أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في هذا اللقاء.
أيها الإخوة! رسائلكم نعرضها على سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====السؤال: سماحة الشيخ! في أول هذه الرسائل رسالة وردت يقول فيها صاحبها: أقرضت شخصاً عشرة آلاف ريال، وحال عليها الحول عنده وأخرج هو زكاتها برضا منه ومن جيبه الخاص، من غير شرط بيني وبينه، وأخبرني بذلك ورضيته، فهل تبرئ ذمتي بهذا الإخراج؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإخراج الزكاة عبادة وقربة تحتاج إلى نية من المخرج، فإذا أخرج الإنسان عن آخر زكاة ماله، سواء كان ذلك المال قرضاً أو أمانة أو غير ذلك، فإن في صحة الإخراج خلافاً بين العلماء مبنياً على تصرف الفضولي؛ وهو تصرف الإنسان في مال غيره بغير إذنه، فمن أهل العلم من قال: إن ذلك يجزئ إذا أجازه المالك والمسئول، ومنهم من قال: لا يجزئ، بل لابد من نية مصاحبة للإخراج في مثل هذا، فالأظهر عند جمع من أهل العلم أنه لا يجزئ؛ لأنه أخرجه من دون أن يشاور صاحب الزكاة ومن دون أن يأخذ إذنه في ذلك، بل أخرجه تبرعاً من دون إذن، فالأحوط لهذا المخرج عنه أن يزكي وأن لا يكتفي بهذه الزكاة، وإن اكتفى بها أجزأت عند جمع من أهل العلم؛ لأنه أجازها.
المقدم: وهو هنا يقول: وأخرج الزكاة برضا مني، هذا يعني: برضا منه هو من المخرج؛ ولكنه رضي فيما بعد.
الشيخ: كأنه رضاً جديد وإذن جديد.
أما ذاك فقد أخرج مالاً من دون استئذان، كأنه قد رأى أنه يمن عليه في هذا الشيء، وأن هذا إحسان سوف يوافق عليه، فلهذا لم يستأذنه، أو لعله خاف أن يمنعه من ذلك، وهو يحب أن يجازيه على إقراضه بالإحسان؛ لأن النبي عليه السلام قال: (إن خيار الناس أحسنهم قضاء)، فالحاصل: أن الإجزاء قال به جمع من أهل العلم بالإمضاء والإجازة.
والقول الثاني: أنه لا يجزئ؛ لأن النية لم تصاحبه في ذاك الوقت، حين أخرج ليس عنده نية، يعني: ليس عنده إذن سابق بنى عليه حتى يكون وكيله.
الجواب: الأرجح أنه لا يقوم، بل تيمم، يعني: ييممها وليها، فابنها ييممها، ويضرب التراب بيديه ويمس بهما وجهها وكفيها بنية غسل الموت ويكفي؛ لأن المرأة لا يغسلها إلا أحد شخصين، إما امرأة، وإما الزوج أو السيد الذي تباح له، أما في هذه الحال أن يحضرها سوى ابنها أو أخيها أو عمها أو أجنبي فإنها تيمم على الراجح، يعني: يضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بنية تغسيلها عن الموت.
المقدم: التيمم هنا يشابه التيمم للصلاة؟
الشيخ: مثل الصلاة، سواء سواء.
المقدم: لا يمسح مثلاً على بقية جسمها.
الشيخ: ييمم وجهها وكفيها مثل الصلاة، مثل الذي عليه جنابة ولا عنده ماء.
الجواب: لا، إذا طلق الرجل امرأة حرمت على جميع ذريته؛ من أولاده وأولاد بنيه وأولاد بناته؛ لأنها زوجة أبيهم وإن لم يدخل بها؛ لأن الله ما علق التحريم بالدخول، قال سبحانه: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] فحرم نكاح زوجات الآباء مطلقاً، والأب يدخل فيه أبوه القريب وجده وأبو أمه وآباء أمه كلهم، كل آبائه، من جهة الأم ومن جهة الأب، زوجاتهم محرمة عليه وهو محرم لهم في الآية الكريمة وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22] هذا يعم المدخول بها وغير المدخول بها، وهذا محل إجماع عند أهل العلم ليس فيه خلاف.
وهكذا العكس، حلائل الأبناء يحرمن على الآباء مطلقاً، ولو لم يدخل بها الابن، إذا تزوج رجل امرأة ثم مات عنها قبل الدخول بها أو طلقها قبل الدخول بها حرمت على آبائه وأجداده كلهم؛ لأن الله قال: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] ولم يقل: اللاتي دخلتم بهن.
الجواب: يجوز للإنسان أن يقبل محارمه؛ مثل أخته وعمته وخالته، لا حرج في ذلك، قد ثبت أن الصديق رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة وقد كانت تعاك، أصابها بعض الحمى فقبلها مع خدها، فالتقبيل جائز لكن لا يكون مع الفم، الأولى أن لا يكون مع الفم، الفم يكون للزوجة أو السرية، أما تقبيل المحارم فالأولى والأحوط أن يكون مع الخد مع الأنف مع الرأس، هذا هو الأولى؛ لأنه أبعد عن الفتنة والشهوة.
الجواب: أولاً: استقدام غير المسلمين للعمل غير مناسب ولا ينبغي استقدامهم، بل ينبغي عدم استقدام غير المسلمين؛ لأن استقدام غير المسلمين قد يضر الإنسان في نفسه وفي عقيدته وفي أخلاقه، قد يضر ذريته وأهل بيته، ولاسيما الخادمات والمربيات فإن ضررهن عظيم.
فالواجب ألا يستقدم للعمل أو للتربية في البيت والعمل في البيت إلا المسلمات فقط، وهكذا الرجال، لا يستقدم إلا المسلمين لا غير المسلمين؛ لأنهم يضرون كثيراً، ولأنهم على عقيدة وعلى أخلاق غير عقيدة المسلم وأخلاقه.
فالواجب تجنب استقدامهم حذراً من شر التأسي بهم والاختلاط بهم، أيضاً هذه الجزيرة العربية لا يجوز أن يبقى فيها إلا دين واحد، لا يبقى فيها دينان، وهؤلاء الخدام والعمال قد يمكثون فيها مدة طويلة بسبب العمل أو الرغبة في عملهم، فلا يجوز استقدام غير المسلمين لهذه الجزيرة العربية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) وفي لفظ آخر قال: (أخرجوا المشركين) وأوصى بهذا عند موته عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز للمسلم أن يستقدم لهذه الجزيرة إلا المسلمين والمسلمات، أما غيرهم فلا.
وقد بحث هذا مع الدولة وفقها الله، وقررت أن هذا سوف ينفذ إن شاء الله في عدم استقدام غير المسلمين إلا ما تدعو له الضرورة من طبيب، أو مهندس تدعو له الضرورة؛ لأن الدولة قدوة للناس، فلهذا بحث أهل العلم مع الدولة وفقها الله في هذا الشيء، وقررت أن هذا الشيء إن شاء الله سوف ينتهى منه ولا يستقدم إلا من تدعو له الضرورة، فالرعية من باب أولى أن لا تستقدم إلا المسلم والمسلمة فقط، وليس لها أن تستقدم غير المسلمين أبداً؛ لعظم الضرر في ذلك، ولأن هذه الجزيرة مثلما سمعت سابقاً لا ينبغي أن يستقدم لها إلا المسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج أهل الشرك منها، واليهود والنصارى، وأن لا يبقى فيها إلا دين واحد؛ لأنها مهد الإسلام؛ ولأن المسلمين يعلقون بها بعد الله آمالهم، ويقتدون بها، فإذا استقدمت غير المسلمين صارت مفتاحاً للغير في استقدام غير المسلم وفي الأنس به وفي الاختلاط به، وهذا يضر الجميع جداً.
المقدم: لكنه في نفسه حرج من إطعامهم في شهر رمضان، ويريد أن يعرف هل هو آثم أو..؟
الشيخ: أما تقديم الطعام لهم فلا يجوز، إذا كانوا غير مسلمين وأرادوا تقديم الطعام لهم في رمضان فلا، لا يعينهم على هذا الشيء، وإن كانوا كفاراً لو صاموا ما صح منهم الصوم لكنهم مخاطبون بفروع الشريعة، فإذا كانوا مخاطبين لم يجز أن يعانوا على ما يخالف الشريعة، بل ينصحون ويوجهون لعلهم يسلمون، يدعون إلى الإسلام، ويوجهون إلى الخير، لعلهم يسلمون فيحصل له مثل أجورهم (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أبوا فهم الذين يصنعون لأنفسهم، يصنعون طعامهم لأنفسهم، وهم الذين يقومون بحاجاتهم في هذا الباب، لعلهم يتأثرون بهذا الشيء فيسلمون، وإلا فتلغى عقودهم، ويأتي الله بأفضل منهم، يعني: لا يتساهل معهم، حتى ولو صمموا على ترك العمل فالحمد لله، يتركون العمل ويأتي الله بخير منهم، ولا ينبغي أبداً أن يساعدهم على هذا الشيء، أي: لا ينبغي أن يساعدهم على الأكل والشرب في رمضان، سواء كانوا كفاراً أو فساقاً، من فساق المسلمين الذين لا يصومون، فلا يساعد على ما حرم الله، لا كافراً ولا فاسقاً، لا يساعدهم.
الجواب: إذا كان على إنسان لآخر فرانسة أو فضة من عملة أخرى، فلا مانع أن يسدد ذلك ويقضي ذلك من العملة الورقية؛ لأن العملة الورقية جنس مستقل وذاك جنس مستقل، هذه من الورق وذاك من الفضة فلا منافاة، لكن يكون يداً بيد، يعطيه حاجته بسعر السوق يداً بيد عن الفرانسة وعن الدرهم الفضي، يعني: ينظر في قيمتها في الأسواق فيعطيه ما يقابل ذلك، يداً بيد، لا تأجيلاً بل يداً بيد، وإن أعطاه شيئاً آخر من باب الحيطة ومن باب الخروج من خلاف من لا يرى ذلك، مثل أن يعطيه عن ذلك سكراً أو قهوة أو هيلاً أو أواني أو شبه ذلك، هذا حسن، بالسعر؛ لكن الأرجح عندنا والأظهر أنه لا حرج في أن يعوضه عن ذلك من العملة الورقية بالسعر حسب السوق.
الجواب: أولاً: الواجب أن يتولى النكاح الأقرب فالأقرب، هذا هو الأرجح من أقوال العلماء، يتولاه الأقرب فالأقرب، فالأقرب: الأب، ثم يليه الجد، ثم الأبناء، ثم الإخوة الأشقاء، ثم الإخوة لأب، ثم من دونهم، كابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، كالمواريث، هذا هو الأرجح؛ لأن هذه قرابة يترتب عليها حنو على المرأة وحرصاً على ما ينفعها، فكان الأقرب فالأقرب أولى؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) كل ما كان الولي أقرب صار أكثر عناية بها وحرصاً على مصلحتها، فلا ينبغي لها ولا لغيرها أن يعمل خلاف ذلك، أن تكتب الوكالة باسم الأبعد ويترك الأقرب، مثل هذه التي كتبت الولاية لأخيها وموجود لها أبناء، والأبناء مقدمون على الإخوة على الراجح.
ولكن إذا تم العقد بذلك فينبغي فسخه، ينبغي أن يجدد العقد بالولي الأقرب حتى يخرج من خلاف العلماء، وبعض أهل العلم يرى أن جميع الأقارب العصبة يكفون، سواء كان أخاً أو ابناً أو عماً، ولكن الأولى والذي ينبغي هو تقديم الأقرب فالأقرب، فالذي عقد لها أخوها لأبيها مع وجود أبنائها ينبغي أن يجدد عقدها بنفس ابنها أو وكيل ابنها، إلا إذا كان ابنها قد وافق على توكيل الأخ لأب فلا بأس، إذا وافق الأقرب على توكيل الأبعد فلا حرج، إذا قال الأقرب: نوكل الأبعد، فإن وكل ابنها أخاها فلا بأس، أما إذا كان بغير إذنهم وبغير موافقتهم فلا، لابد أن يكون الأقرب هو الذي يتولى عقد النكاح، وإذا تم العقد بولاية غير الأقرب فينبغي أن يجدد بولاية الأقرب خروجاً من خلاف العلماء واحتياطاً للفروج؛ لأن الفروج أمرها عظيم، الفروج لها شأن، فينبغي أن يحتاط لها في كل شيء، ومن ذلك: أن يكون العقد من الأقرب لا من الأبعد، إذا تولاه الأبعد ينبغي أن يجدد من الأقرب حتى تكون المرأة حلاً للزوج ليس فيه شبهة.
المقدم: أيها السادة! إلى هنا ونأتي على نهاية هذا اللقاء الذي عرضنا فيه أسئلتكم على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد عرضنا أسئلة كلاً من الإخوة (ع. ت. س)، والأخ محمد عقلان من الرياض، والأخ عبده علي من الخبر.
نشكر سماحة الشيخ، وإلى أن نلتقي بكم إن شاء الله تعالى نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر