إسلام ويب

العاصب في باب المواريث هو من يحوز كل المال عند انفراده، أو ما أبقت الفرائض، والعصبة ثلاثة أقسام: عاصب بنفسه كالأب والجد وإن علا، والابن وابن الابن وإن سفل، والقسم الثاني هم عصبة بغيرهم، وهم كل أنثى عصبها ذكر فورثت معه، والثالث هو العاصب مع غيره، وهو كل أنثى تصير عاصبة باجتماعها مع أخرى كالأخت مع البنت.

الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم؛ ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها؛ عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً.

وهذا الكتاب قد ترجم إلى اللغة الفرنسية وانتشر في عالم ينطقون بتلك اللغة -والحمد لله- وقد بشرنا بذلك، وأرسل إلينا عدد من النسخ ترجم إلى اللغة الإنجليزية وطبع -والحمد لله- وترجم بلغات أخرى أيضاً.

وهو كتاب جامع للمسلمين، فلا فرق بين أبيض وأسود، وحنفي وشافعي، ومالكي وحنبلي، وزيدي وأباضي، فمن أراد هداية الله فهذه هي: قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون أمة واحدة.

وقد انتهى بنا الدرس إلى المادة الخامسة: في التعصيب، وقبل ذلك نمر بما درسناه في الأسبوع الماضي تذكيراً للناسين، وتعليماً لغير العالمين، ألا وهو المادة الرابعة في بيان الفروض.

الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى من سورة النساء ستة وبيانها كالتالي:

أصحاب النصف

أولاً: النصف وهو فرض ويرثه خمسة أفراد، وهم:

الأول: الزوج إن لم يكن للهالكة ولد ولا ولد ولدٍ ذكراً كان أو أنثى.

الثاني: البنت إن لم يكن معها أخ أو أخت أو أكثر، فلا ترث النصف إلا إذا انفردت.

ثالثاً: بنت الابن إذا انفردت ولم يكن معها ولد ابن كذلك.

رابعاً: الأخت الشقيقة إذا انفردت بأن لم يكن معها أخ، ولم يكن معها أب ولا ابن، ولا ابنُ ابنٍ.

خامساً: الأخت لأب إذا انفردت، ولم يكن معها أخ ولا أب ولا ابن ابنٍ.

هذا هو النصف، خمسة أفراد يرثونه.

أصحاب الربع

ثانياً: الربع. من يرث الربع؟ ويرثه نفران فقط، وهما:

الأول: الزوج إن كان للزوجة الهالكة ولد أو ولد ولدٍ ذكراً كان أو أنثى. هذا يأخذ الربع فقط.

ثانياً: الزوجة إن لم يكن لزوجها الهالك ولد ولا ولد ولدٍ ذكراً كان أم أنثى. فإن كان له ولد فإنها ترث الثمن كما سيأتي.

أصحاب الثمن

ثالثاً: الثمن: ويرثه نفر واحد، وهو الزوجة، وإن كن زوجات اقتسمنه بينهن، وذلك إن كان للزوج الهالك ولد أو ولد ولدٍ ذكراً كان أو أنثى.

أصحاب الثلثين

رابعاً: الثلثان، ويرثهما أربعة أصناف:

الأول: البنتان فأكثر عند انفرادهما عن الابن، أي: أخيهما.

ثانياً: بنتان للابن فأكثر إن انفردتا عن ولد الصلب، ذكراً كان أو أنثى، وعن ابن الابن الذي هو أخوهما.

ثالثاً: الشقيقتان فأكثر إن انفردتا عن الأب وولد الصلب ذكراً كان أم أنثى وعن الشقيق.

رابعاً: الأختان لأب فأكثر إن انفردتا عمن ذكر في الشقيقتين وعن الأخ لأب.

أصحاب الثلث

خامساً: الثلث: ويرثه ثلاثة أنفار، وهم:

أولاً: الأم، إن لم يكن للهالك ولد ولا ولد ولدٍ ذكراً كان أو أنثى، ولا جمع من الإخوة اثنان فأكثر ذكوراً أو إناثاً.

وهذا الذي وقع فيه الخطأ مني، وأعلنت بالأمس وقلت لكم: أين الرجل الذي سألني بالهاتف، سألني وقال: هلك هالك وترك زوجته وأباه، فقلت: بنص الآية: إذا ما له إخوة للأم الثلث والباقي للأب العاصب، الثلث للأم والعاصب له الباقي وهو الأب، فإن ترك إخوة فالأم لها السدس فقط ما لها ثلث، وما بين للإخوة، ذكر هلك هالك ترك أمه وأباه، قلنا الأب يرث الأعاصب والأم ترث الثلث، لكن لما كان الإخوة لأم ترث السدس فقط كما تقدم الآن.

ثانياً: الإخوة للأم إن تعددوا بأن كانوا اثنين فأكثر ولم يكن للهالك أب ولا جد، ولا ولد ولا ولد ولدٍ ذكراً كان أو أنثى.

ثالثاً: الجد إن كان مع إخوة، وكان الثلث أوفر له وأحظ؛ وذلك فيما إذا زاد عدد الإخوة عن اثنين من الذكور أو أربع من الإناث.

تنبيه.. ثلث الباقي

الأول: إذا هلكت امرأة وخلفت زوجها وأباها وأمها فقط، فإن مسألتها تكون من ستة، للزوج نصفها ثلاثة، وللأم ثلث النصف الباقي وهو واحد، وللأب الاثنان الباقيان بالتعصيب.

الثاني: إذا هلك رجل عن امرأته وأمه وأبيه لا غير، فالمسألة من أربعة: ربعها للزوجة وهو واحد، وللأم ثلث الباقي وهو واحد، واثنان للأب بالتعصيب.

فالأم في هاتين المسألتين لم ترث ثلث التركة، وإنما ورثت ثلث باقي التركة. بهذا قضى عمر رضي الله عنه حتى عرفت هاتان المسألتان بالعمريتين.

أصحاب السدس

سادساً: السدس: ويرثه سبعة أنفار، وهم:

الأول: الأم، إن كان للهالك ولد أو ولد ولدٍ، أو كان له جمع من الإخوة اثنان فأكثر ذكوراً أو إناثاً، أشقاء أو لأب أو لأم، وسواء كانوا وارثين أو محجوبين.

ثانياً: الجدة، إن لم يكن للهالك أم، وترثه وحدها إن انفردت، وإن كانت معها جدة أخرى في رتبتها اقتسمته معها أنصافاً.

تنبيه: الجدة الأصلية في الإرث هي أم الأم، وأما أم الأب فإنها محمولة على أم الأم فقط.

ثالثاً: الأب، ويرثه مطلقاً سواء كان للهالك ولد أو لم يكن له.

رابعاً: الجد، ويرثه عند فقد الأب فقط؛ لأنه بمنزلته.

خامساً: الأخ للأم ذكراً أو أنثى، ويرثه إن لم يكن للهالك أب ولا جد ولا ولد ولا ولد ولدٍ، ذكراً كان أو أنثى، وبشرط أن يكون الأخ للأم أو الأخت للأم منفرداً ليس معه أخ لأم أو أخت لها.

سادساً: بنت الابن وترثه إذا كانت مع بنت واحدة، وليس معها أخوها، ولا ابن عمها المساوي لها في الدرجة، ولا فرق بين الواحدة والأكثر في إرث السدس بينهن لبنت الابن أو بناته.

سابعاً: الأخت للأب إذا كانت مع شقيقة واحدة، وليس معها أخ لأب ولا أم ولا جد، ولا ولد، ولا ولد ولدٍ ولا ابن.

هذا ما سبق أن درسناه في الأسبوع الماضي.

التعصيب

عرفنا الفرائض الستة والآن مع التعصيب [المادة الخامسة: في التعصيب].

أولاً: تعريف العاصب

[أولاً: تعريف العاصب:

العاصب في الاصطلاح -الفقهي-: هو من يحوز كل المال عند انفراده] يقال: عصب فهو عاصب [أو ما أبقت الفرائض إن كانت] إذا أخذ أصحاب الفرائض حقوقهم فالباقي للعاصب [ويحرم إن لم تُبقِ الفرائض شيئاً من التركة] إذا أصحاب الفرائض أخذوا ما لهم ولم يتبق شيء، فهذا العاصب ليس له شيء [وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ( ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر )] أي: للعصبة.

عندما تقسم التركة على أصحاب الفرائض إن بقي شيء أخذه العاصب الأقرب، فإن كان الابن وابن الابن، فالابن هو الذي يرث.

أقسام العصبة

[ثانياً: أقسام العصبة:

العصبة ثلاثة أقسام]

أولاً: عاصب بنفسه

[أولاً: عاصب بنفسه: وهو الأب والجد وإن علا، والابن وابن الابن وإن سفل، والأخ الشقيق أو لأب، وابن الأخ الشقيق أو لأب وإن نزل، والعم الشقيق أو لأب، وابن العم الشقيق أو لأب وإن نزل، والمعتق ذكراً كان أو أنثى، وعصبة المعتق المعصبون بأنفسهم، وبيت المال].

مداخلة: المعتِق وإلا المعتَق؟

المعصبون بأنفسهم وبيت المال، والمُعتَق من إذا عتق المعتوق فإنه يرثه من أعتقه، مات العاتق الورثة يرثونه.

مداخلة: المعتِق هو الذي يرث!

الشيخ: نعم.

مداخلة: المعتِق ليس المعتَق.

الشيخ: لا، لا، لا. المعتِق: أيما مؤمن يعتق. والمعتَقُ من يرثه: العاتق له.

مداخلة: الذي هو المعتِق.

الشيخ: أقول: المعتَقُ: من عُتِقَ عاتقه في سبيل الله هو الذي يرثه إن مات وترك مالاً، لكن العاتق الورثة يرثونه وأتى بالورثة. أما المعتق نفسه لا يرث، المعتق لا يرث من إذا مات من أعتقه يرثه قطعاً.

ثانياً: عاصب بغيره

[ثانياً: عاصب بغيره، وهو كل أنثى عصبها ذكر فورثت معه بنسبة للذكر مثل حظ الأنثيين] فهي عاصبة مع أخيها أو شقيقها، المرأة تكون عاصبة بغيرها [وهُنَّ الشقيقة مع أخيها الشقيق] هي عاصبة ترث معه [والأخت لأب مع أخيها للأب، والبنت مع أخيها، وبنت الابن مع أخيها أو مع ابن ابنِ إن لم يكن لها فرض] أما إذا كان لها فرض فليست عاصبة [فإن كان لها فرض فلا يعصبها ابن الابن النازل عنها؛ وذلك كأن يهلك رجل فيترك بنتاً وبنت ابن، وابن ابنِ ابنٍ فإن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والباقي لابن ابن الابن بالتعصيب، أو يترك بنت ابن، وابن ابن ابن، فإن لبنت الابن النصف بالفرض، والنصف الباقي لابن الابن بالتعصيب، أو يترك بنتي ابن، وابن ابنِ ابنٍ، فإن لبنتي الابن الثلثين فرضاً، ولابن ابن الابن الباقي بالتعصيب.

كل هذا إذا كان بنت الابن مساوية لابن الابن في الدرجة، أو كانت أعلى منه. أما إن كانت أسفل منه بدرجة فأكثر فإنه يحجبها حجب إسقاط فلا ترث بالمرة].

ثالثاً: عاصب مع غيره

[ثالثاً: وعاصب مع غيره: وهو كل أنثى تصير عاصبة باجتماعها مع أخرى، وتلك الشقيقة فأكثر مع البنت، أو البنات، أو مع بنت الابن أو بناته. والأخت لأب كالشقيقة في هذا كله، فالباقي عن البنت أو البنات أو بنت الابن أو بناته ترثه الأخت وحدها إن انفردت، أو مع أخواتها بالسوية إن كن] متعددات [مع ملاحظة أن الشقيقة هنا بمنزلة الشقيق فتحجب التي للأب، والأخت لأب بمنزلة الأخ للأب فتحجب ابن الأخ مطلقاً].

تنبيه: المسألة المشتركة

[تنبيه: المسألة المشتركة:

إذا هلكت امرأة وخلفت زوجاً وأماً وإخوة لأم أو أخاً شقيقاً أو أكثر، فإن المسألة من ستة: للزوج النصف ثلاثة، وللأم السدس واحد، وللإخوة لأم الثلث اثنان، ولم يبق للأخ الشقيق شيء من التركة؛ إذ هو عاصب] والفرائض ما أبقت له شيئاً [والعاصب يحرم إذا استغرقت الفرائض التركة. وهذا هو المفروض في هذه المسألة.

غير أن عمر رضي الله عنه قضى بتشريك الشقيق أو الأشقاء مع الإخوة في الثلث، فاقتسموه بينهم بالسوية، الشقيق كالذي للأم، والأنثى كالذكر، ولهذا سميت بالمشترِكة، أو المشترَكة، أو بالحجرية؛ لأن الأشقاء قالوا لـعمر رضي الله عنه لما حرمهم ابتداء: افرض أن أبانا حجر أليست أمنا واحدة؟ فكيف نُحرم ويرث إخوتنا؟ فاقتنع عمر وقضى لهم بمشاركة إخوتهم لأمهم في الثلث].

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

والآن مع بعض الأسئلة والإجابة عنها.

الأسئلة

حكم أداء الفريضة بوضوء صلاة الجنازة

السؤال: سائل يقول: ما حكم من نوى الوضوء لصلاة الجنازة؟ ثم دخل وقت الصلاة فهل يصلي الفرض بنفس الوضوء؟

الجواب: إذا توضأ فإنه يصلي بهذا الوضوء صلاة الجنازة ويصلي الفرائض والنوافل ويطوف أيضاً وكله واسع، فالوضوء واحد، ليس هناك عبادة لها وضوء خاص.

حكم جمع الصلوات لمن لا يستطيع تأديتها في أوقاتها

السؤال: سائل يقول: هل الشخص الذي لا يستطيع أن يصلي الصلوات في أوقاتها؛ لأن نظام الدولة يمنع ذلك في العمل، هل يجمعها أم لا؟

الجواب: يجوز أن يجمع الظهر والعصر أو المغرب والعشاء فقط، أما أن تغرب الشمس ولم يصل الظهر والعصر فلا يجوز له الجمع، فعليه أن يصلي ولو كان قائماً، فالمغرب والعشاء يجمعهما، لكن لا يمكن أن يتركهما حتى يطلع الفجر، والفجر إذا طلع لابد وأن يصليه قبل طلوع الشمس قبلت الحكومة أم لم تقبل، ولو يدعي أنه يدخل المرحاض فيتوضأ مثلاً.

ولو بحث عن عمل آخر -إن وجد- فذلك خير، وهذا الغالب يكون في أوروبا وأمريكا وبلاد الكفر، أما في بلاد المسلمين فإنهم يسمحون له بأن يتوضأ ويصلي.

توضيح قول الله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)

السؤال: يقول السائل: أرجو توضيح قول الله تبارك وتعالى: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4]؟

الجواب: هذا اليوم هو يوم القيامة، تعرج الملائكة عامة والروح -وهو جبريل عليه السلام- إلى الله عز وجل، ليحكم الله بين عباده، هذا يوم القيامة طوله خمسين ألف سنة.

كفارة قتل الخطأ

السؤال: سائل يقول: إنه وضع سلك كهرباء في البحر لغرض اصطياد السمك، فمات رجل متأثراً بالكهرباء؟ وهل يعتبر شهيداً؟

الجواب: بين الله تعالى أن على القاتل خطأ عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين.

حكم صيد السمك بالكهرباء

السؤال: صيد السمك بالكهرباء هل يجوز أم لا؟

الجواب: يجوز، إن كان لا يؤذي غير الحوت، أما الحوت فتصطاده بأي وسيلة، وإذا تأذى البشر بذلك لا يجوز.

حكم من حج عن آخر فمات أثناء تأديته للحج

السؤال: يقول السائل: شخص حج عن آخر، ثم مات الحاج هل الذي يبعث ملبياً الحاج نفسه أم الذي حج عنه؟

الجواب: عن كليهما.

المفاضلة بين إفطار المسافر وصيامه في رمضان

السؤال: يقول سائل: يا فضيلة الشيخ! أيهما أفضل الصيام أم الإفطار في شهر رمضان أثناء السفر؟

الجواب: أفطر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصام بعضهم في رمضان، فمنهم الصائم ومنهم المفطر، فإذا كان الصوم يعوقك في سفرك ويحول بينك وبين مرادك من هذا السفر، ويضعفك ولا تبلغ حاجتك فالإفطار أفضل، وتقضي بعد ذلك، وإذا كان الصيام لا يعوقك عن سفرك، ولا يؤثر عليك ولا يعطلك فالصيام أفضل.

حكم استراحة المرء أثناء تأديته للطواف بسبب لازم أو متعد

السؤال: سائل يقول: حج ومعه أطفال وزوجته وامرأة كبيرة أيضاً، فكان إذا طاف شوطاً استراح لأجل الأطفال والمرأة ثم طاف آخر واستراح، فهل طوافه هذا صحيح أم لا؟

الجواب: إذا كان حقاً متعباً من السفر وعجز، أو معه عجزة فلا بأس بشرط أن لا يبتعد من دائرة الطواف، بل يبقى عند البيت والمسافة الزمنية تكون فقط ثلاث أو أربع أو خمس دقائق.

فضيلة الصلاة في المسجد النبوي

السؤال: هذا السائل يقول: صلاة الفرض في المسجد النبوي الشريف بألف صلاة. فهل لو صلى رجل الظهر يسقط ما كان عليه من صلوات لم يصلها من قبل مثلاً؟

الجواب: أولاً: لما كنت لا تصلي كنت كافراً لم تكن مؤمناً: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )، ثم لما تاب الله عليك وتبت فإنك لا تطالب بالصلوات الماضية أبداً ولا تسأل عنها، فالتوبة تجب وتقطع ما قبلها، لست في حاجة إلى أن تعوض، أما إذا كان الشخص عليه صلوات لمرض فيجوز قضاؤها ولا حرج، أما أن يتركها عمداً عشر سنوات أو عشرين ثم يُسلم ويقول: نقضي فلا يقضي أبداً، ولكن يكثر من النوافل.

حكم قراءة القرآن على الميت

السؤال: سائل يقول: هل قراءة القرآن يصل ثوابها إلى الأموات؟

الجواب: أيها الأحباب! ما بلغنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الثواب ينقل، هل ملكته حتى ينقل؟!

ولكن اقرأ القرآن فإذا فرغت ارفع يدك وادع بالمغفرة والرحمة لمن قرأت من أجله من الأموات -أمك أو أباك أو أخاك- أن يغفر الله له ويرحمه، أما كون الثواب بألف حسنة تنقل إلى فلان فهذا لم يرد في الكتاب ولا في السنة أبداً، أما كونك تقرأ وتقول: رب اجعل ثواب هذه القراءة لأمي أو لأبي فلا يصح هذا؛ لأنك لا تملكه، فادعو الله عز وجل بالمغفرة والرحمة لمن قرأت من أجله، وفي الآخرة هل هناك غير المغفرة والرحمة، أن يُغفر له ويدخل الجنة؟!

فالذي ينبغي أن لا نجهله أن نقرأ ثم ندعو للميت بالمغفرة والرحمة، أو نتصدق عنه بصدقة وندعو للميت بالمغفرة والرحمة، أو نصلي ركعتين لله تعالى ثم ندعو للميت بالمغفرة والرحمة، أو نتوسل إلى الله بالعبادة ثم ندعو لمن أردنا أن ندعو له.

لطيفة: ولما جهلنا وضللنا أصبحوا يأتون بالطالب يقرأ القرآن على الميت مقابل أجرة، أو جماعة يقرءون القرآن على الميت، لا يدعون له ولا يعرفهم، بل يأكلون ويشربون فقط ويعطونهم نقوداً لأجل أن يقرءوا على الميت، وهذا باطل.. باطل.. باطل، وقد أصيبت الأمة بهذه المصيبة في الشرق والغرب، فأصبحوا لا يقرءون القرآن إلا على الموتى، فلا يجتمع اثنان أو ثلاثة يقرءون القرآن للتدبر والتأمل أبداً ولكن على الموتى، وذلك من إندونيسيا شرقاً إلى موريتانيا غرباً، حتى المدينة النبوية، ولكن بعد ذلك فتح الله الباب وجاء العلماء وعرف الناس أن القرآن لا يقرأ على الموتى بل يقرأ على الأحياء الذين ينتفعون به.

الحكمة من منع زيارة النساء للقبور

السؤال: ما الحكمة من منع النساء من زيارة البقيع؟

الجواب: البقيع جمع المؤمنين والمؤمنات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولادهم، الحكمة هي الشفقة والرحمة بالمؤمنة، فالذي منع زيارة القبور للنساء هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهن رقيقات القلوب، حساسات المشاعر، فإذا وقفت على القبر بكت، وجلدت نفسها، ومزقت شعرها، فمن رحمة الرسول بالمؤمنات منعهن من زيارة القبور رحمة بهن وشفقة عليهن لا أقل ولا أكثر، فالمرأة المسكينة قلبها رقيق وعاطفتها فوق ما تتصور، ولو وقفت أمام القبر بكت وصرخت. فصلوا عليه وسلموا تسليماً، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم.

فضيلة الجلوس في مجالس الذكر

السؤال: سائل يقول: ورد في حديث أنه إذا اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يقول الله عز وجل: ( قوموا مغفوراً لكم )، هل هذه المغفرة عامة إلى يوم القيامة أو في المجلس فقط؟

الجواب: نقول: الغفران يكون لما مضى من ذنوبهم، أما المستقبل فإما أن يتوبوا وإما ألا يعصوا، فيغفر لهم ما سبق أن فعلوه إن كانت لهم ذنوب.

حكم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم من أي مكان في الحرم

السؤال: سائل يقول: ما حكم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم أمام القبر؟ وهل يجوز السلام عليه من أي مكان في الحرم بأن يتجه من يريد السلام عليه باتجاه القبر، حيث أنني رأيت بعض الناس يقومون بهذا العمل؟

الجواب: هذه المسألة ليس عندنا فيها أدلة ولا براهين من رسول الله ولا من أصحابه ولا من أولادهم ولا من أحفادهم، ولكن الذي عندنا هو أن من أراد أن يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره أن يأتي إلى القبر الشريف ويجعله بين يديه ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وعلى آلك وأزواجك وأهل بيتك أجمعين فقط، ومن أراد أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان فلا يستقبل القبلة ولا أي جهة، بل يصلي ويسلم وتبلغ صلاته للرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل: لطيفة فتح الله بها علي فانتبهوا لها:

لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً في روضته مع أصحابه -وقد مكث عشر سنوات- هل يجوز لمسلم من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقف من بعيد ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

والله لا يكون. أن يقف عند باب المسجد ثم يقول: السلام عليك يا رسول الله! هل يفعل هذا مؤمن من أصحاب رسول الله؟ والله لا يفعله، لم لا يدخل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه؟ إلا أن يكون منافقاً.

فمن هنا الذي يريد أن يصلي ويسلم على الرسول فليأت القبر الشريف، أما إذا لم يرد زيارة القبر واكتفى بمرة مثلاً ثم أراد أن يصلي؛ فأي جهة يصلي فيها على الرسول صلى الله عليه وسلم فالصلاة تبلغه، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( صلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني )، ويكفيكم دليلاً أننا كلما نصلي ركعتين نافلة أو فريضة نقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، سواء كنت في الصين أو في الهند أو في أمريكا أو في المدينة أو في مكة أو في أي مكان فإن ذلك يبلغه صلى الله عليه وسلم، ولست في حاجة إلى أن تقف عند الباب وتسلم.

وعند دخولك أي مسجد فمن آداب الدخول إلى المسجد أن تقدم رجلك اليمنى، وتقول: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعند الخروج تقدم رجلك اليسرى وتقول: اللهم اغفر لي ذنبي وافتح لي أبواب رحمتك، وافعل هذا في بيتك أيضاً.

حكم أكل الأبناء من مال أبيهم إذا كان حراماً

السؤال: يقول السائل: رجل أمواله حرام، وله زوجة وأبناء، وهو يعولهم، وليس لهم عائل غيره، فهل يدخلون في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به

الجواب: إذا كانوا قادرين على أن لا يأكلوا من هذا المال ويشربوا فلهم ذلك وهم محقون، فلا يأكلون ولا يشربون حتى يتوب والدهم، أما إن كانوا عاجزين فالإثم على الأب وليس عليهم.

حكم تطييب الإحرام قبل لبسه

السؤال: يقول السائل: هل يجوز أن أطيب أو أعطر الإحرام قبل لبسه؟

الجواب: يجوز لمن أراد أن يحرم أن يمس الطيب في بدنه فقط قبل أن يحرم، أما أن يمسه في ثيابه -في إزاره وردائه- فلا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز، وأنا كنت أقول: لا بأس قبل أن يحرم، فثيابه -إزاره ورداءه- قد يحرم به الآن وقد لا يحرم إلا غداً، فلو مسه بالطيب لا يضره، لكن إذا لبى وقال: لبيك اللهم لبيك فإنه يحرم عليه أن يمس الطيب في بدنه أو في إزاره أو في ردائه.

حكم من أدرك صلاة جنازة في المسجد وهو لم يصلِّ الفريضة بعد

السؤال: يقول السائل: إذا دخل الإنسان المسجد وهناك ميت يصلى عليه، فهل يصلي على الميت أو يدرك الصلاة أولاً؟

الجواب: لا يفعل، بل يبدأ بالفريضة ولا يضر إن فاتته الجنازة، أما إذا كان الوقت متسعاً فإنه يصلي الجنازة حتى لا تفوته ثم يصلي الفريضة بعد ذلك.

حكم إقامة حفلات الزفاف بقصور الأفراح

السؤال: يقول السائل: ورد حديث: ( كل محدثة بدعة )، فهل إقامة الحفلات بقصور الأفراح بدعة أم لا؟

الجواب: لا بدعة ولا سنة، ولكن نقول: هذا إسراف وتبذير وإضاعة للمال والوقت، ولهذا قلنا غير ما مرة: لا ينبغي يا عباد الله! أن تكون الوليمة إلا بعد صلاة الظهر، فلا تكون في الليل إلى قبل الفجر، أو تكون بعد المغرب مباشرة وقبل صلاة العشاء، يتناولون الطعام، أما أن تكون بعد نصف الليل، فهذا منكر.. منكر.. منكر، والعياذ بالله، ثم ما لك تؤجر القصر هذا بعشرة آلاف أو عشرين ألفاً؟ اجعل الوليمة في بيتك أو في حوشك، وقد جعلها أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي، ولكن الإسراف والتبختر والعياذ بالله أعمى الناس هذا العمى.

فالتباهي والتفاخر لا ينبغي، وقد زوجت ثلاثة أنفار في بيتي؛ لأن عندي حوشاً واسعاً، والحمد لله تزوجوا وولدوا وأنجبوا، ومن أراد أن يتزوج فليأت عندنا نعطيه الحوش ونذبح له شاة أيضاً، ويدعو الطلبة ليأكلوا.

حكم دفع الخسوف أو الكسوف بخروج الناس إلى الشوارع بالبخور

السؤال: يا شيخ! يقول السائل: بعض الجهلاء في بلادنا إذا حدث كسوف للقمر فإنهم يخرجون للطرقات ومعهم البخور، ويقولون: إن رائحة البخور تتحدث مع القمر، فيذهب الكسوف؟

الجواب: هذا منكر وباطل وحرام، وليس من الإسلام في شيء أبداً، الإسلام سن صلاة الخسوف وراء الإمام في المسجد، أما ما يفعله هؤلاء الناس فهو بدعة منكرة من أهل الجهل الذين ما عرفوا الإسلام، فكيف نترك الصلاة في المسجد توسلاً إلى الله ليبعد عنا هذا الألم، ونجعل البخور، وندعي أنه يدفع عنا؟ هذا من عمل الجاهلين ولا يسكت عنه مؤمن أبداً.

دعاء

معاشر الأبناء والإخوان! جاءني مؤمن وقال: إن والده في المستشفى فادع الله له بالشفاء، فهيا ندعو الله له ولغيره من المؤمنين.

اللهم يا أرحم الراحمين.. يا أرحم الراحمين.. يا رب العالمين، يا ولي المؤمنين ومتولي الصالحين، هذه أكفنا رفعناها إليك سائلين ضارعين، فاشف اللهم هذا المريض، واشف كل مريض فينا وفي بيوتنا ومشافينا يا رب العالمين، اللهم اشفنا.. اللهم اشفنا وعافنا واعف عنا وارض عنا وأرضنا، اللهم اشف أهل المرض بيننا وفينا -يا ألله- وفي مشافينا، إنك ولي ذلك والقادر عليه، واشفنا يا ربنا ظاهراً وباطناً، اللهم اشف أجسامنا وقلوبنا، وقلوبنا قبل أجسامنا يا رب العالمين، طهر قلوبنا وزك أرواحنا يا حي يا قيوم، وارض عنا وأرضنا وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (185) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net