الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
[عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بعمرة فحل عند قدومه، وأما من أهل بحج أو جمع بين الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر) متفق عليه]
إذا جئنا إلى الحديث، نجد أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها نقلت لنا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل نقلت لنا أعمال الناس؟ لاحظوا هذه الدقة في الحديث، قالت: (خرجنا) (فمنا) ولم تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده وإنما ذكرت معه أفعال الناس، فما وجه استدلال المؤلف بحكاية عائشة لحال إهلال الناس؟
المؤلف يسوق هذا مستدلاً لأنواع وأوجه الأنساك الثلاثة، بأي شيء؟ كأنها تقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنا.. ومنا.. ومنا.. وهو يعلم ذلك وأقرنا عليه، فيكون الاستدلال هنا بالإقرار، ولكن النص الصريح أولى وأقوى، وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها: (لما جئنا ذا الحليفة قال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن يهل بالحج فليفعل، ومن أراد أن يهل بالعمرة فليفعل، ومن أراد أو ومن شاء أن يهل قارناً فليفعل) أي الروايتين أقوى في التشريع؟! خطابه: من أراد أن يفعل.. فليفعل؛ لأن هذا مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وإلى هنا يتفق الجمهور على وجوه الأنساك الثلاثة، وأوجه الإحرام (لبيك اللهم حجاً) للمفرد، (لبيك اللهم عمرة) للمتمتع إن حج من سنته، (لبيك اللهم حجاً وعمرة) لمن قَرَن النسكين معاً فهو قارن، وعلى هذا تتفق كلمة العلماء شرقاً وغرباً.
ولكن عندنا مباحث مطولة في أمرين: صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، هذه واحدة، المبحث الثاني: إذا كانت الأنساك ثلاثة، فهل هي على المساواة، أو هناك ما هو أفضل من غيره؟
الأول: صفة حجه صلى الله عليه وسلم، والشوكاني في نيل الأوطار، وابن حجر في فتح الباري، وابن القيم في زاد المعاد، والطبراني وغيرهم، أطالوا جداً النقاش والإيراد، ولا يتسع الوقت لدراسة كل هذه الأقوال وإيرادها في هذا المجلس.
وخلاصة الأمر في حج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جاءت نصوص صريحة صحيحة منها حديث عائشة المتفق عليه، (حج النبي صلى الله عليه وسلم مفرداً) وجاءت أحاديث أخرى وفيها: (حج متمتعاً) وابن القيم رحمه الله يجمع بين تلك الروايات بأنه: حج قارناً، فالروايات جاءت في حج النبي صلى الله عليه وسلم بالأوجه الثلاثة، فبعضهم قال: إن بداية حجه صلى الله عليه وسلم أول ما أحرم كان -على رواية عائشة - مفرداً الحج (لبيك اللهم حجاً) ثم بعد ذلك جاء الحديث الصحيح الصريح: (أتاني جبريل وقال: صل في هذا الوادي المبارك -وادي العقيق الذي في ذي الحليفة- ثم قل: عمرة في حجة) إذاً عندما أنشأ الحج كان مفرداً، ثم بتوجيه من جبريل عليه السلام: أدخل العمرة مع الحج فصار قارناً، فمن قال حج مفرداً نظر إلى أول أمره، ومن قال: حج متمتعاً فبهذا الحديث، وفيه القران أيضاً، قالوا: إنهم كانوا يسمون القران تمتعاً؛ لأن التمتع هو أن يأتي بالحج والعمرة في سفرة واحدة، فيأتي بالعمرة وبعد أن ينتهي منها يجلس، ثم يحج، ويجمع النسكين في سفر واحد، وكذلك القارن، فإذا كان الأمر كذلك فمن قال: متمتعاً أراد بالتمتع القران بجامع التسمية.
إذاً: كل الروايات التي جاءت في نوعية حجه صلى الله عليه وسلم صحيحة ولا تعارض فيها؛ لأنه في بداية الأمر كان مفرداً، ثم طرأ على ذلك القران، والقران يطلق عليه التمتع، إذن: انتهينا من صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وهي عند الجمهور: القران.
ثم قالت عائشة رضي الله تعالى عنها (فأما من حج أو أهل بالعمرة فإنهم حلوا حينما وصلوا) يعني: أدوا عمرتهم عندما وصلوا، فطافوا للعمرة، وسعوا، وحلقوا، وتحللوا، ولبسوا، وأما من أهل بالحج أو به وبالعمرة فلم يحلوا حتى إذا كان يوم النحر، ويوم النحر يأتي بعد عرفات، وبعد تمام الحج، فعلى هذا النص الناس على طبيعتهم ما طرأ عليهم جديد، ولكن وجدنا نصوصاً أخرى، من أنه صلى الله عليه وسلم لما وصل مكة وطاف طاف الجميع معه، من كان متمتعاً فلعمرته، ومن كان مفرداً أو قارناً فللقدوم، ثم ذهبوا جميعاً وسعوا، فمن كان معتمراً سعى سعي العمرة، ومن كان مفرداً أو قارناً سعى سعي الحج مقدماً بعد طواف القدوم، بقي الحلق والتحلل، أهل العمرة تحللوا ولبسوا، وأهل الإفراد والقران لم يتموا نسكهم وكان عليهم أن يبقوا إلى يوم النحر، كما قالت عائشة ، وهذا الأمر طبيعي.
ولكن وجدنا في بعض النصوص أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن سعى وسعى الجميع معه كل على نيته قال: (من لم يسق الهدي فليجعلها عمرة) إذن أهل العمرة على عمرتهم من أول، والخطاب موجه للمفردين والقارنين، فمنهم من كان معه الهدي فبقي على إحرامه، ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقي على إحرامه ولم يتحلل، ومن لم يكن ساق الهدي معه وهو محرم بالحج؛ مفرداً أو قارناً توجه إليه الخطاب بجعلها عمرة، فتحللوا، فمن لم يسق الهدي وكان مفرداً بالحج أو قارناً بين النسكين عليه أن يتحلل لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا أمر جديد على الناس جميعاً، في الإسلام وقبل الإسلام، فتأخر بعض الناس عن التحلل، فوجد فيهم ثقلاً عن المبادرة فقال لهم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي) أي: لحج وأحرم بدون هدي (ولجعلتها عمرة) كأنه يقول: ما منعني أن أتحلل كما أمرتكم إلا لأني سقت الهدي، ولما سئل: (ما بال الناس حلوا من إحرامهم، وأنت لم تحل يا رسول الله؟! قال: لقد سقت الهدي، ولبدت شعري) فسوق الهدي منعه من التحلل، لقوله تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] ومحله يشمل: الزمان والمكان، فالمكان: منى، والزمان: بعد الرجوع من عرفات وهو يوم العيد.
ينقل بعض العلماء أن سبب استثقال بعض الصحابة: هو مخالفة هذا الأمر لما اعتادوه من قبل فقالوا: (أي الحل يا رسول الله؟! قال: الحل كله) ليس فقط لبس الثياب، كل ما كان محظوراً على المحرم لإحرامه صار حلالاً، ومن ذلك النساء، قال: (الحل كله، فقال قائل: يا رسول الله! أيذهب أحدنا إلى منى، وذكره يقطر -يعني: ونحن حدثاء عهد بالنساء، وما كانوا عهدوا ذلك من قبل- فقال: لو استقبلت من الأمر ...) إلى آخره.
فإذا جئنا إلى أقوال العلماء فيما هو الأفضل، نجد هناك من يقول: الأفضل هو الذي بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بدأ بالحج مفرداً، ونجد من يقول: الأفضل ما انتهى به نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد انتهى نسكه بالقران، ونجد آخر يقول: الأفضل ما تمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو التمتع.
أردت بهذا أن أبسط القضية لنرى مواقف الأئمة الأجلاء من النصوص الواردة، ومن فعله صلى الله عليه وسلم وقوله، لنرى على أي شيء يبني الأئمة مذاهبهم، فمن قال: الإفراد أفضل، لم يأت به من عنده، ولكن أخذ بابتداء حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: الرسول صلى الله عليه وسلم أمامه الأنساك الثلاثة، ولا يختار لنفسه إلا الأفضل، وقال بهذا مالك والشافعي ، ونجد الآخرين يقولون: الختام هو المهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم اختار لنفسه الإفراد، والله سبحانه وتعالى اختار لرسوله صلى الله عليه وسلم القران، فالذي اختاره الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أولى من الذي اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، أجاب على ذلك أصحاب الإفراد وقالوا: إن مجيء جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره إليه: (قل: عمرة في حجة) هذا تعليم جديد، وأمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه المفردين أن يجعلوها عمرة، هو أمر جديد، يقضي على أمر قديم، وليس لعينِ النسك في ذاته، فهو: لعلة وقصد، وليس لأفضلية القران أو التمتع، نقول: ما هي العلة التي عندكم؟ قالوا: يقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (كان العرب في الجاهلية قبل الإسلام، لا يرون العمرة في أشهر الحج) حتى يتساءل أحد الصحابة قائلاً: أيذهب أحدنا إلى منى وكذا؟ قال: (فقدموا صبح رابعة) يعني: قدم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه -كما قالت عائشة : (خرجنا مع رسول الله)- اليوم الرابع من ذي الحجة في الصباح، واليوم الرابع من ذي الحجة من أيام الحج، فأمرهم بالتحلل من العمرة، وكانوا في الجاهلية يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وكانوا يأتون بصفر بدل المحرم، وهو النسيء، فيقدمون صفر؛ لأنه يحل فيه القتال، ويؤخرون المحرم؛ لأنه يحرم فيه القتال، لئلا يجتمع عليهم ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، فتطول عليهم المدة؛ فأخروا المحرم وقدموا صفر، وكانوا يقولون: (إذا انسلخ صفر، وبرأ الدبر، وعفا الأثر، حلت العمرة لمن اعتمر) بمعنى: إذا خرج زمن الحج (وبرأ الدبر) والدبر: هو الجرح في ظهر البعير، من الرحل من طول المشوار، وهذا يحتاج إلى مدة يرتاح فيها (وعفا الأثر) والأثر هو: وطء الأقدام في السفر، وهذا لا يعفى أثره مع كثرة الرواحل إلا بعد مدة تعميها الرياح وتغطيها، فكانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، قالوا: فلذلك أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة.
قول الراوي: (كانوا يرون.. فأمر) يتفق علماء اللغة بأن الفاء هنا سببية، أي: بسبب ما كانوا يعتقدون، وبسبب ما كانوا يقولون، أمرهم؛ ليقضي على هذا القول وهذا الاعتقاد، ثم قال: (دخلت العمرة في الحج هكذا: وشبك بين أصابعه) وقوله: (دخلت العمرة في الحج) أفي القران؟ أم دخلت العمرة في أشهر الحج في الزمان؟ الاحتمالان واردان، وعلى هذا يقول الذين قالوا بالإفراد: إن قران رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الطريق بأمر جبريل؛ ليدل على جواز العمرة في أشهر الحج، على خلاف ما كانوا يعتقدون، وأمره صلى الله عليه وسلم بالتحلل وجعلها عمرة للعالم كله وليُعلن ذلك للجميع، وأصحاب القران يقولون: هذه لا تكفي، لأنه اعتمر صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قبل الحج: عمرة الحديبية، وعمرة القضية، وعمرة الجعرانة، وكلها كانت في أشهر الحج، وهذا يكفي لبيان جواز العمرة في أشهر الحج، وقال الآخرون: بل هذا لا يكفي؛ لأنها وقعت في حوادث متفرقة وعند جماعات محدودة، ولو كان ذلك بياناً كافياً لما توانى الناس، ولما تساءلوا وقالوا: أيذهب أحدنا إلى منى وهو كذا؛ إذاً: لم يكن عندهم بيان كافٍ يزيح ما كانوا قد اعتادوه من قبل؛ فلذلك تعين البيان في هذا الجمع، وكان قاضياً على ذلك الاعتقاد.
إذاً: القران والأمر بالتحلل إنما كان لتشريع جديد يقضي على الماضي، وقالوا أيضاً: الخلفاء الراشدون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا بأعينهم، وسمعوا بآذانهم، وباشروا بأيديهم، ماذا فعلوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل جاءوا متمتعين، كما تمنى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو جاءوا قارنين كما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو جاءوا مفردين كما بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وباتفاق الأمة فإن أبا بكر رضي الله تعالى عنه في خلافته حج مرتين مفرداً، وعمر في خلافته -عشر سنوات- حج مفرداً، زيادة على ذلك وجدنا عثمان رضي الله تعالى عنه -وهو ثالث الخلفاء الراشدين- في أثناء الطريق ينهى عن التمتع، وقد جاء في رواية أن رجلاً جاء إلى علي رضي الله عنه وهو يعلف بقرات له فقال: (أما رأيت ما يقول عثمان ؟ قال: وما ذاك؟ قال: ينهى عن التمتع، يعني: التمتع بالعمرة إلى الحج، فذهب علي -يقول الراوي: لا أنسى أثر العجين على يده- فدخل على عثمان وقال: أتنهى عن التمتع! وقد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أردت أن يفرد الناس الحج بسفر مستقل) أي: لا أريد معتمرين يمكثون في مكة بعد العمرة، ومنها يحرمون للحج، فقال: (وجدنا عمر قبل عثمان ينهى عن القران، قيل: يا عمر ! كيف تنهى وتعلم أننا حججنا مقرنين الحج والعمرة؟! قال: أردت أن يكثر الوافدون على البيت) يعني: ما يريد أن يجعلهم يرمون عصفورين بحجر، لا، ولكن يأتي إلى العمرة بسفر ويرجع، ثم يأتي إلى الحج بسفرة أخرى.
إذاً: وجدنا بداية إهلاله صلى الله عليه وسلم بالحج مفرداً، ثم قران وكان لأمر يقتضيه البيان، ثم وجدنا الخليفتين عمر وعثمان ينهيان: أحدهما عن القران، والآخر عن التمتع، فما هو الذي بقي عندنا؟
إذاً: القول الأخير: كما سمعنا من والدنا وشيخنا الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه: أن الأفضلية أمر سهل، ولكن المهم تثبيت الأنساك الثلاثة، ولا أنسى مجلساً لوالدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه مع سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم في خيمته بمنى صبيحة يوم العيد، وقد جرت العادة أن المشايخ يُسلم بعضهم على بعض، وكان من ضمن خيام المشايخ خيمة الشيخ محمد بن إبراهيم ، والشيخ ابن باز ، والشيخ عبد الملك ، والشيخ عبد اللطيف ، وكبار المشايخ، فمررنا -وكنت بفضل الله في شرف صحبة الشيخ الأمين - فسلم على الشيخ محمد وهم يشربون القهوة، فإذا بالشيخ محمد يسأل الشيخ الأمين : بلغني يا شيخ -وكان يوقره جداً- أنك حججت مفرداً، ألكونه أفضل عند مالك ؟ فقال رحمه الله: نعم يا سماحة الشيخ! جئت مفرداً وقصداً فعلت ذلك، ولكن ليس لكونه مذهب مالك ، قال: وقصداً فعلت ذلك، لماذا؟ قال: لأنه بلغني أن هناك أشخاصاً متطرفين، لا يكتفون ببيان الأمر الذي يرونه، ويقولون: إن التمتع أفضل، بل يجبرون الناس عند المروة على الحلق، ويحللونهم من الإفراد بالحج، وأنا لا أملك السلطة لأمنع هؤلاء، والناس يأتون من أقطار الدنيا منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل يهل بما تيسر له من نسك، وما وجدنا أحداً قط أمر أحداً بهذا عملياً، ثم لقد جاءت النصوص عن أبي ذر وعن غيره -فليراجع طالب العلم بداية المجتهد- لما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإدخال العمرة في الحج، قام رجل وقال: (يا رسول الله! ألعامنا هذا؟ -يعني دخلت العمرة في الحج هكذا- قال: لا، بل للأبد وأبد الأبد) ومع ذلك، لم يقم أحد يلزم الناس بأن يتحللوا من الإفراد إلى العمرة، وأنا لا أملك السلطة، فجئت مطبقاً لذلك عملياً، ومن رآني أو سألني فهذا جهدي، وما كان بعد ذلك فلا أملكه، ثم يا صاحب السماحة! إن النصوص كذا -وأورد كل ما ذكرته وأضعاف أضعافه معه- وسماحة الشيخ محمد الله يغفر لهم جميعاً ويرحمهم ويجزيهم عنا أحسن الجزاء مصغ إلى آخر كلمة، فما زاد على أن قال: أحسنت جزاك الله خيراً.
إذاً: نحن نعيد هذا القول، أو نورد هذه القضية لأننا نعلم أن كثيراً من طلبة العلم قد يتطلع إلى مثل ذلك متأثراً بقوله صلى الله عليه وسلم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي) ويتركون بقية الملابسات الأخرى، والواجب على طالب العلم ألا يستقل برأيه، وإنما يرجع إلى أقوال العلماء سواءً كانوا من أهل الحديث، أو كانوا من الفقهاء ومن الأئمة الأعلام، ويأخذ أقوال الجميع ولا ينفرد برأيه.
وبالله تعالى التوفيق.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر