اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (72) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم.
وقد فرغنا من دراسة العقيدة والآداب والأخلاق، وانتهى بنا الدرس إلى الدرس الأول من كتاب العبادات، ألا وهو [ في الطهارة ] وفي هذا الفصل [ ثلاث مواد: المادة الأولى: في حكم الطهارة، وبيانها ] يجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يعرف الطهارة، وكيف يستعملها؛ ليطهر ظاهراً وباطناً.
وطهارة الروح: أن يجنب نفسه مدسياتها من الكذب والغش والخداع والزنا والربا والفجور وقتل النفس وما إلى ذلك من سائر الذنوب والآثام، فلابد من تطهير الروح، وقد علمنا وأصبحنا موقنين: أن أصحاب الأنفس الخبيثة لا يدخلون الجنة ولا يرون الله عز وجل؛ لقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، فالذي خبثت نفسه ولوثها بأقذار الذنوب والآثام، ومات على ذلك هيهات هيهات أن يفوز بالنجاة من النار وبدخول الجنة دار الأبرار!
إذاً: حكم الطهارة الباطنة والظاهرة هو الوجوب والحتمية.
شبابنا اليوم تبرنطوا بالبرانيط، يسوقون السيارات، ويتلذذون بزي الكافرين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فهل طهر هؤلاء أرواحهم.
أتريدون أن تكونوا يهوداً أونصارى؟!
كم صرخنا ولكن لا مجيب! هبطت هذه الأمة إلى الحضيض!
كيف ترضى لولدك أن يضع البرنيطة على رأسه؟! من ألزمه بها؟! ومن أوجبها عليه؟! ما هي فائدتها سوى أن يكون كاليهودي أو النصراني والعياذ بالله!
( من تشبه بقوم فهو منهم )، من يرد هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فما إن أحبهم، وأصبح يمشي مشيتهم، ويأكل أكلهم إلا أصبح منهم، فأي مسخ أكبر من هذا؟!
أما النساء ففي أيديهن الهواتف الجوالة، ويرفعن أصواتهن بالكلام في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، فأي مسخ هذا؟! إلى أين ينتهي أمرنا؟! لا يجوز أن ترفع صوتك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لضرورة، فرفع الصوت حرام، فكيف بهذه الهواتف في أيديهن يتبجحن بها؟!
وبعض النساء يلبسن البنطلونات في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كأنهن نصرانيات!
نصيحتي قبل أن أموت: لا يحل للمؤمنة أن تدخل بالهاتف الجوال في مسجد رسول الله وتتكلم به بين الناس، ولا يحل لها أن تتزيا بزي عاهرة أو كافرة، وإن أبت إلا ذلك فهي مثلها، وعاقبتها مثلها.
ما الذي نخسره إذا دخلنا طاهرين طيبين في بيوت ربنا؟!
ما هي الفائدة التي تستفيدها المرأة عندما تلبس لباس اليهوديات والعواهر سوى أنها ترضي الشيطان فقط، وتنتقل العداوة إلى قلبها، فتنكر حتى وجود ربها؟ لماذا هذا؟ من ألزمنا بهذا؟ ومن أكرهنا على هذا؟
هل الجوع الذي حملنا على ذلك؟ فإننا لسنا بجياع.
هل الخوف الذي حملنا على هذا؟ لسنا بخائفين.
بل الذي حملنا على ذلك هو الجري وراء الشهوات واتباع الشياطين.
الطهارة الباطنة: طهارة القلوب من الشرك، والغل، والحسد، والغش، والحقد، والربا، والزنا، كل الباطن، الغيبة، النميمة، كل الذنوب التي ذكرها الله في كتابه وفي سنة رسوله، هي عبارة عن أوساخ كالخراءة للجسم، والبول والنتن للبدن، بل أشد.
[ وطهارة الحدث وهي: الوضوء، والغسل، والتيمم ] نزيل الحدث عن أنفسنا بالوضوء، أو الغسل، أو التيمم إذا ما وجدنا الماء للغسل أو للوضوء نتيمم، فالمتوضئ طاهر طهارة حدث، وكذا المغتسل والمتيمم.
لسنا مأمورين بالصلاة في المسجد فقط، بل في أي مكان تحضر الصلاة نصلي فيه؛ لهذا الحديث: ( جعلت لي الأرض مسجداً ) أولاً ( وطهوراً ) ثانياً، وذلك بأن نتيمم على الأرض من طين، أو تراب، أو سبخة، فنضرب اليدين على الصعيد ونمسح بهما الوجه والكفين.
النصارى المتفوقون والصاعدون للسماء لا يستطيعون أن يصلوا إلا في الكنيسة!
لا يعرفون الله أبداً إلا في الكنيسة!
وهل عرفوا الله؟ والله ما عرفوه، عرفوا إبليس فهم يعبدونه، وإنما من باب فقط أن المسلم يصلي حيث ما وجد وحضرت الصلاة، فلا يقتصر على المسجد فقط، وليس معنى هذا أننا نصلي حيث ما شئنا ونترك بيوت الله، لا يفهم هذا، فإذا كنا في المدينة أو في القرية يجب أن نصلي في بيوت ربنا مع بعضنا البعض، إلا في حالة المرض والضرر والخوف، فحينئذٍ لا بأس أن تصلي في بيتك، أما إذا ما كان هنالك لا خوف ولا ضرر ولا مرض فلا نصلي إلا في بيوت ربنا، وإذا كنا مسافرين فإننا نصلي في أماكننا حيث ما وجدنا، إذا دخل وقت الصلاة؛ لهذا الحديث الصحيح: ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ).
[ ويكون الصعيد متطهراً عند فقد الماء ] أي: لا تستعمل الصعيد إلا مع عدم وجودك للماء [ أو عند العجز عن استعماله لمرض ونحوه ] هنا حالتان: حالة: ما وجدت فيها الماء أبداً، فتستعمل التراب وتتيمم.
وحالة أخرى: الماء موجود ولكنك عاجز عن استعماله لمرض ونحوه فتتيمم.
مداخلة: هل يتوضأ باللبن ؟
الشيخ: هل عصير الفواكه نتوضأ به؟ لا يجوز الوضوء باللبن، ولا بالعسل، ولا بالفواكه، ولا بالخضر، لا يجوز الوضوء إلا بالماء كما خلقه الله، فإن داخله شيء فلا يصح الوضوء به، ولو كان عسلاً.
أهل العلم من سلف الأمة اختلفوا في هذه المسألة: فمنهم من قال: لا يصلي وعليه القضاء. أي: يقضيها بعد أن يطلق سراحه.
ومنهم من قال: يصلي على أي حال، والكل واسع وجائز
[ لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] ] ومعنى (فتيمموا) أي: فاقصدوا. والصعيد الطيب هو أن يكون التراب أو الحجارة أو الرمل طاهراً ليس فيه نجاسة، بنص كتاب الله عز وجل [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإن وجد الماء فليمسه بشره ) ] فالرسول الكريم يعلم أمته أن من لم يجد الماء يوماً، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو عاماً، فعليه أن يتيمم.
وقوله: (وإن لم يجد الماء عشر سنين) من باب المبالغة، (فإذا وجد الماء فليمسه بشرته) فليمس الماء بشرته ويغسلها.
والبشرة: هي الجلدة. والمراد بها جلدة الوجه واليدين والرجلين.
[ ولإقراره صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص ] أقر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه [ على التيمم من الجنابة في ليلة باردة شديدة البرودة، خاف فيها على نفسه إن هو اغتسل بالماء البارد ] أي: خاف على نفسه أن يهلك إن هو اغتسل بالماء البارد، فقد كان في سفر جهاد مع جماعته، فاحتلم فما استطاع أن يغتسل بالماء البارد، فتيمم وصلى، فعابه بعض الأصحاب، فجاءوا به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: ما فعلت؟ قال: كذا وكذا، فقال له: أجزأك ذلك، وأقره عليه. فالتيمم يصح للحدثين الأصغر والأكبر. أي :بدلاً من الوضوء ومن الغسل للجنابة على حد سواء.
النجاسات: جمع نجاسة، وهي الخارج من فرجي ] أي: من قبله ودبره، فكل ما يخرج من الذكر والدبر فإنه نجس، إن كان الخارج من [ الآدمي ] لا النعجة والشاة والبعير؛ لأن الخارج منها من بول أو بعر ليس نجساً [ من عذرة أو بول] العذرة هي الخرأ، والبول معروف [ أو مذي ] وهو الذي يخرج من القبل عندما ينتعش الذكر وينتصب من النظر أو اللمس، وهو ماء رقيق، فإذا خرج فهو نجس يجب غسله [ أو ودي أو مني ] إذا خرج المني فإنه يغسل على الصواب، والخلاف موجود في: هل المني نجس أو طاهر؟ والأفضل أننا إما نزيله بعود إذا كان رطباً، أو نفركه، والغسل أولى [ وكذا بول وروث ورجيع كل حيوان لم يبح أكل لحمه ] إذا كان يباح أكل لحمه ما هو بنجس، إذا كان لا يباح أكله كالحمير والبغال فبوله نجس، والرجيع والبول والروث بمعنى واحد، وهو ما يخرج من البطن [وكذا ما كان كثيراً فاحشاً من: دم أو قيح أو قيء متغير ] الدم إذا كان قليلاً ما يضر، أما إذا فحش وانتشر في الثوب أو البدن ضر، فلا يجوز الصلاة فيه، والقيح القليل لا يضر، وإذا كان كثيراً بحيث أنه يسيل ويلطخ الثوب لا يجوز، والقيء إذا تغير وأصبح كالعذرة؛ لأنه استمر في البطن مدة.. فترة، إذا كان متغيراً فهو نجس، وإذا كان غير متغير فلا بأس به [ وكذا أنواع الميتة ] كل الميتة.. أنواعها وأجزاءها [ إلا الجلود فقط فإنها تدبغ ] أنواع الميتة كلها نجسة إلا الجلود إن دبغت، جلد الشاة أو البعير إن دبغ فلا بأس، فإنه يطهر بالدباغ [ وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أيما إهاب -أي: جلد- دبغ فقد طهر) ] والدباغ معروف عند أهله.
والله تعالى أسأل أن يعلمنا، وينفعنا بما يعلمنا، ويجعلنا من الراشدين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (72) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net