اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (146) للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدةً وآداباً وأخلاقاً وعباداتٍ وأحكاماً، وها قد انتهى بنا الدرس إلى [الفصل الرابع: في جملة عقود وفيه ثمان مواد] من عقود البيع وما إلى ذلك، فهيا بنا نتعلم.
[وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه )] حديث قدسي شريف: (أنا ثالث الشريكين)، والقائل هو الله جل جلاله، (ما لم يخن أحدهما صاحبه) فإن خانه تخليت عنهم. (أنا ثالث الشريكين) أي: يوجههم ويعلمهم ويهديهم، ويربحهم ما لم يخن أحدهم صاحبه فإنه يتركهم.
[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا )] فعلى الشريكين والشركاء عدم الخيانة، فإن هم امتنعوا من الخيانة كان الله موجههم، وكان الله هاديهم.
إذاً: الشركة مشروعة بالكتاب والسنة.
[كما تكون الوضيعة -الخسارة- بحسب الأسهم كذلك] فالربح بحسب الأسهم والخسارة بحسب الأسهم، فالذي سهمه عشرة آلاف يعطى الربح بحسب العشرة آلاف، والخسارة بحسبها.. وهكذا.
إذاً: شركة العنان أول نوع من أنواع الشركات، وهي: أن يشترك شخصان فأكثر ممن يجوز تصرفهم في جمع قدر من المال موزعاً عليهم أقساطاً معلومة، أو أسهماً معينة محددة، يعملون فيه معاً لتنميته وتكثيره، ويكون الربح بينهم بحسب أسهمهم في رأس المال، كما تكون الوضيعة -أي: الخسارة- بحسب الأسهم كذلك.
[ولكل واحد منهم الحق في التصرف في الشركة بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن شركائه، فيبيع ويشتري، ويقبض ويدفع، ويطالب بالدين، ويخاصم، ويرد بالعيب. وباختصار: يفعل كل ما هو في مصلحة الشركة] فكل واحد من الشركاء يقوم مقام الآخرين، وكل واحد من الشركاء -اثنين أو ثلاثة أو عشرة- يقوم هو ويطالب ويعطي ويفعل بإذنهم؛ لأن الشركة شركة عنان. أي: متعاونين فيها.
[ولصحة هذه الشركة شروط، وهي:]
قال: [إلا أن يكون التصرف من بيعٍ وشراء بيد المسلم فإنه لا مانع إذاً؛ لعدم الخوف من إدخال مالٍ حرام على الشركة] هذا شرط.
إذاً: يجب أن يكون الربح مشاعاً يوزع بحسب السهوم، فلا يخصص فيه شيء واحد، ولا يجوز أن يقال: إن ما ربحناه من الضأن هو لفلان، وما ربحناه من الكتان لفلان؛ لما فيه من الغرر، والغرر محرم.
إذاً: إذا كانوا مشتركين ليعملوا مع بعضهم البعض أن يكون العمل بحسب السهام كالربح والخسارة، فمن كان نصيبه في الشركة الربع فإن عليه عمل يوم من أربعة أيام مثلاً.. وهكذا، وإن استأجروا عاملاً -جمعنا المال وجئنا بعامل يشتغل- فأجرته من رأس المال بحسب سهوم الشركاء، فالذي سهمه ألف يأخذ بحسبها، والذي سهمه مائة يأخذ بحسبها.
هذه ستة شروط لشركة العنان، وهي أن يجتمع اثنان أو ثلاثة بالعمل.
[والأصل في جوازها ما رواه أبو داود من: ( أن عبد الله وسعداً وعماراً رضي الله عنهم اشتركوا يوم (بدر) فيما يحصلون عليه من أموال المشركين فلم يجئ عمار وعبد الله بشيء وجاء سعد بأسيرين فأشرك بينهم النبي صلى الله عليه وسلم ) وكان ذلك قبل مشروعية قسمة الغنائم].
إذاً: الأصل في جواز شركة الأبدان هو أن عبد الله بن عباس أو ابن مسعود وسعداً وعماراً اشتركوا يوم بدر فيما يحصلون عليه من أموال المشركين، أي: من حصل منهم على شيء اقتسموه معاً، فلم يجئ عمار ولا عبد الله بشيء وجاء سعد بأسيرين، فأشرك بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا قبل مشروعية قسمة الغنائم، لكن لما شرع الله قسمة الغنائم ما بقي لأحد أن يأخذ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أو القائد يوزع على المجاهدين.
[وأحكام هذه الشركة، هي]
شركة المفاوضة هي: أن يفوض الأمر إلى زميله، أي: إلى صاحبه، وهي أوسع من شركة العنان والوجوه والأبدان؛ إذ هي تشملهما وتشمل المضاربة أيضاً، وهي أن يفوض كل من الشريكين للآخر كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة، فيبيع ويشتري ويضارب ويوكل ويخاصم ويرتهن ويسافر بالمال، ويكون الربح بينهما على ما اتفقا عليها، والخسارة كذلك بحسب نصيب كل منهما.
إذاً: أنواع الشركات أربع: العنان، والأبدان، والوجوه، والمفاوضة.
الجواب: لا يجوز، مكروه، يكره للمؤمنة أن تزور القبور، سواء كان قبر ابنها أو أبيها أو زوجها، فقد أراحها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن تدعو لأبيها في بيتها وهي ساجدة في صلاتها أو بعد صلاتها وحسبها ذلك، ولا حاجة إلى أن تذهب إلى المقبرة لتزوره، وهذه رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بهن، نهاهن عن زيارة القبور؛ بل قال: ( لعن الله زوارات القبور ).
الجواب: يجوز لأهل البلاد أو أهل القرية إذا أرادوا أن يستسقوا اختيار أطهرهم وأطيبهم ليدعو الله عز وجل لهم، ولا حرج، فقط لا يجوز الاستسقاء بالميت، ولو كان يجوز لاستسقى عمر برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو استسقى بـأبي بكر الصديق ، ولكنه تركهما؛ لأنهما ماتا، وانتهى عملهما في الدنيا، فلا دعاء ولا عمل، لكن العباس موجود يصلي ويدعو، ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن منزلته عالية، ودعاءه إن شاء الله لا يرد، وبالفعل دعا واستجاب الله عز وجل.
الجواب: صلهما في ثلاث أو أربع دقائق، صل الشفع ركعتين، وصل الوتر ركعة، لأن الصلاة لا تقام إلا بعد ربع أو ثلث ساعة، وهكذا كل من نام عن وتره واستيقظ وقد أذن المؤذن أو وهو يؤذن فلا بد أن يصلي وتره، اللهم إلا إذا مشى للمسجد وقام ليصلي فأقيمت الصلاة، فإذا أقيمت الصلاة سقط الشفع والوتر، وإذا أراد أن يعظم أجره ولا يفوته صلى في الضحى اثنتي عشرة ركعة؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام ليلة وما استيقظ صلى في الضحى ثنتي عشرة ركعة، ليس إحدى عشرة ركعة وتر، وإنما ثنتي عشرة ركعة، فأيما مؤمن نام عن الشفع والوتر وما استيقظ إلا بعدما أقيمت الصلاة صلى من الضحى ثنتي عشرة ركعة، وإذا لم يصلِّ فلا إثم عليه، ولكن يفوته هذا الأجر العظيم.
الجواب: هذا جاهل، ما عرف الطريق إلى الله، لو رفع يديه إلى الله وبكى بين يديه وسأله أعطاه ما طلب منه، أما أن يمسح على الجدران والأبواب فهذا لجهله، ولا يجوز هذا العمل أبداً.
الجواب: إذا كان اسمه يدل على الشرك أو الكفر أو الفسق أو الفجور يغيره قطعاً؛ لأنه أسلم وتاب، وإن كان هذا الاسم ليس فيه تأثير لا في الدين ولا في الآداب ولا في الأخلاق فلا بأس إذا أبقاه، ليس هناك حرج.
الجواب: ويسأل ثانياً: أسلم في عمر عشرين سنة أو أربعين سنة فهل يختتن أم لا؟
الجواب: إن أمكنه أن يختتن جاز له ذلك، وإذا لم يقدر عليه أو لم يستطعه فلا شيء عليه.
الجواب: يجوز، لا حرج في هذا، إلا إذا قال: أنت كأختي علي في الحرمة فإنه حرّمها حينئذ، لكن كلمة: أنت كأختي، أو يا أختي لا حرج؛ فهي أخته في الإسلام.
الجواب: أنت حر. إن قضيت الصلاة بأن تجلس في زاوية من المسجد أو في بيتك وتصلي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء يوم فلك ذلك، وإن ما صليت وفوضت أمرك إلى الله فلك ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر، والصيام أيسر وأسهل، فإن استطعت أن تصوم كل سنة شهراً فافعل حتى تكمل الأشهر التي أفطرتها، وأجرك على الله، وإن عجزت عن ذلك يكفيك توبتك ونصحك للدين.
الجواب: تخرج من نفس الحيوان، كل أربعين شاة فيها شاة إلى مائة وعشرين، وبعد ذلك شاتان، وهكذا البقر والإبل مبينة مفصلة، فلا تخرج الزكاة إلا من جنسها فقط، فلا تخرج البقر عن البعير، ولا الشاة عن البقر، ولا النقود على كذا، بل لا بد من نفس الحيوان.
الجواب: أولاً: اعتمر عن نفسك وأدِ واجبك، فإذا فرغت ووجدت نفسك قادراً على أن تعتمر عن أبيك الميت أو عن والدتك الميتة أو عن أخيك الميت وأردت أن تتقرب إلى الله بذلك وتتوسل إليه ليغفر لهم ويرحمهم واعتمرت عن أحدهم في الصباح وعن الثاني في المساء فلا حرج. يجوز.
ويبقى أين الشعر الذي يحلقه؟
فنقول: يمرر السكين على رأسه فقط؛ لأنه ليس هناك شعر.
الجواب: كلاهما جائز، لكن في البيت أفضل؛ لأنك مستور عن عيون الناس، فليس هناك رياء، ولا من يقول عنك كذا ولا كذا، والحبيب صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل في بيته، والمؤمنون يتهجدون في بيوتهم، لكن لو صلى في المسجد يجوز ولا حرج.
الجواب: من الأذكار: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. فعندما تشعر بالوسواس التفت عن يسارك وقل ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم خذ بلحيتك وقل: آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله. وهكذا كلما جاءك فعلت، ولا يرجع إليك إن شاء الله.
مداخلة: وإذا كان في الصلاة؟
الشيخ: قال: وإذا جاءني هذا الوسواس أثناء الصلاة؟
الجواب: أما في أثناء الصلاة فإنك لا تلتفت، ولكن قل: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ولا تلتفت.
الجواب: أنت أيضاً إذا كنت ملتزماً بالركعتين قبل العصر وحيل بينك وبينها فلك أن تصليها بعده، أما أن تتخذ هذا الوقت للنافلة فلا.
النبي صلى الله عليه وسلم فاتته ركعتان قبل العصر لوجود وفد وفد عليه -ما تمكن- فصلاهما بعد صلاة العصر، فيجوز لأي مؤمن كان هذا من سنته أو من عادته ولم يصلِّ يوماً من الأيام أن يقضيهما -إن شاء- بعد العصر اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أما الإسدال فباطل، وما قاله المالكية والزيدية باطل. فها هو ذا مالك إمام هذه الدار (المدينة النبوية) في موطئه يقول: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، ووضع اليمين على اليسار فوق الصدر)، ومعنى هذا أن كل الأنبياء كانوا يضعون أيديهم على صدورهم في الصلاة، وما رؤي الرسول صلى الله عليه وسلم قائماً في الصلاة إلا وهو واضع يديه على صدره.
إذاً: الإسدال من أسباب السياسة والهبوط، وإلا فالسنة قائمة مشاهدة.
ويبقى أين يضع يديه؟
بعضهم يضعها على سرته، كأنه واقف بين يدي الرب يخشى أن يسقط سرواله أو إزاره فيضع يديه على سرته، وهذا يفعله إخواننا الأحناف، وهذا خطأ. والصواب: أنهما على الصدر، وبعضهم يضعها كالصليب، وهذا لا ينبغي، ولكن تضعهما على صدرك باعتدال.
الجواب: يجوز، ولو أكلتها كلها يجوز، أليست أمهم؟! تطبخين وتطعمين وتفرشين؟! وهذه في غاية التقوى! زادها الله تقوى!
الجواب: هيا ندعو الله أولاً لشيخنا وإمامنا عبد القادر شيبة الحمد لأنه مريض يطلب منكم الدعاء:
اللهم اشفه، اللهم اشفه، اللهم اشفه، واشف عبدك إمامنا وأخانا عبدك محمد الصالح العثيمين ، اللهم عجل بشفائهما، اللهم عجل بشفائهما، اللهم عجل بشفائهما يا رب العالمين.
اللهم أبعد عن هذا المؤمن ما يؤذيه من السحر والسحرة، ونج كل مؤمن ومؤمنة من ذلك، اللهم نجنا من السحر والحسد، اللهم نجنا من السحر والحسد، واعف عنا وعافنا، وارض عنا وأرضنا، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (146) للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net