وبعد:
فيقول المؤلف رحمه الله: [باب صدقة التطوع].
هذا الباب الجديد في صدقة التطوع، والذي قبله صدقة الإلزام، أي: ليس فيها تطوع ولا اختيار، لكن هنا يتطوع بها.
وقبل الكلام على هذا الباب ننظر في معنى ومغزى هذا العنوان:
فالإنسان من حيث هو يرغب في المال، ويحرص على جمعه: وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر:19-20] فالإنسان حريص شديد الحرص على الدأب في جمع المال، فإن كان يخاف الله تحرى الحلال، وإلا فلا يبالي من أين أتى، فعلى أنه يتحرى الحلال ويجمع المال (لو كان لابن آدم وادياً من ذهب لابتغى إليهما ثالثاً )، فإذا ما حصل على المال وتوفر عنده يكون شحيحاً به، يضن بإخراجه، فجاءت الفريضة في زكاة المال وصدقة الفطر، وألزمته رغماً عن شحه، فإذا أدى الواجب عليه برئت ذمته وطهر ماله، ولكن هل الإنسان يقف عند أدنى الحد؟
الواجب هو أدنى الحد في بذل المال، لكن الإنسان يسمو ويتعاطف مع أوامر المولى سبحانه وتعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا [البقرة:245]؛ فهنا تأتي صدقة التطوع لأنها من دافع الإنسان نفسه، أي: من دافع إيمانه ورغبته في الخير، وإيثاره الآخرة على الدنيا؛ لأنه يدفع هذه الصدقة متطوعاً.
فالأولى أخرجها فريضة عليه: (فإن أداها طيبة بها نفسه فبها ونعمت! وإلا أخذناها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا) يعني: يخرجها غصباً عنه، لكن في صدقة التطوع ليس هناك جبر عليه ولا غصب له!
هل هناك عقوبة على تركها وعدم فعلها؟ لا، لكن هناك الرغبة في الأجر، وإيثار الآخرة على الدنيا، والتعامل مع الله سبحانه وتعالى.
وقدمنا مراراً بأن قانون الحياة يمشي على مبدأ المعاوضة: خذ وهات، ثمن وسلعة، فتتبادل مع غيرك وتتعاون معه، أما الصدقة إذا أخرجتها فأين العوض عنها؟
قد يبلغ الأمر بالإنسان السوي المؤمن بالله أنه يخفي صدقته على المسكين، بل يخفيها على نفسه كما سيأتي في حديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وذكر منهم: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ) وهناك الآية: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:271].
والصدقة والصدق مادتهما اللغوية واحدة: (صدقة، تصدق)، وتاء الافتعال هذه زائدة، فالصدقة في التطوع دليل صدق المسلم في إيمانه بالله؛ لأنه يدفع الثمن الآن ويترقب العوض فيما بعد، ولا ينتظر ممن أعطاه معاوضة، ولا ينتظر من أحد جزاءً ولا شكوراً: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً ولا شكورًا [الإنسان:9] أي: ولو جازيتمونا فإلى أي حد يكون الجزاء منكم؟
عبد الرحمن بن عوف لما جاءت تجارته ودقت طبولها، فجاء التجار وقالوا: نعطيك (10%) زيادة في الربح، فرفض! (50%) فرفض، (100%) فرفض وقال: أعطيت أكثر!! قالوا: نعطيك الضعف ضعفين، قال: أعطيت أكثر!! قالوا: نحن تجار المدينة، وليس في المدينة من يعطيك أكثر من ذلك، فمن الذي أعطاك أكثر من ذلك؟ قال: الله أعطاني الحسنة بعشر أمثالها، أعطاني عشرة أمثال قيمتها، فالعير وما تحمل في سبيل الله!!
إذاً لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا [الإنسان:9] لأنكم لا تستطيعون أن تجازونا كما يجازي الله سبحانه.
تقدم التنبيه على منزلة الصدقة والتطوع بها، وأن ذلك من منطلق الإيمان واليقين بما عند الله، وأن المتصدق ينتظر العوض من الله سبحانه، ولا يرجو ممن يتصدق عليه جزاءً ولا شكوراً، كما نوه بذلك سبحانه بقوله: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً [الإنسان:9] ؛ لأنه تصدق لوجه الله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ [البقرة:245]، وجاءت الأحاديث متعددة في أن الصدقة تعود على المتصدق بأشياء عديدة:
منها ما تقدم في زكاة الفطر أنها: (طهرة للصائم)، وكذلك ما جاء في الأحاديث الأخرى أن (صدقة السر تطفئ غضب الرب) .
وجاءت أيضاً أحاديث أخرى تحث على الصدقة منها: (المرء في ظل صدقته يوم القيامة) ، والآثار في هذا الباب كثيرة.
(سبعة يظلهم الله.. ): هذا اللفظ المتفق عليه، أما بالنسبة إلى العدد فإنه مما قد أُلِّفَ فيه، وقد كتب فيه السخاوي والسيوطي رحمهما الله، واطلعنا على رسالة بعنوان: مُنِيْلُ البَشِّ لمن يظلهم الله في ظل العرش، للشيخ مائل عينين وهو متأخر. ويقولون: إن السبعة هي نهاية العدد، وما بعدها مكرر لها أو لأجزائها، وعني شراح هذا الحديث بكل من جاء فيه نصٌ بأنه ممن يظلهم الله تحت ظله، حتى أوصلوها إلى سبعين صنفاً، ولكن قال المناوي : الزائد عن السبعة المتفق عليها إما داخلة تحت هذه الأصناف السبعة، وإما أن أسانيدها لا تنهض للاحتجاج بها.
أيها الإخوة! هذا الحديث شامل لطبقات المجتمع من الشاب وبقية الأفراد إلى الإمام العادل، كما أشرنا: من القاعدة إلى القمة، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم نجدها قسمين:
فقسم مختص بمادة وموضوع، وهذا غالباً في أحاديث التشريع في الحلال والحرام، وفي الواجب والمندوب.
وقسم يشمل عدة أصناف، وإذا وجدنا حديثاً يشمل أكثر من معنىً واحد فبالتأمل نجد أن هناك روابط بين تلك الموضوعات الذي انتظمت في سلك ذلك الحديث!
فمن أحاديث الأحكام ما تقدم في الزكاة: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)، فهذا حديث مستقل بموضوع واحد، وهو تقدير النصاب في الحبوب، وحديث: (في كل أربعين شاة شاة).
ولكن الأحاديث التي تشمل العديد من المواضيع غالباً ما تكون للتوجيه والموعظة والإرشاد، ومن أهمها هذا الحديث، وإني قد مكثت زمناً طويلاً أبحث مواضيع هذا الحديث، وأخيراً جمعت فيه رسالة، وشدني إلى الكتابة فيه قول ابن عبد البر رحمه الله: لو أن كل صنف من هذه الأصناف السبعة أفرد برسالة لكان حرياً بذلك، فجمعت لكل موضوع بحثاً مستقلاً بقدر ما في وسع الإنسان في هذا الموضوع، وحرصت أن يكون معيناً للطالب إذا أراد أن يعظ أو يذكر أو يدعو إلى فضائل الأعمال الواردة في هذا الحديث النبوي الشريف، وكذلك الإنسان الذي يريد أن يتزود، أو يتثقف، أو يوسع مداركه في مدلول هذا الحديث.
هذا الحديث يشتمل على المباحث الآتية:
أولاً: لفظه.
ثانياً: أسانيده.
ثالثاً: ترتيبه.
رابعاً: معاني أصنافه.
أما سنده: فقد رواه الشيخان وأصحاب السنن، وذكر المؤلف هنا أنه متفق عليه، واكتفى بذلك، وهو موجودٌ أيضاً في موطأ مالك وعند أبي داود والنسائي وابن ماجة ، وكل هذه الصحاح قد أوردت هذا الحديث.
وبالمقارنة بين ألفاظه في هذه المراجع نجد مغايرات يسيرة، وكذلك في ترتيبه تقديم أو تأخير، واللفظ الذي ساقه المؤلف هنا: هو لفظ البخاري رحمه الله، ولفظ مسلم يتفق معه إلا أن مسلماً ذكر فيه الرجل الذي تصدق بيمينه فأخفاها بلفظ: (حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) ؛ وفي رواية أخرى: (رجل تصدق بشماله -أو رجل تصدق بصدقة- فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) وأسند الإنفاق للشمال بدلاً من اليمين، وأعتقد أن هذا يكون أدعى وأبلغ في معنى الإخفاء، وقد نبهنا عليه مراراً.
قَاْلَ النَّبِيُّ المُصْطَفَىْ إِنَّ سَبْعَةً يُظِلُّهُمُ المَوْلَىْ الكَرِيْمُ بِظِلِهِ
مُحِبٌّ عَفِيْفٌ نَاْشِئٌ مُتَصَدِّقٌ وَبَاْكٍ مُصَلٍ وَالإِمَاْمُ بِعَدْلِهِ
هذه السبعة الأصناف التي اشتمل عليها هذا الحديث النبوي الشريف.
وإذا جئنا إلى اللفظ الأول: (سبعة): يقولون: إن العدد لا مفهوم له، ولهذا بحث العلماء فيمن يشملهم هذا المعنى ويظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكروا منهم: رجلاً لحق القوم، وأدركهم العدو، وكان في مؤخرتهم؛ فدافع عنهم، وذكروا امرأة تأيمت على أيتامها حتى كبروا واعتمدوا على أنفسهم، وذكروا أشياء عديدة، حتى أوصلوا السبعة إلى السبعين، وأقرب مرجعٍ لهذا العدد ما نقله الزرقاني عمن تقدم نظماً ونثراً في شرحه على الموطأ عند هذا الحديث.
فإذا كان العدد ليس له مفهوم فهناك سبعات عديدة أوصلها العلماء إلى السبعين، وإن كان له مفهوم فيكون مقصوراً على هؤلاء السبعة، وسواء كان له مفهوم أو ليس له مفهوم فيهمنا الآن هؤلاء السبعة، إذ إن هذا الحديث جمع جميع طبقات المجتمع، وما ذكر فكما قال النووي والمناوي : قد تكون مندرجة تحت صنف من هذه الأصناف السبعة.
(في ظله) أو (في ظل عرشه): تختلف الروايات، فتارة تأتي: (في ظله)، وتارة تأتي: (في ظل عرشه).
(يوم لا ظل إلا ظله) أو (يوم لا ظل إلا ظل عرشه) على حسب الروايتين المتقدمتين، وليس هناك إشكال أن العرش جرم محسوس يتصور أن يكون له ظل، ولكن الإشكال الذي لم أجد له جواباً، هو أن الظل ناتج عن الشمس، ويوم القيامة تكور الشمس، وتبدل الأرض غير الأرض والسموات، وثمة حديث آخر، وهو عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل -قال
إذاً: كيف تأتي تلك الشمس؟ وأي نوع هي؟ هذا الذي يقف عنده الإنسان مستسلماً مصدقاً بما قال صلى الله عليه وسلم، ولم أجد من تكلم على ذلك بما فيه الكفاية.
وإذا كان الله يظلهم في ظله، فهناك كلام كثير للعلماء، لكنه يدور بين الحقيقة والمجاز، ومعنى الحقيقة: في ظله سبحانه، والله أعلم بكيفية تظليلهم في ظله، ولا نستطيع أن نتصور للمولى جرماً وظلاً -حاشا لله- ولكن يقولون: في ظله، أي: في عنايته، ورعايته، ورحمته، كما يقولون: فلان يعيش في ظل فلان وفي كنفه، وحملوا ذلك على المجاز بعداً عن التشبيه أو الوقوع في محظور بالنسبة للمولى سبحانه.
ونحن إذا أخذنا اللفظ على وضعه نستشعر عاطفياً وعقلياً وعلمياً أن هؤلاء السبعة يخصهم الله سبحانه وتعالى بتلك الفضيلة، وفي بعض الزيادات: (في ظله حتى يقضى بين الخلائق)، وفي الحديث: (إن العبد في ظل صدقته يوم القيامة)، ويمكن أن نقول: الصدقة تجسمت، أو تجسم ثوابها وتحول إلى مظلة تظل صاحبها حتى يقضى بين الخلائق، ولا يناله ما ينال عامة الناس من حرارة الشمس التي تدنو منهم فيعرقون.
إذاً: الأولى لنا أن نترك تعمق البحث في مدلول قوله: (في ظله)، ونفوض ذلك إلى ما يعلمه المولى سبحانه، ويكفينا أن نقول: إن هذا أعظم موعظة وأعظم مرغب؛ لأنه يحاول الإنسان أن يكون واحداً من هؤلاء السبعة إن لم يجمع أكثر من صنف.
وهناك حديث آخر: (إذا توضأ المسلم فأسبغ الوضوء، ثم تشهد فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء).
وفي الحديث المتقدم نجد الصديق يسأل: هل يمكن أن تجتمع في فرد واحد موجبات عدة؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر !)، ولا شك أنه أولى الناس وأولهم سبقاً إلى الجنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الأصناف السبعة المذكورة في الحديث اجتمعت في نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لأنه ذكر عنه أنه في شبابه نشأ في طاعة الله، وذكر الله عنه أنه دعته امرأة ذات منصب وجمال: وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف:23]، وذكر عنه أنه كان يتصدق، حتى قال بعض المفسرين في قوله تعالى: قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ [يوسف:77]: كذبوا والله، بل كان يأخذ الطعام ويتصدق به سراً، وكان إماماً عادلاً، وكان محباً للخلق، ملازماً للمساجد، ذاكراً لله، قالوا: اجتمعت هذه في نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة السلام، ولم يذكروا غيره، مع أنه ليس من أولي العزم من الرسل.
ولم يذكر لنا تاريخياً أن أحداً من الأنبياء الكرام امتحن بما امتحن به يوسف في قضية امرأة العزيز، فلما اختص بهذه القضية كان أدعى لأن يصفوه بأنه هو الذي اجتمعت فيه الخصال الواردة في هذا الحديث، ولا حرج فهذا فضل الله، ولا نستبعد أن الله سبحانه يكرم بعض الشباب الذين أودعهم الله هذا السر، فينشأ في عبادة الله مع إخوانه أو مع أهل بيته، ثم يكون أيضاً عفيفاً، ويبادر أهله بزواجه مبكراً، ويكون محباً للمساكين يتصدق ويخفي صدقته، ويكون قلبه معلقاً بالمساجد، ثم إذا ولي أمراً كان عادلاً فيه، لا حرج فهذا فضل الله.
إذاً: البداية من الشباب، ولذا وجب الاهتمام والعناية بشباب الأمة، والمتأمل في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية يجد العناية بشباب الأمة عجيباً جداً، وسبق أن قدمنا محاضرة في ذلك، وقلنا: إن الإسلام قد عني بالشباب قبل وجودهم إلى الدنيا؛ فمهد لوجودهم بالعناية الكاملة.
و(الشباب): هو النشيط من كل كائن حي، سواء كان من الحيوانات، أو الإنسان، أو الطيور، ومنه قولهم: شبت النار، إذا ارتفعت وعلت بعد الضعف.
ومن عناية الإسلام بالشباب أنه بدأ بالحث على اختيار الزوجة التي تنجبه، ففي الأثر: (تخيروا لنطفكم؛ فإن العرق دسَّاس)، ثم وضع الإسلام منهج بناء الأسرة الإسلامية في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، فبناها على أساس من الدين والتقى والصلاح.
وقال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه عن أبي هريرة، فذكر من المرغبات حسب الجبلة: حسب، نسب، جمال، دين، ثم قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، والقرآن الكريم حث كذلك على اشتراط الإيمان: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [البقرة:221]، إذاً: عني الإسلام بالشاب قبل مجيئه بحسن بناء الأسرة، والتقاء الأبوين على مبدأ الإيمان.
ثم راعى أول لقاءٍ بين الأبوين بأن يبدأ بذكر الله، فيضع الرجل يده على ناصيتها ويقول: (اللهم! إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه)، ومع المباشرة يقول: (اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا)، فإذا ظهر الحمل؛ أعفيت من كثير من التكاليف حفظاً لهذا الحمل، فسمح الشرع لها أن تفطر إن كان الصيام يضر بها أو بجنينها: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
وأول ولادته يقابل بذكر الله: الأذان في اليمنى، والإقامة في اليسرى، ثم يعق عنه يوم سابع الدورة الأولى من حياته؛ لأن الدورة الزمنية للطفل عند الأطباء أسبوع، ولهذا يقدرون الحمل بكذا أسبوع لا بالشهر، فإذا أكمل الدورة الزمنية الأولى وهي أسبوع كان له شأن آخر: عق عنه، وأزيل عنه الأذى، واختير له الاسم الطيب، ثم بعد ذلك يكون موضع العناية والرعاية حتى إكمال إرضاعه؛ سواء اتفق الأبوان أو اختلفا، فلزم الأب بالإنفاق عليه فيما يحتاج إلى الفطام، ولا يعجل عليه حتى يتم حولين كاملين.
ثم ينشأ إلى حد التمييز فيعلم الإسلام، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ({مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أحمد وأبو داود .
والشاب الذي نشأ في عبادة الله قطعاً لا يكون على رأس جبل، ولا في وسط أمة كافرة، ولا في وسط أمة مهملة، بل لابد أن تكون نشأته في موطن إسلامي، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه)، ومن هنا إذا نشأ الشاب في مجموعة من الشباب الخيرين فلابد أن يؤثر عليه محيطه، ومن هنا يتحتم على الأبوين تعليمه صغيراً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم راعى ذلك، فـعمرو بن أبي سلمة لما جلس يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلت يده تطيش في الصحفة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)، ولم تخرج آداب المائدة عن هذه الكلمات:
(سم الله)، أي: اشكر الله على النعمة، وقل باسم الله تنفعك ويبارك لك فيها، وتؤدي شكر المنعم عليك بهذه النعمة.
(وكل بيمينك) وكما يقولون: اليمنى للمكرمات، والأخرى لبقية الحاجات.
(وكل مما يليك): ليس من هنا ومن هنا، إذ هي إساءة أدب.
فتعين على الأبوين أن ينشِّئا صغيرهما على تعاليم الإسلام، ولا يكون إلا إذا كان الأبوان مسلمين متعلمين عالمين بحق هذا الطفل الذي هو ضيف عليهما، أما إذا كانا هما في حاجة إلى من يعلمهما؛ ففاقد الشيء لا يعطيه، ومن هنا كانت العناية بالتعليم بصفة عامة هي سيما الإسلام، فالإسلام دين العلم والتعليم، ويكفي أن أول الوحي على النبي الأمي قوله سبحانه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5]، نبي أمي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، وخوطب أول ما خوطب بالوحي بالعلم والتعلم!
إذاً: هذه الرسالة رسالة علم قبل كل شيء.
(شاب نشأ في عبادة الله): فالأبوان عليهما المسئولية الأولى، وهذا الشاب الذي نشأ في عبادة الله إنما كان بأثر الأبوين أولاً ، ثم المجتمع.
نرجع إلى لفظ الحديث؛ لأن ترتيب أصناف الحديث -فعلاً- ترتيب مبني على ارتباط النتائج بأسبابها.
العادل: هو الذي يسوي بين المتفقين: كالزوجين، والخصمين، والشريكين، والصنفين، في القسمة بالوزن والكيل؛ هذا عادل، وهذا الوصف من العدل أو من العدالة يتفق فيه المسلم والكافر؛ لأننا نجد ولاة من غير المسلمين يحكمون بالعدالة في شعوبهم، ونجد معاملات عديدة من غير المسلمين تتصف بالعدالة، وقال صلى الله عليه وسلم حينما وجه أصحابه إلى الحبشة: (لو خرجتم إلى الحبشة؛ فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجاً)، وكان النجاشي على دين النصارى، لكنه عادل ذو مروءة، إذاً: تلك الأخلاق يتفق فيها الجميع.
على رواية: (إمام عدل)، فالعدل: هو من اكتملت فيه أمهات الأخلاق الفاضلة فهو متصف بالصدق، بالأمانة، بالورع، بمخافة الله، بفعل الخير، لا يحابي أحداً على الآخر، فهو عدل في ذاته، قال الله عز وجل: وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2]، أي: ذوي صدق وأمانة ووفاء.
وهذا الإمام العدل: أتظنون أن يكون عادلاً أم غير عادل؟ أيكون عادلاً في حكمه أو يكون جائراً؟ لابد أن يكون عادلاً، ولكن العادل في حكمه، هل يكون عدلاً في ذاته أم لا؟ لا يلزم ذلك؛ فقد يكون كافراً أو فاسقاً، ولكن يضطر إلى العدالة في الحكم ليبقى ملكه، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: الملك يدوم مع العدل ولو لكافر، ولا يدوم مع الظلم ولو لمسلم، والظلم ظلمات يوم القيامة.
إذاً: هذا اللفظ جمع الصنفين: (إمام عادل) أي: في حكمه، (إمام عدل) أي: في شخصه، وبالتالي سيكون عادلاً في حكمه، وإذا كان الإمام عدلاً تقياً زاهداً فيما بأيدي الناس، ورعاً يخشى الله، تقياً في أعماله، مصلياً صائماً مزكياً حاجًّا بيت الله، يخاف الله في كل تصرفاته، هل سيقر ظلماً في ملكه؟ هل يقر فسقاً أو أية أعمال مخلة بالدين؟
الجواب: لا، بل سيعمل على أن تكون الرعية مثاليةً في حياتها، وفي أعمالها، ولن يقبل من أحد أن يخرج عن قانون العدل.
إذاً: سيعمل على إصلاح الجميع، وسيقيم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وستكون الأمة في ظله أمة مثالية، ونحن وجدنا مصداق ذلك في صدر الإسلام بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك فيما كان عليه الناس في خلافة أبي بكر وخلافة عمر استدعى أبو بكر رضي الله تعالى عنه عمر فقال: يا أخي! أعني في بعض المهام، قال: وما تريد؟ قال: تتولى القضاء بين الناس؛ لأن القضاء من مهمة الإمام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قاضياً، وقال لبعض الصحابة: (اكفني مئونة بيت المال)، فقام عمر وتولى القضاء، ومكث سنة كاملة أو أكثر، ثم جاء إلى أبي بكر ، وقال: خذ عملك، قال: ولِمَ.. أتعبتَ؟ قال: ما تعبت، ولكن من يوم أن وليتني القضاء ما جاءني أحد! أمة عرف كل واحد فيها ما له فأخذه، وما عليه فأداه.
فرد عمر القضاء على أبي بكر لعدم وجود متخاصمين، فكانت الأمة بهذه المثابة؛ لأنها تخرجت من مدرسة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتولاها أبو بكر رضي الله عنه من بعده، وسارت على المنهج الأول.
فإذا كان الإمام عدلاً عادلاً فإن الأمة كلها على خير، وكما يقال: الناس على دين ملوكهم، وهذا من نتائج عدالة الإمام في ذاته ، وعدله في رعيته، وإقراره للحق وإبطاله للباطل، ونشره للفضيلة، وقضائه على الرذيلة.
قال أحد الناس: كنا نمشي بعد العشاء بمسافة قليلة عن باب المسجد، وثمة أشخاص جالسون ممن انقطعوا لذكر الله، فقال لي أحد رفاقي: يا فلان! تعرف أهل الجنة؟ قلت: ما رأيتهم حتى الآن! قال: هؤلاء ما بينهم وبين الجنة إلا الموت؛ لا يظلمون أحداً، ولا يسرقون أحداً، ولا يعتدون على أحد، مكتفين بذكر الله، وما يسر الله لهم من لقمة العيش، وهم كبار في السن، فقد كان الناس في السابق بعيدين عن المشاكل وعن اقتراف المظالم.
ففي ظل الإمام العادل العدل لابد أن ينشأ الصغير على عبادة الله، وكذلك يكون الكبير على الطاعة والامتثال وعبادة الله.
ومن مبادئ المنهج الإلهي في الدولة الإسلامية قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58]، الأمانات: جمع أمانة، وليست مقصورة على الوديعة التي تودعها أمانة لدى جارك أو صديقك أو أي إنسان ترتضيه، بل كل التكاليف أمانة، فمن الأمانة العبادة بينك وبين الله، كما قال بعض المفسرين في قوله سبحانه: وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [العاديات:10]، قال: ما ائتمنوا عليه غيباً كصحة الوضوء من الحدث، والغسل من الجنابة، فهي أمانة في عنق كل إنسان بينه وبين الله.
والإمام مالك : في مسألة أكثر الطهر وأكثر الحيض وأقله قال: إن الله قد وكل أمر النساء إليهن، يشير إلى قوله: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228]؛ لأن هذه أمانة بينها وبين الله.
ومن الأمانة وضع الأستاذ الدرجات للطلاب، فالأستاذ حاكم: يعطي هذا خمس درجات، وهذا ستاً، وهذا سبعاً، وهذا كذا.. يحكم على هذا بالنجاح، ويحكم على هذا بالإعادة؛ فهذه أمانة، فتدريس الأستاذ في الفصل أمانة، فلا يعتني بجماعة ويهمل جماعة، ولا يجيب سائلاً ويترك آخر، وتصحيحه للأوراق أمانة.
والإنسان في بيته مسئول كغيره: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته)؛ لأن الرعية أمانة، فالله يأمركم أن تؤدوا الأمانات، وهي عامة، وأهم أمانة: (الحكم)؛ لأن الحاكم في الإسلام ليس فوقه إلا الله، وليس لأحد في دولة مسلمة سلطان على القاضي المسلم إلا سلطة المولى سبحانه، كما يسمى حالـيًّا (حرية واستغلال القضاء).
وقوله: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58]، أي: سواء بين اثنين أو حكم في أمة.
إذاً: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58] موجهٌ للحكام، وقوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] موجه للأمة لتوثيق ارتباطها بالحكام، فالإمام العادل له حق السمع والطاعة، وغير العادل الذي خالف الكتاب وخالف السنة ليس له ذلك الحق، لكن بشرط أن تكون المخالفة كما بينها صلى الله عليه وسلم: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان).
فلو كان الإمام عدلاً ونقص عن العدالة شيئاً ما، كارتكاب بعض الصغائر والتقصير في بعض الواجبات التي لا تبلغ به حد الكفر فطاعته واجبة.
أما إذا ارتكب ما يعتبر ردة عن الإسلام؛ فلا طاعة له، ولا كرامة! كأن يشرع ما يخالف الإسلام، وكذلك إذا عطل حكماً في الإسلام، فهذا لا طاعة له: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وقد أشرنا أن الصديق رضي الله عنه قال: (وُلِّيْتُ عليكم ولست بأفضلكم، فأطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم)؛ لأن طاعته فرع عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فإذا وجد الإمام العادل في الأمة فالأمة كلها بخير؛ لأن عدله وعدالته ستأخذ الأمة إلى الصراط السوي، وتمنع من يجنح يميناً أو يساراً، ولا يسمح لأحد بتجاوز حدود الله، ولا يعطل حداً من حدود الله، ولا يحكم بشيء يخالف أوامر الله؛ ولذلك قالوا: الإمام العادل ظل الله في أرضه، وقالوا: عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة، وإقامة حدٍ من حدود الله في الأرض خيرٌ لأهلها من أن يمطروا أربعين يوماً.
إذاً: إذا وجد الإمام العادل كان هناك الخير كل الخير، وقد جاء عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: لو علمت أن لي دعوة مجابة عند الله لجعلتها للسلطان؛ لأن في صلاحه صلاح الأمة.
وفي سير الملوك والأمراء وولاة الأمر نجد القيام بالعدل وبالعدالة وإن لم يكن عادلاً في ذاته؛ كأن يكون فيه جرح وتقصير، لكنه عادلٌ يقيم شرع الله، ولا يسمح بما يخالف كتاب الله، فهذا فيه البركة.
إذاً: (إمام عادل): هو المبدأ، وفي مظلة عدالته ستنتشر الفضائل، وتختفي الرذائل، وفي هذا المجال ستنشأ الناشئة على عبادة الله.
وكلمة: (عبادة الله)، ليس معناها مجرد المساجد، ولا مجرد الصلاة، ولا مجرد الصيام، وإنما العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، يقال: طريق معبد، أي: مذللٌ مسهل، فالعابد هو المطيع الملتزم، والشاب الذي نشأ في عبادة الله، ونشأ على السمع والطاعة وعلى مكارم الأخلاقخ؛ إنما هو أثر من آثار عدالة الإمام.
والعدالة التي قرأنا عنها في زمن الصحابة -خاصة في باب القضاء- فيها نماذج عجيبة، ومما يذكر وكيع في أخبار القضاة: أن شريحاً وكان قاضياً بالكوفة في خلافة علي رضي الله تعالى عنه؛ دخل عليه علي وهو الخليفة، ومعه يهودي يخاصمه في درعه، فقال القاضي: ما تقول يا يهودي؟! قال: هو درعي، وفي يدي، فقال شريح لـعلي : ما بينتك على أن هذا الدرع لك؟ قال: الحسن بن علي وقنبر ، قال: أما قنبر فنعم؛ لأنه مولاه، وأما الحسن فلا نقبل شهادته لك، قال: ويحك يا شريح ! أما سمعت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (سيدا شباب أهل الجنة
ثم قال: هل لك شاهدٌ آخر؟ قال: لا، قال: إذاً: اذهب -يا يهودي- بدرعك، فخرج علي وحينما وصل إلى الباب استوقفه اليهودي، وقال: قف يا علي! والله إن الدرع لدرعك، كان على راحلتك فسقط فأخذته، وأنا أنكرتك فيه لتذهب بي إلى القاضي؛ لأنظر كيف يفعل قاضي المسلمين مع يهودي، أما والحال كذلك فخذ درعك، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ففرح بذلك علي ؛ لأن دعواه كانت غير ثابتة، أما الآن فصدقه في دعواه، فقال: الدرع لك ومعه مائتا درهم! فأية عدالة بعد هذا؟!
يوجد نماذج كثيرة -يا إخوان- ويكفي التنويه، ونحيلكم على بعض النماذج في تلك الرسالة التي أشرنا إليها، وبالله تعالى التوفيق.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر