أما بعــد:
فهذا هو اللقاء الأول من شهر رجب، اليوم السابع منه، عام (1413هـ) نسأل الله تعالى أن يجعله لقاءً نافعاً، يصادف هذا اليوم وما قبله بيومين أو ثلاثة أياماً باردة شديدة البرودة، وذلك خير للإنسان والنبات، فإن من الأمراض والميكروبات ما لا يقتله إلا البرد الشديد، كما أن منها ما لا يقتله إلا الحر الشديد، فالله عز وجل له حكمة فيما يقدره في خلقه وفيما يشرعه لهم، فكما أنه عز وجل حكيم في شرعه، فهو كذلك حكيم في قدره، ومن لطف الله سبحانه وتعالى أنه لا تعارض بين القضاء والقدر وبين الشرع، فكلما اشتد القضاء والقدر خف من الشرع ما يناسب تلك الشدة.
ومن الأمثلة على ذلك: أنه إذا اشتد البرد مع ريح تؤذي الناس فإنه يجوز للإنسان أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا لـابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) وهذا يدل على أن الحكمة من مشروعية الجمع إزالة المشقة عن المسلمين وإلا فإنه لا يجوز الجمع.
والمشقة في البرد إنما تكون إذا كان معه هواء وريح باردة، وأما إذا لم يكن معه هواء فإن الإنسان يتقي البرد بكثرة الملابس ولا يتأذى به، ولهذا لو سألنا سائل: هل يجوز الجمع بمجرد شدة البرد؟ لقلنا: لا يجوز إلا بشرط أن يكون مصحوباً بريح باردة تؤذي الناس، أو إذا كان مصحوباً بنـزول الثلج، فإن الثلج إذا كان ينـزل فإنه يؤذي بلا شك، فحينئذ يجوز الجمع، أما مجرد البرد فليس بعذر يبيح الجمع، فمن جمع بين الصلاتين لغير عذر شرعي فإنه آثم وصلاته التي جمعها إلى ما قبلها غير صحيحة، وغير معتد بها، بل عليه أن يعيدها.
وإذا كان جمع تأخير كانت صلاته الأولى في غير وقتها وهو آثم بذلك.
هذه المسألة أحببت أن أنبه عليها؛ لأن بعض الناس ذكروا لي أنهم جمعوا قبل ليلتين من أجل البرد بدون أن يكون هناك هواء يؤذي الناس وهذا لا يحل لهم.
والمراد بالأعمى في قوله: (أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى) هو عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وهو في مكة وكان عنده قوم من عظماء قريش يطمع النبي صلى الله عليه وسلم في إسلامهم، ومعلوم أن العظماء والأشراف إذا أسلموا كان ذلك سبباً في إسلام من خلفهم، وكان طمع النبي صلى الله عليه وسلم فيهم شديداً، فجاء هذا الأعمى يسأل النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا أنه كان يقول: علمني مما علمك الله، ويستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، وعبس في وجهه رجاءً وطمعاً في إسلام هؤلاء العظماء، وكأنه خاف أن يزدريه هؤلاء العظماء الشياطين إذا أعطى وجهه لمثل هذا الرجل الأعمى وأعرض عنهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في عبوسه وتوليه يلاحظ هذين الأمرين:
الأمر الأول: الرجاء في إسلام هؤلاء العظماء.
والأمر الثاني: ألا يزدروا النبي صلى الله عليه وسلم في كونه يلتفت إلى هذا الرجل الأعمى الذي هو محتقرٌ عندهم.
ولا شك أن هذا اجتهاد من الرسول صلى الله عليه وسلم وليس احتقاراً لـابن أم مكتوم ؛ لأننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يهمه إلا أن تنتشر دعوة الحق بين عباد الله وأن الناس عنده سواء، بل من كان أشد إقبالاً على الإسلام فهو أحب إليه، هذا ما نعتقده في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى [عبس:4] أي: يتعظ فتنفعه الموعظة، فإنه رضي الله عنه أرجى من هؤلاء أن يتعظ ويتذكر.
أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى أي: استغنى بماله لكثرته واستغنى بجاهه لقوته، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى [عبس:6] أي: تتعرض وتطلب إقباله عليك وتقبل عليه: وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى [عبس:7] أي: ليس عليك شيء إذا لم يتزك هذا المستغني؛ لأنه ليس عليك إلا البلاغ فالله سبحانه وتعالى بين أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه أقرب إلى التزكي من هؤلاء العظماء، قال تعالى: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى [عبس:3] وأن هؤلاء إذا لم يتزكوا مع إقبال الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم فإنه ليس عليه منهم شيء.
قال تعالى: وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى [عبس:7] أي: ليس عليك شيء إذا لم يتزك؛ لأن إثمه عليه وليس عليك إلا البلاغ.
ثم قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى [عبس:8-10] وهذا مقابل قوله: أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى [عبس:5-6].
والمهم أن الله يقول: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ [عبس:12] أي: ذكر ما نزل من الوحي فاتعظ به، يعني: ومن شاء لم يذكره، والموفق من وفقه الله عز وجل.
المهم أن السفرة هم الملائكة؛ وسموا سفرة لأنهم كتبة يكتبون، وسموا سفرة كذلك؛ لأنهم سفراء بين الله وبين الخلق، فجبريل عليه الصلاة والسلام واسطة بين الله وبين الخلق في النزول بالوحي، والكتبة الذين يكتبون ما يعمل الإنسان ويبلغونه إلى الله عز وجل، والله تعالى عالم به حين كتابته وقبل كتابته.
هذه الآيات من سورة عبس فيها تأديب من الله عز وجل للخلق، ألا يكون همهم هماً شخصياً، بل يكون همهم هماً معنوياً، ألا يفضلوا في الدعوة إلى الله شريفاً لشرفه ولا عظيماً لعظمته ولا قريباً لقربه، بل يكون الناس عندهم سواء في الدعوة إلى الله، الفقير والغني، الكبير والصغير، القريب والبعيد.
وفيها أيضاً تلطف الله عز وجل بمخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال في أولها: عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى [عبس:1-2] ثلاث آيات لم يخاطب الله فيها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها عتاب شديد، فلو وجهت للرسول بالخطاب لكان فيه ما فيه، ولكن جاءت بالغيبة (عبس) وإلا لكان مقتضى الحال أن يقول: (عبست وتوليت، أن جاءك الأعمى، وما يدريك لعله يزكى) ولكنه قال: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فجعل الحكم للغائب كراهية أن يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات الغليظة الشديدة؛ ولأجل ألا يقع في مثل ذلك من يقع من هذه الأمة، والله سبحانه وتعالى وصف كتابه العزيز بأنه بلسانٍ عربي مبين، وهذا من بيانه.
وفي الآية أيضاً دليل على جواز أن يلقب الإنسان بوصفه، مثل: الأعمى والأعرج والأعمش، وقد كان العلماء يفعلون هذا، فما أكثر ما يرد عليكم: الأعرج عن أبي هريرة ، والأعمش عن ابن مسعود، قال أهل العلم: واللقب بالعيب إذا كان المقصود به تعيين الشخص فلا بأس به، وأما إذا كان المقصود به تعيير الشخص فإنه حرام؛ لأن الأول إذا كان المقصود به تبيين الشخص فإنه مما تدعو الحاجة إليه، والثاني إذا كان المقصود به التعيير فإنه لا يقصد به التبيين وإنما يقصد به الشماتة، وقد جاء في الأثر: (لا تظهر الشماتة في أخيك فيعافيه الله ويبتليك) نسأل الله لنا ولكم الاستقامة والسلامة في الدنيا والآخرة.
وإلى هنا ينتهي بنا القول على ما يسر الله من آيات هذه السورة الكريمة ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعله نافعاً لنا ولكم.
الجواب: سجود التلاوة هو السجود الذي سببه تلاوة القرآن، وسجدات القرآن معلومة والحمد لله، ومشار إليها في المصاحف، فإذا مر الإنسان بآية فيها سجدة فإنه يسن له أن يسجد اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولخلفائه الراشدين، وفي الصحيح: (أن أمير المؤمنين
أما سؤال الأخ عن قراءة الإمام آية السجدة في الصلاة السرية فقد قال العلماء: لا ينبغي للإمام أن يقرأ بآية سجدة في الصلاة السرية؛ لأنه بين أمرين:
الأول: إما أن يسجد فيشوش على المأمومين، لاسيما إذا كان المسجد واسعاً والمأمومون كثيرون فإنه يشوش على من وراءه.
الثاني: ألا يسجد فيكون قد ترك مسنوناً، فالأفضل للإمام ألا يقرأ آية سجدة في صلاة سرية، ولكن لو قرأها فلا بأس؛ إلا أنه في هذه الحالة ينبغي أن يشعر المأمومين بأن هذا سجود وليس بركوع بأن يرفع صوته بآية السجدة حتى يعرف الناس أنه ساجد لا راكع.
وأما قراءة المنفرد لها فالذي يصلي منفرداً فإنه يسجد سواء في صلاة سرية أو صلاة جهرية.
وأما الذي يقرأها في السيارة فإنه يسجد أيضاً بالإيماء ما لم يكن سائق السيارة فإن كان سائق السيارة فلا يسجد؛ لأنه إذا سجد انشغل عن ملاحظة السير وألقى بنفسه إلى التهلكة.
الجواب: كل هذا يجوز لك، أعني: يجوز أن تقصر وهو الأفضل، ويجوز أن تجمع؛ لأنك مسافر.
الشيخ: أي: أنه نوى العشاء بعد أن سمع الإمام يقرأ الفاتحة، وترك نية المغرب؟ فهذا الرجل لم يسلم مع الإمام في صلاة المغرب، أليس كذلك، أو سلم؟
السائل: بل سلم.
الشيخ: كيف يسلم وهو يعتقد أنه ما صلى إلا ركعتين؟
السائل: كان شاكاً.
الشيخ: لكن لما سلم الإمام هل غلب على ظنه أنها تامة؟
السائل: لما سلم الإمام وقام يجمع ظن أن الناس نبهوه؛ لأن إقامة المؤذن ضعيفة، وظن أنه قام يأتي بثالثة المغرب.
الشيخ: على كل حال صلاة العشاء غير صحيحة في حقه؛ لأنه لم يكبر تكبيرة الإحرام، وإنما قام يريد أن يكمل المغرب، ثم لما سمع الإمام يقرأ عرف أنها العشاء واستمر على أنها العشاء ولم يكبر للإحرام، ولو كبر للإحرام لصلاة العشاء لكانت صلاته صحيحة.
أما صلاة المغرب فإن صلاته صحيحة؛ لأنه تبين أنه واهم، وأن الصلاة تامة، فعلى كل حال مره أن يعيد صلاة العشاء.
الجواب: صلاته صحيحة وليس عليه شيء، وكان عليه سجود السهو؛ لأنه سلم قبل أن تتم الصلاة، ولكن نظراً لأنه لم يفته شيء من الصلاة مع الإمام فليس عليه شيء؛ لأن الإمام يتحمل عن المأموم سجود السهو إذا لم يفته شيء من الصلاة.
الجواب: نعم. المأموم إذا جاء والإمام يصلي سواء أدركه في الركعة الأولى أو في الثانية أو فيما بعدهما فالواجب أن يكبر للإحرام.
السائل: تكبيرة الإحرام لمن فاتته الصلاة مع الإمام، فمثلاً: أتى شخص والإمام قد سلم وأراد أن يأتم بالمأموم.
الشيخ: يعني يوجد مأموم يقضي صلاته؟
السائل: المأموم مسبوق، وسلم الإمام وقام وأتم الآخر ولم يدرك الصلاة مع الإمام مع الجماعة، وأراد أن يأتم بهذا المأموم، فهل يشترط النية للإتمام بهذا المأموم؟
الشيخ: هل يشترط للمقضي المسبوق أن ينوي الإمامة؟
السائل: نعم.
الشيخ: أولاً: هذا الفعل ليس مطلوباً، وليس مشروعاً أنك تأتي وتجد إنساناً يقضي ما فاته من الصلاة فتدخل معه على أنك مأموم وهو إمام، هذا غير مشروع، وقد اختلف العلماء في جوازه فمنهم من قال: إنه جائز، ومنهم من قال: إنه غير جائز، ولكن الصحيح أنه جائز، ولكن لا ينبغي؛ لأنه إذا دخل مع هذا المأموم فإنه إن نوى المأموم أنه إمام له صحت صلاته، صلاة المسبوق وصلاة الذي دخل أخيراً، وإن لم ينو أنه الإمام فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أن صلاة الداخل غير صحيحة؛ لأنه نوى الائتمام بمن لم ينو الإمامة فتبطل صلاته، وعلى هذا تلزمه الإعادة.
والقول الثاني في المسألة: أنه يصح الائتمام بمن لم ينو الإمامة بك، وبناءً على هذا القول تصح صلاة المأموم، لكن يلاحظ من الأصل أن هذا أمر غير مشروع، ولا نأمر الإنسان بأن يفعله، فإذا جاء ووجد شخصاً يقضي فهل نقول: ادخل معه؟ لا. لا نقول بمثل هذا.
الجواب: الجمع بين الصلاتين لعذر المطر أو نحوه يدل على أهمية صلاة الجماعة، ووجه ذلك: أنه أجيز للإنسان أن يقدم الصلاة على وقتها من أجل إدراك الجماعة.
الجواب: نحن إذا قلنا: يجوز أن تكشف كذا وكذا ليس معناه أن تكون الثياب على هذا الحد، لكن لنفرض أن امرأة عليها ثوب إلى الكعب، ثم انكشف ساقها لشغل أو لغير شغل فإنها لا تأثم بهذا إن لم يكن عندها إلا المحارم، أو لم يكن غير النساء.
أما اتخاذ الثياب القصيرة فإننا ننهى عنه ونحذر منه؛ لأننا نعلم -وإن كان جائزاً- أنه سوف يتدهور الوضع إلى أكثر من ذلك، كما هو العادة في غير هذا أن الناس يفعلون الشيء في أول الأمر على وجهٍ مباح، ثم يتدهور الوضع حتى ينحدروا به إلى أمر محرم لا إشكال في تحريمه، كما أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) ليس معناه أن المرأة يجوز لها أن تلبس ما يستر ما بين سرتها وركبتها فقط، ولا أحد يقول بهذا، لكن المعنى أنه لو انكشف من المرأة الصدر وكذلك الساق مع كون الثوب وافياً، فإن ذلك لا يحرم نظره بالنسبة للمرأة مع المرأة، ولنضرب مثلاً: امرأة ترضع ولدها فانكشف ثديها من أجل إرضاع الولد، لا نقول للمرأة الأخرى: إن نظرك لهذا الثدي حرام؛ لأن هذا ليس من العورة، أما أن تأتي امرأة تقول: أنا ما ألبس إلا سروالاً يستر ما بين السرة والركبة فلا أحد يقول هذا، ولا يجوز، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن لباس نساء الصحابة كان من كف اليد إلى كعب الرجل، هذا إذا كن في بيوتهن، أما إذا خرجن إلى السوق فمعروف حديث أم سلمة أن المرأة ترخي ثوبها، فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم أن ترخيه إلى ذراع، من أجل ألا تنكشف قدماها إذا مشت.
الجواب: ما دام العامل راضياً بذلك من غير إكراه فلا حرج، حتى لو قال العامل: أنا أعمل عندك مجاناً من غير إكراه، فلا حرج، لكن إذا كان بإكراه بأن يقول له: إما أن تشتغل هذا الشغل الزائد على ما في العقد وإما سفرتك؛ فهذا لا يجوز، بل الواجب عليه أن يقتصر على ما اتفقوا عليه من قبل؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].
السائل: بالنسبة للزيادة على الراتب؟
الجواب: ليس هناك مانع بأن الزيادة تكون للكفيل، المهم أن العامل راضٍ بهذا.
الجواب: لا. المنتهي هو العظم الناتئ الذي على امتداد صماخ الأذن، هذا هو الحد.
السائل: هل الواجب أن يحلق؟
الجواب: لا. لا يحلقه.
الجواب: هذه الفتوى مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فهذا إذا أدرك الإمام ساجداً فالواجب عليه أن يسجد مع الإمام، ولا يحل له أن يقضي الركوع قبل أن يسجد مع الإمام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وهذا الرجل قد فاته الركوع فكيف يصلي الركوع وقد فاته مع الإمام؟ فهذه الفتوى غلط لا شك، ولكن بعد أن ينتهي المجلس أخبرنا باسمه لنتصل به إن شاء الله تعالى ونبين له خطأ هذه الفتوى.
الجواب: حكم هذا أن نقول له: بيِّن لنا ما هو التوحيد، وبين هل أنت تعرف ما عليه أهل نجد؟ فما هو التوحيد الذي يريد أن ينفيه عن أهل نجد؟
أنا لم أسمع بهذا، ولكن مع ذلك إذا سمعت من يقول هذا فقل: تعال يا أخي! أخبرني ما هو التوحيد؟ فإذا أخبرك ما هو التوحيد فقل: هل تعلم الآن أن أهل نجد على هذا أم لا؟ ونقول: إذا أخبرك بالتوحيد ينظر هل هذا توحيد أم غير توحيد؛ لأنه قد يخطئ في معنى التوحيد، فإذا فسره لنا بالمعنى الصحيح قلنا له: هل تعلم أن أهل نجد على هذا أو ليسوا على هذا؟
الجواب: هذه المسألة جزء من مسألة عامة: لو أن الإنسان أحدث ببول أو غائط ونسي أن يتوضأ وصلى، هل صلاته صحيحة؟ الجواب: لا. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) ولقوله: (لا تقبل الصلاة بغير طهور).
وعلى هذا فصلاته غير صحيحة، فيجب عليه قضاء ما صلاه بغير وضوء بعد أكل اللحم، فإذا قال: أنا لا أدري، قلنا: ليتحر؛ فإذا غلب على ظنه أنها خمس أو ست صلوات أخذ بغلبة الظن، وإذا لم يغلب على ظنه شيء فليأخذ بالأقل؛ يعني: أنها خمس بمثل هذا؛ لأنه متيقن، وما زاد مشكوك فيه ولا عمل عليه.
الجواب: إذا رأيت صائماً يأكل أو يشرب ناسياً فذكره قل: إنك صائم، وإذا رأيت شخصاً قائماً إلى خامسة في الظهر فنبهه، وإذا رأيت مصلياً يصلي لغير القبلة فوجهه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم) وقال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وقال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] فإذا رأينا أي شخص يفعل ما تفسد به عبادته وجب علينا أن نذكره، حتى لو كانت اللقمة في فمه نذكره ليلفظها.
السائل: فضيلة الشيخ! سمعت أنهم يقولون: نتركه يأكل ويشرب فقد أطعمه الله وسقاه؟
الشيخ: الذي يقول هذا الكلام جاهل؛ لأن الله أطعمه وسقاه باعتبار نفسه هو؛ لأنه ناسٍ، أما أنت فأنت عالم، فلا بد أن تنبهه، هذا مثل الذي يقول: إذا رأيت القط يأخذ حمامة شخص فلا تنقذها منه؛ لأن هذا رزق القط، هل هذا صحيح؟! لا.
الجواب: الواقع أن الذهاب إلى البلاد الكافرة للدعوة إلى الله عز وجل لا شك أنه خير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الدعاة إلى بلاد الكفر ليدعوا إلى الله عز وجل وهذا يتوقف على أمرين:
الأمر الأول: العلم، بأن يكون لدى الداعية علم؛ لأن الداعي إذا دعا فقد قال على الله ما لا يعلم وهو حرام؛ ولأن الداعي لا بد أن يُسأل، فإذا لم يكن عنده علم فإنه يتوقف حيران أو يجيب بالخطأ فيحصل بذلك شرٌ وفتنة.
الأمر الثاني: لا بد أن يكون عنده لسان، أي: لغة يخاطب بها القوم، ويوصل المعلومات إليهم؛ لقول الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4] وإلا كيف يبين لهم دعوته وما يدعوهم إليه وهم لا يعرفون لغته؟! وكيف يجيبهم على الإشكالات وهو لا يعرف لغتهم؟ فهذان أمران لا بد منهما: العلم واللسان.
وينبغي للداعية أن يبدأ بالأهم فالأهم، فليبدأ أولاً بالدعوة إلى التوحيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذاً إلى اليمن : (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) ولأن التوحيد هو الأصل الذي تبنى عليه الشرائع، فلابد أن يكون الأساس والأول قبل كل شيء، ثم بعد ذلك بالصلاة، ثم بعد ذلك بالزكاة، ثم بالصوم ثم بالحج.
هكذا ترتيب الدعوة، وأما أن تهمل الدعوة إلى التوحيد فهذا لا شك أنه نقص، وبعض الناس يتراءى له أنه إذا دعا إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال أولاً من لين الجانب والعطف والإحسان وما أشبه ذلك؛ يظن أن هذا أدعى لقبول الإسلام، لكن هذا وإن كانت وجهة نظر، لكنها لم تدل عليها السنة؛ لأنك إذا بدأتهم بهذا قبل كل شيء ظنوا أن هذا هو الأساس وصاروا لا يهمهم أن ينقصوا في التوحيد أو في الصلاة، وما أشبه ذلك إذا قاموا بمحاسن الأخلاق والأعمال والآداب.
فعلى كال حال هؤلاء القوم الذين ذكرت، موقفنا معهم أن نرشدهم إلى ما ينبغي أن تكون عليه الدعوة، وأن نشجعهم إلى الذهاب لدعوة الناس بالحق، وألا يكون موقفنا معهم موقف المتفرج؛ لأنه موقف سلبي، أو موقف الشامت؛ لأنه موقف عدائي، فهم إخواننا ويظهر لنا من نيتهم الخير والسعي في إصلاح الخلق، لكن ليس إذا فسدت الطريق نجعل ذلك فساداً للنية والعمل من الأصل، بل المؤمن الناصح يشجع على الخير ويوجه إلى الطرق السليمة.
ولا شك أن تأثير هؤلاء الإخوة الذين تشير إليهم كبير، وأن الله فتح على أيديهم من الخير ما لم يفتحه على دعاة آخرين؛ لأنهم يقابلون الناس باللين واللطف والإحسان والمروءة والخدمة لكن طريقتهم تحتاج إلى تعديل في الواقع، لذلك أرى أن يكون موقفنا نحن من هؤلاء وغيرهم ممن يظهر لنا منهم قصد الإصلاح، أن يكون موقفنا منهم موقف المصلح المقوم المشجع؛ لأننا ما علمنا أحداً يصبر صبرهم على إيذاء الناس لهم، ولا صبرهم على السفر إلى بلاد قريبة أو بعيدة، ولا صبرهم على تحمل النفقات، ولهذا نسمع أنهم لا يقبلون من أحد شيئاً يتبرع به لهم من أجل دعوتهم.
كذلك ننصح إخواننا هؤلاء ألا يسافروا إلى المجتمع الذي يكون في باكستان؛ لأننا سمعنا عنهم أشياء كثيرة، فلا ينبغي السير إليهم ويوجد عندهم من أهل الخير كفاية يهتدون بهم ويدلونهم على الخير، وأما السفر إلى هنالك فأخشى أن يكون فيه شيء من البدعة.
وأما مسألة الخروج في سبيل الله وجعل هذا من الجهاد فيقال: أما الجهاد الذي هو قتال الأعداء فليس هذا هو الجهاد الذي هو قتال الأعداء، لكنه نوع من الجهاد؛ لأن طلب العلم والدعوة إلى الله عز وجل بما أعطاك من العلم نوع من الجهاد، قال الله تعالى: وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً [الفرقان:52] يعني: بالقرآن، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التوبة:73] ومعلوم أن جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم للمنافقين ليس جهاد قتال، بل لما استؤذن في أن يقتل من يقتل من المنافقين، قال: (لا. لكي لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) فتبين من هذا أن جهاده للمنافقين جهاد بالعلم؛ ولأن الله تعالى جعل التفرغ للعلم قسيم الخروج للجهاد، قال تعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ [التوبة:122] أي: وبقيت طائفة: لِيَتَفَقَّهُوا [التوبة:122] أي: الطائفة الباقية: فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] هذا موقفنا من هؤلاء، نسأل الله لهم التوفيق وأن يدلهم على ما فيه الخير.
الجواب: سورة التوبة كما هو معلوم للجميع ليس بينها وبين الأنفال بسملة، فقال بعض العلماء: إنها نزلت بالقتال والبسملة بركة وطمأنة فلا يناسب أن تبدأ السورة التي في القتال وفي الحديث عن المنافقين بالبسملة، ولكن هذا ليس بصحيح، فالبسملة جيء بها قبل سورة المسد، وقبل سورة الهمزة مع أن كلها وعيد، والصحيح أنه لم يكن بينها وبين الأنفال بسملة؛ لأن البسملة آيةٌ من كتاب الله عز وجل، فإذا لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: ضعوا البسملة بين السورتين لم يضعوها بينهما، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يعين ويقول: ضعوا البسملة، ولم يعين لهم بسملة بين سورة الأنفال وسورة براءة فلم يكتبوها، ولكن بقي أن يقال: إذا كان لم يعين فلماذا يفصل بينها وبين سورة الأنفال؟ لماذا لم يجعلوهما سورة واحدة؟ نقول: نعم. لم يجعلوهما سورة واحدة؛ لأنهم شكوا هل هي سورة واحدة مع الأنفال أو سورتين متباينتين؟ فقالوا: نجعل فاصلة بين السورتين، ولا نجعل بسملة، وهذا هو الصحيح في عدم ذكر البسملة بينها وبين سورة الأنفال.
الجواب: أما أنا فلم أذهب ولم أرسل أحداً بصفة تكليفية، ولكن الذين ذهبوا وعادوا من هناك انقسموا أيضاً إلى قسمين: قسم منهم قال: ما رأينا خطباً إلا خطباً، يعني: لا تنافي الإسلام، لكن مجرد الاجتماع في وقتٍ معين في مكان معين بهذه الكثرة كأنها عيد يتكرر أو كأنه موسم حج، ومجرد وقوع هذا الأمر لا نعلم له أصلاً من الشرع لا في زمن الخلفاء الراشدين ولا من جاء بعدهم.
ثم إن أكثر الإخوان الذين يتكلمون يقولون: إن عندهم بدعة في هذا المجتمع وإن كانت لا تعلم بالخطب، لكن يختارون بعض رؤساء الجماعات ويتكلمون معهم في أشياء، لاسيما إذا كانوا من غير البلاد ( السعودية )، فالله أعلم.
ونحن نقول: مادام الشيء فيه احتمال، وما دام أصل هذا التجمع في وقت محدد في كل سنة ليس له أصل من السنة ولا من عمل الخلفاء فتركه أولى.
السائل: فضيلة الشيخ! هذا الاجتماع ليس هو المقصد، وإنما المقصد هو تفريغ الأوقات للدعوة والتضحية في سبيل الله؟
الشيخ: إذا كان ذلك مقصدهم فيقال لهم: لستم أحرص من الخلفاء الراشدين ولا من الأئمة الذين سبقوكم، ولا عهدنا أنهم يجتمعون حتى في المدينة التي هي أصل الإسلام وأصل السنة، ما سمعنا أنه يكون فيها اجتماع كهذا الاجتماع، يبلغون أحياناً مليون شخص، ما سمعنا هذا.
وأنا في الحقيقة موقفي منهم ليس كموقف الإخوان الذين يشددون فيهم ويصفونهم بالبدعة ويصفونهم بالضلال ويحذرون منهم، ولكن موقفي الذي أدين الله به أن لهم تأثيراً لا يوجد له نظير في إصلاح الخلق وترقيق القلوب، ولكن عندهم أمور تحتاج إلى تعديل، ونحن قد كتبنا إلى بعض الإخوة قلنا لهم: لو أنهم جعلوا أساس ما يدعون إليه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مجيء جبريل عليه السلام في سؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما انتهى قال: (أتدرون من السائل قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).
فشرائع الدين وشعائر الدين موجودة في هذا الحديث، لو جعلوا هذا الحديث هو الأساس لكان أولى.
أما إذا جعلنا هذه الصفات الست هي الأساس فمن واضعها؟ واضعها فلان من الناس معروف عندهم، وبهذا يكون في قلب الإنسان اتباع لهذا الشخص وتناسٍ لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه جعل هذا هو الأساس في دينه ودعوته، وهذه خطيرة، هذه شرك في الرسالة، ليس شرك في الألوهية والعبادة، ولكنها شرك في الرسالة، إذا قام بقلبه أنه يتبع هذه الأسس الستة التي أسسها فلان، وأن هذه هي العبادة وهذا هو الدين فمسألتها خطيرة، والإنسان يجب عليه أن يجرد شيئين لا يشرك أحداً فيهما: الإخلاص لله في العبادة، وهذا إخلاص في القصد، والإخلاص للرسول بالاتباع وهذا إخلاص الاتباع.
وهذه المسألة عظيمة كما قال ابن القيم في النونية فاجعل لنفسك هجرتين، الهجرة الأولى: إلى الله، والهجرة الثانية: إلى الرسول، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) هجرتك إلى الله بإخلاص التوحيد وهجرتك إلى الرسول بتجريد المتابعة بحيث لا تتابع إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.
السائل: هو أخذ بكلمة لا إله إلا الله فكلامهم كيف يخرج اليقين الفاسد من القلب كعبادة الأشياء ويدخل اليقين على ذات الله؟
الشيخ: فلا إله إلا الله تفرد العبادة لله وحده، أي: لا معبود بحق إلا الله، ومحمد رسول الله تفرد الاتباع له وحده.
السائل: في الزيارات يقولون: كيف يحيا الدين فينا وفي الناس أجمعين، يعني: إن زار الناس كيف يحيا الدين فيهم وفي الناس ما هم فيه؟
الشيخ: على كل حال نيتهم إن شاء الله طيبة، لا نقول في نيتهم شيئاً، وتأثيرهم كبير وأخلاقهم نادرة الوجود، لكن يحتاجون إلى تعديل في المنهج، كل إنسان خطاء، إذا أصاب في شيء أخطأ في آخر، ولكن كيف نعالج هذا الخطأ؟ هذا هو محل الكلام.
الجواب: أقول: إن هذا عمل سيئ من أكابر الذنوب، فإنه (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) والشحناء والعداوة والبغضاء من إلقاء الشيطان: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [المائدة:91] وكذلك غير الخمر والميسر، والشحناء بين الناس يمكن أن تكون مانعاً من الخير؛ فإن الأعمال تعرض على الله عز وجل يوم الإثنين والخميس، فينظر الله عز وجل فإذا كان بين اثنين شحناء وعداوة قال عز وجل: (أنظروا هذين حتى يصطلحا) وكذلك ورد أن الشحناء تمنع بركة ليلة القدر، وأنه لا يغفر لاثنين بينهما شحناء وعداوة في هذه الليلة العظيمة.
فالواجب أن تسعى للصلح بينهما ولو اقتطعت شيئاً من مالك من أجل هذا؛ لأنك سوف تكسب ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: أنك تبذل مالك في طاعة الله.
الفائدة الثانية: أنك تصلح بين اثنين من المسلمين.
الفائدة الثالثة: أن تكون سبباً لصلة الرحم؛ لأن هؤلاء أقارب، فإذا أصلحت بينهم أزلت الشحناء والعداوة ثم جعلتهم يتواصلون فتكون أنت السبب، فاحرص جزاك الله خيراً على أن تسعى بينهم بالإصلاح ما استطعت ولو بشيء من مالك.
الجواب: هذا العمل جمع شيئين، الأول: هؤلاء الذين تيمموا مع إمكان تسخين الماء والتوضأ به صلاتهم باطلة وعليهم أن يعيدوها؛ لأن الله عز وجل أباح لنا التيمم إذا لم نجد الماء أو كنا مرضى لا نستطيع استعماله.
الثاني: هؤلاء الذين توضئوا وصلوا العشاء مع المغرب جمع تقديم ثم إيتارهم بعد ذلك خوفاً من مشقة الوضوء مرة ثانية، فهذا صحيح لا بأس به، لكن الذين لم يتوضئوا عليهم الإعادة، إعادة المغرب والعشاء وجوباً وإعادة النفل تطوعاً؛ لأن النافلة نافلة من شاء قضاها ومن شاء لم يقضها.
ثم قوله: إن الهواء بارد فالحمد لله هناك ما يتقي به الهواء، الخيمة منصوبة قائمة يتقي بها الهواء، استدبار الهواء، إذا جعلت الهواء خلف ظهرك لم يضرك.
فشرط التيمم هو تعذر استعمال الماء سواء بمرض أو فقد الماء، أو يكون بارداً لا نستطيعه ولا عندنا ما نسخن به، سبحان الله! الناس إذا خضعوا للكسل صار الشيء عندهم هيناً، بمعنى أنه يهون عليهم تضييع الواجبات، كان الناس سابقاً يسافرون في الشتاء على الجمال، ويتعرضون لمثل هذا البرد أو أكثر، ومثل هذه الريح أو أكثر، يقفون على الغدير قد جمد أعلاه ثلجاً، فيكسرون الثلج ويغتسلون بالماء تحته ويصبرون؛ لأن عندهم قوة إيمان، وإن كنا لا نوافقهم على هذا العمل؛ لأن ذلك يخشى منه على النفس، ولكن مع ذلك لا يهتمون بهذا، وهؤلاء عندهم ما يسخنون به الماء فيتكاسلون ويتيممون مع وجود الماء.
السائل: بعض العوام تيمم عند شدة البرد هل يؤمر بقضاء الصلوات القديمة؟
الشيخ: نعم. الذي يتيمم مع إمكان استعمال الماء عليه أن يقضي الصلاة.
الجواب: أما مسائل الاجتهاد إذا وجدت في المقرر ما يخالف اجتهادك فلا تغير المقرر؛ لأنك لا تدري الصواب معك أو مع الثاني، فأنت لست رسولاً يوحى إليك حتى تقول: إن كلامي هو الصواب والآخر خطأ بل أنت مجتهد، يحتمل أن يكون الصواب معك أو مع الثاني، فمثل هذا لا تغيره.
أما إذا كان مما ليس فيه اجتهاد كمسائل العقيدة فهذه يجب أن تبينها ولكن لا يكفي أن تبينها للطلاب، يجب أن تكتب عنها للمسئولين في الوزارة، وإذا لم يبت فيها اكتب لغيرهم من العلماء، هذا في مسألة العقيدة -مثلاً- إذا وجدت في الكتاب المقرر أن الله خلق القرآن ولم ينزله، هذا لا يجوز إطلاقاً مع إني والحمد لله فيما أظن أنه لا يوجد في المقررات في الابتدائي ما يخالف العقيدة الإسلامية.
السائل: هناك أنشودة في الصف الثالث: الله أكبر من أمي ومن أبي ومن التلفاز، فهل يجوز مثل هذا؟
الشيخ: هذا الذي ذكرت كتب إلي فيه، والحقيقة أنه غلط كبير؛ لأن التلميذ إذا ألقي في ذهنه هذا الكلام فما الذي يتصوره بالنسبة لله؟ يتصور أن الله أكبر من التلفاز، يعني: كبر هذا الباب وهذا خطأ عظيم جداً، وأنا أتعجب! أين الموجهون الذين يوجهون الطلاب، ويوجهون المدرس، وينظرون في المقررات، قد تقول: هذه غفلة منهم أو تغافل أو جهل بلا شك.
الجواب: إذا قال: تحب كرة القدم، قال: نعم. ومن وقت خروجه من الدرس يضع كتبه ويذهب يلعب كرة القدم، ولهذا أوجبت هذه الكرة غفلة التلاميذ، حتى كبار التلاميذ في المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية، أخذت لبهم وعقولهم، ونسوا ما خلقوا له، إلا من شاء الله، ونسوا ما ينبغي أن يكونوا عليه من التفكير بأحوال المسلمين، وماذا يجب علينا نحو جاهلهم، وماذا يجب علينا أن نعد لهم، أنستهم ذلك كله، والحقيقة أني أرى أن المسألة تحتاج إلى نظر، كون هذه الألعاب تكثف للطلاب حتى يشتغلوا بها عما هو أهم، بل حتى يشتغلوا بها عما هو مهم، هل نحن إذا تعلمنا هذه الكرة والألعاب الأخرى التابعة لها نستطيع بذلك أن نفتح بيت المقدس ؟! أبداً لا نستطيع، هل نستطيع أن ندافع بها عن وطننا لو حصل عليه هجوم من عدو؟ أبداً لا نستطيع بلا شك، وفي المحنة التي حصلت للخليج قبل سنتين من الذي نفع الناس؟ نفعهم الله عز وجل لكن بواسطة الدعاء والمباشرة أن الناس المتدينين هم الذين بقوا في البلد بعد احتلالها من الآخرين هم الذين صاروا يوزعون الطعام ويعينون المحتاج للمعونة، ما جاء أصحاب الكرة وغيرهم، أصحاب الكرة يمكن خرجوا إلى بلادٍ بعيدة حتى ينجوا بأنفسهم، لهذا فالواجب علينا نحن أن نهتم بالشيء النافع، أما هذه الألعاب فيسلي الإنسان نفسه عند التعب وعند الملل والكسل، أما أن تكون هي رأس المال وكل شيء فلا. نسأل الله الهداية.
الجواب: هذا الذي مَنَّ الله عليه بالهداية وله قرناء السوء يتعذر لهم إذا جاءوا إليه بأنه مشغول، لا حرج عليه إذا فعل ذلك وينوي بقوله مشغول، فإن كل إنسان مشغول بالذكر، مشغول مع الأهل، مشغول بإصلاح البيت، أو نحو ذلك، ويتأول في هذه الحال ولا بأس عليه؛ لأنه يريد أن يسلم من شرهم ولكن هناك شيء أحسن من هذا: أن يدخلهم ويعرض عليهم الهداية، يدعوهم للهدى ويقول لهم مثلاً: الحمد لله أن هداني الله عز وجل ووجدت أن الهداية نور وانشراح صدر وأنس وطمأنينة، وأنا كنت مثلكم في السابق لكن وجدت الخير والهداية فاعملوا لهذا الخير.
يدعوهم فربما يهتدون، وإذا لم ير منهم استجابة فبإمكانه أن يزور أحدهم زيارة خاصة في البيت ويدعوه؛ لأنك إذا عجزت عن الجمع فعليك بالأفراد، وهذا من الحكمة؛ لأن الجمع إذا كان جميعاً قد يكون بعضهم يقوي الجانب الآخر على عدم القبول ويبقون على ما هم عليه، لكن إذا جئتهم واحداً واحداً استجاب لك الواحد تلو الآخر، مثلما صنعت قريش في نقض الصحيفة التي اتفقوا على أن يقاطعوا بني هاشم حتى حاصروهم في شعب أبي طالب -ويمكن قرأتم ذلك في كتب السيرة- قام بعض الناس منهم وقالوا: لا يمكن فبنو هاشم منا، ومن أشرافنا، فكيف نجعلهم محصورين في الشعب ، فبدأ يذهب كل شخص على انفراد، يقول: انقض الصحيفة، تخلّ عن هذا، حتى تخلوا عنها.
فهذا خير إذا كان يتمكن من إصلاحهم وهدايتهم، وهو الأولى، أما إذا لم يتمكن فلا بأس أن يقول: أنا مشغول، أو يقول لأهل البيت إذا عرف أنهم هم: قولوا: فلان غير موجود.
فهذا يجوز إذا نوى أنه غير موجود بأحد حجرات البيت، وهو كذلك في الحقيقة وإن كان موجوداً بغرفة أخرى.
الجواب: لا أعلم فيها شيئاً من السنة، ولهذا لا ينبغي أن تفعل، بعض الناس الآن إذا دخل المجلس بدأ المصافحة من أول واحد إلى آخر واحد، وهذا ليس بمشروع فيما أعلم، وإنما المصافحة عند التلاقي، أما الدخول إلى المجالس فإنه ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه أن يفعلوه، وإنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي ويجلس حيث ينتهي به المجلس ولم نسمع أيضاً أنه إذا جلس حيث انتهى به المجلس أنهم يقومون ويصافحونه.
فالمصافحة على هذا الوجه ليست بمشروعة، وقد سألت عنها من نعتمدهم من مشايخنا فقالوا: لا نعلم لها أصلاً في السنة، وبعض الناس إذا دخل بالقهوة أو بالشاي صب للذي على يمينه ولو كان أصغر القوم بناءً على التيامن في كل شيء، وهذا أيضاً ليس بمشروع، إذا دخلت فابدأ بالأكبر ثم أعط للذي على يمينك أنت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام اثنين وفي يده سواك أراد أن يعطيه لأحدهما فقيل له: (كبر كبر) يعني: ابدأ بالأكبر فالأكبر، إذا كان إنسان على يمينه شخص وعلى يساره آخر وأراد أن يعطيهم شيئاً فليبدأ باليمين؛ لأن هذا يمين وهذا يسار، أما الذي أمامك فابدأ بالأكبر فإذا دخلت على المجلس ومعك الشاي والقهوة، فابدأ بالأكبر ثم بالذي على يمينك.
الجواب: يجب عليه الغسل احتياطاً، وإلا فبعض العلماء يقولون: هذا لا يحب عليه الغسل؛ لأنه ما التقى الختانان.
الجواب: الذي أرى أنه ما دامت البلدة التي فيها محتاجة إلى مسجد كبير أو صغير فهي أولى من هناك، ابدأ بنفسك أولاً، ثم الأقربون أولى بالمعروف.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر