اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (191) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقائد وآداباً، وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو جمع بين أهل السنة والجماعة، فلا مذهبية ولا طائفية، فكلهم أتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقد انتهى بنا الدرس إلى [المادة الثانية: في النذر] فما هو النذر؟
يباح النذر المطلق الذي يراد به وجه الله، كنذر صيام أو صلاة أو صدقة، ويجب الوفاء به] فلا تعد ربك ثم تخلف، فهذا حرام عليك.
مباح لك يا عبد الله أن تقول: لك علي يا رب! صيام هذا الشهر، أو لك يا رب علي أن أتصدق بألف ريال، أو لك يا رب علي أن أعتمر هذه الأيام.. فيباح لك أن تنذر لربك نذراً ما ألزمك به وأنت التزمته، ويجوز لك أن تتقرب بذلك إلى الله وتلتزمه ولا حرج.
[ويكره النذر المقيد كأن يقول: إن شفا الله مريضي صمت كذا أو تصدقت بكذا؛ لقول ابن عمر رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من مال البخيل )].
النذر المكروه كأن تقول: يا رب! إن شفيت ولدي أو زوجتي سأتصدق بكذا، ولكن النذر أن تقول: لك يا رب علي كذا وكذا تقرباً إليه عز وجل، فلا تقيده بشرط: إن شفا مريضك، أو رد غائبك، أو غير ذلك .. فهذا مكروه.
[ويحرم إذا كان لغير وجه الله تعالى كالنذر لقبور الأولياء أو أرواح الصالحين، كأن يقول: يا سيدي فلان] أو يا مولاي فلان [إن شفا الله مريضي ذبحت على قبرك كذا أو تصدقت عليك بكذا] فهذا النذر محرم لأنه شرك، لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة [إذ هذا من صرف العبادة لغير الله تعالى، وذلك الشرك الذي حرمه الله تعالى بقوله: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36]].
إذاً: عرفنا النذر بأقسامه الثلاثة: المباح، والمكروه، والمحرم.
[وحكم هذا النوع من النذر وجوب الوفاء به] فإذا قلت: لله علي أن أقوم هذه الليلة أو أصوم هذا الشهر فيجب الوفاء بما نذرت، والأجر على الله [لقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91]، وقوله سبحانه: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]] فمن قال: لله علي أن أتصدق بألف ريال كل أسبوع -مثلاً- فإنه يجب عليه أن يفي بالنذر، لكن لو قال: إن شفا الله مريضي أفعل كذا، أو إن أعطيتني كذا فعلت كذا، فهذا نذر مكروه، ومع هذا يجب الوفاء به.
[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كفارة النذر إذا لم يسمه كفارة يمين )] أما إن سماه فليفعله، نحو قول القائل: علي يا رب! أن أصوم، لزمه الصيام، أما إذا قال: لله علي نذر فقط، ففيه كفارة يمين [وقيل: يجزئه فيه أقل ما يسمى نذراً كصلاة ركعتين أو صيام يوم] قال بعض أهل العلم: إذا لم يعين الناذر شيئاً -أي: نذر نذراً مطلقاً- فيكفيه أن يصلي ركعتين أو يتصدق بصدقة، والصواب هو الذي صح فيه الحديث وهو: أن عليه كفارة يمين، ما دام أنه نذر لله شيئاً ولم يسمه.
وحكمه مع أنه مكروه يجب الوفاء به، فإذا ما قضى الله حاجته وجب عليه فعل ما سماه من العبادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ). وإن لم يقض الله حاجته فلا وفاء عليه].
إذاً: النذر المقيد هو الذي قيدته بشيء، فإن قضى الله حاجتك فلا بد من الوفاء، أما إذا لم يقضها الله فلا وفاء عليك.
وحكمه أنه يخير بين الوفاء به وكفارة يمين إذا هو حنث فيما علق النذر عليه] أي: إن شاء وفى، وإن شاء كفر كفارة يمين [إذ نذر اللجاج غالباً لا يكون إلا مع غضب، ويراد به منع المخاطب من فعل شيء أو تركه] واللجاج هو الغضب في الخصومة، وهذا النذر لا يكون إلا عند الخصومة في القضاء، فعندما تجادل الخصم وتحاجه تقول: أصوم شهراً إن فعلت كذا. وحكمه أنك مخير بين أن توفي بما قلت أو أن تكفر كفارة يمين لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين ).
[وحكمه أن يحرم الوفاء به] أي: لا يجوز أن ينذر نذر معصية ثم يفعله، وذلك [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه )، غير أن بعض أهل العلم رأوا أن على صاحبه كفارة يمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين )] أي: لا وفاء في نذر المعصية، ومن نذر بمعصية فعليه أن يكفر كفارة يمين.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد وآله.
والآن مع بعض الأسئلة والإجابة عنها.
الجواب: لا يجوز ذلك، بل لا بد من القصد والنية مع الكلام، فلابد من القلب واللسان معاً.
الجواب: الاستثناء في النذر كأن يقول القائل: لك علي يا رب التصدق بكذا إلا أن تشاء، وهذا لم يرد فيه شيء في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أي: المشركون الذين يعبدون الأصنام جعلوا لآلهتهم نصيباً من الحرث والغنم والإبل.
الجواب: سامحك الله، وغفر الله لي ولك ولكل مؤمن ومؤمنة، وقد أذنت لكل مؤمن أن يقول فيَّ ما يشاء.
مداخلة: أن يقول خيراً!
الشيخ: أن يقول خيراً.
الجواب: هذه بدعة ابتدعها الناس، ولا تجوز أبداً؛ لأنه لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أمر بها ولا فعلها أصحابه، فالحاملون للميت يبكون ويستغفرون ويدعون للميت، وليس أن يتغنوا بلا إله إلا الله محمد رسول الله.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ) فهذا إذا كنا عند مريض مرض الموت، فنقول: لا إله إلا الله لأجل أن يقولها، فإذا قالها سكتنا عنه، فإن مات دخل الجنة ولو كان فاسقاً أو فاجراً، وهذا هو التلقين المشروع.
وقد قلت مئات المرات: إنه يجب أن يكون في المستشفيات طلبة علم وظيفتهم ومهمتهم تلقين المريض إذا حضرته الوفاة، فيجلسون إلى جنبه ويلقنونه: لا إله إلا الله، فإذا قالها توقفوا عن الكلام، وإذا تلفظ بكلام آخر نحو أن يقول: أعطوني ماء أو كذا فإنهم يلقنونه مرة أخرى؛ حتى يكون آخر كلامه: لا إله إلا الله.
الجواب: والله! لا يعوضك شيئاً. ولكن ادع الله أن يغفر لك ويرحمك، فلو افتتح هذا الباب للجهال ما صلوا في الأسبوع إلا يوم الجمعة فقط، وهذا لم يقل به مؤمن قط.
الجواب: الواجب عليك إذا انتقض وضوءك قبل إتمام الطواف أن تنصرف من الطواف، فتتوضأ ثم تتم الشوط السابع، وبعد ذلك تصلي خلف المقام، هذا الذي يجب أن يفعله كل مؤمن.
كل من انتقض وضوءه وهو يطوف عليه أن يتوضأ ويكمل طواف الشوطين أو الثلاثة أو الأربعة، أما إذا انتقض وضوءه وأكمل الطواف فطوافه باطل ولا يصح.
الجواب: الذي لا خلاف فيه بين أهل السنة والجماعة أن المسافر إذا احتاج إلى الإفطار وهو صائم أفطر، وإذا لم يحتج إلى ذلك لا يفطر، فيجوز الإفطار أو الصيام، إلا أن يكون الفطر للضرورة؛ كما لو أنه صام وتعطل في سفره فالفطر أولى وأفضل، وبالنسبة للصلاة يقصرها فيصلي الصلاة الرباعية ركعتين ما دام في سفره.
الجواب: الصيام للمعتمر في الحج يكون بعد أن يتحلل من العمرة، فيصوم ثلاثة أيام وهو في مكة، وهذا أفضل له، ثم يصوم سبعة أيام في بلده.
وإن قصد السائل أن العمرة تكون في غير أشهر الحج فلا صيام مع العمرة أبداً، لأن الصيام لا يكون إلا لمن اعتمر وحج إذا لم يستطع أن يذبح شاة أو يشارك في بقرة فيجب عليه صيام عشرة أيام، ثلاثة أيام يصومها في مكة، وسبعة أيام في بلاده.
أما إذا صام المعتمر ليتقرب إلى الله؛ فليس هناك مانع، لكن لا يعتقد أن الصيام سنة في العمرة، فيبتدع بدعة.
الجواب: هو في ذلك مأجور، وهي أيضاً مأجورة، ولا حرج في ذلك.
الجواب: المعيبة لا بد أن ترد، وكتابة هذه العبارة جائزة، وليست محرمة، والأفضل عدم كتابتها.
الجواب: مؤمنة اعتمرت وتحللت ولم تقصر شعرها، ثم بعد ذلك اعتمرت من التنعيم على رجل ميت أو امرأة ميتة؟
عليها هدي إما ذبح شاة أو صيام عشرة أيام بسبب أنها لم تقصر شعرها، أما العمرة الثانية فشأنها، فلا تكون العمرة الثانية قضاء للعمرة الأولى، فمن اعتمر ولم يقصر من شعره أو يحلقه أو ترك واجباً فعليه هدي إما ذبح شاة أو صيام عشرة أيام.
الجواب: هذا لا يجوز، وهو حرام عليهم، فالطلاق هو فراق الزوج والزوجة إذا اشتد الكرب وعظم الألم، ولم يستطيعا أن يفعلا شيئاً فحينئذ تطلق المرأة لتنجو وينجو الرجل.
واعلموا أن الله ولي الزوج والزوجة، ولا يرضى لوليه أن يؤذى ويتضرر أبداً، سواء كان رجلاً أو كانت امرأة، فإذا حصل الضرر ولم يستطع هذا الرجل أن يسعد مع هذه المؤمنة؛ لأنها آذته أو ما أطاقها؛ فحينئذ يأذن الله أن يطلقها ليستريح، والمؤمنة كذلك إذا آذاها زوجها وتضررت بذلك وصبرت عليه ثم لم تطق، فلا يرضى الله لها ذلك وهي أمته، فتطالب بالطلاق وتطلق.
فالطلاق لا يشرع إلا لرفع الضرر فقط، أما اللهو واللعب بالطلاق، فهذا كله كلام الجهال.
الجواب: أولاً: لا تخلو بها، فإن كنت غير خال بها كأن تكون مع جماعة من الرجال أو النساء فيجوز بشرط أن تكون مستترة بأن لا تكشف وجهها أمامك، أما إذا كشفت عن محاسنها أمامك بدعوى أنك أخو زوجها فلا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز؛ لأنك لست من محارمها بدليل أنه لو مات زوجها جاز لك أن تتزوجها.
الجواب: لا بأس عليه إن شاء الله.
الجواب: من تلا آية فيها سجدة ولم يسجد سجود التلاوة فقد فاته أجر، فيا ليته سجد ليعظم أجره! حتى ولو كان على غير وضوء.
الجواب: لا يجوز، فالحائض والنفساء كالجنب لا يمسا المصحف؛ المصحف لا يمسه إلا المطهرون، أي: المتوضئون.
الجواب: قالت العلماء: إذا كانت تحفظ سوراً وخافت أن تنساها لفترة حيضها فيجوز لها أن تقرأ القرآن وهي حائض خشية أن تنسى ما حفظته.
أما إذا أرادت أن تقرأ القرآن تقرباً إلى الله أو لتحفظه فلا ينبغي لها ما دامت حائضاً أو نفساء كالجنب.
الجواب: لا. لو صليت فيها فإن صلاتك ليست بألف صلاة أبداً حتى تصلي داخل المسجد، ولو امتدت الصفوف إلى خارج المسجد فالصلاة صحيحة، ولك أجر صلاة الجماعة دون أجر الصلاة في المسجد النبوي وهو الألف صلاة، فهذا الفضل لا يكون إلا لمن صلى في المسجد النبوي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة فيما عداه ) وأشار بيده الشريفة إلى مسجده.
و عمر رضي الله عنه لما زاد في المسجد تعجب الناس من ذلك وقالوا: كيف يزيد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: اسكتوا، هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بلغ صنعاء باليمن.
فساحات الحرم كانت هي المدينة ولم تكن مسجداً آنذاك، ومن ثم صارت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة فيها بألف صلاة.
مداخلة: وسطح المسجد؟
أما الصلاة على سطح المسجد فهل هي بألف صلاة أم لا؟ فالله ورسوله أعلم. فلا أستطيع أن أقول: إن الصلاة على سطح المسجد بألف صلاة أو بدونها، بل اسألوا غيري.
الجواب: يجوز لأي معتمر إذا فرغ من عمرته أن يخرج إلى التنعيم ليعتمر عن أمه الميتة أو عن أبيه الميت، أو عن أبيه المريض الذي لا يقوى على المشي ولا الركوب أو أمه إذا كانت كذلك، فالمريض الملازم للفراش كالميت يعتمر عنه ويحج.
الجواب: المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: يقضيها، ومنهم من يقول: لا يقضيها، والكل واسع، إن أراد أن يقضي فليقض على شرط أن يصلي صلاة مشروعة مقبولة، فلا يسرع في صلاته ولا يعبث بها كما يفعل الجهال، بل لا بد وأن يطمئن في ركوعه وسجوده وقراءته، إما إن قال: أنا كنت -والعياذ بالله- جاهلاً كافراً فيكثر من النوافل وتكفيه إن شاء الله.
الجواب: تجوز، فلا بأس أن نصلي على الميت في المقبرة، إذا كنا لم نصلِّ عليه خارجها؛ لأنه لا ركوع فيها ولا سجود بل هي دعاء.
الحواب: عمرتها الأولى وجب عليها فيها هدي ذبح شاة أو صيام عشرة أيام، لا نقول: هذه العمرة تقضي الأولى، فليس هناك قضاء في هذا، ولكن تسدد أولاً ما عليها في هذه العمرة وتعتمر عمرة أخرى. فمن ترك واجباً في الحج أو في العمرة عليه هدي، ومن عجز عليه صيام عشرة أيام.
الجواب: هذه القصيدة فيها ألفاظ شركية، ولسنا في حاجة إليها، فلا نتلوها ولا نقرؤها.
الجواب: معنى فقراء أنهم ليسوا تحت أبيهم، أي: منفصلون، فإن كانوا عاجزين فقراء نعم يعطيهم الزكاة، فأخته -مثلاً-إذا كانت تحت ولاية أبيها فهي غنية لا حاجة إلى إعطائها، لكن إذا كانت مستقلة عن أبيها وهي فقيرة فيجوز أن يعطيها الزكاة ولا حرج.
الجواب: أحد المرضى يشكو ويقول: ادعوا الله لي بالشفاء، فهيا نرفع أكفنا إلى ربنا سائلين ضارعين.
اللهم يا أرحم الراحمين! يا أرحم الراحمين! يا أرحم الراحمين اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات أجمعين إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم يا ربنا يا ربنا اشف مرضانا، يا حي يا قيوم اشف مرضانا ظاهراً وباطناً.
اللهم إن مرضى القلوب أكثر من مرضى الأبدان، فاشفنا جميعاً يا رب العالمين.
اللهم أصلح أمة الإسلام واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.. اللهم اجمع أمة الإسلام على الحق، ووحد صفوف المسلمين وبلادهم يا حي يا قيوم.
اللهم ارزقنا رضاك وعفوك وعافيتك ومغفرتك ورحمتك، اللهم يا حي يا قيوم أبعد عنا ظلم الظالمين، اللهم أبعد عنا ظلم الظالمين، واجمعنا وانصرنا يا رب العالمين على أعدائك وخصومك الكافرين والمشركين. إنك ولي ذلك والقادر عليه.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (191) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net