إسلام ويب

كيف نربي أنفسنا ؟للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خلق الله تعالى الإنسان قابلاً للخير والشر، وخلقه مفطوراً على الفطرة السليمة المستقيمة، وجعل الله تعالى وسائل الخير أكبر من وسائل الشر، من إرسال الرسل وإنزال الكتب وغيرها، فلا بد على الإنسان أن يسعى إلى تزكية نفسه وتهذيبها بكل ما يستطيع، فكيف يزكي الإنسان نفسه؟ هذا ما تكلم عنه الشيخ حفظه الله، فقد ذكر أموراً يزكي بها الإنسان نفسه، منها: النية الصالحة، وطلب العلم النافع، والعمل بالعلم. ثم تكلم الشيخ سليمان العطيس وذكر أهمية التزكية، ثم ذكر خطر الشيطان الرجيم، وبين السبل التي يسلكها الشيطان ضد الإنسان المسلم بشيء من التفصيل.
    قال الشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله:

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71], يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر:18-19].

    أيها الإخوة، إن كثيراً من الناس -وخاصة في هذه الأزمنة- يتذمرون من كثرة الوسائل والأسباب والعوامل التي تدفع الناس إلى الشر والفساد والرذيلة والانحلال, ويقولون: إن هذا الزمان هو زمن الفتن والانحرافات, ويعللون جميع ما يرون من مظاهر الشر بهذا التعليل, ولو سألت أحداً منهم، فقلت له: ما هي عوامل الشر التي طرأت في هذا العصر؟ لبدأ يعدد عليك مما يعرف, أو يسمع من هذه الوسائل, وينسى هؤلاء القوم -في مجال تبرير ما يرون من الفساد- ينسون أن الله تبارك وتعالى، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، خلقه قابلاً للخير والشر, قال تعالى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان:3] وقال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:7-10], وقال تعالى: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29] وقال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:1-10].

    والله سبحانه الذي خلق الإنسان بهذه الطبيعة، لم يخلقه ملكاً مجبولاً على فعل الخير, ولا شيطاناً وجهته فعل الشر، إنما خلقه إنساناً قابلاً للهداية وقابلاً للضلال, لم يترك هذا الإنسان سدى, يبحث عن الحق بنفسه, بل أوجد من الوسائل ما يعين هذا الإنسان ويرشده ويبين له الطريق.

    الإنسان مخلوق على الفطرة السليمة

    فأولاً: خلق هذا الإنسان على الفطرة السليمة المستقيمة, كما في حديث أبي هريرة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {ما من مولود يولد إلا على الفطرة, حتى يبين عنه لسانه, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه} إذاً: الإنسان خلق أولاً على الفطرة, وعلى الخير , ثم إن الله عز وجل جعل لهذا الإنسان من الآيات والدلائل، ما يرشده إلى الله تبارك وتعالى, وإلى الحق؛ الآيات في النفس والآيات في الكون وفي كل شيء، قال تعالى: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [الذاريات:21-23].

    وهذه الآيات المبثوثة في النفس الإنسانية وفي الكون, لا يتأملها إنسان إلا آمن بالله عز وجل، حتى إن المشرك أو الكافر الذي لم يبلغه دين سماوي ولم يعلم ببعثة الرسل، إذا تأمل في هذه الآيات آمن بوجود خالق مبدع حكيم سبحانه, فضلاً عن المسلم الذي علم ببعثة الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام, ومع أن الإنسان خلق على الفطرة, وبث الله حوله من الآيات ما يدل عليه, ومع هذا وذاك فإن الله عز وجل بعث الرسل مبشرين ومنذرين, ليقيموا الحجة على الناس, ومع هؤلاء الرسل من الوسائل التي تساعد الإنسان على الهداية الشيء الكثير.

    معهم أنهم يدعوننا إلى الله الذي خلقنا ورزقنا, وهو الذي نرجع إليه في نهاية أمرنا, ومعهم أنهم يذكروننا بوجود الموت الذي لابد أن يلاقينا طال الزمن أم قصر, وأنهم يخبروننا بالجنة والنار، وما يتبعهما من جزاء وحساب وعقاب وثواب وغير ذلك, وهذه الأشياء هي وسائل قوية جداً في دعوة الإنسان إلى الخير, أقوى بكثير من وسائل الشر المبثوثة بين الناس اليوم, لو عمل الناس على تفهم هذه الأشياء ونشرها وإلقاء أسماعهم لها.

    وسائل الخير أكثر من الشر

    إن وسائل الخير أكثر بكثير من وسائل الشر, وإن كان الله عز وجل ابتلى هذا الإنسان بخلق إبليس وجنوده وأتباعهم من شياطين الإنس, الذين ينشرون الشر والرذيلة، ويدعون إلى الفساد والانحلال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088944649

    عدد مرات الحفظ

    780041242