الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فيقول المصنف رحمه الله: [ عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم ].
هذا الحديث ليس فيه نص في ذكر العارية، ولكن فيه: (على اليد ما أخذت)، سبحان الله! هل اليد هي الآخذة أو الإنسان هو الذي يأخذ بيده؟! الجواب: هو الإنسان ولكن هذا من البلاغة؛ لأن اليد هي المباشرة، فأسند الفعل إليها، وأما حقيقة فليست هي الآخذة ولكنها آلة الأخذ، وهنا (اليد) (الـ) هنا للجنس أي: كل يد (عليها ما أخذت حتى تؤديه).
(تؤديه) يعني: ترده من حيث أخذته، ومن أين أخذته؟
أخذته من شخص جاز التصرف فيه.
لكن ينص الحنابلة في بعض كتبهم: على أنه لا تصح إعارة الجارية في موطن الفتنة، كما لو أعيرت لرجل تخدم عنده وليس عنده أحد فهو سيخلو بها، وهذا لا يجوز، لكن إعارة الجارية لامرأة لا بأس بها.
المراد: أخذت من مالك العارية أو من ينوب عنه.
(حتى) وحتى: حرف غاية، (تؤديه) أي: ترده من حيث أخذته، واستدلوا على وجوب ردها بقوله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، والحديث عام في كل ما أخذته يد من غيرها، إذا استأجرت عيناً، أو استأجرت سيارة فعليك أن تؤديها: (على اليد ما أخذت) وهي في ضمانها حتى تؤديه، فإذا استعرت أرضاً مثلاً: فعليك هذه الأرض حتى تؤديها، أو استعرت داراً تسكنها، أو دكاناً تستخدمه، أو دابة تركبها، وكل ذلك مما تصح إعارته فعليك ضمانها، وعليك حفظها.
(على اليد ما أخذت) هنا يقولون: في الحديث محذوف مقدر يرجع تقديره إلى حكم العارية. أي: مؤداة أو مضمونة.
فإن كانت مؤداة فعلى اليد حفظها، وإن كانت مضمونة فعليها ضمانها. أي: على اليد ضمان ما أخذت، وعلى اليد حفظ ما أخذت، وكلا التقديرين وارد.
وعليه يأتي البحث في العارية أمضمونة هي أم مؤداة؟
والفرق بين مضمونة ومؤداة: المضمونة لو تلفت بصرف النظر عن صور الإتلاف فيما تلفت، وقلنا: عليه الضمان ضمن القيمة أو المثلية، والقيمة إن كانت مقومة، والمثل إن كانت مثلية، وأما مؤادة فالموجود منها يرده ويؤديه إلى صاحبها، والتالف لا ضمان فيه.
إذاً: العارية من حيث هي مندوب إليها في الحكم، وقد ذم الله مانعيها في عموم قوله سبحانه: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:7]، ثم يأتي الكلام عن أنواعها وعن أحكام المعير، والمستعير، والضمان.
إذاً: (على اليد ما أخذت حتى ترده)، هل في هذا الحديث تنصيص على ضمان أو عدم ضمان؟
يقول العلماء: ليس في الحديث تنصيص وإنما فيه تقدير نحتاج إليه: (على اليد ما أخذت حتى ترده) ماذا عليها؟ بعضهم يقول: على اليد حفظها وضمانها، وقيل: على اليد أداؤها، وعلى كلا الوجهين جاءت الأقوال والمذاهب في الضمان وفي الأداء وعدم الضمان، وكل له وجهة، وتحقيق المناط هنا في الأداء أو الضمان ما لم يوجد تعدٍ أو إفراط، فإذا تلفت في إفراط أو تعدٍ فيكون بالإجماع ضامن، وأما إذا تلفت في عين ما استعيرت له فهنا جاء الخلاف:
فإذا استعار دابة ليركبها فذهب وحمل عليها الحطب فتلفت، فهو بهذا قد تعدى، وإذا استعارها ليركبها من المدينة إلى قباء فذهب وحملها خشب من البيت إلى قباء، فهو بهذا قد استعملها في غير ما استعارها له.
فهو بحمل الخشب عليها قد تعدى، فإن تلفت تحت الخشب فهو ضامن باتفاق، وكذلك إذا تلفت بتفريط، فإذا استعارها ثلاثة أو أربعة أيام ليركبها، ولما وصل إلى البيت لم يعطها ماءً ولا علفاً فتلفت فهذا فيه تفريط.
وإذا استعرت سيارة ومشيت بها من غير زيت، ولا ماء، ولا كشفت على كذا ولا على كذا، ومشيت بها في محلات وعرة فبنشرت الكفرات، وعطلت المكينة، فأنت بهذا قد حصل منك تفريط في عدم النظر فيما تحتاج إليه السيارة، وتعدٍ في مشيك بها في طريق غير معبد لا تمشي فيه السيارات، ففي هذه الحالة لا خلاف في ضمانها.
ولكن الخلاف في نقطة واحدة والبحث محصوراً عليها وهي: فيما لو استعارها ليركبها فركبها وفي أثناء الطريق قبل أن يصل إلى الغاية التي استعارها من أجلها وسماها لصاحبها تلفت تحته، فهنا يأتي الخلاف، ولكن إن استعارها للفريش فقال له: أعطني دابتك، أو أعطني سيارتك أتوصل عليها للفريش -منطقة- وآتي، فلما وصل تعداها إلى المساجيد -منطقة- والذي سافر على الجمال يعرف المساجيد، أو الطريق الأول قبل طريق الهجرة.
استعارها لمكان معين ولكنه تجاوز المكان، فتلفت في حدود المجاوزة، فهو ضامن، ضامن الأجرة؛ لأن صاحبها لم يأذن له في تلك الزيادة، وضامن عينها إن تلفت في تلك الزيادة؛ لأنها تلفت بسبب التعدي.
إذاً: أهم مباحث العارية أولاً: الندب إليها وتذكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتقول: إنه كان عندها ثوب قطري -نسبة إلى قطر- ثمنه خمسة دراهم وما كانت امرأة تتزين في المدينة إلا استعارته.
الآن يستأجرون من الكويفيرة أو يذهبون إلى المرأة التي تعنى بتهيئة النسوة أو العرائس فعندها أنواع من ثياب العرائس، وبعض الناس لا يقدر أن يشتري بدلة عروسة فيستأجر أو يستعير، وقد كان نساء الأنصار رضي الله تعالى عنهن ربما استعارت المرأة منهن ثوباً لتخرج إلى حاجتها إذا لم يكن عندها ثياب تخرج بها.
والذي يهمنا أن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تعير ثياباً كانت عندها.
إذاً: هذا من استباحة المنفعة بغير عوض؛ لأنه مأذون فيه من صاحب العين، وعليه أن يرد العين بعد استيفاء منفعتها، وهذا من أهم المرافق بين المسلمين وتعاطفهم وتعاونهم.
الأول: على اليد حفظ العارية.
والثاني: على اليد ضمان العارية.
فعلى تقدير الحفظ فهو ليس بضامن، وعلى تقدير الضمان فهو ضامن، ولا نزاع فيما لو تلفت بتعدٍ أو تفريط.
إذاً: عودتها من آبار علي إلى صاحبها بالمدينة على المستعير، ولو تلفت هناك أو تعطلت فالمسئول عن إعادتها هو المستعير، ثم ننظر هل هو ضامن للعطل فعليه أن يصلحه أو ليس بضامن، وهكذا إذا استعار شيئاً آخر فإن عليه أن يرده من حيث أخذه وأجرة الرد على المستعير.
الحديث الثاني في هذا الباب أيضاً أعم من العارية، (أد الأمانة إلى من أئتمنك) انظر: (من ائتمنك): يعني: لا تخلف ظنه فيك، ائتمنك واعتبرك أميناً، فأمَّنك أمانة، والأمانة والأمن مأخوذان من لفظ واحد فكأنه آمن على سلعته عندك، وهي آمنة عندك من الضياع، وأنت أمين عليها، فيجب عليك أن تحفظها.
(أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك): إذا خان: فهل خيانته إياك عيب أو مدح؟ وهل فيها إثم أو أجر؟ الجواب: فيها إثم، فإذا كنت أنت تستنكر عليه أنه خانك فكيف ترتكب ما تنكره عليه؟!
قال تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، فعليك أن تؤدي الأمانة إلى صاحبها، والأمانة: لفظ عام شامل سواءً كان في الحقيقة أو المجاز.
أبو طلحة لما مرض ولده وكان شغوفاً به وكلما دخل سأل عنه زوجه أم سليم ، وفي يوم من الأيام توفي الطفل وأبو طلحة غير موجود، فقالت لأهله: لا يكلمه أحد قبلي، فلما جاء سأل عن الولد فقالت: إنه في غاية الراحة -ما كذبت ولكن ورّت- فهيأت له عشاءه ثم تهيأت له حتى قضى حاجته.
وانظر إلى القدرة والتحمل عندها، فولدها مات ولم تنزل عليه دمعة عين، ولم يحصل منها ولولة ولا صياح ولا بكاء، واستقبلت زوجها بهذا الاستقبال، حتى في نفسها، فتجهيز الطعام أمره سهل، ولكن أن تتهيأ وتمكنه من نفسها، فأي نفس تقبل هذا الآن؟ ولكن هذا منها كان وفاءً بحق الزوج، وأين هذا الصنف يا إخوان؟! وأين هذه النوعية من النسوة؟
إنها نسوة الصدر الأول من السلف الصالح، فهذه هي الزوجة التي تعين زوجها على كل خير، وتكون فعلاً سكناً له. لما قضى حاجته قالت: يا أبا طلحة ! أرأيت لو كان لجيرانك أمانة عندك فطلبوها أتؤديها إليهم أم تمسكها عندك؟ قال: بل أؤديها.قالت: إذاً: إن الله قد أخذ ولدك، فقم فواره، فغضب وقال: سكتِ عليَّ حتى أكلت، ودنوت مني حتى اقترفت، ثم تقولين: وار ولدك، ثم غدا في الصباح يشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتبسم وقال: أعرستما البارحة؟ قال: نعم، قال: بارك الله لكما في ليلتكما)، فأنجبت الولد المبارك وكان منه الخير الكثير.
إذاً: (أد الأمانة إلى من ائتمنك) أياً كان نوعها على سبيل المجاز أو على سبيل الحقيقة، والمراد هنا: الأمانة الحقيقية العينية، ائتمنك على كتاب، ائتمنك على أوراق، أئتمنك على نقد، على آلة، على أي شيء، فأي عين ائتمنك عليها فأدها إليه.
للعلماء في هذه المسألة مباحث طويلة، وقد أطال ابن عبد البر في هذه المسألة وكذلك ابن رجب عند حديث : (لا ضرر ولا ضرار) لمناسبة عندهم فيه، وهذه المسألة تسمى عند المالكية في الفقه بالاعتصار: من العصر، أي أنه يعتصر حقه مما ظفر به من مال خصمه، ويقول ابن عبد البر : إنه إن أخذ حقه، أي: مقابل حقه لم تكن خيانة؛ لأن الخيانة هي: أخذ الشيء ظلماً، وهذا حينما أخذ هل اعتدى على صاحب المال وظلمه أو استرد حقه؟ استرد حقه.
وابن حزم يقول: يتعين عليه أن يأخذ؛ لأن في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قيل: يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً؟ قال: تردعه عن الظلم) فأنت حينما تأخذ حقك من ماله فقد ردعته عن الظلم ورفعت المظلمة التي كانت عنده لغيره، وتغيير المنكر واجب.
والجمهور يختلفون، وابن عبد البر يجيب عن هذا الحديث: (ولا تخن من خانك)، ويستدل بجواز أخذ الحق بأدلة أخرى مع تفصيل إن كان المال الذي ظفرت به هو من عين مالك، فإذا كان قد اغتصب عليك صحوناً فضفرت بعشرة صحون له، وهو أخذ منك خمسة فخذ خمسة ورد له الخمسة، وكذلك إن كان المال الذي أخذه عليك دراهم وظفرت بدراهم له، أو دنانير فإن كان من غير عين ما خانك به فهل تأخذ مقدارها أم لا؟ إذا خانك في لباس، أو في ثياب، وظفرت له بمال فضة أو ذهباً وهذا المال من غير جنس ما أخذ منك فهل تأخذ قيمة ما خانك فيه؟
على هذا الخلاف الذي يذكرونه عند هذا الحديث: (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) ويقول ابن عبد البر : لا تخن من خانك. أي: بعد أن أدى إليك ما كان قد خانك فيه، فإذا كان قد خانك في مال ثم أداه إليك ثم ظفرت له بمال بعد ذلك فلا تأخذ من ماله وتقول: لأنه كان قد أخذ مني، وكان قد خانني، فالمعاملة قد ارتفعت ولم يعد الآن خائناً لك؛ لأنك قد استوفيت حقك منه.
فقوله: (ولا تخن من خانك)، أي: بعد وفائه حقك، أما قبل وفاء الحق إذا أخذت حقك من ماله فلست بخائن، واستدلوا على ذلك بحديث هند مع أبي سفيان لما قالت: (يا رسول الله! إن
قالوا: لا؛ لأن الخيانة تنتفي إذا كانت بالمعادلة، كما جاء في عموم قوله سبحانه: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40]، وقوله: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل:126]، والمجازي على السيئة ليس مسيئاً والمعاقب على قدر ما عوقب به ليس معاقباً وإنما مسترد للحق.
إذاً: (أد الأمانة إلى من ائتمنك)، هذا صفة عامة.
و(ولا تخن من خانك)، أي: بعد وفاء الأمانة، وأما من أخذ حقه من الخائن فهو ليس بخائن.
(لا تخن) أنا ما خنت ولكن أخذت حقي.
وعن صفوان بن أمية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعاً يوم حنين فقال: (أغصب يا محمد؟! قال: بل عارية مضمونة) رواه أبو داود وأحمد والنسائي وصححه الحاكم : وأخرج له شاهداً ضعيفاً عن ابن عباس رضي الله عنهما ].
قوله: عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً قلت: يا رسول الله! أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: بل عارية مؤداة).
يسوق لنا ابن حجر رحمه الله في نهاية باب العارية هذين الحديثين: حديث يعلى وحديث صفوان ، فـيعلى يقول: (قال لي النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)، مبدئياً في هذا الجزء من الحديث ما يدل على أن للشخص أن يرسل رسولاً عنه في قضاء حاجته، ويكون بمثابة الوكيل في القبض، فإذا سلّم المرسل إليه الرسالة إلى هذا الرسول فكأنه سلمها إلى من أرسله. (إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً) الدرع هو: لباس من زرد الحديد، حلق صغيرة، فراغ الحلقة أقل من الـ(سم) ينظم بعضها في بعض حتى تكون كالثياب على صورة القميص، يلبسها الفارس ليتدرع بها من وقع السهام أو الرماح أو السيف، وتختلف جودةً ورداءةً وطولاً وقصراً إلى غير ذلك، وهي من أهم آلات الحرب.
وفي هذا الحديث: الاستعانة في أداة الحرب بالعارية مع قوله سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، ما يدل على أن استعداد المسلمين يكون بصنعهم وبملكهم وبالاستعارة من غيرهم، ومثل الإعارة الإجارة، ومثل الإجارة الشراء ولو من غير المسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إلى يعلى وقال له: (أعط رسلي ثلاثين درعاً).
وهنا يستوضح يعلى : (أعارية مؤداة أم عارية مضمونة؟)، المؤداة هي: التي تبقى بعد استعمالها على ما كانت عليه فيؤديها للمعير، والمضمونة هي: التي إذا تلفت -وتحت كلمة تلفت ضع خطين- تلفت فيما استعيرت له أو تلفت بتعدٍ أو تقصير يضمنها المستعير، فقال له صلى الله عليه وسلم: (بل عارية مؤداة).
وقوله: (مؤادة)، الفقهاء يتفقون ويقولون: إذا كانت العارية مؤداة فالتالف لا ضمان فيه، بخلاف العارية المضمونة، فما بقي على طبيعته رده بعينه وما تلف فيما استعير له أو بتعدٍ أو بتفريط فهو ضامن، وقوله: (مضمونة) يعني: يعوض عن التالف إن كان مثلياً فبمثله، وهذه الأدرع إذا تلفت فعليه أدرع مثلها من نوعها ومن مقاسها، وإن كان في الوقت الحاضر فهناك أواني معروفة الماركة، أو المساحة، أو المقياس، فعليه مثلها.
وهذا الحديث نص في أن العارية مؤداة.
ومعنى مؤداة: أن العين الباقية على ما هي عليه أولاً ترد، والتالفة لا ترد، ولا ضمان فيها، وفي حديث صفوان : (بل عارية مضمونة) وهذا من تعارض الأحاديث، وهي مهمة هذا الكتاب، بلوغ المرام لأدلة الأحكام.
فالفقهاء مختلفون في العارية هل هي مؤداة أو مضمونة؟ فمن قال: مؤداة استدل بحديث يعلى .
ومن قال: العارية مضمونة استدل بحديث صفوان .
إذاً: إذا وقع الخلاف في الحديث وأخذ كل إمام برواية أو بحديث مغاير للآخر وكلا الحديثين صحيحان فهل يمكن أن يعيب من قال بأحد القولين على من قال بالقول الآخر؟ مثلما يقول الشناقطة: (ما بال بائك تجر وبائي لا تجر) فلا تعب عليَّ وأنا آخذ بحديث صحيح، كما أني لم أعب عليك حينما أخذت بحديث صحيح، فكلانا مستدل بدليل شرعي، ولكن هناك خطوة أرقى وهي: النظر في مختلف الحديث إلى ما هو الراجح وهل المسألة اتفاقية؟ وهل كل من الطرفين متساوٍ مع الآخر؟
وهناك أشياء قال فيها ابن القيم رحمه الله: لا اعتراض على أحد إذا أخذ بأحد الأقوال فيها لصحة أسانيدها، وهي: ألفاظ الأذان، والصوم في السفر أو الفطر، والتيمم ضربتان أو ضربة واحدة، فالأذان هل يربع ويرجع فيه أم لا؟ وهل الإقامة مثل الأذان أم لا؟
ومن أخذ بتربيع التكبير أو بتثنيته وجعل الإقامة كالأذان أو أفردها فالكل صحيح، ومثل هذا أنواع المناسك في الحج: فمن أخذ بأحدها: أخذ بالإفراد، أو أخذ بالتمتع، أو أخذ بالقران فنسكه صحيح؛ لأن كل نسك فيه نصوص صحيحة، ولا ينبغي الخلاف فيها ولا الاعتراض على من خالف غيره؛ لأنه إن ذهب إلى واحد منها فبدليل صحيح والآخر إن ذهب إلى غيره فبدليل صحيح، فلا خلاف، وهذه المسألة قد أطالوا فيها القول.
ونأخذ الكلام على حديث صفوان أولاً: عن موضوعه، ثم نرجع إلى القضية من صلبها لا من خارج عنها إن شاء الله.
وصفوان يقول هذا بعد فتح مكة وكان صفوان لا زال على دين قومه، وكان هذا في غزوة حنين في عام الفتح، عند أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن هوازن قد جمعت له، فبادرها قبل أن تبادره؛ لأنه كان يعلم قوة هوازن، وكان قد خرج معه من المدينة عشرة آلاف مقاتل وتهيأ معه من مكة ألفان فصاروا اثني عشر ألفاً والعشرة الذين جاءوا من المدينة جاءوا بسلاحهم وبكامل عدتهم، وأما الذين جاءوا معه من مكة فالبعض منهم ينقصه شيء؛ لأن البعض خرج لإسلامه، والبعض خرج حمية لقومه، والبعض خرج للنظر وللغنيمة.
فاحتاج النبي صلى الله عليه وسلم دروعاً لهذا العدد الجديد، وهو يعلم أن صفوان عنده دروع عديدة، فأتاه وسأله، وصفوان ما زال على دين قومه لم يسلم حتى قيل: إنه هرب ثم رجع، فطلب منه مائتي درع، وقيل ثمانين، وقيل: مائة، وقال له: (وتوصلها إلينا إلى حنين)، أي: أعرنا إياها وعليك حملها تبرعاً من عندك، وهنا سأل كما سأل يعلى : هذه العارية على أي أساس على أنها مضمونة أو على أنها مؤداة؟ فكان جواب رسول الله لـصفوان : (بل مضمونة).
إذاً: نقف هنا ونقول بكل وضوح إلى أنه لا مانع للمسلم إن احتاج أن يستعين بغير المسلم على عدو دينه سواءً كان العدو مشركاً أو كتابياً أو غير ذلك، وهذه المسألة كنا قد سمعنا فيها سابقاً كلاماً كثيراً وما أحببنا الخوض فيها ولا الوقوف عليها أو تناولها.
واستدل بعض الناس بحديث: (ارجع فإنا لا نستعين بمشرك) وكتبت الصحف في ذلك وتكلم الناس واستدلوا بما ذكرنا بحديث الرجل الذي أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروحاء وقال: (خرجت أقاتل معك -حمية لقومه- وأرجو الغنيمة، فقال له: أسلمت؟ قال: لا، قال: ارجع لا نستعين بمشرك)، ثم رجع إليه وفي المرة الثالثة (قال: نعم، أسلمت، قال: فامض إذاً) فهناك يقول: (لا نستعين بمشرك) وهنا يستعير من مشرك، والناس لهم في هذا نظران:
قالوا: إن غزوة بدر كانت في السنة الثانية فقال: (لا نستعين بمشرك) من أجل ترسيخ العقيدة، ووضع خط الفصل بين الإيمان والشرك، وعزل المؤمنين عن المشركين واستقلالهم بذاتهم وتميزهم، وأما في حنين فقد تميز الإسلام بذاته، وأصبحت له خصوصيته ومكانته ودولته فلا يضره بعد ذلك مخالطة المشركين.
وبعضهم يقول: ما كان في بدر فهو في السنة الثانية وما كان في حنين فهو في السنة الثامنة والمتأخر ناسخ للمتقدم، ووالدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه بحث هذه المسألة في أضواء البيان وذكر فيها أقولاً عديدة، ورجح جواز الاستعانة بغير المسلم ما لم يكن في ذلك حيف أو مضرة على الإسلام أو المسلمين.
وفي قصة الهجرة التي هي من أخطر أحداث الإسلام كان الصديق رضي الله تعالى عنه حينما كان مع رسول الله ذاهبين ليلاً من البيت إلى الغار فكان يمشي تارةً خلفه وتارةً أمامه وتارةً عن يمينه وتارةً عن يساره فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بالك يا
فهنا حدث الهجرة من أخطر أحداث الإسلام ولهذا لما فكر عمر بنظره الثاقب ونوره الإيماني بوضع التاريخ اعتبر الهجرة هي بداية التاريخ؛ لأن بها انتقل الإسلام من المطاردة إلى المهاجمة، ومع هذه الخطر كان دليل الركب في الهجرة عبد الله بن أريقط .
وعبد الله بن أريقط كان على دين قومه ومع كونه على دين قومه كانوا يأتمنونه على أرواحهم ورواحلهم وزادهم وأسرارهم، وتواعدوا معه عند الغار بعد ثلاث؛ لأن عنده المروءة، والرجولة، والصدق، والوفاء، وهذه جعلته يتعالى فوق الماديات، فضحى بنفسه، وما ذهب يقول للمشركين: تعالوا أنا أدلكم عليهما وأعطوني المائة حتى تكون غنيمة لي طول عمري؛ ولكن هذه المائة لا قيمة لها في الغدر، ففي هذه القصة استعانة بمشرك في أخطر وقائع الإسلام.
نأتي أيضاً إلى تعامل الرسول في المدينة مع اليهود فقد كان يعاملهم ويبيع ويشري منهم، وفي نهاية الأمر كان درعه مرهوناً عندي يهودي في ثلاثين صاعاً من طعام، فبالنظر إلى قضية صفوان نهدئ ما في ثائرة نفوس بعض الإخوة في قضية (لا نستعين بمشرك) ويمكن الاستدلال أيضاً من نفس الواقعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يوم خرج إلى بدر هل خرج لقتال جيش أو لأخذ عير؟
الجواب: خرج لأخذ عير، يعني: أنه في غنىً عن أن يستعين بمشرك، ولا توجد حاجة داعية لهذه الاستعانة، لكن إذا كانت الحاجة داعية فسيتغير الموقف ويتغير الحكم، فلو قلنا: إنه رده في بادئ الأمر ليتميز الإسلام عن غيره بخط واضح عريض فلا بأس بهذا القول، وإن قلنا إنه رده كما يقول بعض العلماء: لعلم رسول الله بما أعلمه الله أنه إذا رده يسلم فيكون رده لا لكونه مشركاً ولكن بغية أن يسلم، ولكن هذا الشيء نحن لا ندخل فيه؛ لأنه خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، والأعمال التشريعية هي للأمة وهو ما عنده علم بأنه سيسلم أو لا يسلم.
لكن إذا قلنا: بأن الواقعة التي توجه إليها صلى الله عليه وسلم في نظره وفي تقديره وفي حكم القوة والعسكرية كما يقال، تدل على أنه ليس في حاجة إلى عدد كثير؛ لأنه عند خروجه من المدينة قال: (من كان ظهره حاضراً فليركب) واستمهلوه أن يأتوا برواحلهم من العوالي، فقال: ما أنا بمنتظر، فإذا كان ما هو بمنتظر للمسلمين فهل يبقى في حاجة إلى أن يأخذ مشركاً؟!
وأما هنا فالموقف مغاير؛ لأن هوازن ذات شوكة، ونحن نعلم ماذا حدث حينما بادروهم بالنبل عند نزولهم الوادي فرجعوا حتى نادى رسول الله العباس وأمره أن ينادي أصحاب الشجرة -أهل بيعة الرضوان- وأهل العقبة فناداهم فرجعوا والتفوا حوله وكان النصر، فلم تغن عنهم كثرتهم في ذلك اليوم.
إذاً: هو كان في حاجة إلى عدد أكثر، وفي حاجة إلى عتاد يوازي أو يغطي حاجة العدد الجديد الذي خرج معه من مكة.
إذاً: نحن في الوقت الحاضر قد تطرأ على المسلمين أحداث، ويكون عدوهم أكثر منهم عتاداً وعدة ورجالاً، ونجد من غير المسلمين من يمد المسلمين بالإعارة أو بالإجارة أو بالهبة أو بأي صفة كانت، فهل نتوقف عن هذه الإعارة أو الإجارة ونترك العدو يتمكن منا أو نقبل عارية المشرك أو حتى ما وراء الآلة؟
الجواب: أننا نقبل، وقد ذكرت لكم كلمة الملك فيصل رحمه الله في هيئة الأمم، عند أن استحكم المعسكر الشيوعي وبدأت المملكة في مبدأ تنويع مصادر السلاح؛ لأن وحدة مصدر السلاح خطر على الأمة؛ لأن الأمة تكون تحت رحمة مصدر سلاح واحد، وأنتم تعلمون أن في حرب العبور بعض الدول سحبت طيرانها من المعركة، فلو كان الاعتماد على جهة واحدة لوقفنا، وروسيا بالذات امتنعت أن تقدم قطع الغيار لطيرانها الموجود في مصر إلا بدفع القيمة نقداً وبالعملة الصعبة، ومصر في ذلك الوقت ليس عندها عملة صعبة ولا سهلة؛ لأنها في حرب، خرجت من ثلاثة حروب، فكيف يكون الحال؟!
واعتقد أن هذا ليس بسر؛ لأنهم يقولون: أخبار الحروب بعد خمس عشر سنة لم تعد سراً، فالملك فيصل سجل أعظم موقف في الحروب وفي التاريخ، فلما أخبره السادات بالموقف استشار الملك فيصل مستشاريه الماليين فقالوا: ما عندك مال، فقال: بل عندي، فقالوا: نحن المختصين بالمال نعرف أنه ليس عندك، وأنت تقول: عندي، فمن أين؟ قال: من رصيد الريال في البنك الدولي، فالريال كان ضمانه كاد أن يصل إلى مائتين في المائة ويصير من العملة الصعبة، فأخذ من رصيده شيكاً مفتوحاً ودفع للسادات ما دفعه لروسيا قيمة قطع الغيار واستمرت الحرب.
وهنا أخذ الملك فيصل في ذاك الوقت سلاحاً من روسيا شراءً، فقالوا له: أنتم دولة إسلامية وتحاربون الشيوعيين ثم تشترون منهم سلاحاً! فقال: أنتم امتنعتم أن تبيعوا لنا ونحن اشترينا منهم حديداً مصنعاً وليس مبادئاً شيوعية، أي: أن الذي اشتريناه هو حديد مصنع ليس فيه مبادئ شيوعية، والمدفع الروسي والمدفع الأمريكي كلاهما حديد مصنع وليس بينهما فرق.
يهمنا أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم واستعارته الدروع من صفوان وهو على دين قومه مبدأ من مبادئ الحروب مع العدو إذا احتاجت الأمة من غيرها عتاداً عارية أو شراءً أو استئجاراً.
فهل نستطيع أن نتوسع ونقول -ما وجدت من نبه على هذه- إن الذي قال له: (مؤداة) هو مسلم صحابي جليل ومن واجبه أن يساهم في القتال والجهاد بنفسه وماله، فإذا كانت عنده دروع واحتاجها المسلمون فالواجب عليه أن يقدمها ؟
وهنا يقول: هي لكم يا رسول الله! لأنه مسلم وهو مطالب بالجهاد، وقد توفرت عنده آلة قتال، وطلب منه الرسول إعارتها، فلا أقل من أن يعيرها ولكن بأخف الأمرين: (مؤداة)؛ لأنها إذا تلف منها شيء فالرسول هو الذي استعارها، وهو استعار هذه الدروع للقتال، وهذا القتال هو في سبيل الله، فكيف يغرمهم ما أتلفوه في سبيل الله وهو مسلم، بل الواجب عليه أن يقاتل ويساهم.
إذاً: هذا واجب، ويشهد الله أن نفسي مستريحة له، لكن صفوان لو قال: لا أعيرك يا محمد! فله الحق؛ لأن هذا ماله، وهو على غير دين الإسلام، وسيقاتل بها النبي صلى الله عليه وسلم بني دينه، فلو قال: لن أعطيكم، فما بقي إلا الغصب، وما بقي إلا أن يقال: محمد يغتصب، ومحمد يسلب أموال الناس وغيرها من ألفاظ التشنيع، لكن يقابل موافقته وهو مشرك أن يعير المسلمين أدرعه ليستعينوا بها على قتال أهل دينه فهذا منه كافٍ جداً، وتلفها في الحرب ليس على صفوان منه شيء، سواء انتصروا أم انهزموا.
إذاً: من حق صفوان أن تكون عاريته مضمونة.
إذاً: على هذا لا خلاف ولا نزاع ولا ينبغي أن ينصب الخلاف في العارية هل هي مضمونة أو مؤداة، فلكل عارية ظروفها.
ولذا فإن من الفقهاء من توسط وقال: مضمونة إن اشترط ضمانها، وبعضهم يقول: ليست مضمونة ولو اشترط الضمان، وعبارة ابن قدامة في المغني: والعارية مضمونة وإن شُرط عدم ضمانها. أي: هي بذاتها مضمونة.
ثم نرجع إلى صلب الموضوع، ما الذي جعل كلاً من الأول والثاني يتساءل هل هي مضمونة أو مؤداة؟ ألا يوحي هذا التساؤل إلى أن تعاملهم في العارية كان بحسب الشرط؟ الجواب: يوحي إلى أنه كان فيها قبل ذلك أحكام صادرة، وإلا لما سألوا، فلو كانت مؤداة قولاً واحداً والعرف عندهم فيها الأداء فليس هناك حاجة إلى أن يسألوا، وإن كانت مضمونة والعرف عندهم فيها الضمان فليس هناك حاجة إلى أن يسألوا؛ لأن العرف محكم، لكن أظن -والله تعالى أعلم- أنهم فيما بينهم كانت العارية عندهم على الأمرين، أي: بحسب الشرط، فإن اشترط ضمانها فهي مضمونة وإن لم يشترط ضمانها فهي مؤداة.
إذاً: نستطيع أن نجمل القول في العارية حتى ندخل في الباب الذي بعد هذا وهو باب الغصب؛ لأن مباحثه واسعة، وحتى لا يفوت علينا مثل الذي فات في موضوع العارية نقول: العارية من حيث الضمان وعدم الضمان مندوب إليها، فإذا استعرت شيئاً من حق أخيك المسلم فعليك أن ترفق به وأن ترده، والعارية هي كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: (أنها من حق المال)، فالإبل يعار فحلها ودلوها ومنيحتها وحلبها على الماء إلى غير ذلك، ومدلول يمنعون الماعون كما فسره ابن عباس القدر والقدوم والميزان.. إلى آخره.
فإذا كان مندوباً إليها فلا ينبغي أن تمنع أخاك شيئاً ينتفع به ولا مضرة عليك بذلك، ولكونها مندوبة يجب ردها في أي وقت طلبها صاحبها؛ لأنها في يد المستعير أمانة، ولكن يقولون: إلا إذا كان عند طلبه إياها يترتب على ردها مضرة للمستعير، ويمثلون على ذلك بلوح خشب فيما لو استعاره ووضعه في السفينة فجاء صاحبه في نصف البحر وقال: أعطني اللوح حقي، فلو أعطاه فسيغرق وينزل إلى قاع البحر، فلا يمكن أن يرد اللوح في هذا الوقت، بل على صاحبه أن يصبر حتى يخرج المستعير إلى البر ويخلع له لوحه ويعطيه إياه، وكذلك لو استعار سيارة من إنسان من المدينة النبوية إلى جدة وفي نصف الطريق قال له: أعطني سيارتي، فقال المستعير: وأنا أين أذهب؛ لأنه مقطوع ما عنده سيارة أخرى.
إذاً: عليه أن يردها، حين طلبها المعير ما لم يكن في ردها مضرة على المستعير.
فإن تلفت تحت يده نظرنا: هل تلفت في استعمالها فيما استعيرت له أو خارجاً عنه، وقد نبهنا على قول الفقهاء: إن تلفت فيما استعيرت له بغير تعدٍ ولا تفريط فهنا محل البحث: هل يضمن أو لا يضمن، فإن كان استعارها لشيء فتعدى حدود الشيء المستعارة له إليه أو فرط في العين حين استعمالها فتعديه وتفريطه يقتضي الضمان، ولهذا كانت القاعدة في قانون الجنايات أن المسئولية تترتب على التعدي أو التفريط، هذا مناط المسئولية في الجنايات.
فكذلك هنا، إذا استعارها إلى مسافة فتجاوزها، أو استعارها إلى نوع من العمل فتعدى إلى عمل آخر أو إلى نفس العمل ولكن تجاوز الحد.
مثلاً: استعارها لينقل عليها أسمنت وحمولتها طن فذهب وحمل عليها طنين، فهذه استعيرت له ولكنه ليس في حدود طاقتها، فهو بهذا قد تجاوز وتعدى.
وكذلك إذا تلف من العارية جزء يؤثر على المنفعة بباقيها فالحكم كما هو في تلف عين العارية فما استعملت له أو فيما استعيرت له بتعدٍ أو بتفريط فيكون الضمان في الجزء المفقود. والله تعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر