إسلام ويب

وقفات مع قصة طالوت وجالوتللشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أعطى الله سبحانه طالوت الملك على بني إسرائيل مع فقره وعدم انتسابه إلى من يستحق الملك في عرفهم، فالله تعالى يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم، وقد أعطى سبحانه بعد ذلك الملك والحكمة لداود عليه السلام. وفي قصة طالوت وجالوت من العبر أن العاقبة للمتقين الصادقين الصابرين، المنقادين لأوامره سبحانه، المجتنبين لنواهيه، وفيها العظة والعبرة لأبناء الصحوة الإسلامية أن يثبتوا على الدين الصحيح والعقيدة السليمة، والله ناصرهم ومهلك عدوهم، وممكن لهم في الأرض ما استقاموا على دينه.
    إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.

    جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كان بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي).. إلى آخر الحديث.

    وهذا يدل على أن أعظم أمة من الأمم إرسالاً للنبوة هم بنو إسرائيل، والله عز وجل خصهم بأنبياء لم يخص قوماً غيرهم، ومع هذا فهم يؤثرون الضلال، ويؤثرون الحيرة والتيه، بل هم الذين فعلوا بأنبيائهم الأفاعيل، أقاموا عليهم فقتلوهم وضربوهم وآذوهم، بل وحملوهم على الهجرة من بلاد إلى بلاد أخرى، فعلوا ما لم تفعل أمة بنبيها، وهذا منتهى الفساد في الأرض، فمحاربة الأنبياء والمرسلين إنما هي فرع عن محاربة الله تبارك وتعالى.

    وقد ذكر الله عز وجل قصصاً لبني إسرائيل في القرآن الكريم، وما أكثرها، نجتزئ منها قصة في هذا اليوم؛ لنأخذ منها العبرة والعظة.

    قال الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:246-249].. إلى آخر الآيات.

    هذه القصة فيها عبرة عظيمة جداً، فهي تحكي واقع المسلمين اليوم.

    فقوله: (كان بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء) أي: يرسل الله تبارك وتعالى في بني إسرائيل نبياً تلو نبي، بل ربما أرسل عدة أنبياء في وقت واحد، وفي مكان واحد، كما أرسل إلى بني إسرائيل موسى وهارون، وكما أرسل إلى بني إسرائيل داود وسليمان.. وغير ذلك من الأنبياء.

    فالله عز وجل كان يرسل العدد من الأنبياء في بني إسرائيل في الوقت الواحد؛ للقيام بأعمال بني إسرائيل، وهدايتهم إلى الطريق المستقيم، والدلالة على الله عز وجل، ولكنهم أعرضوا وجحدوا في كل مرة، ومع كل نبي.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088972435

    عدد مرات الحفظ

    780270256