المؤلف لما جاء بحديث: (إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً) أراد أن يبين لنا البعدية هذه بما جاء عن معاوية رضي الله عنه في قوله لمحدثه: لا تصل نافلة بالفريضة، وبيّن له أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصل نافلة بفريضة حتى تتكلم بكلامٍ خارج عن الصلاة يعلن انتهاءها، أو تخرج من المسجد فتصلي في بيتك، وهذا هو الذي أشرنا إليه سابقاً.
[ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام) رواه مسلم ].
هذا المبحث أطال فيه العلماء الكلام، ونصيحتي للإخوة طلبة العلم أن يرجعوا في هذا المبحث إلى فتح الباري.
وسنأخذ الحديث كلمة كلمة، وتحت كل كلمة مبحث كامل.
قوله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل):
الغسل معروف بصورته وهيئته، وفي بعض الروايات: (كغسل الجنابة)، حتى يرفع احتمال الوضوء؛ لأن الغسل والوضوء كلاهما يدخل في عموم النظافة، فقوله: (من اغتسل) يراد به الغسل الكامل الشبيه بغسل الجنابة.
قوله: (اغتسل ثم أتى)، ثم للعطف والترتيب والتراخي، فيبحث العلماء في وقت الغسل يوم الجمعة.
وقد جاء في صحيح البخاري ما يشعر بأن الغسل يوماً في الأسبوع حق على كل مسلم، ويأتي الحديث: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) ، وعقد العلماء البحث في: هل الغسل لليوم أو للجمعة؟
فقال داود الظاهري وابن حزم : الغسل لليوم، فمن اغتسل بعد الفجر أو قبل غروب الشمس أجزأه.
وجاء في صحيح البخاري : (حق لله على كل مسلم أن يغتسل لكل أسبوع مرة)، فالإسلام دين النظافة، وهذا الحديث يجعل هذه الطهارة طهارة واجبة ولو لم تكن جنابة.
وفي رواية لـمالك: (ثم راح) بدل: (أتى) فالغسل قبل الرواح، فلو اغتسل بعد الفجر ثم -بعد التراخي- نودي للصلاة فذهب فإنه يصدق عليه أنه اغتسل ثم راح.
وقد وقع الخلاف في تعيين الوقت الذي يغتسل فيه؛ لقوله: (اغتسل ثم أتى الجمعة)، والإتيان يصدق على أي جزء من النهار قبل الجمعة، ومالك رحمه الله قال في قوله : (ثم راح)، إن الرواح والغدو اسمان للسعي قبل الزوال وبعده، فيقال للزمن قبل الزوال: الغدو، ويقال لما بعد العصر العشي، ويقال لما بعد الظهر: الرواح، وبعضهم يقول: العشي يدخل من بعد الزوال، فرواية مالك : (ثم راح) تدل على أن الغسل يكون قبل أول النداء، وأن يذهب بهذا الغسل إلى الصلاة، أي أنه إن اغتسل في أول اليوم ثم انتقض وضوؤه سن له أن يجدد الغسل ويصلي الجمعة بطهارة الغسل؛ لأن الرواح يكون بعد الزوال، فيغتسل ويذهب، وسيأتي عند مالك أن الساعة الأولى والساعة الثانية ساعات لغوية، أي: لحظات متقاربة تبدأ من بعد الزوال.
والجمهور على أنها ساعات توقيتية، والنهار اثنتا عشرة ساعة، والساعة الأولى من النهار والثانية منه مقدرة على الساعة الزمنية التوقيتية.
فقوله: (ثم أتى) يصدق على الإتيان للجمعة في أي وقت قبل النداء، ولذا قال الجمهور: من اغتسل بعد الفجر من يوم الجمعة أجزأه، ويقول مالك : لا يكون الغسل إلا عند الرواح للصلاة، فيصلي به الجمعة، وسيأتي زيادة إيضاح لهذه المسألة.
وفي قوله: (ثم أتى الجمعة) يقال: هل الإتيان للجمعة أم لمكان الجمعة؟ فهما متلازمان، فالجمعة لا بد لها من مكان، والمكان لأجل الجمعة، فيقال: أتى إلى المسجد في صلاة الجمعة.
يفهم منه أن إتيانه إلى الجمعة بعد أن يغتسل يكون قبل وجوب الصلاة والأذان لها، لا بعد وجوب الصلاة، والدليل قوله: (فصلى ما قدر له)، فلو أنه أتى إلى الجمعة بعد النداء، فليس بعد النداء صلاة نافلة، وإنما الواجب الإصغاء بعد النداء لخطبة الإمام، ويستثنى الداخل بعد ذلك، فيركع ركعتين ويتجوز فيهما.
فإتيانه في هذا الحديث إتيان قبل الزوال، وقبل الأذان الذي للوقت.
وقوله: (فصلى ما قدر له).
أي: كل واحد بحسب ما يتيسر له.
وقوله: (ثم أنصت)، أي: إلى الإمام حينما يصعد المنبر حينما ينادى للجمعة عند دخول الوقت، أي عند الزوال.
قوله: (ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته)، أي: أنصت وقت الخطبة، وقبل الخطبة لا مانع أن يتكلم، ولا مانع أن يصلي بعد الخطبة، وبعض الناس يتحرج من الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة حتى يدخل في الصلاة، وهذا ليس بصواب، فالمنهي عنه يكون من شروع الخطيب في الخطبة إلى أن ينتهي، وقبل ذلك وبعده لا حرج فيه.
قوله: (ثم يصلي معه) أي: لا يسمع الخطبة وينصرف قبل أن يصلي معه.
قوله: (غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)، هذا الحديث صالح لبيان فضيلة الغسل يوم الجمعة، وفضيلة الجمعة في ذاتها، فمن اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى الجمعة، ثم أنصت للإمام، ثم صلى مع الإمام، غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، والأسبوع سبعة أيام، والحسنة بعشر أمثالها، وزيادة ثلاثة أيام على الأسبوع يصير بها اليوم عن عشرة أيام، والحسنة بعشر أمثالها.
ونقف هنا وقفة بسيطة، فبعض المسلمين -هداهم الله- قد يتساهلون في حضور الجمعة، ويجعلون يوم الجمعة للتنزه، وكأن يوم الجمعة ليس له أثر، وكل ما عندهم من أعمال في الأسبوع يؤخرونها إلى يوم الجمعة، ويشتغلون يوم الجمعة، ويضيعون الجمعة، فلا يبكرون، ولا يصلون ما تيسر لهم، فأي فضيلة بعد ذلك؟
والذي ينبغي هو أن يتنظف الإنسان، ثم يأتي المسجد فيصلي ما تيسر له، فهو يستريح من عناء العمل الذي كان فيه، فالموظف مع مراجعيه، والصانع مع عماله، والزارع في مزرعته، وكل إنسان طيلة الأسبوع في جهد بدني وفكري، فشرع الله له يوم الجمعة ليستريح ويتنظف ويسترجع قواه، فتجدد العافية، ويتغذى لروحه، ويحصل على مغفرة عشرة أيام، فأكبر تاجر في البلد يوم الجمعة لا يحصل من تجارته مثل ما يحصل يوم الجمعة، كما قال تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:11].
فالعاقل لا ينبغي له أن يتهاون بأمر الجمعة ما دامت فيها هذه الفضيلة، وكذلك الغسل، وسيأتي في الحديث عند البخاري : (ومس من طيب أهله).
وقد جاء في حديث آخر: (غسَّل واغتسل) يقول بعض العلماء: غسل ثوبه واغتسل في بدنه. وبعضهم يقول: (غسَّل واغتسل) لفظ يفيد اشتراك طرفين.
فيستحب يوم الجمعة أن تغتسل، وأن تتطيب وتلبس أحسن ما عندك من الثياب، وتأتي لتقابل إخوانك.
فكيف تشتغل عنها وتتركها؟ نسأل الله السلامة والعافية.
ومن المباحث الغسل يوم الجمعة والمقارنة بينه وبين الوضوء، لحديث: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل) وقد أطلق الاغتسال في قوله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة) وبعض العلماء يقول: لو أن شخصاً أجنب فأوقع غسل الجنابة بعد طلوع الفجر، ونوى بهذا الغسل رفع الجنابة وسنة اغتسال الجمعة، فإنه يجزئه عند من يقول الغسل سنة، ومن يقول الغسل واجب يقول لا يجزئ واجب عن واجب، فيغتسل للجنابة ثم يغتسل إذا راح إلى الجمعة، ويكون غسل الجمعة مستقلاً.
ولكن الجمهور على أن المراد اغتسال يوم الجمعة بسبب أو بغير سبب، ونظروا كما يقول الشافعي وغيره إلى علة الغسل يوم الجمعة -وهو سنة- فهو معلل بالحث على النظافة في هذا الاجتماع، كما قال ابن عباس : كان الناس يعملون لأنفسهم، ويلبسون الصوف والخشن من الثياب، فيأتون من أعمالهم والمسجد ضيق والجو حار، فيعرقون فيؤذي بعضهم بعضاً.
وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: كان الناس عمال أنفسهم، وكانوا يأتون من عملهم في الغبار ويعرقون، فدخل أحدهم على رسول الله وهو عندي، فقال: (غسل يوم الجمعة واجب)، فأمر بالغسل، فقالوا: إن الأمر بالاغتسال يوم الجمعة من أجل النظافة.
والجمهور قالوا: إن كانت العلة النظافة فقد صار مشروعاً لذاته، فلو أن إنساناً في الظل، وعلى فراش النعيم، وفي بعد عن الغبار، وأراد أن يأتي الجمعة، فإن عليه أن يغتسل للجمعة، كما أنه لو كان قبل الجنابة في الحر الشديد ودخل الحمام واغتسل للتبريد ثم جاءت الجنابة بعد الغسل بدقائق فلا يكفيه الاغتسال الذي قبل الجنابة، فالجنابة جاءت بوجوب الغسل، فكذلك الجمعة جاءت بسنة الغسل، وكثير من الأشياء تشرع لأسباب فتزول أسبابها وتبقى المشروعية.
فالهرولة في الطواف كان سببها لما دلس إبليس على المشركين ووسوس لهم وقال: لو ملتم عليهم ميلة رجل، فقد أنهكتهم حمى يثرب والسفر فلما هرول الصحابة وأظهروا القوة قالوا: والله إنهم لكالجن، ثم جاءت السنة الثامنة وفتحت مكة، وأمن المسلمون، وجاء المصطفى صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة حاجاً فهرول، وقد سأل رجل عمر رضي الله تعالى عنه: كنا نهرول عند الخوف وقد أمنا فعلام نهرول؟ قال: يا ابن أخي! سألتني فيما سألت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو قال: هرول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهرولنا، ثم حج فهرول ونحن في أمن فهرولنا. فالعلة وجدت ثم زالت وبقيت المشروعية.
وكذلك رمي الجمار، فإبراهيم عليه السلام حصب الشيطان لما جاءه ووسوس له: كيف تذبح ابنك؟ فقال: اخسأ يا لعين! ورماه بالحصيات، والآن ما عندنا شيطان يوسوس، ولا أحد يذبح ولده، ولو كان ولده أتقى خلق الله فلن يطيع الله في ذبح الولد حتى لو قال له: اقطع يده فلن يقطعها إلا أن يشاء الله.
وبعض الصحابة قيل له: أكنتم تطيعون رسول الله في كل شيء؟ قال: نعم. والله لو أمرنا بقتل أنفسنا لقتلنا أنفسنا. وهذا ليس من الطاعة العمياء بل هي الطاعة المبصرة؛ لأنه يعلم أنه يطيع الله، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24].
ومما شرع لعلة ثم بقي مع زوالها القصر لقوله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:101].
فإذا كنا آمنين مطمئنين حال سفرنا من مكة إلى المدينة فلنا أن نقصر الصلاة، فزال السبب وبقيت المشروعية.
فكان السبب في اغتسالهم يوم الجمعة كونهم يعرقون وتخرج منهم روائح العمل والغبار.
ولذا جاء في الحديث: (فلما كفوا المئونة)، أي: لما جاءت الفتوحات، وجاءتهم العلوج -أي: العبيد- وكفتهم المئونة رخص لهم في ترك الغسل.
ونقول: الترخيص بنص؛ لأنه جاء في الحديث: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)، فالأمران مشتركان في الأفضلية، وعثمان رضي الله عنه لما دخل رضي الله عنه وعمر يخطب فقال: أي ساعةٍ هذه؟ قال: ما إن سمعت الأذان أو النداء حتى توضأت وأتيت.
فقال عمر : والوضوء أيضاً؟ وأقره على الوضوء جميع الصحابة الحاضرين الذين يسمعون عمر ، فالجمعة تصح بالوضوء، ولكن الغسل من أجلها أفضل.
وفي رواية لمسلم (وهي ساعة خفيفة) ]
هذا الحديث من خصائص يوم الجمعة وفضائله، وهو ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الجمعة فذكر فيها ساعة لا يصادفها عبدٌ مسلم قائم يصلي يدعو الله أو يسأل الله إلا أعطاه إياه.
ثم جاء المؤلف رحمه الله تعالى بعد ذلك بتوقيت هذه الساعة، وأنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، أو من حين يصعد الإمام المنبر إلى أن تتم الصلاة، ويذكر غيره أن الأقوال فيها متعددة، وقد ذكر المؤلف نفسه في فتح الباري ثلاثة وأربعين قولاً في تعيين هذه الساعة.
ويقول ابن عبد البر : أجمع حديث وأصحه فيما يتعلق بهذه المسألة ما جاء في رواية مالك رحمه الله تعالى، وتعرف هذه الساعة عند الفقهاء بساعة الإجابة.
ورواية مالك التي قال عنها ابن عبد البر: إنها أشمل وأجمع، هي رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: خرجت إلى الطور - يعني: يصلي فيه - فلقيت كعب الأحبار ، فجلسنا فحدثني عن الكتاب - يعني: عن التوراة - وحدثته عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما ذكرت له: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الجمعة ساعة ثم بين تلك الساعة وقللها، فقال: كعب الأحبار: إنها في السنة مرة. قال: فلقيت عبد الله بن سلام .. وكعب الأحبار من أحبار اليهود أسلم وحسن إسلامه في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، أما عبد الله بن سلام فهو صحابي أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له ما كان بيني وبين كعب الأحبار فقال: كذب -أي: في قوله: إنها في جمعة واحدة في السنة- إنها في كل جمعة، ثم قال عبد الله بن سلام : وإني لأعلم أين تلك الساعة، قال: أبو هريرة فقلت له: أخبرني بها ولا تضن عليّ قال: إنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، قال أبو هريرة : فقلت لـعبد الله بن سلام إنها ساعة لا يصلى فيها! أي: لنهي النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، وهذا استدلال صحيح، فقال عبد الله : صدقت! أو لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاة وبقي في مجلسه فهو في صلاة) قلت: بلى. قال: هو ذاك.
يقول ابن عبد البر في الجزء الثالث والعشرين من التمهيد: إن هذه المناظرة بين أبي هريرة وعبد الله بن سلام وما ذكر له تعطينا أصل المذاكرة بين العلماء والمفاهمة، والأخذ عن أهل التوراة إذا علم صدقهم وأمن الكذب فيهم.
ثم يقول عبد الله بن سلام : (لقد ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أنا نجد في الكتاب -يعني: في التوراة- أن في الجمعة ساعة لا يصادفها عبدٌ يصلي يدعو الله إلا أعطاه سؤله، فقال صلى الله عليه وسلم: أو بعض ساعة؟) قال عبد الله : نعم والله يا رسول الله أو بعض ساعة. ثم قال: أخبرني أي ساعة هي يا رسول الله؟ قال: (ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)، وهكذا يسوق مالك هذا الحديث.
ومما ساقه أيضاً أن أبا هريرة في عودته من الطور لقي غلام أبي بصير الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ قال: من الطور، قال: لو أني أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت. قال: ولماذا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد، النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى).
ومما ساقه مالك أيضاً في هذا السياق أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة)، أو: (إن يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس، فيه خلق آدم، وفيه أسجد إليه، وفيه أسكن الجنة، وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض، وفيه تيب عليه، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة في الأرض إلا وتصيخ بسمعها يوم الجمعة بعد صلاة الصبح إلى شروق الشمس شفقاً من قيام الساعة).
وذكر صاحب منتقى الأخبار -الذي شرحه الشوكاني في نيل الأوطار- رواية فيها: (إن السماء والأرض والملائكة والرياح لتشفق في ذلك اليوم من يوم الجمعة)، ويقول صاحب القبس: إن الله سبحانه وتعالى يخلق في البهائم فزعاً يوم الجمعة.
والذي يهمنا في هذه الساعة ما أشار إليه ابن حجر من اختلاف الناس في تعيين أوقاتها، وإذا كان اليوم اثنتي عشرة ساعة، فهي ساعة من هذا اليوم.
واختلفت الأقوال ابتداءً من أذان الفجر إلى طلوع الشمس، ومن طلوع الشمس إلى الضحى، ومن نهاية الساعة الثالثة من يوم الجمعة إلى زوال الشمس، ثم إلى أذان الجمعة، ثم إلى جلوس الإمام على المنبر حتى يفرغ من الخطبة، وحتى تنتهي الصلاة إلى ما بعد صلاة العصر، ثم إلى أن يكون ظل الشيء مثليه، ثم إلى أن تصفر الشمس، ثم إلى أن تضيف الشمس للمغيب.
وكل هذه الأوقات جاءت فيها الأخبار بأنها موضع تلك الساعة، حتى قال ابن حجر وابن عبد البر : اختلف الناس فيها هل هي باقية أم نسخت؟ ويردون قول من يقول: إنها رفعت وانتهت.
ثم يقولون: أهي جمعة في السنة، أم في كل جمعة؟ ويرجحون بأنها في كل يوم جمعة، ثم هل هي ثابتة في يوم الجمعة أو تتنقل فأحياناً قبل الصلاة وأحياناً بعدها، وأصح ما في ذلك حديث أبي موسى الأشعري -كما قال الشوكاني رحمه الله- وهو أنها بعد العصر.
و ابن عبد البر ساق في التمهيد ما يزيد على ستة أصول أو سبعة في أنها بعد العصر، ثم قال: إن المذاكرة بين أبي هريرة رضي الله عنه وبين عبد الله بن سلام في كلمة (قائم يصلي) لم يثبتها بعض العلماء، وأن اللفظ: (لا يوافقها عبد يسأل الله حاجة إلا أعطاه الله إياها)، ولم يذكر قيد (قائم يصلي) بل قال: إن بعض الشيوخ كان يأمر طلابه أن يحذف لفظ (قائم يصلي) من الحديث، ثم ساق النصوص التي تثبتها، وقال: إن الصحيح أنها ثابتة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قالها، فيصلي ويسأل الله حاجته.
ثم رجح ابن عبد البر أن معنى (قائم) أن عنايته واجتهاده من أجلها، كما تقول: قام فلان بالأمر حتى أتمه، وكما تقول: قمت بعمل واجتهدت فيه. أو: قمت بتأليف هذه الرسالة، أو: قمت بكتابة هذه المقالة، وليس الأمر بالقياس حتى يكون المراد الانتصاب الذي هو ضد الجلوس.
يقول ابن عبد البر : لولا سلامة التأويل الذي أورده عبد الله بن سلام على أبي هريرة ما سلم به أبو هريرة ؛ لأن أبا هريرة لم يجادله في ذلك، بل قبله وقنع به.
وعلى هذا فبعض العلماء يذهب إلى الترجيح، وبعضهم ويذهب إلى النسخ، والصحيح الترجيح.
وبعضهم يقول: الأنسب أن يكون الدعاء وقت الخطبة إلى أن تتم الصلاة، قالوا: وكيف يدعو في ذلك الوقت وهو يصغي إلى الإمام؟ فقالوا: إنها ساعة خفيفة، كما قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: (وأشار بيده صلى الله عليه وسلم يقللها)، فبعض الناس قالوا: لفظة (وأشار بيده يقللها) من الراوي، وبعضهم قال: إنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما قال له عبد الله بن سلام : إنها ساعة في الكتاب قال صلى الله عليه وسلم: (أو بعض ساعة) قال بلى يا رسول الله: أو بعض ساعة!
فقال بعض العلماء: وضع صلى الله عليه وسلم الأنملة على الوسطى أو الخنصر، يعني: كأنها قليلة، وبعضهم قال: قبض يديه وقلب هكذا، وهكذا أي: معنى التقليل، أي: ليست ساعة زمنية محددة بستين دقيقة كما هو المتعارف عليه.
قال بعض العلماء: لقد رأيت شاباً يعتكف في بيت المقدس يوم الجمعة من بعد صلاة الفجر إلى الضحى، والجمعة الثانية من الضحى إلى زوال الشمس إلى صلاة الجمعة، وفي الجمعة الثالثة من بعد الجمعة إلى العصر، وفي الجمعة الرابعة من بعد العصر إلى غروب الشمس، يتحرى تلك الساعة على اختلاف تلك الأقوال.
فقال له قائل: وما يدريك لعله يصادفها إذا كانت تتنقل؟! فقد تكون في اليوم الذي اعتكف فيه من الصبح إلى طلوع الشمس بعد العصر.
ويهمنا في هذا ما قاله ابن عبد البر رحمه الله: إن هذه الساعة لا شك في فضلها، فينبغي للإنسان إن يجتهد طيلة يوم الجمعة، وأن يبذل جهده ما استطاع، وخاصةً في الأوقات التي هي مظنة لها، وأكثر الأحاديث أو أصحها أنها فيما بين صعود الإمام أو جلوس الخطيب على المنبر إلى أن تنتهي الصلاة، وأحاديث ما بعد العصر.
وأما كيف يجمع بين قوله: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة)، وما جاء أن خير يوم هو يوم عرفة؛ فقد قالوا: إن الساعة التي في يوم الجمعة، وليلة القدر التي في شهر رمضان، ويوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم الحج الأكبر كل هذا لا معارضة ولا منافاة فيها.
فقالوا: إن يوم الجمعة هو أفضل الأيام بالنسبة لأيام الأسبوع، فهو أفضل من السبت والأحد والأربعاء والخميس، والساعة التي في يوم الجمعة أبهمت ليجتهد الناس، كما أن ليلة القدر أبهمت أولاً في كامل رمضان، ثم أبهمت في العشر الأواخر ليجتهد الناس، وقوله صلى الله عليه وسلم: (خير يومٍ طلعت عليه الشمس يوم عرفة) أي: بالنسبة لأيام السنة كاملة.
وعلى هذا فلا منافاة، فيوم الجمعة أفضل بالنسبة لأيام الأسبوع، ويوم عرفة بالنسبة لأيام العام كله، وكذلك العيد لفضيلته.
فتلك الأقوال بكاملها فيما يتعلق بتعيين تلك الساعة على اختلاف الروايات، فمنها الضعيف، ومنها الصحيح، ومنها الأصح.
وعلى هذا يرجح كثير من العلماء أنها فيما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الخطبة، أو إلى أن تنقضي الصلاة، وهذا أعم؛ لأنه يشمل انقضاء الخطبة، أو أنها بعد العصر.
وقالوا: إن كان آدم سبباً في هذا الخير فإن من أبناء آدم من جاءوا بالمعاصي ملء البحر والأرض، فقالوا: ساعة من ساعات من توحيد رب العالمين خير من ملء الأرض كلها من المعاصي.
ولذا جاءت الآية بأن الله سبحانه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وجاء: (يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة).
فمهما كان عند العبد من عصيان، أو ما يقع في الأرض من عصيان، فإن ما يوجد في الأرض من طاعة وعبادة وتوحيد خير من الدنيا وما فيها.
فوجود آدم في هذا اليوم سبب في هذا الخير الكثير، وبه عرف الله سبحانه وتعالى، كما جاء في الحديث القدسي: (خلقت خلقاً وبه عرفوني)، ويقولون: إن ثلاثة أشياء خلقها الله بيده، وبقية الكائنات قال لها: (كوني) فكانت، فقال للسماوات والأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا: أتينا طائعين, وقال للجبال: (كوني) فكانت، ولكن خلق آدم بيده، كما قال تعالى: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وأيضاً غرس جنة عدن بيده، وكتب الألواح لموسى بيده، فقالوا: هذه ثلاثة أشياء أوجدها بيده، فشرفت لذلك.
ولا يقال: كيف خلق آدم بيده؟ وكيف غرس الجنة بيده؟ وكيف كتب الألواح لموسى بيده؟ فالكيف لا يرد على الله سبحانه أبداً في أي شيء كان، قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
ثم بعد ذلك شرف آدم بأن أسجد الله الملائكة له، وهل سجدوا له ابتداءً أو سجدوا له بعد أن أظهر الله شرفه؟
بعد أن أظهر الله شرفه بتعليمه، كما قال تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا [البقرة:31-32]، فلما أنبأهم كانت النتيجة أن أسجد الله الملائكة له تكريماً، وليست عبادة كما يظن الجهلة، بل تكريماً له على العلم.
وقد وجدنا في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية أن العلم يكرم أهله، وبالتأمل نجد أن العلم يكرم المتعلم، ولو كان حيواناً ولو كان طائراً، فالهدهد لما غاب عن نبي الله سليمان، وتفقد الطير فقال -كما حكى الله تعالى عنه-: مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل:20] قال الهدهد: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل:22] فكأنه ألغى العلم بالوحي، وكل ما يأتيه، والجن يعملون بين يديه، وقال: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22]، وذكر له أمر بلقيس وشأنها بعد ما قال نبي الله: لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [النمل:21].
فلما جاء بهذا السلطان، وتوسم فيه نبي الله الصدق قال: (سننظر) فتراجع عن تنفيذ الحكم، أو أوقف التنفيذ، وهذه الحكمة والسنة تجب على العالم الإسلامي، خاصة طالب العلم، فإذا جاءه أمر مستغرب لم يقف على حقيقته لم يبادر في الإنكار، ولا يسارع بالقبول، بل يقول كما قال نبي الله سليمان، مع أن لديه وسائل الاكتشاف والاطلاع، فالريح غدوها شهر ورواحها شهر، ومع ذلك قال: (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين)، وقدم الصدق لأنه وجد مخايل الصدق في تأكيد الهدهد على خبره، فقال: اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا [النمل:28].
فهذا طائر لم يتعلم، ولم يدرس أصول الفقه ليستنتج، وهو في طيرانه اكتشف ما كانت تعبده بلقيس ، فرجع يخبر عنها، فما أعمل المقاييس ولا أعمل الأجهزة، ولا استنتج النتائج، فجاء ونجا من الذبح ومن القتل، وبعد أن كان في تلك الحالة أصبح كبيراً مفوضاً من نبي الله سليمان إلى الملكة، وجاء بها مسلمة.
وما أكل السبع فهو ميتة إلا ما أدركته وذكيته، بينما الكلب يمسك عليك، وتأكل مما أمسك إذا أطلقته وسميت اسم الله عليه، كما إذا رميت بالسهم وسميت اسم الله عليه، ولو أن الكلب كان غير معلم فهو سبع، لكن إذا أصبح معلماً فإذا أرسلته انطلق وإذا دعوته أجابك، ولا يأكل لنفسه، حلَّ صيده وما يمسكه عليك فهو لك حلال تأكله، وما أصابه الأسد -وهو سيد الوحوش كما يقولون- فإنه ميتة، إلا أن تذكيه أنت فيحل بتذكيتك إياه.
وهكذا العلماء، فهم كما قال صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء.
فلما علم الله آدم الأسماء، وعرضهم على الملائكة فلم يعلموها اعتذروا إلى الله -ولهم الحق- فقالوا: لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا [البقرة:32]، وهذا منهج لطالب العلم، فإذا سئل عما لا يعلم قال: لا علم لي، وقد أحسن من انتهى إلى ما قد سمع، ولا يقتحم أبواب النار، وقد قيل: اشد الناس اقتحاماً للنار أجرؤهم على الفتوى؛ لأنه قد ينطق بغير علم، ولا ينبغي للإنسان أن يفرح بسؤال يرد عليه ويفرح بالإجابة، إلا إذا كان موقناً كإيقانه بوجود الشمس.
وكانت الفتوى تأتي إلى علماء المدينة السبعة ويتدافعونها كلٌ يحيل على الآخر حتى ترجع إلى الأول، كل ذلك فراراً وخشية من الإفتاء بغير علم.
فشرف يوم الجمعة بخلق آدم، وتشرف آدم بالعلم، ثم أسكنه الله الجنة، قال تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة:35]، والجنة كانت كلها مباحة له غير هذه الشجرة، وتلك حكمة الله، وكما يقول بعض المحققين: الله خلق آدم ليعمر الأرض، كما هو الواقع، فإذا قال له: ادخل الجنة فإنه سيأتي وقت يدعى فيه للنزول إلى الأرض وهذا لا يكون من طبع الكرماء، فلو كان عندك ضيف وأنت كريم، ومكث عندك فإنك تستحيي أن تخرجه دون أن يخرج، لكن جعل الله سبحانه وتعالى تلك الشجرة حتى يشعر آدم بذنبه، فإذا قيل له: اهبط إلى الأرض عرف لماذا أهبط، فلا يكون بخلاً من المولى عليه، ولا يكون تقتيراً عليه، ولا يكون إخراجاً بغير سبب، على أن هذه أمور لا ينبغي الخوض فيها.
فنزل إلى الأرض يوم الجمعة، واستغفر ربه، وسأل الله التوبة والمغفرة وأناب، فاجتباه ربه فهداه، كما قال تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ [البقرة:37]، فتيب عليه يوم الجمعة، ونحن أيضاً في حاجة إلى عرض التوبة وإلى تكرارها، وقد ندب صلى الله عليه وسلم إلى كثرة الصلاة والتسليم عليه صلوات الله وسلامه عليه، وإلى الاستغفار وكثرة العبادة، حتى قيل: إن الصدقة تضاعف في يوم الجمعة.
وفي الحديث الذي في الموطأ: (وما من دابة على وجه الأرض ... إلخ). عموم الدواب، فما من دابة إلا وتدخل في هذا العموم أياً كانت، حتى الطير الذي يطير بجناحيه ويدب على وجه الأرض.
ومعنى: [تصيخ] بالخاء أي: تصغي سمعها يوم الجمعة.
والإنسان والجان لا يصيخون، فالحيوانات تدرك يوم الجمعة وتميزه عن الخميس والسبت وتصيخ بسمعها، قال ابن عبد البر : إن الله يخلق لها ما يروعها أو يفزعها. وهذا شي لا ندخل فيه، فالله أعلم بأي كيفية تصيخ؛ لأن لله تعالى سره في خلقه، فجميع الكائنات تعرف ربها، وجميع الكائنات تسبح لله، قال تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء:44]، فهذا الحال فوق طاقتكم، وفوق عقولكم، ومرجعه إلى الله سبحانه وتعالى.
ومن هنا ينبغي على العاقل أن يجعل له من يوم الجمعة -كما يقال- نصيباً يجتهد فيه، فعنده ستة أيام يعمل فيها لدنياه، وعنده يوم الجمعة الوحيد، وقد يعمل فيه إلى أن ينادى للصلاة، فليكن سعيه يوم الجمعة باستغراق وتفرغ، ويبكر قبل ذلك ما شاء الله له، كما في الحديث الآخر: (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ....) إلخ، ويجعل يوم الجمعة للأمور الآتية:
أولاً: يستريح فيه من عمل الدنيا.
ثانياً: يروح على نفسه من هذا العناء.
ثالثاً: يتذوق فيه العبادة والذكر والدعاء، وقد حث صلى الله عليه وسلم على كثرة السلام عليه.
كما يجعله لقراءة القرآن والتسبيح والاستغفار، وكل ذلك مما يتهيأ به الإنسان ويتزود.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وبالله التوفيق.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر