إسلام ويب

كتاب الحج - باب صفة الحج ودخول مكة [7]للشيخ : عطية محمد سالم

  •  التفريغ النصي الكامل
  • دين الإسلام دين الرحمة واليسر، فليس في الإسلام حرج أو مشقة، وإن عرضت فقد رفعها الإسلام، ولهذا فإن من القواعد الكلية في الشريعة أن المشقة تجلب التيسير، ومن ذلك التيسير ما جاء في مناسك الحج، فقد وسع الشرع على المحرم في أداء المناسك، ورفع عنه المشقة كما جاء في القصر والجمع بين الصلوات، والتوسعة في الوقوف في أي مكان من أرض عرفات، وكذلك في المزدلفة، والإذن بالنحر في المكان الذي يكون فيه المحرم، والإذن لأهل الأعمال بالمبيت خارج منى ليالي أيام التشريق، إلى غير ذلك.

    1.   

    مشروعية الدعاء عقب التلبية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [ وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار) رواه الشافعي بإسناد ضعيف ].

    يذكر لنا المؤلف رحمه الله تعالى هذا الحديث الذي رواه الشافعي رحمه الله وإن كان بسند ضعيف، إلا أنه من الأعمال التي هي من نوافل العبادات، والتي ليست من الأحكام كالحلال والحرام، وكما يقولون: أحاديث الترغيب والترهيب لا يشدد فيها كما يشدد فيما يتعلق بالتكليف من حلال أو حرام ومن فعل أو ترك.

    يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة)، وقوله: (من تلبيته) أي: التلبية المنسوبة إليه، والتي كان يأتي بها، وقد تقدم لنا أن التلبية عند الفقهاء واجب من واجبات الحج، يعني: أن كل من أتى بنسك حج أو عمرة فإنه يجب عليه أن يلبي ولو مرة واحدة، أي: أن الواجب يؤدى بمرة واحدة، وما عدا ذلك فهو من باب الزيادة والفضل.

    وكان صلى الله عليه وسلم يجدد التلبية كلما تجدد له حدث، بمعنى: أنه إذا كان يمشي في أرض مستوية فهبط وادياً في طريقه جدد التلبية، وإذا انتهى من هذا الوادي وقابل مرتفعاً جدد التلبية، وإذا لقي ركباً في الطريق جدد التلبية، وإذا نزل منزلاً للراحة أو للطعام أو للشراب جدد التلبية، وإذا بدأ الرحيل كذلك جدد التلبية، وهكذا كما تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (تُجدد التلبية عند كل حدث يواجه المحرم).

    وقد تقدمت صيغة التلبية عنه صلى الله عليه وسلم وهي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) إلى هنا كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يزيد: (لبيك وسعديك والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل) ويقول العلماء: إن هذه الزيادة من باب الذكر، ولا بأس بها؛ لأن ألفاظها تتناسب مع التلبية، ومعناها الإقامة على الطاعة والامتثال.

    فكان إذا فرغ من تلبيته صلى الله عليه وسلم يعقب ذلك أنه يسأل الله المغفرة والرحمة، ويستعيذ بالله من العذاب.

    استحباب الدعاء بعد كل عبادة

    وهذا التذييل بالدعاء والإتباع يعتبر قاعدة عامة في التشريع، فإن كل ذكر واجب تجد أن الدعاء مطلوب بعده، ففي الأذان قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تكون إلا لواحد أرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة كنت له شفيعاً يوم القيامة) وكذلك يكون الدعاء عقب الصلوات، وكذلك عند الإفطار من الصيام في آخر النهار، وكذلك عند ختم القرآن، فمن ختم القرآن فإن له دعوة مستجابة، وهكذا نجد أنه يستحب الدعاء عقب كل عبادة مشروعة؛ لأن الدعاء طلب ومسألة، وأرجى ما تكون الإجابة للعبد في سؤاله أن يقرب بين يدي مسألته قربة لله بحيث يكون حينما يدعو قريباً من الله، وفرق بين أن تكون قريباً من الله وأن يكون الله قريباً منك؛ لأن الله أقرب للعبد من حبل الوريد، فالله قريب من عبده، ولكن العبد هو الذي يتباعد أو يتقرب إلى الله كما في الحديث القدسي: (من تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً ) إذاً: العبادة قربة يتقرب بها العبد إلى الله، فإذا اقترب إلى الله -وهذا الاقتراب في حق الله سبحانه وتعالى هو كما يليق بجلاله وكماله، ليس قرب مسافة ولا زمان ولا مقياس بمتر ولا كيلو- استجاب له دعاءه.

    وفي الآية الكريمة قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً [المجادلة:12] كان هذا تكريماً للنبي صلى الله عليه وسلم وإقلالاً عليه من كثرة الأسئلة التي لا طائل منها؛ لأنهم كانوا يشغلونه بأسئلة شخصية، وهو ما جاء للشخصيات، وإنما جاء للعمومات، فلما فرضت عليهم الصدقة قبل مناجاته خففوا من الأسئلة؛ لأنه ليس كل إنسان يستطيع أن يتصدق عند كل سؤال، وكما يقول علماء التفسير: ما عمل بها إلا علي رضي الله عنه، ثم نسخت بقوله تعالى: فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [المجادلة:13].

    إذاً: كون الإنسان يدعو عقب التلبية، فيه كما يقال: جلب النفع ودفع الضر، وفيه الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فقوله: (إذا فرغ من تلبيته سأل الله رضوانه والجنة) هذا فيه طلب منفعة، وقوله: (واستعاذ برحمته من النار) هذا فيه دفع مضرة، فهو طلب واستعاذ، طلب الجنة واستعاذ من النار، فلم يبق بعد هذا شيء؛ لأن طلب الجنة هو طلب كل خير وسعادة في الآخرة، وهي السعادة الحقيقية، والاستعاذة من النار هي السلامة من كل سوء، وكما جاء الأثر: أن رجلاً أعرابياً سمع الرسول والصحابة يدعون ويجتهدون بالدعاء، فقال: (يا رسول الله! قال: نعم، قال: علمني دعاء ولا تكثر، فإني لا أحسن دندنتكم هذه) هذه الدندنة التي أنتم تدندنونها وترددونها وتأتون بها أنا لا أعرفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنت ماذا تقول إذا دعوت؟ قال: أنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، فقال صلى الله عليه وسلم: ونحن حول هذا ندندن).

    ولهذا جاء في حديث عائشة حينما ذكر صلى الله عليه وسلم ليلة القدر وفضلها، قالت: (يا رسول الله! ماذا أقول إن أنا صادفتها؟) انظر الموقف! السؤال عن أفضل ما يكون عن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، والسائلة هي أحب من يكون إلى رسول الله، والمجيب هو أحب من يكون إليها، فالموقف كله محبة ووئام، إذاً: التعليم الذي يصدر في هذا الجو وفي هذه البيئة، وفي هذه الأحاسيس هو من حبيب إلى حبيب في محبوب فقال لها: (قولي: اللهم! إنك عفو تحب العفو فاعف عني) يقول بعض العلماء: (والله! لقد نظرت في هذا الأثر فإذا به جمع خيري الدنيا والآخرة)؛ لأن من عوفي في بدنه، ومن عوفي في دينه، ومن عوفي في كل أحواله في الدنيا وعوفي يوم القيامة من الحساب لم يبق بعد ذلك شيء يطلبه.

    وهكذا يتحرى الإنسان الدعاء بعد العبادات أياً كان نوعها، حتى في العبادات المالية، قال الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103] أي: بعد الصدقة ادع لهم؛ لأنه بعد قربة وبعد عمل صالح.

    آداب السؤال تتجلى في سورة الفاتحة

    وكان والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه يقول: لقد علَّم الله سبحانه وتعالى عباده في سورة الفاتحة آداب السؤال، وطلب الحاجة ممن لك حاجة عنده؛ لأن أعظم مسألة للعبد المؤمن هي الهداية إلى الصراط المستقيم؛ لأن الهداية منحة من الله كما قال تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].

    قال: فقد جعل الله في الفاتحة سؤال الهداية، ولكن لم يأت السؤال لها مباشرة، بل على العبد أن يقدم قبلها أنواعاً من القرب والتعظيم والإجلال للمولى كما في قوله سبحانه: الْحَمْدُ لِلَّهِ [الفاتحة:2] وبعد أن حمد الله على كمال ذاته وصفاته، يعترف لله بالربوبية للعالمين جميعاً رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].

    ثم يصفه بصفات الجلال والكمال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] ويقولون في معنى هذين اللفظين الرحمان الرحيم: رحمان في ذاته، رحيم في صفاته لعباده، فهو رحمان الدنيا رحيم الآخرة كما جاء في الحديث: (إن لله مائة رحمة، أنزل منها واحدة إلى أهل الأرض بها يتراحمون، حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها رحمة به) أي: من هذه الواحدة، واحد في المائة للعالم كله يتراحم بها قال: (وادخر تسعاً وتسعين لعباده المؤمنين إلى يوم القيامة).

    ثم يأتي بقوله تعالى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] ففي الدنيا هو رب العالمين، وهو رحمان رحيم، وفي الآخرة الملك كله يعود إليه كما قال تعالى: لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16].

    وقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5] أي: أنت رب العالمين، والدنيا الآخرة في ملكك تتصرف فيهما كيف شئت، فنحن نعبدك وحدك؛ لأنك الرب المستحق للعبادة.

    وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] لأننا ضعاف، ولولا قوة منك وتوفيق منك وهداية منك لنا ما عبدناك.

    وبعد هذه المقدمات في التمجيد والتكريم والتعظيم والاعتراف تأتي المسألة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] فأتت المسألة بعد كل هذه الاعترافات والإجلال للمولى سبحانه، وكذلك هنا في قوله: (لبيك اللهم لبيك) أي: أقمت على طاعتك، واستجبت لندائك الذي قلت فيه لإبراهيم: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج:27].

    وقوله: (إن الحمد والنعمة لك والملك) هذا فيه اعتراف كما في قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].

    (لا شريك لك) إلى آخر هذه التلبية وهذه الألفاظ الكريمة، وبعد هذه القربى إلى الله: (يسأل الله رضوانه والجنة، ويستعيذ بالله من النار) وهكذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولهذا يتحرى الإنسان في مسألته أن يكون أقرب ما يكون إلى الله، ومن ذلك بعد العبادات وفيها، ومن ذلك ما جاء في السجود، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، فاجتهدوا في الدعاء).

    1.   

    التوسعة على المحرم في أداء المناسك

    قال المؤلف رحمه الله: [ وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف) رواه مسلم .

    هذه الأخبار الثلاثة: النحر في منى، والوقوف في عرفات، والوقوف في مزدلفة، أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذه الثلاثة في نطق واحد، وفي مجلس واحد، أو أن الراوي سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الأخبار كل واحدة منها في مكانها، فسمعه في عرفات يقول: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) لأن (هنا) اسم إشارة للمكان، كما تقول: زيد هنا، ولا يتأتى هذا إلا عند وجوده.

    فقوله: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) هل سيقول هذا وهو في منى؟ الجواب: لا، وإنما يصح منه أن يقول: (وقفت هاهنا) حينما يكون واقفاً في الموقف الذي يتحدث عنه، إذاً: هذا من تصرف الراوي فهو ذكر كل ما سمع في مجلس واحد، وهو قد سمعه في أماكن متعددة وفي أوقات مختلفة، فسمعه في منى يقول: (نحرت هاهنا ومنىً كلها منحر فانحروا في رحالكم) وهكذا والله أعلم.

    وفي بعض طرق الحديث: (وفجاج مكة وطرقها فجاج ومنحر أو طريق ومنحر) ولهذا يقول العلماء: إن قوله سبحانه: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] ومَحِلّه بالكسر لا مَحَلّه، (مَحِلّه) يعني: مكان إحلاله، وهو الوقت الذي يحل نحره فيه، وقال الله تعالى في الآية الأخرى: هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95] وفي هذه الآية يقول: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] وهل محلها يكون عند الكعبة؟ الجواب: لا؛ لأن الكعبة تطلق على عموم الحرم بكامل حدوده، ومنى داخلة في الحرم، ففي قوله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] بين النبي صلى الله عليه وسلم أين يكون محله، ومحله تصدق على اسم الزمان والمكان، فتقول: محلها إلى البيت العتيق، ومحلها يوم العيد يعني: زمن إحلالها، ومكان إحلالها على ما بينه صلى الله عليه وسلم.

    وقد بين النبي متى يحل الهدي؟ وأين يكون موضع إحلاله، ويقولون: إن الله جعل منى منحراً للهدي؛ لئلا تصبح مكة مجزرة لكل الحجاج فلا يطاق الجلوس فيها، والآن العالم كله يجعل المجزرة نائية عن محل السكن؛ لئلا تؤذي السكان.

    وقوله: (نحرت هاهنا) أي: في المكان الذي نحر فيه، وقالوا: إنه معلوم إلى الآن، وكان جهة (منحر الكبش) وأهل منى يعرفون ذلك، وعندهم منطقة معروفة تسمى: (منحر الكبش).

    حكم نحر المحرم لهديه في محله

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (ومنى كلها منحر) فيه دليل على أن لكل حاج أن ينحر محله، وقد جاء في بقية الحديث: (فانحروا في رحالكم) ولكن هل ينطبق هذا الحديث علينا الآن؟ لأن صورة النحر في ذلك الوقت لم تكن على ما عليه الناس الآن، فقبل وجود المذبح أو المسلخ الآلي، كنت إذا مشيت في طرقات منى تطأ على أغنام قد أريق دمها وتركت، وهذه الأغنام التي أريق دمها وتركت في الشارع مع الحرارة بعد ساعات ستتغير، فكانت القلابات تمشي في الطرقات، وعمال البلديات يجمعون ويرمون فيها المخلفات حتى يستطيع الناس أن يمشوا، وأما في السابق فقد كان ينحر الهدي ولا يلقى منه مقدار درهم واحد في الأرض، بل كانوا إما أن يأكلوا ويطعموا منه، وإما أن يشرقوه وينشروه على الصخور والحبال، ولذلك سميت هذه الأيام أيام التشريق؛ لأنهم كانوا ينحرون الهدي إبلاً أو بقراً أو غنماً فيأكلون ما يأكلون، ويطعمون من يطعمون، والباقي يجزئونه ويشطرونه إلى أوصال، ويشرقونه على الحبال أو على الصخور، حتى إذا انتهت أيام منى كان هذا اللحم قد جفت رطوبته وأصبح قديداً، فيجمعونه في أوعيتهم ويذهبون به إلى بلادهم.

    إذاً: لم يكن النحر في منى في ذاك الوقت يؤذي الساكن أو المار أو المقيم في منى، وإنما كانوا يحافظون على ذلك، حتى لا يتأتى منه إيذاء للآخرين؛ لأن أنعام الهدي الأساس فيها أن تذبح وتسلخ وتقطع وتعطى للمساكين، ولا يبقى منها شيء، حتى جلودها وجلالها كما قال صلى الله عليه وسلم لـعلي : (ادع الجزارين وتصدق بجلودها وجلالها) والجلال هي الأقمشة التي كانوا يزينون بها الهدي، أي: يكسونها بها من باب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، كانوا إذا خرجوا من المدينة غطوها بهذه الأقمشة من باب الزينة، فإذا انسلخوا من المدينة وخرجوا من ضواحيها جمعوها وحفظوها حتى لا تؤذى أو تشقق، فإذا ما أقدموا على مكة ألبسوها تلك الجلال، فإذا جاءوا عند النحر أخذوها عنها حتى لا يلوثها الدم، ثم يتصدقون بها، وكانوا في السابق يجمعون تلك الجلال، ويعملون منها كسوة للكعبة، فإذا أتى من يقوم بكسوة الكعبة على حسابه، تكون هذه من باب الصدقات التي يتصدق بها، فكانوا يتصدقون بكل شيء حتى الجلود.

    وكان اليوم الثاني هو يوم الرءوس، أي أنهم كانوا يأخذون رءوس الأنعام التي لم يأكلوها في أول يوم لأن اللحم كان متوفراً، فإذا انتهى اللحم رجعوا إلى الرءوس التي كانوا قد تركوها.

    إذاً قوله:(نحرت هاهنا ومنى كلها منحر) هذا فيما لو كان الأمر على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أما الآن مع كثرة الناس ووفرة الهدايا والذبائح، وعدم تحري الناس فيما ينبغي أن يكون عليه الهدي من سلامته من العيوب، بأن لا يكون فيه عجفاء ولا معيبة ولا غير صالحة للأكل، فقد جاءت هذه المذابح الجديدة على هذا النظام الموجود، فمن استطاع أن يذبح بنفسه في تلك الأماكن فهو أولى، ومن لم يستطع وتركها للمسئولين أو أنابهم في الذبح عنه فلا مانع في هذا.

    وكذلك (وفجاج مكة) لو أن إنساناً نزل بين مكة ومنى وسكن هناك، وكان إذا جاء المبيت جاء إلى منى وإذا جاء وقت الرمي جاء إلى منى، ثم يرجع إلى ذلك المكان، وفي وقت الذبح ذبح هديه في مكانه، فلا مانع، وإذا كان يسكن في مكة ونزل به إلى بيته في مكة فلا مانع، إذا كان ما زال في محله الزماني، أي: إذا كان في يوم العيد وأيام التشريق، والله تعالى أعلم.

    عرفة كلها موقف ولا يتعين الوقوف على جبل الرحمة

    وقوله: (وقفت هاهنا) تقدم معنا أنه صلى الله عليه وسلم وقف عند الصخرات، وهو الذي يسميه الناس: (جبل الرحمة) وهو الجبل الوحيد المكون من مجموعة صخرات ضخمة وكبيرة، ويوجد في أعلاه علم مبني لبيان مكانه، وقد اختار صلى الله عليه وسلم هذا المكان لأنه ليس في عرفات علامة سوى هذا، ويقول العلماء: إذا خرجت من وادي نمرة، وكان عن يمينك جبال إلى جهة الشرق، وأمامك جبال إلى الشمال وعن يسارك جبال إلى الغرب فكل ما بين دائرة هذه الجبال فهو عرفة، فإذاً: على هذه السعة لا يوجد في داخل تلك الدائرة في أرض عرفات مكان معلم إلا هذا الجبل الصغير، ولذلك لو ذهبت إلى هناك في غير أيام الحج والدنيا مكشوفة فلن ترى إلا هذا الجبل، واختار صلى الله عليه وسلم وقوفه هناك؛ ليكون في مكان معلوم معلم، ولذا لو أن إنساناً كان في آخر طرف من عرفات، وأراد لقاءه صلى الله عليه وسلم وسأل: أين رسول الله؟ وقلت له: هناك عند ذاك الجبل فسيهتدي إليه، ويتأتى أيضاً لكل من قدم حاجاً أن يراه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم حينما أراد الحج قبل أن يخرج أرسل رسلاً إلى العرب على مياههم وقال لهم: (إني حاج هذا العام، فمن أراد أن يحج معي فليوافني) فتوافد الناس إليه فمنهم من جاء إلى المدينة وذهب معه، ومنهم من لقيه في الطريق، ومنهم من أتى إلى مكة، ومنهم من أتى إلى عرفات، والكل يريد أن يراه، أي: لتثبت له الصحبة؛ لأن الصحابي هو: من رآه ولو لحظة وهو مؤمن به ومات على الإسلام، فكل هؤلاء الحجاج يريدون شرف رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    إذاً: اختار مكاناً يسهل على الجميع أن يصلوا إليه فيه، وكان في ذلك اليوم على ظهر راحلته؛ ليكون علماً على علم، ولما قال: (خذوا عني مناسككم) فلعل كل إنسان يقول: نأخذ عنه مناسكنا، إذاً: نأتي إلى الموقف الذي وقف فيه ونقف فيه، فبين لهم أن الغرض من الموقف هو الوقوف بأرض عرفات، ولذا نبه الناس أن عرفة كلها موقف، وحيثما وقف الإنسان في أي مكان من أرض عرفات أجزأه، ولهذا قالوا: لو أن إنساناًحضر إلى أرض عرفات في زمن الموقف ولو ساعة زمنية ولو ربع ساعة وهو يعلم أنه في عرفات أجزأه، كمن كان مريضاً وهو في حالة إسعاف في المستشفى -عافانا الله وإياكم- فذُهب به إلى عرفات أو مُكث به في عرفات، ثم أعيد إلى المستشفى فإنه يكون قد أدرك الموقف ويجزئه ذلك، وكذلك لو أن إنساناً جاء متأخراً ولم يدرك أرض عرفات إلا قبل فجر يوم العيد بساعة أو نصف ساعة فإذا وقف في أي جزء من أرض عرفات فإنه يكون قد أدرك الموقف.

    مزدلفة كلها موقف ولا يتعين الوقوف في المشعر الحرام

    وكذلك قوله في المزدلفة: (وقفت هاهنا وجمع) وجمع هو: اسم للمزدلفة، ومن المزدلفة المشعر الحرام، قال تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198] فهل نقول: يجب على الناس كلهم أن يتكدسوا عند المشعر الحرام؟ الجواب: لا؛ لأنه لن يسع الناس، ولكنه صلى الله عليه وسلم اختار الموقف الذي يكون أيضاً علماً، وقد بين للناس أنه لا يتحتم أن يكون المكوث في المزدلفة عند المشعر الحرام، ولكن لك أن تذكر الله عنده إذا نزلت عنده، وحيثما كنت فصليت وذكرت الله ونمت ثم أصبحت وذهبت وقد وقفت في أي مكان من المزدلفة التي هي جمع فإنه يجزئك ذلك، والله تعالى أعلم.

    1.   

    مداخل مكة التي دخل وخرج منها النبي صلى الله عليه وسلم

    قال المؤلف رحمه الله: [ وعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها) متفق عليه ].

    هذا من مستحبات السفر، أو من مستحبات العمل، ودخوله من أعلاها وخروجه من أسفلها قال بعضهم: كان من أجل النسك، وبعضهم قال: إن هذا صادف موقعها، وهو لم يتحر أعلاها للدخول ولا أسفلها للخروج، وهنا دخل من أعلاها وخرج من أسفلها، ولهذا يقولون، كَداء وكُداء، كَداء هو أعلاها، وكُداء هو أسفلها، والفقهاء يقولون: افتح وادخل واضمم واخرج، والمراد حركة الكاف فقولهم: افتح أي: حركة الفتحة (كَ)، واضمم أي: بحركة الضمة (كُ) فتقول: كَداء بفتح الكاف وتدخل أي: من أعلاها، وتقول: كُداء بضم الكاف وتخرج أي: من أسفلها.

    ومن أي مكان تيسر للإنسان دخول مكة فالحمد لله، وهنا يقول الأدباء: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كرم شعر الدعوة في دخول مكة والخروج منها، وقالوا: لما جاء صلى الله عليه وسلم لفتح مكة أو للحج قالوا: من أين ندخل أو من أين تدخل يا رسول الله؟! أي: لأن مكة لها مدخلان، والمدينة لها مدخل واحد وهو وادي العقيق على سلطانة على سلع على ثنية الوداع -الباب الشامي- وهذا كان مدخل المدينة الوحيد، وأما مكة فلها مدخلان: كَداء من أعلاها، وكُداء من أسفلها، قالوا: من أين ندخل أو من أين تدخل؟ قال: (انظروا ماذا قال حسان ؟) أي: في قصيدته التي يرد فيها على أبي سفيان حينما هجا رسول الله وفيها:

    أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء

    وفي هذا تنويع، وقد جاء التنويع في نص القرآن قال تعالى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ:24]. إلى أن قال حسان رضي الله تعالى عنه:

    عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كَداء

    أي: الموعد بيننا وبينكم أن ندخل عليكم مكة من كَداء

    فقال صلى الله عليه وسلم: (انظروا ماذا قال حسان ؟ قالوا: حسان يقول: كَداء، قال: إذاً: من هناك) وهذا مما يستشعر المسلم أنه فيه إكرام الشعراء الذين سخروا شعرهم للدعوة، ولفعل الخير، ولذا قال تعالى: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ [الشعراء:224] إلى أن قال: إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا ... [الشعراء:227] فالشعراء المؤمنون الذين يعملون للدعوة استثناهم الله، وقد كان للرسول شعراء وخطباء في الدعوة وكانوا يمثلون وزارة الإعلام -كما يقال اليوم- لأن وزارة الإعلام في كل دولة هي الناطقة بلسانها، وكان حسان رضي الله تعالى عنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هجاه أبو سفيان فقال: (يا رسول الله! أرد عنك وأهجوهم، قال: كيف تهجو قريشاً وأنا منها؟ قال: أسلك منهم كما تسل الشعرة من العجين) فأخذ يهجوهم، فقال صلى الله عليه وسلم: (اهجهم وروح القدس يؤيدك، والله! إن وقع كلامك عليهم أشد من وقع السهام في غلس الظلام) وهكذا كان العرب إذا هجوا يلحقهم العار بهذا الهجاء وتلصق فيهم السبة على لسان الشاعر الذي هجاهم، ولذا كانوا يتحاشون إغضاب الشعراء، وكان صلى الله عليه وسلم ينصب لـحسان كرسياً في المسجد ويدعوه إلى نصرة الإسلام بشعره.

    وذات مرة مر عليه عمر رضي الله تعالى عنه في خلافته وهو ينشد شعراً، فنظر إليه مستنكراً، فنظر إليه حسان وقال: (والله! لقد أنشدت فيه وفيه من هو خير منك) يعني: أنشدت الشعر في المسجد والمسجد فيه من هو خير منك وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.

    فدخل صلى الله عليه وسلم من كَداء، والحديث عن الشاعر الإسلامي حسان رضي الله عنه مدعاة لتكريم كل من سخر آلة إعلام في خدمة الدين، سواءً بقلمه أو بلسانه .. نثراً أو شعراً، أو بأي وسيلة من وسائل الإعلام، ما دامت تخدم الدين.

    1.   

    المبيت بذي طوى قبل دخول مكة

    قال المؤلف رحمه الله: [ وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه ].

    هذه أيضاً صورة من صور كيفية دخول مكة، كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لا يأتي إلى مكة، أي: من المدينة إلا بات بذي طوى، وذو طوى هو المعروف الآن عند الناس بالزاهر، وهو من أبواب مكة، للقادم من جدة، وكانت كل هذه معلومة للناس بتناقلهم إياها، ولا زالت حتى الآن يقال لها: الأبواب، أو باب مكة، والمنزل الذي نزل به ابن عمر يرجع إلى الشرق من جهة التنعيم، ما بين التنعيم وما بين باب مكة، وهو معروف إلى الآن بالزاهر، وكان بستاناً كبيراً جداً، وقد أخذت عدة مرافق من نفس هذا البستان، وهو على طريق المدينة المؤدي إلى مكة، فكان ابن عمر إذا جاء مكة نزل وبات على أبواب مكة، واغتسل ثم دخل مكة نهاراً، فسئل فأسند ذلك إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولهذا يقول العلماء: من صفة دخول مكة للمحرم لعمرة كان أو لحج إذا أتى من ذاك المكان فعليه أن يبيت ويغتسل، وإذا أصبح يدخل مكة، وهل مبيت الرسول بذي طوى كان نسكاً أو أنه وصل ليلاً فأحب أن يبيت خارج البلد، ويدخل نهاراً حتى يتيسر له ولمن معه إدراك المنازل ومعرفة الطرق، أو أنه أيسر لهم في النهار دون الليل، كما قيل في مبيته عند عودته من الحج، لما نزل بخيف بني كنانة بالأبطح، فقالوا: هل نزوله بالأبطح بعدما أنهى الحج تماماً كان للنسك أو أنه كان تيسيراً على الناس في حال خروجهم إلى المدينة؟ كل هذه الاحتمالات واردة.

    مشروعية الغسل لدخول مكة

    وأما الغسل فهو سنة لدخول مكة، فمن أي جهة دخل الإنسان مكة فإن السنة في حقه أن يغتسل، ولكن إذا كان الإنسان مع غيره أو في ظروف لا يستطيع أن يبيت بذي طوى لعدم وجود مكان يبيت فيه، أو لو أنه أراد أن يوقف سيارته في الطريق فسيأخذها المرور، فلا حرج عليه في عدم المبيت، فإن كان لك أيها المحرم! منزل هناك، أو كان لك صديق تنزل عنده، أو تيسر لك بوجه من الوجوه نقول: الحمد لله، وعليك أن تطبق السنة، وإذا لم يتيسر لك فلا تكلف نفسك المشاق وتقول: هنا بات رسول الله فلابد أن أبيت، فنقول: إنما بات حينما تيسر له المبيت، وأما الآن فقد لا يتيسر، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فلا عليك أن تمضي وتجتاز إلى محل سكناك، فإذا نزلت في عمارة أو نزلت في شقة أو نزلت في خيمة، أو نزلت في فندق، فاغتسل؛ لأن الغسل سنة، وإن لم يتيسر الغسل عند الدخول فقبل الطواف، حتى تأتي إلى البيت وتكمل الواجب عليك بطواف القدوم إن كنت مفرداً أو قارناً، وإن كنت معتمراً فيكون عليك طواف العمرة وهو يجزئ عن طواف القدوم.

    وهكذا كان ابن عمر رضي الله عنهما يبيت ويغتسل بذي طوى.

    حكم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور الجبلية

    والمشهور أن ابن عمر قد انفرد بهذا عن مجموع الصحابة، فإنه كان يتتبع خطوات رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج شبراً بشبر، حتى في الأمور الجبلية التي كان يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين عرفات والمزدلفة في الشعب فبال، فكان ابن عمر إذا جاء إلى ذلك المكان ينزل ويبول، فقالوا له: يا ابن عمر ! هذه ليست عبادة؛ لأن الرسول ما فعل هذا ليتأسى الناس به، فإذا كان إنسان ليس به بول وليس هناك حاجة داعية لأن يأتي ويبول بالقوة! فقال: الرسول فعل هذا، أي: أنا أتبعه، فنقول: هذا شدة رغبة في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كما يقول الأصوليون: أعماله صلى الله عليه وسلم الجبلية ليست موضع تشريع، كما قال الناظم:

    وفعله المركوز في الجبلة كالأكل والشرب فليس ملة

    الأكل والشرب جبلة في الإنسان وفي كل كائن حي، فالنصراني يأكل، والدرزي يأكل، والحيوان يأكل؛ لأن مطلب الحياة أن يأكل وإلا فسيموت.

    إذاً: الأكل والشرب جبلة، من غير لمح الوصف، فلا تقل: أنا آكل لأن الرسول كان يأكل، نقول: لا، أنت ستأكل غصباً عنك اتباعاً للرسول أو لغيره، وأما الوصف في كيفية الأكل، وهل يكون باليمين أو بالشمال؟ فنقول: الوصف هنا هو المراعى، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل بيمينه ويأمر بذلك بقوله للغلام: (يا غلام! سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) إذاً: الوصف في الأمر الجبلي هو المطلوب، أما في الأمور من حيث هي فلا تقل: أنا أنام لأن الرسول نام، وأتزوج لأن الرسول تزوج، فنقول: لا، أنت في حاجة إلى النوم والزواج من غير هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام وكان يأكل ويتزوج، وقد تزوج حتى قبل الرسالة.

    والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765793034