الحمد لله القائل الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً [الكهف:1-4] والصلاة والسلام على رسوله القائل كما في حديث المقدام وغيره: {ألا وأني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته أن يأتيه الأمر من أمري فيما أمرت به أو فيما نهيت عنه، فيقول: عندنا كتاب الله حسبنا، ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله تعالى}.
إن من نعمة الله تعالى لا أقول علينا فحسب، بل على الناس أجمعين أن يوجد بين أظهرهم كلام الله، كلمات الله مضبوطة محفوظة من الزيادة والنقصان.
ولعل هذه أعظم نعمة يفيض الله تعالى من خيرها على البشر أجمعين، أن يكون بين أيديهم كتاب محفوظ، قرآن يحتكمون إليه فيما يقع بينهم من خلاف أو شجار، وذلك بعد أن حرفت الكتب السماوية كلها، التوراة، والإنجيل، وغيرها، وضاع أكثرها، ولعبت بها أيدي التغيير والتبديل فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة:79].
إخوتي الكرام: إن القرآن الكريم كلام الله تعالى، وإذا كان القرآن الكريم هو كلام الله؛ فلا أعتقد أن هناك مجالاً لذكر محاسن ومزايا وخصائص القرآن الكريم، فحسبه أنه كلام الله، ولذلك وصفه الله عز وجل بقوله: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:41-42] وكما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {فضل القرآن على سائر الكلام، كفضل الله تعالى على خلقه}.
وقد ذكر بعض المفسرين كـالقرطبي وغيره، قصة طريفة تتعلق بحفظ القرآن الكريم، وذلك أن المأمون كان يجالسه رجل من اليهود، وكان رجلاً ذكياً نابغةً عالماً ينادم المأمون، ويتحدث معه في مجلسه، فأعجب بعقلة وذكائه وقال له: لماذا لا تسلم؟
قال: لا أسلم، فحاول أن يدعوه إلى الإسلام؛ لكن هذا اليهودي أبى وأصر على دينه ورفض الإسلام، فغضب منه المأمون وطرده من مجلسه، فانقطع عن المأمون فترة طويلة، ثم جاءه بعد زمان طويل بعد سنين يستأذن عليه، فلما مَثُلَ بين يديه قال: يا أمير المؤمنين، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فتعجب الخليفة لذلك وقال: بالأمس كنت أدعوك إلى الإسلام، وأنت نديمي، وصديقي، وجليسي، فكنت تأبى وتصر على رغم أن كثيراً من الناس يقبلون ولو مجاملة ولو من أجل مطمع دنيوي، أو مغنم عاجل، وأنت تصر على دينك الباطل، فما بالك أسلمت الآن؟!
قال: إنني بعد ما خرجت من عندك بلوت الأديان كلها، وكان الرجل خطاطاً، فقال: إنني أخذت نسخة من التوراة فنسختها بخطي الجميل، وزدت فيها ونقصت كما أريد، ثم وقفت بها عند بيعةٍ من بيع اليهود بعد صلاة من صلواتهم، فلما خرج اليهود أخذوها وتداولوها واشتروها مني بأغلى الأثمان، فقلت: هذا دين لا خير فيه، يزاد فيه وينقص دون أن يعلم أهله، هذا دين لا خير فيه، فتركته.
قال: ثم ذهبت إلى النصرانية فأخذت نسخة من الإنجيل فنسخت منها عدداً من الكتب بخطي، وزدت فيها ونقصت، ثم وقفت عند كنيسة من كنائسهم في عيد من أعيادهم، فلما خرج النصارى أخذوها منى وتداولوها واشتروها مني بأغلى الأثمان، قال فقلت: هذا دين لا خير فيه، يزاد فيه وينقص دون أن يعلم أهله بذلك!
قال: ثم أخذت نسخة من القرآن الكريم فنسختها بخطي الجميل عدداً من النسخ، وزدت فيها ونقصت وغيرت وبدلت شيئاً يسيراً، ثم وقفت عند جامع من جوامعهم في يوم جمعة، فلما خرج المسلمون من صلاتهم أخذوا هذه النسخ وتداولوها وبدءوا يتصفحونها ويفتشونها ورقة ورقة، فعثر هذا على زيادة، وعثر هذا على نقص، وعثر هذا على خطأ، وعثر هذا على تغيير، قال: فأخذوا النسخ من حجري، وانكبوا على يركلونني بأقدامهم، ويلكمونني بأيديهم، حتى حملت من عند باب المسجد وأنا لا أعي، ثم ذهب بي إلى المسئولين وتعهدت ألا أعود إلى مثل عملي وإلا فعلوا بي وفعلوا، قال: فعرفت أن هذا كتاب محفوظ فأسلمت.
فما من قضية يحتاجها الناس في اجتماعهم، أو أخلاقهم، أو عقائدهم، أو اقتصادهم، أو سياستهم، أو أمورهم الفردية، أو الاجتماعية الدنيوية أو الأخروية، إلا وفي القرآن بيانها إجمالاً أو تفصيلاً، فجاء القرآن بأصول المسائل، ولذلك لو أتيت مثلاً إلى أصول الطب لوجدتها في القرآن الكريم، أو إلى أصول الاقتصاد لوجدتها في القرآن الكريم، أو إلى أصول الاجتماع لوجدتها في القرآن الكريم، أو إلى أصول العقائد بل وتفاصيل كثير منها في القرآن الكريم، أو إلى أصول الأحكام لو جدتها في القرآن الكريم، فالقرآن شامل كامل مهيمن على جميع شئون الحياة.
وكذلك ما أخبر به الله عز وجل في القرآن من الأخبار المستقبلة في آخر الدنيا، أو في يوم القيامة، فإنه لا بد أن يكون حقاً لا شك فيه، فأخبار الله تعالى في القرآن صدق لا ريب فيها، وأحكامه في القرآن عدل لا ظلم فيها ولا جور، ولذلك يقول الله عز وجل: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً [الأنعام:115] صدقاً في الأخبار ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وعدلاً في الأحكام خاصها وعامها، فرعها وأصلها، فهو الحق المطلق الذي لا شك فيه.
ولذلك لهذه الأسباب كلها ولاحظوا هذا الخصائص الثلاث، حق مطلق، شامل لجميع شئون الحياة، محفوظ من الزيادة والنقصان، لهذا أصبح القرآن ميزاناً وفيصلاً فيما يشتجر الناس ويختلفون فيه من أمور الدين والدنيا، وبذلك تعرف نعمة الله تعالى بحفظ هذا القرآن إلى هذا الزمان، وأنه نعمة كبرى على المسلمين بل على البشرية كلها.
وهذه النعمة شكرها: أن يكون القرآن هو المهيمن على حياتنا، أفراداً، وأسراً، ومجتمعات، ودولاً، وأمماً، بحيث يكون القرآن هو المحكم، وإذا لم نفعل فنكون قد كفرنا هذه النعمة، وعقوبة كفران هذه النعمة عقوبة أليمة، أتدرون أيٌ هي؟
إنها أن يرفع هذا القرآن من بين أيدينا، فلا يبقى في الأرض منه آية، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره بسند صحيح من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يدرس الإسلام كما يُدرَس وشيء الثوب، حتى لا يدرى ما صلاة، ولا صيام، ولا صدقة، ولا نسك، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، حتى لا يبقى في الأرض منه آية} ينـزع القرآن من المصاحف، وينـزع القرآن من صدور الرجال، لماذا؟
لأنه لم يُعمل به، فتعطلت منافعه، فرفعه الله تعالى تكريماً لكلامه العظيم أن يوضع عند من لا يستأمنونه، ولا يستحقونه، ولذلك نسأل الله جل وعلا العفو والعافية.
وإذا رُزِقَ إنسان القرآن حفظاً وفهماً ثم أهمله وفرط فيه، فإن الله تعالى يبتليه بعقوبة عاجلة، بنسيان القرآن الكريم وتفلته منه.
ولذلك أذكر لكم قصة قرأتها في بعض التواريخ، أن جماعة من المسلمين خرجوا في غزو للروم، وكان معهم شابٌ يحفظ القرآن، ويصلي ويقرأ، فكانوا يحبونه ويعدوه كأحد أبنائهم، قال: فلما مررنا بقرية للنصارى أطلت من سور القرية فتاة جميلة حسناء، فنظر إليها ذلك الشاب وافتتن بها، فذهب إليها، وقال لها: هل إليك من سبيل؟
قالت: لا سبيل إلي إلا بأن تتنصر، فقال: أنا كذلك والعياذ بالله، ثم دخل في هذه القرية وكان مع هذه النصرانية، فلما رجعوا من الغزو مروا بتلك القرية وهم حزانى، ثكلوا بردة هذا الشاب الذي كانوا يحبونه ويقدرونه ويوقرونه، فلما مروا بالقرية تمنوا أن يروه، فرأوه عند باب السور، فقالوا له: يا فلان! ما فعل القرآن؟
قال: والله لقد نسيت القرآن فلا أذكر منه إلا هذه الآية رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ [الحجر:2] فنسأل الله جل وعلا أن يعافينا، ولا يفضحنا في الدنيا ولا في الآخرة، اللهم لا تفضحنا في الأرض ولا يوم العرض، اللهم لا تفضح عبيداً أحسنوا الظن بك يا كريم.
أيها الإخوة: القرآن الذي هذه مزاياه، وهذه مكانته، نـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقاه عنه أصحابه، ثم تلقاه عنهم المسلمون، وعنوا به كما أشرت عناية كبيرة.
حاشا لـابن عمر أن يحتاج إلى عشرة سنين في حفظ ألفاظها فحسب، بل كان يتفهمها ويتلقنها ألفاظاً ومعانٍ، وابن عباس رضى الله عنه كان يسأل عن معاني كتاب الله تعالى ويتفهمها حتى سمي ترجمان القرآن، وابن مسعود رضى الله عنه يقول كما في الرواية الصحيحة عنه: [[والله ما من آية في كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم أين نـزلت وفيم نـزلت، ولو أعلم رجلاً أعلم مني بكتاب الله تناله المطي لأتيته]] يعني ولو في أقصى الدنيا لأتيته، وكذلك التابعون تلقوا عن الصحابة رضى الله عنهم فكان منهم أئمة في التفسير، كـمجاهد بن جبر المكي الذي يقول فيه سفيان الثوري [[إذا جاءك التفسير من
وهذه الكتب لاشك أن فيها الغث والسمين، والقوى والضعيف، والجيد والرديء، بل إن بعض الذين فسروا القرآن الكريم، فسروه ليتوافق مع ما لديهم من الأغراض، سواء كانت حقاً، أو باطلاً.
فـالمعتزلة -مثلاً- منهم من فسر القرآن ليخدم مذهبه الفاسد، كما فعل القاضي عبد الجبار في تفسيره، وكما فعل الزمخشري في كشافه المعروف، حيث جعل القرآن لخدمة مذهبه الفاسد في الاعتزال، وكذلك بعض المتكلمين فسروا القرآن ليوافق آراءهم وأصولهم، كما فعل الرازي في تفسيره الكبير، والماتريدي وغيرهم، وبعض الفقهاء فسروا آيات الأحكام تفسيراً يخدم اتجاهاتهم المذهبية، ويؤيد ما اختاروه من الأقوال الفقهية، بل ووجد من الصوفية من يفسر القرآن ليخدم مذهبه الصوفي، كما فعل الغزالي وغيره، ووجد من أرباب العلوم خاصة المعاصرين من يحاول أن يحمّل القرآن وألفاظه مالا يحتمل من الدلالة على أنواع العلوم العصرية، كما فعل مثلاً طنطاوي جوهري في تفسيره المسمى بـ الجواهر والذي فيه كل شيء إلا التفسير! فهو كتاب في الفلك، والعلوم المادية، والأحياء، والفيزياء، والجيولوجيا، لكن ليس فيه شيء من تفسير القرآن الكريم!
وكما يفعل كذلك بعض الذين يتحدثون عن ما يسمى بإعجاز القرآن، فإن منهم من يغلوا فيحمّل ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه مالا تحتمل، لتوافق بعض مكتشفات ومخترعات العلم، بل بعض النظريات العلمية التي لم تصل إلى حد أن تكون حقيقة قطعية ثابتة.
وهذا الخلاف الطويل العريض في تفسير القرآن الكريم؛ يوجب للمسلم الحريص على معرفة كلام الله عز وجل أن يعود إلى الأصل الأول، والمنبع الأول، الرسول عليه الصلاة والسلام وسنته الصحيحة الثابتة، فهي خير ما يفسر كتاب الله تعالى، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالبلاغ إِنْ عليكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى:48]
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ علينَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ علينَا بَيَانَهُ [القيامة:16-19] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67].
ما عليك من حسابه من شيء، (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ) (وَهُوَ يَخْشَى ) (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) (كَلَّا) يا سبحان الله! اللهم صل وسلم على رسولك محمد.
إن الله تعالى اختاره على علم على العالمين، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] اختار رجلاً يعلم أنه لن يكتم شيئاً مما أوحي إليه، حتى الآيات التي عاتبه الله فيها ولامه على بعض ما صدر منه صلى الله عليه وسلم ينقلها للناس كما هي، كما ينقل الآيات التي مدح فيها، فيقرأ على الناس قول الله جل وعلا لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] ويقرأ عليهم قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً [الفتح:29] فكما يقرأ الآيات التي فيها اللوم والعتاب يقرأ الآيات التي فيها المدح والثناء، هذه وهذه سواء، كلام الله أُبلِّغه لي أو علي.
إذاً يجزم كل موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ القرآن الكريم لفظاً؛ بلاغاً تاماً لا ريب فيه.
هذه النقطة الأولى من البلاغ اللفظي لكن تأتى النقطة الثانية وهى:
أي نوع من البلاغ؟
المقصود بقوله: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ [آل عمران:164] البلاغ اللفظي الذي ذكرته قبل قليل، أنه ما يكتم شيئاً من القرآن، ولا يزيد شيئاً، بل يبلغ القرآن للناس كما بلغه إياه جبريل، حتى إنه عليه السلام من شدة حرصه كان كما يقول ابن عباس كما في الحديث المتفق عليه: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنـزيل شدة، وكان يحرك شفتيه} انظروا سبحان الله! جبريل هو المعلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتلقي المتعلم، فإذا قرأ عليه جبريل آية، أو لقنه إياها، كان عليه السلام يحرك شفتيه حتى إن ابن عباس يقول: [[فأنا أحرك شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما]] وسعيد بن جبير يقول: [[فأنا أحرك شفتي كما كان
فكما بين عليه السلام البيان، وكان شديد الحرص عليه وهو البيان اللفظي، وهو المقصود من قوله تعالى: رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ [آل عمران:164] وَيُزَكِّيهِمْ التزكية تعني أن يربي الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على القرآن الكريم، بحيث يتحول القرآن من مجرد كتاب مكتوب أو قرآن منطوق مقروء، يتحول إلى مع ذلك واقع وحياة عملية تتحقق على ظهر الأرض، حتى قال بعضهم: إن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كان الواحد منهم كأنه قرآن يدب على ظهر الأرض، وهذا التعبير ليس بعيداً فإن عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، قالت للسائل كما في مسلم وغيره: [[أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. قالت: كان خلقه القرآن]].
إذاً: هذا معنى قوله ويزكيهم، يزكيهم بالعقائد الصحيحة، والأخلاق الفاضلة، والسلوك الحسن، ويُعدهم للدور العالمي الذي ينتظرهم لقيادة البشرية.
ما كان عليه الصلاة والسلام يربي أصحابه فقط حتى يكونوا عباداً، يحسنون العبادة والصلاة فقط، ولا كان يربيهم حتى يكونوا قادة وساسة وإداريين فقط، ولا يربيهم حتى يكونوا تجاراً واقتصاديين فقط، بل كان يجمع ذلك كله صلى الله عليه وسلم، فتخرج من مدرسته العلماء، والعباد، والزهاد، والمدراء، والقواد، والساسة، وأصناف البشر الذين تحتاجهم الحياة، ثم قال: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران:164] ما هو الكتاب؟
هو القرآن، وما هي الحكمة؟
هي السنة، كما قال الشافعي: فيما نقل من جماعة ممن أرضى علمهم يقولون القرآن هو الكتاب، والحكمة هي السنة، يقول الله عز وجل: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب:34] يعني من القرآن والسنة.
إذاً: يقول: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران:164] ألم يسبق قبل قليل قوله: يَتْلُو عليهمْ آيَاتِهِ [آل عمران:164] وهي القرآن، فهل قوله: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ [آل عمران:164] هل هو تكرار؟
كلا، ليس في القرآن تكرار ليس له فائدة، فإن مقصوده -والله تعالى أعلم- بقوله: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ [آل عمران:164] يعني يفقههم في معاني القرآن، إذاً في أول الآية قال: يَتْلُو عليهمْ آيَاتِهِ يقرأ عليهم القرآن فإذا قرأوا القرآن، وحفظوه، وأتقنوه، انتقل إلى مرحلة أخرى يعلمهم الكتاب أي: يعلمهم معاني ما حفظوا وضبطوا، ثم مرحلة ثالثة يؤدبهم بهذا الكتاب، حتى يعملوا به، ولذلك قال أبو عبد الرحمن السلمي: [[حدثني الذين كانوا يقرؤننا القرآن من الصحابة كـ
فاضبط هذه الآيات العشرة من حيث التلاوة، ثم انتقل بعد ذلك إلى فهم معانيها، ثم انتفل بعد ذلك إلى التطبيق العملي.
فإن القرآن لم ينـزل ليكون مجرد كتاب يقرأ:
ما أنـزل القرآن كي يتلى على قبر تمدد فيه ميت لا يعي |
ما أنـزل القرآن إلا حجة، إذاً من مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ اللفظي والمعنوي، وقد قام بمهمة البلاغ بشقيها خير قيام صلى الله عليه وسلم.
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟
إنهم من زكاهم رب العزة عز وجل، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا عرباً، يعرفون بالسليقة معاني الكلام العربي، فبمجرد ما يسمعون يفقهون، ولذلك في مكة حتى غير الصحابة من الكفار يعرفون عموم معاني الكلام العربي، والقرآن بلسان عربي مبين، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ [إبراهيم:4].
إذاً: العرب فهموا القرآن من حيث الجملة حتى الكفار، ولذلك ردوه، وأذكر أن أحد الأئمة وهو الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يقارن بين مشركي هذا الزمان، والمشركين الأولين، فيقول: إن المشركين الأولين كانوا أفقه بمعنى لا إله إلا الله ممن ينـتسبون إلى الإسلام في هذا الزمان، أبو جهل وأبو لهب يفهمون معانيها في اللغة العربية، فلما سمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: {يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله} عرفوا ما معنى الآيات وعرفوا أن معناها: لا عبادة إلا لله، ولا معبود إلا الله، ولا أحد يستحق العبادة إلا الله، ولذلك رفضوها وقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5].
لكن كثيراً من المنتسبين إلى الإسلام في هذا العصر ومنذ عصور، يقولون لا إله إلا الله، ولا يفهمون منها حتى ولا المعنى الذي فهمه أبو لهب وأبو جهل، فيفهم كثير من المسلمين معنى لا إله إلا الله أنه: لا خالق إلا الله، لا رازق إلا الله، وهذا جزء من معناها، لكن المعنى الأصلي الذي أنكره المشركون هو إفراده الله بالعبادة، فالصحابة كانوا عرباً فصحاء أقحاح يفهمون معاني الكلام، ولذلك فهموا كثيراً من القرآن بمجرد تلاوة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، كما أن العربي اليوم بالسليقة يفهم من القرآن الكريم أشياء كثير لا يحتاج معه إلى الرجوع إلى كتب التفسير.
فأنت -مثلاً- إذا سمعت كلام الله تعالى عن الجنة، وعن النار، وعن الرسل، وعن القرآن الكريم، تفهم معناها مباشرة، وإذا سمعت آيات المواريث فهمتها، وأشياء كثيرة تفهم بمجرد سمعاها، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يفهمون وراء ذلك أشياء.
فمثلاً: في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن علي رضى الله عنه: أنه سئل هل خصكم صلى الله عليه وسلم بشيء من دون الناس، وقد كان الناس في ذلك العصر يتسامعون، أو أشاع الشيعة بأن الله تعالى اختص أهل البيت بأشياء، فسئل علي:هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء قال: [[لا، والذي برأ النسمة وفلق الحبة، ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا فهماً أوتيه رجل في كتاب الله تعالى، وما في هذه الصحيفة وأشار إلى صحيفة معلقة في سيفه، فقالوا: وماذا في هذه الصحيفة؟ قال: فيها العقل -يعني الديات- وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر...
إذاً: قد يؤتى أحد الصحابة أو غير الصحابة من الفهم ما لم يؤته غيره، ولذلك ابن عباس رضي الله تعالى عنه كما في الصحيح أنه وضع للنبي صلى الله عليه وسلم طهوره، أي الماء الذي يتوضأ به صلى الله عليه وسلم، فقال: {من وضع هذا؟} فقالوا:
ولذلك أيضاً -لتفاوتهم في مداركهم- تجد الاختلاف بينهم، فمثلاً: اختلف الصحابة في معاني آيات كثيرة، وفهم بعضهم من معاني الآيات خلاف ما تدل عليه، كما سيأتي الإشارة إلى شيء من ذلك.
اختلافهم في فهم اللغة العربية، فإنهم -وإن كانوا عرباً- إلا أنهم متفاوتون في التوسع في فهم اللغة وألفاظها ومعانيها، ولذلك جاء في تفسير الطبري وغيره أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وفي رواية أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه صعد على المنبر فقرأ قول الله تعالى: ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً [عبس:26-31] فقال: [[قد عرفنا الفاكهة فما "الأب"؟ ثم رجع إلى نفسه، وقال: والله إن هذا هو التكلف
كما كانوا يتفاوتون في فهمهم لمراد الله تبارك وتعالى بالآية، فهذا عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه وقصته في صحيح البخاري وصحيح مسلم من روايته، وهي في الصحيحين أيضاً بنحوه من رواية سهل بن سعد دون ذكر اسمه، أن عدي بن حاتم لما سمع قوله الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [البقرة:187] فهم أن الخيط هو الحبل المعروف، فلما نام وضع تحت وسادته خيطين، أسود وأبيض، فوضع الخيطين بجواره وصار يأكل وينظر، حتى أسفر وصار يعرف أن هذا هو الأبيض وهذا هو الأسود فأمسك، فلما أصبح غدا على الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: {لا، إنما هو بياض النهار، وسواد الليل -الخيط الأبيض هو النهار، والخيط الأسود هو الليل- فإذا بان لك النهار -أي: طلع الصبح وطلع الفجر- فأمسك} وفي رواية أنه الرسول عليه الصلاة السلام قال له: {إنك لعريض الوساد إن كان الخيط الأبيض والخيط الأسود تحتك } وقد اختلف الشراح في معنى هذه الكلمة ولا أجد داعياً للوقوف عندها لأن الوقت يمضي.
فهذا من اختلاف فهمهم لقول الله تعالى في القرآن الكريم، لأن اللغة العربية تحتمل أن يكون الخيط هو الحبل، وتحتمل أن يكون المقصود بالخيط هو الليل والنهار، فعدي فهم الأول فبين له الرسول صلى الله عليه وسلم الثاني، ولا شك أن بقية الصحابة ما فهموا كما فهم عدي، بل فهموا الليل والنهار ولذلك ما وقعوا في الأمر الذي وقع فيه.
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً [مريم:28] فقال النصارى: يا مغيرة! كيف يا أخت هارون؟!
مريم بينها وبين هارون قرون طويلة، فكيف تكون أخته؟
فتحير رضي الله عنه ولم يستطع أن يجيبهم، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم، والصالحين منهم} فحل له الأشكال، وبين له أن هارون هذا المذكور في الآية، ليس هو هارون أخو موسى، لا. بل هارون آخر سموه عليه؛ لأنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء، ولذلك يكثر في اليهود -مثلاً- موسى وهارون؛ لأنهم يسمون بأسماء أنبياء، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإشكال، ولا شك أن المغيرة لو كان يعرف هذا الأمر من الأصل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، لكن لما سأله النصارى وقع عنده الأشكال فسأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأجابه على ذلك.
فهذه من أسباب اختلاف الصحابة في فهم القرآن الكريم، ولذلك كان الصحابة يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام عن أشياء كثيرة من القرآن مما يحتاجون إلى بيانه فيبينه لهم، ولذلك نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين في سنـته كل ما يحتاج إلى بيانه من القرآن، ولا نريد أن ندخل في جدل: هل بين القرآن كله أو بعضه؟ لأن من العلماء من يقول: ما بين الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن إلا القليل كما يقول السيوطي، ويستدلون بحديث مروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [[ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفسر من القرآن إلا آيات معدودة]]وهذا الحديث لا يصح، رواه الطبري والبزار وغيرهما، وهو معلول لأن في إسناده محمد بن جعفر الزبيري، وهو ضعيف ولا يحتج بحديثه.
ومن العلماء من يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القرآن كله، ومقصودهم: أنه بين ما يحتاج إلى بيان فهناك آيات لا تحتاج إلى بيان لأنها هي بينة من نفسها، ولذلك ابن عباس رضي الله عنه كما ذكر الطبري عنه يقول: [[التفسير على أربعة أنواع: تفسير تعرفه العرب في لغتها، إذا قرئ على العرب فهموا معنى الآية، وتفسير لا يعذر أحدٌ بجهله، وذلك كتفسير الأحكام، والعقائد التي يحتاج الناس إلى معرفتها. وتفسير يعرفه العلماء وهى المعاني الخفية التي لا يعرفها عامة الناس. وتفسير أستأثر الله بعلمه]] فهذه أربعة أنواع.
إذاً يوجد تفسير تعرفه العرب من لغاتها، ولا يحتاج إلى البيان.
المهم والخلاصة أن كل ما يحتاج الناس إلى بيانه من القرآن الكريم؛ فقد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته.
وأنواع بيان السنة للقرآن على أربعة أضرب:
إذاً: فقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم وفسر أشياء كثيرة من القرآن الكريم بقوله صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة تفسيره صلى الله عليه وسلم للقرآن ما جاء في الصحيحين عن كعب بن عجرة في تفسير قوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] فقوله: من صيام، أو صدقة، أو نسك، هذا مجمل يحتاج إلى تفسير، ما الصيام؟
ما مقداره من الصدقة؟
ما النسك؟
ففي الصحيحين: أن كعب بن عجرة قال: أتى بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال عليه الصلاة والسلام: {ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك ما أرى! فهل تجد شاة؟ أو هل تستطيع أن تصوم ثلاثة أيام؟ أو تطعم ستة مساكين؟ أي ذلك، وأمره صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه
كذلك جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً [الأنعام:158] بينها الرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك حين تطلع الشمس من مغربها فقال: {إذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون، فحينئذٍ لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً}.
كذلك ما ورد في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] ثم قال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي} ففسر القوة بالرمي، الرمي بكل شيء، الرمي بالبندقية، وبالمدفعية، الرمي بأي شيء.
ومثله -أيضاً- قوله تعالى: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً [الانشقاق:8] فعن عائشة رضي الله تعالى عنها في الصحيحين: {أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: إنما هو العرض، من نوقش الحساب عذب} فبين صلى الله عليه وسلم أن المقصود بالحساب اليسير هو أن تعرض عليه أعماله وذنوبه ولا يناقش عليها، وإلا لو نوقش الحساب وحوسب لعذب.
ومثله -أيضاً- ما جاء في حديث البراء في الصحيحين في تفسير قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27] قال: {إن المؤمن إذا حُضر يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27] } وأمثلة ذلك كثيرة جداً، فهذا هو الضرب الأول أن يبين الرسول صلى الله عليه وسلم مراد كلام الله تعالى بكلامه.
ومن لطيف ذلك -مثلاً- قوله صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح: {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد} هل تعرفون آية من القرآن الكريم تدل على هذا المعنى؟
نعم، إنها قوله تعالى: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19].
أيضاً جاء في مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الإنسان إذا ذكر الله عند دخوله وعند عشائه، قال الشيطان لجنوده: لا مبيت لكم ولا عشاء، فإذا نسي ذكر الله عند الدخول قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا نسي ذكر الله عند العشاء قال الشيطان أدركتم المبيت والعشاء} هل تعرفون الآية التي تدل على هذا المعنى؟
نعم، إنها قوله تعالى: وَاسْتَفْززْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ [الإسراء:64] إذاً: من مشاركته في الأموال أن يأكل معك، ويشرب معك، وينام معك، ومتى ذلك؟ إذا لم تذكر الله تعالى.
ومن لطيفها -أيضاً- قوله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه عن علي يوم الأحزاب أنه صلى الله عليه وسلم قال: {شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وأجوافهم ناراً } والحديث نفسه جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود، ففي القرآن الكريم ما يمكن وهذا ليس جزماً، بل هو ظن والعلم عند الله تعالى، ونستغفر الله أن نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا نعلم أن في القرآن ما يمكن أن يستأنس به على أن الرسول صلى الله عليه وسلم فهم أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر من القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58] فهذه الآية تدل على أن الأوقات تبدأ بالفجر وتنتهي بالعشاء، إذن يكون الوقت الأوسط هو العصر، قبله الفجر والظهر وبعده المغرب والعشاء، فبدأ بقوله، من قبل صلاة الفجر، وانتهى بقوله: من بعد صلاة العشاء، إذن أول الأوقات هو الفجر، ولذلك سلك بعض الفقهاء وكثير من المحدثين في مسلك ذكر المواقيت في الفقه، أن يبدء بميقات صلاة الفجر، ثم الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وبعضهم يبدأون بالظهر، والأجود أن يبدأ بالفجر، وإن كان الأمر في ذلك واسعاً.
ومثل ذلك -أيضاً- ما جاء في صحيح مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة}. وفي السنن عن بريدة وغيره: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر} ففي القرآن الكريم ما يدل على أن ترك الصلاة كفر، وقد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم فهم هذا من كتاب الله تعالى واستنبطها من كتاب الله تعالى، وذلك كما في قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الروم:31] فكأن الآية تدل على أن مالم يؤد الصلاة يكن من المشركين، وقوله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة:143] فقد روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن هذه الآية تنـزلت لما حولت القبلة إلى الكعبة، فقال المسلمون: فكيف بمن ماتوا قبل تحويل القبلة وكانوا يصلون إلى بيت المقدس؟!
فقال الله: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة:143] يعني: ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس، فسمى الصلاة إيماناً، والله تعالى يقول: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة:5] ومن الكفر بالصلاة تركها بالكلية، فإن هذا كفر بها، فقد يكون الرسول صلى الله عليه وسلم استنبط من هذه الآية أو من غيرها ما قرره في كفر تارك الصلاة.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن جابر {أن بني سلمة -وهم حي من الأنصار- كانوا بعيدين من المسجد، فأرادوا أن يـبيعوا منازلهم لينـزلوا بقرب المسجد، فلما علم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم} أي: الزموا دياركم وابقوا فيها وكأنه صلى الله عليه وسلم كره أن يعروا المدينة فأحب أن يكون أهل الخير منتشرين في البلد، فلا يكونون موجودين فقط حول المسجد وبقية الأحياء تخلو منهم.
فقد يكون صلى الله عليه وسلم فهم ذلك واستنبطه من قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ [يس:12] فمن الآثار التي تكتب: خطاك إلى المسجد ذاهباً وآيباً.
ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمرو بن حزم عن أبيه، عن جده، عند مالك في الموطأ، والحاكم، وحكيم بن حزام وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يمس القرآن إلا طاهر} يعني: متوضئ؛ هذا معنى طاهر، هذا المعنى قد يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد استنبطه، والحديث حسن بمجموع طرقه، وله ما يشهد له، والمقصود بالطاهر على الراجح من أقوال أهل العلم: هو المتوضئ الطاهر من الحدث الأكبر والأصغر، فقد يكون استنبط ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنـزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة:77-80]. فقوله: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) وكل ما بعده وصف له، فهو في كتاب مكنون، وهو لا يمسه إلا المطهرون، وهو تنـزيل من رب العالمين، ولذلك استدل أهل العلم على تحريم مس المصحف لغير المتوضئ من هذه الآية.
فمن أقوى الأمثلة على ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عروة بن الزبير أنه قال لخالته عائشة رضي الله عنها: يا خالة أو يا أماه -لأنها خالته وأمه في نفس الوقت، هي أمه أم المؤمنين وهي خالته فكان يقول لها: يا أماه أرأيت قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158] فوالله ما على أحد من جناح ألا يطوف بالبيت -هكذا يقول عروة وكان شاباً صغير السن كما يقول، قال: إن الآية تقول: ولا جناح أي لا إثم ولا حرج عليه أن يطوف بهما، ففهم كأن الآية تقول: لا مانع أن يطوف- فقالت عائشة: [[بئس ما قلت يا ابن أخي، إنه لو كان الأمر كما تقول لكانت الآية: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وإنما كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية يهلون لمناة الطاغية التي يعبدونها بالمشكلة وهو صنم يعبدونه بالجاهلية، فكان من أَهَلَّ لمناة يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قال الأنصار لرسول الله: يا رسول الله نحن كنا في الجاهلية -معشر الأنصار- لا نسعى بين الصفا والمروة- كل من أحرم وأهل بمناة عادة ودين لا يسعى بين الصفا والمروة، فبين الله عز وجل أن هذا دين باطل وأن كل إنسان يسعى بين الصفا والمروة]] قال عروة: فحدثت بذلك، حدث به أبا بكر فقال أبو بكر بن الحارث: والله إن هذا لعلم، وقد حدثني من سمعت من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن بقية الصحابة -غير الأنصار- كانوا في الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام تحرجوا أن يطوفوا بينهما؛ لأنه أمر كانوا يفعلونه في الجاهلية فتحرجوا أن يفعلوا في الإسلام شيئاً كانوا يفعلونه ف الجاهلية، فنـزل قول الله تعالى: فَلا جُنَاحَ أي: لا حرج عليه أن يطوف بهما.
إذاً الآية نـزلت للأمرين كلاهما، نـزلت تقول للأنصار: طوفوا بين الصفا والمروة خلافاً لما كنتم تفعلونه في الجاهلية يوم كنتم تهلون لمناة، ونـزلت تقول للمهاجرين ولسائر المسلمين: طوفوا بين الصفا والمروة كما كنتم تطوفون بهما في الجاهلية، لأن هذا من شعائر الله وليس من عادات الجاهلية. إذاً معرفة سبب النـزول هاهنا تبين معنى الآية بياناً شافياً.
مثله أيضاً قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198] ما المقصود بالفضل؟
يشمل الدعاء، والذكر، والأجر، فالآية شاملة جامعة لهذا كله، لكن من معاني الفضل: التجارة في الحج، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه كما في البخاري أنه قال: كانت العرب في الجاهلية لها أسواق عكاظ، ومجنة، وذي المجاز، فكانوا يتاجرون بها، فكان الرجل يذهب للتجارة وللحج فتحرجوا من ذلك، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198] أي: لا مانع أن يذهب الإنسان للحج ويتاجر في الحج، يكون قصده الحج وأيضاً بهدف التجارة في الحج، لا مانع من ذلك، فبين سبب النـزول معنى الآية.
ومثله قوله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108] ما المقصود بالتطهر؟
ثبت عند أبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة، وعند غيرهما من حديث عويمر بن ساعدة، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه أن هذه الآية نـزلت في أهل قباء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم فقال: {إن الله يثني عليكم يا أهل قباء، فماذا تصنعون؟! قالوا: يا رسول الله إنا نجاور هذا الحي من اليهود وكانوا يتطهرون فيستنجون بالماء، -يستخدمون الماء في الاستنجاء- قال: بهذا أثنى الله عليكم
مثله قوله تعالى: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:48-49] هذه الآية يستدل بها أهل السنة والجماعة على إثبات القدر، وأن كل شيء بقدر وقضاء من عند الله تعالى، وقد رأيت بعضاً من ينكر ذلك ويقول: إن معنى الآية خلقناه بقدر، يعني مقدراً مفصلاً مناسباً لأوانه ووقته وزمانه، وهذا لا مانع أن يكون جزءاً من معنى الآية، لكن أيضاً بقدر يعني مكتوباً عند الله تعالى، والذي يفصل هذا ويبين المعنى الصحيح للقدر هو ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة في سبب نـزول هذه الآية: {أن المشركين جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر، فنـزلت هذه الآية}.
ومن أمثلة أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم التي تفسر القرآن: صلاته عليه السلام حيث قال: {صلوا كما رأيتموني أصلي} فالصلاة كلها داخلة تحت قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [الأنعام:72].
وحج عليه السلام ونسك المناسك كلها من الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف، والنحر، وقال: {خذوا عني مناسككم} فكل أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج داخلة في تفسير قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران:97].
وهكذا بين لنا أحكام الصيام، فكلها داخلة تحت قوله تعالى: كُتِبَ على كُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183].
ويبين لنا مقادير الزكاة فكلها داخلة تحت قوله تعالى: وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43].
ومن الأمثلة التفصيلية لذلك -على سبيل المثال- يقول الله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78] هذه الآية تحدد مواقيت الصلوات الخمس، لدلوك الشمس يعني: زوال الشمس، إلى غسق الليل يعني: منتصف الليل، وقرآن الفجر يعنى: صلاة الفجر، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالبيان الكافي الشافي بالقول والفعل، فلما زالت الشمس صلى الظهر، وهذا هو دلوك الشمس، إلى غسق الليل -وطبعاً صلى العصر قبل الغروب فهذا وقت صلاة الظهر والعصر- ولما غابت الشمس صلى المغرب، ثم أخر العشاء في بعض الأوقات إلى ما قبل نصف الليل، ليبين أن هذا آخر وقت العشاء، فبدأ بدلوك الشمس وهو الزوال، وانتهى بغسق الليل، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر فهذا قوله تعالى: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78].
ومثله أيضاً في الحج: السعي بين الصفا والمروة فإن الله قال: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ [البقرة:158] وهذا يدل على أنه لا يحرم السعي بين الصفا والمروة أيضاً ولا يجب، لكن لما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم علم أنه واجب، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق: {والله ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة}.
إذاً: كل أفعاله صلى الله عليه وسلم هي بيان للقرآن الكريم وكذلك أقواله، ولذلك ذهب من ذهب من أهل العلم كـالشافعي إلى أن كل السنة إنما هي استنباط من القرآن الكريم، فهمها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبذلك نعلم أن القرآن والسنة متلازمان مترابطان، وأنهما لايفترقان إلى يوم القيامة، ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وإنما تحدثت في هذا الموضوع لأشيد وأبين أهمية السنة في فهم كتاب الله تبارك وتعالى، وأنه لا يمكن أن نفهم القرآن إلا على ضوء السنة، وأعتبر أن هذه المحاضرة هي الدرس الثاني ضمن الدروس التي كنت وعدت بها سابقاً بعنوان: (دفاع عن السنة النبوية) وسبق أن ألقيت المحاضرة الأولى منها في حائل قبل نحو شهر وكانت بعنوان (دفاع عن السنة) وهى لبيان مكانة السنة النبوية في الإسلام، وهذا هو الدرس الثاني من هذه الدروس وهو لبيان تفسير السنة النبوية للقرآن الكريم.
الجواب: أن يرزق الإنسان قلباً ليناً، فهذه نعمة كبرى من الله تعالى، وأن يكون عند الإنسان عاطفة حية فهذه نعمة أخرى، والدعاء -أيضاً- من أسباب لين القلب لأنه يحقق للعبد الانكسار، وكأن العبد لا يدخل على الله تعالى من باب أوسع من باب الدعاء: الصادق ولذلك قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] والنعمان بن بشير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح عند الترمذي وغيره أنه قال: {الدعاء هو العبادة}.
كذلك التغني بالقرآن الكريم أي ترقيق الصوت وتحسينه بالقرآن وضبط القرآن وفهم معانيه، والوقوف عند آياته، فقد كان بعض الصحابة يقف عن آية يرددها حتى الصباح ثم يمرض فيجلس في بيته أياماً يزار.
الجواب: هذا ليس سؤالاً بل هو نصيحة سمعتموها على لسان هذا الأخ الكريم، وهي نصيحة لي وللسائل ولكم أجميعين؛ ألا نكفر هذه النعمة التي رزقنا الله عز وجل إياها فقد سمعتم عقوبه كفران هذه النعمة، والخاسر من خسر تدبر القرآن، الآن يا إخواني كبار العلماء في آخر حياتهم لا يتأسفون على شيء مثل تأسفهم على أنهم ما صرفوا وقتهم للقرآن كله أو جله، فهذا ابن تيمية رضي الله عنه كان كل وقته جهاد وعلم وعمل -وهذا معروف- ولكن في آخر عمره تمنى لو كان قضاء جل وقته مع القرآن، وغيره كثير.
الجواب: هناك قواعد كثيرة لحفظ القرآن، أذكر أن الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق كتب قواعد في كتيب صغير مفيد يمكن مراجعته، أما من يتفلت منه القرآن، فأنصحه بكثرة المراجعة، لإنها من أهم أسباب حفظ القرآن، كذلك ضبط الحفظ أي لا تنتقل من موضع حتى تضبط حفظاً هذا الموضع، خاصة والآيات المتشابهة، تضبطها لئلا تلتبس عليك وتتقنها بدقة وتعطيها عناية خاصة، كذلك عود نفسك أن تقرأ القرآن في كل حال، عبد الصلاة في الفرض وفي النفل وأنت ذاهب وآيب؛ تقرأ بعض ما حفظت حتى لا تقوت عليك.
الجواب: التفاسير كثيرة جداً، قديماً وحديثاً، وأذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية له رسالة مفيدة في التفسير عنوانها (مقدمة في أصول التفسير) أنصحكم بالرجوع إليها، فإنه من خلال هذه المقدمة عمل تقييماً -كما يقال موجزاً- لبعض الكتب المشهورة كالكشاف، وتفسير ابن عطية، وتفسير الطبري، وتفسير البغوي، وتفسير الثعالبي، وغيرها من التفاسير، تكلم عنها وإن كانت كلمات مختصرة، لكن كلام ابن تيمية رحمة الله عليه ثمين ونفيس.
أما بالنسبة لكتاب في ظلال القرآن فإنه تفسير معاصر للأستاذ سيد قطب رحمه الله، والكتاب فيه فوائد عظيمة جداً ومزايا، من أبرزها وأعظمها أسلوبه الفذ؛ فإن الرجل أديب بارع، ذو أسلوب قوي أخاذ، ولذلك تجد في كتابه من القوة والبلاغة والجودة والتأثير ما لا تجده في كثير من الكتب الأخرى.
الميزة الثانية أن الرجل كتب تفسيره ليس فقط بعقله، ولكن بعقله وقلبه، بعاطفة حية، فأنت تشعر وأنت تقرأ هذا الكتاب أن الرجل يتكلم بصدق، هذا الذي نحسبه والله تعالى حسيبه ولا نـزكي على الله أحداً، تحس بأنه يكتب بقلبه وبعواطفه، وفعلاً له وقفات مع بعض الآيات يطول العجب منها، ارجع إلى تفسير قوله تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر:2] تجد العجب العجاب، ارجع إلى تفسير قوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17] تجد العجب في مواضع كثيرة.
الميزة الثالثة: أن الرجل قتل، ونرجو أن يكون شهيداً في سبيل الله تعالى، فزكى ما كتب بدمه، وهو الذي كان يقول: إن كلماتنا وأفكارنا تظل جثثاً هامدة، حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بالدماء انتعشت وعاشت بين الأحياء، وفي لفظ يقول: إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها أصبحت حية وعاشت بين الأحياء هذه مميزات الكتاب.
وعلى الكتاب بعض المآخذ، لعل أهم مأخذ أنبه إليه أنه فيما يتعلق بالتصور الاعتقادي، الجوانب الاعتقادية التفصيلية في أسماء الله وصفاته وأمور الآخرة، ولا ينبغي أن تؤخذ من هذا الكتاب، بل تؤخذ من المصادر المعتمدة، أولاً كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتفسير الطبري وهو من أئمة أهل السنة والجماعة، كذلك تفسير ابن كثير فهو من أهل السنة الجماعة، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم وغيرهم، وفي الكتاب ثغرات أخرى لا أرى داعي الإطالة فيها.
أما تفسير المنار فهو للشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا، وهو تفسير عصري، فيه فوائد اجتماعية في سنن الله عز وجل في الكون والمجتمع، وربط الإسلام بواقع الناس اليوم، ومكتشفات حديثة، والكلام عن بعض القضايا، وفيها نظرات ولمحات عقلية نافعة ونفيسة، ولكن فيه أشياء كثيرة جداً ينبغي الحذر منها، منها أنهم يغلبون النـزعة العقلية في فهم كتاب الله تعالى، ولذلك جاءوا بآراء قد تكون غريبة فيها مخالفة لما عليه الجماعة، فينبغي الانتباه منه، فلا أرى أن يقرأ في تفسير المنار إلا إنسان متمكن.
أما صفوة الآثار فهو للشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله ورحمنا وإياهم أجمعين، وقد صدرت منه أجزاء، وهو كتاب طيب نافع وجامع، ومؤلفة قد تعب فيه وكان رحمه الله كثيراً ما يشيد به، ويعد بإخراجه، حتى إنه مرة سئل عن كتاب في ظلال القرآن فقال: إنه هو الكتاب المناسب لهذا العصر، ولا أعلم كتاباً أفضل منه إلا كتابي (صفوة الآثار والمفاهيم) إذا كتب الله له الإتمام. وأنا أنصح بقراءة هذا الكتاب، فهو كتاب نافع ويعالج بعض المشكلات المعاصرة أيضاً.
الجواب: الحديث الوارد: {عرضت على ذنوب أمتي فلم أجد أعظم ذنباً من رجل حفظ آية من كتاب الله ثم نسيها} ذكر بعض أهل العلم أنه ضعيف وعلى رأسهم سماحة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله باز، فلا يحتج بالحديث، ولذلك الذي يترك حفظ القرآن خشية نسيانه هذا مخطئ، لكن احفظ القرآن واعمل على أن لا تنساه، فإذا نسيته مع اجتهادك فأنت إن شاء الله مأجور ولا إثم عليك.
وقد حاولت عدة مرات ولكني عجزت؟
الجواب: لابد من التكرار، وأذكر أن الإمام أبا إسحاق الشيرازي -وهو من أحد فقهاء الشافعية وأصولهم ومقدمتهم يقول: إنه إذا أراد أن يلقي الدرس على تلاميذه يقرأه مائة مرة، فلابد من التكرار، وأعرف ناساً عندهم بطء في فهمهم لكن مع كثرة التكرار يتعودون.
الجواب: أولاً: أوصي من عزم على قراءة كتاب الله أن يقرأ في تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم لكتاب الله تعالى، وأتمنى من قلبي أن يوفق أحد طلبة العلم ليجمع كل ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من التفسير بقوله أو بفعله في كتاب يكون بين أيدي الناس، وأرجو الله أن يوفق بعض طلبة العلم المهتمين والمختصين لذلك فحاجة الناس ماسة لهذا خاصة في هذا العصر، وما دام هذا الكتاب لم يوجد فارجع -مثلاً- إلى كتاب جَمَعَ الأحاديث الواردة في التفسير كما أشرت قبل قليل إلى جامع الأصول، وكذلك ارجع إلى مجمع الزوائد للهيثمي في كتاب التفسير، مع مراعاة استبعاد الضعيف.
ثانياً: أنصح بـتفسير ابن كثير أو أحد مختصراته الموثقة، فهو كتاب نافع ومفيد، هناك مختصر لـتفسير الشوكاني أختصره الشيخ الأشقر، وأعتقد أن هذا المختصر سيكون نافعاً ومفيداً فأنصح به.
الجواب: قد يكون هذا من الشيطان أنه يحاول أن يضيق صدرك عند قراءة القرآن، لتبتعد عن القرآن، ولذلك فالعلاج أن تقرأ دائماً، فإذا عرفت أن الشيطان يحاول بشيء، فالعلاج أن تزيد، وأمعن في الأمر، فهذا كشخص يقرأ القرآن فضاق صدره، لا أقول: يترك القرآن، بل زد في القراءة، ضاق صدرك زد، لأن الشيطان ترغمه حينئذٍ، مثال آخر: إنسان يأتيه الشيطان من قبل الرياء؛ إذا قام يصلي قال له الشيطان: أنت مرائي اترك الصلاة، إذا قرأ يقول الشيطان: اترك القراءة أنت مرائي، وهكذا إذا أراد أن يتصدق قال له الشيطان: أنت مرائي، فلا يتصدق، فالعلاج ليس أن يترك العمل الصالح خشية الرياء، بل نقول: زد من العمل الصالح، واستبعد الرياء، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا وسوس لك بالرياء ثم أنت تركت العمل؛ فقد عرف طريقتك وبدأ يسلك معك هذا الأسلوب ويعاملك بهذه الطريقة.
الجواب: الغزالي هو الإمام أبو حامد الغزالي صاحب إحياء علوم الدين.
الجواب: هذا مسكين، ما سمع بالقرآن؟
هذا وسواس من الشيطان الرجيم، إذا سمع بالقرآن فالقرآن حجة عليه، فالقرآن يأمره بالعلم والتعلم، ولذلك إذا ارتكب خطأ بسبب الجهل الذي كان يستطيع أن يتعلمه من خلال هذه المجالس؛ لكان غير معذور بهذا الجهل لأنه تركها خشية أن يتعلم.
الجواب: ما دمتم في البر لا تسمعون المؤذن؛ فلا بأس أن تؤخروا صلاة العشاء إلى آخر وقتها، وآخر وقتها من ثلث الليل الأول إلى منتصفه، فإذا كان الليل -مثلاً- اثنتي عشرة ساعة، يبدأ الوقت الفاصل بالنسبة لصلاة العشاء بعد مضي أربع ساعات منذ غروب الشمس إلى ست ساعات، فما بين أربع إلى ست ساعات هذا وقت صلاة العشاء الفاضل، وما قبلها بعد خروج المغرب وقت العشاء، أما تأخير العشاء بعد ذلك بغير ضرورة؛ فإنه لا يجوز مطلقاً، لكن لو أخرها إلى وقت الفجر أي بعد نصف الليل؛ فإنه يصليها على الراجح في نظري من أقوال أهل العلم، يعني لو ما صلاها إلا الساعة الثامنة يكون آثماً مفرطاً، لكن لو أخرها إلى ما بعد طلوع الفجر فهذا هو الذي قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم والشوكاني وهو رأي جماعة من فقهائنا المعاصرين أنه إذا أخرها حتى خرج وقتها بالكلية لا يصليها، فهؤلاء الإخوة لا شك أنهم إذا فرطوا وأخروا الصلاة حتى خروج وقتها فإنهم يأثمون بذلك فلا يجوز لهم تأخيرها.
وما حكم كسبهم من وراء العمال الذين يستجلبونهم بهذه الطريقة؟
الجواب: المسلم أخو المسلم يتعاون معه في أمور الخير، فإذا كان هؤلاء فيما طلبوا من هذا العامل لم يشقوا عليه مشقة يترتيب عليها تقصير في عمله، فكان ينبغي أن يكون هذا الأمر تعاوناً، كان ينبغي عليهم هم أن يتم الأمر عن طريق الكفيل، حتى يأتوا البيوت من أبوابها، أما وقد حصل الأمر ووقع الخطأ منهم، فأرى أن على الكفيل أن يحتسب الأمر عند الله ويقول: إخواني المسلمين وإن أخطأوا علي أتحمل هذا الأمر منهم، وينبغي أن ينصح هذا العامل ويبين له أنه لا يغتر بكونه فلان وفلان قد يغرونه، أو قد يستقدمونه أو ما أشبه من ذلك فإنه إذا لم يكن جاداً في عمله وتدرب على الكسل والإهمال فلم يعبأ به أحد.
الجواب: نعم، لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الصلاة أواخر السور كما هو موجود عند كثير من الأئمة اليوم، لكن أواخر السور قرآن كأوائلها وكأواسطها، فالذي ينبغي للإمام أن يقرأ في الصلاة من أول السورة وأوسطها وآخرها ولا شيء في ذلك إن شاء الله.
الجواب: بالنسبة لكتب التفسير فقد ذكرتها، أما ما يتعلق بكتب الحديث فأنصحك بالكتب الستة وجامع الأصول، ومجمع الزوائد، وفى مجال العقائد أنصحك بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وفى مجال الأحكام الشرعية أنصحك بعدد من الكتب منها كتاب العدة إن كنت مبتدئاً، ومنها الكافي إن كنت متوسطاً، والمغني إن كنت متوسعاً، أو اجمعها كلها، ويمكن أن تضيف إلى ذلك كتاب ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد، وكذلك كتاب فقه السنة لـسيد سابق، ونيل الأوطار للشوكاني، والمحلى لـابن حزم فهذا حسن جيد، اجمع مجموعة من كتب السيرة النبوية مثل سيرة ابن هشام وغيرها، كذلك اجمع بعض الكتب المعاصرة المفيدة التي تسلم من الأخطاء وهي كثيرة.
الجواب: القاتل يقتل، هل يقتل بالطريقة التي قَتل بها، أو يقتل بالسيف خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يقول يقتل كما قَتل، إن قتل بالسيف يقتل بالسيف، وإن قَتل بالحجارة قُتل بالحجارة، كما ورد في الصحيح: { أن الرسول صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودي بين حجرين} لأنها رضت رأس جارية، وهذه ناحية ينبغي أن يفهمها السائل.
أما بالنسبة للزاني وأنه يرجم فذلك لأن كل جزء من جسد هذا الزاني خاصة المحصن قد تلذذ بهذه المعصية، وكل موضع من البدن قد ثار وتفجر أثناء الشهوة، فكانت العقوبة أن ينال التعذيب كل موضع من البدن وهذا مجرد التماس.
لكن فيه أمر أكبر من هذا وأعظم وهو الأصل أن نقول: إن القضية مرتبطة بالدين أصلاً، ولذلك العلماء يقولون الكفارات وغيرها ليس فيها قياس، ولا تضرب لها الأمثال، إذا أنت مقتنع بأن الله هو الإله الذي يعبد ويشرع، والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يبلغ، وأنا وأنت نتلقى مادام اقتنعنا بالله تعالى وآمنا به وبأسمائه وصفاته واقتنعنا بالرسول صلى الله عليه وسلم وأنه صادق فيما بلغ، ما عندنا مجال، حتى لو جاء الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف ما نتوقع، ليس بغريب، لأن عقلي وعقلك قد يكون قاصراً في كثير من المجالات، وهذه قضية ينبغي أن يتربى عليها كل إنسان.
الجواب: لا، ليس في ذلك رياءً ولا إعجاب، لكن استعذ بالله من الشيطان الرجيم إن عرض لك الشيطان، وقل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه.
الجواب: إن كان هؤلاء الناس من ذوي الأريحية والنفوس القوية، فاستأذن منهم واستسمحهم، وإن كنت تخشى أن يقع في نفوسهم شيئ ويحقدون عليك ويكرهونك فلا تخبرهم، ولكن أكثر من الاستغفار لهم وأمدحهم بما تعلم فيهم من الفضائل.
الجواب: لا بأس في ذلك، الصحيح أنه جائز بالقبلة والضم وغير ذلك من أنواع المباشرة في غير الفرج لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{اصنعوا كل شيء إلا النكاح} وفي المسألة أقوال أخرى.
أم أن أعيد قيمتها لورثة المتوفى؟
الجواب: لابد أن تعيد قيمة الشريط فارغاً لورثة المتوفى، لا ترده بما فيه من أغانٍ، جزاك الله خيراً، إذا أعدته وفيه المحاضرات طيب، لكن إذا كنت تريد أن تقول: أنا لا أريد أن أدفع إلا ما علي، نقول لك: كم قيمة الشريط فارغاً؟ ريال، إذاً ادفع لهم ثلاثة ريالات.
الجواب: يجوز تسمية الولد كريم، أما إذا كان اسمه عبد الكريم ويسمى كريّم تصغيراً له فلا أرى هذا، أرى أن لا يفعل.
الجواب: ركعة الاستخارة إذا هَمَّ الإنسان بأمر وتردد لا يعرف وجه الصواب فيه؛ يركع ركعتين من غير الفريضة في أي وقت فإن كان وقت نهي أجلهما إلا إن كانت الاستخارة تفوت، فيصلي ولو كان في وقت نهي فيصلي ويقول -إما في السجود أو قبل السلام- ثم يقول: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن في هذا الأمر -ويسمي الأمر- خير لي في ديني، ودنياي، وعاجل أمري وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، وإن كنت تعلم غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر