فقد ذكرتُ في آخر ليلة من الدروس التي كنت ألقيتها في مسجد الشيخ محمد المحيسني، أحكاماً تخص الصوم، وكان آخرها ما يتعلق ببعض الأخطاء المشهورة عند الصائمين، وقد ذكرت من هذه الأخطاء:
أولاً: اللزوم قبل الفجر، وأن بعضهم يلزم أو يستاقد -كما يعبر العوام- قبل الفجر، ثم يظن أنه لا يصح له أن يأكل أو يشرب بعد ذلك حتى ولو أعجبه طعام أو شراب.
والصواب أن للصائم أن يأكل ويشرب ويفعل ما شاء من المباحات إلى أن يطلع الفجر، كما قال الله تعالى:حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187].
ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وها هنا أيضاً سؤال وهو: أن بعض الناس قد يؤخر الغسل والصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس أحياناً، فما حكم هذا؟
الجواب: أما بالنسبة للصوم، فصومه صحيحُُ لا شك في صيامه، لا شك في صحته، ولكنه آثم مؤاخذ بتأخير الصلاة، فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103].
وواجب أن الإنسان يصلي الفجر مع جماعة المسلمين، ولا يجوز له قط أن يؤخر الصلاة إلى بعد طلوع الشمس؛ فإن وقت الفجر يمتد إلى طلوع الشمس، فمن كان مسافراً أو معذوراً بترك الجماعة فليس معذوراً عن تأخير الصلاة عن وقتها، بل من أخر الصلاة عن وقتها لغير عذر، فقد أتى باباً من أبواب الكبائر.
وبعض أهل العلم يشدد في ذلك أيما تشديدٍ على من أخر الصلاة إلى ما بعد خروج وقتها، فعلى الإنسان أن يحرص على أداء الصلاة في وقتها بكمال طهورها وخشوعها وركوعها وسجودها، أما مسألة الصيام فلو أن الإنسان أخر الغسل أو أخر الصلاة فإن صومه صحيح، ولا تعلق للصوم بالطهارة.
ومن ذلك أيضا أن كثيراً من النساء تسأل.
الجواب: أن هذا العمل جائز، إذا كان لا يضر بصحة المرأة، فإنه يجوز لها أن تتناول مانعاً من موانع الحيض، حتى تواصل الصيام أو تواصل الصلاة مع الناس أو حتى تعتمر، فلا حرج عليها في ذلك إن شاء الله، وإن لم تفعل فهو خيرٌ لها وأفضل وتركت الأمر على طبيعته، وهو أصح لبدنها، وأبعد للعادة والحيض من الاضطراب الذي يصيب كثيراً من النساء.
ومما ينبغي أن يعلم أيضا أن المرأة إذا تناولت مانعاً ثم توقف عنها الدم؛ فإنها تصوم حينئذٍ، وصومها صحيح، وليس عليها صيام ذلك اليوم أو تلك الأيام فيما بعد، فإذا صح صومها في ذلك اليوم، ولم يأتها دم منذ طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فمن الذي يقول أن عليها أن تقضي ذلك اليوم بعد رمضان؟ هذا لا يصح أبداً، بل هو صوم صحيح كاملة شروطه، فلا حاجة لقضائه، ولا يشرع؛ بل لا يجوز قضاؤه، وإنما إن أحبت أن تتنفل بما شاءت فلها ذلك، أما ذلك اليوم، فصيامه صحيح، ولا قضاء عليها.
وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنه أن هذه الآية في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وما في معناهما، فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً، وهذا الإطعام يستوي فيه أن يطعم كل يوم بيومه، أو أن يؤخر ذلك إلى ما بعد نهاية شهر رمضان، فإن ذلك سيان، وسواء أأطعمهم طعاماً مطبوخاً جاهزاً أم أطعمهم غير ذلك، فلا بأس بهذا، وينبغي أن يراعى ما يكون أحب للفقراء وأدعى إلى قضاء حوائجهم.
أما بقية هذه المسائل المتعلقة بالأخطاء المشهورة فمنها:-
الموضع الأول: عند الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: {عند كل صلاة }.
الموضع الثاني: عند الوضوء لقوله عليه الصلاة والسلام: { عند كل وضوء}.
الموضع الثالث: عند قراءة القرآن، وقد جاء في هذا أحاديث عن علي وغيره رضي الله عنه: {إن أفواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك} وهذه الأحاديث لا يخلو شيء منها من مقال، ففيها ضعف.
الموضع الرابع: عند دخول المنـزل، لما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: [[أنها سئلت بأي شيء يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك]].
الموضع الخامس: عند تغير رائحة الفم، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في سنن النسائي وغيره بسند صحيح: [[السواك مطهرة للفم مرضاة للرب]] ففي قوله مطهرة للفم دليل على أن السواك يشرع لتطهير الفم وتنظيفه.
الموضع السادس: هو عند الاستيقاظ من النوم، لحديث حذيفة المتفق عليه {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من النوم يشوص فاه بالسواك} إذن ينبغي للإنسان أن يستاك في هذه المواضع الستة سواء أكان صائما أم كان غير صائم. أما ما يظنه بعضهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: {لخلوف فم الصائم أطيب عند الله -تعالى- من ريح المسك} وأنه يعارض ذلك أن يستاك الإنسان، فهذا ليس بجيد:
أولاً: لأن الخلوف هو من المعدة، وهو رائحة تنبعث من المعدة بسبب خلوها من الطعام؛ وليس من الفم، إذا فالسواك لا يزيل الخلوف ولا مدخل له فيه.
ثانياً: أن كثيراً من العلماء قالوا: إن هذه الرائحة هي عند الله تعالى، {لخلوف فم الصائم عند الله تعالى} بل جاء في بعض الأحاديث {يوم القيامة}.
إذاً لا تعلق لذلك بأمور الحياة الدنيا، والسواك لا يضر ذلك؛ بل هو يزيد رائحة الفم عند الله تعالى طيباً إلى طيب، فإن السواك أيضا هو مما يرضي الله عز وجل، وهو مما أمر الله -تعالى- به على لسان رسوله صلى الله عليه الصلاة والسلام.
وأما إذا بقى في فم الإنسان شيء من أثر السواك فعليه حينئذٍ أن يزيله، دون أن يفضي به ذلك إلى وسوسة، فإن كثيراً من الناس يشقون على أنفسهم، ويبالغون، ويشددون، فيشدد الله تعالى عليهم، وربما يبتلون بألوانٍِ من البلايا والمصاعب؛ بسبب مبالغتهم في ذلك، فيبالغ الواحد منهم -مثلاً- في إخراج بقايا السواك من فمه، أو يبالغ في إخراج بقايا الطعام من بعد السحور من فمه، أو يبالغ في إخراج حتى الريق من فمه، فإذا تعقد ريقه حاول إخراجه، وشق على نفسه، وبعضهم يجد مشقة عظيمة في المضمضة والاستنشاق، وكل ذلك من الآصار والأغلال التي وضعها الله تعالى عن هذه الأمة، قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا [البقرة:286].
فكل الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة قد وضعها الله عن هذه الأمة، فينبغي علينا -عباد الله- أن نيسر على أنفسنا وغيرنا في هذه الأمور.
وذهب جمهور أهل العلم، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة، وجماعة قبلهم من الصحابة والتابعين، فهو مذهب أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وأم سلمة وجماعة من التابعين، وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، والثوري وغيرهم، فهؤلاء يرون أن الحجامة لا تفطر الصائم، وأن قوله صلى الله عليه وسلم: {أفطر الحاجم والمحجوم} منسوخ بأدلة كثيرة قوية منها: فعله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: {احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم} ومثله حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: {أرخص في الحجامة للصائم} وقوله رضي الله عنه "أرخص في الحجامة" دليل على أن هذا الحكم كان قبله منع، فإن الرخصة تكون بعد عزيمة وبعد منع، فالظاهر -والله تعالى أعلم- أن الحجامة لا تفطر الصائم، وعلى الإنسان أن يحرص ألا يحتجم في نهار رمضان؛ من أجل الخروج من الخلاف وإبراء الذمة واطمئنان القلب، فإنه لا حرج عليه قط عند أحد من أهل العلم أن يؤخر الحجامة إن احتاج إليها أن يؤخرها إلى الليل.
ومثل ذلك أيضاً: ما يسمى اليوم بالتحليل، فإذا كان يمكن تأجيل التحليل إلى الليل، أعني تحليل الدم، فهو أولى من أجل براءة الذمة، لكن لو كان ذلك غير ممكن فحلل الإنسان الدم في نهار رمضان فإن صومه صحيح، ولا قضاء عليه ما دام لم يفطر, أما إن أفطر فإن بعض التحليلات يقولون له: لا بد أن نأخذ الدم وأنت صائم، ثم نأخذه وأنت مفطر، فحينئذٍ لا يجوز له أن يحلل في نهار رمضان، بل عليه له أن يؤجل التحليل إلى الليل، اللهم إلا أن يكون ذلك لازماً ولا بد منه لضرورة، فحينئذٍ يحلل؛ وعليه أن يقضي ذلك اليوم الذي أفطر فيه، هذا مع أن التحليل هو في الغالب دم يسير لا يقاس بالحجامة التي يخرج فيها من المريض دمٌ كثيراٌ.
إذاً الخلاصة في هذه المسألة: أن خروج الدم من الصائم بجرح لا يؤثر في صيامه -إن شاء الله تعالى-.
أمَّا الحجامة فبعض أهل العلم قال: إنها تفطر؛ استدلالاً بحديث: {أفطر الحاجم والمحجوم} والجمهور قالوا: لا تفطر؛ استدلالاً بحديث ابن عباس {احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم} وبحديث أبي سعيد الخدري {أرخص النبي صلى الله عليه وسلم بالحجامة للصائم}, أما بالنسبة للتحليل فإنه لا يفطر، وإن أمكن تأجيله إلى الليل فهو أحوط وأولى.
والله لتسألن عن هذا الأمر أيها الأحبة، فعليكم أن تقفوا مع إخوانكم في الدعم بقدر ما تستطيعون، أما أنتن -يا معشر النساء- فلكن أن تتذكرن الكلام الذي قلناه مراراً؛ أن أكثر من مائة وعشرين ألف مسلمة قد انتهكت أعراضهن بالاغتصاب؛ بل أحيانا بالاغتصاب الجماعي، من هؤلاء الوحوش الخنازير، أعداء الإسلام النصارى الصليبيين، أكثر من مائة وعشرين ألف فتاة ما بين السادسة إلى السبعين من عمرها، منهن أكثر من ستين ألفاً حوامل!! وإذا حملت المرأة احتجزوها في معسكرات حتى لا تتمكن من إسقاط الحمل!! يريدون أن تلد وتنجب أولاداً من النصارى حتى يلاحقها الذل والعار إلى الموت.
وبالأمس نشرت الصحف مجموعة لرجال ونساء عراة من المسلمين في معسكرات الأسراب، لم يبق من واحدهم إلا جلد على عظم، وهم يمشون مثل الكلاب على أقدامهم وركبهم وأيديهم مطأطئي الرءوس ترهقهم الذلة وتغاشهم الكآبة، ووراءهم جنود الصرب، أسلحتهم مشهرة إلى رءوس المسلمين، يطلبون منهم أن يزحفوا زحفاً طويلاً بهذه الطريقة، وعلى الجليد والثلج، وفي وسط المخاوف، وكل من أبدى تردداً أو عجزاً أو ضعفاً أو لم تحمله رجلاه فإنهم يصوبون السلاح إلى رأسه، لقد تخلى العالم كله عنهم وبقيتم أنتم يا أهل التوحيد، يا أهل لا إله إلا الله، فيجب عليكم أن تقفوا معهم، اصدقوا الله تعالى.
إنني أعجب! وحق لي أن أعجب أن نطالبكم بالبذل، ثم ننظر ما حصيلة هذا الجمع في مسجد ضخمٍ كبيرٍ كهذا المسجد المبارك، يحضره ألوف بل ربما عشرات الألوف، فإذا نظرنا وجدنا أربعين ألف ريال، سبحان الله حتى الزكاة يجوز أن تدفعها لهؤلاء المسلمين، والنهاية أربعون ألف ريال، ما الذي يجعل النصارى وهم أهل شرك وتثليث وإلحاد ولا يرجون من الله شيئاً، ومع ذلك يجمعون مئات الملايين من الدولارات؟! وأنتم أيها المسلمون تتراجعون وتتأخرون..!
ما الذي يجعل أولاد النصارى يأتون من روسيا؟! وقبل أمس جاء في الصحف أن أكثر من عشرة آلاف شاب أرثوذوكسي من النصارى من القوميين المتعصبين الروس، ينضمون إلى القتال في صفوف الصرب، يشدون عزائم إخوانهم من أهل الكتاب، أما المسلمون؛ فعدد المسلمين الذين يقاتلون هناك إلى جوار إخوانهم يقدر بالمئات!! دعك من القتال بالنفس، نحن لا نطالبك الآن أن تجاهد بنفسك، إنما نطالبك أن تجاهد بمالك، وما نريده منك ليس مائة ريال أو ألف ريال، بل نقبل منك حتى الشيء اليسير {ولا تحقرن من المعروف شيئاً}.
وأنتِ أيتها المسلمة لا تحقري من المعروف شيئاً ولو من حُليِّكُنّ كما قال صلى الله عليه وسلم:
{والمرء في ظل صدقته يوم القيامة}.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {سبق درهمٌ ألف درهم}, {وإنما الأعمال بالنيات} ولو ريالاً، فإن فيه خيراً كثيراً -إن شاء الله- لكني أطالب أهل الغنى والجدة واليسار أن يتقوا الله تعالى في إخوانهم، والله ثم والله لسوف تسألون عنهم، يستصرخون بكم ويستنجدون ويصيحون، والعالم الغربي الكافر يجد نفسه مضطراً إلى أن يظهر الغضب والانـزعاج، ويقف ولو إعلامياً إلى جوار المسلمين؛ ثم يخذلهم إخوانهم المسلمون!!
أعرف ماذا يقول بعضهم! يقولون: المسألة طالت وما بأيدينا شيء، هذا أمره عند الله تعالى ولو طالت نحن لا نطالبك بشيء من نفسك: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُم ْ [النور:33].
وقال تعالى: وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد:7].
نحن نقول لك أخرج الزكاة يا أخي، أنت تعطي زكاتك لفلان، وقد يكون محتاجاً ولكن ما هي حاجته؟! سيشتري أشياء إضافية للمنـزل أو ما أشبه ذلك، وربما عليه ديون قابلة للتأجيل، وربما يكون بعض الكماليات، وربما امرأة تشتري بها ذهباً تتجمل به أو تجمل به بناتها، ولكن أمامك الآن ناس يموتون جوعاً وعطشاً ومرضاً في الصومال، وأمامك مصائب أمم بأكملها، وكوارث حلت بشعوب تقدر بالملايين، أفلا تعقل؟! أفلا تدرك؟! أتقيس مأساة فرد بمأساة أمة؟!! ومصاب بيت بمصاب شعب بأكمله.
إنني أطالبكم أيها الإخوة المسلمون وأيتها الأخوات المؤمنات: أطالبكم مجدداً أن تصدقوا الله تعالى في هذه الليلة بالذات، ولعله ألا يخرج الواحد منكم -بإذن الله تعالى- إلاَّ وقد غفر له بصدقة نوى بها وجه الله تعالى، لا يعلم بها أحد، تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه: وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:271] وربما ينصر الله إخوانكم المسلمين بهذا المال، وأؤكد لكم أننا وغيرنا من الذين يجمعون التبرعات نستطيع بحمد الله تعالى أن نوصلها إلى المسلمين هناك، وتسد فاقاتهم وفقرهم، ونشتري بها الأطعمة، والحليب، والملابس، والأغذية، والأكسية، والسلاح، وكل شيء ممكن بالمال، كل شيء ممكن.. المشكلة الوحيدة هي المال...!
ويا معشر النساء: أدعوكن إلى الصدقة ولو من حليكن، وأنبه بعض الشباب أنه بمجرد أن تنتهي صلاة الوتر عليهم أن يقفوا على الأبواب، ويحرصوا على جمع ما تجود به نفوس إخوانهم، وأسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا في هذه الساعة المباركة وفي هذه الليلة المباركة، لكل من تصدق وأنفق مما يستطيع ولو بالقليل، أن يجعل الله تعالى ذلك له صحةً في بدنه، وطولاً في عمره، وسعةً في رزقه، وعافيةً وعفواً في الدنيا والآخرة، وصلاحاً في ولده، وسعادةً في قلبه، ورفعاً في درجاته؛ إنه تعالى على كل شيء قدير.
الخاتمة:
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأعنا ولا تُعن علينا، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى. اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم أصلحنا يا مصلح الصالحين، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
الجواب: لا يجوز الجهاد إلا بإذن الأبوين، وفي الحديث الصحيح أن رجلاً جاء من اليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: {أحيٌ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد}.
وفي روايةٍ أنه قال: {يا رسول الله جئت إليك من اليمن، وتركت أبواي يبكيان قال: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما}.
وفي صحيح البخاري أيضاً أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن أفضل الأعمال؟ قال: {إيمانٌ بالله ورسوله، قيل: ثم أيٌ؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم أيٌ؟ قال: الجهاد في سبيل الله}.
لكن بإمكان الأخ أولاً أن يذهب إلى الدعوة هناك والتعليم، فإنهما من أعظم ألوان الجهاد، وهم أحوج ما يكونون إلى من يعلمهم دين الله عز وجل، فقد خرجوا من جحيم الشيوعية التي سيطرت عليهم أكثر من أربعين سنة، كما أنه بإمكان الأخ أن يجاهد معهم بالمال.
