وشرط تقدم ملك شفيع وكون شقص مشاعاً من أرض تجب قسمتها، ويدخل غراس وبناء تبعاً، لا ثمرة وزرع، وأخذ جميع مبيع، فإن أراد أخذ البعض، أو عجز عن بعض الثمن بعد إنظاره ثلاثاً، أو قال لمشترٍ: بعني أو صالحني، أو أخبره عدلٌ فكذبه ونحوه: سقطت، فإن عفا بعضهم أخذ باقيهم الكل أو تركه.
وإن مات شفيعٌ قبل طلب بطلت، وإن كان الثمن مؤجلاً أخذ مليءٌ به، وغيره بكفيل مليء.
ولو أقر بائع بالبيع وأنكر مشترٍ ثبتت].
تعريف الشفعة: هي استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي بثمنها الذي استقر عليه العقد. وهكذا تعريفها في زاد المستقنع، وسيتضح بالأمثلة كما سيأتي إن شاء الله.
فالشركة مشروعة؛ لأن الشركاء قد يتضايق بعضهم ببعض، قال الله تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص:24]، فيكون الشريك أحق بانتزاعها بالثمن الذي اشتراها به زيد.
الشرط الأول: أن يبادر بأخذها فوراً ولا يؤخر الطلب؛ وذلك لأنه قد يتضرر المشتري فقد يتصرف فيها، فلابد أن يبادر ساعة ما يعلم أن شريكه باع، فيذهب إلى المشتري ويقول: إني شافع، أو يشهد من حوله: اشهدوا أني قد شفعت في حصة شريكي التي باعها على زيد.
الشرط الثاني: أن يكون الشفيع مسلماً؛ فإذا كان كافراً فلا شفعة له على مسلم، فلو كان أحد الشريكين كافراً، فباع المسلم على مسلم وأراد الكافر أن ينتزعها من المسلم، لم يجز له ذلك، وذلك لئلا يعلو على المسلم، فالإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فلا شفعة لكافر على مسلم، ولو كانت الشركة بين كافرين فباع أحدهم على مسلم وأراد الكافر الثاني أن يشفع فلا شفعة له.
الشرط الثالث: تمام الملك: فإذا لم يكن الملك تاماً فلا شفعة.
كيف يكون تمام الملك؟
إذا كان قد ملكها إرثاً أو هبة أو ملكتها المرأة صداقاً بعد الدخول، أو ملكها الزوج مقابل خلع، أو ملكها شراءً، أو ملكها جميعاً بالإحياء، ففي هذه الحال له الشفعة، أما إذا لم يكن الملك تاماً فلا شفعة.
وصورة ذلك: إذا ملكتها المرأة صداقاً ولكن قبل أن يدخل بها الزوج باع شريكها، فلا شفعة لها؛ لأنه يمكن أن يطلقها قبل الدخول، فإذا طلقها ترجع نصف الأرض، فلا يكون لها شفعة.
وهكذا إذا كانت الأرض مجرد إقطاع، وأن الخليفة أو الملك أقطع هذه الأرض التي هي -مثلاً- مائة في مائة لزيد وعمرو، فلا يملكانها إلا بعد الغرس فيها أو بعد سقيها أو بعد البناء فيها، فإن باع أحدهما قبل الغرس ونحوه لم يكن الملك تاماً.
أي: ولو كانت الحصة قليلة، فلو كانت الأرض بين اثنين أحدهما له تسعة أعشارها والثاني له العشر، وباع صاحب التسعة الأعشار، فصاحب العشر له الشفعة على المشتري.
ولو تعدد المشتري: فلو كان المشتري -مثلاً- عشرة، كل واحد اشترى منها قطعة، فلصاحب العشر أن يشفع على الجميع، ويقول: أنا أحق؛ لأني شريك.
وكذلك لو كان العكس، فلو كان الذي باع هو صاحب العشر، فلصاحب التسعة الأعشار أن يأخذ هذا العشر فيضمه إلى ملكه ويعطي المشتري ثمنه، هذا إذا كان الانتقال بعوض مالي.
مثال ثانٍ: إنسان قتل رجلاً عمداً، فقال: أولياء القتيل: سوف نقتلك أو تعطينا نصيبك من هذه الأرض بالغاً ما بلغ، فقال: خذوا الأرض، وقيمتها مائة ألف أو مائتا ألف أو ثلاثمائة، فهل هم أخذوها هنا بعوض مالي؟
ما أخذوها إلا عوضاً عن دم صاحبهم، فهذا عوض ليس بمالي، فليس فيه شفعة.
الشرط الأول في قوله: (وشرط تقدم ملك شفيع) أي: على البيع، فيخرج ما إذا ملكاها سواء فليس لأحدهما شفعة على الآخر، فإذا اشترى زيد وعمرو أرضاً على أنها شراكة بينهما، وكل منهما دفع نصف الثمن، فهل لأحدهما شفعة على الآخر؟ الجواب: ليس لأحدهما شفعة؛ لأنهما ملكاها دفعة واحدة، واشترياها سواءً.
وهذا فيه خلاف، فقسمة الأرض تنقسم إلى قسمين:
قسمة إجبار، وقسمة تراضٍ.
فقسمة الإجبار: إذا كانت الأرض واسعة، وإذا قسمت لم يتضرر أحدهما، كأرض مساحتها مائة متر، فإذا قسمت أمكن صاحب الخمسين متراً أن يزرع فيها وأن يحفر وأن يبني وأن يغرس، فلا ضرر عليه بالقسمة، وهذا إذا طلب القسمة ألزم الثاني بأن يقسم معه.
أما ما لا يقسم إلا بضرر، فيسمى قسمة تراضٍ، فإذا كان بينهما -مثلاً- دكان عرضه متران، وطوله ثلاثة أمتار، وطلب أحدهما أن يقسم نصفين، فإن شريكه يقول: علي ضرر، لأنه لا يبقى إلا نحو متر وربما ينقصه الجدار فماذا يفيد؟! أنا لا أتمكن من الانتفاع به؛ فهذا لا يقسم إلا بتراضٍ، فإن تراضيا فلهما ذلك، فأما إذا لم يتراضيا فلا.
فهل تقع شفعة في هذا الدكان إذا باع أحدهما نصفه؟ الصحيح أن فيه شفعة ولو لم تجب القسمة؛ وذلك لأن الضرر فيه أشد.
وكذلك البيت إذا كان عرضه ستة أمتار وطوله سبعة أمتار أو ثمانية، وهو مشترك بين اثنين، وطلب أحدهما نصيبه قسمة، فلا يقسم إلا بالتراضي؛ لأنه إذا قسم فسد ولم ينتفع به، والصحيح أنه إذا باع أحدهما نصيبه ثبتت الشفعة.
قوله: (ويدخل غراس وبناء تبعاً)، فإذا بيع البستان وهو بين اثنين نصفين، فباع أحدهما نصفه، وفيه غراس وبناء فإنه يدخل تبعاً، وذلك لأنه معلوم أنه للاستقرار وللدوام، والإنسان إذا بنى داراً فالعادة أنها ليست مؤقتة؛ يقول: هذه داري طول حياتي، ومن اشتراها فإنه يقول: أسكن فيها طول الحياة فليست مؤقتة.
وكذلك إذا غرس فيها شجراً كنخل أو ليمون أو رمان، فالعادة أيضاً أنه يبقى، وليس مثل الذي يموت بسرعة كبطيخ ونحوه.
فإذا شفع الشافع انتزعهما من المشتري وأعطاه ثمنه، وذلك إذا باع شريكه نصف الأرض بما فيها من البيوت وبما فيها من الأشجار.
قوله: (لا ثمرة وزرع) يعني: إذا باعها وفيها ثمر فالعادة -كما تقدم- أنه للبائع، وكذلك الزرع لبائع إلى الحصاد والجذاذ إلا إذا اشترطه المشتري، وقد تقدم هذا في الأصول والثمار.
صورة ذلك: إذا كانت الأرض أثلاثاً: أحدهما له ثلثاها والآخر له ثلث، ثم إن صاحب الثلثين باع ثلثيه على زيد، فقال صاحب الثلث: أنا أشفع، ولكن لا أريد إلا ثلثاً، فالمشتري يقول: علي ضرر، فالثلث لا يكفيني، وله أن يقول: إما أن تأخذ الثلثين أو تتنازل عن الشفعة، ويلزم بذلك، فإن عجز وأراد أخذ البعض، أو عجز عن بعض الثمن بعد إنظاره ثلاثاً بطل حقه في الشفعة.
وإذا قال: أنا شافع في الثلثين، وقيمتهما كانت أربعين ألفاً، فقال: أنا أريد أن أشفع، ولكن لا أجد إلا ثلاثين ألفاً، فيمهل ثلاثة أيام، فإن عجز، فإنه يرد الثمن وتبطل شفعته.
وكذلك لو قال للمشتري: أنت اشتريت من شريكي بأربعين ألفاً، فبعني هذا الشق الذي اشتريته بخمسين ألفاً مؤجلاً، أو قال: صالحني بنصفه أو بثلثه؛ بطلت شفعته؛ وذلك لأنه لم يبادر بالشفعة، وقد ورد في الحديث: (الشفعة كحل العقال).
يعني: عليه أن يبادر بها، وفي حديث آخر: (إنما الشفعة لمن واثبها)، يعني: بادر بطلبها دون تأخير.
وهكذا لو جاءه إنسان عدل وقال: إن شريكك قد باع شقصه بأربعين ألفاً، فكذبه، وليس من عادة هذا الإنسان الكذب، أو تواترت إليه الأخبار بأن صاحبه قد باع، فلم يطلب الشفعة، سقطت شفعته.
وصورة ذلك: إذا كانت الأرض بين ثلاثة: أحدهم له نصفها والآخر له ثلثها، والثالث له سدسها، ثم باع صاحب الثلث، فإذا باع صاحب الثلث، فصاحب النصف يقول: أنا أريد الشفعة، ولكن لا أشفع إلا في سدس، وصاحب السدس يقول: أنا لا أريد الشفعة، والمشتري يقول: لا أقدر أن أجزئها فإما أن تأخذه كله أو تتركه كله.
وهكذا لو باع صاحب النصف، فإذا قال صاحب الثلث: يكفيني سهمان أضمهما إلى الثلث، فقال المشتري: لا أقبل، فإما أن تأخذ النصف كله وإما أن تتنازل عن الشفعة، فإن قول المشتري صحيح، فإما أن يأخذ الشفيع نصيب شريكه كاملاً أو يدعه كاملاً.
أما إذا طلب الشريكان الشفعة؛ فإنه بينهما على قدر ملكيهما:
فإذا فرضنا أن الأرض ستة أسهم، ثلاثة لواحد واثنان لواحد، والسادس لواحد، فباع صاحب الثلاثة، فأراد الشريكان الشفعة، فكيف نقسمها بينهما؟
الجواب: على قدر سهامهما، فلصاحب السهمين سهمان، ولصاحب السهم سهم، فيصبح صاحب السهمين يملك الثلثين، ويصبح صاحب السهم يملك الثلث.
فإن ترك أحدهما الطلب وقال: لا أريد الشفعة ألزم الآخر بأن يأخذ الجميع أو يترك الجميع؛ لئلا يتضرر المشتري.
قوله: (وإن مات شفيع قبل طلب بطلت): يعني مات قبل المطالبة بالشفعة فإن حقه من الشفعة يبطل، ولا تثبت الشفعة لورثته؛ وذلك لأن ملك الورثة متجدد، وقد ذكرنا أنه لابد أن يكون الملك سابقاً للبيع، والورثة ملكهم حادث بعد البيع للمشتري.
وذلك لأنها إنما ثبتت بإقرار البائع، فإذا قال البائع: أنا بعت نصيبي بأربعين ألفاً على زيد، فقال: زيد: أنا ما اشتريت، فقال الشريك: أنا شافع، ويكون الملك لي؛ ثبتت الشفعة بإقرار البائع بالبيع.
الجواب: تعيد الصلاة، وإذا سلم المصلون تخرج سريعاً، وتجدد الوضوء وتعيد الصلاة التي صليتها بغير وضوء.
الجواب: إذا كان العقد بينهما محكماً عشر سنوات، كل سنة بكذا وكذا، وقد اتفقا على ذلك، فليس للمالك أن يلزمه بفسخ العقد؛ لأنه قد تم العقد بينهما سواء دفع القيمة أو كانت القيمة والأجرة على أقساط، فإن تنازل لذلك المستأجر فإنه من نفسه. يعني: يجوز له أن يتنازل، وإن أصر فليس للمالك إلزامه بالتنازل.
الجواب: كما سمعت تصدق عنه، وتكون الصدقة عنه مضمونة، إن وجدته بعد ذلك، وأيضاً: إذا كان أبوك منعه؛ لأنه لم يكمل عمله، فلا حق له؛ لأنه لا يستحق الأجرة إلا بإتمام العمل، ولكن الأولى أن تبرئ ذمة أبيك.
الجواب: لا يحق لك؛ وذلك لأن الغاصب عادة ليس من أهل الزكاة لظلمه، وقد يكون غنياً لا تحل له الزكاة، وإن عرفت الغاصب فلك مطالبته، وأخذ المال منه، وإن لم تعرفه فسوف تجده في الآخرة.
الجواب: ليس عليك ضمان إذا كان هذا الحريق حريقاً عاماً، فإنه قد تحترق عدة مخازن، وعدة دكاكين، بسبب حريق واحد، وهذا ليس بالإمكان.
الجواب: لا يكفي أن يكون السواك سترة، فالأولى أن يجعل بينه وبين قدميك نحن ثلاثة أذرع، ويمر من وراء ذلك.
الجواب: لا شك أنه يغرم، وذكرنا أن ما أتلفته الغنم ليلاً فإنه يضمن صاحبها؛ لأنه فرط بحفظها، ونهاراً لا ضمان عليه؛ لأن أصحاب الحرث فرطوا بالحفظ، فوضعه لهذا السم يعتبر ظلماً منه، وعليه غرم ما تلف بسبب السم الذي وضعه عمداً؛ لأن البهائم لا تميز.
الجواب: لا يعد غصباً؛ لأن كونها مسورة -مثلاً- وصاحبها لا ينتفع بها، وجاء المسافرون فوجدوها مسورة، ولها باب، ففتحوها وصلوا فيها، أو استظلوا بها أو استتروا بها عن أعين الناس؛ فلا يعد هذا غصباً، ولا تعد صلاتهم باطلة.
الجواب: إذا كان قد بنى فيها فتتفقون على الثمن، وتشترون منه البناء، فهو أفضل من الهدم لبناء ربما كلفه عشرات الألوف أو مئات الألوف، والبائع الذي أخذ الثمن فإنه يرده ويبيع الأرض الأخرى.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر