وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال الإمام المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه عمدة الأحكام:
[ باب السواك عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة).
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره، فأخذت السواك فقضمته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استن استناناً قط أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو أصبعه ثم قال: (في الرفيق الأعلى ثلاثاً. ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي).
وفي لفظ: (فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أي: نعم) هذا لفظ البخاري ولـمسلم نحوه.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسواك رطب قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: (أع أع، والسواك في فيه كأنه يتهوع) ].
السواك سنة عظيمة جليلة القدر من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، هذه سنة تخص الوضوء، وتخص الصلاة، وهي من سنن الصلاة.
وقد روى أحاديث السواك أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه، وحذيفة وعائشة وابن الزبير وعلي وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
ولذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه الخليفة الراشد الورع التقي الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لو سلك
وكان حذيفة من فقهه أن الصحابة كانوا يذهبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن الخير، وكان حذيفة يخالف سؤال هؤلاء الصحابة عن الخير فيسأل هو عن الشر، وكان يقول: كان الناس يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن أقع فيه، وأنشد بعضهم:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
و حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه أسلم قديماً لكنه لم يشهد بدراً؛ لأنه أبوه لما ذهبا إلى المدينة للنبي صلى الله عليه وسلم مرا بقريش فما أرادوا أن يتركوهما حتى قالا: ما ذهبنا إلا إلى المدينة، فقالوا: ذهبتما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما ذهبنا إلا إلى المدينة، فلما ذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصا عليه القصة قالا: لو أردت يا رسول الله! لقاتلنا معك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نفي لهم)، أي: للمشركين، وهذه تبين عظم الوعد، وأن المؤمن من خصاله ومن شيمه أنه يفي بوعده حتى ولو كان للكفار.
و حذيفة بن اليمان بعد ذلك شهد أحداً وما بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان تقياً ورعاً عابداً ناقلاً لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أمّره عمر بن الخطاب ذهب إلى إمارته على بغلته، وكانت الأموال تأتيه والغنائم، فبعدما رجع حذيفة أرسل إليه عمر فقال: ائتنا، وكان عمر يختبر الصحابة بهذا، فينظر في الصحابة هل غيرتهم الدنيا أم لا؟
ثم اختبأ عمر له، حتى ينظر في حاله، فجاء حذيفة على البغلة التي سار فيها إلى إمارته لم يتغير حاله بعدما تأمر على الناس، فذهب عمر فاحتضنه وقال: أنت أخي وأنا أخوك.
مات حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه بعد مقتل عثمان بأربعين يوماً.
وكفاه فخراً بأنه صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر بن الخطاب ينظر في الجنازات فينظر هل صلى حذيفة على هذه الجنازة أم لا؟ فإن صلى حذيفة صلى عليها، وإن لم يصل حذيفة لم يصل عليها، فلو صلى عليها فهذا ليس من المنافقين فيصلي عليه، وإن لم يصل عليها حذيفة لم يصل عمر ؛ لأنه يأتمر بأمر الله: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84].
فمراتب الدين ثلاث: المرتبة الأولى: الإسلام، وهؤلاء الذين قاموا بالفرائض واجتنبوا النواهي، ويجمع ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم القدسي في الصحيحين أنه قال: (قال الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه).
ثم قال بعد ذلك: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته)، وهذه درجة المحبوبية، (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها)، رعاية وكلاءة من الله لهذا العبد الذي ارتقى إلى درجة المحبوبية.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن مراتب العلو عند الله تكون بكثرة النوافل، وقد بينت أكثر من مرة أن مولى من موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قدم الماء للرسول فتوضأ منها وقال له: (سلني ما شئت؟ قال: أسألك مرافقتك في الجنة)، سأله الفردوس الأعلى، فقال: (أعنّي على نفسك بكثرة السجود). وكثرة السجود أي: النوافل، ولذلك دخل أبو ذر مسجداً فصلى كثيراً، ثم سلم فقال رجل لآخر: أرأيت هذا الرجل؟ دخل فصلى فسلم ولا يدري أسلم على وتر أم على شفع؟!
فلما سمع أبو ذر هذا الكلام قال: سمعت خليلي يقول: (من سجد لله سجدة رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة).
ولذلك ورد بأسانيد وإن كان فيها كلام أن أحمد بن حنبل كان له من النوافل ثلاثمائه في اليوم والليلة، فالنوافل تعلو بالمرء إلى المراتب العلى عند الله جل في علاه.
ومن يقوم بالفريضة لا بد أن يدخلها النقص، فسن الرسول لنا النوافل والسنن التي تحفظ لك الفرائض؛ لأن الجوهرة إذا كانت عارية عن الحفظ سرقت بسهولة، لكن إذا كانت هذه الجوهرة في مكان أمين، ومحاطة بسور، لا يستطاع الوصول إليها.
فالنوافل التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم تسد الخلل الذي يدخل منه الشيطان، فمن هذه السنن التي علمنا النبي صلى الله عليه وسلم إياها السواك، وهي سنة أميتت، ولا أدري لماذا يتقاعس عنها الناس مع أن بعض الفقهاء أوجبوا السواك، ومنهم من أبطل الصلاة بدون التسوك!
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس عليها؛ ولذلك تأسى أصحاب رسول الله برسول الله بهذه السنة العظيمة كما في سنن أبي داود بسند صحيح أن زيد بن خالد الجهني كان يكون السواك على أذنه كموضع القلم من أذن الكاتب، فالكاتب الذي يكتب على الكاغد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع القلم على الأذن.
الموضع الثالث: عند القيام من النوم، وفي الحديث: (السواك مرضاة للرب ومطهرة للفم)، فالتسوك عند الصلاة للتعبد، ومطهرة للفم هذا تعليل على العموم، فبعد القيام من النوم يسن التسوك، وفي الحديث المذكور هنا: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)، يعني يغسل فاه بالسواك، ويدلك فمه به دلكاً شديداً حتى يغير رائحة الفم، ومن السنة أن يسوك لسانه؛ لأن أبا موسى قال: (رأيت السواك على طرف لسان رسول الله) أي: كان ينظف اللسان ويدلك بالسواك عرضاً على الأسنان، وهذه هي السنة، أن يتسوك عرضاً للأسنان وطولاً للسان، فعند القيام من النوم تتغير رائحة الفم لأبخرة المعدة؛ فيسن أن يتسوك الإنسان بالسواك، والسواك هو عود الأراك.
الموضع الرابع: عند قراءة القرآن؛ للأحاديث التي وردت بأن الإنسان إذا قام من الليل وقرأ القرآن فإن الملك يقترب من القارئ حتى يضع الفم على الفم، فلابد ألا يؤذي الملائكة؛ لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم، فيسن أن يتسوك قبل أن يقرأ القرآن.
وقد حرصت النساء على هذه السنة، فقد دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه على فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وفي فمها السواك تتسوك به، فقال مداعباً لـفاطمة:
حظيت بثغرها يا عود الأراك أما خفت يا عود الأراك أراك
لو كنت من أهل القتال قتلتك ما نجا مني يا سواك سواك
وهذا مداعبة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه لـفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
وهناك قصة سندها ضعيف لكنا نستأنس بها، ونبين الفوائد الجمة من التمسك بالسنة، وهي أن جند المسلمين كانوا يحاصرون قرية وأغلقت عليهم جميع المنافذ لها فقال أحد الفقهاء: انظروا في أنفسكم، فتشوا في أنفسكم لعلكم تركتم سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسد الله الباب عنكم، فنظروا فقالوا: تركنا السواك!
فقام رجل فذهب إلى شجرة فقطعها وأخذوا يستعملوها كسواك, فنظر إليهم الكفار فقالوا: هؤلاء يحدون أسنانهم بالشجر حتى يأكلوكم أو يقطعوا لحومكم، فخاف القوم وارتجفوا ففتح الله عليهم بتمسكهم بهذه السنة.
فحظيت في مرض موت النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام على حجرها فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أخيها وفي يده السواك، فمد بصره وأطال النظر إلى السواك كأنه يقول: أريد السواك، وكل لبيب بالإشارة يفهم.
فنظرت عائشة فقالت: تريده يا رسول الله؟ قالت: وكنت أعلم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم للسواك، فأشار برأسه أي: نعم، فأخذت السواك فقضمته حتى تلينه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذه رسول الله بأبي هو وأمي، فتسوك به، قالت: ما رأيته تسوك أحسن تسوكاً من هذا التسوك، ثم نظر إلى السماء بأبي هو وأمي فقال: (اللهم! الرفيق الأعلى، اللهم! الرفيق الأعلى)، فبعدما خير الدنيا وبين الآخرة اختار جوار ربه صلى الله عليه وسلم، فقد بلغ أتم وأحسن البلاغ صلى الله عليه أفضل السلام وأزكى التسليم، وعائشة رضي الله عنه وأرضاها بينت لنا حب النبي لهذه السنة حتى عند موته، ليحرص كل امرئ منا على هذه السنة العظيمة ولا يتهاون فيها، ويعلم أنها من سنن المرسلين.
ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال: (لأمرتهم) أي: امتنع النبي من الأمر بالسواك لوجود المشقة، فانتفى الوجوب وبقي الاستحباب
وقال بالوجوب داود الظاهري وإسحاق بن راهويه وإن كان بعضهم يشكك في أن ينسب هذا القول له، ويستدل له بحديث في سنن ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم). و(تسوكوا) هذا أمر، وظاهر الأمر الوجوب، ويستدل لهم أيضاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم على استعمال السواك، ولم يرد دليل واحد على أنه لم يستخدم هذا السواك، فديمومة فعل النبي مع أمره دل على الوجوب؛ لأن القاعدة تقول: فعل النبي بيان للواجب وبيان الواجب واجب.
والراجح هو قول الجمهور وهو الاستحباب؛ لأن حديث عائشة الذي في سنن ابن ماجة سنده ضعيف، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقاعدة عند العلماء أنه إذا ثبت ضعف الحديث فلا حجة فيه.
أما ديمومة فعل النبي فالأصل في فعل النبي الاستحباب لا الوجوب، والديمومة تدل على تأكد استحباب استعمال السواك.
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: قول جماهير أهل العلم من المالكية والأحناف ورواية عن الحنابلة باستحباب السواك طوال اليوم، واستدلوا على ذلك بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، واستدلوا أيضاً بحديث عامر بن ربيعة قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسوك وهو صائم).
القول الثاني: قول الشافعية؛ فقالوا بكراهة السواك بعد الزوال للصائم، وهذه رواية عن أحمد ورجحها ابن قدامة، واستدلوا على ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).
ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال: (خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، فإنه سيضيع هذه الرائحة بالسواك، فيكره لهم أن يفعل ذلك؛ لأن هذه الرائحة أطيب عند الله من ريح المسك.
والراجح الصحيح هو قول جماهير أهل العلم، وهو استحباب استعمال السواك للصائم ولغير الصائم، للدليل الصريح الأول: (لولا أن أشق على أمتي) وهو عام، أما حديث عامر بن ربيعة فهو حديث ضعيف لا حجة فيه، لكن نستأنس به، والعمدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على استعمال السواك سواء في الصوم أو في غير الصوم.
أما الحجة التي تعلق بها الشافعية فليس فيها قوة، إذ إن المسألة عند الله جل وعلا غير المسألة عند البشر، فاستعمال السواك لا يغير الرائحة؛ لأن هذه الرائحة ليست رائحة الفم، وإنما هي رائحة خرجت من أبخرة المعدة، فعند خلو المعدة تخرج لها أبخرة تحمل هذه الرائحة.
بعض العلماء يقول: استعمال السواك يكون باليد اليسرى، وبعضهم يقول: باليد اليمنى، ودليل من قال: باليد اليمنى عموم حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في كل شيء، وفي شأنه كله)، ويدخل السواك في هذا العموم، ولك أن تقول: تسوك رسول الله باليمنى، وهو استنباط كقول الله تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ [النساء:83]، والحديث عام: (في شأنه كله).
والراجح في هذه المسألة أنه إذا أراد أن يزيل بقايا الطعام في الأسنان فيتسوك باليسار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعلها لإزالة النجاسات، أما إذا أراد أن يتسوك للوضوء تعبداً أو لقراءة القرآن تعبداً أو للصلاة تعبداً فيتسوك باليمين.
الأمر الثاني: عَبَسَ وَتَوَلَّى [عبس:1].
الأمر الثالث: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ [التوبة:43]؛ لأنه أذن للمنافقين المعتذرين فقال له الله معاتباً إياه: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ [التوبة:43]، ثم عاتبه: لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة:43].
فهذه فيها دلالة على أن النبي يجتهد لكن لا يقر على الاجتهاد الخاطئ.
أولاً: عظم سنة الاستياك، وأن الإنسان لا بد أن يحرص على تمام صلاته وتمام وضوئه في التمسك بهذه السنة العظيمة.
الفائدة الثانية: إن الله يحب معالي الأمور، ويحب صاحب الهمة العالية، أما الهمة الدونية فهو بعيد عن مراقي الصعود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا: (إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى)، ولما خير النبي بين الدنيا والآخرة قال: (اللهم! الرفيق الأعلى)، فهذه همة عالية، فهو يريد جوار الله جل في علاه.
الفائدة الثالثة: درء المفاسد أولى من جلب المصالح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم درأ المشقة بعدم الأمر، فخشية من هذه المفسدة وهي ألا يستطيع المسلم أن يأتمر بأمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم فيُعاقب على ترك هذا الأمر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر