إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلمللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد جعل الإسلام للمرأة مكانة رفيعة فيه فالنساء شقائق الرجال، وحفظ لها شرفها وكرامتها، ولكن كثيراً من اليهود والمغرضين يطعنون في معاملة الإسلام للمرأة وفي هذا الدرس يطوف القارئ طوفة سريعة مع معاملات الإسلام للمرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مجالات مختلفة.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد …

    فيا أيها الإخوة: إن حكمة الله تعالى اقتضت أن يجعل الإنسان من زوجين ذكرٍ وأنثى، وأن يجعل النساء شقائق الرجال، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم: {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأم سليم: إنما النساء شقائق الرجال} أي: أن المرأة والرجل نظيران في هذه الحياة في أمورٍ كثيرة في التكليف، والجزاء، والقيام بالواجبات الشرعية الملقاة عليهما، كما أن المرأة خلقت من ضلع الرجل، فهي مشتقة منه، ولذلك فقوام الحياة هو بصلاح الرجل والمرأة واستقامتهما، ووجود العلاقة الشرعية بينهما، وإذا انحرف الرجل أو انحرفت المرأة فسدت الحياة، ودب إليها الضياع والفناء، وموضوعنا الذي نتحدث عنه في هذه الليلة -كما سمعتم- هو عن المرأة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    والرسول صلى الله عليه وسلم هو بشرٌ من البشر، ولكنه نبيٌ مختار عليه الصلاة والسلام: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [الكهف:110] ولذلك فقد ولد صلى الله عليه وسلم كما يولد غيره من أبوين من ذكرٍ وأنثى، فكان أبوه عبد الله بن عبد المطلب، وكانت أمه آمنة بنت وهب، ولعل من العجيب أن يموت الرسول صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: {مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري} أي أنها كانت تسنده إلى صدرها صلى الله عليه وسلم قالت: {كان عليه الصلاة والسلام إذا مرض تعوذه بعض نسائه} أي: أنَّ عادته صلى الله عليه وسلم إذا مرض أن ترقيه بعض زوجاته، وتقرأ عليه شيئاً من القرآن، وتنفث، أو ما شابه ذلك، قالت: {فذهبت لأرقيه أو لأعوذه، فسمعته يقول: بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى}.

    أي أنه اختار جوار الله عز وجل بعد أن خيره الله تبارك وتعالى، بين الحياة الدنيا ونعيمها والخلد فيها ثم الجنة، وبين لقاء الله تبارك وتعالى والموتِ ثم الجنة، فاختار الرفيق الأعلى فقالت: {فسمعته يقول بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى} قالت رضي الله عنها: {ومر عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه جريدة رطبة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليها فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها من أخي عبد الرحمن فقضمت رأسها، ولينته، ثم نفضته، فأعطيته النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فاستن به - أي: استاك به- فما رأيته استن استناناً أحسن منه، عليه الصلاة والسلام ثم قضى صلى الله عليه وسلم، قالت: فخالط ريقي ريقه، عليه الصلاة والسلام في آخر يومٍ من الدنيا وأول يوم من الآخرة}.

    فهكذا كان النبي القدوة صلى الله عليه وسلم، يولد من آمنة بنت وهب، ويموت في حجر عائشة رضي الله عنها، وهذا معبرٌ عما كان للمرأة من مكانة في حياته صلى الله عليه وسلم، وفي نفسه، وفي هديه وسنته، كما سيتضح بعض ذلك، من خلال الحديث.

    دواعي الحديث عن المرأة في حياة النبي

    الحديث -أيها الإخوة- عن موضوع المرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مهم لأسبابٍ عديدة، أذكر منها سببين:

    السبب الأول: لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو موضع القدوة والأسوة، وكل مسلم ينبغي له أن يعرف ما كان عليه صلى الله عليه وسلم في حياته الخاصة والعامة؛ فيحرص على التأسي به ما استطاع، وبهذا نستطيع أن نتخلص من كثيرٍ من الأمراض والأخطاء الموجودة في معاملة الرجل للمرأة في هذا المجتمع وفي كل مجتمع، فلهذا السبب كان الحديث عن المرأة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام أمراً مهماً.

    السبب الثاني: إننا نسمع اليوم في هذه البلاد التي شرفها الله تبارك وتعالى واختارها وجعلها مهداً للإسلام أول مرة؛ حيث انبعثت منها أنواره، وجعلها موئلاً يرجع إليها الدين في آخر الزمان كما في الحديث الذي رواه مسلم، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: {وإن الدين ليأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها} أي أنه يحَنُّ ويرجع إلى هذه البقاع، فهذه البقاع بقاعٌ اختصها الله وشرفها واختارها، حتى قال صلى الله عليه وسلم: {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان} وقال: {أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب} وكانت هذه من الوصايا التي رددها وهو في مرض الموت عليه الصلاة والسلام، فكان يقول: {أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب} كما في الصحيحين وغيرهما، فقد أراد الله عز وجل شرعاً أن تكون الجزيرة العربية خالصةً للإسلام، لا يزاحمه فيها غيره، ولا ينافسه دينٌ آخر، ولا ينافس المسلمين طائفةٌ أخرى، لا من اليهود، ولا من النصارى، ولا من غيرهم من أهل الأديان المنحرفة، سواء أكانت أدياناً سماوية محرفة، أم كانت مذاهب بشرية مختلقة من عند الناس ما أنـزل الله بها من سلطان.

    مكانة الجزيرة في تاريخ الإسلام

    هذه الجزيرة لها مكانةٌ خاصة، ومنـزلةٌ خاصة، وكما أن الله عز وجل أمر شرعاً ألا يجتمع في جزيرة العرب دينان كما جاء ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد قدر وقضى أن تكون هذه الجزيرة هي عاصمة الإسلام أول مرة، وفي آخر الزمان كما سمعتم في الحديث.

    ولذلك فإن هذه الجزيرة اليوم هي آخر قلعة من القلاع التي ما زال للإسلام فيها بعض الأثر وبعض القوة، وما زالت المجتمعات في هذه البلاد بحمد الله تتمتع بشيء من التمسك بالدين، وشيءٍ من الحفاظ على الأخلاق الإسلامية، وما زالت المرأة المسلمة في هذه البلاد محجبةً في الجملة، محفوظةً مصونةً مكرمة، ممنوعةً عن الاختلاط بالرجال، أو عن ممارسة الأعمال التي لا تتناسب مع أنوثتها، وهذا ما يغيظ أعداء الإسلام من الشرق والغرب، فيحرصون على محاولة إخراج المرأة من بيتها، ومن مجتمعها الخاص لتعمل مع الرجل جنباً إلى جنب، ولتختلط مع الرجل، ولتمارس الأعمال التي يمارسها الرجل، ومع الأسف الشديد، فإن الذين يقومون بهذه الدعوات، ويطالبون بما يسمونه بحرية المرأة تقليداً لإخوانهم من اليهود والنصارى، الذين دعوا إلى هذه الدعوة التي غذاها الاستعمار في مصر ثم في سائر بلاد العالم الإسلامي؛ مع الأسف أن الذين يدعون إلى هذه الدعوة بين أظهرنا يحرص أعداء الإسلام على أن يكونوا من بني جلدتنا، وأن يتكلموا بلغتنا، حتى يكون تأثيرهم أبلغ، ووقعهم أقوى، وقد قال بعض المستشرقين: (إن شجرة الإسلام لا تجتث إلا بغصنٍ من غصونها) فيحاول الاستعمار، ويحاول أعداء الإسلام أن يوجدوا في المجتمعات الإسلامية، من ينادي بتحرير المرأة، هكذا يسمونه وإلا فهو في الواقع استعباد المرأة، وجعل المرأة مجرد متاع يتمتع به الرجل، جعل المرأة وسيلة للدعاية في الإعلانات، جعل المرأة وسيلة للترفيه عن الرجل في مكان العمل، جعل المرأة ألعوبة بيد الرجل، يعبث بها حتى إذا قضى منها حاجته، ألقى بها كما يلقي بنوى التمر غير آبهٍ بها.

    فهي في الحقيقة استعبادٌ للمرأة وإن سموه تحرراً، هذه الدعوة التي يحاول أعداء الإسلام أن ينادي بها أبناءٌ من بني جلدتنا وممن يتكلمون بلغتنا، لابد أن نحصن أنفسنا، منها بأن نعطيهم الصورة الصحيحة، التي أراد الله بها تكريم المرأة، وهي الصورة التي كان عليها النبي صلى الله عليها وسلم، وأصحابه، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قد قال في حديث الفرقة الناجية وهو يبين من هي الفرقة الناجية: {من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي} فإننا بحاجة إلى أن نعرف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه أصحابه في شأن معاملة المرأة، وماذا كانت مكانة المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم.

    طريقة سير الدرس

    وسأتحدث عن هذا الموضوع، في نحو خمس نقاط:

    الأولى: المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم، أٌماً.

    الثانية: المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم بنتاً.

    الثالثة: المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم زوجةً.

    الرابعة: المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم متعلمةً ومدعوة.

    الخامسة: المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم في الجملة، وذكر بعض التوجيهات العامة المتعلقة بالنساء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088965660

    عدد مرات الحفظ

    780201865