إسلام ويب

نظرة في أحاديث الفتنللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ينتشر بين الفينة والأخرى الحديث حول أحاديث فتن آخر الزمان وأشراط الساعة، ويحاول بعض الناس تفسير بعض النصوص بنوع من التكلف، أو تنـزيلها على أوقات وأزمنة وأماكن باجتهادات خاطئة، وخاصة في هذه الأزمان المتأخرة، ورغم أن المسلمين متعبدون بالأوامر الشرعية من الله عز وجل، وليسوا متعبدين بالأوامر القدرية، إلا أن الكثير من الناس ينساقون خلف أوهام تؤدي بهم لمحاذير شرعية.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى أصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    هذه ليلة الإثنين الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام (1411هـ) للهجرة، وهذا هو الدرس الحادي والعشرون من سلسلة الدروس العلمية العامة، موضوع الدرس في هذه الليلة هو "نظرة في أحاديث الفتن".

    أيها الإخوة: إن وموضوع هذه الليلة في غاية الأهمية:

    وسوف أتناوله في عدة نقاط، أولها: ما هي الفتن؟

    وما هو المقصود بها؟

    معنى الفتنة في اللغة

    فأقول: الفتن مأخوذة من فَتَنَ الذهب، إذا وضعه في النار وأوقد عليه حتى يتميز الذهب الصحيح من الذهب المغشوش، هذا أصل الفتن.

    وللفتن في القرآن الكريم والسنة النبوية معانٍ منها:

    العذاب، فيقال: الفتنة بمعنى العذاب، كما في قوله تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ * ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ [الذاريات:13-14] ذوقوا فتنتكم: أي: ذوقوا عذابكم.

    ومن معاني الفتنة أيضاً: صرف الإنسان عن دينه، سواء كان هذا الصرف بالقوة والشدة والبطش، أو كان بالشبهات والشهوات والترغيب ونحوها، وهذا كثير في القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة:217] وكما في قوله: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا [البروج:10] وكما في قوله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:101] وكما في قوله عز وجل: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ [يونس:83] أي: يصرفهم عن دينهم وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [الإسراء:73] يعني يصرفونك عنه إلى غيره وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49] أي: يصرفونك عن الدين والقرآن والوحي إلى شئ آخر غيره.

    ومن معاني الفتنة: الزيغ والضلال والانحراف، سواء كان ذلك بالكفر والشرك أو بالمعصية مما دون الكفر والشرك، كما في قوله عز وجل: وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ [الحديد:14] فتنتم أنفسكم أي: أضللتموها، وكما في قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران:7] وابتغاء الضلال، ابتغاء الانحراف، وكما في قوله: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ [النور:63] أي: زيغ فيهلكون، كما قال الإمام أحمد: لعله إن رد بعض قوله -أي: قول النبي صلى الله عليه وسلم- أن يقع في قلبه شئ من الزيغ فيهلك.

    وأخيراً: فإن من معاني الفتنة الابتلاء، والاختبار، والامتحان، كما في قوله عز وجل: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [العنكبوت:3] ولقد فتنا الذين من قبلهم، أي: اختبرناهم وبلوناهم وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [الأنعام:53] أي: ابتلينا بعضهم ببعض.

    معناها في الاصطلاح

    فكل هذا من معاني الفتنة، ومعناها في الاصطلاح غالباً: أن الفتنة تطلق على ما يقع في الأمة، ويعرض لها من آثار الشهوات والشبهات من الخلاف والقتال، فكل خلاف بين الأمة أو قتال، هو إما بسبب شهوة، أي أن الإنسان يتسلط يريد العلو في الأرض ويريد الفساد، أو بسبب شبهة عرضت له فرأى فيها الحق باطلاً أو رأى الباطل حقاً، فيقع نتيجة ذلك اختلاف وتنازع وتطاحن، هذا الخلاف والتنازع والتطاحن والقتال يسمى: فتنة.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088959574

    عدد مرات الحفظ

    780165220