الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله على مننه وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل، وعن الند والنظير تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.
أيها الأحبة: ليس الغريب هو الموت، بل الغريب ألا نستعد للموت! ليس العجيب النهاية، بل العجيب ألا نستعد للنهاية! ليس العجيب هو الفناء بل العجيب ألا نستعد لذلك! ما منا واحدٌ إلا ويعلم أن الموت نهايته، والقبر مكانه، واللحد مصيره، ولكن أين الاعتبار؟ وأين العظة؟ وأين الاستعداد؟ كلنا يعلم ذلك، لكن القليل الذي يستعد لهذا كله.
يا عباد الله: الاستعداد للموت يكون أيضاً ببذل الحسنات، وإعمال الأنفس بالصالحات، فإن هذه الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر، فهنيئاً لمن بنى داراً ينتقل إليها ولو تهاون في دارٍ يعبرها، إن التهاون في أمور الحياة البحتة قد لا يضر ما دام الإنسان يبني داراً باقياً فيها، أما أن نخرب الآخرة ونعمر الدنيا فذاك كما قال أحد
السلف لما سئل: لماذا نحب الدنيا ونكره الآخرة؟ قال: لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم آخرتكم، فتكرهون أن تنتقلوا من العمار إلى الخراب. وهذا صحيح:
كثيرٌ من الناس يكذب ويعق، ويختال ويحتال، ويختلس ويخدع ويخادع، ويتألق ويداهن من أجل عرضٍ من الدنيا أو حظٍ من الفانية، والله إن فعله لا يزيد ما قسم الله له شيئاً، وإن تَرْكَهُ ذلك لا يُنقص مما قسم الله له شيئاً، سيمضي وقد ناله ما قسمه الله له من الرزق، ويقدم على دارٍ قد أفسدها بالكذب والمداهنة، والتملق والنفاق، والمعصية والسكوت على سخط الله.
فيا أيها الأحبة: استعدوا لملاقاة الله، واستعدوا للموت، فإن الموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، كثيراً ما يتساءل الناس: مات فلان!! هل أصابته جلطة؟ هل أصابته سكتة؟ هل كان مصاباً بالربو؟ هل كان مصاباً بكذا؟ والله يا عباد الله! ليست الأسقام إلا أسباباً، وإذا أراد الله حياة عبدٍ لو اجتمعت عليه الأسقام والأمراض ما نقص ذلك من أجله شيئا:
أكان في صاحبنا الذي قبضه ملك الموت في المسجد علة؟
فيا عباد الله: لا يعرف الموت صغيراً ولا كبيراً، لا يعرف الموت إلا من حلت منيته ودنت ساعته وقامت قيامته، عند ذلك تتوفاه ملائكة الموت، فإن كان من أهل الطاعة، إن كان من أهل الرضا، إن كان من الخائفين من الله فهنيئاً له، تخرج روحه كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء، هل رأيتم سقاءً ينسكب الماء منه؟ هل تجدون صعوبة في أن ينسكب الماء من شعبة السقاء؟ ليس في ذلك صعوبة، هكذا تخرج روح المؤمن.
وأما الفاجر الكافر؛ فإن روحه تنتزع انتزاعاً كما ينتزع السفود من الصوف المبتل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أعدوا للموت يا عباد الله! استعدوا للخاتمة، استعدوا للآخرة، كم من أناسٍ عرفناهم صغاراً وكباراً فرق بيننا وبينهم الموت، فأعدوا لهذا واستعدوا، اعملوا صالحاً تلقوه، فإن الله يوم القيامة ليس بينه وبين العباد نسب، إنما الارتفاع والانخفاض والقرب والبعد بحسب الأعمال الصالحة.
أيا من تاجر في اللهو والملاهي! أيا من تاجر في الحرام والمحرمات! أترضى أن تفارق الدنيا وتقبض روحك ويلاقيك ملك الموت وأنت ممن ينشر الفساد في الأرض؟
أيا عاقاً! أيقبضك ملك الموت وأنت قاطعٌ لأمك وأبيك؟
أيا قاطعاً رحمه! أتقبضك ملائكة الموت وأنت على قطيعة رحم؟
أيا واقعاً في المعاصي والمنكرات! أيا مدمناً على الملاهي والملهيات! أيا مستهتراً بأمر رب السماوات! ألا تستعد لهذه الخاتمة؟ كفى بالموت واعظاً!! كفى بالموت واعظاً!! كفى بالموت واعظاً!!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أرادنا بسوء فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.
اللهم احفظ إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، اللهم اهد قلبه، اللهم مسكه بكتابك، اللهم اجمع شمله وإخوانه وأعوانه على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم لا تشمت بنا ولا بهم حاسداً، ولا تفرح علينا ولا عليهم عدواً، اللهم اجمع صفنا وصفهم، ووحد كلمتنا وكلمتهم.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وأجدادنا وجداتنا، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً اللهم فجازه بالحسنات إحسانا، وبالسيئات عفواً وغفراناً.
اللهم انصر المجاهدين في أفغانستان، اللهم وحد شملهم، اللهم أهلك المنافقين من حولهم، اللهم إن المنافقين قد فعلوا فيهم فعلاً لم يفعله الروس والعملاء بهم، اللهم فأهلك المنافقين من حولهم، اللهم أهلك المنافقين من بينهم، اللهم طهر صفوفهم من المنافقين والعملاء والدخلاء، اللهم اجمع شملهم، وسدد رصاصهم، ووحد كلمتهم، برحمتك يا رب العالمين.
اللهم انصر المجاهدين في فلسطين ، اللهم انصر المجاهدين في الفليبين ، اللهم انصر المجاهدين في جميع الأرض يا رب العالمين.
اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحةً وهبته، بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.