اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (205) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي -أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد .. آداباً .. أخلاقاً .. عبادات .. أحكاماً، ووالله أن الكتاب ما خرج عن كتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو طبق هذا الكتاب في بلد من بلاد العالم الإسلامي والله لعزوا وسادوا، وطابوا وطهروا، واتحدت كلمتهم وعقيدتهم وعبادتهم، ووالله لو يطبق هذا الكتاب في إقليم من أقاليم بلاد المسلمين لأصبحوا أعز وأطيب وأطهر أمة؛ لأنه شرع الله الذي أوحى به إلى رسوله، وأنزل به كتابه، وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو يجمع المسلمين، فلا فرقة أبداً، ولا مذهبية ولا طائفية أبداً، وإنما مسلمون قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
وها نحن مع [ الفصل الثاني عشر: في أحكام القضاء والشهادات.
وفيه ثلاث مواد:
المادة الأولى: في القضاء:
أولاً: تعريفه: القضاء بيان الأحكام الشرعية وتنفيذها.
ثانياً: حكمه: القضاء من فروض الكفاية، فعلى الإمام ] أي: الحاكم [ أن ينصب في كل بلد من بلاد ولايته قاضياً ينوب عنه في تبيين الأحكام الشرعية ] أي: يلزمه ببيان الأحكام الشرعية [وإلزام الرعية بها] وذلك [لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم ) ] وهؤلاء مسافرون في البر فقط، فلا ينبغي أن يوجد ثلاثة إلا ويؤمروا عليهم أحداً يقودهم، فكيف بإقليم كامل أو دولة كاملة؟
أولاً: [ الإسلام ].
ثانياً: [ العقل ].
ثالثاً: [ البلوغ ].
رابعاً: [ الحرية ].
خامساً: [ العلم بالكتاب والسنة ].
سادساً: [ معرفة ما يقضي به ].
سابعاً: [ العدالة ] أن يكون عادلاً.
ثامناً: [ وأن يكون سميعاً بصيراً متكلماً ] وأهل الفقه يقولون: التكلم ليس بشرط، فلو كان غير متكلم فلا بأس، ويكفي أن يكون يسمع ويبصر، وألا يكون أخرس.
أن يكون قوياً من غير عنف، وليناً من غير ضعف؛ حتى لا يطمع فيه ظالم، ولا يهابه صاحب حق، وأن يكون حليماً في غير مهانة؛ حتى لا يتجرأ عليه سفهاء الخصوم، وأن يكون ذا أناة وروية في غير ما مماطلة ولا إهمال، وأن يكون فطناً ذا بصيرة في غير إعجاب بنفسه، ولا استخفاف بغيره، وأن يكون مجلسه في وسط البلد، فسيحاً يسع الخصوم، ولا يضيق عن الشهود، يعدل بين المتخاصمين في لحظه ونظره ومجلسه والدخول عليه ] كذلك [ فلا يؤثر خصماً دون آخر في شيء من ذلك، وأن يحضر مجلسه الفقهاء، وأهل العلم بالكتاب والسنة، وأن يشاورهم فيما يشكل عليه ].
أولاً: أن يحكم وهو غضبان ] فلا ينبغي أن يحكم وهو غضبان [ أو شاعر بتأثر من مرض ] فلا يحكم وهو مريض [ أو جوع ] فلا يحكم وهو جائع [ أو عطش ] فكذلك لا يحكم، [ أو حر، أو برد، أو سآمة، أو كسل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقضينَّ حاكم بين اثنين وهو غضبان ) ] وكذلك العطشان والجوعان ومن به الحر والبرد والكسل والسآمة.
[ ثانياً: أن يحكم بدون حضور شهود.
ثالثاً: أن يحكم لنفسه، ولا لمن لا تقبل شهادته لهم كالولد والوالد والزوجة ] فلا يحكم لهم، بل يحكم قاض غيره.
[ رابعاً: أن يقبل رشوة على حكم ] فهذا ممنوع ولا ينبغي [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم ).
خامساً: أن يقبل هدية ممن لم يكن يهاديه قبل تولية القضاء ] فلا يقبل هدية من شخص لم يكن يهاديه قبل القضاء [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذه بعد ذلك فهو غلول ) ] والعياذ بالله تعالى. هذا ما يتعلق بالقضاء، وسيأتي ما بقي منه فيما بعد.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
الجواب: نجمع بينهما بأن يوسف قال لكافر في الدولة ليس مسلماً ولا مؤمناً، فقال: أعطني منصباً حتى أحكم، فحكم وساد، وأما أنت فلا تطلب القضاء أبداً، فإن طلبته فإنما تطلبه لمصلحة لك تتعلق بك.
الجواب: إذا منعها لحصول شيء في هذا العام فتؤجله إلى عام آخر، وإذا كان يقول: لا تحج هذه المرأة فتطالب بالطلاق وتحج، ولا تبقى معه أبداً، فإن قال: نحن في حاجة إليها في هذا العام، والعام المقبل إن شاء الله تحج فلا حرج، إذا كان هناك حاجة تتطلب بقاؤها بينهم.
مداخلة: هل يفرق بين الفرض والنافلة، إذا كان فريضة الله عليها؟
الشيخ: نعم، إذا كان الحج فريضة، وأما النافلة فلا كلام، فالمرأة لا تحج إلا حجة واحدة، فالرسول الكريم قال لنسائه: ( إنما هذه والحصر ). فالمؤمنة تكفيها حجة الفرض، ولا تتنفل في الحج أبداً.
الجواب: من هاد يهود إذا رجع إلى شيء.
الجواب: النصارى سموا نصارى لأنهم أرادوا أن ينصروا عيسى ودينه.
الجواب: مادام هناك منكر فاتقه ولا تحضر، ولو لم يوجد منكر فينبغي أن تستجيب لدعوة الداعي، فقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ( من دعي إلى وليمة يجيبها ). إلا إذا كان هناك عذر أو مرض أو ما إلى ذلك أو بدعة أو منكر في هذا العرس فلا يحضر ولا حرج.
الجواب: لا أحد يراك وأنت في بيتك تتهجد، فالتهجد يكون في البيوت، وفي بيتك إذا رأتك أمك أو أبوك فرح بذلك، فلا رياء في هذا أبداً، فهذا وسواس، فتهجد ما استطعت، وإن عجزت فلا حرج.
الجواب: أقسم لكم بالله الذي لا إله غيره أن وضع اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر هكذا سنة الأنبياء من قبل نبينا إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم، فالوقوف بين يدي الرب يكون هكذا، وهذا مالك إمام هذا المسجد رحمه الله في موطئه الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله يقول فيه: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت، ووضع اليد اليمنى فوق اليسرى على الصدر). هكذا. فهذه سنة الأنبياء عامة، وتركها المخالفون لأهل السنة والجماعة الروافض .. الزيدية .. الأباضية، وكل الفرق الهابطة خرجت من هذا؛ حتى تستقيل ولا تكون مع جماعة المسلمين، فالروافض يصلون معكم ولا يقبضون، وكذلك الزيدية، وكذلك الأباضية، وغيرهم، فالطوائف هذه كلها لا تقبض، وقد وقع هذا الخطأ لبعض المالكية، وليس علماؤهم، ولعل السبب في ذلك هو مسألة سياسية، فقد أرادوا أن لا يخرجوا عن الأباضية أو الزيدية أو غيرهما في ظروف معينة وقد مرت، فأخذ بعضهم هذا، وإلا مالك في موطئه يقرر هذه السنة وبينها، فلا يقل من لا يقبض: أنا مالكي، فأنا والله ما أخاطبكم إلا بعلم، وبعض المالكية توارثوا هذا، ومالك إمامهم كان يقبض، وسن القبض، وحدثنا به، وكبار علماء المالكية كلهم يقبضون، ولكن صغارهم فقط المقلدون.
ومن هنا علينا أن نجتمع على دين الله، فيا أباضي! اجعل يديك على صدرك، ويا زيدي! ويا رافضي! ويا شيعي! ويا كذا! كن مع جماعة المسلمين، أهل السنة والجماعة الثلاثة القرون، والرسول يقول: ( خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ). ثم تفرقت الأمة وتمزقت، وفرقها ومزقها الثالوث الأسود المكون من المجوس واليهود والنصارى، فمزقوا دينها وشرعها والعياذ بالله، والآن أفقنا فلنرجع إلى الصواب.
الجواب: لا يفعل هذا مؤمن أبداً، فهذا ضد الإسلام وضد وحي الله وشرعه، إلا إذا طلقها للخوف عليها من أن تحدث فجوراً إذا غاب عنها، أو غير ذلك، فيمكن أن يقول: أنا أبعدها عن هذه الفتنة، وأما أن يطلقها حتى لا ترث فهذا باطل، ولا يجوز أبداً.
الجواب: إذا قصد حرمانها يقع، فإذا طلق وقال: أنت طالق وكتب لها فقد طلقت وانتهت. والمطلقة شرعاً لا ترث، إلا ما دامت في العدة، فإذا مات وهي في العدة ترث، وأما بعد العدة فلا ترث.
الجواب: بر الوالدين، الإحسان إليهما، وحرمة الإساءة إليهما، فصوتك لا ترفعه فوق صوت أمك أو أبيك، وإذا مشيت مع أبيك فلا تمش أمامه، بل امش وراءه أو إلى جنبه، ولا تمنع والدك ولا أمك من شيء طلباه منك، إلا ما طلبوه من الحرام فلا؛ ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ). فإذا أمرك أبوك أن تعصي الله فلا تطعه، وإذا أمرتك أمك أن تعصي الله فلا تطعها أبداً، واحفظوا هذه الكلمة، ( إنما الطاعة في المعروف ) لا في المعصية، فلا نطيع أباً ولا حاكماً ولا غيرهما في معصية الله أبداً؛ لأننا مخلوقون لعبادة الله، فلا نطيع المخلوقين ونعصي ربنا وخالقنا، ( إنما الطاعة في المعروف ) فقط، لا في المعصية، فلهذا إذا أمرتك أمك أن تزني فلا تستجب، أو أن تتعامل بالربا فلا تستجب، وإذا أمرك والدك أن تترك الصلاة أو أن تتأخر عن الصلاة فلا تستجب، وإذا أمرك أن تحلق لحيتك فلا تستجب، وهكذا، ( إنما الطاعة في المعروف ). فأحسن إلى أبويك ولا تؤذهما.
الجواب: ما ورد في السنة، لكن فعله بعض السلف ولا حرج.
الجواب: على المؤمن - اسمعوا عباد الله!- أن يقول: أنا مسلم، أسلمت قلبي ووجهي لله، إن أمرني الله بالقول قلت، وإن نهاني عن القول تركت، وإن أمرني بالمعتقد الفلاني اعتقدته، وإن نهاني عنه تركته، فيقول: أنا مسلم، ولست وطنياً ولا غير ذلك، والمسلمون أمة واحدة، دينهم واحد، وشرعهم واحد، فهم جماعة واحدة، لا تقبل التمزيق أبداً، فلا تقل: أنا مالكي ولا شافعي، ولا إباضي ولا زيدي، ولا كذا ولا كذا، بل نحن مسلمون فقط، فدلونا على ما يحب ربنا فنفعله، وعلمونا ما يكره ربنا فنتركه؛ حتى نعبد الله وحده ولا نعبد معه سواه، هذا موقف المسلم الذي عرف الطريق، فلا شعبية ولا قبلية ولا طائفية ولا وطنية ولا غير ذلك، وإنما مسلم فقط، يعبد الله بما شرع، فإذا سمع قال الله أو قال رسوله صلى الله عليه وسلم كذا فعل، وإذا سمع نهى الله أو نهى رسول الله ترك، فهو مسلم رجاؤه أن يرضى الله عنه، وأن يدخله الجنة إذا أماته. وأما القبلية والطائفية والأحزاب والجماعات فكلها باطلة.
أعود فأقول والحجاج موجودون: والله لو يجتمع حكامنا ومع كل حاكم عالمان من بلاده في هذه الروضة الشريفة ويبايعوا إماماً لهم في الروضة يكون إماماً للمسلمين، ويأخذوا فقط منهاج المسلم والدروس التي معه، ويطبقونه لأصبحت أمة الإسلام أعظم أمة على وجه الأرض، ولارتعدت الدنيا وارتبكت من وجود هذه الدولة، التي هي مئات الملايين، ويمكنها أن تطبق شرع الله في يوم واحد، فلا زنا ولا ربا ولا غش ولا كذب ولا خداع، وإنما قال الله وقال رسوله، والأمر والله أسهل ما يكون، فلسنا كالزمان الأول، فقد كان من يأتي من إندونيسيا يحتاج إلى سنة كاملة حتى يصل، وكذلك من يأتي من موريتانيا، والآن في يوم واحد يجتمعون في الروضة، وليأخذوا هذا الكتاب ويطبقوه، فهذا الدستور معهم، وفي أربعين يوماً فقط وأمة الإسلام أعظم أمة في الأرض، ولكن ما يقبل هذا اليهود ولا النصارى ولا المجوس، وليس علينا أن نرضيهم، بل ماداموا لا يقبلون فنلزمهم به، ولا بد وأن نفعل هذا، ولا عذاب ولا شقاء لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا والله لأعظم سعادة، ويكرب اليهود والنصارى ويصابون بالهم والكرب، ويختنقون، فدعهم يموتون من الكرب والحزن، وهذا لا يكلفنا شيئاً، فقد بايعنا إمامنا في الروضة الشريفة، وأخذنا الدستور الإسلامي وطبقناه في قرانا ومدننا، وانتهى الظلم والفسق والفجور والخيانة والكذب والشح والبخل والباطل، وكل هذا ينتهي في يوم واحد. والله تعالى أسأل أن يوفقهم لهذا، وأن يجمعهم في يوم من الأيام.
الجواب: الجنازة: هي أن يموت مؤمن أو مؤمنة، كبيراً أو صغيراً، فيغسل ويكفن، ويؤتى به للصلاة عليه أمام المسجد أو في المسجد أو قريباً من المقبرة، ويقف الإمام والأمة وراءه، ويقول: الله أكبر، ويضع يديه على صدره، فهذه سنة الأنبياء، ويقرأ الفاتحة، أي: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، أو يحمد الله ويثني عليه ولا يقرأ الفاتحة، ويجزئه ذلك، ثم يرفع يديه قائلاً: الله أكبر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية، ثم بعد ذلك يرفع يديه قائلاً: الله أكبر، ويدعو للميت، فإن كان رجلاً قال: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وإن كانا اثنين قال: اللهم اغفر لهما وارحمهما، وإن كانوا ثلاثة قال: اللهم اغفر لهم وارحمهم، وإن كانت امرأة قال: اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها واعف عنها، وإن كانتا اثنتين قال: اللهم اغفر لهما وارحمهما، وإن كن ثلاث مؤمنات فأكثر قال: اللهم اغفر لهن وارحمهن، وإن كان طفلاً قال: اللهم اجعله لوالديه سلفاً وذخراً، وفرطاً وأجراً، وثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، ولا تحرمنا وإياهم أجره، ولا تفتنا وإياهم بعده، اللهم ألحقه بالسلف الصالحين، في كفالة أبيه إبراهيم؛ لأن الأولاد يلتحقون بإبراهيم، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه قائلاً: السلام عليكم، هذه هي صلاة الجنازة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم.
وإذا كانت الميتة امرأة يقف الإمام في وسطها، وإذا كان رجلاً يقف عند رأسه. وهذا استحباب فقط وليس واجباً. نعم.
الجواب: تحرم من المكان الذي أنت فيه، في بيتك .. غرفتك .. منزلك .. الفندق الذي أنت فيه، فتحرم من مكانك، ولا تطالب بالخروج إلى الحل أبداً، ولا قال بهذا أحد، فتحرم من المكان الذي أنت فيه.
ومن أراد أن يحرم عن ميت بعمرة فلا بد وأن يخرج من مكة إلى التنعيم، وأما إذا أحرم بعمرة وتحلل وبقي في مكة وجاء الحج فيحرم من المكان الذي هو فيه، سواء فندق أو منزل أو غيرهما.
الجواب: قل: اللهم اغفر له وارحمه، فهو عبد من عباد الله، وأما أن تدعوه وتستغيث به أو تسافر بالطائرة لتزور قبره فهذا والله باطل ومنكر، ولا يجوز أبداً لمسلم أن يسافر من بلد إلى بلد من أجل زيارة قبر مهما كان صاحبه، حتى قبر الرسول لا تسافر من أجله، ووالله ما فعل هذا أحد من السلف، وإنما تأتي إلى المدينة من أجل المسجد النبوي، فإذا صليت ركعتين فأعظم شيء هو أن تقف أمام الرسول وتسلم عليه، وأما أن تخرج من إيطاليا أو أسبانيا أو المغرب لزيارة قبر الرسول فهذا كذب وباطل، ولست في حاجة إلى هذا؛ لأنك مع رسول الله في كل ركعتين عندما تقول فيهما: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، وهذا الذي معك قال: ( صلوا علي حيثما كنتم؛ فإن صلاتكم تبلغني ). فكونه يسافر من أجل أن يسلم عليه في قبره هذا لا يفعله ذو عقل أو دين، بل هذا كله جهل وظلام والعياذ بالله تعالى.
الجواب: والله لا تجوز، وصلاته باطلة، حتى يسلم قلبه ووجهه لله، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ويدخل في الإسلام، فالذي يدعو الأولياء ويستغيث بهم قد كفر وأشرك والعياذ بالله، فلا تصح صلاته ولا صلاة من ورائه، ويجب أن يعلموه، وأن يرشدوه، ويقولوا له: يا عبد الله! أنت مؤمن، وتقول: لا إله إلا الله، فكيف تجعل الأولياء آلهة مع الله تدعوهم وتستغيث بهم وتحلف بهم والعياذ بالله، فتب إلى ربك، ولو التف حوله المؤمنون فإنه سيتوب إلى الله عز وجل، ولن يبقى على هذا الشرك والعياذ بالله.
الجواب: التجاني نسبة إلى أحمد التجاني ، وقد كان بالديار المصرية وانتقل إلى الديار المغربية والجزائرية في القرن العاشر.
ونقول: لا عجب! فالثالوث الأسود المكون من المجوس واليهود والنصارى عرفوا أن هذه الأمة قد سادت وعزت بكتاب الله، وهدي رسول الله، فعزموا على تمزيقها وتشتيتها وإبعادها عن كتاب الله، وحسبكم آية من ذلك: أن القرآن لا يقرأ إلا على الموتى، ووالله العظيم لا يجتمع اثنان ولا ثلاثة تحت شجرة أو في ظل أو في بيت يتدارسون كتاب الله أبداً، بل قالوا: إن قراءة القرآن وتفسيره وصوابه خطأ، وخطؤه كفر، ومن ثم قتلونا فهبطنا وانتهينا. والعياذ بالله.
والشيخ أحمد التجاني يقول: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ، وأنه جاءه الرسول وهو جالس يقرأ، وهذه الكلمة لا تصح، ولا يمكن هذا، فهذا والله مستحيل، فالرسول لم يخرج لـفاطمة وهي تبكي يوم مات، ولم يخرج لـعلي وهو في حرب مع الخوارج، فكيف يخرج للتجاني ويشاهد التجاني الرسول صلى الله عليه وسلم؟! فقد كذب على رسول الله وكذب على الله، وكذب على أمة الإسلام، ثم أفظع من ذلك يقولون: صلاة الفاتح تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن، وهذا فيه إبعاد للناس عن كتاب الله بالمرة، فنعوذ بالله من هذا ونبرأ إلى الله منه، ولا يحل لمؤمن أن ينتسب ويقول: أنا تجاني، أو أنا على الطريقة التجانية، ولا يصلي هذه الصلاة المبتدعة أبداً، ولكن لا لوم ولا عتاب، فكلامي هذا والله ما قالوه ولا سمعوه، بل إنهم يعيشون في البدعة من قبل مائتين أو ثلاثمائة سنة، فأصبحوا أمة هابطة، وهذا هو الجهل، نعوذ بالله من ذلك.
الجواب: نعم، هذا قطعاً وحقاً وصدقاً في القرون الثلاثة، عهد الرسول وأصحابه وأولادهم وأحفادهم، ( خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ). ليس في ذلك شك، فقد عبدوا الله ودعوا البشرية إلى الإسلام، ودخلت أمم وشعوب في الإسلام، وكلهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإذا فعلنا كما فعل أصحاب رسول الله وأولادهم لنلنا هذا الشرف، فلو أمرنا دولة من الدول بالدخول في الإسلام، أو كونا هيئة كرابطة الإسلام تنشر الإسلام في الشرق والغرب لأدينا هذا، وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، لكن إذا لم نستقم على دين الله فإننا لن نظفر بذلك الخبر الإلهي.
هيا بنا ندعو دعوة، أولاً: لمريض أوصانا بذلك، وثانياً: للأمة الإسلامية؛ ليجمع الله شرفها وكمالها، وثالثاً: أن يغيثنا الله ويسقينا؛ لأن بلادنا فيها قحط.
اللهم يا أرحم الرحمين! يا أرحم الرحمين! يا أرحم الرحمين! اجمع كلمة المسلمين، اللهم وحد صفوفهم ودولتهم ونظامهم يا رب العالمين! واجعلهم أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعبدك وحدك يا رب العالمين!
اللهم يا رب! أصلحنا وأصلح فسادنا، واجمعنا على الحق يا رب العالمين!
اللهم إنا نستغيثك فأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم إن عبدك سعداً يدعونا أن ندعوك له بالشفاء، اللهم اشفه وعجل بشفائه، اللهم اشفه وعجل بشفائه، واشف كل مريض فينا وفي بيوتنا ومشافينا من المؤمنين والمؤمنات يا حي يا قيوم! إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (205) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net