اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (206) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد .. آداباً .. أخلاقاً .. عبادات .. أحكاماً.
وأقول: والله لو يطبق هذا الكتاب في إقليم من الأقاليم فلن تمضي عليهم فترة من الزمن إلا وهم أفضل الناس، وكلمتهم واحدة، وعقيدتهم واحدة، وعبادتهم واحدة، وهم متحابون متآخون، ولكن مع الأسف ما أقبلنا أبداً على الصراط المستقيم، وما زلنا مفرقين مشتتين، ويا لها من محنة!
وهذا الكتاب قد ترجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والفارسية، وأيما مؤمن يضعه عند رأسه إن كان يحسن القراءة والكتابة والفهم فيقرأ منه كل ليلة صفحة أو بعض صفحة فلن تمضي سنة إلا وهو من أعلم الناس.
وهذا الكتاب لو طبق في البلاد الإسلامية لأغنى عن المذهبية والطائفة والحزبية أبداً، فهو ليس فيه إلا قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وما خرج أبداً عن منهج السلف الصالح، وهم أصحاب رسول الله وأولادهم وأحفادهم.
وها نحن انتهى بنا الدرس إلى هذه المقطوعة، فهيا بنا نسمع ونصغي ونتعلم.
[ ثامناً: ولاية القاضي ] ويجب أن نعرف كيفية هذه الولاية [ تتناول ولاية القاضي، ويدخل تحت اختصاص منصبه ] أي: منصب القاضي [ ما يلي:
أولاً ] مهمة القاضي ووظيفته: [ الفصل بين المتخاصمين ] وذلك [ في سائر الدعاوي والقضايا بأحكام نافذة ] وهي التي لا بد وأن تطبق [ أو بصلح يرضي الطرفين ] المتخاصمين [ عند تعارض البينات أو خفاء الحجج ] على بعضها [ أو ضعفها ].
[ ثانياً ]: من مهمة القاضي الإسلامي [ قهر الظلمة ] من الناس [ والمبطلين، ونصرة أهل الحق والمظلومين، وإيصال الحق إلى أهله ].
[ ثالثاً: إقامة الحدود ] كحد القتل والزنا وما إلى ذلك [ والحكم في الدماء والجراحات ] كما بينها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
[ رابعاً: النظر في الأنكحة ] أي: الزواج كيف تم [ و] في [ الطلاق ] كيف تم [ و] في [ النفقات ] ما هي، ولمن تعطى، ومقدارها [ وما إلى ذلك ].
[ خامساً ] من مهمات القاضي: [ النظر في أموال غير الراشدين من يتامى ومجانين وغيب ومحجور عليهم ] ويتولى ذلك.
[ سادساً: النظر في المصالح العامة في البلد من طرقات ومرافق وغيرها ] لأنه القاضي.
[ سابعاً: الأمر بالمعروف ] وهو ما عرفه الله في كتابه، وشرحه رسوله [ وإلزام الناس بفعله، والنهي عن المنكر وتغييره، وإزالة أثره من البلاد ] لتطيب وتطهر.
[ ثامناً ] من مهماته ومسائله وما يقوم به: [ إمامة الجمعة والأعياد ] فالقاضي هو الذي يصلي بالمؤمنين الجمعة والأعياد.
أولاً: إذا علم القاضي عدالة الشاهد حكم بها - أي: الشهادة- ] وإذا علم القاضي أن الشاهد ليس عدلاً فلا يحكم بشهادته؛ إذ لا بد أن يكون الشاهد براً تقياً صادقاً.
[ ثانياً: إذا ادعي على امرأة ذات حجاب ] لا تكشف وجهها، وليست عجوزاً [ ولم تكن برزة ] أي: ظاهرة للناس [ تقوى على مخاطبة الرجال وحضور المحاكم لم تكلف بالحضور، ويكفيها أن توكل من ينوب عنها في حضور الدعوى ] فقط.
[ ثالثاً: لا يحكم القاضي بعلمه بل بالبينة ] والشهود واليمين [ حتى لا يتهم في عدالته ونزاهته ] وذلك [ لقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: لو رأيت رجلاً على حد من حدود الله ما أخذته، ولا دعوت له أحداً ] ليشهد معه [ حتى يكون معي غيري ] فلا بد من شاهدين.
[ رابعاً: إن ادعي على حاضر ] في المدينة أو في البلد [ وجب حضوره، ولا يصدر حكم في غيبته إلا أن ينيب عنه وكيلاً ] فإن أناب عنه وكيلاً قضى الحاكم عليه [ وإن كان غائباً استدعي وطلب حضوره ] أيضاً [ أو وكل من ينوب عنه ] فلا بد من ذلك.
[ خامساً: يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في غير الحدود ] فإذا كتب قاضي المدينة إلى قاضي جدة فيقبل هذا في غير الحدود؛ إذ الحدود لا يقبل فيها هذا [ إذا هو أشهد عليه شاهدين ] على خطابه وبعث به لقاض آخر، فيطبق القاضي الثاني هذا الحكم إلا في الحدود فلا؛ لما لها من قيمة.
[ سادساً: لا تسمع دعوى لم يحررها المدعي، كأن يقول: لي على فلان شيء، أو يقول: أظن أن لي عليه كذا ] فهذا لا يقبل [ بل حتى يسمي الشيء ] ويبينه، كأن يقول: لي على فلان: سيارة .. طيارة .. باب .. بيت .. بستان [ ويجزم بما يدعي فيه على المدعى عليه ].
[ سابعاً: حكم القاضي في الظاهر لا يحل حراماً في نفس الأمر ] فإذا حكم القاضي لك بقضية فلا تظن أنها قد صارت حلالاً وأنت تعلم أنها حرام [ ولا يحرم حلالاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر)] ولست ملكاً [ ( وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته ) ] وأفصح [ ( من بعض، فأقضي بنحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار ) ] والعياذ بالله.
[ ثامناً ] وأخيراً: [ إذا تعارضت البينتان ولم يوجد مرجح لإحداهما قسم ] القاضي [ المدعى به بين المتخاصمين؛ لقضاء الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك ].
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد.
وقضاة المؤمنين عامة لا يدرسون هذا ولا يعرفونه، وإنما يتخرجون من مدارس أوروبا. والعياذ بالله.
وهذا الكتاب - يا معشر المؤمنين والمؤمنات! والله- ليجمع كلمة المسلمين ويوحد دولتهم ونظامهم، وهو والله شرع الله، قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يبقي طائفية ولا مذهبية أبداً، بل يجعل المسلمين جسماً واحداً، أسلموا قلوبهم ووجوههم لله، ويطيعون الله ورسوله فيما أوجب وفيما نهى، وكلهم أولياء الله وأتقياء، فينصرهم الله على أعدائهم، ويعزهم ولا يذلهم، ويكرمهم ولا يهينهم، فإن ماتوا فهم في دار السلام، الجنة دار الأبرار، لكن العدو عرف هذا فاحتال علينا، ومزق شملنا، وشتت مذهبنا، وأصبحنا طوائف وأحزاباً. والعياذ بالله.
الجواب: نعم عليك هدي؛ لأنك تمتعت، ولبست ثيابك وتحللت وتطيبت، فهذا يجب عليك فيه الهدي، وكون العمرة لك والحج لغيرك ليس هناك فرق بينهما ما دمت قمت بهما أنت، ولو أن شخصاً اعتمر عن شخص وآخر حج عنه فليس في ذلك هدي.
الجواب: أن يكون مؤمناً موحداً، سليم العقيدة الصحيحة، عالماً بالكتاب والسنة، وما سمعناه في هذا كاف.
الجواب: لا نتقاضى عنده أبداً، فإذا اختلفت مع أخي أو مع جاري في دكان أو في كذا فنتفاهم فيما بيننا ونتسامح، ولا نتقاضى عند قاض لا يحكم بشرع الله، فلا يجوز أن نتقاضى عند قاض لا يطبق شرع الله أبداً، فإنه قد يحكم لك بالباطل أو يحكم للآخر بغير حق، فإذا اختلفت مع أخ من إخوانك المؤمنين فتفاهم معه وتسامح.
الجواب: نعم يجوز، فإذا عجز الحاج عن الرمي في النهار بسبب الزحام فإنه يرمي في الليل ولا حرج؛ إذ العبرة من الرمي هي تكبير الله عز وجل، وسبب رمي الجمار: كان الخليل إبراهيم عليه السلام بمكة، وقد رزقه الله ولداً سماه إسماعيل، ولما بلغ إسماعيل السنة الثانية أو الثالثة أو الرابعة وهو طفل أوحى الله إليه أن يذبحه في منى، وهذا امتحان من الله، هل هو حقيقة خليل لله؟ وهل سيستجيب لما طلب منه أو يتنكر؟ فما كان منه إلا أن قال لـهاجر أم إسماعيل: طيبيه وطهريه، وأخذه بيده إلى منى عند الجمرة الأولى، وإذا بالعدو إبليس قائم مقام الحجر، فقال: يا هذا! أين تذهب؟ كيف تذبح طفلك وفلذة كبدك؟ أين يذهب بك عقلك؟ فرجمه بحصيات ومشى، ثم اعترضه في الجمرة الوسطى، وقال له: يا إبراهيم! كيف يأمرك الله بذبح طفلك؟ وكيف يتم هذا منك؟ فرماه، وهكذا حتى الجمرة الثالثة، فطرح ولده عن يمينه أرضاً والسكين في يده، وإذا بجبريل عليه السلام قائم إلى جنبه ومعه كبش من الجنة في يده، فقال له: اترك هذا واذبح هذا، فنجى الله إبراهيم وإسماعيل، وتجلت كرامة الله في إبراهيم وإسماعيل.
هذا سبب رمي الجمرات، فهذا هو المكان الذي اعترض فيه الشيطان لإبراهيم؛ حتى لا يستجيب لأمر ربه ويطيعه؛ لأن هذا العدو والله لا يرضى منا عبادة أبداً، فهو يريد ألا نعبد الله حتى نهلك وندخل النار معه. هذا هو سر رمي الجمرات، وعلمنا ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وسنها لنا.
أما السر في أننا نسعى بين الصفا والمروة، ونهرول بين الميلين الأخضرين: هو أنه لما ذهب إبراهيم إلى مصر بعد أن هاجر من بلاد العراق بعد أن حكموا عليه بالإعدام ونجاه الله اتجه غرباً، فدخل مصر ومعه زوجته سارة بنت عمه عليها السلام، فلما رآها القوادون - في لغة المغرب، والجرارون في لغة اليمن- قالوا: هناك امرأة أجمل النساء وسنأتيك بها، فقال لها: يا سارة ! إذا سألك عني هذا الحاكم فلا تقولي: زوجي، فلو قلت ذلك لقتلني وأخذك، ولكن قولي: هو أخي فقط، وجيء بها، فجلست بين يديه، فأراد أن يضع يده عليها فيبست يده، وكلما هم أن يمسها يصاب بالشلل فوراً وتيبس، فقال: ابعدوا عني هذه، وأعطوها جارية كرامة لها، فأعطوها هاجر تخدمها؛ لما تبين له من كمالها، فأخذت هاجر معها إلى إبراهيم، فحمد الله وأثنى عليه أنه نجى امرأته من الهلاك وأعطاه هذه الجارية، فتسرى بها إبراهيم؛ لأنها جارية، فأنجبت إسماعيل، فلما أنجبت إسماعيل غضبت سارة وتألمت وحزنت؛ لأن الجارية تلد وهي لم تلد، وقد عاشت مع إبراهيم سبعين سنة أو ثمانين، فما كان من إبراهيم إلا أن أبعدها عنها، فذهب بها إلى وادي مكة، وأبقاها في مكة، وعاد إلى سارة في بلدها وأنجبت له ولداً أيضاً.
وتمضي الأيام وإسماعيل بين يدي أمه في الأيام الأولى أصيب بالعطش وفقد الماء وفقد الحليب، فكان يتلوى عند الكعبة ورأته أمه، فنظرت يميناً وشمالاً فرأت الصفا أقرب جبل إليها فسارت إلى الصفا وعلت فوقه ونظرت ونادت: هل من مغيث؟ يغيث ولدها بالماء قبل أن يموت، فما استجاب لها أحد، فنظرت مرة أخرى وإذا بالمروة أمامها وهو جبل آخر، فعلت فوقه ونظرت ونادت ثم هبطت، فلما هبطت الوادي كانت تسرع بين الميلين الأخضرين حتى تخرج منه وترى يميناً وشمالاً؛ علها ترى إنساناً يحمل الماء، حتى وصلت إلى المروة فارتفعت فوقها، ونظرت يميناً وشمالاً فلم تر أحداً، وفي المرة السابعة ناداها مناد فقالت: أسمعت، وإذا بجبريل عليه السلام واقف على الطفل إسماعيل وهو يتلوى من شدة العطش، ففعل جبريل هكذا بقدمه - وهو في صورة إنسان- ففاض زمزم، فأخذت هاجر تضمه بالتراب وتزمه؛ حتى لا يضيع ويذهب ولا تستفيد منه، فسمي بذلك زمزم، ومن ثم زمزم إلى اليوم من تلك الحفرة من كعب جبريل في الأرض، وهو شفاء لما شرب له، فهو آية من آيات الله، فقد خلد هذا الماء آلاف السنين.
وأراد الله عز وجل أن يحيي ذكرى هاجر أم إسماعيل، فسن لرسولنا وأمة الإسلام السعي بين الصفا والمروة، لنذكر هذه الحادثة، وهي تطلب الماء لولدها. هذا السعي.
الجواب: الذي يصوم الأيام البيض في كل شهر كأنما صام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فاليوم بعشرة أيام، فالثلاثة الأيام بثلاثين يوماً، وهذا هو الشهر، فالمسافر في الحج إن صامها فهو خير له، وإن لم يصم فلا شيء عليه، وهذه ليست فريضة حتى يخاف، بل المسافر في شهر رمضان له أن يصوم إن استطاع ذلك أو يفطر.
الجواب: الآن لا أذكر هذا، فأقول: الله ورسوله أعلم، وحرام علي أن أقول ما لا أعلم، ويوم عرفة يوم فاضل سواء كان يوم الخميس أو الجمعة، ويوم الجمعة أفضل الأيام وليس في ذلك شك، ولا يجوز أن تصومه في بلادك، ويوم عرفة لا يصومه الحاج أبداً؛ فهو يوم ذكر ودعاء، ويكره له صيام يوم عرفة، ويوم الجمعة لا يصام إلا أن يصوم يوماً قبله كالخميس أو يوماً بعده كالسبت، ولا يخص وحده بصيام، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك سواء كان حاجاً أو غيره.
وصيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين، العام الماضي والعام القادم، وأما الحاج فلا يصومه، فقد اضطرب الصحابة في عرفة هل رسول الله صلى الله عليه وسلم صائم أو مفطر؟ فأتي له بماء فشربه؛ لأن يوم عرفة يوم تعب وذكر ودعاء، وليس يوم راحة، فلهذا لا يحسن بك أن تصوم في عرفة، بل عندما تكون خارج عرفة في بلادك.
الجواب: هذا والله من إيحاءات الشيطان وأقسم بالله، فقد حملها على أن تكفر بالله وتشرك به وتعبد غيره والعياذ بالله، وهذا باطل، والذي قال هذا إما أن يتوب أو يهلك والعياذ بالله.
وقد كان واجبه أن يدعوها أن تصبر وتحتسب، أو يساعدها في منزل تسكنه، لا أن يقول لها: اعبدي غير الله أو ادعي غير الله، فهذا هو الجهل، ووالله إنه لجهل، فهو لم يعرف الله ورسوله، ولا عرف ما في كتاب الله ولا ما في هدي رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى وسوس لها هذا الوسواس.
الجواب: نعم، ينبغي أن تسجد سجود السهو بعد أن تتشهد التشهد الأخير، فتكبر وتسجد سجدتين وتسلم، فتجبر ذلك الكسر، وتعوض ذلك الأجر، وكل من نسي سنة من سنن الصلاة يسجد قبل السلام ليجبرها.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (206) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net