وقد كتب بعض الإخوة ورقةً يقول فيها: لو أن بعض الشباب قاموا بجمع التبرعات من أحيائهم، أو جماعة في مسجدهم، أو زملائهم في العمل، وأقول: هذه فكرةٌ طيبة جداً، لنفرض أن ألفاً من الإخوة الذين يستمعون إلى هذا الكلام الآن، جند كل واحدٍ منهم نفسه أن يجمع ما استطاع من التبرعات خلال هذا الشهر، إما من جماعة المسجد الذي يصلي فيه، أو من زملائه في الفصل، إذا أخذوا الراتب إن كان ثمة راتب، أو من أقاربه، أو يذهب إلى بعض التجار ويطلب منهم حتى لو كانوا لا يعرفونه، فأقلهم سوف يعطيه ألف ريال على الأقل من باب المجاملة.
فإذا كان ألف شاب، جمع لنا كل واحدٍ منهم ألف ريال، فمعنى ذلك أننا جمعنا مليون ريال بكل سهولةٍ ويسر، وعلى الإنسان ألا يحقر من العمل الصالح شيئاً.
الجواب: الحديث ليس كذلك من غير عذرٍ، ولكن فيه كما رواه ابن عباس: {من غير خوفٍ ولا سفر -وفي رواية- ولا مرض وسئل عن ذلك
الجواب: نعم، هذا صحيح! وقد كتب به إليَّ بعض الشباب الذين أعرفهم وهم ثقات، وشاهدوا هذه الكتابات بأعينهم، وفيها سب لرب العالمين في محاريب المساجد والعياذ بالله تعالى! ويبدو أنها في أكثر من مسجد، وهذه قد تكون حدثت من الذين يحاربون الله ورسوله، ويستفزون المسلمين، ويحاولون أن يثيروا مشاعرهم خاصةً في هذا الشهر الكريم، وإذا كان هذا حدث فمن شخصٍ مجهول، وفي مكانٍ خاص، وهو لا شك من الأمور الفظيعة العظيمة التي تكاد السماوات أن تتفطر منها، وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً، نعم، أقول ذلك؛ لأن الله تعالى قال هذا فيمن ادعو لله تعالى ولدا: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً [مريم:88-92]
أقول: إن الكلام الذي كتب أبشع وأفظع وأشنع مما قاله النصارى في حق رب العالمين، وأعظم وأطم مما قاله اليهود في حق رب العالمين، فإن لله وإنا إليه راجعون! ثم إنني أقول: إن هناك أشياء كثيرة مما ينبغي للمسلمين أن يحتسبوا عليها الآن، وأن يعلنوا إنكارها، قبل أن يسلط الله تعالى عليهم، ثم يدعونه فلا يستجاب لهم، فإن هذا الإعلام الذي يغير أخلاق المسلمين وعقائدهم صباح مساء من خلال التلفاز والإذاعة والجريدة والمقالة، ويحارب الكلمة الهادفة الصادقة بكل وسيلة، إنه من أعظم المنكرات التي يجب على كل مسلم أن يحتسب عليها، وكذلك الربا الذي شاع وانتشر في بلاد المسلمين، وأصبحت بيوته أعظم البيوت، وأصبحت تناطح السحاب أحياناً بارتفاعها وقوتها، وكأنها قلاع أعدت لحرب الله تعالى ورسوله.
ومع ذلك قلما نسمع خطبة في التحذير من الربا، أو درساً في النهي عنه، أو بياناً يوجه المسلمين إلى تركه، وقلما نسمع صوتاً ناصحاً يطالب وبقوة بوجوب تحويل الاقتصاد إلى اقتصادٍ شرعيٍ إسلاميٍ لا شبهة فيه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279].
أمةٌ يحاربها الله تعالى: كيف تفلح؟! كيف تنجح؟! كيف يستقيم اقتصادها؟! كيف تنتصر على عدوها؟! كيف تجتمع كلمتها؟!
الجواب: نسأل الله تعالى: أن يوفقك ويتوب علينا وعليك إنه على كل شيءٍ قدير، لكن مع ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـربيعة بن مالك: {أعني بكثرة السجود} عليك أن توطن نفسك على العبادة والصلاة، وتصحب الجلساء الصالحين، وعليك أن تكثر أنت من دعاء الله تعالى؛ فإنه لن يدعو لك أحدٌ أنصح لكَ من نفسك، والله تعالى قال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
فقبل أن تطلب يا أخي الكريم! أن ندعو لك.. عليك أنت أن تدعو لنفسك دعاءً صالحاً، وإياك إياك أن تكون ممن ذكر الله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ *قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [غافر:49-50].
فعليك أن تدعو أنتَ لنفسك وتصدق الله تعالى.
الجواب: نعم هذا خطرٌ عظيم وتأتينا اتصالات وأخبار وأسئلة فظيعة من الجرائم التي تقع في داخل البيوت، من كبار وصغار السن، من الرجال والنساء؛ بسبب كثرة الخدم والخادمات ومجيء النساء بدون محارم، وعدم التوقي منهم، وجعلهم في البيوت، واطلاعهم على الأسرار وسهولة اتصالاتهم الهاتفية، واستقبالهم لمن شاءوا وخروجهم متى شاءوا، واختلاط الرجال بالنساء، وخلوتهم معهن، واختلاط النساء الخادمات بأهل المنـزل، وتزينهن أحياناً! وقد تكون المرأة جاءت من مكان بعيد منذ سنوات وهي بعيدة عن زوجها أو حتى غير متزوجة أحياناً، وهي امرأة فيها ما في غيرها من النساء، من الغريزة التي ركبت، وكذلك أهل المنـزل قد يكون فيهم الشباب الأغرار ويحصل من جراء ذلك خطرٌ شديد، ويتحمل وزر هذا الأمر وحوبته ومغبته بالدرجة الأولى من تسبب في ذلك، ومن هؤلاء أولياء الأمور من أهل البيوت والآباء وسواهم ممن سهلوا هذه المهمة أو أذنوا بها، أو سمحوا بوجودها أو ساعدوا عليها.
الجواب: عليك أولاً بكثرة الدعاء له، ثم عليك أن تكلمه في ذلك بالكلمة الطيبة، وأن تكون عاملاً معه في عمله، حتى يقتنع منك ويرتاح إليك ويقبل رأيك، ثم عليك أن تسلط عليه بعض الأخيار الذين يدخلون معه مدخلاً حسناً، ويقنعونه بعمل الصالحات.
الجواب: الاحتلام في نهار رمضان أي: أن يرى الإنسان وهو نائم شيئاً، فتخرج منه شهوته، هذا الاحتلام لا يفطر الصائم، وعليه إذا استيقظ أن يغتسل، ولا شيء عليه.
الجواب: الروائح الطيبة لا تفطر، فالرائحة ليست من المفطرات، لكن إن كان لهذه الرائحة جرم، مثل الدخان الذي يتصاعد من البخور، فعلى الإنسان أن يتجنب أن يقربها من أنفه أو يشمها.
الجواب: معاجين الأسنان لا تفطر الصائم، إذا اكتفى بأن يغسل بها فمه، وينظف به أسنانه، وعليه بعد ذلك أن يخرجها من فمه، ولا يصل إلى حلقه شيءٌ منها.
الجواب: نعم؛ لا حرج للإنسان أن يذهب إلى المسجد الذي يظنه أقرب إلى الخشوع، ليس عليه في ذلك شيء، بل يرجى أن يكون له في كل خطوةٍ حسنة إن شاء الله تعالى، كما وعد النبي صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة للخشوع، فأولاً: الخشوع مما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان، ولهذا قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:107-109].
وذكر الله تعالى هذا في صفات المؤمنين: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون1-2].
ولكن.. ما هي الأسباب التي تمنعنا من الخشوع؟
لعل من أعظم الأسباب: كثرة المعاصي!! قال الله تعالى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين14-15].
فبعض الناس: إذا اجتمع قلبه وقربت دمعته، جاءه الشيطان يركض، فصور أمام عينيه معصيته يوم كذا وكذا، فتفرق الخشوع من قلبه وزال عنه، حتى إن عينه لا تبض بقطرة، فهذا من شؤم المعاصي والذنوب، فعليك أن تقاومها وتحاربها.
ثم إن الخشوع وحده لا يكفي، ولهذا الله تعالى ذكر وجوهاً خاشعة، وقال: تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ [الغاشية4-7].
فالخشوع لابد معه من إيمان، ولابد معه من اتباع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولابد معه من إحسان، ولابد معه من عمل، حتى يكون هذا الخشوع مؤثراً.
الجواب: ما دمت مسافراً فبإمكانك أن تفطر؛ فإن الله تعالى قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
وما دمت قد أفطرت، فعليك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته.
الجواب: قد جاء في مجموعة أحاديث، وبعض أهل العلم رأى أن بعضها يقوي بعضاً، ويشد بعضها بعضاً، ومنها حديث: {إن أفواهكم طرق القرآن؛ فطيبوها بالسواك} وعلى كل حال، فالسواك من فضائل الأعمال، ولا حرج في أن يستاك الإنسان قبل الصلاة.
الجواب: من جامع امرأته في صوم تطوع فلا شيء عليه؛ فالمتطوع أميرُ نفسه، وليس عليه في ذلك شيءٌ، وإن أحب أن يقضي بدله يوماً آخر، فيتطوع يوماً أخر، فهذا حسن، ولو لم يفعل فليس عليه شيءٌ، أما من جامع امرأته وهو في رمضان، فإنه قد أتى ذنباً عظيماً، وعليه أربعة أمور:
الأول: أن يمسك بقية اليوم؛ لأنه أفطر من غير عذر.
الثاني: أن يتوب إلى الله تعالى توبةً نصوحاً؛ فإن هذا من الكبائر.
الثالث: أن يقضي يوماً مكانه كما ذهب إليه أكثر أهل العلم.
الرابع: عليه الكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم يستطع أو لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ولو أفطر فيهما يوماً واحداً من غير عذر، لزمه أن يستأنف الشهرين من أولهما، فإن لم يستطع، فإطعام ستين مسكيناً، وهذه الكفارة على الترتيب على رأي جماهير أهل العلم، خلافاً للإمام مالك، أما من كان صومه قضاءً لواجب، مثل إنسان قضى يوماً من رمضان في شوال، ثم أفطر، فهذا آثمٌ أيضاً، فإن من شرع في أداء صومٍ واجب، ولو لم يكن من رمضان، كالقضاء، أو الكفارة، أو النذر، فإنه لا يجوز له أن يفطر في ذلك اليوم.
الجواب: لا أنصح بذلك.. بالنسبة للعوائل، اللهم إلا أن يكون معهم من يحفظهم، ويضبط أمورهم، ويقضي حاجاتهم، ويتابعهم جيداً، فإن أوضاع البلد الحرام في هذا الشهر لا تخفى على الكثيرين من اختلاط الشباب والفتيات، وكثرتهم في الحرم، وخارج الحرم، وفي الأسواق، والأزقة، بل وفي الشقق والعمائر والفنادق وغيرها، وقد اطلعنا واطلع غيرنا من ذلك على أشياء كثيرة، توجب على أولياء الأمور الذين يكون عندهم شباب مراهقون أو بنات مراهقات ألا يذهبوا بهم، اللهم إلا أن يكون الذهابُ ليومٍ واحد يقضون فيه العمرة، ويحققون فيه الفضيلة الواردة في صحيح البخاري: عمرة في رمضان تعدل حجةً } ثم يعودون، أما كونهم يقضون الشهر كله، أو العشر الأواخر هناك، ويترك الأب الحبل على الغارب لأولاده، ولا يدري أين ذهبوا، ولا أين جاءوا، ويكون هناك تسوق في الشوارع وذهاب وإياب، ولقاءات، وأعداد كبيرة عند الهواتف واتصالات، ورسائل متبادلة، وأمور كثيرة، فإن هذا لا شك ربما يكون الأمر فيه خلاف ما ذهب الإنسان إليه، ويكون كمن بنى قصراً وهدم مصراً، وكذلك بعض الشباب، وقد أعجبني بعضهم ممن نظر الأوضاع فلم يطق صبراً فعاد؛ لأنه وجد هناك بعض المغريات والفتن.
من اللائي لم يحججنَ يبغينَ حسبةً ولكن ليقتلن البريء المغفلا |
أما الذهاب بالخادمة الكافرة فلا يجوز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
يؤسفني أن أحد الإخوة يقول: إن قريبةً له رأت امرأة في الحرم، لما أقيمت الصلاة، قالت للخادمة: قومي فاخرجي، فقامت الخادمة وخرجت، قالت لها: لماذا؟ قالت: لأنها كافرة، أريد أن تخرج حتى تقضى الصلاة! لم يكتفوا بإدخالها مكة، بل أدخلوها إلى المسجد الحرام، وهؤلاء ارتكبوا عدة ذنوب:
أولاً: استقدام امرأة بدون محرم.
ثانياً: إدخال الكافرة إلى جزيرة العرب.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {أخرجوا المشركين من جزيرة العرب } {لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب } {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان}.
ثالثاً: أنهم أدخلوها مكة، والله تعالى يقول: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَام [التوبة:28] ومكة كلها حرم.
رابعاً: أنهم أدخلوها إلى المسجد نفسه.
وهذه الأشياء كلها مما نهى الله تعالى عنه.
الجواب: بالنسبة للأكل: يأكل الإنسان ويشرب إلى طلوع الفجر، فإن كان هناك مؤذن يؤذن على الوقت، فإذا سمعتَ صوته في أول الأذان، فعليك أن تمسك، أما إن كان المؤذنون يحتاطون ويبكرون دقيقة أو دقيقتين، فعليك أن تأكل بمقدار هذه الدقيقة أو الدقيقتين.
الجواب: هذا ليس له أصلٌ، لكن الصدقة مشروعة عن الوالدين وغيرهم، وليس في الصدقة اختلافٌ كما قال بعض السلف؛ فبإمكان إنسان أن يتصدق عن نفسه أو عن والديه بمالٍ أو طعامٍ أو عشاءٍ يعطيه الفقراء والمساكين، أو ما أشبه ذلك.
الجواب: هذا سبق أن نوهتُ به، وأدعوك أنت يا أخي! يا صاحب هذه الرسالة! أن تكون من أول المبادرين إلى هذا العمل، فأنت -إن شاء الله- شريكٌ في الأجر، لأنك دللت على خير، والدال على خير له مثل أجر فاعله، لكن عليك أيضاً أن تكون مسارعاً إلى الخيرات.
الجواب: لا! بل عليك ما دمتَ اقتديت بإمامٍ مقيم أن تأتي بأربع ركعات، لقوله عليه الصلاة والسلام، كما في الصحيح: {فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا}.
فأنت فاتك أربعُ ركعات، ولذلك قال السائل لـ ابن عباس: [[أكون بـ مكة، فكم أصل إذا لم أصل مع الإمام؟ فقال: تصلي ركعتين]] فدل على أنه كان مستقراً عندهم أن المسافر إذا كان مع إمامٍ مقيم، فإنه يصلي وراءه أربع ركعات في الرباعية، ولا يقصر الصلاة معه، وهذا مذهب كثير من أهل العلم خلافاً للإمام مالك رحمهم الله تعالى أجمعين.
الجواب: عليه أن يحرص إن ذهب أن يجعل في المسجد من ينوب عنه، ويقوم مقامه، وأنصح ألا يكثر الإخوة الذهاب، بل لو أن الإخوة جلسوا في بلادهم، وذهب الواحدُ يوماً للعمرة لكان هذا أولى.
الجواب: أذكر الإخوة بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح عن أبي موسى وأبي هريرة: { أن النبي عليه السلام صعد المنبر وقال: آمين.. وآمين.. وآمين.. قالوا: يا رسول الله، قلت آمين.. قال: جاءني جبريل فقال: من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، قل: آمين.. قلت: آمين}
فما بالك بإنسان دعا عليه جبريل، وأمّن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يتب الإنسان في رمضان فمتى يتوب؟؟ إذا كانت يا أخي: أيام ومواسم الطاعات وغيرها عندك سواء، فمتى يستيقظ قلبك؟؟! إذا كانت الجمعة فرصة لك، وأنت لا تفكر بأن هذا يومٌ فاضل، ويومٌ فيه خلق آدم، وفيه أهبط من الجنة، وفيه تقوم الساعة، وفيه.. وفيه.. وفيه ساعةٌ تجاب فيها الدعوة، وفيه تشرع كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم... وإنما تتذكر فقط أن يوم الجمعة يوم إجازة، وترتكب فيه بعض الذنوب والمعاصي التي لا ترضي الله، ومثل ذلك هذا الشهر الكريم.
لا تذكر من ذكرياته إلا أن الليل وقتٌ للعب الكرة، سواء أكان ذلك في الملاعب، أم مشاهدة اللاعبين على شاشة التلفاز، وما قصَّرت رعاية الشباب فقد أعدت لشبابنا في هذا الشهر خمسة عشر مباراة طيلة خمسة عشر يوماً من أيام هذا الشهر! وأما بالنسبة للشباب الذين لم يستطيعوا الحضور، فالوسائل والإمكانيات تتيح أن تنقل لهم هذه المباريات حيةً على الهواء، ليستمتعوا بمشاهدتها طيلة ليالي هذا الشهر الكريم، أما في النهار، فهم مشغولون بالدراسة أو بالعمل، ولك أن تتصور بقية اليوم، فمتى يجد الواحد وقتاً لقراءة القرآن، أو لذكر الله، أو للتفكير في أمور الآخرة، أو حتى لمصلحته الدنيوية؟! والله المستعان!!
أسأل الله تعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً وتفرقنا بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر