اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح صحيح مسلم - كتاب الإيمان - بيان أركان الإسلام - ترجمة زهير بن حرب للشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح صحيح مسلم - كتاب الإيمان - بيان أركان الإسلام - ترجمة زهير بن حرب للشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري
وبعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
دراسة الأحاديث مباشرة دون دراسة أصول علم الحديث أمر يصعب معه معرفة علم الحديث، ولذا آثرنا أن نتعرض لمسائل هذا العلم -علم المصطلح- كلما دعت الضرورة إلى ذلك، ولن نحاول أن نستقصي هذه المسائل في دروس متتالية أو متتابعة حتى لا يمل كثير من السامعين، وإنما سنعرج على ذلك في أثناء تعرضنا لشرح الأسانيد والتعليق على الرجال وكذا المتون؛ حتى لا يمل السامع؛ لأنها مسائل لابد منها، وكل علم لم تعرف أصوله لا يعرف عنه شيء، وإذا بدأنا بعلم المصطلح لطال هذا الأمر جداً، وقد شرحناه في أماكن أخرى في ثلاث سنوات أو أكثر، فمن أراد الرجوع إلى الأشرطة فليفعل، ومن لم يرد فليحرص على أن يتابع معنا الكلام على أصول وفروع هذا العلم من خلال تعرضنا للأسانيد والمتون.
قال: [ عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة ]، أي: أول من قال: لا قدر وأن الأمر أنف، وأن الله تعالى لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها، وأما قبل وقوعها فلا.
قال: [ معبد الجهني -عليه من الله ما يستحق- ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري -أي: من البصرة- حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر ]، يعني: يا ليتنا نوفق أن نرى أحداً من علماء الصحابة فنكلمه عن هؤلاء القوم الذين ظهروا حديثاً وتكلموا بكلام لم نعهده من قبل.
قال: [ فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ]. وهو إمام جليل من أئمة الصحابة، ومن أكثر الصحابة التزاماً وفهماً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: [ فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد -وهو مسجد مكة- فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي ]. والظن هنا بمعنى: غلبة الظن، يعني: ترجح لدي أن صاحبي -وهو حميد بن عبد الرحمن - سيكل الكلام إلي، أي: سيوكلني في أن أتكلم وأعرض ما عندي على عبد الله بن عمر .
قال: [ فقلت: أبا عبد الرحمن! ]. أي: يا أبا عبد الرحمن! ولكنه حذف حرف النداء (يا)، فقال: أبا عبد الرحمن! وهذا فيه تلطف عن ذكر حرف النداء، وفيه ود واسترعاء لأفهام المتكلم أو أفهام السامع.
قال: [ أبا عبد الرحمن ! إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم ]. فقوله: (إنه قد ظهر قبلنا) أي: ناحيتنا في جهة البصرة، وقوله: (ويتقفرون العلم) يعني: يطلبونه طلباً حثيثاً.
قال: [ وذكر من شأنهم -أي: وقص عليه من أخبارهم- وأنهم يزعمون أن لا قدر -يعني: يقولون: لا قدر- وأن الأمر أنف، قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم -والقائل هنا هو عبد الله بن عمر- أني بريء منهم -لأن هذا قول محدث في دين الله عز وجل- وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر- وعبد الله بن عمر لا يحلف إلا بالله وبأسمائه وصفاته- لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ]. لأن القدر من أعظم أركان الإيمان، وفي الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر).
قال رحمه الله: [ ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال: صدقت، قال: فعجبنا له -والقائل هنا عمر- يسأله ويصدقه) ]. لأن هذا على خلاف عادة السائل الجاهل، إذ إنه يسأل عما خفي عليه، فإذا علم الجواب أخذه وانصرف، وأما هذا السائل فهو يسأل السؤال ثم يقول للمجيب: أنت صادق في هذه الإجابة، أي: أنه عنده علم سابق، وسؤاله هذا ليس لغرض التعلم، وإنما له غرض آخر، وهو أن يعلم الحضور جواب هذا السؤال.
قال: [(قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل)]، أي: لست بأعلم منك بها، وهذا إما أن يكون بياناً من النبي عليه الصلاة والسلام لمعرفته أن السائل هو جبريل عليه السلام، أو يكون معنى الكلام: إن هذا أمر لا يعلمه إلا الله، وأنا وأنت من المخلوقين لا نعلمه.
قال: [(قال: فأخبرني عن أماراتها -أي: علاماتها وأشراطها- قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق -أي: انطلق السائل- فلبثت ملياً -يعني: وقتاً طويلاً- ثم قال لي -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- يا عمر ! أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)].
وليس كل علة في الإسناد يرد بها الحديث برمته؛ لأن من العلل ما هو قادح ومنها ما ليس بقادح.
و أبو خيثمة زهير بن حرب أصله من نسأ أو من نِسأ، فنسبته أنه نسائي أو نسوي، كالإمام النسائي ، أو تقول: الإمام النسوي، والنسبة صحيحة في الحالين، وقد نزل بغداد فنسب إليها، فيقال: أبو خيثمة زهير بن حرب النسوي أو النسائي البغدادي.
وهناك من يكنى بهذه الكنية أبي خيثمة، ولكنه متقدم على زهير بن حرب، وهو زهير أيضاً، ولكنه زهير بن معاوية بن حديج الكوفي، وهو من الطبقة السابعة، وليس شيخاً للإمام مسلم، وإنما هو فوق شيوخه بطبقة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يزور أنساً أو أم سليم أو أبا طلحة في بيتهم كان يلاعب هذا الغلام أخو أنس من أمه أم سليم ، وكان يقول له: (يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟) يعني: ما هي أخبارك مع العصفور، وهذا فيه مداعبة للأطفال، كما أن فيه أيضاً إثبات سنية واستحباب تكنية الأطفال؛ لأنه قال له: (يا أبا عمير ! )، وهذا ليس اسم الغلام، وإنما هو كنية له كناه بها النبي صلى الله عليه وسلم، ونعم من كنى وسمى صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث أيضاً فوائد أخرى كثيرة، وقد صنف أحد القدامى في فوائد حديث أبي عمير ، وذكر فيه أكثر من ستين فائدة، وهذا الجزء مطبوع متداول.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لـعائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وهي زوجه وليس لها ولد منه: (يا عائش ! تكني بابن أختك عبد الله). وهو عبد الله بن الزبير ابن أسماء بنت أبي بكر الصديق ، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عائش ! تكني بـأم عبد الله). فكانت كنية عائشة رضي الله عنها أم عبد الله .
و زهير بن حرب من أكابر شيوخ الإمام مسلم ، وقيل: إن مسلماً روى عنه ألف حديث، وسئل الإمام يحيى بن معين عن أبي خيثمة زهير بن حرب فقال: أبو خيثمة ثقة ثقة، يكفي قبيلة، يعني: يغني قبيلة بالتحديث والعلم والورع والزهد والإقبال على الطاعة والعبادة. وهذا القول من إمام فحل جليل كـيحيى بن معين ، كأنه انتزع من بين فكي أسد؛ لأن يحيى بن معين كان من قسم المتشددين والمتعنتين جداً في الكلام في الرجال، فما كان أحد يظفر من يحيى بن معين بثقة ولا بصدوق، حتى قيل: إن الرواة يمرحون ويلعبون ما داموا بعيدين عن يحيى ، فإذا وقفوا أمامه أتى كل منهم بأحسن حديثه مخافة أن يقع لـيحيى بن معين حديثهم الضعيف أو الواهي فيحكم عليهم بأنهم رواة الأباطيل، أو أنهم كذابون أو وضاعون أو ضعفاء، فكان الواحد منهم إذا وقف أمام يحيى بن معين كأنه في امتحان عسير صعب لا يكاد أن ينجو منه.
فإذا قال هذا الإمام الذي هو بهذه المكانة من الشدة والعنت: ثقة ثقة، يكفي قبيلة، فاعلم مكانة زهير بن حرب .
وكان الإمام أحمد وهو من أقرانه يجله ويعظمه ويفخم أمره ويرفعه على كثير من الناس، وكفى بـزهير جلالة توثيق هؤلاء له.
والإمام أحمد من فريق المعتدلين، وأما يحيى بن معين فمن فريق المتعنتين المتشددين في الرجال، واختلف في الإمام النسائي هل هو من المتشددين أو من المعتدلين؟ وبكل قول قال فريق من أهل العلم، والراجح على الإمام النسائي أنه من المتشددين أيضاً، ومع هذا فقد رفع شأن زهير بن حرب أبي خيثمة النسائي .
ويؤخذ من هذا أيضاً أنه يستحب أن ينادى المسلم بكنيته؛ لأن الكنية فيها تعظيم وفيها إجلال وتفخيم لصاحب هذه الكنية، فيفضل أن تقول: يا أبا فلان! وإن سميته باسمه بعد ذكرك لكنيته فهو حسن، وإن كان يكره أن يذكر اسمه فينبغي عليك ألا تذكره إلا بالكنية فقط.
فلابد في معرفة الرجل من ذكر اسمه مجرداً، وإن لم يكن علماً عليه فينبغي ذكر نسبه حتى يتميز عن غيره، خاصة وإن كان معه في الطبقة من يتسمى باسمه أيضاً؛ حتى لا يختلط بغيره.
وإما بذكر لقبه أو نسبته سواء كانت نسبة بلد، فيقال: فلان المصري أو المكي أو العراقي أو الكوفي أو البصري، أو نسبته إلى حرفة كفلان الجزار أو الحداد، أو نسبته إلى صنعة، كفلان الحائك أو الصائغ، أو نسبته لمكان أو لغير ذلك.
وأما الألقاب فمنها القبيح ومنها الجيد، فإذا كان اللقب جيداً فلا بأس به، ولا يحتاج هذا إلى إذن الملقب لندائه بهذا اللقب، وإذا كان قبيحاً فلا ينادى به، والأصل في ذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]. فهذا من التنابز بالألقاب، ولكنه يباح لضرورة، مثل النصيحة في الدين، أو لتمييزه إن لم يمكن تمييزه إلا بذكره بهذا اللقب، فإذا قيل مثلاً: حدثنا إسماعيل لقيل: من إسماعيل ؟ فإذا قيل: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم وعددنا خمسة أسماء أو أكثر من ذلك لربما عسر على المستمع إدراك وتمييز من هذا الراوي، فلو قيل: حدثنا ابن علية لعرف، وعلية أمه، وهذا لقب له، فنسب إلى أمه، وكان يكره ذلك، ولكنه لا يعرف إلا بهذا، فيحرم ذكره بهذا اللقب على سبيل الذم والتنقص، ويجوز على سبيل المصلحة والتمييز والتعريف عن غيره.
ويا حبذا قول الشافعي عليه رحمة الله! وهو الذي بلغ في الأدب مبلغاً عظيماً، فكان يجمع بين ذكر الراوي بلقبه والتبري من التنابز بالألقاب، فكان يقول: حدثنا إسماعيل الذي يقال له: ابن علية ، يعني: لست أنا القائل، فهنا حصل التمييز وحصل التبري.
وعن الحسن البصري قال: يجب للعالم ثلاث خصال: تخصه بالتحية، يعني: إذا دخلت مجلساً فيه رجل من أهل العلم فقل: السلام عليكم، ثم قل: السلام عليك أيها الشيخ! فتسلم على الناس ثم تخص الشيخ بالسلام، ولا تخصه بالسلام دون الناس، بل لابد من أن يشتمل سلامك على الناس، وإلا دخلت في شرط وعلامة من علامات الساعة، وهو التخصيص بالسلام، وفي حديث ابن مسعود : (أن رجلاً قال له وهو داخل المسجد معه أصحابه: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن ! قال: الله أكبر، سبحان الله! لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن تسليم الخاصة من أشراط الساعة، وأنت سلمت علي وتركت أصحابي)، ولو سلم عليه وعلى أصحابه ثم خصه بالسلام لحصل المقصود بقول الحسن : ثم تخص الشيخ بالتحية.
قال: وتعمه بالسلام مع الجماعة، ولا تقل: أخبرنا فلان، وقل: أخبرنا أبو فلان، يعني: تذكره بكنيته ولا تذكره باسمه.
وعن العباس الدوري قال: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح بن عبادة سنة خمس ومائتين يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول له: يا أبا زكريا ! كيف حدثت كذا، وكيف حدثت كذا؟ يريد أحمد أن يتثبت منه في الحديث، ويتأكد من الحديث الذي عند يحيى بن معين ، قال: وقلما سمعت أحمد بن حنبل يسمي يحيى بن معين باسمه، إنما كان يقول: قال أبو زكريا ، دخل أبو زكريا ، خرج أبو زكريا ، فهذا أمر وسنة عظيمة قد ماتت عند الكثير، وبالذات من الشعب المصري، وإلا فهي بحمد الله موجودة في شعوب العرب، فقد كانوا يعرفون بعضهم البعض بكناهم، وربما يخفى عليهم أسماؤهم، ونحن نجد في الرواة من عرف بكنيته واختلف في اسمه على أكثر من ثلاثين قولاً كـأبي هريرة رضي الله عنه، فقد كناه النبي عليه الصلاة والسلام بـأبي هريرة ، فاشتهرت هذه الكنية حتى طغت على اسمه، فاختلف من أتى من بعده في اسم أبي هريرة ؛ لأنه عرف وعلم عند الناس بكنيته دون اسمه، وكذلك لو اقتصر على الاسم والنسب لكان هذا جائز.
وقد قال سلمة بن سليمان : أخبرنا عبد الله، فقال له رجل: عبد الله ابن من؟ فقال: يا سبحان الله! -فـعبد الله الذي في طبقته هو عبد الله بن المبارك - أما ترضون في كل حديث حتى أقول: أخبرنا عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن الحنظلي الذي منزله في سكة كذا؟ وهذا كالشيخ ابن عثيمين ، مشهور في القصيم في عنيزة باسمه وليس بنسبته، فهو مشهور هناك بالشيخ محمد ، فإذا ذكر هناك الشيخ محمد فلا يجوز لأحد أن يسأل: الشيخ محمد من؟ لأنه إذا ذكر الشيخ محمد فإنما هو علم على مسمى علم أيضاً، وهو الشيخ ابن عثيمين .
فقال سلمة : إذا قيل بمكة عبد الله فهو ابن الزبير، يعني: إذا قيل عبد الله المكي فهو ابن الزبير، وإذا قيل بالمدينة فهو عبد الله بن عمر الصحابي، وإذا قيل بالكوفة فهو عبد الله بن مسعود الصحابي رضي الله عنه، وهو إمام أهل الكوفة، وإذا قيل بالبصرة فهو عبد الله بن عباس ؛ لأنه رحل إليها، وإذا قيل بخراسان عبد الله فإنما هو ابن المبارك .
وربما لم ينسب المحدث إذا كان اسمه مفرداً عن أهل طبقته، كـمسلم بن خالد المكي الملقب بـالزنجي، فلو قيل: حدثنا الزنجي ، فإنه لا يوجد أحد اسمه الزنجي غير هذا، وقد قال عنه ابن أبي حاتم : مسلم بن خالد الزنجي إمام في الفقه والعلم، وكان أبيض مشرباً بحمرة، وإنما لقلب بـالزنجي لمحبته التمر، قالت جاريته له ذات يوم: ما أنت إلا زنجي، يعني: أنت تحب التمر فقط وليس لك في العمل، وهذه النسبة فيها نظر كبير، والعرب لا تعرف هذا الأسلوب في النسبة، والراجح ما قاله سويد بن سعيد فقد قال: سمي مسلم بن خالد الزنجي ؛ لأنه كان شديد السواد، وهذا هو الراجح، وإلى الآن يقال للسود زنوج، وليس هذا من باب التنابز بالألقاب وإنما من باب التمييز، فهؤلاء السكان في هذه البقعة تغلب عليهم السمرة، وليس هذا قادحاً فيهم، بل ربما يقدح فينا؛ لأنه ليس لأبيض على أسود ولا لعجمي على عربي فضل إلا بالتقوى.
ومنهم لوين وهو لقب، وهو محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي، قال ابن جرير : إنما لقب المصيصي بـلوين لأنه كان يبيع الدواب ببغداد، ويقول: هذا الفرس له لوين، هذا الفرس له قديد، فلما كثر قوله: هذا الفرس له لوين لقب بـلوين.
ومنهم مشكدانة، ومنهم عارم، وعارم هو شديد البأس والطيش، ومنهم سعدويه ، وهو سعيد بن سليمان الواسطي، قال أحمد بن يونس بن سنان الرقي : قدمت العراق في طلب العلم فصرت إلى البصرة، ثم صرت إلى بغداد، ثم صرت إلى أبي نعيم -وهو الفضل بن دكين شيخ البخاري - في الكوفة، فقال لي أبو نعيم : ممن أنت؟ قال: قلت: من أهل الرقة، قال: فقال لي: وفيم قدمت؟ قال: قدمت إلى العراق في طلب العلم، قال: فقال لي: وإلى أين صرت؟ قال: قلت له: إلى البصرة، قال: فمن محدث البصرة؟ قال: قلت له: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن فرندل بن عرندل الأسدي البصري، أبو الحسن الحافظ، وقد قال الحافظ ابن حجر : ليس هذا اسمه ألبتة، ولكنه من صنع الذين يتفكهون، وإنما هو معلوم بأنه: مسدد بن مسرهد الأسدي البصري أبو الحسن ، وبقية الأسماء غريبة جداً قال أبو نعيم : لو كان في هذه النسبة بسم الله الرحمن الرحيم لكانت رقية العقرب! يعني: لو أضفت إلى هذا بسم الله الرحمن الرحيم، لظن القارئ لها أنها تنفع من لدغة العقرب، وهذا استبعاد لأن يكون مسدد هذا اسمه.
ثم قال لي: وإلى أين صرت؟ قال: إلى بغداد، قال: فمن محدث بغداد؟ قلت: سعدويه ، قال: فمن قاضيهم؟ قلت: شعبويه -أي: الشعبي - قال: فمن قاصهم -أي: واعظهم-؟ قال: سيفويه. قال: سبحان الله! ويحك وتمطرون مع هذا؟! أي: وينزل عليكم المطر من السماء مع هذا كله؟ وهذا فيه جواز ذكر الرجل بلقبه إن لم يعرف إلا به.
ومنهم صاعقة ، وهو محدث كبير، واسمه محمد بن عبد الرحيم البغدادي أبو يحيى ، قال الكرجي : سمي صاعقة ؛ لأنه كان جيد الحفظ، وكان أستاذ ابن خراش ، وابن خراش له مكان في العلم عظيم، وهذا كان أستاذه، ولقب بـالصاعقة لأنه ما ناظر أحداً إلا وغلبه، كالإمام الشافعي قال عنه تلميذه الربيع: ما ناظر الشافعي أحداً إلا ورأيت أنه كالسبع يلتهمه.
ومنهم مطين وهو لقب، فإذا ذكر فقد علم أنه محمد بن عبد الله الحضرمي قال أبو نعيم الحافظ: بلغني عن أبي جعفر الحضرمي قال: كنت ألعب مع الصبيان في الطين، وقد تطينت -أي: أصابني الطين والوسخ- وأنا صبي لم أسمع الحديث -أي: ما زلت صغير- إذ مر بنا أبو نعيم الفضل بن دكين وكان بينه وبين أبي مودة وصحبة، فنظر إلي فقال: يا مطين ! قد آن لك أن تحضر المجلس لسماع الحديث، ثم حملت إليه بعد ذلك بأيام، فإذا هو قد مات.
ومنهم نفطويه وهو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرعرة النحوي إمام النحو، قال عنه الذهبي عليه رحمة الله في السير: العالم الحافظ النحوي الفقيه الأديب، وقال فيه محمد بن زيد الواسطي -وكانت بينهما شحناء- يهجوه وينتقصه:
من كان يرجو أن يرين كافراًفليتمن أن يرى نفطويه
أحرقه الله بنصف اسمهوصير الباقي صراخاً عليه
فإذا ذكر أبو نعيم فإنما هو الفضل بن دكين في ذلك الزمان وفي ذلك العصر.
وكانت له حوادث مع المحدثين يطول ذكرها يثبت فيها أنه كان صاحب فكاهة، ومنها أنه كان يحب أن يجلس في مكان مرتفع، ولما قفل أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأحمد بن منصور الرمادي من صنعاء من عند عبد الرزاق الصنعاني مروا على الفضل بن دكين، وكان يحيى بن معين فيه اختبار وامتحان للرواة؛ خشية أن يكونوا قد اختلطوا وتأثروا بعوارض الزمان، فقال يحيى بن معين لـأحمد : تعال نختبر الفضل بن دكين أبو نعيم ، قال له: هو ثبت ثقة، قال: لابد لي من ذلك، فلما لم يجد أحمد بد مشى معه، وكان الإمام أحمد مؤدباً بشدة عليه رحمة الله، وقد ترجم له ابن الجوزي في مجلد كبير جداً، وله ترجمة عظيمة جداً في سير أعلام النبلاء والتاريخ الكبير.
فعمد يحيى بن معين إلى ثلاثين حديثاً من أحاديث أبي نعيم الفضل بن دكين وخالف في أسانيدهم من الأول إلى التاسع وأقام العاشر صحيحاً، ثم من الحادي عشر إلى التاسع عشر وأقام العشرين، وكذا فعل في رقم ثلاثين، وأعطى الورقة لـأحمد بن منصور الرمادي، من أجل أن يكون بعيداً عن التهمة، ولكن هذا لم يخف على أبي نعيم، فلما جلس الثلاثة أمامه قرأ عليه الورقة، فقرأ الأول والثاني وعينا الفضل بن دكين شاخصة بشدة وقال: ليس هذا من حديثي فلما قرأ العاشر قال: أثبت هذا فإنه من حديثي، وكذا فعل في العشرين والثلاثين، ثم نظر إلى أحمد! وقال: أما أنت يا أحمد! فآدب من أن تفعل ذلك، أي: أدبك يمنعك، وأما أنت يا أحمد بن منصور! فأقل من ذلك -أي: لا تستطيع أن تعمل هذا- وأما أنت فأنت هو يا يحيى بن معين! ورفسه رفسة انقلب منها ثلاث مرات ولو أن شيخاً رفس أحدنا الآن وقال له: لماذا لم تحضر الدرس لقال: إن جئت فلنفسي وإن لم آت فلنفسي أيضاً. فقام يحيى بن معين وقبله بين عينيه، وقال: والله لهذه الرفسة أحب إلي من سفرتي.
يقول زكريا بن يحيى المدائني : قال رجل لـأبي نعيم الفضل بن دكين : يا أبا نعيم ! أشتهي أن أكتب اسمك من فيك، فقال: واثلة بن الأسقع ، قال علي بن القاسم : فحدثني شيخ من أصحابنا قال: رأيت شيخاً خراسانياً بمكة يحدث يقول: أخبرنا واثلة بن الأسقع ، وبينه وبين واثلة بن الأسقع أربع طبقات، يقول الراوي لما سمع هذا: فعلمت أن مزاح الفضل بن دكين دخل على هذا الرجل ولم ينتبه له.
وقال أبو العيناء محمد بن القاسم : أتيت أبا الهذيل في أول يوم لقيته فتكلمت، فقال: أبو من لا عدمت كانياً، أي: لا عدمت مكنى، فخبرته، فقال لي: في المسألة عن الاسم بشاعة، يعني: لا أحب أن أقول: ما اسمك؟ ولكني إذا أردت أن أتعرف عليك أقول: أبو من أنت؟
وكذلك يعلى بن منية ومنية هي جدته أم أبيه.
ومعاذ بن عفراء هو معاذ بن الحارث، وعفراء أمه. وبشير بن الخصاصية
، والخصاصية أمه، وهو بشير بن معبد بن شراحيل السدوسي .وشرحبيل بن حسنة، وحسنة أمه، وهو شرحبيل بن عبيد الله بن المطاع.
وهؤلاء المذكورون كلهم من الصحابة، ومن بعدهم منصور بن صفية، وهو منصور بن عبد الرحمن الحدبي ، وصفية أمه، وكذلك إسماعيل بن علية، وعلية أمه، وغيرهم.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل لـيحيى بن معين : يا أبا زكريا ! بلغني أنك تقول: أخبرنا إسماعيل بن علية؟ فقال يحيى : نعم هكذا أقول، قال أحمد : فلا تقله، وقل: إسماعيل بن إبراهيم، فإنه بلغني أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه.
فقال يحيى لـأحمد بن حنبل : قد قبلنا منك يا معلم الخير.
وقد كان الإمام يحيى بن معين أكثر تقدماً وتفنناً من أحمد في علم الرجال، وأحمد أكثر تفنناً منه في جمع الروايات، وكلاهما كان إمام زمانه، وكانوا أقراناً، وكان أحمد أكبر سناً من يحيى بن معين ، حتى استنكر عبد الله ابن الإمام أحمد تبجيل أبيه لـيحيى بن معين ذات مرة، وقد كان أحمد يقيم الليل كله، فإذا زاره يحيى بن معين ترك أحمد قيام الليل، وأقبل على يحيى وهو نائم على ظهره رافع قدميه على الحائط ويجلس عند رأسه ويقول له الإمام أحمد : ما يقول الإمام في فلان؟ ما يقول الإمام في فلان بن فلان؟ وهو أصغر منه، ولكن هذا علم، فقال له عبد الله: يا أبت! إنك تترك قيام الليل إذا زارنا هذا فلم؟ قال: يا بني! إن قيام الليل يدرك بعد، وأما فوات الفائدة من هذا فلا تدرك. وهذا هو الأدب والتواضع في طلب العلم، فقد كان يطلب العلم ممن هو أصغر منه، ولا يرى بذلك بأساً، وقد ذكر أهل الحديث وعلماء المصطلح باباً يسمى رواية الأكابر عن الأصاغر، والآباء عن الأبناء، وهذا ليس بعيب، والعلم رزق كالطعام والشراب، فقد يجده عند من هو أعلى منه أو من هو مثله أو من هو دونه.
وكذلك يجوز وصفه بالعرج والقصر والعمى والعور والعمش والحول والاقعاد والشلل.
وممن ذكر بذلك في الرواية عنه: عمران القصير ، وأبو معاوية الضرير ، وهارون بن موسى الأعور، وسليمان الأعمش الكوفي، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعاصم الأحول، وأبو معمر المقعد ، ومنصور بن عبد الرحمن الأشل .
ولم يعترض أحد على مناداتهم وذكرهم بهذه الألقاب التي هي ألقاب نقص إذا كان المقصود بها التمييز.
قال وكيع: سمعت الأعمش الذي هو سليمان بن مهران يقول: أنا أعمش، وإبراهيم أعور، وعلقمة أعرج، والمغيرة أعمى، ومسروق مفلوج، والقاضي شريح سنوط، وسنوط: لا لحية له.
وقال إسرائيل بن زياد : كان سعيد بن أبي عروبة إذا لقيني ومعي ألواح، يقول: ما تريد؟ قلت: أكتب الحديث، قال: اكتب أخبرنا الأعرج عن الأعمى عن الأعرج عن الأعمى ، أي: سعيد بن أبي عروبة الأعرج عن قتادة الأعمى عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس الأعمى، وابن عباس رضي الله عنهما كف بصره في آخر حياته.
وعن حفص بن عبد الرحمن قال: قال سعيد بن أبي عروبة : إذا حدثت عني فقل: حدثني سعيد الأعرج ، فهو هنا راض بتلقيبه بهذا اللقب، وإذا كان راضياً فلا إشكال، وإذا لم يكن راضياً فقد ذهب جماهير المحدثين إلى جواز ذكره على جهة التمييز، وأما على سبيل الذم فحرام، وهو من باب التنابز بالألقاب.
قال: إذا حدثت عني فقل: حدثني سعيد الأعرج عن قتادة الأعمى عن حسن الأحدب .
وقال عارم : أخبرنا ثابت بن يزيد أبو زيد الأحول أخبرنا عاصم الأحول ، ثم تبسم وضحك، فقيل له: ما يضحكك، قال: أنا أحول، وثابت أحول، وعاصم أحول، فاجتمعنا الثلاثة في الحول، وهذا أيضاً فيه رضاه بإطلاق اللقب.
وعن عبدة بن سليمان قال: سمعت ابن المبارك وسئل عن فلان القصير وفلان الأعرج وفلان الأصفر وحميد الطويل ، قال: إذا أراد صفته ولم يرد عيبه فلا بأس، أي: إذا أراد أن يميزه ولم يرد أن يعيبه بذكر هذا الوصف فلا بأس بذلك.
فباب الألقاب باب واسع ينبغي التعرض له وذكره.
وقد صنف فيه كثير من أهل العلم بلغوا خمسة، وأحسن من صنف فيهم هو الحافظ ابن حجر عليه رحمة الله، فقد صنف نزهة الألباب في الألقاب، وهو مجلدان، وقد طبع الكتاب منذ أعوام قلائل.
وحرف الحاء يدل على تحويل الإسناد؛ ليبدأ المصنف إسناداً جديداً، أو أن حرف الحاء يعني لفظة الحديث، كما تقول: إلخ، أو تقول: قال الله تعالى وتذكر صدر الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... [المائدة:3] الآية، ثم تضع نقاطاً وتقفل القوس، وتقول بعد القوس: الآية، يعني: الآية بتمامها.
فالحاء إما أن تفيد تحويل الإسناد وهو الراجح، وإما أن تفيد ذكر بقية الحديث، والفائدة الثالثة لمعنى الحاء هي ما قاله بعض أهل العلم: إنما هي بالخاء المعجمة وليس بالحاء المهملة، ومعناها: آخر الحديث، فيكون لفظة حاء هنا تفيد أي: إلى آخر الحديث كأنك تقول: إلخ. هذه ثلاثة تعريفات لحرف الحاء، ليبدأ إسناد جديد للإمام مسلم .
قال فيه: [ وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ].
فقوله: حدثني يفيد عند علماء أصول الحديث أنه سمعه من لفظ الشيخ على حدة، يعني: حدثني وحدي، وإذا كان الراوي يحدث على ملأ من الناس وملأ ومن الطلبة، وأراد الطالب الذي سمع عنه في هذا المجلس أن يحدث عنه فيقول: حدثنا، واللغة تشهد بهذا، فحدثني يعني: على انفراد، وحدثنا يعني: في جماعة.
وقد اختلف العلماء أيهما أقوى: حدثني أو حدثنا؟ فبعضهم قال: حدثني أقوى، وبعضهم قال: حدثنا أقوى، والذين قالوا: حدثني أقوى. حجتهم أن حدثني كلفظ سمعت من الشيخ، أي: أن هذا سماع من لفظ الشيخ مباشرة بدون واسطة، ثم إن القائل والمتحدث هو الشيخ وليس غيره، وأما لفظ حدثنا فممكن أن يكون من غير لفظ الشيخ؛ لأنه لم يكن هناك مكبرات صوت في ذلك الزمان، وكان يحضر مجلس التحديث آلاف الطلبة، وكان هناك مبلغون، وربما بلغ عدد المبلغين في المجلس الواحد عشرين أو أكثر، فإذا قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي فقد لا يكون عبد الرحمن بن مهدي هو الذي حدثه، وإنما سمعه من لفظ المبلغ، وربما يقع التصحيف أو التحريف في لفظ المبلغ، فيكون لفظ حدثني أقوى من لفظ حدثنا.
ولو قال الراوي: حدثني، فيما ينبغي أن يقول فيه: حدثنا لكان هذا قادحاً في عدالته ونقله. ولفظ حدثني لابد فيه من سماع لفظ الشيخ، وأما لفظ حدثنا فلا يشترط فيه ذلك.
ولذلك استخدم بعض أهل العلم لفظة حدثنا في الإجازة، كما استخدموها في العرض على الشيخ، وهذا أيضاً أحد صور التحمل؛ فبدلاً من أن يأتي الشيخ بنسخته والطلبة يكتبون، يقرأ أحدهم على الشيخ والطلبة يسمعون، فإذا سكت الشيخ فهذا يعني أنه راض ومقر بما يقرؤه هذا الطالب، فيجوز للذي سمع أن يقول: حدثنا الشيخ، فيستخدمون لفظ حدثنا في العرض على الشيخ، وأما لفظ حدثني فلا يستخدم أبداً إلا في السماع من لفظ الشيخ.
فحدثني وسمعت أقوى من حدثنا وسمعنا، هذا الرأي الراجح.
ومن الأدلة على ذلك أيضاً: أنه يمكن أن ينام الشيخ أثناء العرض عليه.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح صحيح مسلم - كتاب الإيمان - بيان أركان الإسلام - ترجمة زهير بن حرب للشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري
https://audio.islamweb.net