اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (190) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وكل قضية مدونة مدللة بالكتاب والسنة.
وقد انتهى بنا الدرس إلى الفصل الثامن وهو في اليمين والنذر، وقد فرغنا من المواريث وانتهينا منها، والآن مع اليمين في الإسلام والنذر، فهيا بنا ندرس ونعلم [ الفصل الثامن: في اليمين والنذر. وفيه مادتان: المادة الأولى: في اليمين.
أولاً: تعريفها: اليمين هي: الحلف بأسماء الله تعالى، أو صفاته نحو: والله لأفعلن كذا، أو والذي نفسي بيده، أو ومقلب القلوب ].
الآن عرفنا اليمين، وهي: الحلف بأسماء الله وصفاته، وأنه يجوز الحلف بالله وأسمائه وصفاته، ولا يجوز الحلف بغير الله أبداً، و( من حلف بغير الله فقد أشرك ) .
[ ثالثاً: أقسامها: اليمين، ثلاثة أقسام، وهي: ]
الأول: أن يفعل المحلوف على فعله، أو يترك المحلوف على تركه، أو يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله ولكن ناسياً أو مخطئاً أو مكرهاً ] كأن يهدد بالقتل أو الضرب إذا لم يفعل كذا أو لم يقل كذا؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) ] فمن حلف ناسياً أو مخطئاً على كذا وكذا، أو أكره على أن يحلف فلا حرج عليه ولا إثم عليه.
[ الثاني: أن يستثني حال حلفه ] والاستثناء في اليمين مشروع، وهو أن يستثني حال حلفه [ بأن يقول: إن شاء الله ] لا أفعل كذا، أو إن شاء الله ما قلت كذا [ أو إلا أن يشاء الله، إذا كان الاستثناء بالمجلس الذي حلف فيه ] ليس بالأمس أو في مكان بعيد، أو يحلف اليوم ويقول غداً: إلا أن يشاء الله فلا ينفع هذا، أو يحلف في بيته ثم يأتي المسجد ويقول: إلا أن يشاء الله، بل لا بد وأن يستثني في نفس المجلس؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث ). وإذا لم يحنث فلا إثم عليه ولا كفارة ] وهكذا كل من حلف واستثنى لا شيء عليه.
ولو قال: والله لا أقول كذا، والله لا أفعل كذا، فلا يضره إن لم يقصده.
[ سادساً: وجوب إبرار القسم: إذا حلف المسلم على أخيه أن يفعل كذا وجب عليه أن يبر قسمه، وأن لا يتركه يحنث إذا كان في إمكانه فعل أو ترك ما حلف له عليه ] وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي أهدي إليها تمر فأكلت بعضه وتركت بعضاً، فحلفت لها المهدية أن تأكل باقيه، فامتنعت؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أبريها؛ فإن الإثم على المحنِّث ) ].
[ سابعاً: الحلف بحسب نية الحالف: العبرة في الحنث وعدمه بنية الحالف؛ إذ ( الأعمال بالنيات، ولكل امرئٍ ما نوى )، فمن حلف أن لا ينام على الأرض، وهو يعني: الفراش فهو بحسب نيته، فلا يحنث إذا لم ينم على الفراش ] فهو حلف أن لا ينام على الأرض ولكنه يقصد على الفراش، فلا يحنث إذا نام على الأرض [ ومن حلف أن لا يلبس هذا الكتان ثوباً فلبسه سروالاً لا يحنث إن نوى كونه ثوباً فقط، وإلا فإنه يحنث ] ولا بد للحالف من نية على ما حلف عليه.
أولاً: إطعام عشرة مساكين بإعطائهم مداً مداً من بر لكل مسكين، أو جمعهم على طعام غداء أو عشاء يأكلون حتى يشبعوا، أو إعطاء كل واحدٍ ] منهم [ رغيفاً مع بعض الإدام ] معه.
[ ثانياً: كسوتهم ثوباً يجزئ في الصلاة ] أي: يستر عورته في الصلاة، فإن لم يجزئ في الصلاة لا يكفي [ وإن أعطى أنثى أعطاها درعاً وخماراً؛ لأنه أقل ما يجزئها في الصلاة.
ثالثاً: تحرير رقبة مؤمنة.
رابعاً: صيام ثلاثة أيام متتابعة إن استطاع، وإلا صامها متفرقة.
ولا ينتقل إلى الصوم إلا بعد العجز عن الإطعام أو الكسوة أو التحرير ] أي: العتق، أي: عتق رقبة [ لقوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة:89] ] فلا ننس هذا، فالقادر على أن يعتق يعتق، والقادر على أن يكسو يكسو، والعاجز عن هذه إن لم يبق إلا الطعام يطعم، فإن عجز عن الإطعام يصوم ثلاثة أيام، وإذا عجز عن الصيام ينتظر حتى يبرأ ويشفى ويصوم، فليس هناك حيلة، فإن لم يستطع فأمره إلى الله.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
الجواب: والله لا يجوز؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من حلف فليحلف بالله أو ليصمت). فمن كان حالفاً، أي: عازماً على الحلف فليحلف بالله أو ليصمت، والحديث الآخر: (من حلف بغير الله فقد أشرك). وقد بينت لكم كيف أشرك، أي: أنه رفع المحلوف به إلى مستوى الربوبية وحلف به، أي: أشركه في عظمة الله، فلهذا لا يصح لمؤمن ولا مؤمنة أن يحلف بغير الله، فلا يجوز له أن يحلف بالكعبة ولا بالبيت ولا بكذا ولا بكذا ولا بالنبي ولا بالرسول أبداً ولا بالقرآن الكريم، لا يحلف إلا بالله أو بأسمائه وصفاته.
الجواب: على كل حال نقول: ما فعلته نسأل الله أن يقبل منك، وفي المستقبل لا تفعل، فما مضى وانتهى تقبل الله؛ لجهلك وعدم علمك، والآن لا بد من ترتيب هذه الأربع، وهي: أولاً: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو صيام ثلاثة أيام، فالإطعام أسهل، والكسوة اليوم ممكن أصعب، وتكون ثوباً للرجل وخماراً ودرعاً للمرأة، وأما العتق الآن فلا وجود له، فيبقى الإطعام فقط أو الكسوة أو الصيام، فمن عجز عن الإطعام فالكسوة، ومن عجز عن الكسوة والإطعام فيصوم ثلاثة أيام، وإن شاء تابعها أو فرقها.
الجواب: الحلف بغير الله شرك، قال: نحلف بالله كاذباً ونستغفر ونتوب، ولا يجوز أن نحلف بغير الله ونشرك ونكفر، وقد أصاب عبد الله ، وهذا معناه: أنه قطع الطريق على الحلف بغير الله، فقال: لئن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقاً؛ لأن الشرك أعظم من المعصية.
الجواب: قوله: بالقرآن أو والقرآن أو وآيات الله لا يجوز، بل يحلف بأسماء الله وصفاته: وعزة الله، وجلال الله، وكمال الله، وعظمة الله، وقدرة الله، فيحلف بأسماء الله وصفاته، وأما كلامه فلا، والقرآن كلام الله.
والآيات تشمل الآيات الحسية كالشمس والقمر، وعلى كلٍ الكون كله لله، وهو خالقه وموجده، ولا يجوز أن أحلف بالشمس، ولا أحلف بالقمر، ولا أحلف بفلان وفلان. فلا نتعدى هذا الموقف أبداً، فلا حلف إلا بالله، بأسمائه وصفاته.
الجواب: لا يجوز الحلف بالطلاق، كأن يقول: والطلاق، فإنه إذا أراد الحلف بالطلاق يقول: والطلاق، فهذه واو القسم، وأما من قال: علي الطلاق فإنه يلتزم به، وأهل العلم يقولون: إن نوى الطلاق ففعلت ما حلف عليها أن تتركه أو تركت ما حلف عليها فعله فهي طلقة، وإن لم ينو فراقها وإنما أراد أن يمنعها فقط فيكفر كفارة يمين، فجعلوا هذا ككفارة اليمين؛ لأنه قسم.
الجواب: لا يجوز، وإن كانت مائدة الله وطعام الله وشرابه لا يجوز؛ إذ لا حلف إلا بالله، ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ). و( من حلف بغير الله فقد أشرك ). والشرك أعظم من الكفر. فلا ننس هذين الحديثين.
الجواب: بينا أن اليمين الغموس تغمس صاحبها في الإثم، وهي أن يحلف بالله كاذباً ليأخذ حق مؤمن، أدواته .. سيارته .. ماله، أو غير ذلك، فأهل العلم على أن هذا لو رد ذاك المتاع أنه لا يكفر، ولو لم يرد ذاك الذي أخذه فإنه لا يكفر بالصيام ولا بالإطعام أبداً، بل يمينه تغمسه في الإثم ثم في جهنم. فالذي حلف بالله كاذباً من توبته أن يرد الذي حلف عليه، وأن يبين أنه مخطئ، وأن هذا الحق حق فلان وليس حقه، فبهذا تصح توبته ويتوب، وأما أن يبقى على ذاك الباطل الذي قاله ويكفر فإنه لا تغنيه الكفارة.
الجواب: أن يعلن عن توبته لله عز وجل، والذين أخذ مالهم بالربا وهو قادر على أن يرده فإن عليه أن يرده إليهم، وإن لم يعرفهم فيحل له ذلك المال بالتوبة، ويتصدق منه، وينفق في سبيل الله؛ ليخرج من الإثم.
الجواب: إذا عجز حقيقة يكفر كفارة يمين ويخرج من النذر، وإذا كان قادراً يواصل نذره ويقرأ البقرة، ولكن إن عجز يكفر كفارة يمين ويجزئه ذلك، وهكذا في كل نذر تنذر وتعجز عنه فيه كفارة يمين.
الجواب: نقول: يكفر كفارة يمين.
الجواب: يعود محرماً، ولو بقي يومين .. ثلاثة في المدينة يبقى محرماً يلبي حتى يعود إلى مكة.
الجواب: لما كان حياً نعم، فيجوز أن يقول: يا رسول الله! ادع الله لي، يا رسول الله! استغفر لي، لكن لما توفي ورفع إلى الملكوت الأعلى لا نأت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ونتوسل به، ونقول: يا رسول الله! اشفع لي، أو سل الله لي، فهذا خطأ فاحش، بل التوسل إلى الله بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون باتباعك له في حياتك .. في أكلك .. في شربك .. في صلاتك .. في كل ما تفعله ائتساءً به، هذا هو التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: يكون التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان به، فتقول: اللهم إني أسألك بإيماني برسولك محمد صلى الله عليه وسلم أن تغفر لي.
ثالثاً: التوسل بالحب، فتقول: رب إني أسألك بحب نبيك صلى الله عليه وسلم أن تفعل بي كذا وكذا.
هذه أنواع التوسل، بالإيمان والحب والطاعة.
وأما الجاه فهي كلمة عامية، والتوسل بقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك صلى الله عليه وسلم كلام باطل لم يقله أهل العلم.
الجواب: إما أن تصلي الليلة قبل الغد أو يطلقها ويبعدها عنه.
الجواب: لا يجوز، لا بد من سبعة أشواط، ولا يجوز أن يطوف ثمانية أو تسعة ولا ينبغي، بل يفرغ من السبعة ويصلي ركعتين، ثم إن أراد فيستأنف الطواف من جديد، وأما أن يضيف إلى السبعة شوطين أو ثلاثة فلا ينبغي، وهذه بدعة.
الجواب: إن نجح لا تشتري له ولا إثم عليها، أو تستبدل البدلة العسكرية بثوب نظيف أو غيره، وهذا جهل منها فقط.
الجواب: هذا الذي بينا أنه اللغو في اليمين، مثل قول: لا والله .. وبلى والله، وغير ذلك، فهو ليس يميناً منعقداً، وهو معفوٌ عنه، واليمين هي التي تقول: والله لأفعلن كذا وأنت مريد ذلك عالم به، فإذا حنثت فلا بد من الكفارة.
الجواب: لا يحل لك الإقامة في ديار الكفر أولاً، ولا يحل لمؤمن أن يقيم بين ظهراني الكافرين، اللهم إلا إذا نويت الرباط في سبيل الله، وأردت أن تبقى في ذلك البلد الكافر لتدعو إلى الله وإلى الإسلام، فصاحب هذه النية له أن يأخذ هذا المال ليستعين به على دعوة الله، وليس ليأكل ويشرب، وهكذا قلت وكتبت رسالة في هذا سميتها: (الرباط في سبيل الله)، فعلى المقيمين في أمريكا .. في بريطانيا .. في فرنسا .. في أي بلد كافر أن يعلموا أنه لا يحل لهم البقاء بين الكافرين وجوباً، وأن عليهم أن يخرجوا ويعودوا إلى بلادهم أو بلاد المسلمين، فإن قالوا: لا نستطيع فلينووا أنهم مرابطون في سبيل الله، وأن مهمتهم التي ربطتهم هناك هي الدعوة إلى الإسلام بسلوكهم وقولهم وعملهم، فصاحب هذه النية مرابط في سبيل الله، وهو خير ممن هو في المدينة ومكة بهذه النية الصادقة، على شرط أن يتقي الله ولا يعصيه، ويفعل ما أمر الله بفعله، ويترك ما نهى الله عن فعله، ويصدق في حديثه، ويربي أولاده على الإسلام، وبذلك يصبح من المرابطين، و( رباط يومٍ في سبيل الله خير من عبادة سبعين سنة ). هكذا الحديث.
وأما قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [النساء:97]، فهذا إذا كان في بلاد الكفر لا يمكنه أن يعبد الله، فلا يحل له أبداً البقاء فيها، فلا بد وأن يكون مؤمناً صادقاً، يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات، ولا بد من النية الصادقة، وهي أن ينوي أنه مرابط في سبيل الله لنشر الإسلام في تلك البلاد، ودعوة الكافرين إليه، ومن ذلك تربية أولاده؛ ليكثر الإسلام والمسلمون، هذه هي النية الصادقة، وإلا لا يعيش بين الكافرين.
الجواب: إخواننا يطلبون منكم الدعاء لإخواننا المضطهدين المعذبين في العالم الإسلامي، فهيا نرفع أكفنا إلى ربنا.
اللهم يا قوي يا متين! يا عزيز يا حكيم! يا علي يا عظيم! فرج كرب المؤمنين يا حي يا قيوم! واصرف عنهم هذا السوء، وابعد عنهم هذا المنكر والباطل يا رب العالمين!
اللهم يا ربنا عليك بهؤلاء الكافرين الفاجرين الماكرين الخادعين، اللهم سلط عليهم بلاءك ونقمتك يا رب العالمين! أو اهدهم وأصلحهم وردهم إلى الحق، وإلى الطريق المستقيم، اللهم فرج ما بعبادك المؤمنين، اللهم فرج ما بعبادك المؤمنين، ونجهم مما فيهم من البلاء والشقاء يا حي يا قيوم!
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (190) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net