يكون هو المسئول.
وقد جاء في السنة ما يدل على العرافة، ففي الصحيحين أو في أحدهما في قصة حنين وسبي هوازن، أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قسمة الغنائم والسبي جاء وفد هوازن إلى النبي صلى الله عليه وسلم تائبين، وطلبوا منه أن يرد عليهم السبي والمال، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فجمع الناس وقال: (إن إخوانكم جاءوا تائبين، وقد طلبوا أن يرد عليهم سبيهم، فمن أعطيناه من السبي وأراد أن يطيب فليفعل، ومن أراد أن يحتفظ بحقه فإنا نعوضه من أول شيء يفيء الله علينا) يعني: أن السبي الذي قسم أراد أن يسترجعه، ومن سامح وتنازل عن حقه سقط حقه، ومن احتفظ بحقه ولم يرد أن يتنازل عن حقه من السبي فإنه يعوضه النبي صلى الله عليه وسلم من أول شيء يحصل، (فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: طيبنا طيبنا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ما نعرف من طيب ممن لم يطيب، فاذهبوا حتى يأتي إلينا عرفاؤكم، فجاء إليه العرفاء بعد ذلك وقالوا: إنهم طيبوا) يعني: أن كل شخص مسئول عن جماعة جاء وقال: إن جماعته الذي هو مسئول عنهم موافقون على التنازل، فهذا فيه دليل على مشروعية اتخاذ العرفاء الذين يكونون مسئولين عن بعض الجيش أو بعض الناس، وهم مثل الذين يسمون في هذا الزمان: شيوخ القبائل، فكل شيخ قبيلة يكون مسئولاً أمام الوالي عن جماعته والتعريف بهم، ومعرفة من هو من القبيلة ممن ليس من القبيلة.
أورد المصنف حديثاً عن المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبه ثم قال له: أفلحت يا
عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا محمد بن حرب ].
محمد بن حرب الحمصي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة سليمان بن سليم ].
أبو سلمة سليمان بن سليم وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن يحيى بن جابر ].
يحيى بن جابر وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن صالح بن يحيى بن المقدام ].
صالح بن يحيى بن المقدام وهو لين، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن جده المقدام بن معد يكرب ].
المقدام بن معد يكرب صحابي رضي الله عنه، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
آفة هذا الحديث صالح بن يحيى ، لم يوثقه إلا ابن حبان ، ومع ذلك قال: ثقة يخطئ، يعني: مع كونه ذكره في الثقات قال: إنه يخطئ، وأيضاً ذكره في طبقة أتباع التابعين، وعلى هذا يكون فيه انقطاع.
أورد أبو داود هذا الحديث عن رجل غير معروف، لا هو ولا ابنه ولا ابن ابنه، وهو يتعلق بالعرافة كما ترجم له المصنف، وفي آخره قال: (إن العرافة حق) يعني: أن الحاجة إليها قائمة وموجودة، ولابد للناس منها.
قوله: (وإن العرفاء في النار) معنى ذلك لو صح: إذا ما قاموا بالواجب عليهم أو انحرفوا في مهمتهم، فإن ذلك من أسباب دخولهم النار، لكن الحديث غير ثابت، وأما اتخاذ العرفاء، وأن الناس لابد لهم من عرفاء فهذا ثابت كما تقدم.
قوله: [ عن رجل عن أبيه عن جده: أنهم كانوا على منهل من المناهل ] يعني: على ماء يستقون منه ويشربون.
قوله: [ فلما بلغهم الإسلام جعل صاحب الماء لقومه مائة من الإبل على أن يسلموا ] يعني دفعها لهم ليسلموا فأسلموا، ثم بعد ذلك بعث ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: إنني قد دفعت لهم هذا المقدار من الإبل على أن يسلموا، وإنني أردت أن أسترجعها، فهل أنا أحق بها أم هم؟ ثم إن أجابك فأخبره أن والدي شيخ كبير، وهو العريف على الماء، وأنه يسألك أن تجعل لي العرافة من بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العرافة حق، ولابد للناس من العرفاء، والعرفاء في النار)، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، وهو غير ثابت، ولو ثبت فإن المقصود من ذلك الذي يخون في ولايته، وفي مسئوليته، ويأتي بشيء على خلاف الحقيقة وعلى خلاف الواقع، فإن ذلك من أسباب دخوله النار.
وما جاء في هذا الحديث من أنه قال: (إن أردت أن تسلمها لهم فأمضها، وإن أردت أن تسترجعها فأنت أحق بها) فيه دليل على أن الشيء الذي يعطى للإنسان على أمر واجب لا يستحقه؛ لأن هذا الشيء مطلوب منه ومتعين عليه، فهو لا يحتاج إلى أن يعطى شيء مقابله، مثل كون الإنسان يعطى مالاً على أن يصلي، فالصلاة واجبة ولا تحتاج إلى أجرة، وكذلك الدخول في الإسلام لازم ومتعين، وإذا دخلوا في الإسلام سلموا من النار، والمصلحة لهم والفائدة تعود عليهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل الأمر إليه، إن أراد أن يسترجع استرجع، وإن أراد أن يترك ترك.
مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا بشر بن المفضل ].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا غالب القطان ].
غالب القطان وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل عن أبيه عن جده ].
هذا الرجل مبهم، وأبوه كذلك، وجده كذلك.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا نوح بن قيس عن يزيد بن كعب عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (السجل كاتب كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي باب اتخاذ الكاتب، فالأمير والوالي لابد له من كاتب يتولى الكتابة له للجهات التي يريد، والنبي صلى الله عليه وسلم كان له كتاب يكتبون له الوحي وغير الوحي مثل الرسائل التي كان يبعث بها إلى الملوك والرؤساء.
أورد أبو داود أثراً عن ابن عباس قال: (السجل كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم) أي: أن هذا اسم كاتب للنبي عليه الصلاة والسلام، والحديث غير صحيح، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له كاتب اسمه السجل، وليس في الصحابة صحابي يقال له: السجل، فالحديث غير ثابت، ولكن اتخاذ الكاتب لابد منه، ويحتاج إليه الوالي.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا نوح بن قيس ].
نوح بن قيس وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد بن كعب ].
يزيد بن كعب وهو مجهول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن عمرو بن مالك ].
عمرو بن مالك وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن.
[ عن أبي الجوزاء ].
أبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: قد أشرت إلى هذا، وذكرت أن ابن حبان قال: إنه في طبقة أتباع التابعين، وعلى هذا فيكون فيه انقطاع.
الجواب: الأصل عدم التدليس حتى يعرف، وليس كل إسناد فيه الوليد وفيه عنعنة من فوق شيخه يقدح فيه، فإن كثيراً من رواياته ثابتة ومحتج بها وفيها العنعنة فيما فوق شيخه.
الجواب: الذي يبدو أنه ليس على إطلاقه، والمراد به الإنسان الذي ما عنده سداد، وأما من خلف مالاً فإن الدين مقدم على الوصية والميراث قال الله: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر