أما بعد:
فإن هذا هو اللقاء الحادي والعشرون من اللقاءات الشهرية التي ينظمها مكتب الدعوة في عنيزة في الجامع الكبير، وقد رأينا -ولله الحمد- ولمسنا من كثير من الناس ما لهذا اللقاء من الفائدة، لو لم يكن فيه إلا أن الحاضرين يُلقون من الأسئلة ما يحتاجون إلى بيانها، وقد يكون الجواب على السؤال يحتاج إلى لقاء كامل؛ لأنه سؤال يحتاج إلى التفصيل في جوابه، وهذا ما نعد به إن شاء الله تعالى، أننا عند السؤال الذي يحتاج إلى تفصيل وجواب وبسط سوف نتخذ ذلك بعون الله.
موضوع اللقاء الذي نفتتح فيه لقاءنا هذا هو ما يتعلق بالنكاح والطلاق وما إلى ذلك، وسبق لنا في لقاء سابق الحث على تقليل المهور، وبينا أن ذلك هو السنة، وأنه سبب للبركة، وأنه سبب لقطع النزاع، وأنه سبب لكون الزوج إن رضي عن زوجته أمسكها بمعروف، وإن فارقها فارقها بإحسان.
أما الآن فإننا نتكلم عن حقوق الزوجين بعضهما مع بعض، وقد أشار الله إليه في القرآن إجمالاً، فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19] وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]أي: لهن على الرجال مثل الذي عليهن للرجال بالمعروف والعدل والاستقامة.
وهذا الذي ذكره الله عز وجل يجب على الإنسان أن يعتني به، وأن يقوم به، وألا يفرط فيه؛ لأنه توجيه من لدن حكيم خبير، ولأنه سبب للألفة ودوام للسعادة، لأن كل واحد من الزوجين يعامل الآخر بما يحب أن يعامله به، وما أكثر ما يحصل من النزاع بين الزوجين إذا ساءت العشرة، حتى إن بعض الناس يُضطر إلى أن يطلق أم أولاده من أجل كلمة واحدة نابية أو فعلٍ لا يرضاه، فيكون بمنزلة المرأة التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) وأخبر أيضاً: (أن النساء يكثرن اللعن ويكفرن العشير -أي: الزوج- إذا أحسنت إلى إحداهن مدى الدهر ثم رأت سيئة واحدة، قالت: ما رأيت خيراً قط) أصبح الآن بالعكس، صار الرجال بعضهم بمنزلة النساء، إذا حصل من زوجته ما يغضبه مرة واحدة كسرها وطلقها، ثم يُندِّمه الشيطان ويأتي إلى أبواب العلماء يسأل: هل له من رجعة؟ بعد أن وقع في فخ الشيطان يأتي ويقول: هل له من رجعة؟ ولو أن الإنسان قارن بين السيئات والحسنات في الزوجة التي جعلها الله عز وجل ليسكن الإنسان إليها، وجعل بين الزوجين مودة ورحمة، لو قارن بين السيئات والحسنات، لوجد أن الحسنات أضعاف أضعاف في غالب النساء بل في أكثر النساء، فالواجب المعاشرة بالمعروف.
ثم إذا خاف الزوج نشوز امرأته وعدم قيامها بالواجب، فقد أرشد الله سبحانه وتعالى إلى ثلاثة طرق، قال: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ [النساء:34]أي: ذكروهن وخوفوهن بالله، وبينوا لهن حق الزوج، فإن استقمن فذلك المطلوب، وإلا: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34] أي: ليلة لا يبيت عندها في الفراش، يذهب يميناً وشمالاً أو في غرفة أخرى لعلها تتأدب؛ لأن هجرها في الفراش قد يكون أشد عليها من كل شيء، فإن حصل المطلوب فهذا هو المطلوب، وإلا: وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34] لكن اضربوهن ضرباً غير مبرح، ضرباً يحصل به الأدب ولا يحصل به الألم والأذى فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً [النساء:34] أي: لا تطلبوا سبيلاً مرة أخرى فتذكروا المرأة: فعلت كذا، فعلت كذا، فعلت كذا، لا؛ إذا أطعنكم وعادت المياه إلى مجاريها، ولا يجوز للإنسان أن يذكر شيئاً مما مضى؛ لأن ذكر شيء مما مضى يجدد العداوة والبغضاء، ولهذا قال: فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34] اذكروا علو الله عليكم، واذكروا كبرياءه عليكم، لا تتكبروا ولا تعلوا على هؤلاء النساء المسكينات؛ لأن الله تعالى فوقكم.
ثم إن من الواجب للزوجة على زوجها: الإنفاق بالمعروف .. كسوة .. مسكن .. طعام .. شراب، يجب عليه أن ينفق عليها بالمعروف، وهذه النفقة يجب أن يبذلها بطيب نفس، وبدون منة، وبدون تكره لبذلها؛ لأنه حق واجب عليه، ومع هذا يؤجر ويثاب عليه، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها -أي: جاءك أجر- حتى ما تجعله في فم امرأتك). إذاً .. هو يؤدي واجباً عن نفسه، ويصلح ما بينه وبين أهله، ويثاب على ذلك، وقوله: (حتى ما تجعله في فم امرأتك) أي: حتى اللقمة الواحدة تجعلها في فم امرأتك تثاب على هذا، مع أن الإنفاق واجب، ومع ذلك لك فيه أجر.
فإن كان الزوج شحيحاً لا يعطيها ما يكفيها بالمعروف، وهي قائمة بواجبه، فلها أن تأخذ من ماله بغير علمه، لكن بالمعروف، أفتى بذلك إمام المفتين محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن هند بنت عتبة جاءت تشكو إليه زوجها أبا سفيان، وقالت: إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، قال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فأذن لها، سواء بعلمه أو بغير علمه؛ لأن هذا حق واجب لها. لكن لو فرض أنها نشزت فحينئذٍ له أن يمنع ما يمنع من النفقة تأديباً لها.
أولاً: اصبر إِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19] قال بعض السلف: ربما يرزق منها ولداً صالح. وربما تنقلب الكراهة إلى محبة؛ لأن القلوب بيد الله، وكم من إنسان يبغض شخصاً بغضاً شديداً ثم ينقلب البغض إلى محبة، أو بالعكس، أرأيتم عمرو بن العاص رضي الله عنه قبل أن يسلم كان يبغض النبي صلى الله عليه وسلم بغضاً شديداً، حتى كان يود أن لو تمكن منه ليقتله، ولما أسلم كان لا يستطيع أن يرفع طرفه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إجلالاً وتعظيماً له، من شدة احترامه إياه ومحبته له.
إذاً: اصبر يا أخي! اصبر على الزوجة لا سيما إن كانت أم أولاد، فقد قيل:
إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها |
حينئذٍ طلق، لكن طلق على الوجه المشروع:
أولاً: لا تطلقها إلا وهي حامل أو طاهر طهراً لم تجامعها فيه، لقوله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ [الطلاق:1] ثم قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1] إذاً .. لو أن الإنسان جامع زوجته بعد الحيض، ثم جاء يسأل: هل أطلقها الآن أم ماذا؟
نقول: لا تطلقها إلا أن يتبين حملها فطلقها؛ لأنها حامل، أو تحيض بعد هذا الطهر ثم تطهر فطلقها. كثير من الناس -هدانا الله وإياهم- من حين يغضب على الزوجة يبت الطلاق، حتى لو كان لم يغتسل من الجنابة يطلقها، وهذا لا يجوز إلا إذا كانت حاملاً، الحامل لو طلقها الإنسان من حين الجماع فلا حرج عليه، لكن غير الحامل لا يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه، ولا أن يطلقها وهي حائض.
وفي الصحيحين : أن عبد الله بن عمر طلق زوجته وهي حائض، فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتغيض فيه -أي: أصابه الغضب، لماذا يطلقها لغير العدة- ثم قال لـعمر : (مره -أي: مر
أما كونه لا يطلقها في الحيض، فلأنه إذا طلقها في الحيض لم تحسب تلك الحيضة، فيكون في هذا تطويل في العدة على المرأة، ولأنه إذا طلقها وهي حائض فإنه سوف يطلقها وهو بعيد من جماعها، وإذا كان بعيداً من جماعها فإنه ربما لا يقع في قلبه محبة لها، لهذا نهي الإنسان أن يطلقها وهي حائض.
أما في طهر جامعها فيه فوجه النهي: أنه إذا جامعها في الطهر فيمكن أن تحمل من هذا الجماع فتكون عدتها عدة حامل، ويمكن ألا تحمل فتكون عدتها عدة من تحيض، فإذا كان لم يجامعها فقد علمنا أن عدتها عدة من تحيض.
ألم تعلموا أن الإمام أحمد والشافعي ومالكاً وأبا حنيفة وعامة الأمة يقولون: إن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة أو بكلمات يكون بائناً لا تحل به المرأة. المسألة ليست هينة، الآن الذين يفتون بأن طلاق الثلاث واحدة قلة جداً في علماء الأمة، أكثر الأمة يرون: أنه لا رجعة لمن طلقها ثلاثاً بكلمة واحدة أو بكلمات متعاقبات، أكثر الأمة على هذا، وألفوا في ذلك التآليف، لكن أقول ذلك لا لأني أرى أن طلاق الثلاث ثلاث، ولكن لأحذر إخواني، وأبين لهم أن الأمر ليس بالهين، لا يتهاونوا لما كان يفتى بأن الثلاث واحدة، أكثر الأمة على أن الثلاث ثلاث، وأن المرأة تبين بذلك، وأنها لا تحل لزوجها إلا بعد زوج.
إن ذبحنا الذبيحة طلقت امرأة الضيف، وإن لم نذبح طلقت امرأة صاحب البيت، فماذا نصنع؟ أكثر العلماء وأكثر الأمة على أن هذا طلاقاً، تطلق المرأة، فأنا أقول هذا لأجل ألا نتهاون بالطلاق؛ لأن أمره عظيم، وليس بالأمر السهل، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229].
ونقتصر على ما قلنا في حول هذا الموضوع لنتفرغ إلى قراءة الأسئلة، ونسأل الله أن يلهمنا الجواب الذي يكون صواباً.
الجواب: هذه المساجد لها ناظر منصوب من قبل الدولة، وهم مدراء الأوقاف، فالمرجع في ذلك إلى مدراء الأوقاف، إذا قرروا أن هذا المسجد لا بد أن يهدم فليهدم، وأجر صاحبه الذي أوقفه أولاً على الله عز وجل، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [النساء:100] فهذا الذي بناه الأول بناه على أنه سيبقى، فله ما نوى، وأما أن نحصر الناس في هذا المسجد الذي لا يصلح أن يكون مسجداً؛ لأنه وقَّفه فلان فهذا ليس بوارد، وللجماعة أن يهدموه وأن يبنوه على الوجه الذي يريح الناس، وأن يوسعوه، ولكن لا بد من أخذ إذن الأوقاف في ذلك، أو إذن القائمين على المساجد في هذا.
الجواب: هذا لا يمكن أن نذكره الآن على سبيل التفصيل؛ لأنه يطول بنا الوقت، لكن ذكره الله تعالى في كلمة: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] فما جرى به العرف فإنه واجب، وما خرج عن العرف فليس بواجب إلا بشرط، ولهذا تجد الناس تختلف أعرافهم في هذا، مثلاً: في هذه البلاد الزوجة تقوم بكل شئون البيت، من طبخ وتنظيف وغسيل .. وغير ذلك، وفي بعض الأماكن لا تقوم الزوجة بمثل هذا، فالمرجع في هذا إلى العرف؛ لأن الله قال: بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228].
الجواب: أرى أن تنصح الوالدين وتخوفهما بالله عز وجل، فإن حصلت الاستقامة فهذا هو المطلوب، وإن لم تحصل الاستقامة فأنت في حل إذا كنت قادراً أن تخرج في بيت وحدك، حتى لا ينشأ الأولاد على ما ينشئون عليه من المفاسد التي توجد في محطات التلفاز.
الجواب: النصيحة لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل في هؤلاء العمال الذين فارقوا أوطانهم وأهليهم وجاءوا إلى هذه البلاد لينتفعوا وينفعوا، فهم نافعون للبلد وهم منتفعون أيضاً، ثم ليعلم أنه قد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله تعالى قال: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر -أي: عاهد بالله ثم غدر- ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره) فما ظنك إذا كنت يوم القيامة خصماً لله؟!!
ثم إن هذا الأجير إنما جاء ليعمل، وإذا ماطلته في حقه ربما لا يصلح العمل، ولا ينصح فيه، ويأخذ عنك وعن البلاد -عموماً- سمعة سيئة، وهذا جناية على نفسك وعلى غيرك، ثم إن المماطلة هل تعني أن يسقط الحق؟ لا. الحق لابد باق، وإذا قُدِّر أن العامل لم يستوفه في الدنيا، فإنه سوف يستوفيه يوم القيامة من صالح العمل.
ثم إنك لا تدري فلعلك يوماً من الأيام تكون أنت العامل في بلاد هذا العامل، بمعنى: أن الحاجة تضطرك إلى أن تذهب إلى البلاد لتكون عاملاً تحصل اللقمة كما هو معروف في بلادنا هذه، أولاً كان أهل البلاد يرحلون إلى الشام وإلى العراق وإلى مصر من أجل أن ينالوا لقمة العيش.
فنصيحتي لهؤلاء: أن يتقوا الله عز وجل فيمن ولاهم الله عليهم، وأن يوفوا لهم بالعهد على الوجه الأكمل بقدر المستطاع.
كما أني -أيضاً- أنصح العمال: أن يتقوا الله عز وجل وأن يخلصوا وينصحوا في العمل، حتى يكونوا أدوا ما عليهم كما لهم الحق فيما لهم.
الجواب: الواجب أن يصوم أربعة أشهر؛ لأن كل نفس لها كفارة مستقلة، لكن له أن يصوم شهرين عن نفس ثم يستريح، ثم يستأنف الصوم عن النفس الأخرى، وأما الدية فالدية حق العباد، ربما يأخذونها وربما يعفون عنها، أما الكفارة فلا بد منها وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فلا شيء عليه.
الجواب: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقول للناس: صلوا صلاة مودع. بل كان يأمرهم أن يستووا وأن يقيموا صفوفهم، ويبين لهم أن تسوية الصف من تمام الصلاة، وأما: صلوا صلاة مودع، فلم ترد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن وردت عن بعض العلماء فيما كتبوه: أنه ينبغي للإنسان أن يتقن صلاته حتى كأنه يصلي صلاة مودع؛ لأن من يصلي صلاة مودع سوف يتقنها، إذ أنه لا يدري هل يعود للصلاة مرة أخرى أو لا يعود، وأما أن يقولها الإمام فهذه من البدع، وننصح الإمام ونقول: لا تقلها بعد هذا اليوم.
الجواب: الواجب على الأب أن يزوج أولاده، كل من طلب الزواج يجب أن يزوجه إذا كان قادراً؛ لأن الزواج من أهم ما تَتَطلَّبه الحياة، وإذا كان يجب على الأب أن ينفق على أولاده طعاماً وشراباً وكسوة وسكناً، فالواجب أن ينفق عليهم تزويجاً أيضاً، وإذا لم يفعل فإنه آثم وعاصٍ لله، وإذا تأخر ولو دقيقة واحدة فإن مطل الغني ظلم، ولا يحل له أن يقول لابنه: إذا تخرجت من الجامعة. هو الآن في المستوى الأول ويبقى عليه أربع سنوات، هو يريد أن يكون له بعد أربع سنوات له أربعة أولاد، فهذا خطأ من الأب، وإذا قدر الابن على أن يأخذ شيئاً من مال الأب يتزوج به فله ذلك.
إما أن يكون السائق سفيهاً في مظهره، غير متزوج، نجد أن مظهره مظهر الميوعة، وكذلك نجد أنه لا محرم له، فما نصيحتك في هذه البداية التي نبتدئ بها هذا العام الدراسي وفقك الله؟
الجواب: نصيحتي: أنه لا يجوز للإنسان أن يستأجر لمحارمه من بنات وأخوات وزوجات مثل هذا الرجل؛ لأن هذا خطر عليهن، فهو كما وصف السائل: شاب ليس معه زوجه تكون محرماً بينه وبين النساء، ثم إن مظهره مظهر المائع، فلا يجوز أن يستأجر مثل هذا الرجل، وعلى إدارة تعليم البنات في البلد أن تلاحظ مثل هذه الأمور، وأن تمنع من استئجار مثل هذا الرجل؛ لأن حماية العرض أهم من كل شيء، ومثل هذا الرجل يفتتن هو بنفسه ويفتن غيره من النساء، وربما يكون معه أشرطة أغاني غرام وغزل فيثير كوامن النفوس.
أكرر أنه يجب على إدارة التعليم في المنطقة أن تلاحظ هذا، وأن تمنع من استئجار مثل هؤلاء.
وهنا أيضاً مسألة أخرى: وهي أنه إذا كان الرجل أميناً وموثوقاً فإنه أحياناً يحمل امرأة واحدة إما في ابتداء السير أو في انتهائه، إما في ابتدائه بحيث يأتي للمرأة وتركب معه حتى يصل إلى النساء الأخريات، أو في النهاية يبقى معه امرأة واحدة يوصلها إلى بيتها، وهذا أيضاً حرام لا يجوز، لا يجوز أن يخلو السائق بالمرأة مهما كان في عفته وعقله؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والمسألة خطيرة، وأشد فتنة على الرجال وأضرها هي فتنة النساء.
الجواب: الواجب على هذا المأموم الذي لا يستطيع متابعة الإمام لعجزه أو كبره ألا ينتقل من مكانه حتى يصل الإمام إلى الركن الذي يليه، مثلاً: هو قائم الآن سجد الإمام نقول: انتظر حتى يصل الإمام إلى الأرض، في الركوع هو قائم الآن نقول: انتظر حتى يصل الإمام إلى الركوع، ثم إذا رفع الإمام فارفع معه، على حسب الحال.
أما بالنسبة للإمام فإنه ينبغي له أن يراعي مثل هؤلاء؛ لأننا إذا كنا مأمورين أن نراعيهم في التخفيف فلنراعيهم -أيضاً- في مثل هذه الحالة إلا إذا كان يشق على المأمومين فإن الواجب اتباع الأكثر.
الجواب: أنا أنصح هذا الرجل ألا يفعل هذا الشيء، لا يؤذي المسلمين فيتخلل الصفوف حتى يصل إلى مكانه، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه رأى رجلاً يتخطى الرقاب فقال له: (اجلس فقد آذيت) ثم نقول لهذا الرجل: إذا كنت تريد المحافظة على مكانك فتقدم إليه، والأمكنة ليست ملكاً لأحد، من جاء أولاً فهو أحق بالمكان، ثم إنه إذا آذى إخوانه المسلمين بتخطي الرقاب، ثم بالتضييق على من يقف معهم في الصف فإنه إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة، فليصل في المكان الذي يجد الناس منتهين إليه، أي: يقوم في الصف حيث انتهى الصف، سواء في الثاني أو في الثالث أو في الرابع هذا هو المشروع في حقه.
الجواب: أقول للأخ: جزاه الله خيراً على صنيعه وعلى إحسانه في تنمية هذا المال، ولكني أقول له: ضعه من الآن في مسجد؛ لأن تنمية المال صحيح أنه يحصل بها زيادة في المال، لكن يفوتها الأجر الكثير في هذه المدة، والأجر أهم من المال، فالذي أرى أن يجعله في مسجد حتى يكون لهذه المرأة ثوابه من الآن.
الجواب: الآية عامة، تشمل ما إذا نام معها في الفراش ولكنه لم يحدثها ولم يستمتع بها، أو إذا نام في مكانٍ آخر، وقد ذكرنا هذا الأخير وقلنا: ينام في مكان آخر .. في غرفة أخرى .. في خارج البيت، المهم يرى ما هو الأقرب إلى إصلاحها.
الجواب: ليس عليه شيء، لكننا ننصحه ألا يتكلم بمثل هذا الكلام؛ لأنه يؤثر في قلبها، أما الطلاق فلا يقع عليه الطلاق بهذه الصيغة؛ لأنه لم يطلقها، قال: لا تعد، ويحتمل أنه أراد بقوله: لا تعد، أي: أن تبقى عند أهلها تأديباً، والحبل بيده إن شاء طلق فيما بعد، وإن شاء لم يطلق.
الجواب: نصيحتي لك ولأمثالك: أن تصبر وتحتسب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن يستعفف يعفه الله) وعليك بالصوم فإنه يقلل الشهوة، ثم حاول أن تضم زوجتك إليك باستقدامها إذا كانت في بلاد غير البلاد التي أنت فيها، أو أن تذهب أنت إليها؛ لأن في ذلك مصلحتين: مصلحة لك، ومصلحة لها، حتى هي أيضاً ربما تكون كحالك متعبة، تحتاج إلى زوج، فهذا هو الذي أنصح به.
الجواب: لا تدخل في هذا؛ لأن عداوتهم إياك إثمها عليهم، إذ أنك لم تفعل ما يقتضي العداوة، بل فعلت ما يقتضي الولاية والمحبة لو كانوا عاقلين؛ لأن كل إنسان يأمرك بمعروف أو ينهاك عن منكر فقد أسدى إليك خيراً، فبدلاً من أن تهجره وتبغضه أكرمه واشكره على هذا، فأنت ليس عليك شيء، أما هم فعليهم الإثم؛ لأنهم أبغضوك؛ لأنك قمت بأمر الله عز وجل.
الجواب: هذه الصيغة مشهورة عند العامة، يقول: بذمتي، بذمتك أن تفعل كذا؟ يقول: نعم بذمتي. والمراد بالذمة هنا: العهد وليس المراد بذلك اليمين، لكن كأنه يقول: أنا أكلمك بالعهد والمعاهدة، ولهذا لو فرض أنه حنث في ذلك فليس عليه كفارة يمين؛ لأن هذا ليس بيمين.
الجواب: الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ويجب على المرء أن يعتني بها عناية كاملة؛ لأنها عمود الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أصحابه صفة الصلاة إما بالقول وإما بالفعل، أما بالقول، كقوله للرجل الذي صلى بلا طمأنينة: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر..) إلى آخر الحديث.
وإما الفعل فقد كان الوافدون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلون معه ثم يقول لهم: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
فالإنسان يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة، ثم يستقبل القبلة فيكبر رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه مع التكبير أو بعده أو قبله، كل ذلك جائز، ثم يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى على صدره، ثم يستفتح فيقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد.
أو يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ الفاتحة ويقدم عليها البسملة، فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:2-7] يقف على كل آية كما وقفت الآن على كل آية، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، وتكون القراءة في الفجر قراءة طويلة من طوال المفصل، وفي المغرب قراءة قصيرة من قصار المفصل، ولا بأس أن يقرأ قراءة طويلة في صلاة المغرب أحياناً كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما الظهر والعصر والعشاء فيقرأ قراءة وسطاً بين هذا وهذا، ثم يرفع يديه مكبراً راكعاً ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويكون مستوياً ويكون رأسه حيال ظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أو أكثر، ويقول كذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويقول أيضاً: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم يرفع رأسه ويديه كما رفعهما عند الركوع فيقول: سمع الله لمن حمده، إلا المأموم فيقول بدلها: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد. ثم يخر ساجداً مكبراً ويقدم ركبتيه ثم كفيه ثم جبهته وأنفه، ويقول: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً أو أكثر كما أحب ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويقول أيضاً: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم يدعو بما شاء، ويكثر من الدعاء في السجود؛ لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك حيث قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) وفي حال السجود لا يرفع يديه، ثم يرفع من السجود ويجلس بين السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى، وأعني بالرجل هنا القدم لا الساق والفخذ، ينصب القدم ويجلس على اليسرى ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، وارحمني وعافني واهدني واجبرني ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى.
ثم ينهض إلى الركعة الثانية ويفعل فيها كما فعل في الركعة الأولى إلا الاستفتاح فلا يستفتح، والتعوذ فيه خلاف، بعض العلماء يقول: كلما قام إلى ركعة تعوذ وبعضهم يقول: يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى، ثم إذا صلى ركعتين جلس للتشهد، فإن كانت الصلاة ثنائية أكمل التشهد كله، وإن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية فإذا تشهد التشهد الأول قام وأتى بالباقي من صلاته لكنه يقتصر فيها على الفاتحة، أما التشهد فالأول ينتهي عند قوله: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وأما الأخير فإنه لا نهاية له؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر التشهد قال: (ثم ليتخير من الدعاء ما شاء) فلو بقيت أكثر من نصف ساعة أو ساعة وأنت جالس في التشهد تدعو الله عز وجل فلا حرج، إلا الإمام فإنه لا يطيل على المأمومين، ثم تسلم عن يمينك: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يسارك: السلام عليكم ورحمة الله.
هذا ملخص ما نعلمه من صفة الصلاة الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: يقول أهل العلم: إن الإنسان إذا بذل مالاً لاستنقاذ حقه فليس برشوة، لكن الإثم على الآخذ، فإذا كان هؤلاء الموظفون لا يمكن أن يقضوا حاجتك التي يلزمهم أن يقضوها إلا برشوة فأعطهم والإثم عليهم، إلا إذا كان من الممكن أن يرفع أمرهم إلى ولاة الأمور حتى يؤدبوهم فحينئذٍ لا تعطي وارفع أمرهم، لكن الغالب في البلاد التي يشير إليها السائل أن هذا غير ممكن، وعليه فلا بد للإنسان أن يستخلص حقه بأي وسيلة، فإذا أعطاهم شيئاً ليمضوا معاملته فلا حرج عليه، والإثم على الآخذ، هكذا قال العلماء.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر