إسلام ويب

من آفات القراءللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • العلم فضيلة وأي فضيلة، لكنه قد يؤدي بصاحبه إلى الإعجاب أو الكبر ونحو ذلك، وقد ناقش علماء الإسلام ذلك في كتب متعددة، وفي هذا الدرس خلاصة مهمة لأهم الآفات التي قد تصيب طالب العلم.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، وقائد الغر المحجلين، وإمام الدعاة والمعلمين والمرشدين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    فموضوع هذه المحاضرة كما قرأتم وسمعتم هو (من آفات القراء) وهذا العنوان ليس جديداً لا لفظاً ولا معنى فأما في اللفظ فإنني قد استعرته من الإمام المحدث اللغوي أبي سليمان الخطابي رحمه الله، وذلك في كتابه العزلة حيث عقد فيه فصلاً بعنوان (آفات القراء) وقد أعجبني هذا العنوان فاقتبسته منه.

    وأما من حيث الموضوع فهو -أيضاً- موضوع مطروق، أعني به الحديث عن آفات طلاب العلم -وليس القراء إلا طلاب العلم- فقد كتب وتكلم في هذا الموضوع عدد غير قليل من الأئمة منهم: الخطابي -كما أسلفت- والإمام ابن قتيبة، والإمام العسكري في غير واحد من كتبه.

    وكذلك: الإمام الذهبي في رسالة له عنوانها "بيان زغل العلم" إضافة إلى كتابات ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي وابن القيم وغيرهم.

    وهؤلاء العلماء الذين تكلموا عن هذا الموضوع قد أشبعوه بحثاً، في حين أنني لا أستطيع في هذه العجالة إلا أن أشير إلى جوانب سريعة من هذا الموضوع الواسع المهم.

    أسباب الحديث عن الموضوع

    وقد يسأل بعض الإخوة عن السبب في اختيار هذا الموضوع، ومن المعلوم أن آفات الناس كثيرة؛ فلماذا نختار القراء منهم للحديث عن آفاتهم؟! فأقول: إنما اخترت الحديث عن آفات القراء بالذات؛ لأسباب منها:

    السبب الأول: أن هؤلاء القراء هم كالثوب الأبيض النقي ما إن يقع عليه شيء من الدنس حتى يبين فيه، فيحتاج إلى غسل وتنظيف، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة أنه كان يدعو بين التكبير والقراءة بقوله: {اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد} أما غيرهم من الناس فهم كالثوب الأسود، وقد تقع فيه الأوساخ ويقع فيه الدنس؛ فلا يبين فيه.

    السبب الثاني: أن القراء هم -كما سماهم ابن المبارك وغيره- ملح البلد؛ لأن الناس إذا فسدوا ينتظر أن يصلحهم طلاب العلم والموجهون والقراء، فإذا فسد هؤلاء فغيرهم من باب أولى.

    كان الإمام عبد الله بن المبارك يقول:

    يا معشر القراء يا ملح البلد      ما يصلح الملح إذا الملح فسد

    وقد نقل هذا المعنى عن عيسى ابن مريم عليه السلام كما في كتاب الزهد لـابن المبارك.

    السبب الثالث: أن مثالب القراء وعيوبهم وآفاتهم أحياناً تتزيا في زي محاسن، ويتدسس بها الشيطان إلى نفس القارئ أو الطالب على أنها حسنة وفضيلة يقتبسها ويتقمصها، فهي أحوج ما تكون إلى البيان والكشف والتعرية؛ حتى يحذرها القارئ وطالب العلم.

    أما عن الآفات التي سأتحدث عنها، فسأتحدث باختصار حتى لا أطيل عليكم عن عدد من هذه الآفات.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088951403

    عدد مرات الحفظ

    780089039