أما بعـد:
الفرق بينهما: أن الخشية عن علم، قال الله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] وأما الخوف فهو خوف مجرد، ذعرٌ يحصل للإنسان ولو بغير علم، ولهذا قد يخاف الإنسان من شيء يتوهمه قد يرى في الليلة الظلماء شبحاً لا حقيقة له فيخاف منه، فهذا ذعر مبني على وهم، لكن الخشية تكون عن علم.
قال أهل العلم: وفي عهد عيسى صلى الله عليه وسلم انتشر الطب انتشاراً عظيماً فجاء عيسى بأمرٍ يعجز الأطباء وهو أنه كان لا يمسح أي ذي عاهة إلا برئ، إذا جيء إليه بشخص فيه عاهة -أي عاهة تكون- مسحه بيده فيبرأ بإذن الله، ويبرئ الأكمه والأبرص مع أن البرص لا دواء له، لكن هو يبرئ الأبرص بإذن الله عز وجل ويبرئ الأكمه الذي خلق بلا عيون.
أشد من هذا أنه يحيي بإذن الله، يؤتى إليه بالميت فيتكلم معه ثم تعود إليه الحياة، وأشد من ذلك وأعظم أنه يخرج الموتى بإذن الله، يخرجهم من أي مكان من قبورهم، يقف على القبر وينادي صاحب القبر فيخرج من القبر حياً، هذا شيء لا يمكن لأي طب أن يبلغه، ولهذا كانت آية عيسى في هذا الوقت مناسبة تماماً لما كان عليه الناس.
قال أهل العلم: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أتى إلى العرب وهم يتفاخرون في الفصاحة ويرون أن الفصاحة أعظم منقبة للإنسان، فجاء محمد صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن العظيم، الذي أعجز أمراء الفصاحة وعجزوا عن أن يأتوا بمثله، قال الله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] أي: ولو كان بعضهم يعاون بعضاً فإنهم لن يأتوا بمثله.
نعود فنقول: إن موسى صلى الله عليه وسلم أرى فرعون الآية الكبرى ولكن هل انتفع بالآيات؟ لا. وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [يونس:101].. إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ [يس:11] فالذين ليس في قلوبهم استعداد للهداية لا يهتدون ولو جاءت كل آية -والعياذ بالله- ولهذا قال: فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى [النازعات:20-21] كذب الخبر وعصى الأمر، وقال لموسى: إنك لست رسولاً، بل قال: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [الشعراء:27] وعصى الأمر فلم يمتثل أمر موسى ولم ينقد لشرعه.
فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى [النازعات:23-24] -والعياذ بالله- قال لقومه: أنا ربكم الأعلى، يعني: لا أحد فوقي؛ لأن الأعلى اسم تفضيل من العلو، فانظر كيف استكبر هذا الرجل وادعى لنفسه ما ليس له في قوله: أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى [النازعات:24]؟ وكان يفتخر بالأنهار والملك الواسع، فيما قال لهم: يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ [الزخرف:51-52] فما الذي حصل؟ أغرقه الله عز وجل بالماء الذي كان يفتخر به، وأورث الله ملك مصر بني إسرائيل الذين كان يستضعفهم، قال الله تعالى: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى [النازعات:25] يعني أنه نكل به في الآخرة وفي الأولى، فكان عبرة في زمنه وعبرة فيما بعد زمنه إلى يوم القيامة، فكل من قرأ كتاب الله وقرأ ما صنع الله بفرعون فإنه يتخذ ذلك عبرة يعتبر به.
وكيف أهلكه الله مع هذا الملك العظيم، وهذا الجبروت، وهذا الطغيان فصار أهون على الله تعالى من كل هين.
فمن كان عنده خشية من الله وتدبر ما حصل لموسى مع فرعون والنتيجة التي كانت لهذا، فإنه يعتبر ويأخذ من ذلك عبرة، والعبر في قصة موسى كثيرة.
ونقف على قوله تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا [النازعات:27].
هنا ننهي هذه الكلمة التي أسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة له ونافعة لنا جميعاً.
الجواب: لا شك أن الله سبحانه وتعالى لما أرسل موسى إلى فرعون وموسى ليس معه إلا أخاه هارون وفرعون معه كل جنوده؛ أن هذا يدل على أن المنصور من نصره الله، وكيف لا يكون النصر لموسى وهارون وقد قال الله سبحانه وتعالى له لما قال: قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45] قال: قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] فالذي معه الله لا يخاف، لا بد أن يكون منصوراً، ولذلك لما قال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم وهما في الغار: (يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا، قال: يا
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أنه يوجد في بعض الكتب أن العنكبوت ضربت على باب الغار نسيجاً وعش الحمامة وهذا لا صحة له، ليس هناك نسيج من العنكبوت وليس هناك حمامة على شجرة على باب الغار، إنما هي حماية الله ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه: [لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا] لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ، ولكن الله أعمى أبصارهم فلم يروا أحداً في هذا الغار وانصرفوا عنه.
أما لنا بعد هذا الذل معتصم يجيب صرخة مظلوم وينتصر |
أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا وقد تكالب على استعبادنا الغجر |
الجواب: إي نعم. هذان البيتان:
أما لنا بعد هذا الذل معتصم يجيب صرخة مظلوم وينتصر |
إذا كان يريد الاعتصام بشخص وهو المعتصم فهذا شرك أكبر؛ لأنه دعا ميتاً ودعاء الأموات شرك، قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6] فجعل الله دعاءهم عبادة، وقال تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] فجعل الله ذلك كفراً، أما إذا كان لا يريد المعتصم نفسه إنما أراد أن يهيئ الله لنا قائداً عظيماً بطلاً كـالمعتصم فإن هذا لا بأس به، ولكن ينهى عن إطلاق هذا اللفظ على هذا الوجه؛ لأنه يوهم أننا ندعو المعتصم نفسه، وما أوهم الباطل فإنه ينبغي التحرز منه.
أما قوله في البيت الثاني:
أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا وقد تكالب على استعبادنا الغجر |
هذا أيضاً يقال فيه كالأول، إذا كان يريد صلاح الدين نفسه فهذا أيضاً كفر؛ لأن صلاح الدين لا يعصم، صلاح الدين ميت لا يعصم أحداً، وإن أراد بذلك، ولا أظن أنه يصح أن يريد بذلك أن يأتي لنا برجل كـصلاح الدين ؛ لأنه قال:
أما لنا بعد صلاح الدين يعصمنا |
والبيت فيه شيء من الركاكة.
وعلى كل حال هذا البيت بالنسبة للبيت الذي قبله أهون؛ لأنه كأنه يقول: ليس لنا أحد بعد صلاح الدين يعصمنا، فنقول له: إن هذا الإطلاق فيه نظر؛ لأن الذي يعصمك من الشر قبل صلاح الدين هو الله تعالى، ثم إن صلاح الدين ليس أعظم قائدٍ في الأمة الإسلامية، فأعظم قائد في الأمة الإسلامية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من تلاه من الخلفاء والقواد المسلمين كـخالد بن الوليد وغيره.
وعلى كل حال مثل هذه الأبيات يجب على الإنسان أن يتحرز منها وألا يذكرها إلا مقرونةً ببيان أنها ليست بشيء، وأن إطلاقها لا يجوز.
الجواب: على كل حال هذا الذي حصل منهم لا شك أنه صدر عن جهل، والجهل في هذه الأمور يعفى عنه، وبذلك تكون صلاة الجميع صحيحة، لكن لو فرض أنه لم يأتهم ثالث وظلا هكذا: المأموم على اليسار والإمام على اليمين، فالصلاة صحيحة؛ لأنها أيضاً صادرة عن جهل؛ لأن السنة فيما إذا كان إمام ومأموم أن يكون الإمام عن يسار المأموم والمأموم عن يمين الإمام، هذه هي السنة.
فإذا كان أحدهما على عكس ذلك فصلاتهما صحيحة، لكن يبلغ فما بعد أن السنة أن يكون المأموم على يمين الإمام، وفي هذه الحال يكون وقوفهما متساوياً ولا يكون الإمام متقدماً على المأموم؛ لأنهما في هذه الحال يكونان صفاً واحداً، والصف الواحد يكون متساوياً.
وإذا جاء ثالث فمن الناس من يشكل عليه هل يدفع الإمام ويؤخر المأموم أو يكبر أولاً فنقول: أخر المأموم، ثم إذا استوى في مكانه كبر أنت، أو نقول: قدم الإمام فإذا استويت مع المأموم كبر؛ لأنه أحياناً يكون تقديم الإمام أسهل كما لو كان المكان الذي أمامه واسعاً، وأحياناً يكون تأخير المأموم أسهل كما لو كان المكان الذي أمامهم ضيقاً، والذي خلفهم واسعاً، المهم لا فرق بين أن يقدم الإمام أو يؤخر المأموم لكن لا يكبر قبل ذلك لئلا يلزم من ذلك حركة في الصلاة لا حاجة إليها.
السائل: ما المحذور إذا كان ذلك على علم؟
الشيخ: المحذور هنا أن الإمام ربما يستمر على نية الإمامة مع أنه صار مأموماً، وأما التحول من الإمامة إلى المأموم فهذا لا بأس به، فقد تحول أبو بكر رضي الله عنه من كونه إماماً إلى كونه مأموماً عندما كان يصلي بالناس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ففي أثناء الصلاة تأخر أبو بكر وصار مأموماً والنبي صلى الله عليه وسلم إماماً.
الجواب: الجمع بينهما أنه خاطبه باللين أولاً، فلما طغى وشمخ وارتفع كان حقه أن يهان، وهذا من التدرج في الدعوة إلى الله بالحكمة، تتكلم مع المدعو أولاً باللين والسهولة، فإذا أصر وعاند ليس جزاؤه إلا أن يغلظ عليه، كما قال الله تعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46].
الجواب: قراءة كتب الحديث بارك الله فيك قسمان: قراءة يتوصل بها الإنسان إلى معرفة صحة الحديث وعدم صحته، وهذه تعتمد على معرفة أحوال الرواة وترجماتهم لأجل أن يعرف من هو المقبول ومن هو الذي لا يقبل، ومعرفة تاريخهم ليعرف هل السند منقطع أو غير منقطع، -فمثلاً- إذا قال شخصٌ عن فلان وقد علمنا أن الذي روى عنه ولد بعد موته عرفنا أن السند منقطع فلا بد من معرفة تاريخ الرواة، ولا بد -أيضاً- من معرفة ثبوت لقاء من روى عنه؛ لأنه قد يدلس فيروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه.
فالذي يطلب علم الحديث على هذا النحو لا بد أن يقرأ الكتب الستة بأسانيدها ويبحث عن رجالها، ونحن نعلم أن العلماء مختلفون اختلافاً كبيراً في الرجال، فتجد هذا المحدث -مثلاً- يقول عنه الإمام أحمد إنه ثقة، ويقول عنه يحيي بن معين إنه منكر الحديث -مثلاً- ويقول ثالث إنه متروك.
وهذه المسألة قد تحير طالب العلم، فما موقفه إذا رأى الحفاظ الأئمة تكلموا في هذا الرجل كلاماً متبايناً؟
ننظر إلى متن الحديث، قد يكون متن الحديث شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة، فنعرف أن الذين تكلموا عن هذا الرجل بالقدح أصوب من الذين تكلموا عنه بالتعديل؛ لأن حديثه منكر بل ربما يأتي الحديث صحيح السند من حيث رجاله ومن حيث اتصال السند، ولكن يكون المتن منكراً أو شاذاً، قد يكون شاذاً لمخالفته للأحاديث الصحيحة فيرد.
فالحاصل أن الذي يطلب علم الحديث من أجل إثبات الحديث يجب أن يعتني بالرجال وتواريخ حياتهم وكلام الناس فيهم.
أما الذي يطلب الحديث من أجل فقه الحديث فهذا له طريق آخر لا يلزمه مثل ما يلزم الأول، بل ربما يكتفي بالحديث متناً، فإذا كان في صحيح البخاري وصحيح مسلم فالنفس مطمئنة إليه، وإذا كان في غيرهما يكفيه أن يقول -مثلاً- صححه فلان أو صححه فلان من الحفاظ المعتمدين، وإن لم يراجع السند، وأهم شيء في القرآن الكريم والسنة النبوية فقه النص ومعرفته وما يستنبط منه وما يترتب عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُبَّ مبلغ أوعى من سامع، ورُبَّ حامل فقه غير فقيه) و(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
السائل: إذاً لا بد أن يبدأ طالب علم الحديث أول ما يبدأ بدراسة كتب المصطلح والرجال؟
الشيخ: نعم. لا بد أن يكون عنده علم بالمصطلح إذا كان يريده على الوجه الأول.
السائل: والوجه الثاني؟
الشيخ: ليس بلازم؛ لأنه يكتفي -مثلاً- إذا صححه الحافظ ابن حجر ، صححه فلان من الأئمة العلماء المحدثين الموثوقين فهذا كافٍ، فلا يذهب ينظر -مثلاً- في السند؛ لأنه لا دراية له بمصطلحات أهل العلم في ذلك.
السائل: وماذا عن الاستنباطات من الحديث والفوائد؟
الشيخ: قد يكون الإنسان في الاستنباطات ضعيفاً مع قوته في التخريج، ولهذا تجد فرقاً بين الفقهاء في استنباطهم الأحكام من الحديث والمحدثين.
الجواب: لا مانع من الاحتياط بدقيقة أو دقيقتين خصوصاً الفجر، تقويم أم القرى فيه تقديم خمس دقائق، ولهذا يجب التحرز في هذه المسألة فينتظر الإنسان خمس دقائق قبل أن يصلي، أما المؤذنون فكما تعرفون منهم من يؤذن على توقيت أم القرى، ومنهم من يتقدم عليه ومنهم من يتأخر عنه كثيراً.
الجواب: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الخلفاء تحتاج إلى تنقيح بلا شك؛ لأن التاريخ يدخله الهوى، فمن غَلب رفع ومن غُلب هضم، ونحن نضرب لكم مثالاً بالرؤساء الذين تعاقبوا على الدول العربية إذا هلك الإنسان منهم محي وطوي قيده، وإذا كان موجوداً جعل الرئيس الأعلى الذي ليس فوقه أحد، ويكتب هذا ويبقى إلى أن يموت فتجد -مثلاً- الذين لهم هوى في خلفاء بني أمية يمدحون هؤلاء الخلفاء مدحاً عظيماً، والذين هم على ضد ذلك يذمونهم ذماً عظيماً، ولهذا لا شك أن السيرة تحتاج إلى تحقيق وتحرير ليتبين الضعيف منها من القوي، وأنا إلى الآن ما وجدت أحداً فعل ذلك إلا شيئاً خفي علي لا أدري لكن في السيرة ما هو ثابت في صحيح البخاري وصحيح مسلم وهذا يعتمد.
السائل: توجد بعض الكتب التي تتكلم عن بعض الصحابة كأمثال أبي موسى الأشعري وقد وصفته بالغباء في قصته مع عمرو بن العاص في قصة التحكيم، وقصة التحكيم هذه ليست صحيحة كما سمعت في الجامعة في دراستي؟
الشيخ: نفس الشيء أيضاً يتكلمون عن غير أبي موسى ممن هو أفضل من أبي موسى الأشعري في هذه المسائل.
ولهذا مسألة السياسة مشكلة الآن، لو ذهبت إلى بعض كتب التاريخ التي كتبها المؤرخون الذين يميلون إلى آل البيت وجدت عجباً، ولو قرأت في كتب التاريخ التي تميل إلى بني أمية لوجدت عجباً، لكن كما قلت لك: لا بد أن يكون السند صحيحاً.
الشيخ: ماهو النذر المباح الذي فهمت؟
السائل: مثلاً: يقول عليَّ نذر أن أقرأ كتاب كذا أو أبيع سيارتي؟
الجواب: النذر المباح حكمه حكم اليمين، فإذا قال: لله عليَّ نذر أن أبيع سيارتي، أو لله عليَّ نذر أن أشتري البيت الفلاني قلنا له: أنت الآن بالخيار إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعله وكفر كفارة يمين؛ لأن هذا نذر مباح، ونذر الطاعة أن يقول: عليَّ نذر أن أصوم غداً يعني: يوم الإثنين، ونذر المعصية أن يقول: لله عليَّ أن أهجر فلاناً وهو لا يستحق الهجر.
السائل: رجل نذر أن يشتري لوالدته -مثلاً- كذا وكذا من أي الأنواع؟
الشيخ: هذا من أنواع نذر الطاعة إذا كان هذا مما يسر الأم أو تحتاجه الأم؛ لأنه حينئذ يدخل في البر، وبر الوالدين من الطاعة فيلزمه أن يشتري ذلك لها إلا إذا قالت: لا أريده، فإذا قالت: لا أريده فإنه لا يلزمه أن يشتريه لها، وفي هذه الحالة ينبغي أن يكفر كفارة يمين.
الجواب: من المعلوم أن الجلود في السوق هي جلود مدبوغة، والجلود المدبوغة عند كثير من العلماء طاهرة، وإن كانت من حيوان نجس، والصحيح أنها ليست بطاهرة إذا كانت من حيوان نجس؛ لأن نجس العين لا يطهر لو غسل بماء البحر، أما إذا كانت الجلود مما هو مباح الأكل ولكن لا تدري أنت هل هي جلود مذبوحة أو ميتة فلا يهمنك؛ لأنه حتى لو كانت جلود ميتة أو جلود حيوانٍ مذبوح على غير الطريقة الإسلامية فإنها إذا دبغت تكون طاهرة مثل بعض الفراء، تكون مبطنة بجلد من جلود الضأن الصغار فنقول: البسها ولا حرج عليك، حتى لو فرض أنها من ميتة أو فرض أنها مما ذكي ذكاة غير شرعية؛ لأنه إذا دبغ فإنه يطهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب دبغ فقط طهر) ومر بشاة يجرونها ميتة لـميمونة ، فقال: (هلا أخذتم إهابها قالوا: يا رسول الله! إنها ميتة، قال: إذا دبغ الإهاب فقط طهر).
الجواب: نعم. كل ما لا يؤكل فهو نجس إذا مات، أما في الحياة ففيه تفصيل، الهرة وما شابهها طاهرة إلا بولها وعذرتها ودمها، وأما السباع التي ليست مما يطوف علينا ويكثر التردد علينا فهي نجسة.
الجواب: هذه المسألة -أي: الشروع في الخطبة والصلاة يوم الجمعة قبل الزوال- فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنها لا تجوز حتى تزول الشمس، ومنهم من قال: إنها تجوز، والصحيح أنها تجوز قبل الزوال بساعة أو نصف ساعة أو ما قارب ذلك، ولكن الأفضل بعد الزوال حتى عند القائلين بأنه يجوز أن تتقدم ساعة ونحوها؛ وذلك لأن المؤذن إذا أذن وسمعه من في البيوت فإنهم ربما يتعجلون فيصلون الظهر فيحصل بذلك غرر للناس، ثم إن زوال الشمس بالاتفاق شرطٌ لإقامة صلاة الجمعة على وجه الأفضلية، ولكن من العلماء من أجاز التقديم على الزوال ومنهم من لم يجزه، ولكنهم متفقون على أن تأخيرها حتى تزول الشمس أفضل، ولو صلى قبل الزوال على الرأي الذي يقول بجوازها قبل الزوال فلا بأس، لكن بزمنٍ قريب.
وهنا مسألة بالنسبة لوقتنا الآن: لا نحبذ أن أحداً يصلي مبكراً وحتى لا تتخذ عادة عند الناس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قومٌ بصدقتهم قال: (اللهم صلِّ على آل فلان) فإذا لم تتخذ شعاراً فلا بأس، وكذلك إذا لم تتخذ على وجه التعيين -مثلاً- بأن يقول: اللهم صلِّ على آل تيمية، اللهم صلِّ على آل عبد الوهاب، وما أشبه ذلك فهذا لا بأس به، لكن اتخاذها شعاراً كلما ذكر فيه صلى الله عليه وسلم هذا لا يجوز؛ لأنه قد يتوهم واهم بأن هذا نبي من الأنبياء.
الجواب: الملائكة عليهم الصلاة والسلام وردت أسماء بعضهم مثل جبريل الموكل بالوحي، وإسرافيل الموكل بنفخ الصور، وميكائيل الموكل بالقطر والنبات يعني: بالأمطار ونبات الأرض، وهؤلاء الثلاثة كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرهم في استفتاح صلاة الليل فيقول إذا استفتح صلاة الليل: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
وإنما كان يتواصل بهؤلاء الثلاثة؛ لأن هؤلاء الثلاثة كل واحد منهم موكل بما فيه حياة، فجبرائيل موكل بما فيه حياة القلوب، وميكائيل موكل بما فيه حياة الأرض، وإسرافيل موكلٌ بما فيه حياة الأبدان، إذا نفخ في الصور؛ لأنه هو موكل للنفخ في الصور، وأما ملك الموت فإنه لا يصح تسميته بعزرائيل وإنما يقال فيه: ملك الموت، كما قال الله عز وجل: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [السجدة:11] ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن اسمه عزرائيل، وأما مالك خازن النار فقد جاء في القرآن: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ [الزخرف:77].
الجواب: لا. معنى (نحن حوله) أي: أننا نحرص أن نكون قريبين منه، وليس المعنى أنهم يتحوطون عليه أو يستديرون عليه، وإنما فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب وكانوا يحرصون أن يكونوا قريبين منه وإلا فهو يخطب الناس وهم على صفوفهم، بل ورد حديث ينهى عن التحلق يوم الجمعة لما في ذلك من التضييق على المصلين في المسجد، وفيه أيضاً ما توهمته من أن المراد أنهم يتحوطون حوله ويتحلقون.
السائل: لو كان الالتفات بالرأس؟
الشيخ: الالتفات بالرأس لا بأس به، يعني: أن ينظر الإنسان إلى الخطيب حال الخطبة هذا لا بأس به، بل هذا طيب؛ لأنه يشد انتباه الإنسان أكثر، وقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب استقبلوه بوجوههم).
الجواب: المعلوم من الدين بالضرورة هو ما لا يمكن لأحد من المسلمين جهله، كوجوب الصلاة -مثلاً- وتحريم الخمر والزنا وما أشبه ذلك، هذا من المعلوم من الدين بالضرورة، فأما الشيء الذي لا يعلم بالضرورة إلا بعد البحث والنظر فهذا ليس مما يعلم من الدين بالضرورة.
الجواب: هذه المسألة تحتاج إلى إجابة خاصة، وينظر هل هذا وقع أو لم يقع، وينظر أيضاً ما يحيط به من الشبهات، وما أشبه ذلك، وعلى كل تقدير: فإن المرأة الزانية لا يحل نكاحها إلا بعد التوبة، وكذلك الزاني لا يصح أن تتزوجه إلا بعد التوبة، لقول الله تبارك وتعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3] أما هذه القضية فتحتاج إلى فتوى خاصة.
الجواب: إذا لم يدركوا صلاة الاستسقاء فقد فاتت، ولكنهم إذا جاءوا والإمام يخطب يصلون ركعتين تحية المسجد ثم يجلسون لاستماع الخطبة والتأمين على دعاء الإمام.
السائل: أم يصلون جماعة؟
الشيخ: لا يصلونها جماعة؛ لأنها فاتت.
الجواب: لا يصلح أن يقال قرأ فلان إلا بنطق، فأما إذا أمرها على قلبه فهذا لم يقرأ ولا تجزئه في الصلاة؛ لأنه ترك الفاتحة في الحقيقة، وترك التسبيح، وترك التكبير، لكن اختلف العلماء هل يشترط أن يسمع نفسه بمعنى أن يكون لحركات لسانه وشفتيه صوت يسمعه أو لا يشترط؟ والصحيح أنه لا يشترط أن يسمع نفسه لكن يشترط أن ينطق.
الشيخ: السؤال أوله فيه إبهام، كلمة تسقط الجنين يسقط الجنين من نفسه، أو تحاول إسقاطه؟
السائل: يسقط من نفسه بقضاء الله عز وجل.
الشيخ: يقول العلماء رحمهم الله: إن النفاس لا يثبت إلا إذا تبين في الجنين خلق إنسان، يعني: إذا كان متميزاً يده ورجله ورأسه، فإنه إذا أسقط فإن الدم الخارج معه نفاس، وأما قبل التخليق فليس بنفاس، ومعلوم أنه لا يمكن التخليق قبل ثمانين يوماً لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك) يعني أربعين يوماً (ثم يكون مضغة مثل ذلك) ومعلوم أن المضغة كما قال الله عز وجل في القرآن: مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ [الحج:5].
والمضغة لا يأتي طور الجنين إليها إلا بعد تمام ثمانين يوماً، فإذا كانت المرأة تعلم متى الحمل وأنه لم يمض عليه إلا أقل من ثمانين يوماً فليس بنفاس، والسؤال الآن يقول مضى شهران، والشهران ستون يوماً، وعلى هذا فيعتبر هذا الدم الذي حصل ليس دم نفاس ولا يلزمها إلا قضاء الصلاة، وإذا كانت جاهلة لا تدري فليس عليها شيء، لا قضاء ولا غيره.
الجواب: أما الصور الظاهرة البارزة كالتي تكون على الغلاف -مثلاً- فإنه لا يجوز أن يدخل بها المسجد؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وإذا كانت الملائكة تتأذى من ريح البصل والكراث فتتأذى من هذه الصورة التي تمنعها -أي: تمنع الملائكة من دخول المسجد- أما إذا كانت خفية وليست مقصودة بذاتها فأرجو ألا يكون بذلك بأس؛ لأنها خفية داخل الكتاب، وأيضاً هي غير مقصودة وإن رأى الإنسان أن يفعل ما هو الأكمل والأفضل فليطمس على وجهها فإذا طمس على وجهها زال ما بها.
الجواب: التشبه بمعناه أن يقوم الإنسان بشيء يختص بالمتشبه بهم، فإذا استعمل هذه القماشة أو غيرها على وجه يشبه لباس الكفار فقد دخل في التشبه، أما مجرد أن يكون لبس الكفار من هذا القماش ولكن يفصل على وجه آخر مغاير للباس الكفار فإن ذلك لا بأس به ما دام مخالفاً لطريقة الكفار، حتى لو اشتهروا بهذا القماش ما دام أن الهيئة ليست على هيئة ما يلبسه الكفار، فلا بأس.
الجواب: رأيي في هذا أن الرجل الذي صف وحده خلف الصف مع وجود مكان له في الصف الذي أمامه أن صلاته باطلة، لاسيما إذا رفع من الركوع قبل أن يدخل معه أحد، فإن دخل معه أحد قبل أن يرفع من الركوع فقد صحح بعض أهل العلم صلاته، وقال: إن هذا الرجل أدرك جميع الصلاة مع الرجل الآخر الذي صف فتصح صلاته لكن من نظر إلى حديث: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) فإنه يظهر منه أن من كبر وحده بدون عذر فصلاته باطلة؛ لأن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة.
السائل: يا شيخ! وإذا كان لا يدري أن الصف لم يكتمل؟
الشيخ: الواجب عليه ألا يصف وحده حتى يتيقن أن الصف الذي أمامه قد كمل، كيف يأتي ويصف ولا يدري، لا بد أن يدري.
السائل: وهل عليه إعادة الصلاة؟
الشيخ: ليس عليه إعادة الصلاة؛ لأنه جاهل بالحكم.
الجواب: أولاً: لا بد أن نوجه نصيحة إلى إخواننا عموماً، وهو أنه لا ينبغي أن يستقدموا خادمات أو خدماً إلا عند الحاجة أو الضرورة؛ وذلك لأن هؤلاء الخدم إذا جاءوا فإنهم سوف يكلفون الإنسان نفقات لا حاجة له إلى إنفاقها ولا ضرورة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن إضاعة المال.
ثانياً: أن بعضهن غير مؤتمنات تلك الأمانة التي نثق بها، لهذا أقول: لا ينبغي أن نستقدم خدماً ولا خادمات إلا بشروط:
فبالنسبة للمرأة أولاً: لا بد أن يكون معها محرم، فإن لم يكن معها محرم فإنه لا يجوز استقدامها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا استقدمتها وليس معها محرم فهذه مخالفة لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: أن يكون محتاجاً إليها، فإن لم يكن محتاجاً إليها وإنما يقصد بذلك الترفيه وسقوط الكلفة ولو كانت يسيرة عن أهله ففي جواز ذلك نظر.
ثالثاً: ألا يخشى الفتنة، فإن خشي على نفسه الفتنة أو على أحد من أولاده إن كان عنده أولاد فإنه لا يجوز أن يعرض نفسه لذلك.
رابعاً: أن تلتزم ما يجب عليها من الحجاب بحيث تغطي وجهها ولا تكشفه، ولا يصح أن يستدل بقول الله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ [النور:31] لا يصح الاستدلال بذلك على أنه يجوز للخادمة أن تكشف وجهها لمن هي عنده؛ لأن المستخدم لم يملكها وإنما هي أجيرة عنده، والأجيرة كالأجنبية في مسألة الحجاب.
خامساً: ألا يخلو بها، فإن كان ليس عنده أحد في البيت فإنه لا يجوز أن يستقدمها مطلقاً، وإن كان عنده أحد في البيت وأهل البيت يذهبون عن البيت ويبقى وحده مع هذه الخادمة فإن ذلك لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم).
وفي البيت أيضاً لا يخلو بها، وإذا تحقق هذا الشرط بألا يكون هناك خلوة لكن بقية الشروط هل إذا جاءت إليه تعطيه القهوة والشاي والغداء والعشاء وهي كاشفة أم لا؟
السائل: قد يحصل نزاع بين الأخوين ويقول الأخ الذي يريد خادمة لزوجته: أنا لا أريد البقاء مع إنسان لا يحبني ولا يقدرني ولا يطيعني، ثم يحصل نزاع وشقاق بينهم قد يصل إلى قطع الرحم؟
الشيخ: قطع الرحم ليس بلازم، فقد يخرج الإنسان عن البيت والصلة موجودة، فإذا كان أحدهما لا يرضى وقال: والله لا أرضى أن تكون في بيتي ونحن لسنا بحاجة لها، لا أرضى أن تكون في البيت وهي متكشفة، فله أن يخرج ولا يعد متسبباً بقطع الرحم، يخرج ويزورهم بين حينٍ وآخر.
مادامت العلة في ذلك أن المرأة جاءت بلا محرم، وأنها ربما تنتهك الحجاب ولا تتحجب، فلا عليه شيء.
الجواب: هذا غير صحيح، وتوجيه الحديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الإنسان ليصلي وما كتب له من صلاته إلا نصفها إلا ربعها إلا عشرها) وما أشبه ذلك، فالمراد أن الصوم الكامل هو الذي يصوم فيه الإنسان عن قول الزور والعمل به والجهد، أما الصيام فمعروف كما قال تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187].
فهذا هو الصيام: أن يصوم عن هذه الأشياء وما شابهها، وأما الصوم عن القول المحرم والعمل المحرم فلا شك أنه أكمل وأفضل وهذه هي الحكمة من الصوم، ولكنه ليس شرطاً فيه، قال الإمام أحمد: لو كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صيام، من يسلم من الغيبة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به) ما قال بطل صومه أو صيامه لا يقبل بل قال: (ليس لله حاجة): يعني ليست هذه الحكمة من الصوم، الحكمة من الصوم أن يصوم عما حرمه الله.
الجواب: نعم. يجوز للإمام أن يكون عاجزاً عن القيام والركوع والسجود؛ لأن صلاته تصح وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلّى بأصحابه قاعداً فقاموا فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما سلم أخبرهم بأن الإمام يؤتم به، وقال: (وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) فالصواب أنه متى صحت صلاة الإنسان صحت إمامته.
الجواب: الصحيح من أقوال أهل العلم في مسألة الختان القول الوسط وأنه واجب على الذكور دون النساء، والفرق ظاهر؛ لأن قلفة الرجل لو بقيت لكان في ذلك ضرر عليه من حيث البول، وكان في ذلك أيضاً تلويث، يعني: البول يحتقن بين القلفة والحشفة بخلاف المرأة، فالصواب من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أنه واجب في حق الذكور سنة في حق النساء، وبعض العلماء يقول: إنه واجب على الجميع، وبعضهم يقول: ليس واجباً على الجميع بل هو سنة، والصواب الوسط أنه على الرجال واجب وعلى النساء سنة.
الجواب: نعم. الأصل في التسمية الإباحة إلا ما دل الدليل على كراهته بعينه أو بمثله -فمثلاً- اسم (برة) واسم (أبرار)، واسم (إيمان)، كل هذا ينهى عنه، يعني: يُغيَّر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم برة إلى زينب وإلى جويرية، وأما ما لا يشبه ذلك فلا بأس به -فمثلاً- (أفنان) ما فيه بأس، (أغصان) ما فيه بأس، (جنا) ما فيه بأس، أما (بيان) فلا أرى أن يسمى به وكذلك (إيمان) لأن فيه شيئاً من التزكية و(أبرار) كذلك.
الجواب: الواقع أنه ليس هناك إشكال؛ لأن التصوير الذي كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فيه مضاهاة لخلق الله؛ ليس عندهم آلات تعكس الصورة، في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يرسمون باليد، والراسم باليد مضاهٍ لخلق الله، لأن هذا عمله بيده هو الذي قدر العين، قدر الأنف، قدر الشفتين وما أشبه ذلك فيكون مضاهياً لخلق الله، وأما في وقتنا الحاضر فإن المصور لا يفعل هذا، ولا يصور بيده، وإنما ذلك بآلة تنعكس على ما أمامها سواء كان رجلاً أو حيواناً أو شجراً أو أي شيء فيطبع فيها، لكن الإنسان ليس له عمل في تخطيطها وتكييف عينيها وشفتيها وأنفها، فليس هذا من التصوير في شيء.
فلا إشكال عليك أبداً، استعن بالله لكن لا تعملها على وجه العبث أو الذكرى أو ما أشبه ذلك، ولكن يتوقف عليها أن يدخل الإنسان المدرسة -مثلاً- أو يتوظف في وظيفة ينفع المسلمين بها أو أن يسافر لحاجة فلا إشكال فيها.
الآن لا ينضبط الناس إلا بالصورة، وإلا كان كل إنسان يأتي يزور عليك ويقول: أنا فلان الفلاني وليس هو كذلك.
السائل: ولكن تحريم التصوير في الأحاديث أطلق ولم يقيد؟
الشيخ: لا. وصفهم بأنهم يضاهون بخلق الله وهذا تقييد.
الجواب: ليس عليهم شيء، غاية ما هنالك أنه لم يجهر بالقراءة والجهر بالقراءة سنة ليس واجباً، ولو تركه الإنسان عمداً فلا شيء عليه.
السائل: المأمومون لم يسمعوا قراءة الفاتحة ولم يقرءوها؟
الشيخ: المأموم لابد أن يقرأ الفاتحة حتى في الصلاة الجهرية؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).
السائل: هم ينتظرون من الإمام أن يقرأها حتى يقرءوا بعده؟
الشيخ: هذا غريب منهم، فكيف ينتظرون هذه المدة الطويلة ولم ينتبهوا، فالظاهر أنه غشيهم أيضاً النسيان.
على كل حال: من صلى ولم يقرأ الفاتحة يجب عليه إعادة صلاته ولو بعد سنين أو أشهر، فلا بد من الإعادة.
الجواب: الظاهر أن التحلق قبل أن يحضر الناس إلى المسجد لا بأس به، وإنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يضيقوا على الناس الذين يأتون الصلاة، وغالباً بعد الفجر لا يوجد أناس.
الجواب: هذا لا يجوز ولابد من محرم، المرأة لا يمكن أن تأتي إلا بمحرم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر