الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
روى مسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم: (ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى)، وفي بعض النسخ: (ركعتي الضحى) يعني: صلاة ركعتي الضحى.
والبحث هنا في جانبين: كون النبي صلى الله عليه وسلم جعل مكان تلك الأنواع من الصدقات ركعتي الضحى، والمطلوب ثلاثمائة وستون صدقة، فكأن الحديث يقول: صلاة ركعتي الضحى تعادل ثلاثمائة وستون صدقة.
وكون النبي صلى الله عليه وسلم يجعل الصلاة من حيث هي عوضاً عن فقد النقد والمادة، بينما القرآن يجعل العوض الصوم؛ لأن المولى سبحانه جعل في كفارة الظهار عتق رقبة: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ [النساء:92] أي: ستين يوماً، وفي كفارة اليمن عتق رقبة: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89]، وفي كفارة القتل خطأً: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، وفي كفارة الظهار عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً بالترتيب.
فالقرآن اعتبر الصوم محل المادة في العجز بل إنه يجبر العجز في الحج: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ [البقرة:196]، ما قال: طواف ستين أو سبعين شوطاً، بل قال: فَصِيَامُ [البقرة:196]، فجعل الصوم مكان هدي التمتع.
إذاً: في نصوص القرآن نجد الصوم نيابة عن المادة في تصحيح الحج بالصوم عن دم الهدي.
حتى أيضاً في فدية الأذى، في حلق الشعر، وهو من محظورات الإحرام، حمل كعب بن عجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة هوام رأسه، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما كنت أرى أن بلغ بك الأذى ما أرى)، ومما ذكر له: (..صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين)، وكل ذلك فيما يتعلق بالدماء إن عجز عنها.
وإن أتينا إلى أمور الأسرة، وإلى الظهار، وإلى كفارة الظهار: وجدناها صوم شهرين، وإذا جئنا إلى كفارة اليمين وجدنا صوم ثلاثة أيام، وإذا جئنا إلى كفارة القتل خطئاً عوضاً عن عتق رقبة وجدنا صيام شهرين، فباب المادة والمال نجد أن العوض عنها الصوم، وهنا المطلوب صدقة، فإذا عجزوا عن الصدقة لم يرشدهم إلى الصوم كما جاء في القرآن.
فالسؤال الأول: ما الفرق بين الصوم في البدل ونيابة المادة في كتاب الله وبين الصلاة من حيث هي؟
أرجو من الإخوة طلبة العلم أن يبحثوا فيه، فإني لم أجد في ذلك إلا ما يوحي به بعض كلمات الشراح من أن الصدقة عن الأعضاء تعوز المتصدق إلى المال، والصدقة مطلوبة هنا عن جسم الإنسان، فقيل: إن الصلاة هنا بدل من الصوم أو غيره؛ لأننا نريد زكاة هذا البدن شكراً لله على ما فيه من نعم، فإذا قمت وصليت لم يبق عضو في الجسم إلا تحرك شكراً لله.
فإذا مشيت من البيت إلى المسجد خطوت إلى المسجد، وإذا وقفت في المحراب أو استقبلت القبلة وحركت يديك وقلت: (الله أكبر)، نطق لسانك، وتحركت يديك، وانثنى صلبك، وارتفعت، وسجدت، وقامت جميع أعضاء الجسم، فتلك السلامى كلها تحركت في شكر الله تعالى.
إذاً: هذا الحديث مغاير لأسلوب القرآن في استبدال الصوم عن المادة في موقعه؛ لأن الصدقة هنا مطلوبة لذات البدن بخلاف الصوم في الظهار، وكفارة اليمين، فهو خارج عن موضوعها، وذلك من فضل الله على الأمة، فلم يقفل أمامها طريقاً إلا أوجد لها ما تعوض به عنها.
السؤال الثاني: إذا كانت الصلاة هي التي تؤدي به هذا الواجب، والجسم يؤدي واجبه بنفسه فيشكر الله على ما فيه من نعم، حتى العين والأذن تشكر لله، فالعين تنظر إلى القبلة أو تبصر إليها أو تنظر إلى كتاب الله لتقرأ في الصلاة، والأذن تسمع التسبيح والتحميد، والقلب مع هذا كله قد عقد النية شكراً لله، فلماذا اختصت بهذا صلاة الضحى؟ إن كان ولابد من صلاة فكم من نافلة يصليها الإنسان! وكم من وقت صالح لأداء الصلاة، كما في قوله سبحانه: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً [المزمل:6] ، وهذه جاءت في وضح النهار في الضحى، ولم تأت في جوف الليل، فلماذا؟
الجواب: بعض العلماء يختصر الطريق ويقول: لعل في صلاة الضحى سر لا يعلمه إلا الله، فنكف ألسنتنا؛ لأن جميع العبادات فيها أسرار، وإن علمنا بالبعض منها فلا يستطيع إنسان أن يدعي الإحاطة: لماذا الصبح ركعتين بعد نوم طويل وراحة، والظهر أربع ركعات في وقت عناء النهار، وكذلك العصر والمغرب، والعشاء عند النوم وفيه الراحة أربع ركعات؟
لا تستطيع أن تعلل شيئاً، وإن قلنا: أوقات الصلاة ربطت بآيات كونية لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78]، آيات كونية تتغير وتوجب الشكر، وتوجب النظر في ملكوت الله، وتستظهر القدرة الإلهية في حركة هذا العالم، فتأتي الصلاة مع القدرة متوازيان، ولكن لماذا كانت هذه اثنتين، وتلك ثلاث، وتلك أربع؟! حكم لا يعلمها إلا الله.
وبعض الفقهاء حاول الكلام في هذا، ولكن حقيقة الأمر عند الله، وإذا استقر الأمر على الضحى، فبقي سؤالان: حكم صلاة الضحى، واختلاف الصحابة فيه، واختصاص الضحى عن بقية الصلوات.
انظروا إلى هذا التصريح: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح -يعني تنفل- سبحة الضحى قط) يعني: نافلة الضحى، أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة تقول هذا!
بينما جاء عن أم هانئ في الصحيحين قالت: (عام فتح مكة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به يغتسل و
بعض العلماء يقول: إنها صلاة شكر على الفتح، وخالد بن الوليد أحياناً كان يصليها إذا فتح الله عليه مدينة من المدن.
وقد تنازع العلماء في مشروعية الضحى؛ لأن أم المؤمنين وهي أقرب الناس إليه، وأعرف بصلاته في الداخل تقول: (ما رأيت).
وقيل لـعبد الله بن عمر : أعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى؟ قال: لا، ولا أبا بكر ولا عمر !
ولكن مالك رحمه الله يتمم حديث عائشة وأنها قالت: (وإني لأسبحها)، وفي رواية: (وإني لأحبها)، وفي رواية: (ولو بعث لي أبواي ما تركتهن).
فكيف الجمع بين قولها هذا وقولها: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها قط)؟
ورد في بعض الروايات: (كان صلى الله عليه وسلم يترك العمل وهو يحبه كراهية أن يفرض على الناس).
وأحسن من تكلم على هذه المسألة صاحب كتاب: (طرح التثريب)، فقد ذكر حوالى عشرة أوجه في الإجابة عن قول عائشة، والجمع بين قولها: (ما رأيته قط)، وقولها: (وإني لا أتركها ولو بعث لي أبواي). قالوا: لم تره، وإنما بلغها.
وقال بعض الناس: عائشة كانت تاسعة تسع من زوجات رسول الله، فليس بلازم في كل نوبتها أن يصلي، ولعله كان يصليها عند غيرها، ولكن ابن عبد البر يضعف هذا الوجه.
إذاً: كان يخفي أمرها مخافة أن تشتهر عند الناس، وتفرض عليهم، وبعد أن أنتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى أمن جانب الفرضية، كما وقع في قيام رمضان، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى العشاء ودخل بيته، ثم قام من الليل إلى المسجد فصلى في رمضان في الليل، وكان بعض الناس في المسجد فصلوا خلفه، فلما كان من الغد صلى العشاء ودخل، فتسامع بعض الناس، فانتظروا بعد الصلاة ولم ينصرفوا، وخرج صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل في رمضان فصلوا خلفه، وفي الليلة الثالثة تسامع أهل المدينة جميعاً أن رسول الله صلى في الليل، وصلى وراءه أقوام، فلما صلوا العشاء ودخل صلى الله عليه وسلم بيته، ما قام إنسان من مكانه، ومكثوا ينتظرون خروج رسول الله، فلما جاء وقت خروجه قال لـ
فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إليهم وهو يعلم أنهم منتظرون مخافة أن تفرض عليهم فيعجزون عنها.
ثم في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه نظّم التراويح على إمامين، أحدهما أبي بن كعب ، وأمره أن يصلي بالناس أولاً ثمان ركعات، ولكن كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام، وربما انصرفوا قبل أن ينادي المؤذن للفجر، فجمع القراء، وكلف سريع القراءة أن يقرأ بثلاثين آية في الركعة، وبطيء القراءة أن يقرأ خمساً وعشرين آية في الركعة، وخفف من القراءة، وزاد في عدد الركعات، وجعلها عشرين ركعة، واستمر الأمر على ذلك من عهد عمر إلى اليوم.
ويهمنا أن عمر لما أمن الفرضية -لأنه لا فرضية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- نظّمها، كما أن بعض السلف قال: الصلوات خمس، أي: لا سادسة، وهي الضحى، فقالوا: إنه صلى الله عليه وسلم ربما كان يخفيها لئلا يتتابع عليها الناس؛ مخافة أن تفرض عليهم، فلما كان الأمر كذلك، وعلمت صلاته صلى الله عليه وسلم لها في مكة، قالوا: هذه سنة، وشكر للفتح.
ويروون عن الطبري أنه قال: أنه جاءت فيها أحاديث تعادل التواتر، ولكن لم نقف على ذلك، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فعلى طالب العلم أن يبحث هذا، إلا أنه جاء في الصحيحين عن أبي هريرة تارة، وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنهما تارة، أبو ذر يقول: (أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى)، وكذلك أبو هريرة قال: (أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن ما حييت: صيام ثلاث أيام من كل شهر، ولا أنام إلا على وتر، وأن أصلي ركعتي الضحى، فأنا أصليهن في الحضر وفي السفر).
وعلى كلٍ فالروايات ثابتة في صلاة الضحى، مثل هذا الحديث عند مسلم : (ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى)، وكم تكون صلاة الضحى؟
يتفق العلماء على أن أكملها ثمان، وأوسطها أربع، وأقلها ركعتان.
ويذكر البيهقي : أن أقصاها اثنتي عشرة ركعة، ولكن الحديث فيه ضعف ولم يأخذ الجمهور به.
إذاً: أقل صلاة الضحى ركعتان، وأوسطها أربع، ونهايتها ثمان كما عند الجمهور، وعلى هذا ثبتت مشروعية الضحى من حيث هي.
لماذا اختصت صلاة الضحى بهذا دون غيرها من النوافل؟ وما هي النوافل؟
لكل فريضة في الإسلام نافلتها: فالشهادة التي هي مفتاح الإسلام تجب في العمر مرة، ولكنها تتعدد في كل صباح ومساء نافلة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض في العمر مرة: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فبمقتضى هذه الآية أصبح فرضاً على كل مسلم أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والواجب يتأتى بمرة ما لم يأت ما يدل على التكرار، وقد جاء في هذا ما يدل عليه: (حينما صعد صلى الله عليه وسلم المنبر وقال: آمين آمين آمين، فقالوا: يا رسول الله! سمعناك تؤمن، علامَ أمنت؟ قال: أتاني جبريل فقال: شهر رمضان من أدركه ولم يدخله الجنة باعده الله فقل: آمين، فقلت: آمين، يا محمد! من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة باعده الله في النار فقل: آمين، فقلت: آمين، يا محمد! من ذكرت عنده ولم يصل عليك باعده الله في النار فقل: آمين، فقلت: آمين) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ويأتي الحديث الآخر: (من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشراً..) إلى آخره.
نأتي إلى أركان الإسلام الأخرى: الصلاة وهي عماد الدين، لكل فريضة نافلتها، يتفقون على القبلية ويختلفون في البعدية، فالصبح قبله ركعتان، والظهر قبله ركعتان وبعده ركعتان، والرواية الأخرى: أربع وأربع، والعصر قبله أربع ركعات، والمغرب بعده ركعتان أو ست ركعات، والعشاء بعدها ركعتان.
ثم تأتي بعد ذلك النوافل غير المرتبة مع فريضة: فتأتي صلاة الليل بلا عدد ولا حد، كما بيّن سبحانه: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:1-4]، ولا حد في ذلك على التحقيق، وكان السلف بعضهم يقوم الليل بكتاب الله كاملاً، وبعضهم يقوم الليلة بسورة الفاتحة.
يأتي بعد ذلك إقامة القائلة -أي: الصلاة بين الظهر والعصر- وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنه يحيي القيلولة، فقيل له في ذلك، فقال: الناس نيام وأحب أن أعبد ربي، مع أن وقت القيلولة يستعان بها على قيام الليل، وابن عمر هو الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه: (نعم العبد
وكما جاء عن سعيد بن المسيب : أن رجلاً قال له: إن بني فلان يقيمون الهاجرة، يذهبون إلى المسجد في الظهر ويقيمون هناك إلى صلاة العصر يتعبدون، فهل تستطيع أن تفعل مثلهم؟ قال: يا ابن أخي! ليست هذه بالعبادة، العبادة تأمل في كتاب الله وأحكامه، وبيان أمره ونهيه.. إلى آخره.
ومنها: الصلوات ذوات الأسباب من كسوف، وخسوف، واستسقاء، وجنازة إلى غير ذلك.
قالوا: لقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى بالذات؛ لأنها ليست مرتبطة بفريضة تتممها.
إذاً: الضحى ليست مرتبطة بغيرها، فركعتا الفجر مرتبطة بالفجر، أما الضحى فلا، وحينما كنت أبيّض تتمة أضواء البيان في قوله تعالى: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:1-2] ،وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:1-2]، يلفت النظر هنا أن الله يقسم سبحانه فيقول: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:1-2]، تقول: سجى الليل: إذا غطى بظلامه، فلان مسجّى، يعني: نائم مغطى، إذاً: الليل الساجي: هو الليل الذي غطى الكون بظلامه، وهذا أقوى أوقات الليل في الظلام، ويقابل هذا في النهار الضحى، وكأن وقت الضحى هو ألطف أوقات النهار كله بالنسبة إلى أشعة الشمس؛ لأن قبل الضحى لم يكتمل نورها، وبعد الضحى يشتد حرها، ثم تأتي إلى الزوال، ومن الزوال إلى الغروب تبدأ في النقصان.
إذاً: أكمل أوقات النهار هو وقت الضحى.
ويقسم المولى سبحانه بأوثق الزمنين وأقواهما في موضوعهما: الليل الساجي والضحى في إشراقه مع هدوء الشمس، وإذا جئنا إلى السورة الثانية: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:1-2]، وأكمل الليالي وأفضلها هي التي فيها القمر يكتمل، وهي الأيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ لأن لياليها مضيئة بضوء القمر، فهي بيضاء ونهارها أبيض بأشعة الشمس.
إذاً: الضحى أفضل أوقات النهار، ويكون العبد في إشراقة نفسه، وفي وضوح ووضاءة وإشراقة قلبه ونور ربه معه، يأتي في هذا الوقت اللطيف ويركع لله ركعتين، فتكون شكراً محضاً لله لا على مقابل شيء، ولهذا فللضحى خصائصها، ويكون لهذا الوقت شرفه واختصاصه دون بقية الأوقات، ولهذا تجد أقوى ما تكون النفس إشراقاً وأقوى ما يكون البدن نشاطاً في ذلك الوقت، فإذا زاد بعد ذلك واجهه حر الشمس، وواجهه عناء النهار.. إلى غير ذلك من العوامل الأخرى، وإذا نظرنا إلى ما يوحيه قول ابن عباس في قوله سبحانه في خصلة داود: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ [ص:18] والعشي: ما بعد الزوال إلى المغيب، والإشراق: هو إشراق الشمس، يقول: كانت العصر والضحى واجبتان على داود، فبقيت العصر عندنا، ورفعت الضحى عنا، أي: من باب الفريضة.
وقوله سبحانه: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] يختلف العلماء في الصلاة الوسطى ما هي؟
فـمالك رحمه الله يقول: الفجر؛ لتوسطها بين العشاء وبين الظهر، وهما أبعد الوقتين، ولثقلها على المنافق.
والجمهور يقولون: هي العصر.
لو جئت إلى صلوات خمس في دائرة، فأي نقطة على دائرة المحيط تكون منتصف الدائرة، فما الذي خص نقطة العصر في ذلك؟
لو تأملنا إلى الوسطية من حيث الزمن وأوقات الصلاة وإقامتها؛ نجد طرفي النهار: الفجر في أوله والعشاء في آخره، فإذا جئنا ما بين طلوع الفجر إلى زوال الشمس، ففيه صلاة الفجر وصلاة الظهر بعد الزوال، وهذا الزمن طوله ست ساعات تقريباً، وإذا جئنا من زوال الشمس إلى غروبها وجدنا ست ساعات أيضاً فنجد الظهر في منتصف النهار ونجد المغرب في نهاية النهار، وبين الفجر والظهر كما بين الظهر والمغرب، وفي الوسطين نجد صلاة العصر في ربع المسافة بين الزوال والغروب، ونجد الضحى في ربع المسافة بين الإشراقة والزوال، فالضحى متعادل مع العصر سواء بسواء.
إذاً: الضحى تعادلة الصلاة الوسطى التي نص القرآن عليها.
قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ [النور:36-37].
الغدو: الغدوة وليس ذلك الفجر إنما بعد طلوع الشمس، والآصال: بعد العصر وقبل المغرب.
إذاً: قبل كل شيء: لصلاة الضحى سر يعلمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن لو ذهبنا نلتمس أسباب أو مسببات هذا التخصيص والتفضيل ربما وجدناه على النحو الذي مر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
يتفق العلماء: أن الصلاة النافلة لا تصح عند طلوع الشمس، ويقولون: حتى ترتفع الشمس قدر رمح، وعلي رضي الله تعالى عنه لما رأى بعض الناس يصلي الصبح ويجلس فإذا أشرقت الشمس صلى وذهب، قال: ما بالهم ينحرونها؟ لماذا لا ينتظرون حتى تكون في الجبهة؟ أي: تكون الشمس في جبهة القائم، وارتفاع الشمس قدر رمح، ويدرك ذلك من كان في خلاء وفضاء، أو كان على ساحل بحر؛ فإنه يرى الشمس كأنها تنبت من الأرض في نهاية الأفق -كما يقولون- الميل، والميل حينما تنظر إلى الأمام -كلٌ بحسب نظره قوة وضعفاً- في منتهى الإبصار ترى أن السماء قد مالت على الأرض، والتقت في زاوية حادة عند نقطة الصفر، فحينما تخرج الشمس من تلك النقطة -نقطة الميل- وترتفع عن نقطة صفر في الأرض صاعدة إلى السماء تأخذ تدريجياً حافة القرص أولاً، ثم ينتصب، ثم يكمل ظهوره، ثم يأخذ الانفصال والارتفاع عن سطح الأرض، وإذا بلغ ارتفاع قرص الشمس عن سطح الأرض مقدار رمح حلت الصلاة، والرمح هو الآلة التي كان يستخدمها الناس في القتال، وغالباً ما تكون بقامة إنسان أو دون ذلك، وحينئذٍ جاز أن تصلي النافلة.
ولكن جاء في الحديث: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) والفصال جمع فصيل، وهو ولد الناقة، يمشي في بكرة النهار مستريحاً، ولكن إذا اشتدت الشمس وارتفعت أكثر من رمحين قبل أن تصل إلى الزوال، أي: في ربع السماء، ومعنى ربع السماء: أي: نصف الدائرة من نقطة الشروق إلى نقطة الغروب، فنصفها هو وقت الزوال، ومن نقطة الزوال إلى الشروق منتصف المسافة الربع الشرقي، ومن نقطة الزوال إلى نقطة الغروب منتصف المسافة الربع الغربي، فإلى أن تأتي الشمس في ربع السماء الشرقي هناك ترمض الفصال، تحتر الأرض الرملة -وهي الرمضاء مثل الرماد الحار- فالفصيل الصغير لا يقوى على المشي؛ لأن الرمل يحرقة تحت خفه فلا يقوى عليها فيربض في الأرض، قالوا ذلك الوقت هو: صلاة الأوابين، وأحسن أوقاتها ذلك الوقت.
إذاً: أول وقت الضحى: إذا ارتفعت الشمس قدر رمح، وآخر وقتها: حينما ترمض الفصال، وعدد ركعاتها -كما أشرنا- أقلها ركعتان، وأكملها ثمان، وأوسطها أربع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
لو جئت إلى قوله: (ويجزئ عن ذلك: ركعتا الضحى) حينما تفكر في الركعتين إن جئت إلى الحسنات التي يمكن أن تتميز فيها في الركعتين، كيف تفعل؟
يعني: لو جئنا على سبيل العرض والإيراد من باب لفت النظر أول عمل في الصلاة: تكبيرة الإحرام، ثم تقرأ الفاتحة، ثم تكبر، ثم تركع، وتسبح ثلاث مرات، ثم ترفع وتقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.. إلى آخر الذكر، ثم تكبر وتسجد، ثم تسبح ثلاث مرات، ثم تكبر وتجلس، ثم تدعو، ثم تكبر وتسجد، ثم تسبح ثلاث مرات، ثم تقوم للركعة الثانية، فلو أحصيت هذه الحركات وتلك الأذكار بالإضافة إلى سورة الفاتحة فقط، والفاتحة تشتمل على مائة وثلاثة حروف كما يقول النيسابوري في عده للحروف، فلو جمعت جميع ما يكون من تلك الحركات، والتكبير والتسبيح تصير حوالى ستين حسنة مستقلة، فلو ضربت الستين في اثنين صارت مائة وعشرين، ولو ضربت مائة وثلاثة في اثنين صارت مائتين وستة، واجمع إليها مائة وعشرين تصير ثلاث مائة وستة وعشرين، ولعل الباقي يأتي في الدعاء أو في خطواتك إلى المسجد، ولو أراد إنسان أن يستخرج بعض الشيء: كيف تعادل الركعتان ثلاث مائة وستين، ربما يجد في الركعتين ما يعادل ذلك إذا اعتبرناها على انفرادها.
وكل هذا من باب تفتيح الذهن، وربط حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضوعه، لماذا خص ركعتين؟ ولماذا لم يقل: أربع؟ ولماذا لم يحيل على الصوم؟ ولماذا لم يجعلها في الليل؟ وكل ذلك موضع لأسئلة العلماء.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يشرح صدورنا لما يحبه ويرضاه، وأسأله أن يرضى عنا.
اللهم علمنا ما جهلنا، وذكرنا ما نسينا، وتقبل منا إنك على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
الجواب: يقول بعض العلماء: من الأحسن في صلاة الضحى أن تقرأ سورة الضحى في الأولى وألم نشرح في الثانية، ولهم في ذلك أسرار، كما أن السنة في ركعتي الصبح وفي سنة الطواف أن تقرأ : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، فتبدأ صباحك قبل الفريضة بقراءة قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وتبرأ من عبادة الكفار وتلجأ إلى عبادة الله وحده، ثم تقرأ سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وفيها إقرار بالوحدانية لله سبحانه وتعالى في ذاته وأسمائه وصفاته، وكذلك بعد ركعتي الطواف وهي آكد، والسر في ذلك عظيم؛ لأن العرب كانوا يعبدون الأصنام، فجاء الإسلام وحطم الأصنام وطهر الكعبة، وفي الوقت الذي يكسر الأصنام الحجرية يقبّل الحجر الأسود، فهنا الشيطان يجد مجالاً للوسوسة، ويقول: كيف تكسرون تلك الأحجار التي صنعها آباؤكم وتقبلون هذا الحجر؟
فيكون الجواب على ذلك: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ [الكافرون:1-2] .. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2].
وعمر رضي الله تعالى الذي كان في الجاهلية يصنع لنفسه إلهاً من تمر، يحرسه عند رأسه، فإذا أصبح معافى أكله، أتى إلى الحجر الأسود وقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، وكان علي رضي الله تعالى عنه وراءه، فقال: لا يا أمير المؤمنين! إنه ينفع ويضر قال: بأي شيء؟ قال: إذا كان يوم القيامة جاء وله لسان يشهد لكل من قبّله.
وكل من كتب في تاريخ مكة وبناء الكعبة يورد آثاراً عديدة جداً، ولا تصل في الصحة إلى درجة الصحيحين، لكنها في مجموعها يعضد بعضها بعضاً، وفيها أن الحجر الأسود نزل من الجنة، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجراً بمكة ما مررت عليه إلا وسلم عليّ) ، فإذا كان حجر من حجار مكة يسلم على رسول الله، فما الذي يستبعد أن ينزل حجر من الجنة؟ والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقت صلاة الضحى بخلاف الأوقات الخمسة، فهي تأتي في وقت شبه هدوء للإنسان، بخلاف الظهر فإنه يكون منهمكاً في عمله فيترك عمله ليصلي، ومثلها العصر؛ لأن العصر تكون وقت انشغال الناس، وما كل الناس يقيل من الظهر حتى العصر.
إذاً: من خصائص صلاة الضحى: أنها وقت انشغال الناس، ولذا فهي صلاة الأوابين، والأواب: شديد الأوب، أي: الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.
متى يضعها؟ وهو ساجد، أو جالس، أو راكع، أو ارتفع من الركوع، أو في القراءة؟ لأنا نظرنا إلى بعض الناس يضعون أيديهم في محلات لا ندري عنها.
المهم: إذا كان عند القيام قبل أن يركع، فهذه هي السنة، وقد ذكرها الإمام مالك رحمه الله في موطئه، وهو حجة على المالكية الذين يسدلون، وكما قال والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه: لا نترك ما أورده مالك بخطه في موطئه لما كتبه خليل وغيره.
والعجيب! أن البخاري ومسلم وجميع علماء السنة لم يرووا حديث وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة إلا من طريق مالك ، وسندهم الوحيد هو من طريق مالك، كل علماء الحديث يروون حديث القبض أو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة من طريق مالك ، فهذه سنة، ولكن لنعلم أنها من كمال الهيئة، والصلاة لها هيئة في قيامك للقراءة؛ فهذه هيئتها، وعند ركوعك يدك مفرجة الأصابع على ركبتيك هذه هيئتها، وفي رفعك ترفع يديك حذو منكبيك وترسلهما بجانبيك، فإذا قبضتهما كما يفعل بعض الناس فهي هيئة بعد الرفع مثل الهيئة عند القراءة، وكل ركن في الصلاة له هيئته، فإذا سجدت بسطت كفيك وسجدت بين كفيك في سجودك، وإذا جلست بين السجدتين وضعت كفيك على فخذيك، وهل تضع اليمنى على اليسرى وأنت جالس بين السجدتين؟ لا؛ لأنها خاصة بالقيام، فإذا سجدت تبسط كفيك أمامك، وإذا جلست للتشهد لا تضع اليمنى على اليسرى وأنت جالس للتشهد، بل تضعهما على فخذيك، لكل ركن في الصلاة هيئته.
إذاً: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة حال القيام للقراءة هو السنة، ولكن لنعلم أن الصلاة تصح بوضعهما وبدون وضعهما، ولكن السنة وضع اليمنى على اليسرى، وأحب أن أقول ذلك حتى لا يكون وضع اليدين وإرسالهما موضع خلاف ونزاع بين الناس، فالسنة هي أن تفعل ذلك، فإذا رأيت إنساناً لا يفعلها، وتعلم أنه متأثر بقول في مذهبه، فاعذره، ولا ينبغي أن تبالغ بالإنكار عليه، وخاصة إذا كان طالب علم يفهم، وهذه المسألة لا ينبغي أن ندخلها في الخلاف حتى توجد نزاعاً بيننا، بل من وضع يديه فقد عمل بالسنة وهو الأكمل والواجب على كل إنسان، ومن تركها لقول عنده أو تأوّل عنده فلا ينبغي لنا أن نجعل ذلك محل خصام ونزاع وتفريق بين إخواننا، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا يقولونه حينما صلى جالساً، فحينما سقط عن الفرس وألم في فخذه وفي حوضه، وكذلك في مرضه صلى جالساً وأسدل يديه، وقلنا: هيئة صلاة الجالس نفس المالكية وغيرهم يذكرون فيها خلاف، هل تجلس كجلستك للتشهد أو تجلس متربعاً؟
فإن جلست جلستك للتشهد قبضت، وإن جلست متربعاً وضعت يديك؛ لأن هيئة المتربع تكفي بأن يعلم بأنه في قراءة، أما إذا جلست جلسة المتشهد فيظن الرائي أنك تتشهد، فتضع يديك على صدرك؛ لأن وضع اليدين علامة على القراءة؛ ولهذا يختلفون في هيئة الصلاة للجالس، فإن صلى متربعاً وضع يديه على كفيه، وهذا هو السدل، أي: في صلاة الجالس، لا في صلاة القائم.
الجواب: القاعدون الذين لم يجدوا ما يسافرون عليه: إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ [التوبة:92]، هؤلاء بذلوا وسعهم وبكوا أسفاً على أنهم لم يجدوا، وأولئك وجدوا وتخلفوا، والذين وجدوا وجاهدوا مفضلون على هؤلاء، وهؤلاء لهم فضل النية والقصد والحرص.
الجواب: كفارة الظهار جاءت بالترتيب، ولكن كفارة اليمين جاءت بالتخيير، وهو المعروف عن الأصوليين الواجب المخيّر، ونازع فيه المعتزلة وقالوا: كيف يكون واجباً؟ وكيف يكون على التخيير؟ لأن التخيير يتنافى مع الوجوب، لكن الوجوب في الإلزام، والتخيير في اختيار النوع، إن شئت كفرت بعتق، وإن شئت أطعمت عشرة مساكين، وإن شئت كسوتهم، هذا على باب التخيير.
الجواب: في عدة مواطن: حينما يركع، وعندما يرفع من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده، وكذلك إذا قام من الركعة الثانية إلى الثالثة، أما بين السجدتين أو حينما يريد أن يسجد فلا يرفع يديه، وبعضهم يكره ذلك وبعض العلماء يكره رفع الإصبع في التشهد، ويقول: إن قدرت على كسرها فافعل، ولا أدري لماذا قال هذا؟!
وقد جاء في الحديث الصحيح: (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في التشهد عقد ثلاثاً وخمسين) .
وكان للعرب عقود إشارات بالعدد، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وقبض إصبعه في الثالثة)، أي: مرة ثلاثين، ومرة تسعة وعشرين، وكانت للعرب عقود في الحساب، وأعتقد أنه علم قد اندرس، وعقد الوسطى مع البنصر للثلاثة والخمسين عطف الإبهام على أصلها.
وبعضهم يزيد في الحركة بالإصبع ويقولون: توقظ الوسنان، وتطرد الشيطان، وبعضهم يقول: تنبه القلب، لكن نقول: القلب على اليسار وليس على اليمين!
على كلٍ، جاء الحديث بالحركة وبالسكون، فيظل رافعاً إصبعه إلى أن يختم الشهادتين أو يختم التشهد أو يسلم، كل ذلك وارد في هذا، فتحريك الإصبع وارد عند بعض العلماء، وتسكين الإصبع وارد عند البعض الآخر، والله تعالى أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر