إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (830)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب).

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: مع بداية هذه الحلقة نعود إلى رسالة المستمعة (ن. ب) من جدة، أختنا عرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت، وبقي لها في هذه الحلقة عدد من الأسئلة، في أحدها تقول: إنني ولله الحمد أقوم الليل، إلا أنني أوتر بعد أداء سنة العشاء؛ وذلك خوفاً من أن يقبض الله روحي قبل أدائها؛ وخوفاً من أن يغلبني النوم فلا أستطيع أداءها، فبماذا تنصحونني وهل ما أنا عليه صحيح؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقيام الليل من أفضل القربات، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار، ومن صفات المتقين، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:15-18]، وقال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64].

    فأنت على خير، فنوصيك بالثبات وسؤال الله القبول، وعليك بالاستقامة، ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل، ما دمت تقومين آخر الليل فاجعلي الوتر آخر الليل، وأحسني الظن بالله، أحسني الظن بالله وأبشري بالخير، ما دمت قد اعتدت هذا الخير وتقومي آخر الليل؛ فاجعلي وترك آخر الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل).

    بين صلى الله عليه وسلم أن صلاة آخر الليل مشهودة، وأنها أفضل من أول الليل، وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي وقد اعتدت القيام؛ فأخري الوتر في آخر الليل.

    وإذا غلبك نوم؛ صليتي من النهار ما يقابل ذلك شفعاً دون وتر، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، كان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم غالباً إحدى عشر ركعة، فإذا شغله نوم أو مرض زاد واحدة صلى ثنتي عشرة ركعة، هكذا روت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم .

    والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله سبحانه وتعالى، فعليك بحسن الظن بالله والاجتهاد في الخير، وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)، وهذا الحديث العظيم متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على فضل آخر الليل، وأن العبادة فيه لها شأن عظيم، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة، وهكذا توبته واستغفاره.

    وهذا النزول نزول يليق بجلال الله جل وعلا لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى، فهو في نزوله كسائر صفاته كالاستواء والكلام والغضب والرضا وغير ذلك، كلها صفات تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكما قال السلف في الاستواء: أنه على الوجه اللائق بالله، فهكذا النزول وهكذا بقية الصفات، يقول جل وعلا: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، سئل مالك رحمه الله الإمام المشهور إمام دار الهجرة في زمانه مالك بن أنس ، قيل له: يا أبا عبد الله : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب، وهكذا روي عن أم سلمة أم المؤمنين وعن ربيعة شيخ مالك أنهم قالوا هذا المعنى: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، وهكذا النزول معروف والكيف مجهول، ينزل: كما يشاء سبحانه وتعالى، نزولاً يليق بجلاله لا يشابه خلقه في صفاته سبحانه وتعالى، وهكذا يتكلم إذا شاء كلاماً يليق بجلاله، ويغضب إذا شاء على أهل معصيته والكفر به غضباً يليق بجلاله، لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا رضاه، وهكذا سائر الصفات سبحانه وتعالى كلها يجب أن تمر كما جاءت مع الإيمان بها، واعتقاد أنها حق، وأنها تليق بالله لا يشابه فيها خلقه، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088956798

    عدد مرات الحفظ

    780148289