اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (199) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، فقد جمع المسلمين على منهج الحق .. على منهج أهل السنة والجماعة، فلا طائفية ولا مذهبية، ولكن قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه المقطوعة [ الفصل الحادي عشر: في الحدود ] والكتاب والله كأنه دستور إسلامي، وفيه مواد وفصول.
[ وفيه ] أي: كتاب الحدود [ تسع مواد:]
أولاً: تعريف الحد والخمر، الحد هو: المنع من فعل ما حرم الله عز وجل ] إما [ بواسطة الضرب أو القتل، وحدود الله تعالى ] هي [ محارمه التي أمر أن تتحامى ] ويبتعد عنها [ فلا تقرب ] أي: فلا يقربها أحد.
[ والخمر: المسكر من كل شراب أياً كان نوعه ] فكل ما يسكر فهو خمر حتى ولو كان لبناً؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ) ]. وهذا لفظ نبوي عجيب.
والدخان لم يكن موجوداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حرام؛ لأنه يفسد العقل والدين والعرض والمال والبدن، فالدخان ضار بالعقل وبالبدن وبالمال وبالدين، فهو حرام، إلا أنه لم يكن موجوداً على عهد رسول الله وأصحابه.
أولاً: [ أن يكون مسلماً ] فالكافر لا يقام عليه الحد، فهو يشربها ليلاً ونهاراً.
ثانياً: أن يكون [ عاقلاً ] فالمجنون لا يقام عليه الحد؛ لأنه لا عقل له.
ثالثاً: أن يكون [ بالغاً ] فإذا كان طفلاً صغيراً لم يقم عليه الحد؛ لأنه لا يعقل.
رابعاً: أن يكون [ مختاراً ] شرب الخمر باختياره، وأما إذا كان مكرهاً والعصا فوق رأسه يشربها أو يقتل فلا بأس أن يشربها؛ لأنه مكره.
خامساً: أن يكون [ عالماً بتحريمها ] وأما إذا لم يكن عارفاً ولا عالماً بحرمتها فلا يقام عليه الحد حتى يعلم.
سادساً: أن يكون [ صحيحاً غير مريض ] فإذا كان مريضاً عفي عنه [ غير أن المريض لا يسقط عنه الحد ] أبداً [ وإنما ينتظر برؤه، فإن برئ من مرضه أقيم عليه الحد ] فانتبهوا إلى هذه اللطيفة، فالمريض لا يقام عليه الحد إذا شرب الخمر؛ لأنه مريض، بل ننتظره حتى يشفى من مرضه، فإذا شفي أقيم عليه الحد ولو بعد شهر أو سنة أو عشر سنين.
[ المادة الثانية: في حد القذف ] والآن حد القذف، وما أكثر القذافين، نعوذ بالله منهم.
[ أولاً: تعريفه: القذف هو: الرمي بالفاحشة، كأن يقول امرؤ لآخر: يا زان! ] أو يا لائط! [ أو يقول: إنه رآه يزني، أو يأتي فاحشة كذا من زنا أو لواط ] هذا هو القذف والعياذ بالله، وهو حرام بالإجماع.
[ أولاً: أن يكون القاذف ] أولاً: [ مسلماً ] أما الكافر فلا قيمة له، فهو نجس لا يطهر.
ثانياً: [ عاقلاً ] فالمجنون لو قال: فلان فعل فلا قيمة لكلامه، ولا يقام عليه الحد.
ثالثاً: [ بالغاً ] فلو كان طفلاً أو صبياً صغيراً لا قيمة لكلامه، بل لا بد أن يكون بالغاً؛ لأن البلوغ حد التكليف، فمن كان دون البلوغ فهو غير مكلف.
[ ثانياً: أن يكون المقذوف ] المرمي بالفاحشة [ عفيفاً غير معروف بين الناس بالفاحشة ] أما إذا كان الشخص معروفاً ومشهوراً بالزنا والفحش وغير ذلك فقل فيه ما شئت، ولا يعتبر قذفاً، فمن قذفه وقال: هو زان فلا يعد قاذفاً يقام عليه الحد؛ لأنه زان.
[ ثالثاً: أن يطالب المقذوف بإقامة الحد عليه؛ إذ هو حق له إن شاء استوفاه وإن شاء عفا عنه ] فلو قذفك فلان أنك فعلت كذا وهو كاذب فلك الحق أن تطالب بإقامة الحد عليه فيقام عليه الحد، وإن عفوت عنه فلك ذلك.
[ رابعاً ] وأخيراً: [ أن لا يأتي القاذف بأربعة شهود يشهدون على صحة ما رمى به المقذوف، فإن سقط شرط من هذه فلا حد ].
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد.
ومما ينبغي أن نقوله: إن المسلمين من إندونيسيا إلى بريطانيا باستثناء هذه المملكة لا يقيمون شرع الله، والمانع لهم هو:
أولاً: مكر اليهود والنصارى والمجوس، فهم الذين صرفوا المسلمين عن إسلامهم؛ حتى يهونوا ويذلوا، فيسودوهم.
ثانياً: الجهل، فهو الذي هبط بالأمة هذا الهبوط، ووالله لو اجتمع المسلمون كل مساء في مساجدهم في قراهم ومدنهم من الساعة السادسة حتى يصلوا العشاء، فهي ساعة راحة، يذهب الناس فيها إلى المقاهي والملاهي والملاعب، فيذهبون فيها إلى المساجد بنسائهم وأطفالهم ورجالهم، ليلة يدرسون آية وليلة حديثاً، يدرسهم عالم رباني، فوالله لن تمضي سنة إلا وهم علماء عارفون، وكلهم سيطالبون بإقامة الحدود، ويومها لن يوجد خمر ولا زنا ولا لواط ولا ربا ولا غير ذلك، وسيتوب الحاكم ويسودهم ويحكمهم بكتاب الله، وأما والأمة هابطة، وتعيش بين الزنا والربا والفساد والجهل فلا يستطيع أن يعمل الحاكم شيئاً.
الجواب: ليس في الخمر دواء، ووالله لو كان في الخمر دواء لما حرمها الله، فالذي حرمها هو خالق الخلق، خالق المرض والصحة، العليم بكل شيء، وما حرمها إلا لأنها فاسدة مضرة، ولو قال لك الطبيب: اشرب الخمر فلا تصدقه؛ فإنه كاذب، وما بلغنا هذا، ولا قاله طبيب.
الجواب: لا يقام عليه الحد، فهو كالمجنون والمريض والطفل الصغير، فالحد يقام من أجل غسل الذنوب ومحوها عن النفس البشرية، والكافر كله ظلمة وعفن ونتن، فلا يطهر بالحد، فالكفر لا يطهر بالحد، فهو كله نجس.
الجواب: لا بد وأن تدفع دية الجنين إذا نفخ فيه الروح.
الجواب: الله ورسوله أعلم، فأنا لا أعلم.
الجواب: لا، التدخين بدعة، رماه إلينا أعداء الإسلام، فعلينا أن نتجنبه، فلا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا صناعته ولا شربه، وعلى المسئولين أن يمنعوا ذلك، وأما الحد فلا يقام فيه حد؛ لأن المدخن لا يفقد عقله.
الجواب: لا تسمح لها بذلك، فهل غلبتك وأذلتك؟ ويا عمه! ويا أختاه! ويا زوجة! ويا مؤمنة! لا تفعلي هذا، فإنه حرام عليك، فلو قلت لها هذا ثلاثة أيام فوالله لن تعود إليه. وأي مؤمن يبلغه هذا الدرس فبمجرد ما يخرج يدوس علبة السيجارة تحت قدمه، وقد أخبرنا بذلك، وهذه المؤمنة المتزوجة لو أن زوجها رجل مؤمن صالح فلن يمضي عليها ثلاثة أيام إلا وقد تركت الدخان والشيشة.
الجواب: لو صح هذا الحديث وقال به أئمة الإسلام الأربعة لكتبناه في المنهاج.
الجواب: بدأنا ونحن أطفالاً نتعلم القرآن ونسمع من العلماء ونتعرف إليهم، ونقرأ كتبهم، وهكذا بهذه الطريقة، ووالله إلى الآن ونحن نتعلم، وتقريباً كل يوم، فما نجد حديثاً ولا حكمة إلا ونطبقها ونعمل بها، فاطلب العلم واعمل به حتى ينمو ويزيد.
الجواب: زيارة النساء للقبور مكروهة، فقد كرهها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ( لعن الله زوارات القبور ). ولم يخصص قبر أبيها أو قبر فلان، وإنما عمم القبور كلها، وقد بينا غير ما مرة السر في ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان حكيماً، وأستاذ الحكمة، وكان عليماً، فهو أعلم الناس، فقد عرف الرسول أن المرأة رقيقة العواطف، رقيقة القلب، لا تتمالك إذا وقفت على قبر أبيها أو زوجها، فتنبش التراب في وجهها وشعرها وتبكي، فرحمة بها قال: لا تزوري القبور. ووالله ما قال هذا إلا رحمة بها، فهو صلى الله عليه وسلم رحيم، واقرءوا قوله تعالى: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]. فمن رحمته منع النساء من زيارة القبور؛ حتى لا يصرخن ويبكين، وينتفن شعورهن ويخمشن وجوههن، لأنهن ضعيفات، فرحمة بهن منعهن من زيارة القبور.
الجواب: كل مسكر حرام، وقد درسنا هذا الآن، ولو كان لبناً أو عسلاً، وحده ثمانون جلدة.
الجواب: ما بلغني هذا الحديث ولم أعرفه.
الجواب: البهلول في لسان العرب: خيار الرجال، فبهاليل الرجال خيارهم كرماً وعفواً وصحة وقدرة، ولما احتال علينا الثالوث الأسود المكون من اليهود والنصارى والمجوس، وتعاونوا على إطفاء نور الإسلام من القرن الرابع، وهبطت الأمة، أصبح لفظ البهلول يطلق على المجنون الذي يبول في الشارع، ويضحك ويسخر ويمشي كما يريد، فعكسوا القضية، فلهذا أقول: بهلول لأذكركم بهذه الحقيقة، فأيام كان الإسلام إسلاماً والمسلمون مسلمون كان البهلول هو خير الرجال وأفضلهم، ولما هبطنا وفقدنا كل شيء وجعلنا القرآن للموتى نهائياً حينئذ أصبحنا نطلق البهاليل على المجانين.
الجواب: عليه أن يغتسل وأن يقضي الأيام التي صلاها وهو جنب، سواء كان جنبه بالاحتلام أو بالجماع، فلو أن مؤمناً صلى يوماً كاملاً ولم يشعر أنه جنب إلا بعد أن وجد المني في ثوبه مثلاً فعليه أن يغتسل على الفور ويقضي الصلوات الخمس.
الجواب: لا يحل التعامل مع البنوك الربوية لمسلم ولا لمسلمة أبداً إلا إذا تحولت إلى بنوك إسلامية، وأما ما دامت ربوية فلا يجوز التعامل معها أبداً.
الجواب: الرشوة كالحبل في البئر تخرج به الماء، وهي أن تعطي للحاكم أو للقاضي أو لمن يحكم لك مالاً ليحكم لك بالباطل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لعن الله الراشي والمرتشي ). كأن تعلم أن الحق ليس لك وهذا يخاصمك ورفعت القضية إلى الحاكم ودفعت رشوة للحاكم حتى يحكم لك بالباطل، و( لعن الله الراشي والمرتشي ).
الجواب: خذوا هذه القضية العلمية: إذا صلى الإمام بنا وهو مقيم ونحن مسافرون فيجب أن نتم صلاتنا معه، ولا نسلم من ركعتين أبداً، وقد حصل هذا للمؤمنين في مكة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان مسافراً فصلى ركعتين ومن وراءه صلوا أربع ركعات، فمن صلى وراء مقيم فليصل أربع ركعات معه وإن كان مسافراً، وإن صلى مقيم وراء مسافر صلى ركعتين فقط فعلى المقيم أن يتم صلاته.
الجواب: الخمر والميسر معروفان. والأنصاب كان المشركون يعملونه، ولا توجد عندنا. والأزلام جمع زلم، وهو نوع من أنواع اللعب عند المشركين، فحرم الله هذا كله، ولم يبق منه شيء. و(اجتنبوه) أي: اتركوه وابتعدوا عنه؛ لأنه من عمل الشيطان، فهو الذي يزين الباطل والشر.
الجواب: اعلموا أننا لا نقول: الله ورسوله أعلم إلا فيما كان من الدين الإسلامي، وأما في أمور الدنيا فحرام أن تقول: الرسول أعلم، فإذا قيل لك: بكم هذه الدار؟ أو بكم بعت؟ فقل: الله أعلم، وأما ما كان واجباً أو فريضة أو سنة من بيان الرسول فنعم، قل: الله ورسوله أعلم، فالرسول ما أحل أو حرم أو لم يحل ولم يحرم إلا لأنه أعلم، فتفوض أمرك هكذا وتقول: الله ورسوله أعلم فيما لا تعلمه مما هو في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: لا، فما دام قد مات فرحمة الله عليه، ولو كان مريضاً ومات بعد رمضان ولم يقض فيقضون عنه.
الجواب: عليك أن تقضي اليومين وتتصدق عن كل يوم كيلو أو حفنة من دقيق أو تمر أو زبيب أو رز أو ما إلى ذلك، مقابل أنك فرطت سنة كاملة ودخلت السنة الثانية.
الجواب: سدد الديون أولاً، فما بقي فزكه إن بلغ نصاب الزكاة.
والغريب في هذه الحادثة أن بعض من عليهم ديون لا يسددونها ولا يزكون، أو يزكون ولا يسددون الدين، فمن عليه دين فيجب أولاً أن يسدده وما بقي يزكيه، وأما أنك لا تسدد الدين ولا تزكي فهذا كله من عمل الشيطان.
الجواب: هؤلاء مبتدعة، وليس من حقهم أن يفعلوا هذا أبداً، فالشريعة هي التي شرعها الله وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا نبتدع فيها بدعاً، ونزيد في دين الله، فقد علمنا على ما نذبح وكيف نذبح أبداً، فلم يهملنا ولم يتركنا، ومن ذلك العقيقة عن الطفل الذكر ذبح شاتين إذا كان غنياً، وعقيقة البنت شاة، ووليمة العرس كذلك شاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:( أولم ولو بشاة ). ويوم عيد الأضحى ضح كذلك بشاة، وأما أن نبتدع في نصف شعبان أو غيره فهذا كله من وسواس الشيطان وبدعه.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (199) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net